برئاسة
السـيد القاضي / مصطفى عزب مصطفى نائـب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة / عبد المنعـم
دسوقـى ، أحمد الحسيني يوسف ، ناصر
السعيد مشالـى نواب رئيس المحكمة ووائـل سعد رفاعـى .
---------
(1 , 2) نظام عام " القواعد المتعلقة بالنظام العام : ماهيتها
" .
(1) القواعد المتعلقة بالنظام العام . ماهيتها
.
(2) النظام العام . فكرة نسبية . تحديد
القاضى لمضمونها . مناطه . التقيد بالتيار العام السائد بشأنها فى بلده وزمانه .
مؤداه . اعتبارها مسألـة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض .
(3)
دستور " من المبادئ الدستورية : حق التقاضى " .
إعمال حق التقاضى فى محتواه دستورياً .
المقصود به .
(4)
تحكيم " بطلان حكم التحكيم : أسباب بطلان حكم التحكيم : ما يعد من أسباب
البطلان : مخالفه قواعد النظام العام فى مصر " .
المحكمة التى تنظر دعوى البطلان .
قضاؤها ببطلان حكم التحكيم من تلقاء ذاتها . شرطه . تضمنه ما يخالف النظام العام
فى مصر . م 53/2 ق 27 لسنة 1994 . تحقق هذا الشرط عند مخالفة أحد المبادئ الأساسية
فى التقاضى . عدم كفاية مخالفة قاعدة آمرة فـى القانـون المصرى للقضاء به . م 53/1/ج
, ز ق27 لسنة 1994 .
(5)
بطلان " بطلان الإجراءات : التمسك بالبطلان وإثباته : عبء إثبات البطلان
" .
المتمسك بالبطلان . وقوع عبء إثبات
تعييب الإجراءات عليه .
(6)
دعوى " إدخال خصوم فى الدعوى " .
طلب المدين إدخال المدينين المتضامنين
معه للرجوع عليهم بما يؤديه من الدين كل بقدر نصيبه . التزام المحكمة بإجابته .
شرطه .
(7)
تحكيم " بطلان حكم التحكيم : أسباب بطلان حكم التحكيم : ما يعد من أسباب
البطلان : مخالفه قواعد النظام العام فى مصر " .
طلب إدخال المتضامنين مع المدين فى
خصومة التحكيم . مساسة بأحد المبادئ الأساسية فى التقاضى المتعلقة بالنظام العام .
قضاء الحكم المطعون فيه برفض هذا الطلب بحجة أن الدعوى التحكيمية ليست من الدعاوى
التى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين . خطأ وقصور .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أنه
وإن خلا التقنين المدنى من تحديد المقصود بالنظام العام , إلا أن المتفق عليه أنه
يشمل القواعد التى ترمى إلى تحقيق المصلحة العامة للبلاد سواء من الناحية السياسية
أو الاجتماعية أو الاقتصادية والتى تتعلق بالوضع الطبيعى المادى والمعنوى لمجتمع
منظم وتعلو فيه على مصالح الأفراد .
2- النظام العام فكرة نسبية فالقاضى فى
تحديد مضمونها مقيد بالتيار العام السائد بشأنها فى بلده وزمانه , مما تعتبر معه
مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض وفى ذلك ضمانة كبرى لإقامة هذا التحديد على
أسس موضوعية .
3- الدستور - وعلى ما جرى به قضاء محكمة
النقض - قد حرص على إعمال حق التقاضى فى محتواه دستورياً بما لا يجوز معه قصر
مباشرته على فئة دون أخرى أو إجازته فى حالة بذاتها دون سواها , أو إرهاقه بعوائق
منافية لطبيعته , لضمان أن يكون النفاذ إليه حقاً لكل من يلوذ به , غير مقيد فى
ذلك إلا بالقيود التى يقتضيها تنظيمه , والتى لا يجوز بحال أن تصل إلى حد مصادرته
.
4- إذ كان قانون التحكيم رقم 27 لسنة
1994 قد خول بنص الفقرة الثانية من المادة 53 منه للمحكمة التى تنظر دعوى البطلان
سلطة القضاء ببطلان حكم التحكيم من تلقاء ذاتها , إذا تضمن الحكم ما يخالف النظام
العام فى مصر , وقد تحدث المخالفة بسبب عدم احترام ما ينص عليه القانون بالنسبة
للعملية التحكيمية , وقد تكون المخالفة هى فقط القضاء بما يخالف النظام العام فى
مصر , فلا يكفى مخالفة الحكم لقاعدة آمرة فى القانون المصرى , وتعتبر مخالفة أحد
المبادئ الأساسية فى التقاضى كمبدأ المساواة أو الحق فى الدفاع مخالفة متعلقة
بالنظام العام تؤدى إلى بطلان الإجراءات وبالتالى بطلان الحكم إذا أثرت فيه هذه
المخالفة ، هذا فضلاً عن توفر حالة البطلان التى تنص عليها المادة 53/1/ج , ولهذا
فإن الإخلال بحق الدفاع يؤدى إلى بطلان الحكم إذا كان قد أثر فى الحكم إعمالاً لنص
المادة 53/1/ ز من قانون التحكيم سالف البيان .
5- المقرر أنه يقع عبء إثبات تعييب
الإجراءات على من يتمسك بالبطلان .
6- المقرر - فى قضاء محكمة النقض - أن
طلب المدين إدخال المدينين المتضامنين معه للرجوع عليهم بما يؤديه من الدين كل
بقدر نصيبه , يتعين على المحكمة إجابته إلى طلبه وتأجيل الدعوى لإدخال باقى
المدينين إذا كان المدين قد كلفهم بالحضور خلال ثمانية أيام من تاريخ رفع الدعوى
عليه من الدائن , أو إذا كانت الثمانية أيام المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة
لنظر الدعوى .
7- إذ كان الطاعن
قد تمسك بدفاعه محل النعى أمام محكمة الاستئناف بأن رفض طلبه إدخال باقى البائعين
المتضامنين معه فى خصومة التحكيم يخالف المقاصد الكبرى للقانون المصرى المتعلقة
بالنظام العام التى تقضى بحفظ حقوق المدينين المتضامنين وعدم تحميل أحدهم بأكثر من
نصيبه , وهو دفاع - إن صح - قد يتغير به وجه الرأى فى الدعوى إلا أن الحكم المطعون
فيه لم يقسطه حقه من البحث والتمحيص وواجهه بأن الدعوى التحكيمية ليست من الدعاوى
التى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين وانتهى إلى رفض طلبه ورتب على ذلك
قضاءه بإلزامه بالمبلغ المقضى به , مما حجبه عن بحث ما إذا كان طلبه لاتخاذ
إجراءات الإدخال قد تم فى الميعاد المقرر للوقوف على مدى لزوم هذا الإدخال فى
الدعوى التحكيمية ومدى مساسه بأحد المبادئ الأساسية فى التقاضى المتعلقة بالنظام
العام , فجاءت أسباب الحكم المطعون فيه الواقعية مبهمة وقاصرة بحيث تعجز محكمة
النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون ، مما يعيبه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير
الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم
المطعـون فيـه وسائـر أوراق الطعن - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم .... لسنة
123 ق تحكيم لدى محكمة استئناف القاهرة على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بصفة
مستعجلة بوقف تنفيذ حكم التحكيم رقم .... الصادر من مركز القاهرة للتحكيم الدولى
بتاريخ 14 من مارس سنة 2006 وفى الموضوع ببطلانه , وقال بياناً لها إنه بموجب عقد
مؤرخ 14 من أغسطس سنة 2000 تم الاتفاق بين طرفيه البائعين - وهو أحدهم - والمطعون
ضدها كمشترية تقوم بشراء أسهم الشركة الفرعونية للتأمين بنسبة 90 % وبحد أدنى 75 %
, واتفق الطرفان على أنه فى حالة فشل التسوية الودية يتم اللجوء إلى التحكيم لحل
ما ينشأ عن العقد من نزاع , وإذ لجأت المطعون ضدها إليه بتاريخ 28 من يناير سنة 2003
بموجب القضية التحكيمية رقم .... بطلب إلزام الطاعن بأداء تعويض لوجود تناقضات فى
حسابات الشركة الفرعونية على أساس المسئولية التضامنية للبائعين وفقاً للعقد ,
ولدى نظر التحكيم طلب الطاعن إدخال باقى البائعين فى الطرف الثانى من العقد المؤرخ
14 من أغسطس سنة 2000 سالف البيان - خصوماً فى التحكيم - فصدر حكم فرعى برفض طلبه
, وبتاريخ 14 من مارس سنة 2006 حكمت هيئة التحكيم بإلزام المحتكم ضده ( الطاعن )
بسداد مبلغ ثلاثة وعشرين مليوناً وثمانمائة وسبعة وتسعين ألفاً وأربعمائة واثنين
وسبعيـن جنيهـاً مصرياً إلى المحتكمة ( المطعون ضدها ) مع فوائد سنوية بسعر 4 %
تسرى من تاريخ هذا الحكم حتى تمام السداد مع إلزامه بمصاريف التحكيم على النحو
المبين به . أقام الطاعن الدعوى رقم .... لسنة 123 ق أمام محكمة استئناف القاهرة
على المطعون ضدها بطلب بطلان حكم التحكيم لعدم إدخال باقى أفراد الطرف الثانى
بالعقد محل النزاع - البائعين - خصوماً فى التحكيم ولباقى الأسباب , وبتاريخ 7 من
مايو سنة 2008 قضت المحكمة برفض الدعوى . طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم
المطعون فيه ، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة
لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم
المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه , وفى بيان ذلك يقول إنه تمسك فى
صحيفة دعوى البطلان وبمذكرته المقدمة بتاريخ 10 من يناير سنة 2008 أمام محكمة الاستئناف
بأن رفض هيئة التحكيم طلبه إدخال باقى البائعين معه فى خصومة التحكيم يخالف
المقاصد الكبرى للقانون المصرى المتعلقة
بالنظام العام التى تقضى بحفظ حقوق المدينين المتضامنين وعدم تحميل أحدهم بأكثر من
نصيبه وهو ما قضى به حكم التحكيم وألزمه وحده بدفع الدين دونهم وهو ما يزيد عن
مبلغ 23 مليون جنيه مصرى بزعم أن نصيبه فى الدين حوالى 11 % مما لا يستطيع
معه الرجوع عليهم لأنهم لا يُحاجون بهذا الحكم وما أكده فى مذكرته بأنه للمدين
إدخال باقى المدينين المتضامنين حتى إذ حكم عليه بكل الدين حكم له على كل منهم
بقدر حصته وليس للمحكمة رفض هذا الإدخال وإلا فإنها تكون قد أخطأت خطأً إجرائياً
أثر فى الحكم مما يبطله عملاً بالمادة 53/1 , ز من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994
، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر ، وواجه هذا الدفاع بأن الدعوى
التحكيمية ليست من الدعاوى التى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين مما يعيبه
.
وحيث إن هذا النعى
فى أساسه سديد , ذلك بـأن المقرر- فى قضاء هذه المحكمة - أنه وإن خلا
التقنين المدنى من تحديد المقصود بالنظام العام , إلا أن المتفق عليه أنه يشمل
القواعد التى ترمى إلى تحقيق المصلحة العامة للبلاد سواء من الناحية السياسية أو
الاجتماعية أو الاقتصادية والتى تتعلق بالوضع الطبيعى المادى والمعنوى لمجتمع منظم
وتعلو فيه على مصالح الأفراد , وهى فكرة نسبية فالقاضى فى تحديد مضمونها مقيد
بالتيار العام السائد بشأنها فى بلده وزمانه , مما تعتبر معه مسألة قانونية تخضع
لرقابة
محكمة
النقض ، وفى ذلك ضمانة كبرى لإقامة هذا التحديد على أسس موضوعية ، وكان الدستور -
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد حرص على إعمال حق التقاضى فى محتواه
دستورياً بما لا يجوز معه قصر مباشرته على فئة دون أخرى أو إجازته فى حالة بذاتها
دون سواها , أو إرهاقه بعوائق منافية لطبيعته , لضمان أن يكون النفاذ إليه حقاً
لكل من يلوذ به , غير مقيد فى ذلك إلا بالقيود التى يقتضيها تنظيمه , والتى لا
يجوز بحال أن تصل إلى حد مصادرته , وكان قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 قد خَّول
بنص الفقرة الثانية من المادة 53 منه للمحكمة التى تنظر دعوى البطلان سلطة القضاء
ببطلان حكم التحكيم من تلقاء ذاتها , إذا تضمن الحكم ما يخالف النظام العام فى مصر
, وقد تحدث المخالفة بسبب عدم احترام ما ينص عليه القانون بالنسبة للعملية
التحكيمية , وقد تكون المخالفة هى فقط القضاء بما يخالف النظام العام فى مصر , فلا
يكفى مخالفة الحكم لقاعدة آمرة فى القانون المصرى , وتعتبر مخالفة أحد المبادئ
الأساسية فى التقاضى كمبدأ المساواة أو الحق فى الدفاع مخالفة متعلقة بالنظام
العام تؤدى إلى بطلان الإجراءات وبالتالى بطلان الحكم إذا أثرت فيه هذه المخالفة ، هذا فضلاً عن توفر حالة البطلان
التى تنص عليها المادة 53/1/ج , ولهذا فإن الإخلال بحق الدفاع يؤدى إلى
بطلان الحكم إذا كان قد أثر فى الحكم إعمالاً لنص المادة 53/1/ ز من قانون التحكيم
سالف البيان , ويقع عبء إثبات تعييب الإجراءات على من يتمسك بالبطلان , وكان من
المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن طلب المدين إدخال المدينين المتضامنين معه
للرجوع عليهم بما يؤديه من الدين كل بقدر نصيبه , يتعين على المحكمة إجابته إلى
طلبه وتأجيل الدعوى لإدخال باقى المدينين , إذا كان المدين قد كلفهم بالحضور خلال
ثمانية أيام من تاريخ رفع الدعوى عليه من الدائن , أو إذا كانت الثمانية أيام
المذكورة لم تنقض قبل الجلسة المحددة لنظر الدعوى . لما كان ذلك , وكان الطاعن قد
تمسك بدفاعه محل النعى أمام محكمة الاستئناف بأن رفض طلبه إدخال باقى البائعين
المتضامنين معه فى خصومة التحكيم يخالف المقاصد الكبرى للقانون المصرى المتعلقة
بالنظام العام التى تقضى بحفظ حقوق المدينين المتضامنين وعدم تحميل أحدهم بأكثر من
نصيبه , وهو دفاع - إن صح – قد يتغير به وجه
الرأى فى الدعوى إلا أن الحكم المطعون فيه لم يقسطه حقه من البحث والتمحيص وواجهه
بأن الدعوى التحكيمية ليست من الدعاوى التى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين
وانتهى إلى رفض طلبه ورتب على ذلك قضاءه بإلزامه بالمبلغ المقضى به , مما حجبه عن
بحث ما إذا كان طلبه لاتخاذ إجراءات الإدخال قد تم فى الميعاد المقرر للوقوف على
مدى لزوم هذا الإدخال فى الدعوى التحكيمية ومدى مساسه بأحد المبادئ الأساسية فى
التقاضى المتعلقة بالنظام العام , فجاءت أسباب الحكم المطعون فيه الواقعية مبهمة
وقاصرة بحيث تعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون ، مما يعيبه ويوجب نقضه
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق