جلسة 13 من أبريل سنة 1961
برئاسة السيد محمود عياد نائب
رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، وفرج يوسف، وأحمد زكي محمد، ومحمود
توفيق إسماعيل المستشارين.
-------------------
(50)
الطعن رقم 113 لسنة 26
القضائية
ضرائب. "ضريبة
الأرباح التجارية والصناعية".
المهن غير التجارية.
مناطها. هي المهن التي يكون العنصر الأساسي فيها هو العمل والممارسة الشخصية لبعض
الفنون والعلوم ولو كان الربح مختلطاً. مهنة التمثيل المسرحي.
------------------
المهن غير التجارية بحسب
المتعارف عليه في فقه القانون وحكم المادة 72 من القانون 14 سنة 1939 هي المهن
التي يباشرها الممولون بصفة مستقلة والتي يكون العنصر الأساسي فيها العمل ويقوم
على الممارسة الشخصية لبعض العلوم والفنون لا يمنع من اعتبارها ذلك أن يكون الربح
فيها مختلطاً ونتيجة استثمار رأس المال والعمل متى كان العمل هو مصدره الأول
والغالب. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن معيار التفرقة بين
المهن التجارية الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والمهن غير التجارية هو الغرض من
تلك المهن، بحيث إذا كان الغرض منها مباشرة عمليات تتعلق بأشياء مادية فهي من
المهن الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية وإن كان الغرض منها إنتاج عمل يعد ثمرة
للقريحة والمواهب فلا تعد الأرباح الناتجة عن بيع ثماره للغير أرباحاً تجارية تخضع
لضريبة الأرباح التجارية، وهو معيار غير منضبط للمهن غير التجارية يكشف عن القصور
في استظهار عناصرها مقوماتها، واتخذ من هذا المعيار سبباً لإخضاع أرباح مورث
الطاعن عن مهنة التمثيل المسرحي للضريبة على الأرباح التجارية ورأى فيما أورده من
اعتبارات - مؤداها أن نشاط مورث الطاعن كان مختلطاً اقتصر في بعض نواحيه على العمل
وحده وخرج في النواحي الأخرى عن النطاق الفني الخالص إلى دائرة المضاربة بعمل
الغير واستغل المال والعمل معاً في تأليف فرقة مسرحية واستئجار الممثلين وشراء
القصص من المؤلفين والقيام بإخراجها والدعاية لها - غناء عن أن يتعرض لما أثاره
الطاعن من دفاع بشأن قرار وزير المالية رقم 25 من سنة 1945 إلى المهن غير التجارية
بشرط أنه لا يستعين في مزاولة هذه المهنة هو ومن شاركه بأكثر من ثلاثة من أهل تلك
المهنة ومشروعية هذا القيد وصحته مع أن هذا القرار هو نقطة الفصل في الدعوى مما
كان ينبغي على الحكم المطعون فيه حسمها فإنه بذلك يكون قد خالف القانون وأخطأ في
تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى
رقم 412 سنة 1953 تجاري كلي القاهرة ضد مصلحة الضرائب يطلب إلغاء قرار لجنة الطعن
الصادر في 22/ 11/ 1953 فيما قضى به من إخضاع مورثه لضريبة الأرباح التجارية
بالنسبة لدخله من مهنة التمثيل المسرحي، واعتبار هذا الدخل خاضعاً لضريبة المهن
غير التجارية مع إلزام المصلحة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً
لدعواه أنه بتاريخ 21 نوفمبر سنة 1950 أخطرته مصلحة الضرائب بأنها قدرت أرباح
مورثه المرحوم نجيب الريحاني من مهنة التمثيل في السنوات من 1939/ 1940 إلى 1944/
1945 بالمبالغ الآتية: 2000 جنية و3200 ج و4800 ج و8000 و10000 ج و 12000 ج وقدرت
رأس ماله المستثمر في أول كل سنة بمبلغ 3000 ج وأنها ستتخذ هذه التقديرات أساساً
لربط الضريبة على أرباحه التجارية والصناعية، واعترض الطاعن على هذه التقديرات
وعلى إخضاع أرباح مورثه من مهنة التمثيل وهى مهنة غير تجارية للضريبة على الأرباح
التجارية وعرض الخلاف على لجنة الطعن وأصدرت اللجنة قرارها برفض الدفع بعدم خضوع
جزء من أرباح المورث للضريبة على الأرباح التجارية وبتخفيض تقديرات المأمورية
لأرباح المورث الخاضعة للضريبة على الأرباح التجارية وجعلها كالآتي سنة 1939 وسنة
1940 مبلغ 1000 ج وسنة 1940/ 1941 مبلغ 1600 ج وسنة 1941/ 1942 مبلغ 2400 ج وسنة
1942/ 1943 مبلغ 4000 ج وسنة 1943/ 1944 مبلغ 5000 ج وسنة 1944/ 1945 مبلغ 6000 ج
وهو القرار المطلوب إلغاؤه. وفى 10 يونيه سنة 1954 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً
وفى الموضوع برفضه وتأييد القرار المطعون فيه الصادر من لجنة طعون الضرائب في 22/
11/ 1953 وألزمت الطاعن بصفته المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة - استأنف
الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً الحكم بقبول الاستئناف شكلاً
وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإلغاء قرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 22/ 11/
1953 فيما قضى به من إخضاع مورثه لضريبة الأرباح التجارية بالنسبة لدخله من مهنة
التمثيل المسرحي وباعتبار هذا الدخل خاضعاً لضريبة المهن غير التجارية مع إلزام
المصلحة بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين وقيد استئنافه هذا برقم 671 سنة 71
قضائية. وفي 8/ 12/ 1955 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع
برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنف بالمصروفات وخمسة جنيهات مقابل أتعاب
المحاماة - وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض
الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى الدائرة المدنية حيث أصر الطاعن على
طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت
فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه أن قرار وزير المالية رقم 25 لسنة 1945 أضاف إلى المهن غير
التجارية المعددة بالمادة 72 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والمهن المعددة بالقرار
الوزاري رقم 105 لسنة 1940 والقرار الوزاري رقم 66 لسنة 1944 مهناً أخرى منها مهنة
الممثل واشترط أن لا يستعين من يزاول هذه المهن هو ومن يشاركه بأكثر من ثلاثة من
أهل مهنته وجرى النزاع في الدعوى حول مشروعية هذا الشرط وصحته ومدى مطابقته من
المادة 72 القانون وللواقع وأطرح الحكم هذا النزاع جانباً وانتحى بالدعوى ناحية
أخرى إذ قضى بتأييد قرار لجنة الطعن وإخضاع أرباح مورث الطاعن من مهنة التمثيل -
وهى من المهن غير التجارية - للضريبة على أرباح المهن التجارية استناداً إلى ما
قرره من أنه لمعرفة ما إذا كانت المهنة التي يباشرها الممول تجارية أو غير تجارية
يجب النظر إلى الغرض منها فإن كان الغرض هو مباشرة عمليات تتعلق بأشياء مادية
اعتبرت من المهن التجارية وإن كانت تتعلق بأعمال غير مادية هي ثمرة القريحة
والمواهب اعتبرت من المهن غير التجارية ما لم تتحول هذه الثمار إلى أشياء مادية،
وأنه تبين أن المرحوم نجيب الريحاني كان يدير فرقة تمثيلية وكان إلى جانب ذلك
يشتغل بالسينما وإنتاج الروايات لحسابه الخاص ثم يقوم بالتمثيل والإخراج نظير نسبة
مئوية من الأرباح وهو نشاط مختلطاً اقتصر في بعض نواحيه على العمل وحده وخرج في
النواحي الأخرى عن النطاق الفني الخالص إلى دائرة المضاربة بعمل الغير واستغل
المال والعمل معاً في تأليف الفرقة المسرحية واستئجار الممثلين وشراء القصص
والقيام على إخراجها والدعاية لها وفى ذلك ما يغني عن التعرض لما أثاره الطاعن
بشأن القيد العددي الوارد في قرار وزير المالية وما فرعه عليه. وهذا الذي قرره
الحكم كلام مبهم لا يتأتى معه إدراك القاعدة القانونية التي قام عليها وكيف استخلص
منها أن عمل نجيب الريحاني في التمثيل خاضع للضريبة على الأرباح التجارية، وينطوي
على مخالفة صريحة للقانون إذ المهن غير التجارية هي المهن التي يأتي ربحها من
العمل بصفة أساسية ولا يدخل فيها المال إلا بصفة ثانوية أو هي المهن التي يكون
العنصر الأساسي فيها العمل وتكون قائمة على الممارسة الشخصية لبعض العلوم والفنون
بالغة ما بلغت الأرباح الناتجة عنها، وما قرره الحكم عكس ذلك وما التمسه من أسباب
غامضة لتجاهل القرار الوزاري وما رتبه على ذلك من إخضاع كسب مورث الطاعن من
التمثيل لضريبة الأرباح التجارية يتعين إهداره والرجوع بالبحث إلى مقطع النزاع
الحقيقي المتعلق ببيان مدى مطابقة القيد العددي في قرار الوزير للقانون وللواقع
وهو البحث الذي تصدت له محكمة أول درجة واستغنت عنه محكمة الاستئناف بإيراد قاعدة
غير مفهومة عن المهن غير التجارية وأدخلت في بناء حكمها أن نجيب الريحاني كان
يستخدم رأس المال في دفع أجرة المسرح واستئجار الممثلين وشراء القصص والإعلان عن
الفرقة فحق عليه أن يخضع للضريبة على الأرباح التجارية باعتبار أرباحه خليطاً من
نتاج العمل ورأس المال، وهو خطأ لأن المال عنصر لا غنى عنه لمباشرة أي نشاط حتى ما
كان منه نشاطاً فنياً والمهن غير التجارية ليست هي التي تخلو من الاستعانة بالمال
وإنما هي المهن التي يكون دور المال فيها ثانوياً في إنتاج الربح وهذه القاعدة
المطردة لا تشذ عنها مهنة التمثيل فالمال المستخدم في استئجار المسرح والممثلين
وإعداد المناظر والملابس وغيرها ضرورة لا بد منها لمزاولة المهنة ولكنة ليس مصدر الربح
وإنما مصدره هو الأداء الفني الرفيع الذي كان يقدمه الريحاني على خشبة المسرح.
وحيث إن هذا النعي في
محله ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه. أنه قام قضاءه بإخضاع أرباح مورث الطاعن
من مهنة التمثيل للضريبة على الأرباح التجارية على أنه "لمعرفة ما إذا كانت
المهنة التي يباشرها الممول من المهن الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية أو من المهن
الخاضعة لضريبة المهن الغير تجارية بخلاف المهن التي تعد تجارية بحكم القانون
التجاري فإنه يجب النظر إلى الغرض من تلك المهنة فإن كان الغرض منها مباشرة عمليات
تتعلق بأشياء مادية سواء كانت تلك العمليات ذات صبغة مدنية أو غير مدنية فهي من
المهن الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية فالمؤلف القصصي الذي يدفع
برواياته إلى المسرح والمؤلف الذي يؤلف كتاباً والفنان الذي يبتكر قطعة موسيقية
والمثال الذي ينحت قطعة فنية ينتجون عملاً يعتبر بالنسبة لواضعه عملاً غير مادي إذ
هو ثمرة قريحته ومواهبه فلا تعتبر أرباح هؤلاء من بيع ثمار قرائحهم إلى الغير
أرباحاً تجارية تخضع لضريبة الأرباح التجارية والصناعية ولكن هذه الثمار قد تتحول
إلى أشياء مادية فيخضع القائمون بها للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية.
وقد تبين أن المرحوم نجيب
الريحاني كان يدير فرقة تمثيلية بمسرح ريتس وهي تحت إدارته قد أقامت حفلات
بالأقاليم وبدار الأوبرا وكان بجانب ذلك يشتغل بالتمثيل السينمائي وإنتاج روايات
لحسابه الخاص ثم يقوم بالتمثيل والإخراج نظير نسبة مئوية من الأرباح فكان نشاطه
مختلطاً اقتصر في بعض نواحيه على العمل وحده وخرج في النواحي الأخرى عن النطاق
الفني الخالص إلى دائرة المضاربة بعمل الغير واستغل المال والعمل معاً في تأليف
الفرقة المسرحية واستئجار الممثلين وشراء القصص من المؤلفين والقيام على إخراجها
والدعاية لها... وهذا الذي تقدم بيانه ترى فيه هذه المحكمة غناء عن أن تتعرض بعده
لما أثاره المستأنف بشأن القيد العددي الوارد في قرار وزير المالية وما فرعه على
ذلك" - وهذا الذي أورده الحكم معيار غير منضبط للمهن غير التجارية، يكشف عن
القصور في استظهار عناصر ومقوماتها على الوجه المتعارف عليه في فقه القانون وفى
حكم المادة 72 من القانون رقم 14 لسنة 1939 معدلة بالقانون رقم 146 لسنة 1950
والقانون رقم 174 لسنة 1951 من أنها المهن التي يباشرها الممولون بصفة مستقلة
والتي يكون العنصر الأساسي فيها العمل وتقوم على الممارسة الشخصية لبعض العلوم
والفنون، ولا يمنع من اعتبارها كذلك أن يكون الربح فيها مختلطاً ونتيجة استثمار
رأس المال والعمل متى كان العمل هو مصدره الأول والغالب - ومتى كان ذلك وكان الحكم
المطعون فيه قد اتخذ من المعيار الذي أورده وتطبيقه على واقعة الدعوى سبباً لتأييد
قرار لجنة الطعن فيما انتهى إليه من إخضاع أرباح مورث الطاعن من تأليف الروايات
التي يقوم بتمثيلها ومن التمثيل السينمائي لحساب الغير للضريبة على المهن غير
التجارية وإخضاع باقي أرباحه من أوجه النشاط الأخرى - ومنها مهنة التمثيل المسرحي
- للضريبة على الأرباح التجارية، ورأى فيما أورده هو - لا الحكم الابتدائي ولا
قرار اللجنة - من اعتبارات غناء عن أن يتعرض لما أثاره الطاعن من دفاع بشأن قرار
وزير المالية رقم 25 لسنة 1945 والقيد العددي الوارد فيه ومشروعيته وصحته بينما
هذا القرار هو نقطة الفصل في الدعوى وكان واجباً عليه أن يحسمها فإنه بذلك - وفى خصوص
أرباح مورث الطاعن من مهنة التمثيل المسرحي - يكون قد خالف القانون وأخطأ في
تطبيقه بما يستوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق