الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 مارس 2023

الطعن رقم 1 لسنة 44 ق دستورية عليا " تفسير تشريعي" جلسة 11 / 3 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الحادي عشر من مارس سنة 2023م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت القرار الآتي
في الطلب المقيد بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 44 قضائية تفسير تشريعي

المقدم من
السيد المستشار وزير العدل

-----------

" الإجراءات "

بتاريخ الخامس من أكتوبر سنة 2022، ورد إلى المحكمة الدستورية العليا كتاب السيد المستشار وزير العدل رقم 2101 المؤرخ 4/ 10/ 2022، بطلب تفسير البند (1) من المادة الثالثة من القانون رقم 156 لسنة 2002 بإنشاء صندوق إعانات الطوارئ للعمال، لبيان ما إذا كانت المؤسسات الصحفية القومية من المنشآت المخاطبة بأحكامه باعتبارها من منشآت القطاع الخاص من عدمه، وذلك بناء على طلب السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء.
وبعد تحضير الطلب، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظر الطلب على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار القرار بجلسة اليوم.

------------------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء طلب تفسير البند (1) من المادة الثالثة من القانون رقم 156 لسنة 2002 بإنشاء صندوق إعانات الطوارئ للعمال، فيما تنص عليه من أنه: تتكون موارد الصندوق من:
1 - (1%) من الأجور الأساسية للعاملين بمنشآت القطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص التي يعمل بها ثلاثون عاملاً فأكثر تتحملها وتلتزم بتسديدها المنشآت المشار إليها على النحو الذي تحدده اللائحة التنفيذية.
وقد تأسس الطلب المعروض على أن النص المطلوب تفسيره قد أثار خلافًا في التطبيق بين دوائر جنح النقض بمحكمة استئناف القاهرة، بعضها مع بعض من جهة، وإفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة الصادر بجلسة 15/ 4/ 2020، ملف رقم 88/ 1/ 99، من جهة أخرى، فتضاربت أحكامها وقراراتها بشأن مدى خضوع المؤسسات الصحفية القومية (ومنها مؤسسة الأهرام الصحفية، ومؤسسة دار المعارف للطباعة والنشر) لنسبة (1%) المقررة بالنص، باعتبارها من منشآت القطاع الخاص من عدمه. إذ صدرت أحكام من بعض دوائر جنح النقض بمحكمة استئناف القاهرة، قاضية بعدم دخول المؤسسات الصحفية القومية ضمن منشآت القطاع الخاص المخاطبة بهذا النص، لأنه قد حدد على سبيل الحصر المنشآت الخاضعة لحكمه، وقصرها على منشآت القطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص، دون ذكر المؤسسات الصحفية القومية، ولو قصد المشـرع إلى إلزامهـا بسـداد نسبة الـ ( 1% ) المشار إليها، لما أعوزه النص على ذلك صراحة، ذلك أن المستقر عليه فقهًا وقضاءً، أن النصوص التي ترتب التزامات مالية تفسر تفسيرًا ضيقًا، فضلاً عن أن تلك المؤسسات وإن كانت من أشخاص القانون الخاص وفقًا للقانونين رقمي 179 لسنة 2018 بشأن الهيئة الوطنية للصحافة، و180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى للإعلام، فإنه يصعب القول بأنها تندرج ضمن منشآت القطاع الخاص، إذ لكل منهما مفهومه المستقل عن الآخر، فأشخاص القانون الخاص لا يندرجون جميعًا ضمن مفهوم القطاع الخاص، كما أن العاملين بتلك المؤسسات يظلهم نظام تأميني في حالة البطالة يوازى النظام التأميني المنصوص عليه في القانون رقم 156 لسنة 2002، وذلك إعمالاً لنص المادة (15) من قانون تنظيم الصحافة السالف الذكر. يضاف إلى ذلك أن المفهوم الفقهي للقطاع الخاص ينصرف إلى قطاع الأعمال المرتبط بالمؤسسات والشركات التي يملكها أفراد بصفة شخصية، وهو ما لا ينطبق على المؤسسات الصحفية القومية التي تملكها الدولة بالكامل ملكية خاصة، وتتولى الهيئة الوطنية للصحافة إدارتها وتخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.
ومن جهة أخرى، اتخذت باقي دوائر جنح النقض بمحكمة استئناف القاهرة في أحكامها، والجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة في إفتائها السالف ذكره، منحى مغايرًا انتهت فيه إلى دخول المؤسسات الصحفية القومية ضمن منشآت القطاع الخاص المخاطبة بالنص المطلوب تفسيره، تأسيسًا على أن المشرع قد أنشأ صندوق إعانات الطوارئ للعمال بموجب القانون رقم 156 لسنة 2002 المشار إليه، دعمًا للعاملين بمنشآت القطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص، وذلك بهدف الاستزادة من المزايا التأمينية المقدمة إليهم، بوضع نظام تكافلي وتأميني جديد تحقيقًا لمقتضيات التضامن والعدالة الاجتماعية، وحرصًا على عدم تضرر العامل الذى يتوقف صرف أجره نتيجة إغلاق المنشأة التي يعمل بها كليًّا أو جزئيًّا نتيجة الظروف الاقتصادية التي قد تمر بها تلك المنشأة، ولم يستثن المشرع من الخضوع لذلك النظام سوى العاملين بوحدات الجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة، الذين يتوافر لهم نظام تأميني ضد البطالة وفقًا لأحكام قوانين التأمين والمعاشات المعمول بها، فضـلاً عن أن ملكية الدولة للمؤسسـات الصحفية القومية ملكية خاصـة، لا تبرر عدم خضوعها لأحكام القانون رقم 156 لسنة 2002 المشار إليه، لأنها تعد من أشخاص القانون الخاص وتعتبر منشأة من منشآت القطاع الخاص المخاطبة بأحكام النص المطلوب تفسيره، والقول بغير ذلك مؤداه أن يظل العاملون بتلك المؤسسات بغير حماية تأمينية كافية لمواجهة أخطار البطالة، نظرًا لعدم وجود صناديق خاصة بهم تكفل لهم هذه الحماية.
وأضاف طلب التفسير أن التضارب بين التطبيقات القضائية الصادرة عن دوائر جنح النقض بمحكمة استئناف القاهرة بعضها ببعض، وفتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، ينعكس على المنهج المتبع في تحصيل نسبة (1%) الواردة بالنص المطلوب تفسيره، بما يؤثر على الملاءة المالية لصندوق إعانات الطوارئ للعمال وحساباته الإكتوارية، وفى الوقت ذاته قد يجنب المؤسسات الصحفية القومية سداد تلك النسبة والغرامات الموقعة عليها في أحوال عدم السداد، إن كانت غير مخاطبة بالنص المشار إليه.
وإزاء أهميــة توحيد التفسير في هذه المسألة، فقد طلب وزير العدل - بناءً على طلب رئيس مجلس الوزراء - عرض الأمر على هذه المحكمة لإصدار تفسير تشريعي لذلك النص؛ عملاً بما تنص عليه المادة (192) من الدستور، والمادتان (26 و33) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إن المادة (192) من الدستور تنص على أنه تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين، واللوائح، وتفسير النصوص التشريعية، ............
وتنص المادة (26) من قانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، على أنه تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقًا لأحكام الدستور، وذلك إذا أثارت خلافًا في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها.
وتنص المادة (33) من القانون ذاته على أنه يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناءً على طلب رئيس مجلس الـوزراء أو رئيس مجلس الشعب (النواب) أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية. ويجب أن يبين في طلب التفسير النص التشريعي المطلوب تفسيره، وما أثاره من خلاف في التطبيق ومدى أهميته التي تستدعى تفسيره تحقيقًا لوحدة تطبيقه.
وحيث إن البين من هذه النصوص، أن إعمال هذه المحكمة لسلطتها في مجال التفسير التشريعي المنصوص عليه في الدستور، وفى قانونهـــا، يخولها تفسير النصوص القانونية تفسيرًا ملزمًا للكافة، نافذًا في شأن السلطات العامة، والجهات والهيئات القضائية على اختلافها، تكشف فيه عن إرادة المشرع التي صاغ على ضوئها هذه النصوص، وحقيقة ما أراده منها وتوخاه بها، محددًا لدلالتها تحديدًا جازمًا لا تعقيب عليه، ولا رجوع فيه، وقوفًا عند الغاية، التي استهدفها من تقريره إيّاها، بلوغًا إلى حسم ما ثار من خلاف بشأنها، حتى تتحدد نهائيًّا، المراكز القانونية للمخاطبين بأحكامها، على ضوء هذا التفسير الملزم.
وحيث إن مناط قبول تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين التي يصدرها رئيس الجمهورية، أن تكون للنص التشريعي المطلوب تفسيره، أهمية جوهرية، تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التي ينظمها، ووزن المصالح المرتبطة بها، وأن يكون هذا النص - فضلاً عن أهميته - قد أثار في تطبيقه خلافًا بين القائمين على إنفاذ أحكامه، سواء بالنظر إلى مضمونه، أو الآثار التي يرتبها، ويقتضي ذلك أن يكون الخلاف حوله مستعصيًا على التوفيق، متصلاً بذلك النص، في مجال إنفاذه أو آثاره، نابذًا وحدة القاعدة القانونية في شأن يتعلق بمعناه ودلالته، مفضيًا إلى تعدد تأويلاته، وتباين المعايير التي ينتقل إليها من صورته اللفظية إلى جوانبه التطبيقية، ليؤول عملاً إلى التمييز فيمـا بيـن المخاطبين بحكمه، فـلا يعاملون جميعهم وفـق مقاييس موحـدة، بل تتعدد تطبيقاته، بما يحتم رد هذا النص إلى مضمون موحد، يتحدد على ضوء استصفاء إرادة المشرع منه، ضمانًا لتطبيقه تطبيقًا متكافئًا بين جميع المخاطبين به.
وحيث إن الشرطين اللذين تطلبهما المشرع لقبول طلب التفسير، قد توافرا بشأن النص التشريعي المطلوب تفسيره، ذلك أنه قد أثار خلافًا في التطبيق بين دوائر جنح النقض بمحكمة استئناف القاهرة بعضها بعضًا من ناحية، وإفتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة من ناحية أخرى، على نحو ما سلف ذكره، فضلاً عن أنه يتعلق بمورد أساسي من موارد صندوق إعانات الطوارئ للعمال، بما يؤثر على ملاءته المالية واهتزاز حساباته الإكتوارية ويمس حقوق العمال المستفيدين منه واستقرار أوضاعهم، وبما قد يجنب المؤسسات الصحفية القومية سداد تلك النسبة وخروجها من ذمتها المالية، فيما لو كانت غير مخاطبة به، فضلاً عن تقرير مسئوليتها الجنائية فيما لو نكلت عن الوفاء بتلك النسبة لحساب الصندوق. ومن ثم فإن طلب تفسيره يكون مقبولاً.
وحيث إن قرارات التفسير الصادرة من المحكمة الدستورية العليا قد تواترت على أنها قد خوِلت سلطة تفسير النصوص التشريعية - بمعناها الشامل لقرارات رئيس الجمهورية بقوانين - تفسيرًا تشريعيًّا ملزمًا؛ محددًا مضمونها، لتوضيح ما أُبهم من ألفاظها، مزيلاً ما يعتريها من تناقض، قد يبدو من الظاهر بينها، مستصفيًا إرادة المشرع، تحريًّا لمقاصـده منها، ووقوفًا عند الغاية التي استهدفها من تقريره إيّاها، بلا زيادة أو ابتسار، مما مؤداه أن هذه المحكمة تحدد مضامين النصوص التشريعية، حملاً على المعنى المقصود منها ابتداءً؛ ضمانًا لوحدة تطبيقها، ودون إقحام لعناصر جديدة على القاعدة القانونية التي تفسرها، بما يغيّر من محتواها الحق، أو يُلبسها غير الصورة التي أفرغها المشرع فيها، أو يردها إلى غير الدائرة التي قصد أن تعمل في نطاقها، بل يكون قرارها بتفسير تلك النصوص كاشفًا عن حقيقتها، معتصمًا بجوهرها، مندمجًا فيها، وتستعين المحكمة، في سبيل ذلك، بالتطور التشريعي للنص المطلوب تفسيره، وبأعماله التحضيرية الممهدة له.
وحيث إنه يتبين من الأعمال التحضيرية للقانون رقم 156 لسنة 2002 المشار إليه، وما جرى بشأنه من مناقشات بمجلس الشعب، أن المشرع قد أنشأ نظامًا تكافليًّا تحقيقًا لمقتضيات التضامن الاجتماعي والعدالة الاجتماعية، استهدف منه حماية العاملين حال توقف صرف أجورهـم نتيجة غلـق المنشآت التي يعملـون بها - أيًّا كان عددهم - غلقًا كليًّا أو جزئيًّا أو إنهاء خدمة بعضهم، بأن قرر صرف إعانة تسمى إعانة الطوارئ، وذلك وفقًا للضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون، وألزم منشآت القطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص، التي يعمل بها ثلاثون عاملاً فأكثر، بسداد نسبة (1%) من الأجور الأساسية للعاملين بتلك المنشآت كمورد من موارد ذلك الصندوق.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا في حكمهـــا الصــادر في الدعوى رقــم 22 لسنة 28 قضائية دستورية، بجلسة 10/ 1/ 2015، حال إعمال رقابتها الدستورية على النص المطلوب تفسيره، قضت بأنه: وحيث إن أحكام القانون رقم 156 لسنة 2002 المشار إليه، وأعماله التحضيرية، تكشف عن أن إعانة الطوارئ التي استحدثها هذا القانون تحقيقًا لمقتضيات التضامن الاجتماعي والعدالة الاجتماعية - التي تتأذى من أن يجد العامل نفسه بلا دخل في الحالات التي يتوقف فيها صرف أجـره بسبب إغلاق المنشأة كليًّا أو جزئيًّا أو تخفيض أعداد العمالة فيها - هي نوع جديد من التأمين الاجتماعي، مستقل وقائم بذاته، لا يختلط ولا يتداخل مع تأمين البطالة الذي نظمه قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، ...، وبذلك يكون المشرع قد استخدم سلطته التقديرية في مجال تنظيم الحقوق لينشِئ صندوق إعانات الطوارئ للعمال، منظمًا بذلك وضعًا تكافليًا موازيًا لتأمين البطالة المقرر بقانون التأمين الاجتماعي، قاصدًا من وراء هذه الخطوة إلى دعم العاملين والاستزادة من المزايا التأمينية المقررة لهم.
وحيث إن المادة (1) من قانون الهيئة الوطنية للصحافة الصادر بالقانون رقم 179 لسنة 2018 تنص على أنه في تطبيق أحكام هذا القانون، يقصد بالكلمات والعبارات التالية المعنى المبين قرين كل منها: ...... المؤسسات الصحفية القومية: المؤسسات وشركات النشر والتوزيع ووكالات الأنباء التي تملكها الدولة ملكية خاصة، وتصدر صحفًا ورقية أو إلكترونية، أو تمارس أي نشاط توافق عليه الهيئة الوطنية للصحافة.
وتنص المادة (4) من القانون ذاته على أنه تتولى الهيئة - الهيئة الوطنية للصحافة - إدارة المؤسسات الصحفية القومية، وتعمل على تطويرها، وتنمية أصولها، وضمان تحديثها، وحيادها، والتزامها بأداء مهني وإداري واقتصادي رشيد، .....
وتنص المادة (30) منه على أن تسري أحكام قانون العمل على العلاقة بين المؤسسات الصحفية القومية وجميع العاملين فيها من صحفيين وإداريين وعمال، ولا يجوز نقل الصحفي من مؤسسة صحفية قومية إلى أخرى إلا بعد إخطار الهيئة وذلك دون انتقاص من حقوقه.
وتنص المادة (33) من ذلك القانون على أن تكون لكل مؤسسة صحفية قومية الشخصية الاعتبارية الخاصة، ولها مباشرة جميع التصرفات القانونية لتحقيق أغراضها، ويمثلها رئيس مجلس الإدارة، وبما لا يتعارض مع اختصاصات الهيئة الواردة في هذا القانون.
وحيث إن المادة (1) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الصادر بالقانون رقم 180 لسنة 2018 تنص على تعريف المؤسسات الصحفية القومية تعريفًا مطابقًا حرفيًّا لما تضمنته المادة (1) من قانون الهيئة الوطنية للصحافة السالف الذكر، وتنص المادة (14) منه على أن تخضع العلاقة بين العاملين بالصحف ووسائل الإعلام وجهات العمل التي يعملون بها لعقد عمل يحدد نوع العمل، ومكانه، والمرتب وملحقاته، والمزايا التكميلية، والترقيات والتعويضات، بما لا يتعارض مع عقد العمل الجماعي في حالة وجوده. ولا تسري تلك العقود إلا بعد تصديق النقابة المعنية عليها، وتسري أحكام قانون العمل فيما لم يرد بشأنه نص خاص فيها.
وتتضمن اللائحة التنفيذية لهذا القانون نموذجًا استرشاديًّا لعقد العمل.
وحيث إن مؤدى النصوص التشريعية المتقدمة، خضوع العلاقـــة بيـــن الصحفـــي والصحيفـــة لعقـــد العمل الصحفي؛ خاصة فيما يتعلـــق بالمرتب وملحقاته والمزايـــا التكميلية، بما لا يتعارض والأحكام الواردة في قانون العمل، وتلتزم كافة المؤسسات الصحفية وإدارات الصحف بالوفاء بجميع الحقوق المقررة للصحفي في القوانين وعقد العمل الصحفي المبرم معها، ولئن كانت المؤسسات القومية الصحفية، بما تشتمل عليه من صحف ووكالات أنباء وشركـات توزيـع، مملوكة للدولـة، فإن ملكيتها تلك لا تعدو أن تكون ملكية خاصة، وتقوم على إدارتها الهيئة الوطنية للصحافة. ومن ثم، فإنه وفقًا للقواعد القانونية المنظمة لكافة المؤسسات الصحفية، سواء المملوكة للأحزاب السياسية أو للأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة، أو المؤسسات الصحفية القومية المملوكة للدولة ملكية خاصة، فجميعها تُعد من أشخاص القانون الخاص، العاملة في مجالات النشر والإعلان والطباعة والتوزيع، وتنظم العلاقة بين كافة هذه المؤسسات الصحفية وبين العاملين فيها من صحفيين وإداريين وعمال، تخضع لأحكام عقد العمل الفردي المنصوص عليها في قانون العمل.
وحيث إن مناط إلزام منشآت القطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص بأحكام النص المطلوب تفسيره، إنما يتمثل في ممارستها أنشطة اقتصادية، تنضوي ضمن مقومات الاقتصاد الوطني، ويُعد تحقيق الربح أحد أغراضها، وتعظيم رأس المال المستثمر فيها من بين أولوياتها، فقد تراءى للمشرع، بالنص المطلوب تفسيره، إلزام هذه المنشآت - إذا بلغ عدد العاملين فيها ثلاثين عاملاً فأكثر - بفرع مستحدث من التأمين الاجتماعي، مستقل وقائم بذاته، مستهدفًا من ذلك تغطية الخطر الناشئ عن توقف صرف أجور العاملين من المنشآت السالف بيانها، - أيًا كان عدد عمالها - بسبب إغلاقها كليًّا أو جزئيًّا، أو تخفيض عدد عمالها المؤمن عليهم، وذلك تحقيقًا لمقتضيات التضامن الاجتماعي والعدالة الاجتماعية، وذلك أيًّا كانت الجهة المالكة لرأس مال المنشأة، حتى وإن كانت مملوكة للدولة ملكية خاصة، كحال المؤسسات الصحفية القومية التي توافق شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام في الشأن ذاته، وتتحد معهما، بهذه المثابة، في علة الخضوع لحكم النص المطلوب تفسيره.
وحيث إن المهام التي وسدها القانونان رقما 179 و180 لسنة 2018 السالفا البيان إلى المؤسسات الصحفية القومية، لم تقتصر على دورها الحيادي في التعبير عن كل الآراء والاتجاهات والمصالح الاجتماعية، بما يضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مخاطبة الرأي العام، على نحو يكفل لهذه المؤسسات القيام بدورها الرائد في إعلام الرأي العام، بالخبر الصادق، والإسهام في نشر الرؤى المختلفة، بما ينعكس - إيجابًا - على معطيات الثقافة والتنوير الجمعي، وإنما امتدت تلك المهام إلى تطوير وتنمية أصولها، وهو ما يتآدى - حتمًا - إلى إخضاع أنشطتها الاقتصادية إلى إدارة رشيدة، تحقق من خلالها ربحية تنمي بها أصولها، وتتوسل في ذلك، بوسائل القانون الخاص، بلوغًا لزيادة مطبوعاتها الورقية، ونشر إصداراتها الرقمية، والاستحواذ على حصة مؤثرة في سوق الإعلان، والمساهمة في إنشاء كيانات اقتصادية، يكون استثمار رأس مالها من بين أغراضها، الأمر الذي يغدو معه - مؤكــدًا - اضطـــلاع المؤسســات الصحفيـــة القوميــة - في جانب مما تمارسه - بنشاط اقتصادي يماثل في طبيعته وجوهرة وأغراضه، ذلك النشاط الذي تمارسه منشآت القطاع الخاص.
وحيث إن أوجه الاشتراك في الطبيعة القانونية بين المؤسسات الصحفية القومية، ومنشآت القطاع الخاص - فـي نطـاق تطبيـق النص المطلوب تفسيره - لا تستخلص فقط، من وحدة أغراض نشاطهما الاقتصادي، وإنما تُسْتَصْفَي أيضًا، من وحدة التنظيم القانوني الذي يخضع له العاملون في كلٍ؛ إذ تُعد العلاقة التعاقدية بين العاملين من جانب، والمؤسسات الصحفية القومية أو منشآت القطاع الخاص من جانب آخر، على ما سبق بيانه، من علاقات القانون الخاص، التي يحكمها قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003.
متى كان ما تقدم، وكانت المؤسسات الصحفية القومية تمارس أنشطة ذات أغراض ربحية، وفق أحكام القانونين رقمي 179 و180 لسنة 2018، المشار إليهما، وكان العاملون في تلك المؤسسات يخضعون لأحكام قانون العمل، فإن اعتبارها - بهذه المثابة وتلك - من منشآت القطاع الخاص في نطاق تطبيق النص المطلوب تفسيره، يغدو أمرًا محققًا لإرادة المشرع من إقرار النص ذاته.
فلهـذه الأسبـاب
وبعد الاطلاع على نص البند (1) من المادة الثالثة من القانون رقم 156 لسنة 2002 بإنشاء صندوق إعانات الطوارئ للعمال.
قررت المحكمة:
أن المؤسسات الصحفية القومية تعتبر من منشآت القطاع الخاص في مجال تطبيق البند (1) من المادة الثالثة من القانون رقم 156 لسنة 2002 بإنشاء صندوق إعانات الطوارئ للعمال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق