جلسة 24 من يناير سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ ناجي إسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام وأحمد عبد الرحمن ومجدي أبو العلا نواب رئيس المحكمة وعبد الرؤوف عبد الظاهر.
---------------
(19)
الطعن رقم 5049 لسنة 64 القضائية
(1) مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية. يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها.
(2) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". استدلالات.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(3) دستور. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
تضمن أمر التفتيش قدراً معيناً من التسبيب أو صدوره في صورة بعينها. غير لازم. المادة 44 من الدستور.
الأمر الصادر بالضبط والتفتيش. ما يكفي لصحته؟
(4) ظروف مشددة. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
القضاء بعقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة لإحراز المخدر بقصد الاتجار بغير سوابق مشددة. النعي على الحكم في شأن تلك الظروف المشددة. غير مقبول.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع.
3 - لما كانت المادة 44 من الدستور لم تشترط قدراً معيناً من التسبيب أو صورة بعينها يجب أن يكون الأمر الصادر بالتفتيش وإنما يكفي لصحته أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة وقعت وأن هناك دلائل وأمارات قوية ضد من يطلب الإذن بضبطه وتفتشيه وتفتيش مسكنه وأن يصدر الإذن بناء على ذلك، ولما كان الطاعن يسلم في تقرير الأسباب بأن الإذن بالتفتيش قد تضمن قدراً من التسبيب، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة لإحراز المخدر بقصد الاتجار، بغير سوابق مشددة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد جوهرين مخدرين "حشيش - أفيون" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً حال كونه سبق الحكم عليه طبقاً للمادة 34 من قانون المخدرات في القضية رقم...... وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1 بند أ فقرة 2 بند 7، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبندين 9، 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة المخدرات المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهرين مخدرين بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وأخطأ في القانون، ذلك بأنه لم يدلل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن، وأطرح دفعه ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي سبقته ولعدم تسببيه تسبيباً كافياً بما لا يسوغه، وقعدت المحكمة عن معاينة مكان الحادث بمعرفتها - رغم طلب الطاعن - إثباتاً لاستحالة حصول الواقعة كما صورها الضابط، هذا إلى أن الحكم أخذ الطاعن بالظرف المشدد المنصوص عليه في البند السابع من الفقرة الثانية من المادة 34 من القانون المطبق. رغم أن الحكم السابق صدوره عليه دانه عن واقعة حدثت قبل سريان القانون رقم 122 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام رقم 182 لسنة 1960، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان إحراز بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه إنه عرض لقصد الاتجار في قوله: "وحيث إنه عن قصد المتهم من إحراز المخدر فإن المحكمة ترى أنه يقصد الاتجار إذ أكدت التحريات ذلك فضلاً عن سابقة ضبطه في مرات سابقة حسب الثاني بالأوراق، كما أن واقعة الضبط وتجزئة المضبوطات على نحو ينبئ بأنها معدة للبيع كما يؤكد ذلك القصد إحراز المتهم لجوهرين مخدرين حشيشاً وأفيوناً مما يدل على توافر قصد الاتجار في حقه وسبق الحكم عليه في الجناية الواردة بوصف النيابة العامة". وكانت المحكمة قد اقتنعت - في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - أن إحراز الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار، فإن ما يثيره بدعوى القصور في التسبيب لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكانت المادة 44 من الدستور لم تشترط قدراً معيناً من التسبيب أو صورة بعينها يجب أن يكون عليها الأمر الصادر بالتفتيش إنما يكفي لصحته أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة وقعت وأن هناك دلائل وأمارات قوية ضد من يطلب الإذن بضبطه وتفتشيه وتفتيش مسكنه وأن يصدر الإذن بناء على ذلك، ولما كان الطاعن يسلم في تقرير الأسباب بأن الإذن بالتفتيش قد تضمن قدراً من التسبيب، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن اقتصر في مرافعته على النعي بخلو الأوراق من معاينة لمكان الواقعة، ولم يطلب من محكمة الموضوع تدارك هذا النقص، فإنه ليس للطاعن أن ينعى عليها قعودها عن إجراء معاينة لم تطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائها بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شاهدا الإثبات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة لإحراز المخدر الاتجار، بغير سوابق مشددة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق