جلسة 30 نوفمبر سنة 1957
برياسة السيد المستشار
حسن داود، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد عبد الرحمن
يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمود حلمي خاطر، ومحمد
زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت المستشارين.
----------------
(30)
طعن رقم واحد سنة 24 ق
"رجال القضاء"
(أ) اختصاص. تأديب.
صدور
قرار من اللجنة المشار إليها في المادة 51 من قانون استقلال القضاء بتأييد التنبيه
الموجه إلى القاضي من رئيس المحكمة. اختصاص محكمة النقض بنظر الطعن على هذا القرار.
(ب) تأديب.
تغيب القاضي
عن مقر عمله بدون إخطار رئيس المحكمة قبل التغيب. توجيه تنبيه إليه من رئيس
المحكمة استعمالاً لحقه المخول له بالمادة 19 من قانون استقلال القضاء. لا خطأ.
(ج) إجازات.
تغيب القاضي
عن مقر عمله في غير أيام جلساته. صحة احتساب مدة الغياب إجازة اعتيادية. القانون
رقم 210 لسنة 1951.
----------------
1 - متى كانت اللجنة
المشار إليها في المادة 51 من قانون استقلال القضاء رقم 188 لسنة 1952 قد أصدرت
قراراً بتأييد التنبيه الموجه إلى القاضي من رئيس المحكمة فإن محكمة النقض تكون
مختصة بنظر الطعن على هذا القرار لأنه لا جدال في أن ذلك من أخص شئون القضاء التي
تختص محكمة النقض دون غيرها بالنظر فيما يتعلق بها أو ينشأ عنها من منازعات، ولا
يصح القول بأن هذا القرار ليس مما يجوز الطعن فيه تأسيساً على أنه ليس قراراً
تنفيذياً ولا يترتب عليه مركز قانوني للطاعن، ذلك أنه بعد أن أصبح التنبيه نهائياً
بصدور قرار اللجنة بتأييده فقد ترتب على ذلك خلق مركز قانوني جديد للطالب وهو رفع
الدعوى التأديبية عليه إذا ما تكررت المخالفة التي كانت سبباً في التنبيه أو
استمرت ولا سبيل للطاعن للخلاص من هذا المركز القانوني الجديد إلا بطلب إلغائه.
2 - متى كان الثابت أن
القاضي قد تغيب عن مقر عمله قبل أن يخطر رئيس المحكمة قبل التغيب فإن في هذا
مخالفة لما تقضي به المادة 19 من قانون استقلال القضاء رقم 188 لسنة 1952 ويكون
التنبيه الموجه إليه من رئيس المحكمة مستنداً إلى أسباب صحيحة ووقائع ثابتة تخول
رئيس المحكمة استعمال حقه المخول له بمقتضى تلك المادة.
3 - إذا كان رئيس المحكمة
قد أصدر قراراً باحتساب مدة غياب القاضي عن مقر عمله في غير أيام جلساته إجازة
اعتيادية فإن الطعن على هذا القرار يكون على غير أساس لانطباقه على ما تقتضي به
المواد 59 و60 و61 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد
استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما
يبين من الحكم المطعون فيه تتحصل في أن الطالب كان قاضياً بمحكمة الجيزة
الابتدائية في سنة 1949 فحدث بينه وبين المدعى عليه الثالث خلاف بسبب عملهما
المشترك وفي شهر يناير سنة 1953 نقل الطالب إلى محكمة قوص الجزئية التابعة لمحكمة
قنا الابتدائية التي عين المدعى عليه الثالث رئيساً لها في شهر سبتمبر سنة 1953
وفي 31 من أكتوبر من تلك السنة وجه السيد رئيس المحكمة إلى الطالب تنبيهاً بمقتضى
الحق المخول له بمقتضى المادة 19 من القانون رقم 188 سنة 1952 بشأن استقلال القضاء
بناه على ثلاثة أسباب - الأول منها - أنه لم يحضر إلى المحكمة في اليوم التالي
لانتهاء إجازته السنوية التي انتهت في 31 من أغسطس سنة 1953 ولم يعتذر عن عدم
الحضور واستمر غيابه بدون إذن حتى صباح يوم 5 من سبتمبر سنة 1953 - والسبب الثاني
- أنه سافر إلى القاهرة عقب جلسة 21 من سبتمبر سنة 1953 مع أنه كان قد أخطر من قبل
بندبه لحضور جلسة 22 من سبتمبر سنة 1953 مع رئيس المحكمة وقد أبلغ القاضي.....
رئيس المحكمة عند التهيئة لافتتاح هذه الجلسة أنه أي الطالب معتذر عن عدم حضورها
لاضطراره إلى السفر إلى القاهرة ثم استمر غياب الطالب حتى يوم 24 من سبتمبر حيث
بلغ القاضي..... رئيس المحكمة باعتذار الطالب عن عدم حضور جلسات 26 و27 و28 من
سبتمبر بسبب عذر عائلي طارئ، ونظراً لحالة العمل في المحكمة وتغيب عدد كبير من
قضاتها فقد أبرق إليه السيد رئيس المحكمة في نفس اليوم أي 24 من سبتمبر برجاء
العودة لحضور جلساته فوردت رداً على ذلك برقية يقول فيها الطالب إنه مريض ويطلب
إحالته على الكشف الطبي وقد تقرر له إجازة مرضية مدتها ثمانية أيام تنتهي في 13 من
أكتوبر ولكنه أي الطالب استمر في الغياب بدون اعتذار حتى يوم 17 من أكتوبر سنة
1953 - والسبب الثالث - هو أن الطالب غادر قنا عقب جلسة 26 من أكتوبر سنة 1953 قبل
أن يصل اعتذاره عن عدم حضور جلسة كان قد ندب لحضورها وقبل البت في الاعتذار وقبل
الموافقة عليه كتابياً، اعترض الطالب على هذا التنبيه أمام اللجنة المشار إليها في
المادة 51 من القانون رقم 188 لسنة 1952 في شأن استقلال القضاء فقررت اللجنة
بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1953 رفض الاعتراض وتأييد التنبيه وفي 7 من ديسمبر سنة
1953 أصدر رئيس المحكمة - المدعى عليه الثالث - قراراً باحتساب مدة 22 يوماً
تغيبها الطالب في الفقرة بين 26 من أكتوبر و3 من ديسمبر سنة 1953 إجازة اعتيادية،
فطعن الطالب في هذا القرار وفي القرار الصادر بتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1953 بتأييد
التنبيه.
وحيث إن وزارة العدل دفعت
بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الطلب بالنسبة لقرار 10 من ديسمبر سنة 1953 طبقاً
للمادة 23 من قانون نظام القضاء رقم 147 سنة 1949 إذ أن اختصاصها محدد بإلغاء
المراسيم والقرارات المتعلقة بإدارة شئون القضاء وليس منها القرار المطعون فيه إذ
هو قرار غير تنفيذي ولا يترتب عليه مركز قانوني.
وحيث إن هذا الدفع مردود
بأن المادة 51 من القانون رقم 188 لسنة 1952 في شأن استقلال القضاء وردت في الفصل
العاشر منه الخاص بمحاكمة القضاء وتأديبهم ونظمت طريق توجيه التنبيه إلى القاضي من
رئيس المحكمة وطريق الاعتراض عليه وبينت الأثر الذي يترتب عليه فقالت في الفقرة
الأخيرة منها "وفي جميع الأحوال إذا تكررت المخالفة أو استمرت بعد صيرورة
التنبيه نهائياً رفعت الدعوى التأديبية" ولا جدال في أن ذلك من أخص شئون
القضاء التي تختص هذه المحكمة دون غيرها بالنظر فيما يتعلق بها أو ينشأ عنها من
منازعات، وليس صحيحاً في القانون كذلك ما تقول به وزارة العدل من أن هذا القرار
ليس مما يجوز الطعن فيه لأنه ليس قراراً تنفيذياً ولا يترتب عليه مركز قانوني
للطالب، ذلك أنه بعد أن أصبح التنبيه نهائياً بصدور قرار اللجنة بتأييده ترتب على
ذلك خلق مركز قانوني جديد للطالب وهو رفع الدعوى التأديبية عليه إذا ما تكررت
المخالفة التي كانت سبباً في التنبيه أو استمرت، ولا سبيل للطالب إلى الخلاص من
هذا المركز القانوني الجديد لا بطلب إلغائه.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الدفع المقدم من وزارة العدل على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن الطالب ينعى على
القرارين المطعون فيهما إساءة استعمال السلطة وعدم صحة الوقائع التي استند إليها
وأن اللجنة التي نظرت اعتراضه على التنبيه لم تبحث أسباب الاعتراض ولم تتحر صحتها
بوسائل التحقيق ويقول شرحاً لذلك إن رئيس المحكمة لم يصدر هذين القرارين إلا بسبب
الخصومة القائمة بينهما وقد فرق في المعاملة بينه وبين زملائه فلم يأخذ على واحد
منهم مثل ما أخذ عليه واسترسل الطالب في بيان ذلك فقال عن السبب الأول من أسباب
التنبيه إنه لم يعد إلى محكمة قنا على أثر انتهاء إجازته السنوية في 31 أغسطس سنة
1953 لأن جلساته التالية لهذا التاريخ كانت تبدأ في يوم 5 سبتمبر سنة 1953 ولم يكن
له عمل في المحكمة قبل ذلك وأنه كلف زميلاً له هو القاضي.... بإخطار رئيس المحكمة
باضطراره إلى التخلف عن الحضور قبل يوم 5 سبتمبر أما عن الواقعة التي تضمنها السبب
الثاني من أسباب التنبيه وهي أنه سافر إلى القاهرة عقب جلسة 21 سبتمبر سنة 1953
بدون إخطار فرده عليها أن زميله القاضي.... قدم إلى رئيس المحكمة نيابة عنه
إخطاراً كتابياً متضمناً اعتذاره عن عدم حضور جلسة 22 سبتمبر التي كان قد ندب لها
ومتضمناً كذلك قبول زميله القاضي..... حضور تلك الجلسة بدلاً عنه وقد كان سفره إلى
القاهرة اضطراراً بسبب مرضه الذي يشتد عليه أحياناً ويقول الطالب بأن ذلك الاعتذار
يتضمن بداهة الإخطار بالسفر إلى القاهرة وبالتغيب عن المحكمة في الفترة التالية
لتلك الجلسة أما عن اعتذاره عن جلسات 26 و27 و28 سبتمبر سنة 1953 فقد كان بسبب
مرضه فلما رفض رئيس المحكمة قبول هذا الاعتذار اضطر إلى طلب إحالته إلى الكشف
الطبي فتبين منه صحة ذلك وتقررت له إجازة مرضية تنتهي في يوم 14 أكتوبر أما سبب
عدم عودته إلى قنا على أثر انتهائها فكان بسبب أنه لم يكن له عمل بالمحكمة فضلاً
عن أنه كان لا يزال مريضاً، أما عن السبب الثاني من أسباب التنبيه وهو أنه غادر
قنا عقب جلسة 26 أكتوبر التي ندب لها فسببه اشتداد المرض عليه.
وحيث إن دفاع وزارة العدل
في موضوع الطعن يتحصل في أن المخالفات التي سجلها التنبيه مبررة له وأن ما يقول به
الطاعن من أن رئيس المحكمة قد أساء استعمال السلطة المخولة له بمقتضى المادة 19 من
قانون استقلال القضاء سبق أن عرض على اللجنة المشكلة من رئيس محكمة النقض ووكيلها
ورئيس محكمة استئناف القاهرة فلم تعول على اعتراض الطالب.
وحيث إن المادة 19 من
القانون رقم 188 لسنة 1952 في شأن استقلال القضاء تنص في الفقرة الأخيرة منها على
أنه "لا يجوز للقاضي أن يتغيب عن مقر عمله قبل إخطار رئيس المحكمة ولا أن
ينقطع عن عمله لسبب غير مفاجئ قبل أن يرخص له في ذلك كتابة فإذا أخل القاضي بهذا
الواجب نبهه رئيس المحكمة إلى ذلك كتابة وإن استمر في المخالفة وجب رفع الأمر إلى
مجلس التأديب"، ويبين من دفاع الطاعن أنه لا ينكر تخلفه عن العودة إلى مقر
عمله بعد انتهاء إجازته السنوية في 31 أغسطس سنة 1953 وإنما هو يبرر هذا الغياب بعدم
وجود عمل له حتى يوم 5 سبتمبر وأنه كلف زميلاً له بإخطار رئيس المحكمة بغيابه أي
أنه لم يقم بالإخطار قبل التغيب بل كان لاحقاً عليه وكذلك كان الإخطار بالاعتذار
عن عدم حضور جلسة 22 سبتمبر لاحقاً للغياب لا سابقاً عليه، وهو لا ينكر كذلك تخلفه
عن الحضور إلى المحكمة على أثر انتهاء إجازته المرضية دون أن يسبق ذلك إخطار رئيس
المحكمة وفي هذا كله مخالفة لما تقضي به المادة 19 سالفة الذكر.
وحيث إنه يبين من ذلك أن
التنبيه يستند إلى أسباب صحيحة ووقائع ثابتة تخول رئيس المحكمة استعمال حقه المخول
له بمقتضى المادة 19 من القانون رقم 188 سنة 1952 فإن الطعن عليه يكون في غير محله.
وحيث إنه فيما يختص
بالقرار الصادر في 7 ديسمبر سنة 1953 باحتساب مدة الغياب في غير أيام الجلسات خلال
الفترة من 26 أكتوبر و3 ديسمبر سنة 1953 إجازة اعتيادية ومقدارها اثنان وعشرون
يوماً فإن الطعن عليه لا يستند إلى أساس من القانون لانطباقه على ما تقتضي به
المواد 59 و60 و61 من القانون رقم 210 سنة 1951 بشأن موظفي الدولة فيما عدا يوم 26
أكتوبر سنة 1953 إذ الثابت من الأوراق أن الطالب قام بعمله في ذلك اليوم ومن ثم
فيتعين استبعاده من جملة الأيام التي حوسب عنها الطالب واعتبرت إجازة اعتيادية.
وحيث إنه يبين من ذلك أن
الطعن على هذا القرار في غير محله أيضاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق