برئاسة
السيد القاضـــى /
أحمد محمود مكى نائب رئيس المحكمة وعضويـة السـادة القضــاة /
سيد محمود يوسف ، بليغ كمال ، شريف سامى الكومى نواب رئيس المحكمة وأحمد جلال عبد العظيم .
----------
(1) قرار
إدارى " مثال لما يعد قراراً إدارياً : قرار نزع الملكية للمنفعة العامة
" . نزع الملكية " نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة : قرار نزع
الملكية " .
نزع الملكية
للمنفعة العامة . ماهيته . قرار إدارى يكشف عن إفصاح الإدارة بما لها من سلطة
بمقتضى القوانين عن إرادتها الملزمة للأفراد لإحداث أثر قانونى معين هو نقل
الملكية من الأفراد إلى الدومين العام للدولة
. قيود حرمان المالك من ملكه دون رضاه . المادتان 34 من الدستور ، 805 مدنى
ومذكرته الإيضاحية .
(2) نزع الملكية " نزع الملكية للمنفعة العامة : إجراءاته " .
قرارات نزع
الملكية . ماهيتها . تصرف من جانب واحد . صدورها من رئيس الجمهورية أو الوزير
المختص ونشرها بالجريدة الرسمية متضمنة بياناً إجمالياً للمشروع ورسماً تخطيطياً
يحوى بالضرورة إشارة للعقارات التى يتم نزع ملكيتها ولصق القرار والرسم بالأماكن
المحددة قانوناً . علة ذلك . قيام حق الجهة القائمة على تنفيذ القرار بالدخول لتلك
العقارات لحصرها وتحديد أصحاب الحقوق عليها وإخطارهم بالحضور .
(3) تعويض " التعويض الذى ينشأ عن القانون : التعويض عن نزع الملكية
للمنفعة العامة " . نزع الملكية " نزع الملكية للمنفعة العامة :
إجراءاته " .
إجراءات نزع
الملكية . اختلافها عن العقود القائمة على تلاقى الإرادات وتبادل الالتزامات التى
لا تتسع لغير نقل الحق وفى حدود ما للبائع من حقوق . علة ذلك . اختصاص الجهة
القائمة بإجراءات نزع الملكية بتقدير التعويض وتحصيله من الجهــــــة طالبة نزع
الملكية دون مفاوضات واتخاذ الإجراءات وإعداد الكشوف التى بياناتها حجة . ملكية
العقار المنزوع ملكيته وما عليه من حقوق . لا شأن للجهة طالبة نزع الملكية به . استيفاء تلك الإجراءات . أثره . انتقــال
حـــــــق الأفراد إلى التعويض . المواد 6 ، 7 ، 8 ، 9 ، 10 ، 11 ، 23 ق10 لسنة
1990 . علة ذلك .
(4) تعويض " التعويض الذى ينشأ عن القانون : التعويض عن نزع الملكية
للمنفعة العامة " .
توقيع صاحب
الشأن على نماذج نقل الملكية الواردة بالمادة 11 ق 10 لسنة 1990 . عدم اعتباره
بيعاً ولو أطلقت الجهة نازعة الملكية على ذلك النموذج اصطلاح استمارة بيع . طبيعته
. إجراء يغنى عن صدور قرار من الوزير المختص . وجوب الفصل فى الدعوى على أساس أنها
منازعة فى إجراءات نزع الملكية وتقدير دلالة التوقيع بحسب ظروف كل دعوى على صحة
البيانات أو القبول بمقدار التعويض أو التنازل عن حق الطعن فيه . مخالفة الحكم المطعون
فيه هذا النظر وقضاؤه بعدم قبول دعواه بزيادة قيمة التعويض عن نزع ملكية أرضه
تأسيساً على أن توقيعه على النماذج الخاصة بنقل الملكية للمنفعة العامة فى مكتب
الشهر العقارى يفقده الصفة فى رفعها لانتقال الملكية للحكومة . مخالفة وخطأ وقصور
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- النص فى
المادة 34 من الدستور أن " الملكية الخاصة مصونة ، ولا يجوز فرض الحراسة
عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائى ، ولا تنزع الملكية إلا
للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقاً للقانون ، وحق الإرث فيها مكفول " ،
والمادة 805 من القانون المدنى على أنه " لا يجوز أن يحرم أحد من ملكة إلا فى
الأحوال التى يقررها القانون ، وبالطريقة التى يرسمها ، ويـكون ذلك فى مقابل تعويض
عادل " . يدل على أن نزع الملكية للمنفعة العامة هو فى حقيقته قرار إدارى
يكشـف عن إفصـاح الإدارة بما لها مـن سلطـة بمقتضى القوانين عن إرادتها الملزمة
للأفراد لإحداث أثر قانونى معين هو نقل الملكية من الأفراد إلى الدومين العام
للدولة ولذلك نصت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدنى تعليقاً على نص المادة
805 على أن " أول وسيلة لحماية المالك هو ألا تنزع منه ملكيته بغير رضاه إلا
فى الأحوال التى قررها القانون ، وبالطريقة التى رسمها ، وفى مقابل تعويض عادل
يدفع مقدماً ، فهناك إذن قيود ثلاثة لحرمان المالك من ملكه دون رضاه " وتـــستمر
المذكــرة الإيضاحية فتبين أن الشرط الأول أن تكون الحالة قد نص عليها القانون
وتضرب مثلاً بنزع الملكية للمنفعـة العامة ، وأن الشرط الثانى هو اتباع الإجراءات التى رسمها القانون ، أما
الشرط الثالث فهو دفع تعويض عادل للمالك يستولى عليه مقدماً قبل أن يتخلى عن ملكة
ويرسم القانون إجراءات تكفل للمالك تقدير هذا التعويض العادل فيما إذا اختلف فى
تقديره مع نازع الملكية ، مع ملاحظة أن النص فى أصله كان يشترط دفع التعويض مقدماً
، ثم حذفت هذه العبارة عند المراجعة .
2- إن المشرع
أكد دوماً على أن قرارات نزع الملكية إنما هى تصرف من جانب واحد سواء فى المذكرة الإيضاحية
لقانون الشهر العقارى حين أشار إلى وجوب شهر التصرفات الإدارية التى تناول حقوقاً
عينية عقارية كمراسيم نزع الملكية أو الإذن الذى تعطيـه الحكومة فى إحياء الأراضى
الموت ، وتوزيع أراضى طرح البحر ، ولقد أكد على ذلك المشرع فى قوانين نزع الملكية
سواء القانون رقم 577 لسنة 1954 الذى بدأت إجراءات نزع الملكية فى ظله ، أو
القانون رقم 10 لسنة 1990 الذى رفعت الدعوى فى نطاق سريانه فكلاهما يوجب أن يصدر
قرار بتقرير المنفعة العامة إما من رئيس الجمهورية أو الوزير المختص ونشرة فى
الجريدة الرسمية يتضمن بياناً إجمالياً للمشروع ورسماً تخطيطياً يحوى بالضرورة
إشارة للعقارات التى سيتم نزع ملكيتها . ثم يلصق القرار والرسم فى أماكن حددها
المشرع ليقوم حق الجهة القائمة على تنفيذ قرار نزع الملكية بالدخول إلى هذه
العقارات لتحصرها وتحدد أصحاب الحقوق عليها ثم يخطرون بالحضور .
3- إن المادة
السادسة من القانون رقم 10 لسنة 1990 على اللجنة التى تتولى تقدير التعويض ويلزم
الجهة طالبة نزع الملكية أن تودع المبلغ المقدر خزانة الجهة القائمة باتخاذ
إجراءات نزع الملكية خلال شهر من تاريخ التقدير وتنص المادة السابعة من هذا
القانون على أنه بعد إيداع مبلغ التعويض تبدأ الجهة القائمة على نزع الملكية
بإعداد كشـوف من واقع عملية الحصر والتحديد تبين فيه العقارات وأسمـاء أصحاب الحقوق
ومقدار التعويض المستحق لكل منهم وتنظم طريقـة عرض هذه الكشوف وإخطار ذوى الشأن
بها وتوجب على الملاك وأصحاب الحقوق الإخلاء فى مدة لا تجاوز خمسة أشهر دون
انتظار الفصل فى أى منازعة ، ثم تنص المادة الثامنة على حق ذوى الشأن فى الاعتراض
على كافة البيانات الواردة فى هذه الكشوف خلال شهر من تاريخ انتهاء مدة عرض الكشوف
المنصوص عليها فى المادة السابعة ، ويكون ذلك للجهة القائمة بالإجراءات ولذوى
الشأن الحق فى الطعن على القرار الذى يصدر على اعتراضهم أمام المحكمة ، ثم تنص
المادة التاسعة على أنه " لكل من الجهة طالبة نزع الملكية وذوى الشأن من
الملاك وأصحاب الحقوق خلال أربعة أشهر من تاريخ انتهاء مدة عرض الكشوف المنصوص
عليها فى المادة " 7 " من هذا القانون الحق فى الطعن على تقدير التعويض
الوارد بكشوف العرض أمام المحكمة الابتدائية ... " وكذا أعطى النص للجهة
طالبة نزع الملكية ذاتها الحـق فى الطعن على تقدير التعويـض الذى سبـق أن أدته ،
كما تنص المادة العاشرة على قيام الجهة المنوط بها الإجراءات إعداد كشوف نهائية
عند عدم تقديم معارضات تصبح حجة على الكافة ، كما نصت المادة " 11 " على
أن يوقع أصحاب العقارات والحقوق التى لم تقدم فى شأنها معارضات على نماذج خاصة
بنقل ملكيتها للمنفعة العامة ، أما الممتلكات التى يتعذر فيها ذلك لأى سبب كان
فيصدر بنزع ملكيتها قرار من الوزير المختص وتودع النماذج أو القرار الوزارى فى
مكتب الشهر العقارى المختص ويترتب على هذا الإيداع بالنسبة للعقارات الواردة بها
جميع الآثار المترتبة على شهر عقد البيع ... " كما تنص المادة " 23
" على أنه " لا توقف دعاوى الفسخ ودعاوى الاستحقاق وسائر الدعاوى
العينية إجراءات نـزع الملكية ولا تمنع نتائجها وينتقل حـق الطالبين إلى التعويـض
" وكل هـذه النصوص مجتمعة تدل دلالة قاطعة على أن شاغل المشرع الوحيد هو
توفير الطريق العادل لإخراج العقارات اللازمة للنفع العام من دائرة الملكية الخاصة
ولا صلة بين إجراءات نزع الملكية وفكرة العقود القائمة على الرضا وتلاقى الإرادات
وتبادل الالتزامات التى لا تتسع لغير نقل الحق وفى حدود ما للبائع من حقوق لأن
الأمر فى شأن نزع الملكية للمنفعة العامة أقرب إلى إنشاء علاقة مستقلة بين الإدارة
والمال المخصص للنفع العام ، ومن هنا فقد حرص المشرع على أن يباعد بين الجهة طالبة
نزع الملكية وأصحاب الحقــوق فلا مفاوضات أو مساومـات أو تصالح ، وإنما أوكل
المشـــرع مهمة إنجاز الإجراءات إلى جهة ثالثة أسماها الجهة القائمة بإجراءات نزع
الملكية هى التى تقدر التعويض وهى التى تحصله من الجهة طالبة نزع الملكية وهى التى
تتخذ الإجراءات وتعد الكشوف وبياناتها حجة ، ولا شأن للجهة طالبة نزع الملكية بما
قد يثار حول ملكية العقار المنزوع ملكيته أو ما عليه من حقوق فبتمام هذه الإجراءات
ينتقل حق الأفراد بصريح نص المادة 23 إلى التعويض أما العقار ذاته قد خرج بتمام
هذه الإجراءات من دائرة التعامل وأصبح لا يصلح أن يكون محلاً لتصرف أو حجز أو
اكتساب أى حق بالتقادم عملاً بنص المادة 88 من القانون المدنى ومن هنا حرص المشرع
على استعمال اصطلاح نزع الملكية لا نقلها ، والتعويض لا الثمن وعلـى سريـان أثر
هـذه الإجراءات على المالك الحقيقى حتى لو اتخذت فى غير مواجهته .
4- إن توقيع
صاحب الشأن على نماذج نقل الملكية المشار إليها بنص المادة (11) لا يعتبر بيعاً
حتى لو أطلقت الجهة نازعة الملكية على هذا النموذج اصطلاح استمارة بيع فما هو إلا
إجراء يغنى عن صدور قرار من الوزير المختص ومن ثم يتعين الفصل فى الدعوى على أساس
أنها لازالت منازعة فى إجراءات نزع الملكية وتقدير دلالة التوقيع بحسب ظروف كل
دعوى على صحة البيانات أو القبول بمقدار التعويض أو التنازل عن حق الطعن فيه ، وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ( أقام قضاءه بعدم قبول دعواه بزيادة قيمة
التعويض ومقابل عدم الانتفاع عن أرضه التى تم نزع ملكيتها منه على أنه بتوقيعه على
النماذج الخاصة بنقل الملكيـة للمنفعـة العامة فى مكتب الشهر العقارى المختص قد
أصبح بائعاً وفقد الصفة فى رفع الدعوى لانتقال الملكية إلى الحكومة فى حين أن
القانون قد حدد إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة وأعطى للمنزوع ملكيته الحق فى
التعويض العادل والاعتراض على القيمة التى تقدرها الجهة القائمة بإجراءات نزع
الملكية وبالتالى فهو يستمد من القانون مباشرة وأن توقيعه على النماذج المذكورة لا
يحول دون حصوله على حقه فى التعويض العادل ) ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى
تطبيقه وجره ذلك إلى القصور فى التسبيب ، بما يعيبه ويوجب نقضه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع
على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة
.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما
الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن
بتاريخ 14/2/1989 صدر قرار السيد الوزير الكهرباء والطاقة رقم .... لسنة 1989
باعتبار مشروع توسع محطة توليد كهرباء غرب القاهرة من اعمال المنفعة العامة وبموجب
ذلك القرار تم الاستيلاء على اراضى ملك الطاعن عبارة عن أرض بور صالحة للمبانى
مساحتها 4192,1 م2 وأرض زراعية منزرعة قدرها 2س 2ط 2ف
وقدرت هيئة المساحة التعويض عن تلك الأراضى ومقابل عدم الانتفاع بما لا
يتناسب مع قيمتها الحقيقة فأقام الدعوى رقم .... لسنـة 1994 الجيزة الابتدائية
بطلب زيادة قيمة التعويض ومقابل عدم الانتفاع ، ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت
خبيراً فى الدعوى قضت بزيادة مبلغ التعويض ومقابل عدم الانتفاع إلى المبلغ الذى
قدرته بحكم استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم .... لسنة 121 ق القاهرة ، كما استأنفه
المطعون ضده الثانى بصفته أمـام ذات المحكمـة بالاستئنـاف رقم .... لسنة 121 ق ،
وبتاريخ 26/3/2006 حكمت المحكمة فى استئناف الطاعن بالإلغاء وبعدم قبول الدعوى
المستأنف حكمها وفى الاستئناف الآخر برفضه . طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض ،
وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرِض الطعنان
على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى
تطبيقه والقصور فى التسبيب ، ذلك أن الحكم قد أقام قضاءه بعدم قبول دعواه بزيادة
قيمة التعويض ومقابل عدم الانتفاع عن أرضى التى تم نزع ملكيتها منه على أنه
بتوقيعه على النماذج الخاصة بنقل الملكية للمنفعة العامة فى مكتب الشهر العقارى
المختص قد أصبح بائعاً وفقد الصفة فى رفع الدعوى لانتقال الملكية إلى الحكومة ، فى
حين أن القانون قد حدد
إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة وأعطى للمنزوع ملكيته الحـق فى التعويــض العادل
والاعتراض على القيمة التى تقدرها الجهة القائمة بإجراءات نـزع الملكية وبالتالى
فهـو يستمد حقه من القانون مباشرة ، وأن توقيعه على النماذج المذكورة لا يحول دون
حصوله على حقه فى التعويض العادل ، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى سديد ، ذلك أن النص فى المادة 34 من الدستور أن "
الملكية الخاصة مصونة ، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى
الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائى ، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة
ومقابل تعويض وفقاً للقانون ، وحق الإرث فيها مكفول " ، والمادة 805 من
القانون المدنى على أنه " لا يجوز أن يحرم أحد من ملكة إلا فى الأحوال التى
يقررها القانون ، وبالطريقة التى يرسمها ، ويـكون ذلك فى مقابل تعويض عادل "
يدل على أن نزع الملكية للمنفعة العامة هو فى حقيقته قرار إدارى يكشف عن إفصاح
الإدارة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين عن إرادتها الملزمة للأفراد لإحداث أثر
قانونى معين هو نقل الملكية من الأفراد إلى الدومين العام للدولة ، ولذلك نصت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدنى تعليقاً
على نص المادة 805 على أن " أول وسيلة لحماية المالك هو ألا تنزع منه
ملكيته بغير رضاه إلا فى الأحوال التى قررها القانون ، وبالطريقة التى رسمها ، وفى
مقابل تعويض عادل يدفع مقدماً ، فهناك إذن قيود ثلاثة لحرمان المالك من ملكه دون
رضاه " وتستمر المذكرة الإيضاحية فتبين أن الشرط الأول أن تكون الحالة قد نص
عليها القانون وتضرب مثلاً بــنزع الملكية للمنفعة العامـة وأن الشرط الثانى هو
اتباع الإجراءات التى رسمها القانون ، أما الشرط الثالث فهو دفع تعويض عادل للمالك
يستولى عليه مقدماً قبل أن يتخلى عن ملكة ويرسم القانون إجراءات تكفل للمالك تقدير
هذا التعويض العادل فيما إذا اختلف فى تقديره مع نازع الملكية " مع ملاحظة أن
النص فى أصله كان يشترط دفع التعويض مقدماً ، ثم حذفت هذه العبارة عند المراجعة ،
ولقد أكد المشرع دوماً على أن قرارات نزع الملكية إنما هى تصرف من جانب واحد سواء
فى المذكرة الإيضاحية لقانون الشهر العقارى حين أشار إلى وجوب شهر التصرفات
الإدارية التى تناول حقوقاً عينية عقارية كمراسيم نزع الملكية أو الإذن الذى تعطـيـه الحكومة فى إحياء الأراضى الموات ، وتوزيع
أراضى طرح البحر ، ولقد أكد على ذلك المشرع فى قوانين نزع الملكية سواء القانون
رقم 577 لسنة 1954 الذى بدأت إجراءات نزع الملكية فى ظله ، أو القانون رقم 10 لسنة
1990 الذى رفعت الدعوى فى نطاق سريانه ، فكلاهما يوجب أن يصدر قرار بتقرير المنفعة
العامة إما من رئيس الجمهورية أو الوزير المختص ونشرة فى الجريدة الرسمية يتضمن
بياناً إجمالياً للمشروع ورسماً تخطيطياً يحوى بالضرورة إشارة للعقارات التى سيتم
نزع ملكيتها ، ثم يلصق القرار والرسم فى أماكن حددها المشرع ليقوم حق الجهة
القائمة على تنفيذ قرار نزع الملكية بالدخول إلى هذه العقارات لتحصرها وتحدد أصحاب
الحقوق عليها ثم يخطرون بالحضور ، وتنص المادة السادسة من القانون رقم 10 لسنة
1990 على اللجنة التى تتولى تقدير التعويض ويلزم الجهة طالبة نزع الملكية أن تودع
المبلغ المقدر خزانة الجهة القائمة باتخاذ إجراءات نزع الملكية خلال شهر من تاريخ
التقدير ، وتنص المادة السابعة من هذا القانون على أنه بعد إيداع مبلغ التعويض
تبدأ الجهة القائمة على نزع الملكية بإعداد كشوف من واقع عملية الحصر والتحديد
تبين فيه العقارات واسماء أصحاب الحقوق ومقدار التعويض المستحق لكل منهم وتنظم
طريقة عرض هذه الكشوف وإخطار ذوى الشأن بها وتوجب على الملاك وأصحاب الحقوق
الإخلاء فى مدة لا تجاوز خمسة أشهر دون انتظار الفصل فى أى منازعة ، ثم تنص المادة
الثامنة على حق ذوى الشأن فى الاعتراض على كافة البيانات الواردة فى هذه الكشوف
خلال شهر من تاريخ انتهاء مدة عرض الكشوف المنصوص عليها فى المادة السابعة ، ويكون
ذلك للجهة القائمة بالإجراءات ولذوى الشأن الحق فى الطعن على القرار الذى يصدر على
اعتراضهم أمام المحكمة ، ثم تنص المادة التاسعة على أنه " لكل من الجهة طالبة
نزع الملكية وذوى الشأن من الملاك وأصحاب الحقوق خلال أربعة أشهر من تاريخ انتهاء
مدة عرض الكشوف المنصوص عليها فى المادة " 7 " من هذا القانون الحق فى الطعن
على تقدير التعويض الوارد بكشـــوف العرض أمام المحكمة الابتدائية ... " وكذا
أعطى النص للجهة طالبة نزع الملكية ذاتها الحـق فى الطعن على تقدير التعويـض الذى
سبـق أن أدته ، كما تنص المادة العاشرة على قيام الجهة المنوط بها الإجراءات إعداد
كشوف نهائية عند عدم تقديم معارضات تصبح حجة على الكافة ، كما نصت المادة " 11
" على أن يوقع أصحاب العقارات والحقوق التى لم تقدم فى شأنها معارضات على
نماذج خاصة بنقل ملكيتها للمنفعة العامة ، أما الممتلكات التى يتعذر فيها ذلك لأى
سبب كان فيصدر بنزع ملكيتها قرار من الوزير المختص وتودع النماذج أو القرار
الوزارى فى مكتب الشهر العقارى المختص ويترتب على هذا الإيداع بالنسبة للعقارات
الواردة بها جميع الآثار المترتبة على شهر عقد البيع ... " ، كما تنص المادة
23 على أنه " لا توقف دعاوى الفسخ ودعاوى الاستحقاق وسائر الدعاوى العينية
إجراءات نزع الملكية ولا تمنع نتائجها وينتقل حق الطالبين إلى التعويض " وكل
هذه النصوص مجتمعة تدل دلالة قاطعة على أن شاغل المشرع الوحيد هو توفير الطريق
العادل لإخراج العقارات اللازمة للنفع العام من دائرة الملكية الخاصة ولا صلة بين
إجراءات نزع الملكية وفكرة العقود القائمة على الرضا وتلاقى الإرادات وتبادل
الالتزامات التى لا تتسع لغير نقل الحق وفى حدود ما للبائع من حقوق ، لأن الأمر فى
شأن نزع الملكية للمنفعة العامة أقرب إلى إنشاء علاقة مستقلة بين الإدارة والمال
المخصص للنفع العام ، ومن هنا فقد حرص المشرع على أن يباعد بين الجهة طالبة نزع
الملكية وأصحاب الحقوق فلا مفاوضات أو مساومات أو تصالح وإنما أوكل المشرع مهمة
إنجاز الإجراءات إلى جهة ثالثة أسماها الجهة القائمة بإجراءات نزع الملكية هى التى
تقدر التعويض وهى التى تحصله من الجهة طالبة نزع الملكية وهى التى تتخذ الإجراءات
وتعد الكشوف وبياناتها حجة ولا شـــأن للجهـة نزع الملكية بما قد يثار حول ملكية
العقار المنزوع ملكيته أو ما عليه من حقوق فبتمام هذه الإجراءات ينتقل حق الأفراد
بصريح نص المادة 23 إلى التعويض أما العقار ذاته قد خرج بتمام هذه الإجراءات من
دائرة التعامل وأصبح لا يصلح أن يكون محلاً لتصرف أو حجز أو اكتساب أى حق بالتقادم
عملاً بنص المادة 88 من القانون المدنى ومن هنا حرص المشرع على استعمال اصطلاح نزع
الملكية لا نقلها ، والتعويض لا الثمن وعلـى سريـان أثر هـذه الإجراءات على المالك
الحقيقى حتى لو اتخذت فى غير مواجهته ، وبالتالى فإن توقيع صاحب الشأن على نماذج نقل
الملكية المشار إليها بنص المادة " 11 " لا يعتبر بيعاً حتى لو أطلقت
الجهة نازعة الملكية على هذا النموذج اصطلاح استمارة بيع فما هو إلا إجراء يغنى عن
صدور قـــرار من الوزير المختص ، ومن ثم يتعين الفصل فى الدعوى على أساس أنها
لازالت منازعة فى إجراءات نزع الملكية وتقدير دلالة التوقيع بحسب ظروف كل دعوى على
صحة البيانات أو القبول بمقدار التعويض أو التنازل عن حق الطعن فيه ، وإذ خالف
الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وجره
ذلك إلى القصور فى التسبيب ، بما يعيبه ويوجب نقضه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق