الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2021

اختلاف الأحكام

 مجلة المحاماة

اختلاف الأحكام

مهما كان القانون صريحًا ومفصلاً فإنه لا يمكن أن ينص على جميع جزئيات القضايا، فلا بد أن يكون هناك مجال للتفسير فمحل للاختلاف في الرأي.
لذلك كانت أحكام المحاكم مكملة للقوانين ولذلك كان اختلاف الأحكام في المسألة الواحدة شرًا على المعاملات لأن لا فرق بين قوانين متباينة وأحكام متناقضة.
من مراجعة أعداد (المحاماة) القليلة التي صدرت إلى الآن وخصوصًا هذا العدد تجد أن المحاكم تكاد تختلف في جميع المسائل التي لم ينص عليها القانون صراحةً.
فخلاف في عرض الثمن في الشفعة - وفي حق الشريك استرداد الحصة الشائعة - وفي الهبة المستورة - وفي اختصاص القضاء في مسائل الري - وفي اكتساب حق المرور بمضي المدة.. وهكذا.
وأحيانًا ترى المحاكم رأيين وتذهب في كل رأي مذهبين بل ثلاثة وقل أربعة فمنها من يقول بوجوب العرض الحقيقي ومنها من لا يقول بذلك ومنها من يقول بوجوب العرض والإيداع معًا ومنها من يقصر الوجوب على الأول دون الثاني ومنها من يقول بضرورة عرض الثمن الوارد بالعقد ومنها من يكتفي بعرض الثمن الصحيح، ومنها من ينكر على الشريك حقه في استرداد الحصة الشائعة بعد قانون الشفعة ومنها من يعطيه هذا الحق مطلقًا ومنها من يعطيه لشريك دون شريك وفي حالات دون أخرى إذا جاءك أحد المتقاضين مستفتيًا في إحدى هذه المسائل الخلافية فماذا يكون جوابك له، لا شك ستجيبه بأنك لا تدري وأنت تدري، وإن أردت أن تكون صريحًا ولا تتحمل تهمة عدم الدراية أجبته بأن حظه في الدعوى معلق على الدائرة التي ستفصل فيها فإن كانت الدائرة الأولى مثلاً فمعنى ذلك خسارة الدعوى وإن كانت الثانية فكسبها، أما إذا حصل تعديل في تشكيل إحدى الدائرتين بتغيير عضو من أعضائها فالله وحده يعلم نتيجة الدعوى لأنك لا تعلم سر مداولاتهم فتعرف رأي كل عضو منهم، وكم رأينا تغييرًا في الأحكام نشأ عن تغيير عضو واحد من هيئة الدائرة الواحدة.
علاج هذه الحالة بسيط جرب قبل الآن فذهب بالداء ألا وهو عرض جميع المسائل الخلافية على هيئة مشكلة من جميع الدوائر المدنية بمحكمة الاستئناف على أن ما تقرره هذه الهيئة يصبح مبدأ مقررًا أو قانونًا معمولاً به.
وضع هذا النظام للقضاء المختلط فنجح نجاحًا تامًا.
نرجو لقضائنا الأهلي نظامًا كهذا يقينا شر الخلاف أو تشكيل محكمة نقض مدنية تقوم مقام هذا النظام حينئذٍ يعلم المتعاقد كيف يحرر عقده ليضمن حقه والمتقاضي كيف يرفع دعواه ليصل إليه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق