باسم
الشعب
المحكمة
الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة
يوم السبت 4 نوفمبر سنة 2000 الموافق 8 من شعبان سنة 1421هـ .
برئاسة السيد المستشار /
محمد ولى الدين جلال
رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين
/ حمدى محمد على وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيرى وعدلي
محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله
وحضور السيد المستشار /
عبد الوهاب عبد الرازق رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام
محمد حسن أمين السر
أصدرت
الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا برقم 33 لسنة 21 قضائية "دستورية ".
المقامة
من
السيد / محمد الراوي جاد
عبد الجليل
ضد
1 - السيد /حشمت محمود
محمد الشاذلي
2 - السيدة / اعتدال محمد
الوالى عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر
3 - السيد رئيس مجلس
الوزراء
4 - السيد المستشار وزير
العدل
"
الإجراءات "
بتاريخ الرابع والعشرين
من فبراير سنة 1999، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً
الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (65) من قانون المرافعات المدنية
والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968.
وقدمت هيئة قضايا الدولة
مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ،
أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
"
المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق،
والمداولة .
حيث إن الوقائع - حسبما
يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم
721 لسنة 1995 مدنى البلينا ضد المدعى عليه الأول، ابتغاء الحكم بصحة ونفاذ عقد
بيع أرض زراعية مؤرخ 1/8/1989، وقد تدخلت المدعى عليها الثانية خصماً فى الدعوى
طالبة رفضها باعتبارها مالكة لذات العقار. وبتاريخ 28/5/1997 قضت المحكمة بعدم
قبول الدعوى الأصلية لعدم إشهار صحيفتها إعما لاً لحكم الفقرة الثانية من المادة
(65) من قانون المرافعات المدنية والتجارية ، وبتثبيت ملكية المدعى عليها الثانية
لقطعة الأرض موضوع النزاع، فأقام كل من المدعى والمدعى عليه الأول الاستئنافين
رقمى 146، 164 لسنة 1997 جرجا حيث دفع المدعى فى صحيفة استئنافه بعدم دستورية نص
الفقرة الثانية من المادة (65) المشار إليها، وإذ قدرت محكمة الاستئناف جدية دفعه
وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن المادة (65) من
قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 - قبل
تعديلها بالقانون رقم 18 لسنة 1999 - كانت تنص على أن "على المدعى عند تقديم
صحيفة دعواه أن يؤدى الرسم كاملاً وأن يقدم لقلم كتاب المحكمة صوراً من هذه
الصحيفة بقدر عدد المدعى عليهم وصورة لقلم الكتاب وعليه أن يرفق بصحيفة الدعوى
جميع المستندات المؤيدة لدعواه ومذكرة شارحة ".
ثم صدر القانون رقم 6
لسنة 1991 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية المشار إليه ونص فى
المادة الخامسة منه على أن "تضاف إلى كل من المادتين (65، 103) من قانون المرافعات
المدنية والتجارية فقرة جديدة نصها الآتى :-
مادة [65 فقرة ثانية ]:
"ولا تقبل دعوى صحة
التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية إلا إذا شُهرت صحيفتها".
وحيث إن المدعى ينعى على
نص الفقرة الثانية من المادة (65) المشار إليها أنه قد وضع قيداً على حق المواطن
فى اللجوء إلى القضاء بالمخالفة للمادة (68) من الدستور، فضلاً عن أنه يمس الحرية
الشخصية ويناقض مبدأى تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون.
وحيث إن الملكية وإن
كفلها الدستور، إلا أن تنظيمها – بما لا يعطل فحواها، أو يهدر أصلها، أو يفرق
أجزاءها، أو يعطل الحقوق المتفرعة عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية -
إنما يدخل فى نطاق السلطة التقديرية التى يملكها المشرع فى مجال تنظيم الحقوق
تقديراً بأن الأصل هو إطلاقها إلا إذا قيدها الدستور بضوابط تحد منها؛ وكان
المشرّع قد أصدر القانون رقم 114 لسنة 1946بتنظيم الشهر العقارى ناصاً على إخضاع
الحقوق العينية العقارية الأصلية سواء فى مجال إنشائها أو نقلها أو تغييرها أو
زوالها لنظام التسجيل، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشئ من ذلك، فإذا لم تسجل
انحصرت آثارها فى مجرد التزامات شخصية ترتبها فيما بين ذوى الشأن فيها. كما جعل
لتسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد - كلما كان محلها أحد الحقوق العينية العقارية
الأصلية - أثراً هاماً بحيث إذا ما تقرر حق المدعى بحكم وأشر به عليها طبقاً
للقانون صار هذا الحق حجة على كل من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل
صحيفة الدعوى أو التأشير بها، باعتبار أن انتقال تلك الحقوق إلى الأسبق إلى إتمام
إجراءات شهرها لا يعدو أن يكون ترتيباً منطقياً وعادلاً فيما بين المتزاحمين عليها
لتقرير أولاهم وأحقهم في مجال طلبها واقتضائها وحمايتها.
وحيث إن التطبيق العملي
أظهر قصور القانون عن تحقيق أهدافه لإحجام الكثير من أصحاب الحقوق العينية
العقارية عن شهرها اكتفاء باللجوء إلى طريق دعاوى صحة التعاقد دون تسجيلها، وكان
المشرع ما قرر نظم الشهر إلا كفالة للاطمئنان فى مجال التعامل فى العقار تحقيقاً
للحماية التى يكفلها الدستور لحق الملكية وما يتفرع عنه من حقوق عينية ، نافذة
بطبيعتها فى حق الكافة ؛ فقد غدا لازماً - بالتالى - أن ييسر المشرع على من
يتعاملون فيها العلم بوجودها من خلال شهر الأعمال القانونية التى تعتبر مصدراً
لها، إثباتاً لحقائقها وبياناتها الجوهرية ، فلا يكون أمرها خافياً على أولئك
المتعاملين؛ ومن ثم فقد كان لزاماً على المشرع تأكيداً لهذه الحماية أن يتدخل مرة
أخرى بالنص المطعون فيه الذى علق قبول دعوى صحة التعاقد على شهر صحيفتها.
وحيث إن من المقرر - وعلى
ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن لحق التقاضى غاية نهائية يتوخاها تمثلها
الترضية القضائية التى يناضل المتقاضون من أجل الحصول عليها لجبر الأضرار التى
أصابتهم من جراء العدوان على حقوق يطلبونها، فإذا أرهقها المشرع بقيود تعسر الحصول
عليها، أو تحول دونها، كان ذلك إخلالاً بالحماية التى كفلها الدستور لهذا الحق،
وإنكاراً لحقائق العدل فى جوهر ملامحها؛ ولما كانت شروط قبول الدعوى وثيقة الصلة
بالحق فى رفعها، وغايتها ألا تُقبل الخصومة القضائية قبل أوانها، أو بعد انتهاء
النزاع فى موضوعها، أو قبل استيفائها لعناصر تكفل نضجها وتماسكها واستوائها على
سوقها، بحيث تضحى جديرة بتحقيق الغاية المرجوة لحق التقاضى ، فإن تدخل المشرع باعتبار
شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد شرطاً لقبولها بهدف الوصول بهذه الدعوى إلى غايتها
وحصول المدعى على الترضية القضائية المرجوة المتمثلة فى كفالة الحماية القانونية
للحقوق العينية التى يدعيها، لا يصادم حق التقاضى الذى كفله الدستور بالمادة (68)
منه.
وحيث إن دعوى صحة التعاقد
تستهدف مواجهة تقاعس المدعى عليه عن تسجيل حق من الحقوق العينية العقارية ، بتمكين
المدعى من الحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد الأصلى ، فإن النص الطعين
وقد ألزمه بشهر صحيفة تلك الدعوى لايكون قد سلبه حق المفاضلة بين تسجيل العقد أو
الإبقاء عليه بغير تسجيل ومن ثم فإن القول بأنه يفرض قيداً على إرادة المتعاقدين
يكون وهماً.
وحيث إن النص المطعون
عليه يخاطب كل من يلجأ إلى رفع دعوى صحة التعاقد عن حق من الحقوق العينية العقارية
ولا يقيم تمييزاً بين مراكز قانونية تتحد العناصر التى تكونها، أو يناقض ما بينها
من اتساق، بل يظل المخاطبون به ملتزمين بقواعد موحدة فى مضمونها وأثرها؛ كما لا
صلة له بفرص قائمة تقدمها الدولة يجرى التزاحم عليها؛ فإن قالة مناقضته لمبدأى
المساواة وتكافؤ الفرص تكون لغواً.
فلهذه
الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى
، وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق