جلسة 15 من يناير سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد ضياء الدين مصطفى.
--------------
(19)
الطعن رقم 404 لسنة 35 القضائية
استيلاء. "الاستيلاء على مخازن الأدوية". تأميم. التزام. فوائد. أدوية. بنوك.
نصوص القانون 212 لسنة 1960 بشأن تجارة الأدوية. ليس فيها ما يمس التزامات المستولى لديهم قبل الغير. بقاء حقوق الدائنين قائمة بعد صدوره. نصوص القانونين 269 و271 لسنة 1960 بشأن تأجيل ديون المستولى لديهم لم تعدل مما تم الاتفاق عليه في عقود فتح اعتمادهم إلا ميعاد استحقاق ما نشأ عنها من ديون. استيلاء وزارة التموين على الأدوية مقابل التعويض لا يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً. نفاذ عقود فتح الاعتماد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمد محمد سعيد - المطعون عليه - أقام الدعوى رقم 1044 سنة 1962 كلي تجاري القاهرة ضد بنك مصر - الطاعن - طالباً الحكم بعدم مسئوليته عن الفوائد التأخيرية المقررة على حسابه الجاري المدين والبالغ قيمتها 1592 ج و196 م وانقضاء هذا الالتزام، وبراءة ذمته منه مع ما قد يضيفه البنك مستقبلاً من فوائد تأخيرية حتى صدور الحكم في الدعوى، وقال شرحاً لدعواه إنه كان من مستوردي الأدوية من الخارج ولحاجته إلى المال لجأ إلى بنك مصر الذي فتح له اعتماداً بحساب جار مدين، ظل مفتوحاً إلى أن صدر القانون رقم 212 سنة 1960 بالاستيلاء على جميع ما كان لدى مستوردي الأدوية من كيماويات وأدوية ومكاتب وأثاث وإذ استولت المؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية تنفيذاً لهذا القانون على جميع ما كان لديه من أدوية وكيماويات مستوردة من الخارج، كما باشرت الأعمال التي كان يباشرها بنفسه، فقد تقدم بطلب إلى لجنة تقدير التعويض طالباً إلزام المؤسسة بالفوائد التأخيرية التي تحتسبها البنوك على الاعتمادات إلا أن اللجنة رأت أنها غير مختصة بنظر هذا الطلب، وأشارت في أسباب قرارها إلى وجوب إيقاف سريان تلك الفوائد وعدم تحميل المستوردين بها، فأعلن البنك بصورة من هذا القرار في 18/ 2/ 1962 لتنفيذ ما ورد به خاصاً برفع الفوائد التأخيرية التي تضاف إلى حسابه الجاري، وإذ لم يستجب البنك لطلبه فقد أقام الدعوى للحكم له بطلباته وأثناء نظرها عدل طلباته إلى إلزام البنك بأن يدفع له مبلغ 2000 ج قيمة الفوائد التي اقتضاها منه بغير حق مع فوائده القانونية حتى تمام السداد ودفع المدعى عليه الدعوى بأن المدعي ارتبط معه بأربعة عقود اعتماد مستندي في 6/ 9/ 1959، 3/ 9/ 1959، 9/ 12/ 1959، 22/ 5/ 1960 ليست جميعها خاصة بالأدوية المستولى عليها وقد بلغت الفوائد الاتفاقية المستحقة عنها 1040 ج و650 م وإذ لم يعفه منها قانون وأوفاها اختياراً فليس له أن يطلب استردادها وبتاريخ 30/ 5/ 1963 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالقاهرة ليندب خبيراً حسابياً للاطلاع على أوراق الدعوى ومستندات الطرفين فيها وما تقدم له منها لبيان قيمة الفوائد التأخيرية التي احتسبها البنك المدعى عليه في اعتمادات الحساب الدائن له والمتعلقة بنشاطه في تجارة الأدوية في المدة من 17/ 7/ 1960 تاريخ نشر القانون رقم 212 سنة 1960 وتاريخ صدور قرار لجنة التعويضات بتقدير التعويض للمدعي واستلامه ذلك التعويض، وباشر الخبير المأمورية وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن مجموع الفوائد التأخيرية التي احتسبها البنك في اعتمادات الحساب الدائن للمدعي والمتعلقة بنشاطه في تجارة الأدوية في الفترة بين 17/ 7/ 1960 وتاريخ صدور قرار اللجنة بتقدير التعويض واستلام المدعي له هو مبلغ 1073 ج و927 م. أما العمولة التي احتسبها البنك على حساب المدعي فبلغت 139 ج و12 م فعدل المدعي طلباته إلى إلزام البنك بأن يدفع له مبلغ 1212 ج و939 م وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد، وبتاريخ 10/ 12/ 1964 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ 1221 ج و939 م وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ 18/ 4/ 1963 حتى تمام السداد، واستأنف البنك هذا الحكم، والحكم الصادر في 30/ 5/ 1963 لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءهما ورفض الدعوى وقيد استئناف حكم 30/ 5/ 1963 برقم 556 سنة 80 قضائية، واستأنف الحكم الآخر رقم 85 سنة 82 ق، وبتاريخ 27/ 4/ 1965 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً ورفضهما موضوعاً وتأييد الحكمين المستأنفين، طعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة عدلت فيها عن رأيها الأول وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في الدعوى على أن الفوائد التي تستحق عن التأخير في الوفاء ليست إلا صورة من صور التعويض، تفترض حلول أجل الوفاء بالدين وترصد على تعويض الضرر الناشئ عن التأخير في هذا الوفاء وأنه لما كان الوفاء بالدين أصبح موقوفاً لحين الانتهاء من استيفاء إجراءات الاستيلاء وصرف التعويض المستحق عملاً بأحكام القانون رقم 212 سنة 1960 وقانوني تأجيل الديون رقمي 269، 272 لسنة 1960 فلا محل لاحتساب فوائد تأخير طوال هذه المدة، بل يتعين وقت احتسابها هي الأخرى، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه من وجهين (أولهما) أن تأجيل الديون الذي عناه الشارع في القانونين 269، 272 سنة 1960 قاصر على الديون التي تستحق خلال ستة أشهر تبدأ من 17/ 7/ 1960 وينصب على ميعاد الوفاء ولا يمس أصل الالتزام، كما لا يؤثر على سريان الفوائد، وبفرض أنه يوقف سريان فوائد التأخير، فإنه لا يجوز أن يمتد هذا الإيقاف لأكثر من الستة أشهر التي حددها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب إلى القول بأن تأجيل استحقاق الديون طبقاً للقانونين 269، 272 سنة 1960 يؤدي بذاته إلى حرمان الدائن من الفوائد إلى أن تنتهي إجراءات الاستيلاء وصرف التعويض رغم خلو عبارة القانونين مما يحمل هذا المعنى، ورغم تحمل الطاعن بفوائد المبالغ التي يقترضها من البنك المركزي، ومنح لجنة التقدير للمطعون عليه تعويضاً قدره 24957 ج و918 م مضاف إليه نسبة من الربح قدرها 2% علاوة على مبلغ 4159 ج و132 م ثمن ما بيع من أدوية راكدة عملاً بحقها المقرر في القانون 212 سنة 1960، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه (وثانيهما) أنه وقد اتفق في عقود الاعتماد الأربعة المحررة بينه وبين المطعون عليه على احتساب فوائد على الأرصدة المدينة أثناء سريان العقود بواقع 6.5% فضلاً عن العمولة والمصاريف وفوائد تأخير بواقع 7% يجرى احتسابها بعد استحقاق الدين وحلول أجل الوفاء به، فإنه مع التسليم جدلاً بما ذهب إليه الحكم من أنه لا محل لاحتساب فوائد التأخير لحين الانتهاء من إجراءات الاستيلاء وصرف التعويض، فقد كان يتعين إلزام المطعون عليه بالفوائد المتفق على سريانها في فترة نفاذ العقود وقبل حلول أجل الوفاء والبالغة 6.5% فضلاً عن العمولة والمصاريف، إلا أن الحكم أقحم نفسه على العقود وعطل تنفيذ بعض شروطها فخالف بذلك أحكام المادة 147 من القانون المدني التي تنص على أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن القانون رقم 212 سنة 1960 بشأن تنظيم تجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية الذي عمل به من تاريخ نشره في 17/ 7/ 1960، وأنه بين كيفية استيلاء وزارة التموين على الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية الموجودة لدى المستوردين ومن عداهم ممن أشار إليهم وكيفية تعويضهم عما يتم الاستيلاء عليه، إلا أنه ليس في نصوصه ما يمس التزامات المستولى لديهم قبل الغير فتظل حقوق هؤلاء الدائنين قائمة بعد صدوره. وإذ نص القانون رقم 269 لسنة 1960 - والمعمول به من تاريخ نشره في 19/ 7/ 1960 - على أن تؤجل لمدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بالقانون رقم 212 سنة 1960 ديون المستولى لديهم طبقاً لأحكام هذا القانون والمستحقة لأشخاص لا يباشرون نشاطاً يتعلق بتجارة الأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية التي يحل ميعاد استحقاقها خلال هذه المدة، كما نص القانون رقم 272 سنة 1960 الصادر في 20/ 10/ 1960 على أن يؤجل لمدة أقصاها ثلاثة أشهر تبدأ من يوم 17/ 10/ 1960 الوفاء بالديون - السالف الإشارة إليها - والمستحقة في ذلك اليوم والتي تستحق خلال ثلاثة أشهر تبدأ من يوم 18/ 10/ 1960، ونص كل من هذين القانونين على "أنه لا يجوز اتحاد أي إجراء تحفظي أو تنفيذي بسبب تلك الديون قبل انقضاء المهلة الممنوحة للأداء، وكان المشرع قد أفصح في المذكرة التفسيرية للقانون الأخير عن أن العلة في التأجيل ترجع إلى أن سداد ما على المستولى لديهم من ديون مستحقة للبنوك وغيرها يتوقف على تحديد مراكزهم المالية الذي يتطلب بعض الوقت من اللجان المنوط بها والتي لم تستطع إنجاز مهمتها لتشعب أعمالها وكثرة عدد المخازن والمستودعات التي يشملها الاستيلاء ولم يتناول أي من القانونين بالتعديل شيئاً مما تم الاتفاق عليه في عقود فتح الاعتماد سوى ميعاد استحقاق ما نشأ عنها من ديون، وكان استيلاء وزير التموين على الأدوية وما عداها مما سلف الإشارة إليه مقابل منحهم تعويضاً لا يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً، ومن ثم فلا أثر لهذا القانون على ما تم الاتفاق عليه في عقود فتح الاعتماد التي تظل قائمة وتحكم العلاقة بين الطرفين فيما عدا ميعاد استحقاق ما نشأ عنها من ديون الذي عدله المشرع على النحو السابق بيانه، وإذ كان ذلك وكان المطعون عليه قد التزم في تلك العقود بسحب المستندات المنوه عنها بها مقابل سداد جميع ما استحق عليها من مبالغ وعمولة ومصاريف وفوائد بواقع 6.5% سنوياً من تاريخ دفعها، وكانت العمولة تؤدى نظير خدمة حقيقية يؤديها البنك ولا تعتبر فائدة، كما وأن التزامه بالفوائد قبل حلول ميعاد الاستحقاق يقابل انتفاعه بالمبلغ المدفوع لحسابه وكان لا نزاع بين الطرفين في حلول ميعاد الاستحقاق في الفترة المنوه عنها في القانونين 269، 272 سنة 1960، فإن الفوائد التي تستحق حتى تاريخ انقضاء المهلة المحددة في هذين القانونين تكون من قبل الفوائد التعويضية التي التزم المطعون عليه بأدائها، وإذ لم يرد بالقانونين المذكورين ما يحرم الدائن من اقتضاء تلك الفوائد وما استحق له من عمولة ومصاريف وكذا ما يستحق له من فوائد تأخيرية بعد انقضاء المهلة، فإن التزام المطعون عليه بأدائها يظل قائماً. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزم الطاعن برد ما اقتضاه من فوائد وعمولة فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
(1) نقض 22/ 6/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1339.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق