جلسة 31 من مايو سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ حامد عبد الله محمد رئيس محكمة النقض وعضوية
السادة القضاة/ عزت عبد الجواد عمران، عزت عبد الله البنداري، محمد شهاوي عبد ربه،
مصطفى جمال الدين شفيق، سيد محمود يوسف، عبد الله فهيم غالي، د. سعيد فهيم خليل،
علي عبد الرحمن بدوي، جرجس عدلي جرجس ومنصور عبد الحليم الفخراني. نواب رئيس
المحكمة.
-------------
(1)
الطعن 4724 لسنة 74 ق "هيئة عامة"
(1) مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية التقصيرية:
المسئولية الشيئية".
مسئولية حارس الشيء. أساسها. خطأ مفترض لا يقبل إثبات العكس. جواز
درؤها بإثباته أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه. م 178 مدني.
(2) حكم "حجية الأحكام: حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم
المدنية".
حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. شرطه. فصله فصلا لازما في
وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف
القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. مؤداه. تأسيس الحكم الجنائي قضاؤه ببراءة
قائد السيارة من تهمة القتل أو الإصابة الخطأ على السبب الأجنبي. أثره. امتناع
معاودة المحكمة المدنية بحث هذه الحقوق المدنية المتصلة بها. المادتان 456 أ.ج،
102 إثبات. علة ذلك.
(3) حكم "حجية الأحكام: حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم
المدنية". مسئولية "من صور المسئولية التقصيرية: المسئولية
الشيئية".
نفي الحكم الجنائي علاقة السببية لقيام السبب الأجنبي. مؤداه. نفي
قرينة الخطأ المفترض بجانب حارس الأشياء المنصوص عليها بالمادة 178 مدني. أثره.
التزام القاضي المدني بالامتناع عن إعمالها بعد نفيها. علة ذلك. تأسيس الحكم
الجنائي قضاءه بالبراءة على نفي الخطأ عن المتهم دون إثبات أو التصريح بوقوع
الحادث نتيجة السبب الأجنبي. أثره. عدم فصل المحكمة الجنائية في الأساس المشترك
بين الدعويين الجنائية والمدنية. مؤداه. للمحاكم المدنية بحث تلك المسئولية
المفترضة والقضاء بالتعويض حال ثبوتها. علة ذلك.
--------------
1 - المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مسئولية حارس الشيء المقررة بالمادة 178 من القانون المدني تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه منه افتراضاً لا يقبل إثبات العكس وترتفع عنه إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.
2 - المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجية قبل الكافة وأمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور وأسست قضاءها ببراءة قائد السيارة من تهمة القتل أو الإصابة الخطأ على السبب الأجنبي، وكان فصل الحكم الجنائي في سبب وقوع الحادث لازماً لقضائه بالبراءة فتكون له قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية فيمتنع عليها أن تُعيد بحثها ويتعين عليها أن تتقيد بها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كي لا يكون حكمها مخالف للحكم الجنائي السابق صدوره.
3 - مؤدى ذلك (حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية كلما فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني لذلك الفعل ونسبته إلى فاعله) أنه إذ نفى الحكم الجنائي علاقة السببية بين الفعل والنتيجة لقيام السبب الأجنبي انتفت بذلك قرينة الخطأ المفترض في جانب حارس الأشياء المنصوص عليها بالمادة 178 المشار إليها سلفاً فيمتنع على القاضي المدني إعمالها بعد نفيها لأن السبب الأجنبي سبب قانوني عام للإعفاء من المسئولية جنائية كانت أو مدنية وسواء تأسست على خطأ شخصي واجب الإثبات أو على خطأ مفترض في جانب المسئول، أما إذا أسس الحكم الجنائي قضاءه بالبراءة على نفي الخطأ عن المتهم ووقف عند هذا الحد دون أن يُثبت ويُصرح بأن الحادث وقع نتيجة السبب الأجنبي، فإن مؤدى ذلك أن المحكمة الجنائية لم تفصل في الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية لأن قوام الأولى خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى مرتكب الحادث في حين أن قوام الثانية خطأ مفترض في حق الحارس ومسئوليته تتحقق ولو لم يقع منه أو من تابعه خطأ شخصي لأنها مسئولية ناشئة عن حراسة الشيء وليست ناشئة عن الجريمة بما لا يمنع المحاكم المدنية من بحث تلك المسئولية المفترضة والقضاء بالتعويض حال ثبوتها.
--------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعن الدعوى رقم .... لسنة 2000 محكمة
المنصورة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهما مبلغ مائتين وخمسين ألف
جنيه تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بهما من جراء وفاة مورثهما نتيجة خطأ قائد
السيارة التابع للطاعن والذي قضى نهائياً ببراءته، وإذ يحق لهما المطالبة بالتعويض
طبقاً لقواعد المسئولية عن حراسة الأشياء المنصوص عليها بالمادة 178 من القانون
المدني فقد أقاما الدعوى. حكمت المحكمة بالتعويض الذي قدرته بحكم استأنفه المطعون
ضدهما بالاستئناف رقم .... لسنة 54ق المنصورة، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم
... لسنة 54ق أمام ذات المحكمة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتأييد الحكم
المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي
برفض الطعن. عرض الطعن على الدائرة المدنية المختصة ورأت بجلستها المنعقدة بتاريخ
17/12/2013 إحالته إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال
الشخصية عملاً بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46
لسنة 1972 المعدل وذلك إزاء اختلاف أحكام محكمة النقض في شأن حجية الحكم الجنائي
الصادر بالبراءة نتيجة خطأ المجني عليه في الجنحة سند دعوى التعويض أمام المحاكم
المدنية حال تأسيس دعوى التعويض على المسئولية الشيئية، وإذ اتجهت بعض الأحكام إلى
حجية الحكم الصادر بالبراءة نتيجة خطأ المجني عليه في الجنحة سند دعوى التعويض
أمام المحاكم المدنية، بينما ذهبت أحكام أخرى إلى عدم حجية ذلك الحكم أمام المحاكم
المدنية، فإنه يتعين درءاً لتباين المواقف في الخصومة الواحدة وتوحيداً للمبادئ
العدول عن أحد المبدأين السابقين، وإذ حددت الهيئة جلسة لنظر الطعن، وأودعت
النيابة مذكرة تكميلية التزمت فيها رأيها.
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن مسئولية حارس الشيء المقررة بنص المادة 178 من القانون المدني
تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه منه افتراضاً لا يقبل إثبات العكس وترتفع عنه -
وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا أثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي إذا لا
يد له فيه وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، وأن
مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات رقم 25
لسنة 1968 أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجيته قبل الكافة وأمام
المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس
المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى
فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور وأسست قضاءها ببراءة قائد
السيارة من تهمة القتل أو الإصابة الخطأ على السبب الأجنبي، وكان فصل الحكم
الجنائي في سبب وقوع الحادث لازماً لقضائه بالبراءة فتكون له قوة الشيء المحكوم
فيه أمام المحاكم المدنية فيمتنع عليها أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تتقيد بها
وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم
الجنائي السابق صدوره، ومؤدى ذلك أنه إذ نفى الحكم الجنائي علاقة السببية بين
الفعل والنتيجة لقيام السبب الأجنبي انتفت بذلك قرينة الخطأ المفترض في جانب حارس
الأشياء المنصوص عليها بالمادة 178 المشار إليها سلفاً فيمتنع على القاضي المدني
إعمالها بعد نفيها لأن السبب الأجنبي سبب قانوني عام للإعفاء من المسئولية جنائية
كانت أو مدنية وسواء تأسست على خطأ شخصي واجب الإثبات أو على خطأ مفترض في جانب
المسئول، أما إذا أسس الحكم الجنائي قضاءه بالبراءة على نفي الخطأ عن المتهم ووقف
عند هذا الحد دون أن يثبت ويصرح بأن الحادث وقع نتيجة السبب الأجنبي، فإن مؤدى ذلك
أن المحكمة الجنائية لم تفصل في الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية
لأن قوام الأولى خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى مرتكب الحادث في حين أن قوام
الثانية خطأ مفترض في حق الحارس ومسئوليته تتحقق ولو لم يقع منه أو من تابعه خطأ
شخصي لأنها مسئولية ناشئة عن حراسة الشيء وليست ناشئة عن الجريمة بما لا يمنع
المحاكم المدنية من بحث تلك المسئولية المفترضة والقضاء بالتعويض حال ثبوتها. لما
كان ذلك، فإن الهيئة تنتهي إلى الأخذ بهذا النظر بالأغلبية المنصوص عليها في
الفقرة الثانية في المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية والعدول عن الأحكام
التي ارتأت غير ذلك، وتعيد الطعن إلى الدائرة المحيلة للفصل فيه على ضوء ما انتهت
الهيئة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق