جلسة 23 من أكتوبر سنة 2008
برئاسة
السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / علي
فرجاني ، حمدي ياسين ، صبري شمس الدين ومحمد عبد الوهاب نواب رئيس المحكمة
.
--------------
(83)
الطعن 46865 لسنة 75 ق
(1) جريمة " أركانها "
. شركات توظيف الأموال . قانون " تفسيره "" سريانه " .
المادتان
الأولى والحادية والعشرون من القانون 146 لسنة 1988 . مفادهما ؟
الركن
المادي لجريمة تلقي أموال من الجمهور المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون
146 لسنة 1988 ؟
معنى الجمهور في اللغة والاصطلاح القانوني
والاقتصادي ؟
(2) حكم " بيانات حكم الإدانة " .
حكم
الإدانة . بياناته ؟
(3) جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب ".
شركات توظيف الأموال . نقض " حالات الطعن . الخطـأ في تطبيق القانون
"" أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
إدانة الطاعن بجريمة تلقي
أموال لاستثمارها بالمخالفة للأوضاع المقررة قانوناً والامتناع عن ردها لأصحابها
وتوجيه الدعوة لجمع هذه الأموال دون استظهار وصف الجمهور وكيفية توجيه الدعوة له
والعلانية التي وقعت من الطاعن والمحكوم عليه الآخر لتوجيه الدعوة إلى الاكتتاب .
قصور.
________________
1- لما كان الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة
الدعوى في قوله : " إنه بتاريخ.... وعلى إثر تلقي المقدم .... المفتش
بإدارة مكافحة جرائم النقد والتهريب بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة بلاغاً
من بعض المواطنين بإيداعهم أموالاً لدى كل من المتهمين .... (سبق الحكم عليه)
و .... المتهمة الماثلة لتوظيفها مقابل أرباح شهرية ، وذلك في غضون المدة من نهاية
سنة .... حتى نهاية سنة .... حيث قام المتهمان بعد وفاة والد المتهم الأول
وتعثره في إدارة المحل المخلف عنه والكائن .... شارع ....دائرة قسم....ويعمل
بتجارة الكاوتشوك ومستلزمات السيارات ، فعرضت المتهمة الثانية (الماثلة) أن
يقوما سوياً بدعوة جمهور من الأفراد بدون تمييز وتلقي أموالاً منهم لتشغيلها
وتوظيفها في المحل المشـار إليه نظير عائد شهري يدفع لهم ،وقاما فعلاً بدعوة
الأفراد إلى دفع أموالهم إليهم لتوظيفها في محلها نظير عائد وذلك خلال المدة
المنوه عنها سلفا حيث قاما بتلقي حوالى سبعمائة ألف جنيه مصري من المودعين بغير
تمييز ، والذين كان يصرف لهم ربح شهري بنسب متفاوتة وفقاً لتقديرها الشخصي لكل
مودع من المودعين ، وإنهما باشرا هذا النشاط بدون الحصول على ترخيص من الجهات
المختصة قانوناً ثم تعثرا وامتنعا عن رد أصول المبالغ السابق تسلمها أو أرباحها
للمودعين " . لما كان ذلك ، وكانت المادة الأولى من القانون رقم 146 لسنة
1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها قد حظرت على غير
الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بهيئة سوق المـال أن تتلقى أموالاً من
الجمهور بأي عملة أو أية وسيلة وتحت أي مسمى لتوظيفهـا أو استثمارها أو المشاركة
بها سواء كان الغرض صريحاً أو مستتراً ، كما حظرت على غيـر هذه الشركات توجيه دعوة
للجمهور بأية وسيلة مباشرة أو غير مباشرة للاكتتاب العام أو لجمع هذه الأموال
لتوظيفها واستثمارها أو المشاركة بها . ونصت الفقرة الأولى من المادة 21 من هذا
القانون على أنه " كل من تلقى أموالاً على خلاف أحكام هذا القانون أو
امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل
عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن مثلى ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها ويحكـم
على الجاني برد الأموال المستحقة إلى أصحابها " . ونصت المادة سالفة الذكر في
فقرتها الأخيرة على معاقبة توجيه الدعوة للاكتتاب العام أو لجمع هذه الأموال
بالمخالفة لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون ذاته بالسجن
وبغرامة لا تقل عن خمسيـن ألف جنيه ولا تزيد عن مائة ألف جنيه . ولما كان نص
المادة الأولى المشار إليه يحظر على غير الشركات المحددة فيه تلقي أموالاً من
الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها ، فإن الشرط المفترض في الركن
المادي لتلقي الأموال المؤثم أن يكون التلقي من الجمهور ، أي من أشخاص بغير تمييز
بينهم وبغير رابطة خاصة تربطهم بمتلقي الأموال ، وهو ما يعني أن تلقي الأموال لم
يكن مقصوراً على أشخاص معينين بذواتهم أو محددين بأعينهم ، وإنما كان مفتوحاً
لكافة الناس دون تمييز أو تحديد ، دل على ذلك استعمال المشرع لكلمة "
الجمهور " للتعبير عن أصحاب الأموال ، فالجمهور في اللغة" الناس جلهم
" وأن " الجمهور من كل شيء معظمه " وهو ما يوافق قصد المشرع على ما
أفصحت عنه الأعمال التحضيرية لمشروع القانون المشار إليه ومناقشته في مجلس الشعب ،
فقد أوضح أحد أعضاء المجلس المقصود من النص المذكور بقوله :" المقصود بهذا
النص هو تنظيم مسألة التعرض لأخذ أموال الجمهور بغير تمييز ، أما بالنسبة
للاتفاقات الخاصـة المحددة بين فرد أو أكثر وبعض الأفراد الذين تربطهم علاقات خاصة
تدعو للطمأنينة بين بعضهم البعض ، ودون عرض الأمر على عموم الجمهور ، فإن هذه
المادة وهـذا المشروع لا يتعرض لها . " وأكد وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية
المعنى ذاته بقوله : " تتلقى الأموال من الجمهور أي من أشخاص غير محددين
ومعنى ذلك أن الجمعيات التي تتم بين الأسر في إطار أشخاص محددين أو ما يسمى بشركات
المحاصة لا تدخل تحت طائلة مشروع القانون ".
2 - لما كانت المادة 310 من قانون
الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة
للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلص
منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً .
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان
الطاعنة بجرائم تلقي أموالاً لاستثمارها بالمخالفة للأوضاع المقررة قانوناً ، والامتناع
عن ردها لأصحابها وتوجيه الدعوة لجمع هذه الأموال ، لم يستظهر وصف الجمهور - على
النحو السالف بيانه - ومدى تحققه في الدعوى المطروحة وعلاقة أصحاب الأموال بكل من
الطاعنة والمحكوم عليه الآخر ، بحيث يبين ما إذا كان تلقي الأموال من أشخاص
غير محددين بذواتهم أم كان على وجه آخر ، كما لم يعن ببيان كيفية توجيه الدعوة
للجمهور ووسيلة ذلك، وما العلانية التي وقعت من الطاعنة والمحكــوم عليه الآخر
لتوجيه الدعوة إلى الاكتتاب وجمع الأموال ، وكيف أن هذه الوسيلة كانت سببـاً في جمع
تلك الأموال ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة
النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم مما
يتعين معه نقضه والإعادة .
________________
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة وآخر سبق الحكم
عليه بأنها: 1- وجهت دعوى للجمهور بوسائل مباشرة وغير مباشرة لجمع
الأموال لتوظيفها في مشروعات تجارية ( تجارة الكاوتش وقطع غيار السيارات ) وذلك
بعد العمل بأحكـام القانون رقم 146 لسنة 1988 على النحو المبين بالأوراق . 2- تلقيا
أموالاً بلغ قدرها سبعمائة ألف جنيه مصري من إجمالي عشرين مودع وذلك بغرض توظيفها
واستثمارهـا في المشروعات سالفة البيان . 3- امتنعا عن رد المبالغ
المبينة قدراً بالتهمة السابقــة وذلك على النحو المبين بالأوراق .
وأحالتها إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف
الواردين بأمـر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمـواد 1/1 ، 2 ،
21/ 1 ، 4 من القانون رقم 146 لسنة 1988 بمعاقبتها بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريمها
مائة ألف جنيه وبإلزامها بالتضامن مع المتهم السابق الحكم عليه في الدعوى ....
رد مبلغ وقدره سبعمائة ألف جنيه إلى أصحابها المودعين ، وفى الدعوى المدنية بإلزامها
بالتضامن مع المتهم السابق الحكم عليه بأن يؤديا للمدعين بالحق المدني مبلغاً قدره
... جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ .
________________
المحكمـة
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصَّل واقعة الدعوى في قوله :"
إنه بتاريخ ..... وعلى إثر تلقي المقدم ..... المفتش بإدارة مكافحة جرائم
النقد والتهريب بالإدارة العامة لمباحث الأموال العامة بلاغاً من بعض المواطنين
بإيداعهم أمولاً لدى كل من المتهمين ..... (سبق الحكم عليه) و..... المتهمة
الماثلة لتوظيفها مقابل أرباح شهرية ، وذلك في غضون المدة من نهاية سنة .... حتى
نهاية سنة ... حيث قام المتهمان بعد وفاة والد المتهم الأول وتعثره في إدارة
المحل المخلف عنه والكائن ... دائرة قسم ..... ويعمل بتجارة الكاوتشوك
ومستلزمات السيارات ، فعرضت المتهمة الثانية (الماثلة) أن يقوما سوياً بدعوة
جمهور من الأفراد بدون تمييز وتلقي أموالاً منهم لتشغيلها وتوظيفها في المحل
المشـار إليه نظير عائد شهري يدفع لهم وقاما فعلا بدعوة الأفراد إلى دفع أموالهم
إليهم لتوظيفهـا في محلها نظير عائد وذلك خلال المدة المنوه عنها سلفاً ، حيث قاما
بتلقي حوالى سبعمائة ألف جنيه مصري من المودعين بغير تمييز ، والذين كان يصرف لهم
ربح شهري بنسب متفاوتة وفقا لتقديرها الشخصي لكل مودع من المودعين ، وإنهما باشرا
هذا النشاط بدون الحصول على ترخيص من الجهات المختصة قانوناً ، ثم تعثرا وامتنعا
عن رد أصــول المبالغ السابق تسلمها أو أرباحها للمودعين" . لما كان ذلك ،
وكانت المادة الأولى من القانون رقم 146 لسنة 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال
تلقي الأموال لاستثمارها قد حظرت على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك
بهيئة سوق المال أن تتلقى أموالاً من الجمهور بأي عملة أو أية وسيلة وتحت أي مسمى
لتوظيفهـا أو استثمارها أو المشاركة بها سواء كان الغرض صريحاً أو مستتراً ، كما
حظرت على غيـر هذه الشركات توجيه دعوة للجمهور بأية وسيلة مباشرة أو غير مباشرة
للاكتتاب العام ، أو لجمع هذه الأموال لتوظيفها واستثمارها أو المشاركة بها ، ونصت
الفقرة الأولى من المادة 21 من هذا القانون على أنه " كل من تلقى أموالاً
على خلاف أحكام هذا القانون أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو
بعضها يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ، ولا تزيد عن مثلي ما تلقاه
من أموال أو ما هو مستحق منها ويحكم على الجاني برد الأموال المستحقة إلى أصحابها" . ونصت المادة السالفة الذكر في فقرتها الأخيرة على معاقبة توجيه الدعوة
للاكتتاب العام أو لجمع هذه الأموال بالمخالفة لما نصت عليه الفقرة الثانية من
المادة الأولى من القانون ذاته بالسجن و بغرامة لا تقل عن خمسيـن ألف جنيه ولا
تزيد عن مائة ألف جنيه . ولما كان نص المادة الأولى المشار إليه يحظر على غير
الشركات المحددة فيه تلقى أموالاً من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة
بها ، فإن الشرط المفترض في الركن المادي لتلقى الأموال المؤثم أن يكون التلقي من
الجمهور ، أي من أشخاص بغير تمييز بينهم وبغير رابطة خاصة تربطهم بمتلقي الأمـوال
، وهو ما يعنى أن تلقي الأموال لم يكن مقصوراً على أشخاص معينين بذواتهم أو محددين
بأعينهم وإنما كان مفتوحاً لكافة الناس دون تمييز أو تحديد ، دل على ذلك استعمال
المشرع لكلمة " الجمهور " للتعبير عن أصحاب الأموال ، فالجمهور في اللغة
" الناس جلهم " وأن " الجمهور من كل شيء معظمه " وهو ما
يوافق قصد المشرع على ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية لمشروع القانون المشار إليه
ومناقشته في مجلس الشعب ، فقد أوضح أحد أعضاء المجلس المقصود من النص المذكور
بقوله : " المقصود بهذا النص هو تنظيم مسألة التعرض لأخذ أموال الجمهور بغير
تمييز ، أما بالنسبة للاتفاقات الخاصة المحددة بين فرد أو أكثر وبعض الأفراد
الذين تربطهم علاقات خاصة تدعو للطمأنينة بين بعضهم البعض ، ودون عرض الأمر على
عموم الجمهور ، فإن هذه المادة وهذا المشروع لا يتعرض لها " وأكد وزير
الاقتصاد والتجارة الخارجية المعنى ذاته بقوله : " تتلقى الأموال من
الجمهور أي من أشخاص غير محددين ومعنى ذلك أن الجمعيات التي تتم بين الأسر في إطار
أشخاص محددين ، أو ما يسمى بشركات المحاصة لا تدخل تحت طائلة مشروع القانون "
. لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل
كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان
الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلص منها الإدانة حتى يتضح وجه
استدلاله بها وسلامة المأخذ وإلا كان قاصراً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون
فيه قد دان الطاعنة بجرائم تلقي أموالاً لاستثمارها بالمخالفة للأوضاع المقررة
قانوناً والامتناع عن ردها لأصحابها وتوجيه الدعوة لجمع هذه الأموال ، ولم
يستظهر وصف الجمهور - على النحو السالف بيانه - ومدى تحققه في الدعوى المطروحة
وعلاقة أصحاب الأموال بكل من الطاعنة والمحكوم عليه الآخر بحيث يبين ما إذا كان
تلقي الأموال من أشخاص غير محددين بذواتهم أم كان على وجه آخر ، كما لم يعن
ببيان كيفية توجيه الدعوة للجمهور ووسيلة ذلك ، وما العلانية التي وقعت من الطاعنة
والمحكــوم عليه الآخر لتوجيه الدعوة إلى الاكتتاب وجمع الأموال ، وكيف أن هذه
الوسيلة كانت سبباً في جمع تلك الأموال ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون
معيباً بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة
كما صار إثباتها في الحكم ، مما يتعين معه نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة لبحث باقي
أوجه الطعن .
________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق