الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 مارس 2023

الطعن 17 لسنة 30 ق جلسة 26 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 158 ص 1073

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

-------------

(158)
الطعن رقم 17 لسنة 30 القضائية

(أ) حكم. "عيوب التدليل". "التناقض". "ما لا يعد كذلك".
التناقض الذي يفسد الأحكام هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو ما يقع في أسباب الحكم بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه. القضاء في الدعوى على أساس أن العقد موضوع النزاع تم بطريق التعاقد بالتسخير. كون الصورية التي عناها الحكم إنما هي الصورية في شخص المشتري لا صورية التعاقد ذاته. لا تناقض.
(ب) وكالة. "انعقادها". "التعاقد بطريق التسخير". بيع. عقد.
من يعير اسمه ليس إلا وكيلاً عمن أعاره. حكمه حكم كل وكيل. لا فارق بينه وبين غيره من الوكلاء إلا من ناحية أن وكالته مستترة. مقتضى ذلك أن الصفقة تتم لمصلحة الموكل ولحسابه فيكسب كل ما ينشأ من التعاقد من حقوق ولا يكسب الوكيل من هذه الحقوق شيئاً. مثال في بيع عقار.
(ج) وكالة. عقد. "التعاقد بطريق التسخير". بيع. تسجيل.
بيع عقار بطريق التسخير. اعتباره عقداً جدياً. لزوم تسجيله لتنتقل الملكية من البائع إلى المسخر وبالتالي إلى الموكل. القضاء بمحو التسجيل من شأنه بقاء الملكية على ذمة البائع واستحالة انتقالها إلى الموكل. تفويته غرض القانون من أن تكون الملكية للأخير فيما بينه وبين الوكيل وليس للبائع.

-----------------
1 - متى كان قصد المحكمة ظاهراً ورأيها واضحاً في الحكم من أنها قضت في الدعوى على أساس أن العقد موضوع النزاع قد تم بطريق التعاقد بطريق التسخير وأن الصورية التي عنتها إنما هي الصورية في شخص المشتري لا صورية التعاقد ذاته فإنه لا سبيل للنعي على الحكم بالتناقض حتى على فرض ما يقول به الطاعنون مع أن في بعض عباراته ما يوهم بوقوع مخالفة بين بعض أسبابه مع بعض ذلك لأن التناقض الذي يفسد الأحكام هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو ما يكون واقعاً في أسباب الحكم بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه.
2 - من يعير اسمه ليس إلا وكيلاً عمن أعاره وحكمه هو حكم كل وكيل فيمتنع عليه قانوناً أن يستأثر لنفسه بشيء وكل في أن يحصل عليه لحساب موكله ولا فارق بينه وبين غيره من الوكلاء إلا من ناحية أن وكالته مستترة - وهذا يقتضي أن تعتبر الصفقة فيما بين الموكل والوكيل قد تمت لمصلحة الموكل ولحسابه فيكسب كل ما ينشأ عن التعاقد من حقوق ولا يكسب الوكيل من هذه الحقوق شيئاً ولا يكون له أن يتحيل بأية وسيلة للاستئثار بالصفقة دونه، ومن ثم فإذا كان التعاقد يتعلق ببيع عقار كانت الملكية للأصيل فيما بينه وبين وكيله وإن كانت للوكيل معير الاسم فيما بينه وبين البائع والغير. ويرجع ذلك إلى أنه مهما كان للوكيل المسخر من ملكية ظاهرة في مواجهة الكافة فإنها ملكية صورية بالنسبة إلى الأصيل يمنع من الاحتجاج بها قبله قيام الوكالة الكاشفة لحقيقة الأمر بينهما - وينتج من هذا أن الأصيل لا يحتاج - لكي يحتج على وكيله المسخر بملكية ما اشتراه - إلى صدور تصرف جديد من الوكيل ينقل به الملكية إليه، إذ يعتبر الأصيل في علاقته بالوكيل هو المالك بغير حاجة إلى أي إجراء وإنما يلزم ذلك الإجراء في علاقة الأصيل بالغير (1).
3 - إذا كان الحكم المطعون فيد قد انتهى إلى تكييف عقد البيع إلى أنه تعاقد بطريق التسخير فإنه يكون عقداً جديداً ويستتبع ذلك صحة التسجيل الحاصل بشأنه ولزومه لا مكان نقل الملكية من البائع إلى المسخر وبالتالي إلى الموكل - والقضاء بمحو هذا التسجيل يترتب عليه بقاء الملكية على ذمة البائع واستحالة انتقالها إلى الموكل ومن ثم يكون الحكم بقضائه هذا قد حال دون تنفيذ مقتضى القانون وما أراده من أن تكون الملكية للأخير فيما بينه وبين الوكيل وليس للبائع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليهم "ورثة المرحوم محمد الحفنى الطرزي" أقاموا الدعوى رقم 129 سنة 1952 مدني كلي أسيوط ضد الطاعنين وآخرين وهم ورثة أحمد مصطفى عمرو طلبوا فيها الحكم بثبوت ملكيتهم إلى الأطيان الموضحة بالصحيفة ومحو التسجيلات الموقعة عليها وقال المطعون عليهم شرحاً لدعواهم - إن المطعون عليه الأول "عبد الله الطرزي" كان يمتلك 52 ف و11 ط و4 س - أطياناً زراعية - وأنه لمديونيته لشركة بوا كيمو غلو التجارية فقد اتخذت هذه الشركة قبله الإجراءات القانونية للمطالبة بحقها غير أن مورثهم "المرحوم محمد الحفني الطرزي" وهو والد المدين قام بسداد الشركة بدينها من ماله الخاص رغبة منه في استخلاص أموال ولده من الإجراءات التي كانت تتهددها وفي الوقت ذاته أراد الاحتفاظ بها لنفسه حتى لا يطمع ابنه - نظراً لسوء ظروفه المالية في مال والده وتنفيذاً لذلك اتفق الأب مع صهره المرحوم أحمد مصطفى عمرو "مورث الطاعنين" على أن يظهر عنه في شراء أطيان ولده المدين السابق ذكرها فيشتريها باسمه ولكن في الواقع لحساب والد المدين "المرحوم محمد الحفني الطرزي" وكان من نتيجة هذا الاتفاق أن حرر عقد بيع ابتدائي مؤرخ في 15 من أكتوبر سنة 1929 بين المطعون عليه الأول وبين المورث الطاعنين "أحمد مصطفى عمرو" تضمن بيع الأول للثاني الأطيان المشار إليها آنفاً مقابل ثمن قدره 4197 ج و215 م - ونص في البند الثاني من العقد على أن البائع "المطعون عليه الأول" يصرح للمشتري "مورث الطاعنين" بأن يؤدي الثمن إلى والد البائع خصماً مما دفعه هذا الأخير عنه للشركة الدائنة وسجل العقد في ذات يوم تحريره واستطرد المطعون عليهم - رافعو الدعوى - قائلين إنه لما كان شراء مورث الطاعنين "أحمد مصطفى عمرو" لتلك الأطيان هو في حقيقته لصالح مورثهم "المرحوم محمد الحفني الطرزي" الذي اتخذ اسم المشتري ستاراً وأنه وإن كان لم يحصل من مورث الطاعنين على ورقة ضد نظراً لصلة القربى التي بينهما إلا أن إبرام البيع لصالحه دون مورث الطاعنين ثابت من قيام الأول بدفع كامل ديون والده "البائع" إلى الشركة الدائنة له ووضع يده على الأطيان المبيعة باعتباره المشتري الحقيقي لها منذ تاريخ تحرير العقد حتى وفاته في سنة 1946 - وقد حصرت بعد وفاته ضمن تركته وبقيت من بعده في وضع يد ورثته هم المطعون عليهم - ولم تحصر تلك الأطيان في تركة مورث الطاعنين بعد وفاته كما لم يضع هو ولا ورثته من بعده يدهم على شيء منها هذا فضلاً عن إقرار مورث الطاعنين كتابة لمورث المطعون ضدهم في 12 من نوفمبر سنة 1941 بملكيته 15 فداناً من الأطيان الواردة بالعقد المسجل في سنة 1929 وبأحقيته في أن يستولى على أجرتها من الحكومة المؤجرة لها باعتباره المالك الحقيقي بل لقد انعقدت نية الطرفين على نقل الصفقة إلى مشتريها الحقيقي حيث قدم مشروع عقد بيع بذلك مؤرخ في 15 من يوليه سنة 1939 إلى مصلحة المساحة التي أشرت عليه في 23 من الشهر المذكور ولكن حالت ظروف دوم إتمام ذلك المشروع - لما كان ذلك، فقد أقام المطعون ضدهم دعواهم بطلباتهم السابقة وقد أجاب الطاعنون على تلك الدعوى أمام محكمة أول درجة بأن البيع المطعون فيه هو بيع حقيقي فقد اشترى مورثهم الأطيان لنفسه ودفع الثمن من ماله ولم يكن مشترياً صورياً وقد انتقلت الملكية إليه بالتسجيل وأن الصورية المدعاة لا سبيل إلى إثباتها إلا بالكتابة وهو ما تفتقر إليه الدعوى كما لا اعتداد بوضع يد مورث المطعون ضدهم وورثته من بعده على الأطيان لعدم توافر شروط وضع اليد المؤدي إلى اكتساب الملكية بالتقادم الطويل - وبتاريخ 19/ 11/ 1956 قضت محكمة أسيوط الابتدائية بثبوت ملكية المطعون عليهم بوصفهم ورثة المرحوم محمد الحفني الطرزي إلى 52 ف و11 ط و4 س الموضحة بالصحيفة ومحو كافة التسجيلات الموقعة عليها لمصلحة الطاعنين أو مورثهم المرحوم أحمد مصطفى عمرو. مؤسسة قضاءها على أن مورث الطاعنين في تعاقده مع المطعون عليه الأول لم يكن إلا ستاراً لمورث المطعون عليهم الذي أراد أن يستخلص أموال ولده من إجراءات كانت مهددة بها وأنه على أية حال فإن المطعون عليهم ومورثهم من قبل قد اكتسبوا ملكية الأطيان بالتقادم الطويل المملك. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 191 سنة 32 قضائية - وأقاموا استئنافهم على أن الصورية بين المتعاقدين لا تثبت إلا بالكتابة الأمر غير المتحقق في الدعوى. وأن شروط وضع اليد المكسب للملكية غير متوافرة - وبتاريخ 10/ 12/ 1959 قضت محكمة استئناف أسيوط بتأييد الحكم المستأنف - فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة تاريخه 9/ 1/ 1960 وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 14/ 5/ 1963 وفيها صممت النيابة على ما ورد في مذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن بمقولة أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه واعتمد أسبابه - قد أقام قضاءه بثبوت ملكية المطعون عليهم لأطيان النزاع على دعامتين مستقلتين الأولى هي اعتبار مورثهم هو المشتري الحقيقي بناء على أن عقد البيع المؤرخ في سنة 1929 هو من قبيل التعاقد بطريق التسخير والثانية هي اكتساب هذا المورث وخلفائه ملكية الأطيان المبيعة بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة لها - وأن الدعامة الأخيرة تعد كافية وحدها لحمل الحكم، وإذ كان النعي الوارد بتقرير الطعن لم يتناولها فان النعي بخطأ الحكم في الدعامة الأخرى يكون بفرض صحته غير مجد - وقد قررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره أمامها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إنه غير صحيح ما تقوله النيابة من أن الحكم المطعون فيه قد أخذ بالدعامتين اللتين أقام عليهما الحكم الابتدائي قضاءه ذلك أنه يؤخذ من سياق الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف وإن قضت في منطوق حكمها بتأييد الحكم المستأنف إلا أنها اقتصرت في أسبابها على التحدث عن أحكام التعاقد بطريق التسخير ومدى انطباقها على واقعة الدعوى ولم تتعرض لاكتساب الملكية بوضع اليد المدة الطويلة ولا إلى أسباب الاستئناف المتضمنة تعييب الحكم الابتدائي فيما يتعلق بهذه الدعامة الأخيرة كما لم تحل إلى أسباب الحكم الابتدائي في خصوص تلك الدعامة وبذلك جاء حكمها محمولاً على دعامة واحدة هي التعاقد بطريق التسخير ما دامت هي لم تأخذ في تأييد الحكم المستأنف بالأسباب التي أوردها فيما يتعلق بالدعامة الأخرى التي أقام الحكم الابتدائي قضاءه عليها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد يتحصل في تعييب الحكم المطعون فيه بخطئه في تطبيق القانون وفي تأويله من وجهين: الأول - أنه خلط في صدد تكييفه لعقد البيع محل النزاع بين أحكام التعاقد بطريق التسخير التي اعتمدها وبين أحكام الصورية بطريق التسخير التي اطرحها مما جعله مناقضاً بعضه بعضاً كما أخطأ في تطبيق أحكام الوكالة بإعارة الاسم "التعاقد بطريق التسخير" على واقعة الدعوى حيث ذهب إلى أن التعاقد ينتج آثاره وينصرف لمصلحة مورث المطعون عليهم دون غيره ويؤدي فيما بينه وبين مورث الطاعنين إلى تملكه الأطيان وانتقالها إلى ورثته من بعده باعتبارها تركة عنه. هذا في حين أن الوكيل الذي يعير اسمه وهو يتعاقد مع الغير إنما يتعاقد بشخصه مستقلاً عن موكله ومن ثم فان آثار العقد جميعاً تنصرف إليه لا إلى موكله - وبالتالي حيث يكون العقد ناقلاً للملك فإن معير الاسم هو الذي يتملك وتبقى ملكية المال له إلى أن تخرج إلى ذمة موكله بتصرف جديد يكون من شأنه نقل الملك وفقاً لقواعد انتقال الملكية مما يستلزم تسجيلاً جديداً إذا كان المراد نقل ملكيته عقاراً ومن ثم فلم يكن أمام المطعون عليهم من سبيل للوصول إلى الغاية التي ينشدونها سوى رفع دعوى بصحة ونفاذ عقد الاتفاق المبرم بين مورثهم ومورث الطاعنين حتى يتسنى لهم بعد صدور الحكم وتسجيله اكتساب الملكية - وإذ لم يسلكوا هذا السبيل وأقاموا الدعوى بطلب ثبوت ملكيتهم قبل أن تنتقل إليهم بعقد مسجل من مورث الطاعنين فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى لهم بهذا الطلب يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود ذلك أن الحكم بعد تحصيله الوقائع قال في تكييف عقد البيع الصادر من المطعون عليه الأول إلى مورث الطاعنين - بعد أن أورد القرائن التي اعتمد عليها في هذا الشأن "ومن ثم يكون التعاقد الصوري قد تم في شأن هذا العقد بطريق التسخير إذ عمد مورث المستأنف عليهم إلى استعارة اسم مورث المستأنفين لإبرام هذه الصفقة بوصفه مشترياً صورياً لها في حين أنه هو المشتري الحقيقي للأرض موضوع الدعوى ويكون متعيناً لقيام الصورية على هذا النحو أن يقوم المسخر وهو المشتري الصوري بإبرام ثلاثة تصرفات جدية الأول عقد وكالة يكون المسخر فيه وكيلاً عن آخر في تصرف يعينانه في عقد الوكالة والثاني يعقده المسخر مع الغير يبرم فيه هذا التصرف المعين لحساب الموكل ولكن باسمه هو فينصرف إليه أثر التصرف والثالث يعقده مع الموكل مرة أخرى فينقل له أثر التصرف الذي سبق أن عقده لحسابه مع الغير - ولما كانت الأدلة والقرائن السابق الإشارة إليها تقطع في قيام الاتفاق بين مورثي الطرفين على إبرام عقد البيع الصوري موضوع هذه الدعوى فإن مشروع عقد البيع المؤرخ في عام 1939 كان آخر حلقة في سلسلة هذه التصرفات لإضافة آثار التصرف الصوري إلى مورث المستأنف عليهم بوصفه المشتري الحقيقي للأرض المتنازع عليها - وفي هذا ما يرد به على الاعتراض الذي أسس عليه المستأنفون بعض أوجه دفاعهم من أنه كان يتعين أن تكون النتيجة الحتمية لبطلان عقد مورث المستأنفين هي عودة الأطيان المتنازع عليها إلى ملكية صاحبها الأصلي "السيد عبد الله الطرزي" دون سائر الورثة - ذلك أن طبيعة الصورية في هذه الدعوى بوصفها صورية في شخص المشتري مما استبان من أن المشتري الحقيقي للأطيان موضوع هذه الدعوى هو مورث المستأنف عليهم يستتبع حتماً أن تؤول هذه الأطيان إلى ورثته من بعده ما دامت قد اعتبرت تركة عنه ولا يمكن أن تعود بعد الحكم ببطلان عقد بيعها إلى ملكية البائع لها إذ التصرف بالبيع بالنسبة له وقع صحيحاً لا غبار عليه" ويبين من ذلك أن قصد المحكمة كان ظاهراً ورأيها واضحاً في الحكم من أنها قضت في الدعوى على أساس أن العقد موضوع النزاع قد تم بطريق التعاقد بطريق التسخير وأن الصورية التي عنتها إنما هي الصورية في شخص المشتري لا صورية التعاقد ذاته ومن ثم فلا سبيل للنعي على الحكم بالتناقض حتى على فرض ما يقول به للطاعنون من أن في بعض عباراته ما يوهم بوقوع مخالفة بين بعض أسبابه مع بعض ذلك لأن التناقض الذي يفسد الأحكام هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه - أو ما يكون واقعاً في أسباب الحكم بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه. والنعي في شقه الثاني مردود بأن من يعير اسمه ليس إلا وكيلاً عمن أعاره وحكمه هو حكم كل وكيل فيمتنع عليه قانوناً أن يستأثر لنفسه بشيء وكل في أن يحصل عليه لحساب موكله ولا فارق بينه وبين غيره من الوكلاء إلا من ناحية أن وكالته مستترة. وهذا يقتضي أن تعتبر الصفقة - فيما بين مورث الطاعنين ومورث المطعون عليهم - وقد تمت لمصلحة الموكل "مورث المطعون عليهم" ولحسابه فيكسب كل ما ينشأ عن التعاقد من حقوق ولا يكسب مورث الطاعنين من هذه الحقوق شيئاً ولا يكون له أن يتحيل بأية وسيلة للاستئثار بالصفقة دونه وأن تسجيل البيع الصادر للوكيل المعير اسمه والذي ترتب عليه نقل الملكية من البائع يعتبر لحساب الأصيل وتؤول الأطيان المبيعة إلى ورثته من بعده بطريق الميراث - إذ الحقوق فيما بين الموكل ووكيله الذي أعاره اسمه تكون كلها للموكل دون الوكيل فإذا كان التعاقد يتعلق ببيع عقار كانت الملكية للأصيل فيما بينه وبين وكيله وإن كانت للوكيل معير الاسم فيما بينه وبين البائع والغير - ويرجع ذلك إلى أنه مهما كان للوكيل المسخر من ملكية ظاهرة في مواجهة الكافة فإنها ملكية صورية بالنسبة إلى الأصيل يمنع من الاحتجاج بها قبله قيام الوكالة الكاشفة لحقيقة الأمر بينهما - وينتج من هذا أن الأصيل لا يحتاج - لكي يحتج على وكيله المسخر بملكية ما اشتراه - إلى صدور تصرف جديد من الوكيل ينقل به من الملكية إليه - إذ يعتبر الأصيل في علاقته بالوكيل هو المالك بغير حاجة إلى أي إجراء وإنما يلزم ذلك الإجراء في علاقة الأصيل بالغير - ولما كان الحكم المطعون عليه قد انتهى إلى أن مورث الطاعنين لم يكن في تعاقده مع المطعون عليه الأول بعقد البيع المؤرخ في 15 من أكتوبر سنة 1929 إلا اسما مستعاراً لمورث المطعون عليهم ورتب على ذلك أن البيع قد تم لمصلحة الأخير ولحسابه وأن مورث الطاعنين وخلفاءه ملزمون بإضافة آثار هذا البيع إلى مورث المطعون ضدهم باعتبار أن الأخير هو المشتري الحقيقي فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون ولا يقدح في سلامته أن يكون قد قضى للمطعون عليهم بثبوت ملكيتهم للأطيان المبيعة دون أن يكون بيدهم عقد مسجل. وذلك أن المقصود بثبوت الملكية في خصوصية هذه الدعوى التي اقتصر الخصوم فيها على خلفاء الأصيل وخلفاء الوكيل الذي أعار اسمه - المقصود هو تقرير ملكية الأصيل للأطيان المبيعة بالنسبة لمعير الاسم دون غيره.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه في الوجه الثاني مخالفته القانون من ناحية أخرى ذلك أنه قضى بشطب التسجيلات الموقعة على أطيان النزاع لصالح مورث الطاعنين في حين أن هذه التسجيلات أمر لازم لصحة انتقال الملكية إلى مورث المطعون عليهم ويستحيل مع القضاء بشطبها انتقالها إليه - هذا إلى أن الحكم ذاته قد شابه تناقض إذ أنه اعتبر العقد الصادر من المطعون عليه الأول إلى مورث الطاعنين جدياً بناء على أنه قد تم بطريق التسخير ومقتضى هذا النظر أن تعود الأطيان إلى مورث المطعون عليهم وخلفائه من بعده بينما أن القضاء بمحو التسجيلات يؤدى إلى أن تعود الأطيان إلى مالكها الأصلي أي البائع لها.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه متى كان الحكم المطعون فيه انتهى إلى تكييف عقد البيع المؤرخ في 15/ 10/ 1929 إلى أنه تعاقد بطريق التسخير فإنه يكون عقداً جدياً ويستتبع ذلك صحة التسجيل الحاصل بشأنه ولزومه لإمكان نقل الملكية من البائع إلى المسخر وهو مورث الطاعنين وبالتالي إلى مورث المطعون ضدهم - والقضاء بمحو هذا التسجيل يترتب عليه بقاء الملكية على ذمة البائع واستحالة انتقالها إلى مورث المطعون ضدهم ومن ثم يكون الحكم بقضائه هذا قد حال دون تنفيذ مقتضى القانون وما أراده هو من أن تكون الملكية للأخير فيما بينه وبين مورث الطاعنين وليس للبائع - ويتعين لذلك نقض الحكم نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه - فيما رأت هذه المحكمة نقضه من الحكم المطعون فيه - ولما سبق بيانه يتعين إلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من محو كافة التسجيلات الموقعة على أطيان النزاع لمصلحة مورث الطاعنين المرحوم "أحمد مصطفى عمرو".


(1) راجع نقض 22/ 5/ 1947 الطعنين 55 و74 س 16 ق مجموعة 25 سنة ص 1235.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق