جلسة 4 من إبريل سنة 1957
برياسة السيد عبد العزيز
محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، وأحمد قوشه، ومحمد متولي عتلم،
وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.
------------------
(34)
القضية رقم 101 سنة 23
القضائية
(أ) بيع "ثمن
المبيع". شفعة.
حق المشتري الثاني في حبس
ثمن المبيع إذا رفعت دعوى شفعة عن جزء من الأطيان المبيعة متى كان لم يختصم في
دعوى الشفعة. المادة 331 مدني قديم.
(ب) فسخ. بيع. حكم
"تسبيب كاف". دفاع.
استناد الحكم في رفض دعوى
الفسخ المرفوعة من البائع إلى قاعدة قانونية مقتضاها أن الحكم بالفسخ غير واجب
لخلو العقد من شرط صريح وتقدير المحكمة أن لا محل للفسخ استناداً إلى الشرط الضمني
الفاسخ. عدم تحدث الحكم عن دفاع للبائع ومستندات لا تغير النتيجة التي انتهى إليها
الحكم. لا عيب.
(جـ) عقد
"تفسيره". بيع.
وصف الحكم للعقد وصفاً
صحيحاً بأنه عقد بيع خلا من تحديد موعد لدفع الثمن وإنزاله عليه حكم القانون
الصحيح. لا خطأ.
(د) دعوى
"مصروفاتها". بيع. فسخ.
عدم أحقية البائع في رفع
دعوى فسخ عقد البيع بعد إظهار المشتري تمسكه بالعقد وعرضه التنفيذ عيناً في الوقت
الذي كان فيه التنفيذ ممكناً. التزام البائع بمصروفات الدعوى. م 357 مرافعات.
---------------
1 - تخول المادة 331 من
القانون المدني القديم للمشتري حبس ثمن المبيع إذا ظهر له سبب يخشى منه نزع ملكيته
مما اشتراه ولو صح القول بأن دعوى الشفعة لا تهدد حق المشتري المشفوع منه لأن حقه
في استرداد ما دفعه من الثمن إلى البائع له مضمون قبل الشفيع مما لا يجيز له حبس
الثمن فإن هذا القول لا يصدق على المشتري الثاني للعقار الذي لم يختصم في دعوى
الشفعة إذ يكون في هذه الحالة مقطوع الصلة بالشفيع ولا يحق له الرجوع عليه بما عسى
أن يكون قد دفعه إلى البائع له وبالتالي يستهدف حقه للضياع بعد أن يكون العقار
المشفوع فيه قد نزعت ملكيته منه وعلى ذلك يجوز لهذا المشتري الثاني حبس الثمن حتى
يفصل في دعوى الشفعة.
2 - متى كان الحكم قد
استند في قضائه برفض دعوى الفسخ المرفوعة من البائع إلى قاعدة قانونية مقتضاها أن
الحكم بالفسخ غير واجب لخلو العقد من شرط صريح ينفسخ العقد بقوته وأن المحكمة رأت
ألا تقضي به استناداً إلى الشرط الضمني الفاسخ لما قدرته من ظروف الدعوى
وخصوصياتها فلا يكون بالحكم حاجة بعد ذلك إلى التحدث عن دفاع البائع ومستنداته إذا
كانت هذه المستندات وذلك الدفاع لا يغير من النتيجة التي انتهى إليها الحكم
استناداًً إلى تلك القاعدة التي لم يوجه إليها البائع مطعناً.
3 - متى كان الحكم قد نهج
في تفسير العقد منهجاً قويماً إذ نظر إلى نصوصه وتبين ما انصرفت إليه نية
المتعاقدين وقت التعاقد فانتهى من ذلك إلى وصف صحيح للعقد بأنه عقد بيع خلا من
تحديد موعد لدفع الثمن ثم أنزل عليه حكم القانون الصحيح فإنه لا يكون مخالفاً
للقانون.
4 - إذا كان البائع غير
محق في رفع دعوى فسخ عقد البيع بعد أن أظهر المشتري تمسكه بالعقد وعرض على البائع
تنفيذه عيناً في الوقت الذي كان فيه هذا التنفيذ ممكناً فإن البائع يكون ملزم
بمصروفات الدعوى وفقاً للمادة 357 من قانون المرافعات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد
استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن محمد توفيق شتا
اشترى من شركة أولاد ألفريد كامبوس 89 فداناً و19 قيراطاً و17 سهماً على ثلاث قطع
مساحة الأولى 18 فداناً و7 قراريط و22 سهماً ومساحة الثانية 43 فداناً و12 قيراطاً
وسهماً واحداً ومساحة القطعة الثالثة 27 فداناً و23 قيراطاً و18 سهماً بمقتضى عقد
بيع ابتدائي مؤرخ في 22 من نوفمبر سنة 1948 وبثمن إجمالي مقداره 4500 جنيه دفع منه
وقت التعاقد مبلغ ألف جنيه واتفق الطرفان المتعاقدان على دفع الباقي من الثمن عند
التوقيع على العقد النهائي وحددا لذلك مدة شهرين تبدأ من تاريخ العقد الابتدائي،
وفي 26 من نوفمبر سنة 1948 حرر عقد بين الطاعن ومحمد حسن الزيني - مورث المطعون
عليهم - أثبتا في صدره ملخصاً للعقد المبرم بين الطاعن وشركة كامبوس وقالا إنه لما
كان للزيني حق أخذ الأطيان المبيعة بالشفعة فقد اتفق الطرفان على أن يأخذ الزيني
نصف القطعتين الأولى والثالثة وربع القطعة الثانية وجملة ذلك 34 فداناً و20 وربع
سهم ثمنها 1961 جنيهاً محسوباً على أساس الثمن المتفق عليه بين كامبوس وشتا، كما
اتفقا على أن تكون وسيلة تنفيذ ما اتفقا عليه هي أن يصدر العقد النهائي من الشركة
البائعة إليهما معاً فإن رفضت الشركة ذلك وأصرت على أن يصدر العقد النهائي بالبيع
منها إلى شتا وحده يلتزم هذا الأخير بأن يبيع إلى الزيني الأطيان المتفق بينهما
عليها. كما اتفقا على أنه في حالة ما إذا نكلت الشركة البائعة عن تحرير العقد
النهائي واستحق شتا التعويض المتفق عليه في عقد 22 من نوفمبر ومقداره ألف جنيه استحق
للزيني نصف هذا المبلغ، وكذلك نص في البند الخامس من هذا الاتفاق على أن كلاً من
الطرفين المتعاقدين يتحمل بمصروفات تسجيل العقد الصادر كامبوس إلى شتا ومن شتا إلى
الزيني بنسبة ما يخص كلاً منهما من ثمن الأطيان المبيعة، كما نص على أن شتا قبض من
الزيني مبلغ مائتي جنيه تخصم من الثمن الذي يخصه، وفي 14 من يونيه سنة 1949 وجه
شتا إلى الزيني إنذاراً قال فيه إنه وقع على العقد النهائي مع الشركة البائعة وأن
هذا العقد قد سجل بتاريخ 3 من مايو سنة 1949 وأنه قام بتحرير مشروع عقد نهائي
تنفيذاً لاتفاقهما المؤرخ 26 من نوفمبر سنة 1948 ونبه عليه بالحضور في أسبوع
لاستلام مشروع العقد تمهيداً للتوقيع عليه ودفع باقي الثمن، فرد عليه الزيني -
مورث المطعون عليهم - في 21 من يونيو سنة 1949 بإنذار قال فيه إنه تبين له أن
القطعة الأولى التي مساحتها 18 فداناً و7 قراريط و22 سهماً وهي خير القطع الثلاث
وأكثرها قيمة موضوع دعوى شفعة أخفيت عنه إجراءاتها عند توقيع الاتفاق الذي تم
بينهما في 26 من نوفمبر سنة 1948، ولما كان ثمن الفدان من هذه القطعة هو150 جنيهاً
لذلك فإنه يطلب إليه استبعاد هذه القطعة من الصفقة مع استعداد لأخذها بهذا الثمن
إذا ما استقرت ملكيتها له أي الطاعن، وفي 25 من يونيو سنة 1949 رد عليه الطاعن
بإنذار قال فيه إن احتجاجه بقيام دعوى الشفعة لا يعفيه من دفع الثمن إليه إذ قام
هو بدفعه إلى شركة كامبوس البائعة له هذا على أنه لا صحة لما يدعيه من أن إجراءات
دعوى الشفعة قد أخفيت عنه إذ أن لديه المستندات التي تدل على علمه بها. وانتهى
الطاعن إلى أنه عرض على مورث المطعون عليهم مبلغ المائتي جنيه الذي دفعه على أن
يقر فسخ اتفاق 26 من نوفمبر سنة 1948، ولما لم يستجب مورث المطعون عليهم إلى هذه
الطلبات رفع الطاعن الدعوى رقم 595 سنة 1949 دمنهور طالباً الحكم بفسخ العقد. فرفع
مورث المطعون عليهم الدعوى رقم 645 سنة 1949 كلي دمنهور على الطاعن طالباً الحكم
بصحة ونفاذ عقد 26 من نوفمبر سنة 1948 سالف الذكر بالنسبة إلى 24 ف و20 ط و11 وربع
س مقابل ثمنها بعد خصم ثمن 9 ف و3 ط و23 س بواقع 150 جنيهاً للفدان وجملة الباقي بعد
هذا الخصم هو مبلغ 586 جنيهاً و300 مليم فضمت الدعويان وأحيلتا على محكمة كفر
الشيخ الابتدائية حيث قيدتا برقم 32 سنة 1950 كلي كفر الشيخ، وفي 19 من إبريل سنة
1950 قضى بفسخ العقد وبرفض دعوى إثبات التعاقد، استأنف مورث المطعون عليهم هذا
الحكم وقيد استئنافه برقم 167 سنة 1 ق استئناف طنطا، وفي 13 من نوفمبر سنة 1952
قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد 26 من نوفمبر سنة 1948 بالنسبة إلى 24
ف و20 ط و11 وربع س بثمن مقداره 1044 جنيهاً و509 مليم وبفسخه بالنسبة إلى 9 ف و3
ط و23 س وهو نصيب مورث المطعون عليهم من الأطيان المحكوم بأحقية الشفيع لأخذها
بالشفعة وبإلزام المستأنف عليه الطاعن بالمصروفات عن درجتي التقاضي فطعن الطاعن في
هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته على الدائرة
المدنية لنظره بجلسة 14 من فبراير سنة 1957 وأمام هذه الهيئة صممت النيابة على ما
جاء بمذكرتها طالبة رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على
سببين ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول قصوراً في التسبيب، وقال في
بيان ذلك إن الحكم التفت عن دفاعه وأغفل الرد عليه فقد تمسك أمام محكمة الاستئناف
بدفاعه الذي سبق أن أبداه أمام محكمة أول درجة فأخذت به، ومحصل هذا الدفاع أن مورث
المطعون عليهم قد أخل بالتزاماته التي التزم بها في العقد المؤرخ 26 من نوفمبر سنة
1948 إخلالاً موجباً لفسخه ذلك أنه استند في حبس ثمن الأطيان المبيعة إليه إلى
ظهور الشفيع الذي اتخذ إجراءات الشفعة وإلى أن الطاعن قد أخفى ذلك عنه مع أن
الواقع غير ذلك إذ أنه كان يعلم باتخاذ هذه الإجراءات وأن ولده الأستاذ جميل
الزيني - المطعون عليه الثاني - كان يعلم بها أيضاً، ويقول الطاعن إنه قدم إلى
المحكمة مستنداته المؤيدة لهذا الدفاع فلم تلتفت إليها ولم ترد عليها، كما أنها
أغفلت الرد على دفاعه ثم انتهت إلى رفض دعواه بفسخ العقد فجاء حكمها مشوباً بقصور
يبطله.
وحيث إنه يبين من الحكم
المطعون فيه أنه أقام قضاءه في خصوص ما ينعاه الطاعن بهذا السبب على أنه قد استبان
للمحكمة أن التعاقد الذي تم بين الطاعن أحد الطرفين ومورث المطعون عليهم قد خلا من
تحديد موعد لدفع ثمن الأطيان المبيعة وبالتالي لم يرد به ذكر لشرط صريح ينفسخ
بمقتضاه العقد من تلقاء نفسه بقوة ذلك الشرط في حالة التأخر عن دفع الثمن ثم قال
الحكم "أما الشرط الضمني الفاسخ فلا يلتزم به القاضي بل يخضع لتقديره فله ألا
يحكم بالفسخ وأن يمكن الملتزم من الوفاء بما تعهد به حتى بعد رفع الدعوى عليه بطلب
الفسخ إذا استبان له من ظروف الدعوى وخصوصياتها أن لا مبرر للفسخ... وبما أنه ظاهر
من وقائع الدعوى الحالية أن الزيني - مورث المطعون عليهم - بعد أن طالبه شتا
بإتمام التعاقد لم يبد منه أي تصرف يدل على أنه راغب عن إتمامه، بل أظهر من أول
الأمر تمسكه به وحرصه على تنفيذه ولكنه رأى أن دعوى الشفعة المرفوعة ضد البائع له
قد تخرج إحدى القطع من ملكية البائع فلا يستطيع نقل ملكيتها إليه... وبما أنه قد
تبين من الاطلاع على دعوى الشفعة المرفقة أن شتا - الطاعن - قد أقر فيها بحق
الشفيع وانتهت القضية بحكم قضى بأحقية الشفيع في أخذ القطعة ذات الـ 18 ف فخرجت
هذه الأرض فعلاً من ملكية البائع للزيني وأصبح من المستحيل عليه تنفيذ العقد
المبرم بينهما فيما تختص بهذه القطعة....".
وحيث إنه يبين من ذلك أن
الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه برفض دعوى الفسخ المرفوعة من الطاعن إلى
قاعدة قانونية مقتضاها أن الحكم بالفسخ غير واجب لخلو العقد من شرط صريح ينفسخ
العقد بقوته وأن المحكمة رأت ألا تقضي به استناداً إلى الشرط الضمني الفاسخ لما
قدرته من ظروف الدعوى وخصوصياتها التي بينتها في أسباب حكمها والتي سلفت الإشارة
إليها فلم يكن بالحكم حاجة بعد ذلك إلى التحدث عن دفاع الطاعن ومستنداته التي هدف
بها إلى إثبات علم مورث المطعون عليهم بإجراءات دعوى الشفعة إذ أن هذه المستندات
وذلك الدفاع لم تكن لتغير من النتيجة التي انتهى إليها الحكم استناداً إلى تلك القاعدة
التي لم يوجه إليها الطاعن مطعناً.
وحيث إن السبب الآخر
يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله من أربعة أوجه:
حاصل الوجهين الأول والثاني منها أن الحكم فسر عقد 26 من نوفمبر سنة 1948 على أنه
عقد بيع صادر من الطاعن إلى مورث المطعون عليهم مع أن نصوص هذا العقد تدل على أن
العاقدين قصدا منه إلى أن يكون مورث المطعون عليهم شريكاً في العقد الصادر من
أولاد كامبوس إلى الطاعن بتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1948 وكذلك أخطأ الحكم إذ قرر أن
عقد 26 من نوفمبر سنة 1948 قد خلا من تحديد موعد لدفع الثمن مع أنه قد نص فيه على
أن موعد الدفع هو الموعد المحدد للتوقيع على العقد النهائي الصادر من أولاد كامبوس
إلى الطاعن.
وحيث إن هذا النعي مردود
بما أقام الحكم قضاءه عليه في خصوصه إذ قال: "وبما أن الحكم الابتدائي قد أسس
قضاءه بفسخ العقد ورفض دعوى صحة التعاقد على القول بتقصير الزيني - المشتري - في
أداء الثمن المتفق عليه في الموعد المحدد له، وفي هذا يقول الدفاع عن شتا إن
العلاقة بينه وبين الزيني هي علاقة اشتراك في شراء أرض أولاد كامبوس وأن الثمن كان
يجب أن يدفعه الزيني في الوقت المتفق عليه بين شتا وكامبوس المحدد في عقدهما وهو
وقت التوقيع على العقد النهائي بينهما، أما الدفاع عن الزيني فيقول إنه بعد أن صدر
عقد كامبوس لشتا وحده فقد أصبحت العلاقة بين شتا والزيني هي علاقة بائع ومشتر -
وأصبح العقد المتفق عليه بينهما عقد بيع صريح مستقل عن عقد كامبوس وهو على هذا
النحو ليس فيه اتفاق على تحديد موعد مع الزيني لدفع الثمن.
وبما أن المحكمة ترى
الأخذ بوجهة نظر الدفاع عن الزيني في تكييف العلاقة بينه وبين شتا واعتبارها علاقة
مشتر ببائع على ما جرى عليه القضاء في أحكامه من أنه متى اتفق مشتر أرضاً مع آخر
على أن يتنازل له عن جزء منها نظير سداد ما يقابله من الثمن المدفوع فيعتبر هذا
بيعاً ثانياً وتجرى في شأنه أحكام البيع بالنسبة للعلاقات بين المشتري والمشتري
منه.
وبما أنه ظاهر من الاطلاع
على العقد المحرر بين شتا والزيني بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1948 أنه قد خلا من
الاتفاق على تحديد الثمن ولا يمكن أن يقوم إنذار أحد الطرفين بالتحديد مقام
الاتفاق الذي كان ينبغي أن يتم باتحاد إرادتهما عليه وقت التعاقد".
ويبين من ذلك أن الحكم قد
نهج في تفسير العقد منهجاً قويماً إذ نظر إلى نصوصه وتبين ما انصرفت إليه نية
المتعاقدين وقت التعاقد فانتهى من ذلك إلى وصف صحيح للعقد بأنه بيع خلا من تحديد
موعد لدفع الثمن ثم أنزل عليه حكم القانون الصحيح وهو إذ فعل ذلك لا يكون مخالفاً
للقانون.
وحيث إن حاصل الوجه
الثالث أن الحكم أخطأ إذ قرر أن دعوى الشفعة تعتبر نزاعاً في الملكية مما يترتب
عليه حق المشتري في حبس باقي الثمن تحت يده مع أن دعوى الشفعة لا تعتبر نزاعاً في
الملكية، وهذا النعي في غير محله ذلك أن الحكم لم يرتب النتيجة التي انتهى إليها
على قيام دعوى الشفعة في ذاتها بل استند في ذلك على ما جاء بأسبابه التي سلفت
الإشارة إليها في الرد على السبب الأول من أن مورث المطعون عليهم كان يخشى أن تنزع
القطعة التي مساحتها 18 ف موضوع دعوى الشفعة وهي خير الأطيان المبيعة إليه وأكبرها
قيمة من يده، وقد تحقق ما كان يخشاه إذ أقر الطاعن بحق الشفيع في أخذ هذه القطعة
بالشفعة وقضي بذلك للشفيع فعلاً. ثم رتب الحكم على ذلك أن مورث المطعون عليهم كان
محقاً في حبس الباقي من الثمن عن الطاعن، وهذا الذي قرره الحكم واستند إليه لا
يخالف القانون في شيء ذلك أن المادة 331 من القانوني المدني القديم التي تحكم
واقعة الدعوى تخول المشتري حبس ثمن المبيع إذا ظهر له سبب يخشى منه نزع ملكيته مما
اشتراه، ولو صح القول بأن دعوى الشفعة لا تهدد حق المشتري المشفوع منه لأن حقه في
استرداد ما دفعه من الثمن إلى البائع له مضمون قبل الشفيع فإن هذا القول لا يصح
بالنسبة للمشتري الثاني للعقار الذي لم يختصم في دعوى الشفعة إذ يكون في هذه
الحالة مقطوع الصلة بالشفيع ولا يحق له الرجوع عليه بما عسى أن يكون قد دفعه إلى
البائع له وبالتالي يستهدف حقه للضياع بعد أن يكون العقار المشفوع فيه قد نزعت
ملكيته منه، والحال في خصوصية هذه الدعوى أن إجراءات دعوى الشفعة لم توجه إلى مورث
المطعون عليهم ولم يكن مختصماً فيها ومن ثم فقد كانت مخاوفه التي برر بها حبس
الثمن عن الطاعن تستند إلى سند جدي مبرر لهذا الحبس.
وحيث إن حاصل الوجه
الرابع أن الحكم أخطأ إذ قضى بإلزام الطاعن بمصروفات الدعوى عن درجتي التقاضي مع
أن مورث المطعون عليهم لم يودع خزينة المحكمة المبلغ الذي أودعه إلا ليتفادى الحكم
بالفسخ كان يجب أن يلزم هو بالمصروفات هذا فضلاً عن أن الإيداع كان ناقصاً إذ كان
المبلغ المودع يقل عن حقيقة المستحق في ذمته.
وحيث إن هذا النعي مردود
بأن الطاعن لم يكن محقاً في رفع دعوى الفسخ بعد أن أظهر مورث المطعون عليهم تمسكه
بالعقد وعرض على الطاعن تنفيذه عيناً في الوقت الذي كان فيه هذا التنفيذ ممكناً
على ما جاء بأسباب الحكم المطعون فيه حيث قال "وبما أنه ظاهر من وقائع الدعوى
الحالية أن الزيني مورث - المطعون عليهم - بعد أن طالبه شتا بإتمام التعاقد لم يبد
منه أي تصرف يدل على أنه راغب عن إتمام الصفقة بل أظهر من أول الأمر تمسكه به
وحرصه على تنفيذه". أما ما يقول به الطاعن من أن الإيداع كان ناقصاً فمردود
بأن المبلغ الذي أودعه مورث المطعون عليهم خزينة المحكمة هو كل ما يلتزم بإيداعه
وفقاً للحكم الصادر في دعوى الشفعة، وقد استند الحكم المطعون فيه في إلزام الطاعن
بالمصروفات إلى أنه الخصم المحكوم عليه في الدعوى هو الملزم بمصروفاتها وفقاً
للمادة 357 من قانون المرافعات وليس في ذلك ما يخالف القانون.
وحيث إنه يبين من ذلك أن
الطعن لا يقوم على أساس فيتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق