باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من ديسمبر سنة 2021م،
الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1443 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار
والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد
الرزاز نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس
هيئة المفوضين وحضور السيد / محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 78 لسنة 40
قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بطنطا، بحكمها
الصادر بجلسة 22/ 1/ 2018، ملف الدعوى رقم 11710 لسنة 21 قضائية.
المقامة من
أحمد أبو العزم أبو المعاطي يونس
ضد
1- وزير الداخلية 2- مساعد الوزير لشئون المجالس الطبية لهيئة الشرطة
بوزارة الداخلية - رئيس المجالس الطبية بهيئة الشرطة
--------------
" الإجراءات "
بتاريخ الثاني والعشرين من يوليه سنة 2018، ورد إلي قلم كتاب المحكمة
الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 11710 لسنة 21 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري
بطنطا، بجلسة 22/ 1/ 2018، بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى
المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية نص المادة (36) من قانون هيئة الشرطة
الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971، فيما لم يتضمنه من منح
الضابط، ومن تسرى بشأنهم الأحكام ذاتها، الذى يصاب بأحد الأمراض المزمنة إجـازة
استثنائية بأجر كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقرارًا يمكنه
مـن العودة إلى العمل، أو يتبين عجزه كاملًا، وفى هذه الحالة
الأخيرة يظل العامل في إجازة مرضية بأجر كامل حتى بلوغه سن الإحالة إلى المعاش.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول
الدعوي، واحتياطيًّا: برفضها. وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا
برأيها. ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم
فيها بجلسة اليوم.
------------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصـل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق-
في أن المدعى كان يعمل بوظيفة " مساعد أول " بالإدارة العامة لرئاسة
قوات الأمن المركزى، قطاع طنطا، التابع للإدارة العامة لوسط الدلتا، بوزارة
الداخلية. وإزاء إصابته بمرض مزمن في القلب، وإجرائه عددًا من العمليات الجراحية،
فقد تمت مناظرة حالته أمام لجنة العجز بالمجلس الطبي بهيئة الشرطة بتاريخ 30/ 1/
2005، وأصدرت قرارها بإصابته بعجز جزئي مرضي مستديم يتعارض مع وظيفته العسكرية.
وبتاريخ 3/ 3/ 2005، قـدم المدعى إقرار برغبته في إنهاء خدمته لظروفه
الصحية، وأُجرى معه تحقيق إداري في التاريخ ذاته، أقر فيه بهذه الرغبة، وأنه لن
يعدل عنها في حالة صدور قرار بإنهاء خدمته. وبناء عليه، صدر القرار رقم 810 بتاريخ
2005 بإنهاء خدمته اعتبارًا من 2/ 7/ 2005، لعدم اللياقة الطبية. وبتاريخ 16/ 1/
2012، أقام المدعى الدعوى رقم 2001 لسنة 40 قضائية، أمام المحكمة الإدارية لمحافظة
الغربية، ضد المدعى عليهما، طالبًا الحكم بتعويضه بمبلغ أربعين ألف جنيه عما أصابه
من أضرار مادية وأدبية جراء صدور قرار إنهاء خدمته. وبجلسة 22/ 1/ 2014، قضت
المحكمة بعدم اختصاصها نوعيًا بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري
بطنطا للاختصاص، فأحيلت إليها الدعوى، وقيدت بجدولها برقم 11710 لسنة 21 قضائية،
وبجلسة 22/ 1/ 2018، تراءى لتلك المحكمة عدم دستورية نص المادة (36) من قانون هيئة
الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971، فقررت، وقف
الدعوى، وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى
المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية هذا النص، فيما لم يتضمنه من منح
الضابطـ، ومن تسرى بشأنهم الأحكام ذاتها، الذى يصاب بأحد الأمراض المزمنة إجازة
استثنائية بأجر كامل إلى أن يشفى أو تستقر حالته استقرارًا يَمكّنه من العودة إلى
العمل أو يتبين عجزه كاملاً، وفى الحالة الأخيرة يظل العامل في إجازة مرضية بأجر
كامل حتى بلوغه سن الإحالة إلى المعاش.
وحيث إن المحكمة المحيلة قد ارتأت مخالفة نص المادة (36) من القانون
رقم 109 لسنة 1971 المشار إليه لمبدأ المساواة أمام القانون؛ ذلك أن المشرع وإن
استن بموجب هذا النص نظامًا قانونيًا خاصًا للإجازات المرضية لضباط وأفراد هيئة
الشرطة، ووضع الحدود القصوى لما يحصل عليه المريض بمرض مزمن من إجازات وأجر
وملحقاته، ونظم كذلك في المادة (71) من القانون ذاته إنهاء خدمة الضابط المريض
لعدم اللياقة الصحية، مراعيًا في كل ذلك الطبيعة الخاصة للعمل بهيئة الشرطة، وما
يحيط بها من مخاطر وصعاب تفوق ما يتعرض له العاملون المدنيون بالدولة؛ وهو ما كان
يقتضى من المشرع أن يفرد لهؤلاء معاملة أكثر سخاءً، أو على الأقل أن يتبنى
المعاملة ذاتها التى تسرى على العاملين المدنيين بالدولة، التى تسمح باستمرار
الإجازة المرضية لأصحاب الأمراض المزمنة، بصفة استثنائية، وبأجر كامل، إلى أن يشفى
المريض، أو تستقر حالته، استقرارًا يمكنه من العودة إلى العمل، أو إلى أن يتبين
عجزه كاملاً، وفى هذه الحالة الأخيرة يظل العامل في إجازة مرضية بأجر كامل حتى
بلوغه سن الإحالة إلى المعاش؛ وذلك لتماثل المراكز القانونية في مجال الرعاية
الصحية بين العاملين المدنيين بالدولة، وضباط وأفراد هيئة الشرطة، المصابين بأمراض
مزمنة، مما كان يستلزم أن تتقرر لهم معاملة قانونية متكافئة. فضلاً عن أن النص
المحال جاء مخالفًا للالتزام الدستوري الملقى على عاتق الدولة بكفالة خدمات
التأمين الاجتماعي والصحي، ذلك أن العامل المصاب بمرض مزمن يحتاج إلى رعاية كاملة،
تقتضى شموله بمعاملة مالية تعينه على مواجهـة المرض، بعد أن عجز عن مباشرة العمل،
وهو ما لم تكفله المادتان (36، 71) من القانون رقم 109 لسنة 1971 المشار إليه.
وحيث إن قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم
109 لسنة 1971 ينص في المادة (36) منه على أنه " دون إخلال بأحكام القانون
رقم 112 لسنة 1963 في شأن الأمراض المزمنة يستحق الضابط كل ثلاث سنوات خدمة إجازة
مرضية تمنح بناء على قـــرار من الهيئة الطبية المختصة على الوجه الآتي : 1 -
ثلاثة أشهر بمرتب كامل. 2 - ستة أشهر بثلاثة أرباع مرتب. وإذا استنفد الضابط الـذى
يصاب بمرض يحتاج إلـى عـلاج طـويل إجـازته المرضية ذات المرتب الكامل ومتوفر
إجازته السنوية على الوجـه المبين في المادة (35) مـن هـذا القانون، جـاز لوزير
الداخلية أن يمنحه إجـازة خاصة بمرتب كامل المدة اللازمة لعلاجه بحيث لا تجاوز سنة
واحدة كل ثلاث سنوات خدمة، وبعد أن يستنفد الضابط هـذه الإجـازة يستوفى إجازاته
ذات المرتب المخفض على الوجه المبين أعلاه، ومع ذلك يجوز للوزير أن يقرر صرف
المرتب بالكامل خلال هذه الإجازات في الحالات التى تستدعى فيها حالة المريض ذلك،
علـى أن يصدر قرار في كل حالة على حدة، ويرجـع في تحديد أنواع الأمراض التى من هذا
النوع إلى الهيئة الطبية المختصة. وللضابط الحق في طلب تحويل الإجازة المرضية إلى
إجازة سنوية إذا كان له وفر منها يسمح بذلك. ولمساعد الوزير المختص ولرؤساء
المصالح كل في حدود اختصاصه الترخيص في إجازات سنوية امتدادًا لإجازات مرضية. وعلى
الضابط المريض إخطار الجهة التابع لها عن مرضه خلال 48 ساعة على الأكثر من تخلفه
عن العمل.".
كما نصت المادة (71) من القانون المشار إليه على أن " تنتهى خدمة
الضابط لأحد الأسباب الآتية: 1- ....... 2- ....... 3 - عدم اللياقة للخدمة صحيًا،
وتثبت بقرار من الهيئة الطبية المختصة بناء على طلب الضابط أو الوزارة، ولا يجوز
فصل الضابط لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ إجازته المرضية والسنوية، ما لـم يطلب هو
نفسه الإحالة إلـى المعاش بدون انتظار انتهاء إجازته، وللمجلس الأعلـى للشرطـة أن
يسوى معاشـه أو مكافأته وفقًا لحكم المادتين 70/ 1 أو 76/ 2، 3 أيهما أصلح للضابط
". ووفقًا لنص الفقرة الأولى من المادة (77) من هذا القانون تسرى أحكام
المادتين (36 و71) على أفراد هيئة الشرطة، ومنهم مساعدي الشرطة.
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية - على ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا
للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. والمحكمة الدستورية
العليا - وحدها - هي التي تتحرى توافر المصلحة في الدعوى المعروضة عليها، للتثبت
من شروط قبولها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها في ذلك أو تحل محلها فيه، وليس هناك
تلازم بين الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا، وتوافر المصلحة
في الدعوى الدستورية، فالأولى لا تغنى عن الثانية، فإذا لم يكن للفصل في دستورية
النصوص التشريعية المحالة، التى تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريتها، انعكاس على
الطلبات في النزاع الموضوعى، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور
حول طلب المدعى تعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته جراء صدور قرار
بإنهاء خدمته لعدم اللياقة الصحية؛ وكان هذا القرار قد جاء مستندًا في إصداره إلى
البند (3) من المادة (71) من القانون رقم 109 لسنة 1971 المشار إليه، التى تناولت
ضوابط إنهاء الخدمة لعدم اللياقة الصحية، بعد ثبوتها بقرار من الهيئة الطبية
المختصة، بناء على طلب الضابط أو وزارة الداخلية، وعدم جواز فصل الضابط لعدم
اللياقة الصحية قبل نفاد إجازته المرضية والسنوية، ما لم يطلب هو نفسه الإحالة إلى
المعاش بدون انتظار انتهاء إجازته.
متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المدعى كان قد تقدم بتاريخ 3/
3/ 2005، بإقرار منه معلنًا فيه عن طلبه إنهاء خدمته لظروفه الصحية؛ وقد أُجرى معه
في التاريخ ذاته تحقيق إدارى - بوحدة الشئون الإدارية، أفراد، بالإدارة العامة
لقوات الأمن المركزى، منطقة وسط الدلتا، قطاع طنطا - أقر فيه برغبته في إنهاء
الخدمة، وتعهد بعدم العدول عنها بعد صدور قرار بإنهاء خدمته، وبناء عليه صدر
القرار رقم 810 لسنة 2005 بإنهاء خدمته اعتبارًا من 2/ 7/ 2005، لعدم اللياقة
الطبية. فمن ثم، يكون قرار إنهاء الخدمة الذى يتضرر المدعى من آثاره، قد صدر بناء
على طلب منه، ليس إعمالاً لنص المادة (36) من القانون رقم 109 لسنة 1971 المشار
إليه، بشأن ضوابط أوضاع الإجازات المرضية للمصابين بأمراض مزمنة، وإنما إعمالاً
لنص البند (3) من المادة (71) من هذا القانون - الذى لم يشمله قرار الإحالة - بشأن
ضوابط انتهاء الخدمة لعدم اللياقة الصحية للخاضعين لأحكامه. ومؤدى ذلك أن النص
المحال لم يطبق على المدعى في الدعوى الموضوعية، ولم يعامل بمقتضاه، ولم يصدر قرار
إنهاء خدمته لعدم اللياقة الصحية استنادًا إليه، ومن ثم، لا يكون هذا النص واجب
التطبيق في دعوى الموضوع، وينتفى بذلك شرط المصلحة في الدعوى المعروضة، لكون الفصل
في دستوريته لا يرتب انعكاسًــا على النزاع المردد أمام محكمة الموضوع، الذى يظل
محكومًا بنص البند (3) من المادة (71) من القانون رقم 109 لسنة 1971 المشار إليه؛
الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق