الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 28 ديسمبر 2021

الطعن 10872 لسنة 86 ق جلسة 5 / 2 / 2017 مكتب فني 68 ق 17 ص 115

جلسة 5 من فبراير سنة 2017
برئاسة السيد القاضي / سمير مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سعيد فنجري ، سيد الدليل ، أسامة درويش وحمزة إبراهيم نواب رئيس المحكمة .
----------

(17)

الطعن رقم 10872 لسنة 86 القضائية

 (1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(2) سلاح . جريمة " أركانها " .

    جريمة إحراز سلاح ناري بدون ترخيص . تحققها : بمجرد الحيازة المادية للسلاح أياً كانت مدتها أو الباعث عليها . علة ذلك ؟

مثال .

(3) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

عدم تحديد الحكم تاريخ ومحل الواقعة . لا يعيبه . ما دام أنه لا يتصل بحكم القانون فيها ولم يدع الطاعن أن الدعوى الجنائية انقضت بمضي المدة .

محل الواقعة في الحكم الجنائي . لا يعد من البيانات الجوهرية إلا إذا رتب على حدوثه فيه أثراً قانونياً . كفاية إشارته إليه . ما دام الطاعن لم يدفع بعدم اختصاص المحكمة .

ذكر الحكم حدوث الواقعة بمكان مغاير لما حدثت به . لا يعيبه .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

مثال .

(4) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

 النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها . غير مقبول .

مثال .

(5) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟

مثال .

(6) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد ؟

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .          

قرابة شهود الإثبات للمجني عليه . لا تمنع من الأخذ بشهادتهم . حد ذلك ؟

تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

مثال .

(7) إثبات " شهود " . أهلية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

إثارة النعي بعدم قبول شهادة الشاهد لكونه مثل عديم الأهلية لإشهار إفلاسه لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .

الحكم بإشهار الإفلاس . لا يفقد المفلس أهليته . له أهلية التقاضي كاملة دون حجية لما يصدر ضده من أحكام قِبَّل التفليسة . علة ذلك ؟

(8)  إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

تأخر الشاهد في الإبلاغ عن الحادث . لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله . التفات الحكم عن الرد على جدل الطاعن في هذا الشأن . لا يعيبه . حد ذلك ؟

(9) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

إحالة الحكم في إيراد أقوال أحد الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

(10) إثبات " خبرة " " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . سلاح .

تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي . للمحكمة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره . حد ذلك ؟

لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه . طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق .

إثبات الجرائم باختلاف أنواعها بما فيها جريمتي إحراز السلاح الناري والذخيرة . بكافة الطرق القانونية . حد ذلك ؟

عدم وجود دليل فني بالأوراق وعدم ضبط السلاح الناري والذخيرة مع الطاعن . لا يمنع من المساءلة واستحقاق العقاب ولا يقدح في سلامة الحكم . ولو تعذر على الطبيب الشرعي تحديد نوع السلاح . حد ذلك ؟

(11) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .

لمحكمة الموضوع أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . ما دامت معروضة على بساط البحث .

(12) دفوع " الدفع بعدم الاختصاص " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

        إثارة الدفع بعدم اختصاص الضابط محلياً بإجراء التحريات لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول .

(13) عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " . سلاح .

لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بخصوص جريمة العاهة المستديمة . ما دام عاقبه بجريمة إحراز سلاح مششخن باعتبارها الأشد .

(14) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الدفع بنفي الاتهام وتلفيقه . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

(15) إثبات " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . لمحكمة الموضوع الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي ثبتت لديها من باقي الأدلة . عدم التزامها بالرد على الدفاع الموضوعي . حد ذلك ؟

(16) مسئولية جنائية .

عدم ضبط المتهم في جريمة مماثلة وكونه محامياً . لا يعفى من المسئولية الجنائية ولا أثر له على قيام الجريمة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تكفي لما رتبه الحكم عليها ، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته كافٍ لتفهم واقعة الدعوى وظروفها - حسبما تبينتها المحكمة - وتتوافر به الأركان القانونية لجرائم إحراز سلاح ناري مششخن وذخيرته وإحداث عاهة مستديمة التي دان الطاعن بها ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور لا يكون مقبولاً .

2- لما كان قضاء هذه المحكمة ( محكمة النقض ) مستقراً على أنه يكفى لتحقق جريمة حيازة سلاح ناري بدون ترخيص مجرد الحيازة المادية طالت أم قصرت وأياً كان الباعث عليها ولو كان الأمر عارض أو طارئ لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذى يتحقق بمجرد إحراز أو حيازة السلاح الناري بدون ترخيص عن علم وإدراك ، وإذ كان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أن الطاعن أحرز سلاحاً نارياً وذخيرة وأطلق به أعيرة نارية ، فإن ما أورده الحكم يكون كافياً للدلالة على قيام جريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة التي دان الطاعن بهما بأركانهما القانونية ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .

3- من المقرر أنه لا يعيب الحكم عدم تحديده تاريخ ومحل الواقعة ما دام لا يتصل هذا التاريخ بحكم القانون فيها ولم يدع الطاعن أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة ، كما أن محل الواقعة في الحكم الجنائي لا يعتبر من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً بأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً ، أما في غير ذلك فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة الإشارة إليه ما دام أن الطاعن لم يدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظرها ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على المنازعة في مكان الحادث وميقات إصابة المجني عليه واطرحه في قوله : ( وحيث إنه عن قول الدفاع أنه ينازع في مكان وميقات إصابة المجني عليه ، وأن إصابته حدثت من أشخاص آخرين فإن هذا القول محض تشكيك وتجريح في أدلة الدعوى التي اطمأنت إليها المحكمة على مقارفة المتهمين الجرم المسند إليهم على النحو الآنف بيانه من أقوال المجني عليه وشهود الإثبات ، والتي تعززت بتحريات الشرطة ، وتأكدت بما كشف عنه تقرير الطب الشرعي بشأن وصف إصابة المجنى عليه وتاريخ حدوثها بما له أصل ثابت من الأوراق بما لا تناقض فيه ، فإنه لا يكون ثمة محل لما يثيره دفاع المتهم في هذا الشأن ) فإن ما رد به الحكم يسوغ اطراح دفاع الطاعن في هذا الخصوص ، ولا يعـدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون جدلاً موضوعياً قصد به التشكيك في أدلة الدعوى التي اطمأنت إليها المحكمة ووثقت بها ، كما أنه لا يعيب الحكم أنه ذكر أن الواقعة حدثت بناحية .... في حين أنها وقعت بناحية .... – بفرض صحة ذلك – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل .

4- لما كان المدافع عن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأن مكان وزمان الواقعة على النحو الذى جاء بأسباب الطعن ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، ويكون منعاه غير مقبول .

5- من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة حاصلها أن الطاعن أحرز سلاحاً نارياً مششخناً وذخيرته بغير ترخيص وأحدث عاهة مستديمة ودانه بتلك الجرائم وساق أدلة الثبوت التي استمدها من أقوال شهود الإثبات والتي تأيدت بتحريات الشرطة وأقوال مجريها بالتحقيقات وكان لا تناقض بين ما خلص إليه من إدانة الطاعن بتلك الجرائم وبين ما انتهى إليه من براءته من جريمة استعراض القوة ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً .

6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ولها كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض عليها ، وكانت قرابة شهود الإثبات للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بشهادتهم متى اقتنعت المحكمة بصدقها ، وكان التناقض في أقوال الشهود – بفرض حصوله – لا يعيب الحكـم ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وحصلت أقوالهم بغير تناقض ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة وعدم معقولية تصوير شهود الإثبات لها وتلفيق الاتهام له إنما يكون عودة إلى الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يبين أوجه التناقض في أقوال المجنى عليه في محضر الضبط عما جاء بأقواله بتحقيقات النيابة العامة ولا أوجه التناقض بين ما جاء بأقواله وبين ما جاء بأقوال باقي شهود الإثبات ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، فإن ما يثيره الطاعن في كل هذا يكون غير مقبول .

7- لما كان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن الشاهد لا تقبل شهادته لكونه مثل عديم الأهلية لإشهار إفلاسه ، فليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن الحكم بإشهار الإفلاس لا يفقد المفلس أهليته بل تظل له أهلية التقاضي كاملة ، فله أن يقاضي الغير وللغير أن يقاضيه وذلك كله باسمه شخصياً ، وإنما لا يكون للأحكام التي تصدر في هذه الدعاوى أية حجية قبل التفليسة حتى لا يضار مجموع الدائنين بحكم لم يصدر في مواجهة وكيلهم ، ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص يكون في غير محله .

8- لما كان تأخير الشاهد في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته ، وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولا على المحكمة إذ التفتت عن الرد عليه ، فإن منعاه يكون غير سديد .

9- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال أحد الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة فيما استند إليه الحكم منها – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يبين أوجه الاختلاف في الشهادة بينهم ، وكان من المقرر كما سبق القول أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محـله .

10- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، ولها أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها ، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثنى بنص خاص – جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال ، وأن جريمتي إحراز السلاح الناري والذخيرة التي دين الطاعن بها لا يشملها استثناء فإنه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات ، فإن المحكمة حين أقامت قضاءها على ما استخلصته واطمأنت إليه من شهادة الشهود لا تكون قد خالفت القانون في شيء لأن القانــون لم يستثن هذه الجريمة ويقيدها بنوع خاص من الأدلة ومن ثم تصح المساءلة والعقاب ولو لم يكن هناك دليل فنى بالأوراق ما دام القاضي قد اقتنع من الأدلة التي أوردها أن المتهم كان يحرز أسلحة نارية وأنها كانت من النوع المعين في القانون ، كما لا يقدح في سلامة الحكم عدم ضبط السلاح الناري والذخيرة مع الطاعن ما دامت المحكمة قد اقتنعت من الأدلة التي أوردتها أنه كان محرزاً للسلاح الناري وذخيرته ولو تعذر على الطبيب الشرعي تحديد نوع السلاح ما دام قد أجاز حدوث إصابة المجنى عليه من سلاح ناري ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .

11- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سليم .

12- لما كان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً عن أن الضابط / .... غير مختص محلياً بإجراء التحريات في تاريخ الواقعة ، وكان القيام بالتحريات إجراء سابق على المحاكمة ، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام لم يدفع به أمام محكمة الموضوع .

 13- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد دان الطاعن بجرائم إحراز سلاح ناري مششخن وذخائر بغير ترخيص وإحداث عاهة مستديمة ، واعتبر تلك الجرائم الثلاث مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة ، وأوقع على الطاعن عقوبة الجريمة الأشد وهى جريمة إحراز سلاح ناري مششخن بغير ترخيص تطبيقاً للمادة 32/2 من قانون العقوبات فإنه لا تكون للطاعن مصلحة فيما يثيره بشأن جريمة إحداث العاهة المستديمة ، ويكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول.

14- لما كان النعي بشأن التفات المحكمة عن دفاعه بنفي الاتهام وتلفيقه وعدم وجود أدلة على إحرازه للسلاح والذخيرة وأن مرتكب الواقعة أشخاص آخرون ، وانتفاء صلته بالواقعة مردوداً بأن كل ذلك من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فضلاً عن ذلك فإن الحكم قد عرض لدفاع ودفوع الطاعن هذه واطرحها برد سائغ ، فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون غير سديد .

15- من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إذ هي لم تأبه لقالة الطاعن بوجوده في المستشفى يوم الحادث ولم ترد على شهادة المستشفى المقدمة بالجلسة إثباتاً لدفاع الطاعن لأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فلمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمـية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي ثبتت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وهى غير ملزمة – من بعد – بالرد صراحة على دفاع المتهم الموضوعي ما دام الرد عليه مستفاداً ضمناً من قضائها بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ، ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله .

16- من المقرر أن كون المتهم محامياً ، ولم يسبق ضبطه في جريمة مماثلة – بفرض ثبوته – لا يعفى من المسئولية الجنائية ، ولا أثر له على قيام الجريمة ، فلا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم :-

أولا ً: استعرضوا ومجهول القوة واستخدموا العنف ضد المجنى عليهم / .... و.... و.... قاصدين ترويعهم وتخويفهم والتأثير على إرادتهم لفرض السطو والجباية على أموالهم ، بأن اعترضوا ومجهولون طريق سيرهم بالدراجات النارية ، وأشهر أولهم بوجوههم سلاحه الناري تالي الوصف ملوحاً به ، وكان من شأن ذلك إلقاء الرعب في نفوس المجنى عليهم وتكدير طمأنينتهم وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر ، وقد وقعت بناء على ارتكاب تلك الجريمة جناية إحداث عاهة مستديمة ، وهى أن المتهمين في ذات الزمان والمكان ضربوا / .... عمداً إثر رفضه أفعال المتهمين المضمنة بالاتهام الأول ووقوفه لهم كشيم الرجال ، فكبر ذلك على أولهم وأثار حفيظته ، فأطلق صوب المجني عليه عياراً نارياً من سلاحه تالي الوصف حال وقوف بقيه المتهمين على مسرح الواقعة للشد من أزره ، فأحدثوا إصابته الثابتة بتقرير الطب الشرعي المرفق بالأوراق والتي خلفت لديه عاهة مستديمة يستحيل برؤها ، وذلك على النحو المبين بالأوراق .

    ثانياً : أحرز بدون ترخيص سلاحاً نارياً مششخن الماسورة ( مسدس ) .

   ثالثاً : أحرز ذخيرة ( طلقة ) استعملها على السلاح الناري آنف البيان دون أن يكون مرخصاً له في حيازتها أو إحرازها .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الورادين بأمر الإحالة .

   ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمادتين 39 ، 240/1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/6،1 ، 26/4،2 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والبند " أ " من القسم الأول من الجدول رقم ( 3 ) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 ، مع تطبيق المادة 32 وإعمال المادة 17 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة وتغريمه مبلغ ألف جنيه عما أسند إليه .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحراز سلاح ناري مششخن " مسدس " وذخيرته بغير ترخيص وإحداث عاهة مستديمة ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ، ودانه رغم انتفاء أركان الجرائم المسندة إليه وعدم توافرها في حقه ، والتفت الحكم عن دفاعه بأن الواقعة لم تحدث في الزمان والمكان اللذين جاء بأقوال شهود الإثبات ولا بالكيفية التي رووها ، وأن للواقعة صورة أخرى هي الصورة الثابتة بالقضية رقم .... وأن مرتكب الواقعة أشخاص آخرون وهم الذين أحدثوا إصابات المجني عليه وأن مكان حدوث الواقعة قسم .... وليس قسم .... ، كما جاء بالتحريات التي أجراها معاون مباحث قسم .... والذى أثبت بها عدم توصله لصحة الواقعة لكونها خارج اختصاصه ، وأما التحريات التي أجراها الضابط .... فإنها تحريات غير صحيحة لأنه لم يكن يعمل بدائرة قسم .... في ذلك التوقيت ، وقعدت المحكمة عن إجراء تحقيق في هذا الشأن ، وأورد الحكم أن الواقعة حدثت بمنطقة .... على خلاف الحقيقة ، واطرح الحكم أدلة الثبوت عند قضائه ببراءة الطاعن في جريمة استعراض القوة ثم عول عليها عند إدانة الطاعن بجرائم إحداث العاهة وإحراز السلاح والذخيرة مما يعد تناقضاً في الحكم ، وعول الحكم على أقوال المجنى عليه رغم كذبها ومجافاتها للحقيقة والواقع وذلك لأن الواقعة حدثت في حوض .... بدائرة .... ولم تحدث بدائرة .... كما جاء بأقواله ، ولنفيه الصلة بينه وبين الطاعن رغم وجود صلة مصاهرة بينهما ، وأنه سبق له أن انتحل صفة طبيب صيدلي رغم أنه ليس كذلك وأنه اعتاد على الاحتيال والنصب وأن الاتهام كيدي وملفق من المجني عليه لأن الطاعن محام ورفع عدة قضايا ضده ، هذا فضلاً عن تناقض أقواله بمحضر الضبط عنها بتحقيقات النيابة العامة ، كما تناقضت أقواله مع باقي شهود الإثبات التي استند الحكم إليها رغم القرابة التي بينهم والمجني عليه ، وأن المجني عليه أشهر إفلاسه مما يجعل شهادته مجروحة وغير مقبولة ، كما أنه تراخى في الإبلاغ عن الواقعة ، وأحال الحكم في شهادة كل من الشاهدين الثاني والثالث إلى شهادة الشاهد الأول رغم اختلافهم فيها ، واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى تقرير الطب الشرعي رغم قصوره حيث أورى أن إصابة المجني عليه من مقذوف ناري ولم يبين نوع السلاح الذى أطلق منه المقذوف ، ودانه الحكم بإحراز سلاح ناري مششخن رغم خلو التقرير الفني من بيان نوعه وما إذا كان مششخـناً أو غير مششخن ورغم عدم ضبط السلاح المستخدم في الحادث وعدم فحصه فنياً مستنداً في إدانته إلى أقوال شهود الإثبات ، وكان يتعين على المحكمة إدانته بالقدر المتيقن منه وهو أن السلاح غير مششخن ، وجاءت تحريات المباحث مكتبية صادرة من غير مختص لأن محررها كان يعمل بدائرة .... وقت الحادث ، وأنها يشوبها البطلان والمجاملة ، والتفت الحكم عن دفاعه بأنه لم يحدث إصابة المجني عليه وانتفاء صلته بالواقعة وأنه كان بمستشفى .... العام وقت الواقعة بدلالة المستندات المقدمة في هذا الشأن ، وأن الاتهام كيدي وملفق وأن آخرين هم مرتكبي الواقعة وأن أوراق الدعوى خلت مما يفيد إحرازه للسلاح والذخيرة ، بيد أن المحكمة لم تعرض لدفاعه ومستنداته بالإيراد والرد ، وأخيراً فإنه يعمل محامياً ولم يسبق اتهامه في قضايا مماثلة ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

    من حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تكفي لما رتبه الحكم عليها ، وكان ما أثبته الحكم في مدوناته كافٍ لتفهم واقعة الدعوى وظروفها - حسبما تبينتها المحكمة - وتتوافر به الأركان القانونية لجرائم إحراز سلاح ناري مششخن وذخيرته وإحداث عاهة مستديمة التي دان الطاعن بها ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة ( محكمة النقض ) مستقراً على أنه يكفى لتحقق جريمة حيازة سلاح ناري بدون ترخيص مجرد الحيازة المادية طالت أم قصرت وأياً كان الباعث عليها ولو كان الأمر عارض أو طارئ لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذى يتحقق بمجرد إحراز أو حيازة السلاح الناري بدون ترخيص عن علم وإدراك ، وإذ كان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أن الطاعن أحرز سلاحاً نارياً وذخيرة وأطلق به أعيرة نارية ، فإن ما أورده الحكم يكون كافياً للدلالة على قيام جريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة التي دان الطاعن بهما بأركانهما القانونية ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم عدم تحديده تاريخ ومحل الواقعة ما دام لا يتصل هذا التاريخ بحكم القانون فيها ولم يدع الطاعن أن الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة ، كما أن محل الواقعة في الحكم الجنائي لا يعتبر من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً بأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً ، أما في غير ذلك فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة الإشارة إليه ما دام أن الطاعن لم يدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظرها ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على المنازعة في مكان الحادث وميقات إصابة المجني عليه واطرحه في قوله : ( وحيث إنه عن قول الدفاع أنه ينازع في مكان وميقات إصابة المجني عليه ، وأن إصابته حدثت من أشخاص آخرين فإن هذا القول محض تشكيك وتجريح في أدلة الدعوى التي اطمأنت إليها المحكمة على مقارفة المتهمين الجرم المسند إليهم على النحو الآنف بيانه من أقوال المجني عليه وشهود الإثبات ، والتي تعززت بتحريات الشرطة ، وتأكدت بما كشف عنه تقرير الطب الشرعي بشأن وصف إصابة المجنى عليه وتاريخ حدوثها بما له أصل ثابت من الأوراق بما لا تناقض فيه ، فإنه لا يكون ثمة محل لما يثيره دفاع المتهم في هذا الشأن ) فإن ما رد به الحكم يسوغ اطراح دفاع الطاعن في هذا الخصوص ، ولا يعـدو ما يثيره الطاعن في هذا الشأن أن يكون جدلاً موضوعياً قصد به التشكيك في أدلة الدعوى التي اطمأنت إليها المحكمة ووثقت بها ، كما أنه لا يعيب الحكم أنه ذكر أن الواقعة حدثت بناحية .... في حين أنها وقعت بناحية .... – بفرض صحة ذلك – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان المدافع عن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأن مكان وزمان الواقعة على النحو الذى جاء بأسباب الطعن ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ، ويكون منعاه غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة حاصلها أن الطاعن أحرز سلاحاً نارياً مششخناً وذخيرته بغير ترخيص وأحدث عاهة مستديمة ودانه بتلك الجرائم وساق أدلة الثبوت التي استمدها من أقوال شهود الإثبات والتي تأيدت بتحريات الشرطة وأقوال مجريها بالتحقيقات وكان لا تناقض بين ما خلص إليه من إدانة الطاعن بتلك الجرائم وبين ما انتهى إليه من براءته من جريمة استعراض القوة ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ولها كامل الحرية في تكوين عقيدتها مما ترتاح إليه من أقوال الشهود ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض عليها ، وكانت قرابة شهود الإثبات للمجني عليه لا تمنع من الأخذ بشهادتهم متى اقتنعت المحكمة بصدقها ، وكان التناقض في أقوال الشهود – بفرض حصوله – لا يعيب الحكـم ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة وحصلت أقوالهم بغير تناقض ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة وعدم معقولية تصوير شهود الإثبات لها وتلفيق الاتهام له إنما يكون عودة إلى الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يبين أوجه التناقض في أقوال المجنى عليه في محضر الضبط عما جاء بأقواله بتحقيقات النيابة العامة ولا أوجه التناقض بين ما جاء بأقواله وبين ما جاء بأقوال باقي شهود الإثبات ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، فإن ما يثيره الطاعن في كل هذا يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن الشاهد لا تقبل شهادته لكونه مثل عديم الأهلية لإشهار إفلاسه ، فليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن الحكم بإشهار الإفلاس لا يفقد المفلس أهليته بل تظل له أهلية التقاضي كاملة ، فله أن يقاضي الغير وللغير أن يقاضيه وذلك كله باسمه شخصياً ، وإنما لا يكون للأحكام التي تصدر في هذه الدعاوى أية حجية قبل التفليسة حتى لا يضار مجموع الدائنين بحكم لم يصدر في مواجهة وكيلهم ، ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان تأخير الشاهد في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته ، وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع ، وكل جدل يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولا على المحكمة إذ التفتت عن الرد عليه ، فإن منعاه يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال أحد الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة فيما استند إليه الحكم منها – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يبين أوجه الاختلاف في الشهادة بينهم ، وكان من المقرر كما سبق القول أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محـله . لما كان ذلك ، وكان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، ولها أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها ، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها - إلا ما استثنى بنص خاص – جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال ، وأن جريمتي إحراز السلاح الناري والذخيرة التي دين الطاعن بها لا يشملها استثناء فإنه يجرى عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات ، فإن المحكمة حين أقامت قضاءها على ما استخلصته واطمأنت إليه من شهادة الشهود لا تكون قد خالفت القانون في شيء لأن القانــون لم يستثن هذه الجريمة ويقيدها بنوع خاص من الأدلة ومن ثم تصح المساءلة والعقاب ولو لم يكن هناك دليل فنى بالأوراق ما دام القاضي قد اقتنع من الأدلة التي أوردها أن المتهم كان يحرز أسلحة نارية وأنها كانت من النوع المعين في القانون ، كما لا يقدح في سلامة الحكم عدم ضبط السلاح الناري والذخيرة مع الطاعن ما دامت المحكمة قد اقتنعت من الأدلة التي أوردتها أنه كان محرزاً للسلاح الناري وذخيرته ولو تعذر على الطبيب الشرعي تحديد نوع السلاح ما دام قد أجاز حدوث إصابة المجنى عليه من سلاح ناري ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سليم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً عن أن الضابط / .... غير مختص محلياً بإجراء التحريات في تاريخ الواقعة ، وكان القيام بالتحريات إجراء سابق على المحاكمة ، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام لم يدفع به أمام محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد دان الطاعن بجرائم إحراز سلاح ناري مششخن وذخائر بغير ترخيص وإحداث عاهة مستديمة ، واعتبر تلك الجرائم الثلاث مرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة ، وأوقع على الطاعن عقوبة الجريمة الأشد وهى جريمة إحراز سلاح ناري مششخن بغير ترخيص تطبيقاً للمادة 32/2 من قانون العقوبات فإنه لا تكون للطاعن مصلحة فيما يثيره بشأن جريمة إحداث العاهة المستديمة ، ويكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان النعي بشأن التفات المحكمة عن دفاعه بنفي الاتهام وتلفيقه وعدم وجود أدلة على إحرازه للسلاح والذخيرة وأن مرتكب الواقعة أشخاص آخرون ، وانتفاء صلته بالواقعة مردوداً بأن كل ذلك من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، فضلاً عن ذلك فإن الحكم قد عرض لدفاع ودفوع الطاعن هذه واطرحها برد سائغ ، فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون غير سديد ، وكان من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إذ هي لم تأبه لقالة الطاعن بوجوده في المستشفى يوم الحادث ولم ترد على شهادة المستشفى المقدمة بالجلسة إثباتاً لدفاع الطاعن لأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فلمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمـية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي ثبتت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وهى غير ملزمة – من بعد – بالرد صراحة على دفاع المتهم الموضوعي ما دام الرد عليه مستفاداً ضمناً من قضائها بإدانته استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها في حكمها ، ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن كون المتهم محامياً ، ولم يسبق ضبطه في جريمة مماثلة – بفرض ثبوته – لا يعفى من المسئولية الجنائية ، ولا أثر له على قيام الجريمة ، فلا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق