الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 26 ديسمبر 2021

الطعن 496 لسنة 25 ق جلسة 27 / 4 / 1961 مكتب فني 12 ج 2 ق 56 ص 399

جلسة 27 من أبريل سنة 1961

برياسة السيد محمد فؤاد جابر المستشار، وبحضور السادة: إبراهيم عثمان يوسف، وفرج يوسف، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.

-------------------

(56)
الطعن رقم 496 لسنة 25 القضائية

إثبات. قرائن قضائية. حكم "عيوب التدليل".
الاستنباط من واقعة محتملة، فساد في الاستدلال.

------------------
القرينة هي استنباط أمر مجهول من واقعة ثابتة معلومة بحيث إذا كانت هذه الواقعة محتملة وغير ثابتة بيقين فإنها لا تصلح مصدراً للاستنباط. فمتى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى صحة ونفاذ عقد البيع الصادر للطاعن من مورث المطعون عليها على ما جاء بشكوى إدارية من أن البائع قد أصيب منذ سنة تقريباً بضعف في قواه العقلية في تاريخ مقارب للتاريخ المعطى لعقد البيع بأن اتخذ من عبارة "منذ سنة تقريباً" قرينة على أن عقد البيع لم يكن موجوداً في تاريخ تحريرها وكانت دلالة ذلك أنه لم يقصد من تقديم الشكوى غير بيان مرض البائع لا تحديد تاريخه فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن الأول أقام ضد المطعون عليها عن نفسها وبصفتها الدعوى رقم 1295 سنة 1947 كلي القاهرة طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 10 أكتوبر سنة 1947 الصادر له من أخيه المرحوم صبري شاكر روفائيل مورث المدعى عليها بصفتيها ببيعه له 7 ف سبعة أفدنة شائعة في 36 ف و21 س ستة وثلاثين فداناً وواحد وعشرين سهماً. وقد دفعت المدعى عليها الدعوى بأن هذا البيع قد انعقد باطلاً لأن مورثها كان مصاباً بالجنون. وفي 28/ 11/ 1953 قضت المحكمة بصحة ونفاذ العقد وأسست حكمها على أنه متى كان الثابت من أوراق الدعوى أن مورث المدعى عليها قد حجر عليه للعته فإن الادعاء بأنه كان مجنوناً يكون غير صحيح. وأن ما تزعمه المدعى عليها من قيام هذه العاهة أياً كان وضعها مردود بالقرينة المستفادة من توقيعها مع القيم على قائمة الجرد المؤرخة 3 من أغسطس سنة 1949 والتي استبعدت فيها أطيان النزاع من جملة أطيان المحجور عليه. ودلالة ذلك أن مورثها كان كامل الأهلية وقت انعقاد ذلك البيع ووقت إبرام عقد القسمة الذي عقد في اليوم السابق على عقد البيع بين المدعي والمحجور عليه وأخويهما خصوصاً وأن القسمة قد نفذت بوضع اليد دون اعتراض أحد عليها. واستأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف الذي قيد برقم 305 سنة 71 ق لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف عليه وبتاريخ 5 أبريل سنة 1955 قضت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف عليه وألزمته بالمصاريف عن الدرجتين وبألف قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وأقامت قضاءها على ما يخلص في أنه "ظهر من أوراق الدعوى أن المرحوم شاكر روفائيل كان قد باع في سنة 1935 اثنين وأربعين فداناً وكسوراً إلى والده صبري. وأنه بموجب عقد قسمة مؤرخ 9 أكتوبر سنة 1947 اقتسم الإخوة الأربعة - صبري وميشيل وصبحي ووديع شاكر - ما كان مكلفاً باسمه وأن صبري أصيب بعد ذلك بمرض عقلي اقتضى إدخاله مستشفى الأمراض العصبية بحلمية الزيتون في 9 مارس سنة 1948 وقد حجر عليه بعد ذلك. أما العقد موضوع الدعوى فهو أحد عقود ثلاثة باع المرحوم صبري شاكر روفائيل في كل منها سبعة أفدنة والبيع صادر لإخوته الثلاثة... وأن المستأنف عليه تمسك بصحة عقده كما تمسك أخواه ميشيل ووديع بصحة العقدين الصادرين لهما من صبري. وأن المستأنف عليه قال إن عقد شرائه حرر في اليوم التالي لتاريخ عقد قسمة الأطيان المورث الأصلي. وأن أحداً لم يطعن على عقد القسمة ولم يدع أحد أن صبري كان معتوهاً وقت تحريره. كذلك فإنه قد حرر في نوفمبر سنة 1947 عقد بتعديل نصيب صبري ونصيب أحد أشقائه في هذه القسمة ولم يطعن على عقد التعديل بأن صبري كان فاقد الأهلية فلا يصح أن يوجه الطعن إلى عقد بيع وحده في حين أن تاريخه واقع بين تاريخ عقد القسمة وعقد التعديل. وأن المستأنفة قد ردت على ذلك بأن التاريخ المعطى لعقد البيع تاريخ غير حقيقي، وأنه قد اختير له عمداً اليوم التالي لتاريخ عقد القسمة حتى يكون بمنجاة عن الطعن فيه. والحقيقة أنه حرر في تاريخ لاحق للتاريخ المعطى له... وأنه قد تبين من مراجعة مستندات المستأنفة أن من بينها سنداً قاطعاً هو الشكوى الإدارية رقم 1160 سنة 1949 مصر الجديدة. فقد قدمها ميشيل شاكر روفائيل - شقيق الطاعن - في 20 نوفمبر سنة 1948 إلى مديرية بني سويف يقول فيها أن أخاه صبري شاكر قد أصيب منذ سنة تقريباً بضعف في قواه العقلية وأنه يطلب اتخاذ الإجراءات لإدخاله مستشفى الأمراض العقلية..
وأن مدلول هذه الشكوى هو إقرار الشاكي بقيام المرض العقلي بالبائع في تاريخ مقارب للتاريخ المعطى لعقد البيع.. وتعتبر الشكوى اعترافاً بأن البيع صدر من البائع وهو في حالة الضعف العقلي.. أو هي قرينة قاطعة على أن العقد الذي يتمسك به المستأنف عليه لم يكن موجوداً فعلاً يوم حررت الشكوى في 20 نوفمبر سنة 1948 ولم يكن قد صدر حقيقة من البائع في التاريخ المعطى له.. وإلا لاحتاط الشاكي عند تحرير الشكوى ولاكتفى بتقرير حالة العته وقت تقديمها دون أن يرجعها سنة سابقة فيقدم بيده سند الطعن على عقده... وبتقرير هذا يكون قد ثبت للمحكمة بإقرار أخ المستأنف عليه في شكواه وبما تستخلصه المحكمة منها أن العقد حرر من البائع وهو في حالة العته المعروفة لشقيقه". وطعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض طالباً نقضه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة مع إلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 16 فبراير سنة 1960 وقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية. ونظر الطعن أخيراً أمام هذه الدائرة بجلسة 13 أبريل سنة 1961 حيث ترافع وكيلا الطرفين وقصر وكيل الطاعنة طعنه على السبب الأول من أسباب الطعن وصمم على طلباته. وطلب وكيل المطعون عليها رفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات. وصممت النيابة على طلب نقض الحكم.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن في سبب الطعن أن ما قرره الحكم من أن الشكوى إذا لم تكن اعترافاً فهي قرينة على أن العقد لم يكن موجوداً فعلاً يوم حررت الشكوى في 20 نوفمبر سنة 1948 ولم يصدر حقيقة في 10 أكتوبر سنة 1947 وإلا لما كان الشاكي قد أسند حالة العته في شكواه الإدارية إلى سنة سابقة أي إلى تاريخ مقارب لتاريخ عقد البيع المتنازع عليه فيقدم بيده دليل الطعن على عقده. وأنه بتقرير هذا يكون قد ثبت للمحكمة بإقرار أخ المستأنف عليه - أخ الطاعن - في شكواه وبما يستخلصه منها أن العقد صدر عن البائع وهو في حالة العته" ما قرره الحكم من ذلك استنتاج غير سليم ويقوم على الفرض الجدلي. ولو صح هذا الاستنتاج لوجب التشكك في تاريخ عقد القسمة الذي انعقد في 9 أكتوبر سنة 1947 وفي تاريخ عقد تعديل القسمة الذي حرر في 2 نوفمبر سنة 1947 مع أن أحداً من أطراف النزاع لم يطعن على تاريخ أي من هذين العقدين. كذلك فقد وقعت المطعون عليها مع شقيق الطاعن - ميشيل شاكر - بوصفه قيماً على المحجور عليه على قائمة الجرد التي حررت في 3 أغسطس سنة 1949 وقد استبعدت فيها أطيان النزاع - ومن ثم يكون ما استنتجته المحكمة غير سائغ عقلاً.
ومن حيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الشكوى الإدارية رقم 1160 سنة 1949 مصر الجديدة أن مقدمها - ميشيل شاكر روفائيل الطاعن في الطعن رقم 494 سنة 25 ق ذكر فيها "أن شقيقه صبري شاكر قد أصيب منذ سنة تقريباً بضعف في قواه العقلية وأنه يتوهم أن الغير يدبرون مؤامرة ضده... وقد اضطر ذووه لإدخاله مستشفى الأمراض العصبية لعلاجه. ومكث بها مدة شهر تقريباً... ولكنه خرج دون أن يتم علاجه... وبعد خروجه ساءت حالته كثيراً حتى أصبح خطراً على الغير خصوصاً وأنه يحمل سلاحاً" وانتهى الشاكي في شكواه إلى طلب إدخال شقيقه مستشفى الأمراض العقلية - كما يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في أسبابه أن مدلول الشكوى المقدمة - من ميشيل شاكر - إقرار بقيام المرض العقلي بالبائع في تاريخ مقارب للتاريخ المعطى لعقد البيع فإن كان هذا التاريخ صحيحاً فإن الشكوى تكون اعترافاً بأن البيع صدر من البائع وهو في حالة الضعف العقلي أو هي قرينة قاطعة على أن العقد لم يكن موجوداً فعلاً يوم حررت الشكوى في نوفمبر سنة 1948 ولم يكن قد صدر حقيقة من البائع في التاريخ المعطى له وهو 10 أكتوبر سنة 1947 وإلا لاحتاط ميشيل شاكر عند تحرير شكواه ولاكتفى بتقرير حالة العته.. دون أن يرجعها سنة سابقة فيقدم بيده سند الطعن على عقده. وأنه بتقرير هذا يكون قد ثبت للمحكمة بإقرار أخ المستأنف عليه - أخ الطاعن - في شكواه وبما تستخلصه منها أن العقد حرر من البائع وهو في حالة العته" ودلالة هذا الذي أورده أخ الطاعن في شكواه أنه لم يكن يقصد من تقديمها غير بيان مرض أخيه ومدى خطورته وطلب تفادي عواقبه لا تحديد تاريخه. وكان المقام لا يقتضيه الدقة في هذا التحديد. فإذا كان الحكم قد انتزع من عبارة "منذ سنة تقريباً" قرينة على أن العقود المطعون فيها لم تكن موجودة في تاريخ تحرير تلك الشكوى فإنه يكون قد خالف القانون. ذلك أن القرينة استنباط أمر مجهول من أمر ثابت معلوم. ولما كانت واقعة تحديد المرض "بسنة تقريباً" واقعة محتملة وغير ثابتة بيقين فإنها مع هذا الاحتمال لا تصلح مصدراً للاستنباط الذي انتهى إليه الحكم. ومن ثم يتعين نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق