باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأحد (هـ)
المؤلفة برئاسة السيد المستشار / عابد راشد نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين / أحمد أحمد خليل ، أحمد محمود شلتوت وليد عادل نواب رئيس
المحكمة وأحمد صفوت
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / شريف البدرى .
وأمين السر السيد / أحمد إبراهيم .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة
القاهرة .
في يوم الأحد غرة شعبان سنة 1442 ه الموافق 14 من مارس سنة 2021 م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 11448 لسنة 90 القضائية .
المرفوع من
....... " طاعنة "
ضد
1- النيابة العامة . " مطعون ضدها "
2- .......
3- ....... " مدعيان بالحقوق المدنية "
---------------
" الوقائع "
أقام المدعيان بالحقوق المدنية ...... ، ...... دعواهما بطريق الادعاء
المباشر ضد الطاعنة والنيابة العامة قيدتها برقم 25 لسنة ۲۰۱۸ جنح مدينة نصر أول ،
طلبا في ختامها عقابها بالمواد ۱۷۱ ، 306 مكرراً ، ۳۰۸ مكرراً من قانون العقوبات ،
وإلزامها بأن تؤدي لهما مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
على سند من القول حاصله أنها تعدت عليهما بالسب والقذف باستخدام وسائل
التواصل الاجتماعي ( واتس آب ) مما أضر
بهما .
ومحكمة جنح مدينة نصر أول الجزئية قضت حضورياً في 24 من يناير لسنة
2018 بعدم اختصاص المحكمة نوعياً وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها نحو
إحالتها للمحكمة الاقتصادية المختصة .
ونفاذاً لذلك القضاء فقد أحيلت الدعوى لمحكمة القاهرة الاقتصادية
وقيدت بجداولها برقم 692 لسنة 2018 جنح اقتصادية القاهرة .
وأثناء تداول الدعوى أمام المحكمة عدل المدعيان بالحق المدني مبلغ
التعويض المدني المؤقت إلى خمسون ألف وواحد جنيه ، وقامت المحكمة بتعديل مواد
القيد بإضافة المادتين رقمي ۷۰ ، 76/2 من القانون رقم 10 لسنة ۲۰۰۳ بشأن قانون
تنظيم الاتصالات وأعلنت المتهمة بذلك التعديل .
ومحكمة جنح القاهرة الاقتصادية - بهيئة ابتدائية - قضت حضورياً بتوكيل
في ۲۷ من أكتوبر سنة ۲۰۱۸ عملاً بالمواد ۱۷۱ ، 306 مكرراً ، ۳۰۸ مكرراً من قانون
العقوبات ، والمادتين رقمي ۷۰ ، 76/2 من القانون رقم 10 لسنة 2003 بشأن قانون
تنظيم الاتصالات مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهمة أربعة وعشرون
ساعة وبتغريمها عشرة آلاف جنيه عن التهمتين للارتباط وإلزامها بأن تؤدي للمدعيين
بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنية على سبيل التعويض المدني المؤقت .
فاستأنف المدعيان بالحق المدني والمحكوم عليها وقيد استئنافهما برقم
356 لسنة ۲۰۱۸ جنح مستأنف القاهرة الاقتصادية .
ومحكمة القاهرة الاقتصادية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 2 من
أبريل سنة 2019 بقبول الاستئنافين المقامين من المتهمة والمدعيان بالحق المدني
شكلاً وفي موضوعهما برفضهما وتأييد الحكم المستأنف .
فطعن الأستاذ / ...... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليها في هذا
الحكم بطريق النقض في 23 من مايو سنة 2019 .
وبذات التاريخ أودعت مذكرة بأسباب طعن المحكوم عليها موقع عليها من ذات
المحامي المقرر بالطعن .
ومحكمة استئناف القاهرة - طعون نقض الجنح - منعقدة بغرفة المشورة قررت
في 9 من مارس سنة 2020 بعدم اختصاصها نوعياً بنطر الطعن ، وأحيل الطعن لهذه
المحكمة .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
-----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن المادة ۲۳۷ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت على
المتهم في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به أن
يحضر بنفسه ، وقد استقر قضاء محكمة النقض على أن حضور المتهم بنفسه في جنحة يجوز
فيها الحبس يكون لازماً أمام المحكمة الاستئنافية حتى يصح وصف حكمها بأنه حكم
حضوري باعتبار أن الأصل أن جميع الأحكام الصادرة بالحبس من هذه المحكمة واجبة
التنفيذ فوراً بطبيعتها ، وإلا كان الحكم غيابياً إذا لم يحضر المتهم بنفسه بل
أناب عنه وكيلاً ، غير أنه لما كانت الفقرة الرابعة من المادة 63 من قانون
الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 174 لسنة 1998 قد نصت على أنه واستثناء
من حكم المادة ۲۳۷ من هذا القانون يجوز للمتهم عند رفع دعوى عليه بطريق الادعاء المباشر
أن ينيب عنه في أية مرحلة كانت عليها الدعوى وكيلاً لتقديم دفاعه ، وذلك مع عدم
الإخلال بما للمحكمة من حق في أن تأمر بحضوره شخصياً ، وكانت الدعوى الماثلة قد
أقيمت ضد الطاعنة بطريق الادعاء المباشر في تاريخ لاحق على العمل بالتعديل المدخل
بالقانون رقم 174 لسنة ۱۹۹۸ سالف الذكر ، وكانت الطاعنة قد أنابت عنها وكيلاً حضر
جلسات المرافعة أمام المحكمة الاستئنافية وأبدى دفاعه فإن الحكم المطعون فيه يكون
حضورياً لا يقبل المعارضة ويكون الطعن فيه بطريق النقض جائزاً .
وحيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
من حيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمتي
السب والقذف وتعمد إزعاج الغير بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، قد شابه القصور
في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ،
ذلك بأنه عول في قضائه على إقرار الطاعنة بالتهمة المسندة إليها في محضر
الاستدلالات دون أن يورد مضمونه ، كما أن ما تساند إليه الحكم من أقوال المدعيان
بالحق المدني بصحيفة دعواهما لا تكفي لإدانتها ، واطرح بما يخالف القانون الدفع
بسقوط حق المدعيان بالحقوق المدنية في إقامة دعواهما لمضي ثلاثة أشهر من تاريخ
علمهما بالجريمة عملاً بنص المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية ، ملتفتاً عن
المستندات التي تساندت إليها الطاعنة للتدليل بها على صحته ، وأخيراً فقد كان
يتعين على المحكمة القضاء بعدم قبول الدعوى لأن الرسالة التي أرسلتها الطاعنة
للمدعي بالحق المدني الثاني لم تتضمن عباراتها سباً أو قذفاً وإنما تضمنت طلباً
منها لزوجها في ذلك الوقت ، كما أن الهاتف الذي أرسلت إليه الرسالة غير خاص
بالمدعية بالحق المدني الأولى بما يعدم صفتها في تحريك الدعوى الجنائية عنها ، كل
ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون
فيه - حصَّل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين
دان بها الطاعنة وأورد على ثبوتهما في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما
رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أشار إلى إقرار الطاعنة
أمام استيفاء النيابة بالمحضر المؤرخ 14/12/2017 وعول عليه ضمن أدلة الثبوت في
الدعوى ولم تدعى الطاعنة أن إقرارها بذلك المحضر كان مفصلاً أو جاء على خلاف ما
تضمنته مدونات الحكم فإن ما ورد بشأنه يعتبر كافياً ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه
في المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها
الحكم الصادر بالإدانة ، ويكون منعى الطاعنة في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك
، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على
الأدلة المطروحة عليه ، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها ، إلا
إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات
جرائم السب والقذف وإساءة استعمال أجهزة الاتصالات طريقاً خاصاً ، وكان المقرر أنه
لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل
جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً
ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون
باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم
ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان جماع ما
أورده الحكم المطعون فيه من أدلة وشواهد سائغاً وكافياً للتدليل على ثبوت
الجريمتين اللتين دان الطاعنة بهما فإن ما تثيره الطاعنة في شأن ما تساند إليه
الحكم من أدلة ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة وهو ما تستقل به محكمة الموضوع
ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك
، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد
الميعاد واطرحه بقوله ( فإن الثابت من الاطلاع على الصورة الرسمية للمحضر رقم
16506 لسنة ۲۰۱۷ إداري مدينة نصر أول سند الدعوى وما ورد فيه من أقوال المدعيان
بالحق المدني أنهما علما بواقعة القذف والسب في حقهما الموجهة إليهما من المتهمة
من خلال موقع الواتس أب بتاريخ 4/6/2017 وأن الثابت بتقديمهما بلاغهما بتاريخ
9/7/2017 وكانت المحكمة تطمئن لتلك الأقوال لاسيما وأن الأوراق قد خلت مما يدحضها
أو يخالفها مما يكون معه المدعيان بالحق المدني قد تقدما بشكواهما قبل فوات
الثلاثة أشهر من يوم علمهما بالجريمة ومرتكبها ... ) وهو رد سائغ في اطراح الدفع ،
إذ الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والمفردات المضمومة أن عبارات السب الموجهة
إلى المجني عليهما من خلال موقع الواتس أب حدثت بتاريخ 4/6/2017 ، وأن المجني
عليهما تقدما بشكواهما بتاريخ 9/7/2017 وقيدت برقم 16506 لسنة ۲۰۱۷ إداري مدينة
نصر أول وإذ قررت النيابة العامة حفظها أقاما الدعوى الماثلة بطريق الادعاء
المباشر . لما كان ذلك ، وكان المقرر بنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات
الجنائية أنه لا يجوز رفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوی شفهية أو كتابية من
المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي في
الجرائم المنصوص عليها فيها - ومن بينها جريمة السب - وأنه لا تقبل الشكوى بعد
ثلاثة أشهر من يوم علم المجنى عليه بالجريمة وبمرتكبها ، وكان الشارع قد جعل من
مضى هذا الأجل قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل لما قدره من أن سكوت
المجني عليه هذه المدة يعد بمثابة نزول عن الشكوى لأسباب ارتأها حتى لا يُتخذ من
حق الشكوى إذا استمر أو تأبد سلاحاً للتهديد أو الابتزاز أو النكاية ، ومن ثم فإن
تقديم الشكوى خلال الأجل الذي حدده القانون إنما ينفى قرينة التنازل ويحفظ لهذا
الإجراء أثره القانوني ولو تراخت النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية إلى ما
بعد فوات ذلك الميعاد ، وإذ كان المجنى عليهما - على نحو ما سلف بيانه - قد قدما
شكواهما في الميعاد المحدد وأقاما دعواهما وفقاً للأوضاع التي رسمها القانون ، فإن
ما تثيره الطاعنة بدعوى مخالفة الحكم لنص المادة 3/2 من قانون الإجراءات الجنائية
لا يكون صحيحاً في القانون ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد في
غير محله ، هذا فضلاً عن أن الحكم قد حصل مضمون المستندات المقدمة من الطاعنة
تدليلاً على صحة دفاعها - المار بيانه - واطرحها بما هو كاف ، ذلك أن الأدلة في
المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية
ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من
باقي الأدلة القائمة في الدعوى فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا يكون مقبولاً
. لما كان ذلك ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص عبارات السب من عناصر الدعوى
ولمحكمة النقض أن تراقبها فيما ترتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف
لتبين مناحيها واستظهار مرامي عباراتها لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح - ولما
كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت في فهم سائغ لواقعة الدعوى أن العبارات التي صدرت من
الطاعنة في حق المدعيان بالحق المدني تفيد بذاتها قصد السب والقذف فإن ما تنعاه
على الحكم بشأن مدلول الألفاظ التي قررتها والباعث على صدورها لا يكون له أساس .
لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد في مدوناته ألفاظ السب والقذف التي وجهتها
الطاعنة للمدعية بالحق المدني الأولى من خلال الرسالة الصوتية المرسلة عبر تطبيق
الواتس أب على هاتف زوجها - المدعى بالحق المدني الثاني - والتي تتضمن خدشاً للشرف
ومساساً بالعرض ، وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع أن يكون المضرور من
الجريمة شخص آخر غير المجني عليه ما دام قد ثبت قيام هذا الضرر وكان ناتجاً عن
الجريمة مباشرة وكانت المدعية بالحق المدني الأولى قد أقامت دعواها بصفتها مضرورة
من عبارات السب والقذف التي وجهتها الطاعنة إليها من خلال الرسالة الصوتية المرسلة
عبر تطبيق الواتس أب على هاتف زوجها- المدعى بالحق المدني الثاني - ، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص
يضحى لا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعیناً
رفضه موضوعاً . إلا أن هذه المحكمة ترى أن الظروف التي ارتكبت فيها الجريمة ما
يبعث على الاعتقاد بأن الطاعنة لن تعود إلى مخالفة القانون ، ومن ثم فإنها تأمر
بإيقاف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها عليها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من
اليوم عملاً بالمادتين 55 ، 56 من قانون العقوبات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وأمرت المحكمة
بوقف تنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها على الطاعنة لمدة ثلاث سنوات تبدأ
من اليوم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق