الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 يناير 2022

الطعنان 206 لسنة 28 ق ، 510 لسنة 29 ق جلسة 17 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 132 ص 836

جلسة 17 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي.

-------------

(132)
الطعنان رقما 206 لسنة 28، 510 لسنة 29 القضائية

(أ) أهلية. دعوى. "إجراءات نظر الدعوى". "تدخل النيابة في الدعاوى الخاصة بالقصر". بطلان. نيابة عامة.
تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر لرعاية مصالحهم. قصر التمسك بالبطلان على أصحاب المصلحة فيه. ليس لغير القصر التحدي بعدم أخبار النيابة.
(ب) وقف. دعوى "إجراءات نظر الدعوى". "تدخل النيابة في الدعاوى المتعلقة بالوقف". بطلان. نيابة عامة. نظام عام. نقض. "أسباب الطعن". "الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
وجوب تدخل النيابة في القضايا المتعلقة بالوقف وإلا كان الحكم باطلاً. يستوي في ذلك أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الوقف أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة أولية متعلقة بالوقف. تعلق هذا البطلان بالنظام العام. لمحكمة النقض القضاء به من تلقاء نفسها.
(جـ) دعوى. "إجراءات نظر الدعوى". "الخصوم في الدعوى". "التدخل. بطلان.
رفع المدعي الدعوى بوصفه ناظر وقف. اتصافه أثناء سير الدعوى بصفته الشخصية إلى جانب تلك الصفة. اعتبار ذلك من قبيل التدخل. وجوب إعلانه للخصم الغائب، ليس لغير الغائب من الخصوم التمسك بالبطلان لإغفال هذا الإعلان.
(د) دعوى. إجراءات نظر الدعوى". "تقرير التلخيص". بطلان.
مرور الدعوى بمرحلة التحضير. انتهاء الحكم إلى أنها من الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة. لا يعيبه عدم وضع تقرير بالتلخيص أو إغفال تلاوته قبل بدء المرافعة.
(هـ) دعوى. "إجراءات نظر الدعوى". "قاضي التحضير". بطلان.
تقديم الدعاوى المنصوص عليها في المادة 118 مرافعات مباشرة إلى المحكمة دون عرضها على قاضي التحضير. مخالفة ذلك لا ترتب البطلان. تقديم دعوى من هذا القبيل إلى قاضي التحضير. ليس للخصم سوى طلب إحالة الدعوى إلى المحكمة مباشرة. لا يقبل منه بعد تحضيرها وإحالتها إلى المرافعة الادعاء ببطلان الإجراءات.
(و) اختصاص. "الاختصاص المتعلق بالوظيفة". "اختصاص المحاكم المختلطة". نظام عام.
خلال فترة الانتقال من 15/ 10/ 1937 إلى 14/ 10/ 1949. اعتبار المحاكم المختلطة محاكم استثنائية. عدم تعلق اختصاصها بالنظام العام. للأجانب التنازل عن اختصاصها وقبول الخضوع للقضاء الأهلي. اعتبار اختصاص القضاء الأهلي في هذه الحالة من قواعد الاختصاص المتعلق بالوظيفة. انحسار ولاية القضاء المختلط عن الأجنبي فيما قبل الخضوع فيه للقضاء الأهلي. لا تأثير لعدول الأجنبي عن هذا القبول فيما بعد.
)ز) حكم. "حجيته". اختصاص. "الاختصاص المتعلق بالوظيفة". "اختصاص المحكم المختلطة".
تقرير المحكمة المختلطة حق المطعون عليها في التنفيذ على العقار. صدور هذا القضاء خارج حدود ولاية تلك المحكمة. انعدام حجيته. اعتداد الحكم المطعون فيه بهذا القضاء واعتباره أنه قرر حقاً للمطعون عليها في التنفيذ على العقار يمتنع معه على القضاء المستعجل الأمر بعدم الاعتداد بالحجوز التي أوقعتها الطاعنة. مخالفة القانون.

----------------
1 - تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر إنما يكون لرعاية مصلحة القصر مما ينبني عليه أن التمسك بالبطلان على فرض وجوده مقصور على أصحاب المصلحة فيه فلا يجوز لغير القصر من الخصوم التحدي بعدم إخبار كاتب المحكمة الابتدائية النيابة بقيام الدعوى (1).
2 - توجب المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 ببعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف التي تختص بها المحاكم بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 تدخل النيابة العامة في كل قضية تتعلق بالوقف وإلا كان الحكم باطلاً، يستوي في هذا الشأن أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الوقف أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة أولية متعلقة بالوقف. وإذ كان هذا البطلان مما يتعلق بالنظام العام فإن لمحكمة النقض أن تقضى به من تلقاء نفسها  (2) .
3 - اتصاف المطعون عليهما أثناء سير الدعوى بصفتهما الشخصية إلى جانب صفتهما كناظرتين على الوقف التي رفعتا بها الدعوى وإن كان يعتبر منهما من قبيل التدخل في الدعوى بصفتهما الشخصية ويجب إعلانه للخصوم الغائبين عملاً بالمادة 154 من قانون المرافعات إلا أنه ليس لغير هؤلاء من الخصوم التمسك بالبطلان بسبب عدم إجراء ذلك الإعلان.
4 - إذا كان الحكم قد انتهى صحيحاً إلى أن الدعوى بوصفها دعوى استحقاق فرعية تعتبر نزاعاً متعلقاً بالتنفيذ وتكون لذلك من الدعاوى التي يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة فإن هذه الدعوى لا تكون مما يستلزم القانون عرضه على قاضي التحضير ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم عدم وضع تقرير بالتلخيص أو عدم تلاوة التقرير بالجلسة قبل بدء المرافعة.
5 - إنه وإن كانت المادة 118 مرافعات تقضى بأن الدعاوى المنصوص عليها فيها ومنها الدعاوى التي يحكم فيها على وجه السرعة تقدم مباشرة إلى المحكمة دون عرضها على قاضي التحضير إلا أنه لا يترتب البطلان على مخالفة حكم هذه المادة لأن المشرع كان قد وضع نظام تحضير الدعاوى العادية أمام المحاكم الابتدائية اعتباراً بأنها تستلزم إفاضة وبسطاً في الشرح وتنقيباً طويلاً عن الحقيقة مما لا يسعه وقت المحكمة الكاملة، فإذا قدمت دعوى مما نصت عليه المادة 118 مرافعات إلى قاضي التحضير فلا يكون للخصوم الذين لا يريدون الإفادة من الضمانات التي يكفلها نظام التحضير إلا طلب إحالة الدعوى إلى المحكمة مباشرة وليس لهم بعد تحضير الدعوى وإحالتها إلى المرافعة الادعاء ببطلان الإجراءات.
6 - يبين من مناقشات ممثلي الدولة في مؤتمر مونترو ومن الوثائق والبيانات الرسمية التي قدمت بها الحكومة المصرية مشروعي اتفاق مونترو ولائحة تنظيم المحاكم المختلطة إلى البرلمان والمناقشات التي دارت بشأنها في مجلسيه أنه خلال فترة الانتقال المحددة من 15 أكتوبر سنة 1937 حتى 14 أكتوبر سنة 1949 تعتبر المحاكم المختلطة محاكم استثنائية ولا يتعلق اختصاصها بالنظام العام، وأنه قد أبيح للأجانب عملاً بالمادة 26 من لائحة تنظيم المحاكم المختلطة الصادر بها القانون رقم 49 لسنة 1937 التنازل عن اختصاص هذه المحاكم وقبول الخضوع للقضاء الأهلي بالنسبة إلى جميع السكان مصريين وأجانب على حد سواء، ومن ثم فإنه بقيام موجب اختصاص المحاكم الأهلية بقبول الأجنبي الخضوع لها يثبت اختصاصها بالنسبة إليه ويعتبر هذا الاختصاص من قواعد الاختصاص المتعلقة بالوظيفة، فتنحسر عن الأجنبي ولاية القضاء المختلط فيما قبل الخضوع فيه للقضاء الأهلي، ومتى انعقدت الولاية للمحاكم الأهلية بقبول الأجنبي الخضوع لها فإنه لا يؤثر في انعقادها عدول الأجنبي عن هذا القبول.
7 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم الاختصاص على أن القاضي المستعجل لا يملك التعرض لحق المطعون عليها في التنفيذ على العقار والحجز على ثمراته بعد أن استقر لها هذا الحق بحكم نهائي صادر من محكمة الاستئناف المختلطة وكان قضاء المحكمة المختلطة هذا قد صدر خارج حدود ولايتها فلا تكون له حجية ويعتبر والعدم سواء، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بهذا القضاء واعتبر أنه قرر حقاً للمطعون عليهما في التنفيذ على العقار يمتنع معه على القضاء المستعجل الأمر بعدم الاعتداد بالحجوز التي أوقعتها الطاعنة على الثمار تحت يد المستأجرين يكون مخالفاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقريرين الذين تلاهما السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكمين المطعون فيهما الصادر أولهما من محكمة القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية في الاستئناف رقم 562 سنة 1958 والصادر ثانيهما من محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 267 سنة 76 ق وحسبما يبين أيضاً من سائر الأوراق المقدمة في الطعنين تتحصل في أنه بموجب عقد بيع مسجل في 3/ 6/ 1932 باعت مصلحة الأملاك الأميرية إلى المرحوم محمد محب قطعة أرض فضاء معدة للبناء بالزمالك مساحتها 2102.90 متراً مربعاً بثمن قدره 5636 ج و130 م دفع منه وقت التعاقد مبلغ 1308 ج و385 م والتزم المشتري بدفع باقي الثمن على عشرة أقساط سنوية على أن يكون للمصلحة البائعة فسخ عقد البيع إذا تأخر المشتري في الوفاء بأي قسط في الميعاد المحدد له. ولمديونية المرحوم محمد محب لشركة التحسينات المصرية بمبالغ محكوم لها بها حصلت الشركة بتاريخ 4/ 5/ 1934 على حق اختصاص بقطعة الأرض المبيعة إليه ضماناً لمبلغ 8000 ج من دينها المحكوم به، كما حصلت على اختصاصات أخرى بأطيان زراعية مملوكة لمدينها ضماناً لباقي الدين.... وبموجب عقد تنازل وحلول رسمي موثق في 15/ 6/ 1934 حلت السيدة بيراكوس محل شركة التحسينات في 8 و4 و82% من دينها وهو ما يوازي مبلغ 3746 ج و887 م وفي جميع حقوق الاختصاص المشار إليها - وفي يناير سنة 1938 شرعت بيراكوس في اتخاذ إجراءات نزع ملكية المدين أمام القضاء المختلط عن أرض الزمالك وهي العين محل النزاع وعن الأطيان الزراعية كذلك، ولوفاة المدين أعلنت قائمة شروط البيع إلى ورثته ومن بينهم بنتيه نجيبة وبهيجة وعارضت هاتان الأخيرتان في القائمة كما عارضت فيها مصلحة الأملاك بالنسبة لأرض الزمالك. وفي 5/ 3/ 1940 قضت محكمة القاهرة الابتدائية المختلطة في الاعتراضين بوقف إجراءات البيع لحين الفصل انتهائياً في الدعوى التي رفعتها المصلحة أمام المحاكم الأهلية لفسخ العقد الصادر منها إلى المدين ببيع أرض الزمالك. وكانت مصلحة الأملاك قد رفعت دعوى الفسخ المشار إليها أمام محكمة القاهرة الابتدائية الأهلية وقيدت برقم 293 سنة 39 وطلبت بها فسخ عقد البيع الصادر منها إلى المرحوم محمد محب وشطب تسجيله وشطب جميع التسجيلات والحقوق اللاحقة لذلك التسجيل تأسيساً على تأخر المشتري وورثته من بعده في الوفاء بأقساط الثمن في المواعيد المتفق عليها في العقد وقضت هذه المحكمة في 23/ 3/ 1940 لمصلحة الأملاك بطلباتها، هذا وكانت بيراكوس قد استأنفت حكم المحكمة الابتدائية المختلطة بوقف إجراءات البيع إلى محكمة الاستئناف المختلطة بالاستئناف رقم 344 سنة 66 ق بانية استئنافها على أن المحاكم الأهلية لا ولاية لها في فسخ عقد البيع طالما أن العقار المبيع محمل بحق عيني لصالحها وهي يونانية الجنسية. وفي 20/ 11/ 1941 قضت محكمة الاستئناف المختلطة بإلغاء الحكم المستأنف فيما يتعلق بالأطيان الزراعية وبالسير في إجراءات البيع بالنسبة إليها وبتأييد الحكم في خصوص ما قضى به من وقف الإجراءات بالنسبة لأرض الزمالك. وأسست المحكمة هذا الشق الأخير من قضائها على أن بيراكوس قد قبلت بإرادتها الحرة التداعي أمام القضاء الوطني في شأن النزاع على أرض الزمالك بأن رفعت معارضة أمام محكمة القاهرة الابتدائية الأهلية في الحكم الذي أصدرته بفسخ عقد بيع هذه الأرض وشطب التسجيلات الموقعة عليها وأنه يتعين عليها لذلك أن تنتظر نتيجة الفصل في معارضتها، وكانت بيراكوس قد أقامت المعارضة المشار إليها - أمام محكمة القاهرة الابتدائية الأهلية بصفتها الشخصية واستعمالاً لحق ورثة مدينها المحكوم عليهم غيابياً وطلبت بها إلغاء الحكم المعارض فيها وحلولها محل مصلحة الأملاك المعارض ضدها فيما لها من حقوق وتسجيلات على العين المبيعة مقابل قيامها هي بدفع جميع الأقساط المتأخرة من الثمن، على أن بيراكوس قد تنازلت بعد ذلك عن معارضتها وقضت المحكمة بجلسة 3/ 4/ 1943 بإثبات هذا التنازل وقامت بيراكوس بإعلان كل من مصلحة الأملاك ونجيبه وبهيجة محب بتنازلها عن المعارضة وبأن الحكم المعارض فيه قد أصبح نهائياً. ثم عجلت بعد ذلك دعوى الاعتراض على قائمة شروط البيع التي كانت موقوفة أمام المحكمة الابتدائية المختلطة بالنسبة لأرض الزمالك محل النزاع وقضت هذه المحكمة في 30/ 1/ 1945 برفض الاعتراض وبالاستمرار في إجراءات التنفيذ على تلك العين. استأنفت مصلحة الأملاك هذا الحكم إلى محكمة الاستئناف المختلطة بالاستئناف رقم 370 سنة 70 ق وقضى فيه بجلسة 19 يونيه سنة 1947 بتأييد الحكم المستأنف بعد ذلك، وبموجب إشهاد موثق بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية في 26 يونيه سنة 1947 ومسجل في 6 يوليو سنة 1947 اشترت نجيبة وبهيجة محب بصفتهما الشخصية من مصلحة الأملاك 1097.68 متراً مربعاً من العين محل النزاع بسعر المتر عشرة جنيهات واستأجرتا من المصلحة المذكورة الجزء الباقي من العين ومساحته 910 أمتار مربعة بإيجار اسمي لمدة تسع سنوات لإنشاء مسجد عليه وأوقفتا القدر المبيع إليهما مع ما عليه من مبان ومنشآت وقفاً خيرياً يسمى وقف محب الخيري ورصدتا ريعه على تشييد المسجد وعلى تعميره وإقامة الشعائر الدينية فيه بعد إتمام بنائه. وبإلغاء المحاكم المختلطة حركت بيراكوس دعوى بيع العين جميعها أمام محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 15 لسنة 1949 بيوع فأقامت نجيبة وبهيجة محب بصفتهما ناظرتي الوقف الدعوى رقم 177 سنة 1950 كلي القاهرة ضد طالبة البيع وورثة المدين ومصلحة الأملاك الأميرية وطلبتا بها أحقية الوقف للعين محل النزاع وبطلان إجراءات التنفيذ المتخذة عليها ومحو كافة التسجيلات المترتبة على هذه الإجراءات كما طلبتا الحكم بوقف إجراءات البيع وبجلسة 9/ 3/ 1950 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بوقف الإجراءات حتى يفصل في موضوع دعوى الاستحقاق، وبينما كانت هذه الدعوى مرددة بالجلسات أنذرت بيراكوس مستأجري المحال المقامة على العين محل النزاع بعدم دفع الأجرة إلى نجيبة وبهيجة أو إلى غيرها من ورثة مدينها وكلفت المستأجرين بإيداع ما يستجد من الأجرة خزانة المحكمة باعتبارها من ثمرات العقار المحجوز وتلحق به من تاريخ تسجيل تنبيه نزع الملكية، فأقامت نجيبة وبهيجة الدعوى رقم 161 سنة 1958 مستعجل القاهرة ضد بيراكوس بطلب عدم الاعتداد بالإنذارات التي أعلنتها إلى المستأجرين، وبجلسة 5/ 3/ 1958 قضت محكمة الأمور المستعجلة للمدعيتين بما طلبتاه، فاستأنفت بيراكوس هذا الحكم إلى محكمة القاهرة الابتدائية بالاستئناف رقم 562 سنة 1958 وهذه المحكمة قضت بجلسة 29/ 4/ 1958 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى بعد ذلك وفي 18/ 1/ 1959 قضت محكمة القاهرة الابتدائية في دعوى الاستحقاق الفرعية برفض الدفعين اللذين أبدتهما بيراكوس بعدم قبول الدعوى وبعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها بالاستئناف رقم 370 سنة 70 ق مختلط وقضت في الموضوع بأحقية وقف محب الخيري للعين محل النزاع وبطلان إجراءات التنفيذ المتخذة عليها ومحو كافة التسجيلات المترتبة على هذه الإجراءات وأسست المحكمة هذا الشق الأخير من قضائها على أن الحكم القاضي بفسخ عقد البيع المسجل في 3/ 6/ 1932 والصادر من مصلحة الأملاك إلى المرحوم محمد محب يترتب عليه انحلال العقد وزوال الحقوق التي تقررت على العين لصالح دائني المشتري ومنها حق الاختصاص الذي حصلت عليه الطاعنة الأولى وأن هذه الأخيرة لا تعتبر حسنة النية لأن سلفها شركة التحسينات كان يمكنها وقت أن قيدت اختصاصها في 4/ 5/ 1934 أن تعلم بالسبب الذي بني عليه الفسخ وهو ما ثبت بالعقد من عدم وفاء المدين بكامل الثمن، استأنفت بيراكوس هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 267 سنة 76 ق طالبة إلغاءه والقضاء بقبول الدفعين اللذين أبدتهما بعدم قبول الدعوى وعدم جواز إعادة نظرها واحتياطياً رفضها، وتدخل قسطنطين فيليو في الاستئناف منضماً إلى المستأنفة السابقة في طلباتها. وبجلسة 21/ 11/ 1959 قضت هذه المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، وفي 25/ 6/ 1958 طعنت نجيبة وبهيجة بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية في الاستئناف رقم 562 سنة 1958 والقاضي بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر طلبهما عدم الاعتداد بالإنذارات التي أعلنتها بيراكوس إلى المستأجرين وقيد طعنهما برقم 206 سنة 28 ق ولدى عرضه على دائرة فحص الطعون تمسكت النيابة بالرأي الذي ضمنته مذكرتها بطلب نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وفي 20/ 12/ 1959 طعنت بيراكوس وقسطنطين فيليو بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في دعوى الموضوع وقيد هذا الطعن برقم 510 سنة 29 ق وعند نظره أمام دائرة فحص الطعون التزمت النيابة الرأي الذي انتهت إليه بمذكرتها بطلب رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة هذا الطعن أيضاً إلى هذه الدائرة. وبالجلسة التي حددت لنظر الطعنين قررت المحكمة ضمهما معاً وصممت النيابة على الرأي الذي أبدته في كل منهما.
(أولاً) عن الطعن رقم 510 سنة 29 ق:
وحيث إن الطاعنين في هذا الطعن ينعيان بالسبب الأول على الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بطلانه من ثلاثة أوجه ويقولان في بيان أولها إن المطعون عليهما الأوليين رفعتا دعوى الاستحقاق الفرعية ابتداء بصفتهما ناظرتين على وقف محب الخيري ثم اتخذتا منذ جلسة 28/ 1/ 1958 صفة التداعي بشخصهما إلى جانب صفتهما كناظرتين على الوقف وتم ذلك في مواجهة المدعى عليهم الحاضرين وحدهم وهم الطاعنة الأولى ووزارتي المالية والأوقاف، وإذ صدر الحكم في الدعوى على أساس التعديل في صفة رافعتيها الذي يعتبر تدخلاً منهما بصفتهما الشخصية ولم يعلن به المدعى عليهم الغائبون وهم ورثة المدين فإن ذلك الحكم يكون باطلاً لابتنائه على إجراءات باطلة. ويقول الطاعنان بياناً للوجه الثاني إنه كان من بين المدعى عليهم في الدعوى قصر ومع ذلك قضت المحكمة في الدعوى دون إخبار النيابة العامة للتدخل فيها عملاً بالمادة 102 من قانون المرافعات مع أن إخبار النيابة في القضايا الخاصة بالقصر يعتبر من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على مخالفتها البطلان ولا يغير من ذلك أن يكون للنيابة بعد إخبارها بالدعوى أن تترخص في التدخل طبقاً للمادة 100 من قانون المرافعات. ويقول الطاعنان في بيان الوجه الثالث إن الحكم الابتدائي وصف دعوى الاستحقاق الفرعية المرفوعة من المطعون عليهما الأوليين بأنها من الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة اعتباراً بأنها من المنازعات المتعلقة بالتنفيذ وإذ كانت الدعوى قد عرضت على قاضي التحضير وظلت مرددة أمامه سنين طويلة ثم أحالها إلى المرافعة بغير تقرير بالتلخيص وترتب على ذلك صدور الحكم فيها دون تلاوة التقرير في الجلسة قبل بدء المرافعة فإن الإجراءات تكون باطلة أياً كان الوصف الصحيح لدعوى الاستحقاق الفرعية لأنه إذا صح ما ذهب إليه الحكم من أنها من الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة فإنها تكون قد رفعت بغير الطريق القانوني لعدم تقديمها مباشرة إلى المحكمة وإذا اعتبرت من قبيل الدعاوى العادية التي يلزم مرورها في مرحلة التحضير فإن المحكمة تكون قد أغفلت إجراء جوهرياً يترتب عليه بطلان حكمها وهو إعداد تقرير بالتلخيص وتلاوته في الجلسة قبل بدء المرافعة.
وحيث إنه وإن كان ما ينعاه الطاعنان بالوجه الثاني مردوداً بما قاله الحكم المطعون فيه في خصوصه أخذاً بما استقر عليه قضاء محكمة النقض من "أن تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر إنما يكون لرعاية مصلحة القصر مما ينبني عليه أن التمسك بالبطلان على فرض وجوده مقصور على أصحاب المصلحة فيه فلا يجوز لغير القصر من الخصوم التحدي بعدم إخبار كاتب المحكمة الابتدائية النيابة بقيام الدعوى" إلا أنه لما كان القانون رقم 628 لسنة 1955 ببعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف التي تختص بها المحاكم بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 ينص في مادته الأولى على أنه "يجوز للنيابة العامة أن تتدخل في قضايا الأحوال الشخصية التي تختص بها المحاكم الجزئية بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه، وعليها أن تتدخل في كل قضية أخرى تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف وإلا كان الحكم باطلاً" وكان الطاعنان قد دفعا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم قبول دعوى الاستحقاق المرفوعة من الوقف وأقاما هذا الدفع فيما يتعلق بأل910 أمتار مربعة المؤجرة من مصلحة الأملاك إلى المطعون عليهما الأوليين لإقامة مسجد عليها على أنه ليس للمطعون عليهما المذكورتين بصفتهما مستأجرين أن تطلبا استحقاق الوقف لذلك الجزء المؤجر، وقد تناول الحكم المطعون فيه الدفع وقضى برفضه وأقام قضاءه بذلك في خصوص القدر المشار إليه - بصفة أساسية - على ما أورده بقوله "أما بالنسبة للجزء من أرض النزاع المؤجر لبناء المسجد.... فإن الواضح من تقرير الخبير في القضية رقم 10237 سنة 1955 مستعجل مصر والمقدمة صورته من المستأنفة (الطاعنة الأولى) أن المستأنف عليهما الأولى والثانية (المطعون عليهما الأوليين) أقامتا أساسات المسجد وقدر الخبير تكاليفها بمبلغ 1460 ج والواضح أيضاً من الأوراق أن المستأنف ضدهما الأولى والثانية قد أقامتا مصلى على جانب من الأرض المخصصة للمسجد وقد انضمت الحكومة أمام محكمة أول درجة في مذكرتها الختامية للمستأنف ضدهما الأولى والثانية في سائر طلباتهما ولم تغير موقفها حتى الآن" ثم قال الحكم "إنه من المقرر شرعاً أنه متى خصصت أرض فضاء للصلاة فيها كمسجد فإنها تصبح موقوفة وقفاً أبدياً ولا يجوز التصرف فيها أو تملكها ومن ثم فإنه لا شك في أن تخصيص تلك الأرض لإقامة مسجد عليها باتفاق الحكومة مع المستأنف ضدهما (المطعون عليهما الأوليين) يترتب عليه تبعية أرض المسجد لوقف محب الخيري المشمول بنظارة المستأنف ضدهما المذكورتين ويحق لهما والحالة هذه بصفتهما طلب استحقاق الوقف لأرض المسجد" ومفاد ذلك أن الدعوى وإن رفعت أصلاً باعتبارها دعوى مدنية بطلب استحقاق الوقف لكامل العين محل النزاع وبطلان إجراءات التنفيذ عليها إلا أنه لدى البحث في صفة الوقف في استحقاق جزء من العين استأجرته المطعون عليهما الأوليان الواقفتان من مصلحة الأملاك لتقيما عليه مسجد من ريع الوقف أثيرت مسألة أولية يتوقف عليها الفصل في الدفع بعدم قبول دعوى الوقف بالنسبة لذلك الجزء وبالتالي يتوقف عليها الحكم في الموضوع في هذا الخصوص، وهذه المسألة هي بيان الحكم الشرعي في ماهية الأرض التي تؤجر ليقام عليها مسجد أو تعد فيها مصلى بالفعل وهل تعتبر وقفاً يلحق بالوقف الذي رصد ريعه لإنشاء المسجد ولإقامة الشعائر الدينية فيه بعد بنائه أو أنها لا تعتبر كذلك، والمسألة على تلك الصورة تتعلق بإنشاء الوقف مما كانت تختص به المحاكم الشرعية وأصبح الاختصاص بنظره للمحاكم الوطنية عملاً بالقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية، ومن ثم فإن تدخل النيابة يكون واجباً لدى نظر تلك المسألة وإلا كان الحكم باطلاً عملاً بالمادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 السالف الذكر إذ يستوي في هذا الشأن أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الوقف أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة أولية متعلقة بالوقف، ولما كان ما تقدم، وكان يبين من مدونات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه أن النيابة لم تتدخل في الدعوى لدي طرح مسألة الوقف المشار إليها على المحكمة فإنه ينبني على ذلك بطلان قضاء الحكمين في خصوص الـ 910 أمتار مربعة المؤجرة من مصلحة الأملاك إلى المطعون عليهما الأوليين وإذ كان هذا البطلان مما يتعلق بالنظام العام فإن لمحكمة النقض أن تقضى به من تلقاء نفسها ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص.
وحيث إنه وقد انتهت المحكمة إلى بطلان الحكم في شقه السابق للسبب المتقدم ذكره فإنه لا محل بعد ذلك لمناقشة ما تضمنته أسباب الطعن من نعي على الحكم في ذلك الشق.
وحيث إنه عما ورد في السبب الأول من نعي على الحكم الابتدائي فيما عدا الشق السابع فإن الحكم المطعون فيه قد رد على الوجه الأول بقوله "إن هذا الدفع مقصور على أصحاب المصلحة فيه فلا يجوز لغير من جرى تعديل الصفة في غيبته التحدي بذلك، ومن ثم فليس للمستأنفة (الطاعنة الأولى) وقد جرى التعديل في مواجهتها أمام محكمة أول درجة أن تتضرر من أن هذا التعديل قد جرى في غيبة بعض الخصوم" وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون، ذلك أن إنصاف المطعون عليهما أثناء سير الدعوى بصفتهما الشخصية إلى جانب صفتهما كناظرتين على الوقف التي رفعتا بها الدعوى وإن كان يعتبر منهما من قبيل التدخل في الدعوى بصفتهما الشخصية ويجب إعلانه للخصوم الغائبين عملاً بالمادة 154 من قانون المرافعات إلا أنه ليس لغير هؤلاء من الخصوم التمسك بالبطلان بسبب عدم إجراء ذلك الإعلان. والنعي مردود في وجهه الثالث بأنه وإن كان يبين من تقريرات الحكم الابتدائي أن الدعوى قد مرت بمرحلة التحضير إلا أن ذلك الحكم وقد انتهى صحيحاً إلى أن تلك الدعوى بوصفها دعوى استحقاق فرعية تعتبر نزاعاً متعلقاً بالتنفيذ وتكون لذلك من الدعاوى التي يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة فإن هذه الدعوى لا تكون مما يستلزم القانون عرضه على قاضي التحضير ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم عدم وضع تقرير بالتلخيص أو عدم تلاوة التقرير بالجلسة قبل بدء المرافعة، كذلك فإن المادة 118 مرافعات وإن كانت تقضي بأن الدعاوى المنصوص عليها فيها ومنها الدعاوى التي يحكم فيها على وجه السرعة تقدم مباشرة إلى المحكمة دون عرضها على قاضي التحضير إلا أنه لا يترتب البطلان على مخالفة حكم هذه المادة لأن المشرع كان قد وضع نظام تحضير الدعاوى العادية أمام المحاكم الابتدائية اعتباراً بأنها تستلزم إفاضة وبسطاً في الشرح وتنقيباً طويلاً عن الحقيقة مما لا يسعه وقت المحكمة الكاملة فإذا قدمت دعوى مما نصت عليه المادة 118 مرافعات إلى قاضي التحضير فلا يكون للخصوم الذين لا يريدون الإفادة من الضمانات التي يكفلها نظام التحضير إلا طلب إحالة الدعوى إلى المحكمة مباشرة وليس لهم بعد تحضير الدعوى وإحالتها إلى المرافعة الادعاء ببطلان الإجراءات.
وحيث إن السبب الثاني - وفي غير ما يتعلق بالجزء المؤجر من العين محل النزاع والذي ثبت بالسبب السابق بطلان الحكم في خصوصه - يتحصل في مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون من وجهين أولهما خطأ الحكم فيما قضى به من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى ذلك أنه من المقرر أن دعوى الاستحقاق الفرعية ذات شقين متلازمين هما طلب الملكية وطلب بطلان إجراءات التنفيذ فإذا لم يكن أحد الطلبين مقبولاً فإن الدعوى لا تكون مقبولة كدعوى استحقاق فرعية يترتب عليها وقف إجراءات التنفيذ، وإذ كان طلب بطلان إجراءات التنفيذ في الدعوى الحالية غير مقبول لأن رافعتيها خلف لمصلحة الأملاك التي تلقيا منها العقار المنفذ عليه بموجب عقد البيع المسجل في 6 يوليو سنة 1947 وقد سبق لهذه المصلحة أن اعترضت على قائمة شروط البيع لدى القضاء المختلط وقضى نهائياً برفض اعتراضها في الاستئناف رقم 370 سنة 70 ق فيعتبر هذا الحكم حجة على المطعون عليهما الأوليين فلا يكون لهما أن يعودا إلى طلب بطلان إجراءات التنفيذ، وإذ كان طلب بطلان الإجراءات غير مقبول لهذا السبب فإن دعوى الاستحقاق برمتها تكون غير مقبولة، أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من انعدام حجية الحكم الصادر في دعوى الاعتراض تأسيساً على عدم ولاية القضاء المختلط بالفصل في هذه الدعوى فإنه غير صحيح في القانون كما تبين من الوجه الثاني.
ويتحصل الوجه الثاني في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون فيما قضى به من رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيما ذلك أن الحكم النهائي الصادر من القضاء المختلط في الاستئناف رقم 370 سنة 70 ق والقاضي برفض اعتراض مصلحة الأملاك الأميرية على قائمة شروط البيع قطع في أن الحكم الصادر من المحاكم الأهلية بفسخ عقد البيع الصادر من مصلحة الأملاك الأميرية إلى المرحوم محمد محب وبشطب جميع التسجيلات الموقعة على العقار المبيع لا أثر له على حق الاختصاص الذي حصلت عليه الطاعنة الأولى على ذلك العقار وإذ كان الحكم الصادر في الاستئناف المختلط آنف الذكر يعتبر حجة على المطعون عليهما الأوليين لأنهما خلف خاص لمصلحة الأملاك الأميرية المحكوم ضدها التي تلقيا منها الحق في تاريخ لاحق لصدور ذلك الحكم فإن إثارتهما من جديد النزاع ذاته بأسبابه وأسانيده في الدعوى الحالية يكون غير جائز لسبق الفصل فيه وقد قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى تأسيساً على أن حكم محكمة الاستئناف المختلط المشار إليه قد صدر فيما لا ولاية لها فيه وبالتالي يكون حكماً معدوماً وغير مانع من إعادة نظر النزاع الذي فصل فيه واستند الحكم المطعون فيه في هذا النظر إلى حجتين الأولى هي أن المادة 33 من لائحة ترتيب المحاكم المختلطة تحدد الاختصاص العام للقضاء المختلط تبعاً لجنسية الخصوم فيها وأن نص المادة 36 الذي جعل لهذا القضاء اختصاصاً استثنائياً في حالة إنشاء رهن عقاري لصالح أجنبي - يجب أن يفسر تفسيراً حقيقياً فلا يقاس حق الاختصاص الذي يحصل عليه الأجنبي على حق الرهن وبالتالي لا يكون للقضاء المختلط ولاية الفصل في صحة أو عدم صحة حق الاختصاص مثار النزاع في الدعوى الحالية والحجة الثانية التي استند إليها الحكم هي أن الطاعنة إذ كانت قد رفعت معارضة أمام المحاكم الأهلية في الحكم الصادر بفسخ عقد البيع وشطب التسجيلات الموقعة على العقار المبيع مستعملة في ذلك حقوق ورثة مدينها الصادر ضدهم الحكم وبطلبات شخصية لنفسها فإن هذا منها يكون قبولاً لاختصاص القضاء الأهلي بنظر النزاع بشأن حق الاختصاص الذي حصلت عليه على العقار المبيع وأنه لا يغير من ذلك تنازلها عن المعارضة لأنه لا يجوز للأجنبي الذي قبل اختصاص المحاكم الأهلية أن يسحب قبوله، ويقول الطاعنان إن الحكم المطعون فيه أخطأ في هذا الذي بني عليه قضاءه فالحجة الأولى التي استند إليها يدحضها أن الطاعنة الأولى إنما اتخذت إجراءات التنفيذ ضد ورثة مدينها أمام القضاء المختلط لأنها يونانية الجنسية فيكون التجاؤها إلى هذا القضاء إعمالاً لحكم المادة 33 من لائحة تنظيم المحاكم المختلطة وليس استناداً إلى المادة 36 من اللائحة أو قياساً عليها كما توهم الحكم والحجة الثانية تخالف القانون ذلك أنه من المقرر بأحكام معاهدة مونترو ولائحة تنظيم المحاكم المختلطة أن خضوع الأجنبي لاختصاص المحاكم الأهلية يكون برضائه الصريح به أو بالتجائه إلى ذلك القضاء اختياراً أو باختصامه أمامه دون دفع منه بعدم الاختصاص قبل صدور الحكم في الدعوى ولم تكن الطاعنة مختارة إذ عارضت أمام المحاكم الأهلية في الحكم الصادر بفسخ عقد البيع وشطب التسجيلات لأنها إنما رفعت المعارضة كدائنة تستعمل حقوق مدينها المصري الجنسية ويتعين عليها أن تسلك نفس السبيل الذي كان يجب على المدين أن يسلكه وهو الالتجاء إلى المحاكم الأهلية، هذا إلى أنه مع التسليم جدلاً بأن معارضة الطاعنة في حكم فسخ العقد تفيد قبولها لاختصاص المحاكم الأهلية فإن أثر هذا القبول لا يمتد إلى المنازعات المتعلقة بالتنفيذ على العقار محل النزاع خصوصاً وأن الطاعنة أكدت في صحيفة معارضتها تمسكها باختصاص القضاء المختلط بنظر إجراءات التنفيذ التي بدأتها أمام هذا القضاء على العقار محل النزاع كما أن ولاية القضاء المختلط لا تنحسر عن الأجنبي الذي يقبل الخضوع لاختصاص المحاكم الأهلية بل إن كل ما يترتب على هذا القبول هو سقوط حقه في الدفع بعدم اختصاص القضاء الأهلي إذا رفعت إليه الدعوى وتخويل الخصم المصري حقاً في الدفع بعدم اختصاص القضاء المختلط إذا أثير أمامه النزاع فإذا قضت المحكمة المختلطة برفض هذا الدفع فإن حكمها يكون حائزاً للحجية لأن ولايتها في نظر الدعوى لا تزول بقبول الأجنبي اختصاص المحاكم الأهلية إذ أن ولاية القضاء يحددها القانون، كذلك فإن تنازل الطاعنة الأولى عن المعارضة التي رفعتها يترتب عليه محو جميع الآثار التي ترتبت عليها ومنها قبول الطاعنة اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى إن كان هناك ثمة قبول.
وحيث إن الحكم المطعون فيه رد على ما تمسك به الطاعنان من حجية الحكم الصادر من محكمة الاستئناف المختلطة رقم 370 سنة 70 ق القاضي برفض اعتراض مصلحة الأملاك على قائمة شروط البيع - رد الحكم على ذلك بقوله "إنه من المقرر أن الأحكام لا تحوز قوتها وحجيتها إلا إذا صدرت من محكمة ذات ولاية والتشريع الذي صدر بعد معاهدة مونترو قد بين بالمادتين 25، 26 من لائحة التنظيم القضائي المختلط الصادر بها القانون رقم 490 لسنة 1937 أثر القبول الضمني لاختصام الأجانب أمام القضاء الأهلي ورتب على ذلك أنه متى قبل الأجنبي اختصاص المحاكم الأهلية لا يجوز له بعد ذلك التخلص من هذا القبول والعودة إلى المحاكم المختلطة للفصل في ذلك النزاع ولا شك في أن المستأنفة (الطاعنة الأولى) قد طرحت على القضاء الوطني طائعة مختارة ومن تلقاء نفسها دعواها التي طلبت فيها إلغاء الحكم بفسخ البيع وشطب التسجيلات وإحلالها محل مصلحة الأملاك الأميرية في حقوقها وكان رفع هذه الدعوى من المستأنفة بصفتها الشخصية وبصفتها أيضاً مستعملة حقوق ورثة مدينها المرحوم محمد محب باشا وظلت هذه الدعوى زهاء عامين ونصف إلى أن قررت المستأنفة بالتنازل عنها وقضت المحكمة الوطنية بإثبات هذا التنازل، ومن ثم كانت النتيجة لهذا القبول أن أصبح النزاع المذكور داخلاً في ولاية القضاء الوطني دون سواه عملاً بأحكام اتفاقية مونترو السابق بيانها ولا عبرة بما ذهبت إليه المستأنفة من أنها وقد تنازلت عن دعواها فلا يصبح لها أي أثر لأن التنازل عن الدعوى شيء والعدول عن اختصاص المحاكم الوطنية شيء آخر وإذا كان هذا العدول مستحيلاً لمخالفته للنظام العام فلا يمكن أن يتخذ التنازل عن الخصومة وسيلة لتحقيقه، وأما من حيث نطاق هذا النزاع - الذي أصبح داخلاً في ولاية القضاء الوطني في حدود طلبات المستأنفة في ختام دعواها التي رفعتها إلى القضاء الوطني وهذه الطلبات هي إلغاء الحكم الصادر في 23/ 3/ 1940 في دعوى الفسخ ورفض دعوى مصلحة الأملاك الخاصة بطلب فسخ البيع وشطب تسجيله وشطب جميع التسجيلات والحقوق التي ترتبت على الأرض موضوع النزاع الراهن - فواضح مما تقدم أن المستأنفة قد طرحت على القضاء الوطني كل ما يتصل بالأرض موضوع النزاع من طلب شطب التسجيلات الواردة عليها بموجب عقد البيع المحكوم بفسخه وشطب والحقوق التي قد ترتبت عليها ترتيباً على هذا العقد. هذا وأن مجرد معارضة المستأنفة في الحكم الغيابي نيابة عن مدينها ورثة المرحوم محمد محب كان يقتضي النظر والبحث في حقها كدائنة وكذلك طلب حلولها محل مصلحة الأملاك الأميرية فيما لها من حقوق وتسجيلات كان يقتضي البحث في حقها كدائنة مرتهنة وقد عادت المستأنفة بعد أن ارتبطت باختصاص القضاء الوطني بالفصل في هذه الأنزعة جميعها وعرضتها على القضاء المختلط فقضي فيها في الاستئناف رقم 370 سنة 70 ق وبذلك يكون هذا الحكم الأخير قد صدر خارج حدود ولاية المحاكم المختلطة فيعتبر غير موجود ولا يترتب عليه أي أثر" وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه صحيح في القانون ذلك أن لائحة تنظيم المحاكم المختلطة باتفاق مونترو والصادر بها القانون رقم 49 لسنة 1937 تنص في مادتها السادسة والعشرين على أنه "تختص المحاكم المختلطة بالنظر في كل المنازعات المدنية والتجارية سواء بين الأجانب أو بين الأجانب والأشخاص الخاضعين لقضاء المحاكم الأهلية، على أن المحاكم الأهلية تكون مختصة بالنظر في هذه المسائل بالنسبة لكل أجنبي يقبل الخضوع لقضائها، ويجوز أن يستفاد هذا الخضوع من شرط صريح يخولها هذا الاختصاص أو: أولاً - من أن الأجنبي نفسه رفع الدعوى أمام المحكمة الأهلية أو. ثانياً - من أنه لم يدفع بعدم اختصاصها قبل صدور الحكم في دعوى حضر فيها بصفته مدعي عليه أو خصماً ثالثاً، ويترتب على الخضوع لقضاء محكمة ابتدائية الخضوع لقضاء المحاكم العليا التي من نوعها" كما صدر المرسوم بقانون رقم 90 لسنة 1937 بتعديل المادة الخامسة عشرة من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية على ذلك الأساس أيضاً، ويبين من محاضر مناقشات ممثلي الدول في مؤتمر مونترو ومن الوثائق والبيانات الرسمية التي قدمت بها الحكومة المصرية مشروعي اتفاق مونترو ولائحة تنظيم المحاكم المختلطة إلى البرلمان والمناقشات التي دارت بشأنهما في مجلسيه أنه خلال فترة الانتقال المحددة من 15/ 10/ 1937 حتى 14 أكتوبر سنة 1949 تعتبر المحاكم المختلطة محاكم استثنائية ولا يتعلق اختصاصها بالنظام العام، وأنه قد أبيح للأجانب التنازل عن اختصاص هذه المحاكم وقبول الخضوع للقضاء الأهلي للحد من اختصاص المحاكم المختلطة لصالح المحاكم الأهلية التي لها أصلاً ولاية القضاء بالنسبة إلى جميع السكان مصريين وأجانب على حد سواء، ومن ثم فإنه بقيام موجب اختصاص المحاكم الأهلية بقبول الأجنبي الخضوع لها يثبت اختصاصها بالنسبة إليه ويعتبر هذا الاختصاص من قواعد الاختصاص المتعلقة بالوظيفة، فتنحسر عن الأجنبي ولاية القضاء المختلط فيما قبل الخضوع فيه للقضاء الأهلي، كما أن انعقاد الولاية للمحاكم الأهلية بقبول الأجنبي الخضوع لها لا يؤثر فيه عدول الأجنبي عن هذا القبول بعد ذلك. ولما كان الثابت أن الطاعنة الأولى بصفتها الشخصية واستعمالاً لحق ورثة مدينها - المحكوم عليهم غيابياً من محكمة القاهرة الابتدائية الأهلية بفسخ عقد البيع الصادر من مصلحة الأملاك إلى المورث وشطب تسجيله وما ترتب عليه - قد عارضت في الحكم أمام المحكمة الأهلية التي أصدرته طالبة إلغاءه وحلولها محل مصلحة الأملاك في حقوقها مقابل دفع باقي أقساط الثمن إليها. فإن الطاعنة بذلك تكون وقد سجلت عليها محكمة الاستئناف المختلط بحق في حكمها الصادر في الاستئناف رقم 344 سنة 66 ق قد قبلت بإرادتها الحرة الخضوع للقضاء الأهلي في شأن هذا النزاع ذلك أنها لم ترفع المعارضة أمام المحكمة الأهلية بصفتها دائناً يستعمل حقوق مدينه المحكوم عليه غيابياً فحسب وإنما تدخلت في المعارضة بصفتها الشخصية لا لتدفع بعدم اختصاص المحاكم الأهلية ولكن لتطلب لنفسها طلبات موضوعية بوصفها دائنة مرتهنة تعرض وفاء دين مصلحة الأملاك المقدم على دينها لتصل من ذلك إلى الإبقاء على عقد البيع وحفظ حق الاختصاص المقرر لها على العقار المبيع، وهي طلبات صريحة في الدلالة على قبول الطاعنة الالتجاء إلى المحاكم الأهلية في شأن موضوع حق الاختصاص وبذلك يصبح للمحاكم الأهلية وحدها ولاية النظر في النزاع بخصوص هذا الحق ولا يغير من ذلك أن تكون الطاعنة عندما رفعت معارضتها قد احتفظت في صحيفة المعارضة بحقها في إجراءات التنفيذ التي بدأتها لدى المحاكم المختلطة لأن الولاية متى انعقدت للمحاكم الأهلية طبقاً للقانون فلا أثر لمثل ذلك الاحتفاظ على قيامها ولا يغير من ذلك أيضاً أن تكون الطاعنة قد تركت معارضتها لأن اختصاص المحاكم الأهلية أثر يترتب قانوناً على مجرد قبول الطاعنة لاختصاصها بالمعارضة التي رفعتها أمامها فلا يزول هذا الاختصاص بترك الطاعنة للمعارضة والرجوع في القبول الذي صدر منها، ولما كانت الطاعنة المذكورة بعد أن قضت المحكمة الأهلية بإثبات تنازلها عن المعارضة قد ارتدت إلى القضاء المختلط وعجلت دعوى مصلحة الأملاك الأميرية بالاعتراض على قائمة شروط البيع والتي كانت موقوفة لحين الفصل في المعارضة المشار إليها وقضت محكمة الاستئناف المختلط لصالح الطاعنة برفض الاعتراض تأسيساً على أن حق الاختصاص المقرر لها على العقار محل النزع ما زال باقياً رغم الحكم الصادر من المحاكم الأهلية بفسخ عقد البيع وشطب تسجيله والتسجيلات المترتبة عليه، لما كان ذلك، فإن حكم محكمة الاستئناف المختلطة في ذلك الخصوص يكون قد صدر خارج حدود ولايتها فلا حجية له، ومن ثم لا يمنع المحاكم الأهلية صاحبة الولاية بنظر النزاع من أن تفصل فيه وكأنه لم يسبق عرضه على القضاء وإذ كان هذا الأساس صحيحاً في القانون وكافياً وحده لحمل قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفعين بعدم قبول الدعوى وبعدم جواز نظرها لسبق الفصل فإنه يكون غير منتج النعي على الحكم بالخطأ في الأساس الآخر الذي اعتمد عليه استناداً إلى المادة 36 من لائحة تنظيم المحاكم المختلطة ويتعين لذلك رفض النعي بهذا السبب. أما ما أورده الطاعنان في مذكرتهما التي قدماها لمحكمة النقض رداً على دفاع المطعون عليهم من أن مصلحة الأملاك الأميرية تعهدت في دعوى الاعتراض التي أقامتها أمام المحاكم المختلطة بأن الحكم الذي يصدر لصالحها في الدعوى التي كانت قد رفعتها أمام المحكمة الأهلية بفسخ البيع وشطب التسجيلات لمن يمس حقوق الأجانب المقيدة على العين محل النزاع وما أورداه في تلك المذكرة من أن الحكم بفسخ عقد البيع وشطب التسجيلات لا أثر له على حق الاختصاص المقرر على العين لصالح الطاعنة الأولى لأنها كانت حسنة النية وقت حصولها على هذا الحق فلا تعلم أن سند ملكية المدين قد فسخ أو أن مصيره إلى الفسخ حتماً - ما أورده الطاعنان من هذا وذاك لا يجوز قبوله لأنه لم يرد ذكره في تقرير الطعن.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق ويقولان في بيان ذلك إنهما تمسكا لدى محكمة الموضوع بأن الوقف الذي أنشأته المطعون عليهما الأوليان على العين التي آلت إليهما بموجب عقد البيع الصادر لهما من مصلحة الأملاك الأميرية هو وقف صوري لم يقصد منه غير الأضرار بحقوق الدائنين وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وأطرح المستندات الدالة على صحته مع ما هو ثابت فيها من أن المطعون عليهما المشار إليهما أقرتا بصحيفة الدعوى رقم 3169 سنة 1957 مستعجل القاهرة التي رفعتاها ضد خصوم آخرين بأن ذلك الوقف خيالي ولا وجود له، ومن أن وزارة الأوقاف أقامت على المطعون عليهما المذكورتين دعويين إحداهما بطلب عزلهما من النظر على الوقف والأخرى بطلب رد ريع العقار الموقوف.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قضى في موضوع الدعوى بأحقية الوقف إلى العين التي أشهدت المطعون عليهما الأوليان بوقفها وببطلان إجراءات التنفيذ عليها ومحو كافة التسجيلات المتعلقة بهذه الإجراءات تأسيساً على أنه وقد قضى بفسخ عقد البيع المسجل في 3/ 6/ 1932 الصادر من مصلحة الأملاك إلى المرحوم محمد محب وشطب تسجيله وشطب التسجيلات المترتبة عليه فإن ذلك العقد يعتبر كأنه لم يكن وتزول حقوق الدائنين على العين المبيعة ومنها حق الاختصاص المقيد عليها لصالح الطاعنة الأولى وأن هذه الطاعنة لا تستطيع أن تحتج بحسن نيتها لأن سلفها شركة التحسينات المصرية التي تلقت الحق عنها كان يمكنها وقت أن قيدت اختصاصها في 4/ 5/ 1934 أن تعلم بالسبب الذي بني عليه فسخ البيع وهو ما ثبت بالعقد من عدم وفاء المدين بكامل الثمن وأن مصلحة الأملاك إذ باعت للمطعون عليهما بعد ذلك 68 و1097 متراً مربعاً من تلك العين بموجب عقد البيع المسجل في 6/ 7/ 1947 فإن العقار المبيع يؤول إلى المشتريتين غير محمل بأي حق للطاعنة الأولى، ولما كان الطاعنان لم ينعياً بتقرير الطعن على الحكم المطعون فيه فيما قضى به من زوال حق الاختصاص المقيد لصالح الطاعنة الأولى كأثر لفسخ عقد البيع الصادر لمدينها ولا فيما قضى به تبعاً لذلك من أن عقد البيع الصادر للمطعون عليهما الأوليين نقل ملكية القدر المبيع إليهما خالصاً من كل حق للطاعنة المذكورة فإنه يكون غير منتج نعي الطاعنين على الحكم بالقصور في بحث صورية الوقف الذي أنشأته المطعون عليهما على تلك العين التي ابتاعتها.
ثانياً: عن الطعن رقم 206 سنة 28 ق:
وحيث إنه مما تنعاه الطاعنتان في هذا الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وتقولان بياناً لذلك إن الحكم أقام قضاءه بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر دعوى عدم الاعتداد بالإنذارات التي نبهت فيها المطعون عليها على المستأجرين بعدم دفع أجرة العقار المحجوز إلى الطاعنتين وبإيداع الأجرة خزانة المحكمة، أقام قضاءه على أن المطعون عليها الحاجزة لها بموجب الحكم الصادر من محكمة الاستئناف المختلطة في الاستئناف رقم 370 سنة 70 ق حق ثابت في التنفيذ على ذلك العقار يمتنع معه على القضاء المستعجل التعرض له أو المساس به، مع أن ذلك الحكم قد صدر من المحكمة المختلطة خارج حدود ولايتها فلا تكون له أية حجية فيما قضى به ومن ثم لا يكسب المطعون عليهما أي حق يستأهل حماية القضاء المستعجل.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بعدم الاختصاص - بصفة أساسية - على أن القاضي المستعجل لا يملك التعرض لحق المطعون عليها في التنفيذ على العقار والحجز على ثمراته بعد أن استقر لها هذا الحق بالحكم النهائي الصادر من محكمة الاستئناف المختلطة في الاستئناف رقم 370 سنة 70 ق والقاضي برفض اعتراض مصلحة الأملاك (سلف الطاعنتين) على قائمة شروط البيع - ولما كان قضاء المحكمة المختلطة في دعوى الاعتراض المشار إليها قد صدر على ما سلف بيانه في الرد على الطعن السابق - خارج حدود ولايتها فلا تكون له حجية ويعتبر والعدم سواء فإنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتد بما قضت به المحكمة المختلطة في تلك الدعوى واعتبر أنه قرر حقاً للمطعون عليها في التنفيذ على العقار يمتنع معه على القضاء المستعجل الأمر بعدم الاعتداد بالحجوز التي أوقعتها الطاعنة على الثمار تحت يد المستأجرين فإن ذلك الحكم يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن موضوع الاستئناف رقم 562 سنة 1958 القاهرة الابتدائية صالح للحكم فيه وللأسباب المتقدمة يتعين تأييد الحكم المستأنف.


 (1) راجع نقض 24/ 1/ 1952 الطعن 11 س 20 ق مجموعة 25 سنة ص 1184.
 (2) راجع نقض 26/ 12/ 1963 الطعن 100 س 29 ق السنة 14 ص 1235.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق