برئاسة السيد القاضي/ فؤاد شلبي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حامد مكي، جرجس عدلي، معتز مبروك وأيمن يحيى
الرفاعي نواب رئيس المحكمة.
-----------
- 1 حق "النزول عن الحق".
النزول الضمني عن الحق المسقط له. تحققه بقول أو عمل أو إجراء دال
بذاته على ترك ذلك الحق دلالة لا تحتمل الشك. مجرد التأخير في المطالبة بالحق أو
السكوت عليه لفترة من الزمن. لا أثر له.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النزول الضمني عن الحق المسقط له
يجب أن يكون بقول أو عمل أو إجراء دال بذاته على ترك ذلك الحق دلالة لا تحتمل
الشك، وهو ما لا يتحقق في مجرد تأخر المطالبة به أو السكوت عليه مدة من الزمن.
- 2 محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة
في الدعوى".
محكمة الموضوع. سلطتها في استخلاص النزول الضمني عن الحق. وجوب أن
يكون استخلاصها سائغاً ومقاماً على أسباب تفيد ذلك النزول على سبيل الجزم.
استخلاص النزول الضمني عن الحق وإن كان يدخل في سلطة محكمة الموضوع
إلا أنه يتعين أن يكون الاستخلاص سائغاً ومقاماً على أسباب من شأنها أن تفيد هذا
النزول على سبيل الجزم.
- 3 دعوى "نطاق الدعوى: الطلبات في الدعوى".
الدعوى. اشتمالها على طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد. وجوب أن
تفصل المحكمة في تلك الطلبات على استقلال.
إذا اشتملت الدعوى على طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد فإنه
يتعين على المحكمة أن تفصل في هذه الطلبات على استقلال.
- 4 تعويض "من دعاوى التعويض: دعوى التعويض عن تعذيب وقع
بالسجون". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير
الأدلة في الدعوى".
قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعنين بتعويضهم ومورثهم عن
الأضرار المادية والأدبية اللاحقة بهم من جراء تعذيب الأخير أثناء اعتقاله بقالة
أنه أسقط حقه ضمناً في المطالبة بالتعويض حال حياته منذ الإفراج عنه حتى وفاته رغم
عدم اعتبار سكوت المورث بذاته دالاً على توفر إرادته الضمنية في التنازل عن الحق
وعدم صلاحية ذلك سبباً لرفض دعوى الطاعنين الشخصية بالتعويض. خطأ وقصور وفساد.
إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين بالتعويض
(تعويضهم ومورثهم عن الأضرار المادية والأدبية اللاحقة بهم من جراء تعذيب الأخير
أثناء اعتقاله) في شقيها الذاتي والموروث على ما قرره من أن مورثهم أسقط حقه ضمناً
في المطالبة به حال حياته منذ الإفراج عنه عام 1967 وحتى وفاته عام 1974 في حين أن
ما خلص إليه الحكم وجعله سنداً لقضائه غير سائغ إذ لا يمكن اعتبار هذا السكوت
بذاته دالاً على توفر الإرادة الضمنية على التنازل، وليس من شأنه أن يؤدي بطريق
اللزوم إلى النتيجة التي انتهى إليها فضلاً عن أن ما افترضه الحكم من تنازل وإن
أخذ به في شأن حق المورث فلا يصلح أن يكون سبباً لرفض دعواهم الشخصية بالتعويض، ومن
ثم فإن الحكم يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه القصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال.
----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى ..... لسنة 1992 جنوب القاهرة الابتدائية على
المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا إليهم مبلغ مائة ألف جنيه،
وقالوا بياناً لذلك إن تابعي المطعون ضدهما قاموا بتعذيب مورثهم إبان اعتقاله في
الفترة من 6/9/1965 حتى 8/11/1967 مما أصابهم ومورثهم بأضرار مادية وأدبية توجب
تعويضهم عنها مقدراً بالمبلغ المطالب به فأقاموا الدعوى، ومحكمة أول درجة حكمت
برفضها. استأنف الطاعنون هذا الحكم برقم ..... لسنة 111 ق القاهرة، وبتاريخ
21/6/1994 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق
النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة
في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه
القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ أقام قضاءه برفض دعواهم بالتعويض على
ما ذهب إليه من تنازل مورثهم ضمناً عن حقه في المطالبة به لعدم رفعه دعواه من
تاريخ الإفراج عنه عام 1967 وحتى وفاته عام 1974 في حين أن ما استخلصته المحكمة لا
ينبئ بذاته عن حدوث التنازل الضمني لأن الظروف السياسية، والخوف من إعادة اعتقال
المورث يقف مانعاً دون إقامة الدعوى فضلاً عن أن سقوط حق المورث في التعويض لا
يمتد إلى حقهم الشخصي في المطالبة به.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة – أن النزول الضمني عن الحق المسقط له يجب أن يكون بقول أو عمل أو إجراء
دال بذاته على ترك ذلك الحق دلالة لا تحتمل الشك، وهو ما لا يتحقق في مجرد تأخر
المطالبة به أو السكوت عليه مدة من الزمن، وأن استخلاص النزول الضمني عن الحق وإن
كان يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه يتعين أن يكون الاستخلاص سائغاً ومقاماً
على أسباب من شأنها أن تفيد هذا النزول على سبيل الجزم، كما وأنه إذا اشتملت
الدعوى على طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد فإنه يتعين على المحكمة أن تفصل
في هذه الطلبات على استقلال. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه
برفض دعوى الطاعنين بالتعويض في شقيها الذاتي والموروث على ما قرره من أن مورثهم
أسقط حقه ضمناً في المطالبة به حال حياته منذ الإفراج عنه عام 1967 وحتى وفاته عام
1974 في حين أن ما خلص إليه الحكم وجعله سنداً لقضائه غير سائغ إذ لا يمكن اعتبار
هذا السكوت بذاته دالا على توفر الإرادة الضمنية على التنازل، وليس من شأنه أن
يؤدي بطريق اللزوم إلى النتيجة التي انتهى إليها فضلاً عن أن ما افترضه الحكم من
تنازل وإن أخذ به في شأن حق المورث فلا يصلح أن يكون سبباً لرفض دعواهم الشخصية
بالتعويض، ومن ثم فإن الحكم يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه القصور
في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق