الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

دستورية تقدير مجلس نقابة التجاريين لأتعاب عضو النقابة

الطعن 137 لسنة 32 ق "دستورية" جلسة 1 / 10 / 2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أكتوبر سنة 2016م، الموافق التاسع والعشرين من ذي الحجة سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 137 لسنة 32 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة مصر الجديدة الجزئية الدائرة (3) مدني جزئي مصر الجديدة بحكمها الصادرة بجلسة 30/6/2009 ملف الدعويين رقمي 463 و464 لسنة 2003 مدني جزئي مصر الجديدة.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أنه سبق للمحاسب/ ...... أن تقدم إلى لجنة تقدير الأتعاب بنقابة التجاريين بطلب إصدار أمر تقدير أتعاب ضد السيد/ ...... بصفته رئيس مجلس إدارة شركة ...... المتحدة لخدمات الشحن الدولي قيد برقم 416/1994، أشار فيه إلى أحقيته في تقاضي مبلغ عشرة آلاف جنيه من الشركة المذكورة كأتعاب عن الأعمال التي قام بأدائها بناء على تكليف من الشركة، وبتاريخ 16/12/1996، أصدرت اللجنة قرارها بتقدير الأتعاب بواقع خمسمائة جنيه عن كل سنة من السنوات من 1979 حتى 1995، وبإجمالي سبع سنوات، وإلزام الشركة بسداد مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه كأتعاب مستحقة للمحاسب المذكور، بالإضافة إلى المصروفات وقدرها خمسمائة جنيه، وإذ لم يرتض كل من الطرفين هذا القرار فقد أقام المحاسب/ ...... الدعوى رقم 429 لسنة 1997 مدني مستأنف أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الشركة طعنا على هذا الأمر، بطلب تعديل القرار فيما قضى به من إلزام الشركة بأداء المبلغ المشار إليه، على سند من أن قيمة الأتعاب التي قدرتها اللجنة لا تتناسب مع الأعمال المسندة إليه من الشركة، وما عاد عليها من نفع نتيجة خبرته، كما أقام السيد/ ...... ضد المحاسب المار ذكره الدعوى رقم 4921 لسنة 1997 مدني كلي أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، بطلب الحكم بإلغاء قرار اللجنة المشار إليه، واعتباره كأن لم يكن، وبراءة ذمة الشركة من المبلغ سالف الذكر، قولا منه: إن المحاسب لم يقم بأي عمل يستحق عنه هذه الأتعاب، وأن اللجنة لم تبين بقرارها الأسس التي بنت عليها هذا التقدير، وبجلسة 26/2/1998، قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيميا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى الدائرة (21) مدني مستأنف شمال القاهرة، ونفاذا لذلك أحيلت الدعوى إلى تلك الدائرة وقيدت أمامها برقم 525 لسنة 1998 مدني مستأنف شمال القاهرة، وبجلسة 22/4/1998، قررت المحكمة ضم الدعوى الأخيرة للدعوى رقم 429 لسنة 1997 مدني مستأنف شمال القاهرة للارتباط، وليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 30/4/2003، قضت المحكمة بعدم اختصاصها قيميا بنظر الدعويين، وإحالتهما إلى محكمة مصر الجديدة الجزئية، حيث تم قيدهما أمامها برقم 463 و464 لسنة 2003 مدني جزئي مصر الجديدة، وبجلسة 30/6/2009، قضت المحكمة بوقف الدعويين، وإحالتهما إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادتين (48 و49) من القانون رقم 40 لسنة 1972 المشار إليه، وذلك لما ارتأته من مخالفتهما لنصوص المواد (40 و68 و165 و167) من دستور سنة 1971
وحيث إن المادة (48) من القانون رقم 40 لسنة 1972 بإنشاء نقابة التجاريين تنص على أن "يقدر مجلس النقابة أتعاب العضو بناء على طلبه أو طلب الموكل وذلك عند عدم الاتفاق عليها كتابة، وللمجلس أن يشكل لجنة أو أكثر تتألف كل منها من رئيس وأربعة أعضاء من أعضائه للفصل في طلبات التقدير ويكون اجتماعها صحيحا بحضور ثلاثة من أعضائها ويعتبر القرار الصادر في هذا الشأن صادرا من المجلس
ويجب أن تخطر النقابة المطلوب التقدير ضده بصورة من طلب التقدير وبالجلسة التي تحددها اللجنة بكتاب موصى عليه ليحضر أمام المجلس أو لتقديم ملاحظاته كتابة في المدة التي تحددها اللجنة كما يجب إخطار طالب التقدير بالجلسة المحددة لنظر الطلب قبل موعدها بأسبوع على الأقل ولا يجوز رفع الأمر إلى القضاء قبل عرضه على مجلس النقابة
وإذا لم يصدر أمر التقدير خلال ستين يوما من تاريخ تقديم الطلب جاز الالتجاء إلى القضاء ولا يمنع ذلك من اتخاذ الإجراءات التحفظية التي يراها كل طرف ضرورية للمحافظة على حقوقه
وعلى العضو أن يعلن موكله بصورة من أمر التقدير الصادر من مجلس النقابة بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من رئيس المحكمة الابتدائية أو الجزئية التابع لها محل إقامته حسب الأحوال ولا تكون أوامر التقدير نافذة إلا بعد انتهاء ميعاد الطعن فيها
وإذا كان المبلغ المطلوب تقديره لا يجاوز مائتي جنيه كان حق الفصل فيه لمجلس النقابة الفرعية في حدود الأحكام السابقة على أن تبلغ قراراتها إلى مجلس النقابة خلال أسبوعين من تاريخ صدورها
وفي جميع الأحوال تتبع قواعد الإثبات المقررة قانونا عند نظر الطلب
وتنص المادة (49) من هذا القانون على أن "للعضو والموكل الحق في التظلم من أمر التقدير خلال الخمسة عشر يوما التالية لإعلانه بالأمر، وذلك بتكليف خصمه بالحضور أمام المحكمة التي يقيم الأخير بدائرتها كلية كانت أو جزئية حسب قيمة الطلب". 
وحيث إن المصلحة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، وكان النزاع الموضوعي يدور حول الطعن على قرار لجنة تقدير الأتعاب بنقابة التجاريين، من قبل المحاسب مقدم طلب التقدير والشركة المذكورة، وكذا براءة ذمة الشركة من قيمة الأتعاب التي قررت اللجنة إلزام الشركة بأدائها للمحاسب، ومن ثم فإن المصلحة تكون متحققة في الطعن على نص الفقرة الأولى وعجز الفقرة الثانية من المادة (48) من القانون رقم 40 لسنة 1972 المشار إليه، التي تضمنت القواعد الحاكمة لتقدير أتعاب عضو نقابة التجاريين في حالة الخلاف حولها بين الموكل والعضو، بحسبان القضاء في مدى دستورية هذه الأحكام سيكون ذا أثر وانعكاس على الدعوى الموضوعية، والطلبات المطروحة بها، وقضاء محكمة الموضوع فيها، وبهذا النص وحده يتحدد نطاق الدعوى المعروضة، دون باقي أحكام المادتين (48 و49) من القانون المذكور
وحيث إن حكم الإحالة ينعي على النص المطعون فيه، محددا في النطاق آنف الذكر، مخالفته نصوص المواد (40 و68 و165 و167) من دستور سنة 1971، تأسيسا على أن هذا النص أسند للجنة المشار إليها اختصاصا بالفصل في منازعة ذات طبيعة قضائية رغم كونها ليست هيئة ذات اختصاص قضائي لخلو تشكيلها من العنصر القضائي، وعدم تمتع اللجنة بكيان ذاتي مستقل عن النقابة، وتشكيلها من أعضاء بحكم موقعهم على القمة من تنظيمهم النقابي، ولم يكفل لطرح المنازعة عليها الضمانات الجوهرية للتقاضي، بما يتضمن استلابا لولاية القضاء من قاضيها الطبيعي، فضلا عن إخضاع تقدير أتعاب عضو نقابة التجاريين لنظام إجرائي خاص للفصل فيه، خلافا لنظام التداعي بشأن تحديد أجر الوكيل، دون الاستناد في ذلك إلى مبرر منطقي وأسس موضوعية
وحيث إن من المقرر أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلا صون الدستور المعمول به وحمايته من الخروج على أحكامه، وإن نصوص هذا الدستور تمثل دائما القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام، التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة، وعلى ذلك فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون فيه الذي طبق على الحالة المعروضة، وما زال قائما ومعمولا بأحكامه، وذلك من خلال الدستور الحالي الصادر بتاريخ 18/1/2014، باعتباره الوثيقة الدستورية الحاكمة للنزاع المطروح
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في كل تنظيم تشريعي أن يكون منطويا على تقسيم أو تصنيف أو تمييز من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض أو عن طريق المزايا أو الحقوق التي يكفلها لفئة دون غيرها، إلا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع موضوعا محددا عن أهدافها، ليكون اتصال الأغراض التي توخاها بالوسائل منطقيا، وليس واهيا بما يخل بالأسس الموضوعية التي يقوم عليها التمييز المبرر دستوريا
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع - في مجال إنفاذ حق التقاضي - غير مقيد بأشكال إجرائية محددة تمتد إلى المنازعات جميعها حتى مع اختلاف موضوعها، ذلك أن التنظيم الإجرائي للخصومة القضائية، لا يمكن أن يعكس أنماطا جامدة موحدة لإطار الفصل فيها، وإلا كان ذلك إغراقا في الشكلية ولو كان عقمها باديا، وانحيازا لتحجر قوالبها وتزمتها ولو كان مصادما لحقائق الأشياء، نافيا ما بين أوضاعها من تغاير، وهو ما يأباه التنظيم الإجرائي للخصومة القضائية، إذ يتعين دوما أن يفاضل المشرع بين صور هذا التنظيم، ليختار منها ما يكون مناسبا لخصائص المنازعات التي يتعلق بها، ومتطلباتها إجرائيا، لتتعدد بالتالي الأشكال التي يقتضيها إنفاذ حق التقاضي، وبما لا إخلال فيه بأبعاده التي كفلها الدستور، وعلى الأخص من زاوية ضماناته الرئيسية التي تمثل إطارا حيويا لصون الحقوق على اختلافها، برد العدوان عنها، على ضوء قواعد قانونية يكون إنصافها حائلا دون تحيفها على أحد
وحيث إن النص المطعون فيه قد خول مجلس النقابة أو لجنة أو أكثر يتولى المجلس تشكيلها، الاختصاص بتقدير أتعاب عضو النقابة، بناء على طلبه أو طلب الموكل، وذلك عند عدم الاتفاق عليها كتابة، ولم يجز الالتجاء إلى القضاء قبل عرض الأمر على المجلس أو اللجنة، ويعد مجلس النقابة أو اللجنة التي يشكلها حين يباشر هذا الاختصاص من قبيل اللجان الفنية التي أولاها المشرع سلطة تقدير الأتعاب بصورة مبدئية، باعتبارها جهة خبرة في مجال إثبات ما تم إنجازه من أعمال وفقا للمواصفات الفنية، والتي يتم على ضوئها تحديد قيمة أتعاب عضو نقابة التجاريين طبقا للاتفاق أو العرف الجاري، وقد قصد المشرع من هذا التنظيم محاولة تسوية هذه المنازعات وحسمها بصورة أولية، فإن تعذر ذلك جاز لأطرافها عرض النزاع على القضاء، وقد كفل النص المطعون فيه ممارسة هذا الحق بقواعد عامة مجردة لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزا بين المخاطبين بأحكامه، كما أن الأهداف التي توخاها المشرع من تقرير هذا النص - على النحو المتقدم ذكره - تتصل اتصالا منطقيا ووثيقا بالتنظيم الذي أتى به، ومن ثم فإن إخضاع الخلاف حول تقدير الأتعاب بين الموكلين وأعضاء نقابة التجاريين لهذا التنظيم يكون مستندا إلى أسس موضوعية تبرره، ليضحى الادعاء بمخالفة النص المطعون فيه لمبدأ المساواة الذي كفلته المادتان (4، 53) من الدستور الحالي في غير محله وغير قائم على أساس سليم
وحيث إن غاية المشرع من التنظيم الذي تضمنه النص المطعون فيه أن يتم حسم المنازعات في تقدير الأتعاب بين الموكلين وأعضاء النقابة على وجه السرعة، وبإجراءات أكثر يسرا تتفق مع طبيعة تلك المنازعات، جاعلا من هذا التنظيم وسيلة أطراف النزاع إلى إنهائه وديا حول الحقوق التي يدعونها، بما قد يغني عن الخصومة القضائية، وإن كان لا يحول دونهما، ومستوجبا ولوج هذا الطريق واستنفاد ميعاد الستين يوما من تاريخ تقديم طلب تقدير الأتعاب، المحدد لإصدار أمر التقدير، كشرط لجواز طلبها قضائيا، دون أن يعد مجلس النقابة أو لجنة تقدير الأتعاب في ذلك جهة قضاء، ولا تندرج قراراتها في عداد الأعمال القضائية، بل أخضع قراراتها للمراجعة القضائية من خلال التظلم من أمر التقدير أمام المحكمة المختصة، بما لا ينال من حق التقاضي، أو ينتقص من استقلال القضاء، اللذين كفلتهما المواد (94 و97 و184) من الدستور
وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أي نص آخر في الدستور، الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق