برئاسة السيد القاضي/ محمد شهاوي عبد ربه نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ عبد الباسط أبو سريع، فتحي محمد حنضل، محمد خليفة وفيصل حرحش نواب
رئيس المحكمة.
----------
- 1 التزام " أوصاف الالتزام: الشرط: شرط المنع من التصرف ".
الشرط المانع من التصرف. قيامه صحيحاً بابتنائه على باعث مشروع
واقتصاره على مدة معقولة. الباعث المشروع. مناطه. أن يكون غاية المنع من التصرف
حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير. المدة المعقولة. وجوب أن
تكون مؤقتة وفقاً لواقع كل تصرف وملابساته وليس من شأنها تأبيد المنع. جواز
استغراقها مدى حياة أي من الأخيرين. م 823 /2 مدني. مخالفة ذلك. أثره. بطلان
التصرف. محكمة الموضوع. استقلالها بتقدير مشروعية المصلحة المراد حمايتها ومعقولية
المدة المحددة لسريانه. شرطه. استنادها لأسباب سائغة.
إن المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن شرط المنع من التصرف يصح إذا
بنى على باعث مشروع و اقتصر على مدة معقولة و يكون الباعث مشروعاً متى كان المراد
بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير، وتكون
المدة معقولة إذا كانت، وفقاً لواقع كل تصرف وملابساته، مؤقتة وليس من شأنها تأبيد
المنع بما يسلب حق الملكية أخص صفاته ويجوز أن تستغرق المدة المعقولة وفقاً لنص
الفقرة الأخيرة من المادة 823 من القانون المدني مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه
أو الغير ويبطل التصرف المخالف لذلك، وكان تقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط
حمايتها ومدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل في سلطة قاضى الموضوع ولا
رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة.
- 2 محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود.
محكمة الموضوع. سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتفسير العقود
والإقرارات والمحررات والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود العاقدين. شرطه.
عدم خروجها عن المعنى الظاهر لعبارات المحرر وتسبيبها ما انتهت إليه تسبيباً
سائغاً (مثال لتسبيب سائغ بشأن شرط مانع للتصرف في عقد بيع).
إن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وفى تفسير
العقود والإقرارات والمستندات وسائر المحررات والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى
بمقصود المتعاقدين وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ولا رقابة لمحكمة النقض
عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر أو
تجاوز المعنى الواضح لها وما دام ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً بمقتضى الأسباب
التي بنته عليها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بصحة الشرط
المانع من التصرف الذي تضمنه العقد المشهر برقم .. وببطلان عقد البيع المؤرخ
../../.. الصادر من الطاعن الأول إلى الطاعن الثاني على ما استخلصه من العقد الأول
في بنديه الأول و الخامس من أن هذا الشرط بنى على سبب مشروع و ابتغاء حماية مصلحة
مشروعة و هو رغبة المشترط – والد الطاعن الأول و المطعون ضدهم السبعة الأول – الذي
وفى ثمن العقار كاملاً تبرعاً منه لأولاده الذي تقرر الشرط لمصلحتهم جميعاً في
تجنب دخول أجنبي بينهم في ملكية هذا العقار وبالنسبة لمدته ذهب إلى أنه و إن لم
تحدد صراحة في العقد إلا أنه أخذ من مدلول عباراته واستقصاء لنية المشترط قد
اقتصرت على مدى حياة أطرافه دون أن يرد في العقد ما يشير صراحة أو ضمناً إلى تعديه
إلى حياة خلفائهم و قد التزموا به جميعاً في مواجهة المشترط و في مواجهة بعضهم
البعض فيكون هذا الشرط فضلاً عن قيامه على سبب مشروع فقد اقتصر على مدة معقولة
وانتهى من ذلك إلى صحة الشرط وبطلان عقد البيع الصادر من الطاعن الأول بتاريخ
../../.. بالمخالفة له و كان هذا من الحكم استخلاصاً سائغاً وله مأخذه الصحيح من
عبارات العقد الذي تضمن الشرط المانع و بما لا يخرج عن المدلول الظاهر لها و يكفى
لحمل قضائه فإن النعي عليه بأسباب الطعن ( النعي بمخالفته القانون و الخطأ و
القصور لاعتباره الشرط الوارد بعقد بيع والد الطاعن الأول والمطعون ضدهم السبعة
الأول إليهم العقار محل التداعي بعدم تصرفهم فيه من بعده إلا مجتمعين شرطاً صحيحاً
و قضى ببطلان عقد البيع اللاحق من الطاعن الأول لحصته للطاعن الثاني رغم بطلان
الشرط لتأبيده ) لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع و
تفسير العقود و المحررات و الوقوف على إرادة أطرافها بما ينأى عن رقابة محكمة
النقض.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضدهم السبعة الأول أقاموا على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم
الدعوى... لسنة 1992 محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم ببطلان عقد البيع
المؤرخ 23/ 10/ 1992 الصادر من الطاعن الأول إلى الطاعن الثاني، وقالوا بياناً
لذلك إنهم يمتلكون مع الطاعن الأول مشاعاً أرض النزاع المبينة بالصحيفة بموجب
العقد المشهر برقم..... لسنة 1981 جنوب القاهرة وأقاموا عليها عمارة سكنية إلا أن
الطاعن الأول قام ببيع حصته فيها ومقدارها 4 قراريط من 24 قيراطاً بالرغم من أن
العقد المشهر سند ملكيتهم قد تضمن شرطاً يمنع كل شريك من التصرف في حصته الشائعة
إلا بإجماع باقي الشركاء، ومن ثم أقاموا الدعوى. وجه المطعون ضده الثاني دعوى فرعية
بطلب إلزام المطعون ضدهما الأخيرين بإشهار عقد البيع الصادر له من الطاعن الأول.
ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى الأصلية وبعدم قبول
الدعوى الفرعية. استأنف المطعون ضدهم السبعة الأول هذا الحكم بالاستئناف..... سنة
112 ق القاهرة، وبتاريخ 23/ 1/ 1996 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى
به في الدعوى الأصلية وببطلان عقد البيع المؤرخ 23/ 10/ 1992. طعن الطاعنان في هذا
الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أيدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عُرِضَ
الطعن، على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة
رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعي به الطاعنان بأسباب الطعن علي الحكم المطعون فيه
أن والد الطاعن الأول والمطعون ضدهم السبعة الأول قد اشترط عليهم في البند الأول
من العقد المشهر برقم..... لسنة 1981 جنوب القاهرة ألا يتصرفوا في عقار النزاع -
من بعده – إلا مجتمعين وكان الحكم قد انتهي إلى صحة هذا الشرط لابتنائه علي باعث
مشروع واقتصاره على مدة معقولة هي مدى حياتهم دون أن يتعداهم إلى غيرهم من خلف أي
منهم ورتب الحكم علي ذلك قضاءه ببطلان عقد البيع المؤرخ 23/ 10/ 1992 الصادر من
الطاعن الأول إلى الطاعن الثاني عن حصته في العقار حال أن للطاعن الأول - باعتباره
شريكاً على الشيوع – أن يبيع ملكه محدداً مفرزاً دون قيد وتظل حالة التحديد هذه
معلقة على نتيجة القسمة بين الشركاء ويعتبر البيع صحيحاً منتجاً لكافة آثاره بين
طرفيه، كما أن اشتراط عدم تصرف الأبناء في العقار إلا مجتمعين من شأنه أن يفقد هذا
الشرط صفة التأقيت ويجعل منه شرطاً مؤبداً وبالتالي باطلاً، وإذ خالف الحكم
المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه
والقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن
شرط المنع من التصرف يصح إذا بني على باعث مشروع واقتصر على مدة معقولة ويكون
الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو
المتصرف إليه أو الغير وتكون المدة معقولة إذا كانت - وفقاً لواقع كل تصرف
وملابساته – مؤقتة وليس من شأنها تأييد المنع بما يسلب حق الملكية أخص صفاته،
ويجوز أن تستغرق المدة المعقولة وفقاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة 823 من
القانون المدني مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ويبطل التصرف المخالف
لذلك، وكان تقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها ومدى معقولية المدة
المحددة لسريانه مما يدخل في سلطة قاضي الموضوع ولا رقابة عليه في ذلك من محكمة
النقض متى بني رأيه على أسباب سائغة، كما وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم
الواقع في الدعوى وتفسير العقود والإقرارات والمستندات وسائر المحررات والشروط
المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها
ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي
تحتمله عبارات المحرر أو تجاوز المعنى الواضح لها وما دام ما انتهت إليه سائغاً
مقبولاً بمقتضى الأسباب التي بنته عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد
أقام قضاءه بصحة الشرط المانع من التصرف الذي تضمنه العقد المشهر برقم..... لسنة
1981 جنوب القاهرة وببطلان عقد البيع المؤرخ 23/ 10/ 1992 الصادر من الطاعن الأول
إلى الطاعن الثاني على ما استخلصه من العقد الأول في بنديه الأول والخامس من أن
هذا الشرط بني على سبب مشروع وابتغاء حماية مصلحة مشروعه وهو رغبة المشترط – والد
الطاعن الأول والمطعون ضدهم السبعة الأول الذي وفى ثمن العقار كاملاً تبرعاً منه
لأولاده الذي تقرر الشرط لمصلحتهم جميعاً - في تجنب دخول أجنبي بينهم في ملكية هذا
العقار، وبالنسبة لمدته ذهب إلى أنه وإن لم تحدد صراحة في العقد إلا أنه أخذ من
مدلول عباراته واستقصاء لنية المشترط قد اقتصرت على مدى حياة أطرافه دون أن يرد في
العقد ما يشير صراحة أو ضمناً إلى تعديه إلى حياة خلفائهم وقد التزموا به جميعاً
في مواجهة المشترط وفي مواجهة بعضهم البعض فيكون هذا الشرط فضلاً عن قيامه على سبب
مشروع فقد اقتصر على مدة معقولة وانتهى من ذلك إلى صحة الشرط وبطلان عقد البيع
الصادر من الطاعن الأول بتاريخ 23/ 10/ 1992 بالمخالفة له، وكان هذا من الحكم
استخلاصاً سائغاً وله مأخذه الصحيح من عبارات العقد الذي تضمن الشرط المانع وبما
لا يخرج عن المدلول الظاهر لها ويكفي لحمل قضائه، فإن النعي عليه بأسباب الطعن لا
يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتفسير العقود والمحررات
والوقوف على إرادة أطرافها بما ينأى عن رقابة محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي على
غير أساس ويتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق