الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 25 ديسمبر 2021

الطعن 651 لسنة 25 ق جلسة 2 / 3 / 1961 مكتب فني 12 ج 1 ق 24 ص 194

جلسة 2 من مارس سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: عبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، وأحمد زكي محمد المستشارين.

-------------------

(24)
الطعن رقم 651 لسنة 25 القضائية

تنظيم "قرار الهدم لأيلولة البناء للسقوط". مسئولية "المسئولية التقصيرية".
مجرد صدور قرار من مصلحة التنظيم بهدم بناء لأيلولته للسقوط لا يلزم مالكه بهدمه. حقه في المنازعة في صحته أمام المحكمة المختصة حتى إذا ما صدر حكم بالهدم قام بتنفيذه وإلا صار تنفيذه جبراً على نفقته. المادتان 10 و14 من دكريتو 26/ 8/ 1889 معدل بالقانون 118/ 1948.

----------------
يبين من المادة العاشرة من دكريتو 26 من أغسطس سنة 1889 بخصوص أحكام مصلحة التنظيم والمادة الرابعة عشر منه المعدلتين بالقانون رقم 118 لسنة 1948 وما أفصحت عنه مذكرته التفسيرية أن مالك البناء الذي يصدر من السلطة القائمة على أعمال التنظيم قرار بهدم بنائه على اعتبار أنه آيل للسقوط لا يلزم بهدمه لمجرد صدور هذا القرار لأن هذا يتنافى مع حقه في الدفاع عن ملكه بالمنازعة في صحة هذا القرار أمام القضاء حتى إذا ما صدر من المحكمة المختصة حكم بالهدم قام بتنفيذ وإلا صار تنفيذه جبراً على نفقته - والقول بالتزام المالك باتخاذ التدابير الاحتياطية لمجرد صدور القرار ينطوي على تسليم بصحته وأيلولة البناء للسقوط. فإذا كان الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعنة بطلب نفقات التدابير التي اتخذتها لتدرأ بها عاقبة انهيار منزل المطعون عليها قد أقام قضاءه على هذا النظر وعلى أن حالة البناء لم تكن تقتضي اتخاذ هذه التدابير، وكان مؤدى ما تقدم نفي المسئولية التقصيرية عن المطعون عليها - فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون يكون في غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية.
من حيث إن وقائع النزاع - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1085 سنة 1952 كلي الإسكندرية الابتدائية طالباً إلزام المطعون عليها بمبلغ 309 ج و602 م وقال شرحاً لدعواه إن مهندس التنظيم قرر في 15 من سبتمبر سنة 1946 هدم منزل المطعون عليها حتى سطح الأرض وأن مجلس التنظيم وافق على ذلك بقراره الصادر في 29 من سبتمبر سنة 1946 وأنها تسلمت صورة هذا القرار في 9 من ديسمبر سنة 1946 ولم تقم بالهدم. وأقيمت ضدها الدعوى العمومية التي حكم فيها نهائياً في الدعوى رقم 1790 سنة 1947 مخالفات مستأنفة الإسكندرية بالغرامة والهدم ونفذ هذا الحكم في أول سبتمبر سنة 1948 وأن مهندس التنظيم رأى أن المالكة لم تتخذ أي احتياط تدرأ به ما عساه أن يحدث لأفراد الجمهور فأقام في يوم تحرير محضره - 15 من سبتمبر سنة 1946 - حواجز حول العقار وعين خفيرين يتناوبان الحراسة ليلاً ونهاراً. وقد بلغت تكاليف هذه التدابير في المدة من 15 من سبتمبر سنة 1946 لغاية أول سبتمبر سنة 1948 المبلغ المطالب به. وبتاريخ 24 من فبراير سنة 1954 قضت المحكمة برفض الدعوى وأقامت قضاءها على أن تكييف الدعوى لا يخرج عن أحد سببين أحدهما الفضالة والآخر الإثراء بلا سبب. وكل من السببين غير متوافر الأركان. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 194 سنة 10 ق استئناف إسكندرية وركن في ذلك إلى المادتين 10 و14 من الدكريتو الصادر في 26 من أغسطس سنة 1889 بخصوص أحكام التنظيم والمعدلتين بالقانون رقم 118 سنة 1948. وبتاريخ 23 من أكتوبر سنة 1955 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف - وأسست قضاءها على أن القانون رتب على مخالفة تنفيذ قرار الهدم جزاء يتمثل في الغرامة والهدم. وأن النصوص القديمة والمستحدثة لم تلق على عاتق مالك البناء نفقات ما تقوم به السلطة من احتياطات وتدابير أن في تحميله إياها مصادرة لحق دفاعه عن نفسه. وأن دعوى الفضالة لا تساند المستأنف لأن ضرراً لم يلحق الغير من البناء. وإن بقاء البناء قائماً زهاء سنتين إلى أن أزيل تنفيذاً للحكم الجنائي يشير إلى أن تلك التدابير قد اتخذت تحت تأثير المبالغة في التقدير. وبتاريخ 14 من ديسمبر سنة 1955 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 27 من أبريل سنة 1960 وصمم الطاعن على ما جاء بتقرير الطعن وطلبت النيابة رفضه استناداً إلى ما جاء بمذكرتها. وصدر قرار بإحالة الطعن إلى هذه الدائرة. وبتاريخ 17 من مايو سنة 1960 أودع وكيل الطاعن صورة من تقرير الطعن مؤشراً عليها بقرار الإحالة ومعلنة للمطعون عليها في يوم 7 من مايو سنة 1960 كما أودع مذكرة شارحة، وأخيراً نظر الطعن بجلسة 9 من فبراير سنة 1961 حيث ترافع وكيل الطاعن وتمسك بطلباته وصممت النيابة على رأيها.
ومن حيث إن الطعن أقيم على سبب وحيد حاصلة أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه على أن الأمر العالي الصادر في سنة 1889 بخصوص أحكام التنظيم والمعدل بالقانون رقم 118 سنة 1948 لا يحمل مالك البناء تبعات ما عسى أن تتخذه الإدارة من تدابير أو احتياطات تدرأ بها عاقبة انهيار منزل المطعون عليها. وأنه لا يجدي الطاعن في الرجوع على المطعون عليها بنفقات التدابير التي اتخذتها الاستناد إلى أحكام الفضالة أو أحكام الإثراء على حساب الغير لعدم توافر شروطها. وإن هذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه لا يتفق مع التكييف الصحيح المستمد من واقعة الدعوى ذلك أن سند الدعوى يقوم على المسئولية التقصيرية التي توافرت أركانها في حق المطعون عليها. فالخطأ من جانبها ماثل في إخلالها بالتزام قانوني يقتضيها أن تتخذ في صيانة منزلها الحيطة والتبصر المفروضين في الشخص العادي وإذ قعدت عن ذلك تكون قد أخطأت فسببت ضرراً الحق البلدية يتمثل في إرهاقها بتحميلها نفقات التدابير التي ما كانت لتتحملها لو أن المطعون عليها قد نفذت التزامها. ولما كان واجب قاضي الدعوى استخلاص الواقع فيها وإنزال حكم القانون عليه غير مقيد في ذلك برأي الخصوم وكان الحكم المطعون فيه لم يرد الدعوى إلى سندها الصحيح فإنه يكون مخالفاً للقانون.

ومن حيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة العاشرة من الدكريتو الصادر بتاريخ 26 أغسطس سنة 1889 بخصوص أحكام مصلحة التنظيم نصت على أن "كل بناء يتراءى لمصلحة التنظيم لزوم ترميمه حرصاً على الأمن العام أو نظراً لكونه آيلاً للسقوط ينبغي ترميمه أو هدمه في الميعاد الذي تحدده مع لذلك المصلحة المذكورة" ونصت المادة الرابعة عشر على أن "من يخالف المادة العاشرة يعاقب العقوبات المقررة في المادة 341 من قانون العقوبات الأهلي ذلك فضلاً عن هدم البناء" وقد عدلت هاتان المادتان بالقانون رقم 118 سنة 1948 فجرى نص المادة العاشرة على أن "كل بناءً سواء أكان واقعاً على حافة طريق عام أو خاص أم على غير حافة الطريق تقرر السلطة القائمة على أعمال التنظيم ضرورة ترميمه أو هدمه محافظة على الأمن العام أو على سلامة السكان لكونه آيلاً للسقوط يجب ترميمه أو هدمه خلال المدة التي تعينها لذلك السلطة المذكورة. ويجوز لهذه السلطة في أحوال الخطر الداهم إخلاء البناء إدارياً من السكان واتخاذ ما تراه لازماً من الاحتياطات والتدابير في مدة لا تقل عن أسبوع إلا في حالة تهديد البناء بالانهيار العاجل فيكون لها الحق في القيام بإخلائه فوراً وعليها أن تعلن أولي الشأن بالحضور أمام المحكمة لتحكم بصفة مستعجلة بالهدم بعد سماع أقوال الخصوم وعمل المعاينات والتحقيقات المستعجلة التي ترى ضرورة لها" ونصت المادة 14 معدلة على أن "كل مخالفة لأحكام المادة العاشرة يعاقب عليها بالحبس لمدة لا تزيد على أسبوع وبغرامة لا تتجاوز مائة قرش أو بإحدى هاتين العقوبتين فضلاً عن الحكم بترميم المباني أو هدمها. فإذا لم يقم المالك بتنفيذ الحكم الصادر بالترميم أو الهدم جاز السلطة القائمة على أعمال التنظيم إجراء هذه الأعمال على نفقته" وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون "إنه من التعسف أن يحرم المالك بنص تشريعي من الالتجاء إلى القضاء لمناقشة السلطة القائمة على أعمال التنظيم الحساب عما أجرته في ملكه من أعمال... لاسيما وأن ذلك متعلق بحق الملكية الذي قدسه الدستور... وما دامت الضرورة تقدر بقدرها وكل ما هو مطلوب في أحوال الخطر العاجل هو درؤه عن السكان والمارة رؤى الاكتفاء بتخويل السلطة القائمة على أعمال التنظيم في مثل هذه الأحوال الحق في إخلاء العقار إدارياً من ساكنيه واتخاذ ما تراه من تدابير واحتياطات للمحافظة على الأمن العام".
ويبين من هذه النصوص وما أفصحت عنه المذكرة التفسيرية أن مالك البناء الذي يصدر من السلطة القائمة على التنظيم قرار بهدم بنائه على اعتبار أنه آيل للسقوط لا يلزم بهدمه لمجرد صدور القرار. لأن هذا يتنافى مع حقه في الدفاع عن ملكه بالمنازعة في صحة هذا القرار أمام القضاء حتى إذا ما صدر من المحكمة المختصة حكم بالهدم قام بتنفيذه وإلا صار تنفيذه جبراً على نفقته والقول بالتزام المالك باتخاذ التدابير الاحتياطية لمجرد صدور القرار ينطوي على تسليم بصحة القرار وبأيلولة البناء للسقوط. وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على هذا النظر وعلى أن حالة البناء لم تكن تقتضي اتخاذ هذه التدابير بقوله "إن بقاء المنزل قائماً زهاء سنتين ابتداءً من تاريخ قرار الهدم إلى أن أزيل تنفيذاً للحكم الجنائي يشير إلى أن تلك التدابير قد اتخذت تحت تأثير المبالغة في التقدير" ومؤدى ما تقدم نفى المسئولية التقصيرية عن المطعون عليها.
وحيث إنه لما تقدم يكون النعي في غير محله ويتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق