الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 يناير 2022

الطعن 69 لسنة 23 ق جلسة 17 / 10 / 1957 مكتب فني 8 ج 3 ق 76 ص 719

جلسة 17 من أكتوبر سنة 1957

برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، ومحمد متولي عتلم، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.

-----------------

(76)
طعن رقم 69 سنة 23 ق

(أ) إجارة "انتهاؤها". إثبات "الإثبات بوجه عام". 
استخلاص العدول عن علاقة تأجيرية من صحف دعاوى رفعت من الشركاء المؤجرين واستخلاص قبول الشريك المستأجر لهذا العدول من عبارة محاميه في إحدى الدعاوى. لا خطأ. مثال.
(ب) إجارة "انتهاؤها". فسخ. قوة الأمر المقضي. 
القضاء نهائياً بقيام علاقة تأجيرية لمدة معينة. جواز التقرير بعدول الطرفين عن هذه العلاقة. انعدام حجية الحكم القاضي بتقرير العلاقة الإيجارية لمدة معينة.
(ج) محاماة "توكيل المحامي". وكالة "حدودها". دفاع. 
قول محامي الشريك في دعوى ريع رفعت ضده من باقي شركائه أنه وكيل عنهم على الشيوع وأن الدعوى التي توجه إليه يجب أن تكون دعوى حساب. عدم اعتبار هذا القول إقراراً بحق يستلزم توكيلاً خاصاً.

-------------
1 - إذا استأجر أحد الشركاء نصيب باقي شركائه في الأطيان المشتركة فإن لا تثريب على الحكم إذا استخلص عدول هؤلاء الشركاء عن العلاقة التأجيرية من عريضة دعوى يطالبون فيها شريكهم المستأجر بإيجار نصيبهم في الأطيان في سنة معينة وبريعها في السنوات التالية ومن عريضة دعوى أخرى يطلبون فيها قسمة هذا النصيب، واستخلص قبول المستأجر لهذا العدول من عبارة محاميه في إحدى الدعويين بأنه وكيل عن شركائه على الشيوع طالما أن كلا الأمرين لا مخالفة فيه للقانون وينطوي على تحصيل سائغ للواقع وفهم سليم لمدلوله.
2 - متى كان قد قضي نهائياً بقيام علاقة تأجيرية لمدة معينة فلا مانع من التقرير بعدول الطرفين عن هذه العلاقة، وللمحكمة أن تستخلص هذا العدول من وقائع سواء كانت سابقة أو لاحقة للحكم القاضي بتقرير العلاقة الإيجارية ما دام أنها مغايرة للوقائع التي تكونت منها هذه العلاقة ولاحقة لها ودون ما نظر إلى تاريخ الفصل في قيام العلاقة التأجيرية والحكم بتقريرها - ولا يحتج في هذا الصدد بقوة الأمر المقضي للحكم القاضي بتقرير العلاقة التأجيرية لمدة معينة.
3 - إذا قرر محامي الشريك في دعوى ريع رفعت ضده من باقي شركائه أنه وكيل عنهم على الشيوع وأن الدعوى التي توجه إليه يجب أن تكون دعوى حساب - فإن هذا القول لا يعتبر إقراراً بحق يستلزم توكيلاً خاصاً من موكله وإنما هو من وسائل الدفاع المخولة للمحامي بمقتضى التوكيل الصادر إليه من موكله ترتبط ارتباطاً وثيقاً بسلطته في إعطاء التكييف القانوني للدعوى واتخاذ إجراءات الدفاع التي يراها مما ينطوي عليه ذلك التوكيل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع الدعوى على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن الطاعن كان شريكاً بحق النصف مع المطعون عليهما الأولين في أطيان مقدارها 318 فداناً و5 قراريط و7 أسهم. كانت جميعها في وضع يده. وفي 20 من إبريل سنة 1940 تحاسب الطرفان عن ريع تلك الأطيان بموجب ورقة حررت في ذلك التاريخ ورد فيها أن وضع يد الطاعن على نصيب المطعون عليهما الأولين كان بطريق الإيجار بواقع 325 قرشاً سنوياً للفدان وأن الإيجار المذكور ينتهي في أكتوبر سنة 1940. وبتاريخ 10 من أغسطس سنة 1940 أرسل المطعون عليهما المذكورين إنذاراً إلى الطاعن إعراباً فيه عن عدم رغبتهما في تجديد الإيجار ونبها عليه بتسليم نصيبهما في أكتوبر سنة 1940 كما طلبا منه عمل قسمة عرفية يرسل إليهما مشروعها قبل نهاية سبتمبر سنة 1940 وإلا سيضطران لرفع دعوى قسمة يلتزم بمصاريفهما فضلاً عن التزامه بإيجار الفدان الواحد بواقع 8 جنيهات سنوياً من أكتوبر سنة 1940 لغاية التسليم. استمر الطاعن واضع اليد على تلك الأطيان. فرفع المطعون عليهما الأولين بتاريخ 14 من أغسطس سنة 1943 الدعوى رقم 654 سنة 1943 مدني كلي المنصورة على الطاعن بمطالبته بإيجار نصيبهما في الأطيان عن سنة 1940/ 1941 بواقع الفدان 8 جنيهات سنوياً وبريعها عن سنتي 1942 و1943 بواقع 15 جنيهاً للفدان سنوياً. ثم رفعا في الوقت نفسه الدعوى رقم 1456 سنة 1943 مدني شربين بطلب قسمة هذا النصيب - ولدى نظر دعوى الإيجار تنازع الطرفان حول صفة وضع يد الطاعن على أطيان المطعون عليهما الأولين، فقال هو تارة إنه مستأجر لهذه الأطيان طبقاً لعقد الإيجار السابق الذي تجدد بعد أكتوبر سنة 1940 وتارة أخرى إنه وكيل عن شريكيه لا يسأل قبلهما إلا عن مقدار ما تغله الأطيان من الريع ونفى عن نفسه على كل حال صفة الغضب. في حين أصر خصماه على أنه مغتصب وأن عقد الإيجار السابق لم يتجدد إذ أنهما أنهياه بإنذار أغسطس سنة 1940. وبتاريخ 22/ 1/ 1944 قضت المحكمة تمهيدياً بندب خبير زراعي لمعاينة الأطيان موضوع النزاع وتقدير ريعها في سنوات التقاضي الثلاث. فاستأنف الطاعن ذلك الحكم متمسكاً بوجوب محاسبته على الإيجار إما على أساس 325 قرشاً سنوياً للفدان كما ورد في عقد الإيجار السابق وإما على أساس 8 جنيهات سنوياً للفدان كما ورد في إنذار 10 من أغسطس سنة 1940 - وبتاريخ 5 من مارس سنة 1947 قضت المحكمة الاستئنافية بالحكم رقم 610 سنة 61 ق بإلغاء الحكم المستأنف وباعتبار الطاعن مستأجراً للأطيان موضوع النزاع بمقتضى عقد إيجار قوامه إيجاب من المطعون عليهما الأولين في إنذارهما المؤرخ 10 من أغسطس سنة 1940 بأن يسري عليه الإيجار بواقع 8 جنيهات سنوياً للفدان مدة التقاضي لغاية التسليم وقبول ضمني من الطاعن لذلك الإيجاب لعدم رده معترضاً على الإنذار المذكور واستمرار وضع يده على تلك الأطيان مدة ثلاث سنين وعدم تركها وحكمت بإلزام الطاعن بالإيجار على هذا الأساس. فرفع الشريكان نقضاً عن هذا الحكم قضى بتاريخ 21/ 4/ 1949 برفضه يما يختص بالنعي عليه لتقرير هذه العلاقة الإيجارية وبقبوله فيما يختص بتحديد مبلغ الإيجار وعدم جواز خصم شيء منه للأموال الأميرية. أما دعوى القسمة فقد قضي فيها ابتدائياً واستئنافياً بتاريخ 16 من فبراير سنة 1947 بتخصيص كل فريق بالمقدار المبين في تقرير الخبير ونفذ الحكمان بالتسليم في 10 و11 من مارس سنة 1947. فاستشكل الطاعن في التنفيذ بدعوى قال في عريضتها إنه طبقاً للحكم الاستئنافي رقم 610 سنة 61 ق يعتبر مستأجراً لنصيب شريكيه ومالكاً للزراعة المسلمة إليهما. فرفضت المحكمة الاستئنافية إشكاله بتاريخ 30/ 4/ 1947. وعندئذ رفع الطاعن بتاريخ 5 من مايو سنة 1947 الدعوى رقم 710 سنة 1947 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليهما الأولين بطلب "أولاً" تعيينه حارساً قضائياً على ما اختصا به من أطيان في دعوى القسمة والتصريح له بجني زراعتها ومباشرة إدارتها حتى نهاية سنتي 946/ 1947 الزراعية. و" ثانياً " اعتباره مستأجراً لهذه الأطيان لسنة 946/ 1947 الزراعية وبأحقيته للزراعة الناتجة في هذه السنة كلها، كما رفع بتاريخ 22 و23 من سبتمبر سنة 1947 الدعوى رقم 1044 سنة 1947 مدني كلي المنصورة بطلب "أولاً" الحكم بوقف تنفيذ حكمي القسمة فيما يختص بمصروفات التنفيذ وبوقف البيوع المحددة وفاء لهذه المصاريف. و" ثانياً" بطلان تنفيذ حكمي القسمة بالتسليم الحاصل في 10 و11 من مارس سنة 1947 واعتباره كأن لم يكن وبراءة ذمته من رسوم التنفيذ. وبتاريخ 13 من مايو سنة 1947 رفع المطعون عليهما الأولان في الدعوى رقم 710 سنة 1947 مدني كلي المنصورة دعوى فرعية طلبا فيها أن يقضى لهما ضد الطاعن بمبلغ 14420 جنيهاً قيمة الريع الذي يستحقانه عن أطيانهما في سنوات 1944 و1945 و1946 كما طلبا إثبات حالة الزراعة والإتلاف الذي وقع من الطاعن بالأطيان بسبب تمكينه منها بواسطة النيابة بعد استلامهما لها بموجب حكمي القسمة. وبعد أن قضى في الدعوى الفرعية بندب خبير لهذا الغرض وقدم الخبير تقريره عن قيمة تلك الزراعة والإتلاف عدّل المطعون عليهما الأولان طلباتهما ضد الطاعن بجلسة 27/ 2/ 1948 إلى مبلغ 18067 جنيهاً و467 مليماً. وبتاريخ 13 من فبراير سنة 1950 قضت المحكمة بضم الدعويين رقم 710 سنة 1946 ورقم 1044 سنة 1947 إلى بعضهما وبرفضهما. وفي الدعوى الفرعية قضت المحكمة بندب خبير حسابي لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم. فاستأنف الطاعن هذا الحكم. وبتاريخ 9 من ديسمبر سنة 1952 قضت المحكمة الاستئنافية برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن الطعن بالنقض في الحكم المذكور بتاريخ 18/ 3/ 1953 وأبدت النيابة العامة رأيها بقبول الطعن شكلاً ونقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للسببين الأول والثاني من أسباب الطعن والشقين الأول والثاني من السبب الثالث. وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 8/ 5/ 1957 فقررت تلك الدائرة إحالته إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة 3/ 10/ 1957، وفيها صممت النيابة على رأيها وطلب المطعون عليهما رفض الطعن.
وحيث إن محصل السبب الثالث من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن الطرفين قد عدلا عن التعاقد الذي أثبته الحكم الاستئنافي السابق رقم 610 سنة 61 ق قد خالف القانون وشابه خطأ في الإسناد وقصور في التسبيب ذلك أولاً - لأن العدول هو نوع من التفاسخ لا يتصور وقوعه إلا على ما يكون قد تقرر قيامه فعلاً بين الطرفين المتفاسخين بحيث يقع على محل لا خلاف على وجوده. والثابت بين الطرفين أن العلاقة التي قال الحكم المطعون فيه بحصول العدول عنها لم تكن في 22/ 1/ 1944 ولغاية فبراير سنة 1947 قد تقررت بعد إذ هي لم تقرر إلا بالحكم الاستئنافي رقم 610 سنة 61 ق الصادر في 5/ 3/ 1947. وكانت قبل ذلك محل خلاف بين الطرفين هل هي "غصب أو إنابة أو إيجار" ومن غير المقبول قانوناً أن يقال إن هاتين الإرادتين المختلفتين على تكييف لشيء واحد تقابلتا قبل الفصل في هذا الخلاف عند العدول عن هذا الشيء محل الخلاف. ثانياً - أسست المحكمة الاستئنافية قضاءها على ما سمته "قبولاً صريحاً من جانب البدري عندما قرر بلسان محاميه بجلسة 22/ 1/ 1944 في الدعوى الأولى أنه وكيل عن شريكيه في الشيوع وطلب التأجيل لتقديم كشف حساب" وكان يتعين عليها وقد أثار الطاعن أمامها حدود حق المحامي في مثل هذه الحالة أن تعني ببحثها خصوصاً وهي في صدد إلزام الأصيل بتصرف الوكيل. وثالثاً - استخلص الحكم المطعون فيه عناصر العدول من جانب المطعون عليهما الأولين من إعلانهما عريضة الدعوى رقم 654 سنة 1943 التي ينكران فيها علاقة الإيجار وعريضة دعوى القسمة التي عاصرت الدعوى رقم 654 سنة 1943، مع أن هذا العمل من جانبهما كان أساساً لوجهة نظرهما في دعوى انتهى الأمر فيها إلى غير ما ارتأياه ولا يمكن أن يعطي للعمل الواحد حكمان يختلفان باختلاف نتيجة الحكم التي صدر فيها هذا العمل، فضلاً عن أن هذا الاستخلاص غير سائغ وعلى الأخص بالنسبة لدعوى القسمة. رابعاً - استخلصت المحكمة الاستئنافية قبول الطاعن الصريح لعدول المطعون ضدهما الأولين عن التأجير مما قرره بلسان محاميه بجلسة 22/ 1/ 1944 في الدعوى الأولى من أنه وكيل عن شريكيه في الشيوع وطلب التأجيل لتقديم كشف الحساب "أولاً" دون أن تعني بالرد على ما أثاره الطاعن أمامها من دفاع جوهري هو في حقيقته دفع صريح بسابقة الفصل انتهائياً في هذه النقطة بالذات من محكمتي الاستئناف والنقض مما يعتبر قصوراً يعيب الحكم المطعون فيه. و"ثانياً" إن العبارة التي أوردها الحكم على لسان محامي الطاعن في محضر تلك الجلسة مخالفة لما ثبت بشأنها نهائياً في الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 654 سنة 1943 واستئنافه من "أن وضع يد على الأرض ليست يد غاضب ولذا فهو مسئول فقط عن صافي ما تدره الأرض من ريع إذا لم يكن مسئولاً عن الإيجار المتفق عليه"، مما يعتبر من الحكم خطأ في الإسناد يعيبه. وعلى فرض إسنادها إلى مصدر صحيح في الدعوى يجب ألا تفصل عن باقي ما جاء بالمحضر بحيث يجري تفسيرها مع كل ما ورد به وما حواه في مجموعه باعتباره وحده وإلا كان الحكم مشوباً بالقصور.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ورد به في هذا الخصوص "إنه إن صح الإيجاب في إنذار جماعة القاضي وصح القبول الضمني للاستئجار من جانب البدري بسكوته بعدم الاعتراض عليه باستمرار وضع يده على الأطيان مدة الثلاث سنين وجرى أثر هذا التعاقد خلال تلك الفترة فإن المتعاقدين يملكان العدول عنه حتى ولو كان هذا التعاقد مشروط لغاية تسليم الأطيان. وحيث إن هذا العدول قد وقع فعلاً من جانب جماعة القاضي في 14 من أغسطس سنة 1943 بإعلان عريضة نفس الدعوى رقم 654 المنصورة كلي سنة 1943 التي صدر فيها الحكم الاستئنافي الذي يتمسك به البدري والتي ينهي فيها جماعة القاضي العلاقة الإيجارية بينهما وبينه بل ينكران عليه قيامها في العامين السابقين، كما وقع العدول أيضاً من جانبهما بعريضة دعوى القسمة التي عاصرت تلك الدعوى وطلبا فيها فرز نصيبهما وتسليمه إليهما، وحيث إن هذا العدول من جانبهما قد لقي من البدري قبولاً صريحاً عندما قرر بلسان محاميه بجلسة 22/ 1/ 1944 في الدعوى الأولى أنه وكيل عن شريكيه في الشيوع وطلب التأجيل لتقديم كشف الحساب وهي عبارة إن كشفت عن شيء فإنما تدل على أن البدري كان يعترض - على الأقل في يناير سنة 1944 - على قيام العلاقة الإيجارية المستمدة من إنذار أغسطس سنة 1940 ليضفي على نفسه صفة الإنابة عن شريكيه وهو ما أخذ به الحكم المستأنف حالاً وتقره عليه هذه المحكمة. وحيث إنه يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية لمحضر جلسة 22/ 1/ 1944 في الدعوى رقم 654 سنة 1943 مدني كلي المنصورة المودعة بالأوراق أنه قد ورد على لسان محامي الطاعن أن المدعى عليه (الطاعن) وكيل عن باقي الشركاء على الشيوع وبذلك لا تكون الدعوى الحالية مقبولة لأنه يجب أن تكون دعوى حساب توكل إلى خبير حسابي".
وحيث إنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إذا هو استخلص من إعلان عريضة الدعوى رقم 654 سنة 1943 مدني كلي المنصورة وعريضة دعوى القسمة عدول جماعة القاضي عن العلاقة التأجيرية التي كانت قائمة بينهما وبين الطاعن واستخلص من عبارة هذا الأخير على لسان محاميه بجلسة 22/ 1/ 1944 قبوله لهذا العدول طالما أن كلا الأمرين لا مخالفة فيهما للقانون وينطوي على تحصيل سائغ للواقع وفهم سليم لمدلوله، ولا محل لما ينعاه الطاعن على هذا الحكم من خطأ في الإسناد بالنسبة لما ورد على لسان محاميه بجلسة 22/ 1/ 1944 إذ أن العبارة التي آخذ الحكم الطاعن بها هي نفس العبارة الثابتة على لسان محاميه في تلك الجلسة.
وحيث إنه لا محل لما يتحدى به الطاعن من أن العدول الذي استخلصه الحكم المطعون فيه من مؤدى إعلان عائلة القاضي لعريضة الدعوى رقم 654 سنة 1943 ودعوى القسمة وما ورد على لسان محامي الطاعن بجلسة 22/ 1/ 1944 يناقض ما انتهت إليه محكمتا الاستئناف والنقض عن هذين الأمرين. ذلك لأن النزاع السابق عرضه على محكمتي الاستئناف والنقض يختلف عن النزاع الحالي والعدول الذي تردد هناك يختلف عن العدول المقول به هنا فقد كان المطعون عليهما الأولان يتنصلان من دلالة إنذارهما المرسل منهما إلى الطاعن في 10 من أغسطس سنة 1940 على قبولهما التأجير إليه ويقولان بأنهما عدلا عن هذا الإيجاب قبل قبول الطاعن له، مما ينتفي معه قيام العلاقة التأجيرية بينهما، فلم تقرهما محكمة الاستئناف على ذلك وانتهت إلى اعتبار ذلك الإنذار إيجاباً منهما بالإيجاب صادفه قبول ضمني من الطاعن لعدم رده معترضاً على ذلك الإنذار وباستمرار وضع يده على أطيانهما. أما في النزاع الحالي فالأمر الذي يتنازع الطرفان بشأنه هو العدول عن هذه العلاقة التأجيرية التي أقامها إنذار المطعون عليهما الأولين واستمرار وضع يد الطاعن، ولا شك أن مجال هذا النزاع يختلف عن مجال ذلك النزاع فلا يمكن أن ينصرف أثر الحكم الذي استقر به النزاع السابق إلى هذا النزاع الحالي.
وحيث إنه على هذا النحو لا يستقيم نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه من أن العدول باعتباره نوعاً من التفاسخ لا يتصور وقوعه إلا على ما يكون قد تقرر قيامه فعلاً بين الطرفين المتفاسخين ولم تكن العلاقة التي قال ذلك الحكم بالعدول عنها قد تقررت بعد في 22/ 1/ 1944 ذلك لأن العلاقة التي تقررت بالحكم الاستئنافي رقم 610 سنة 61 ق شيء والعدول الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه شيء آخر مستمد من وقائع جديدة مخالفة للوقائع التي بنيت عليها تلك العلاقة نشأت بعد نشوئها وبعد نهاية الثلاث سنوات التي كانت موضوع التقاضي في الحكم الاستئنافي المذكور يستوي في ذلك أن تكون وقائع ذلك العدول سابقة أو لاحقة للحكم القاضي بتقرير العلاقة الإيجارية ما دام أنها مغايرة للوقائع التي تكونت منها العلاقة الإيجارية ولاحقة لها ودون ما نظر إلى تاريخ الفصل في قيام هذه العلاقة والحكم بتقريرها مما يجعل لكل من الحكمين - حكم تقرير العلاقة الإيجارية وحكم تقرير العدول عنها - مجاله وأثره المختلف عن مجال الآخر وأثره.
وحيث إن نعي الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه لم يتصد لما أثاره من عدم جواز سريان إقرار محاميه بجلسة 22/ 1/ 1944 عليه لخروجه عن حدود توكيله مردود بأن ما قرره محامي الطاعن بتلك الجلسة من "أنه (الطاعن) وكيل عن باقي الشركاء على الشيوع وبذلك لا تكون الدعوى الحالية مقبولة لأنه يجب أن تكون دعوى حساب توكل إلى خبير حسابي" لا يعتبر إقراراً بحق يستلزم توكيلاً خاصاً من الطاعن وإنما هو من وسائل الدفاع المخولة للمحامي بمقتضى التوكيل الصادر إليه من موكله ترتبط ارتباطاً وثيقاً بسلطته في إعطاء التكييف القانوني للدعوى واتخاذ إجراءات الدفاع التي يراها مما ينطوي عليه ذلك التوكيل.
وحيث إنه يخلص مما سبق أن السبب الثالث من أسباب الطعن متعين الرفض من جميع وجوهه.
وحيث إن النعي بما ورد في السببين الأول والثاني من أسباب الطعن من مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون لإهداره حجية الحكم الاستئنافي رقم 610 سنة 61 ق فيما قرره من قيام علاقة تأجيرية بين الطرفين تستمر مدة الشيوع لغاية التسليم. هذا النعي غير منتج - لأن تقرير الحكم قيام تلك العلاقة لا يتنافى مع حق الطرفين في التقايل والعدول عنها الأمر الذي استخلصته محكمة الموضوع استخلاصاً سائغاً على ما سبق بيانه.
وحيث إنه لذلك جميعه يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق