الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 1 نوفمبر 2016

الطعن 14514 لسنة 76 ق جلسة 18 / 3 / 2008 مكتب فني 59 ق 35 ص 212

برئاسة السيد المستشار / صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشاريـن / طه سيد قاسم ، محمد سامي إبراهيم ، محمد مصطفى أحمد العكازي نواب رئيس المحكمة ، محمد السعدني .
-----------
 (1) استيلاء على أموال أميرية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . شريك . عقوبة " الإعفاء منها " . فاعل أصلي . قانون " تفسيره " .
قصر الإعفاء الوارد في المادة 118 مكرراً (ب) عقوبات علي الشركاء باستثناء المحرضين منهم . عدم امتداده إلى الفاعلين الأصليين . علة وأساس ذلك ؟
 (2) استيلاء على أموال أميرية . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
صياغة النص في عبارة واضحة جلية . اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع . عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل .
 (3) استيلاء على أموال أميرية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . عقوبة " الإعفاء منها " . قانون " تفسيره " .
لا إعفاء من العقوبة بغير نص .
حالات الإعفاء . ورودها في القانون علي سبيل الحصر . عدم جواز التوسع في تفسيرها بطريق القياس .
مثال لتسبيب سائغ في جريمة استيلاء على مال عام مملوك للهيئة القومية للبريد .
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الإعفاء من العقوبة " . استيلاء على أموال أميرية. اشتراك . شريك . عقوبة " الإعفاء منها ".
الإعفاء من العقوبات المقررة لجرائم الاستيلاء علي المال العام . قصره على الشركاء في الجريمة من غير المحرضين . المادة 118 مكرراً (ب) عقوبات .
(5) اتفاق . اشتراك . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . فاعل أصلي . مسئولية جنائية.
إفصاح الحكم عما إذا كان المتهم فاعلاً أصلياً أو شريكاً . غير لازم . كفاية استفادة ذلك من وقائع الحكم .
إثبات الحكم اتفاق الطاعن مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة التي دانهم بها . كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً .
 (6) استيلاء على أموال أميرية . جريمة " أركانها " . رد .
رد الجاني المال الذي استولى عليه . لا يؤثر في قيام جريمة الاستيلاء على المال العام .
 (7) ظروف مخففة . عقوبة " العقوبة المبررة " تطبيقها "" . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " .
تقدير العقوبة في الحدود المقررة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها . موضوعي. نعي الطاعن على المحكمة عدم معاملته بالرأفة لقيامه بسداد المبلغ المستولى عليه . غير مقبول . ما دامت العقوبة التي أنزلها الحكم به تدخل في نطاق العقوبة المقررة للجريمة التي دانه بها .
________________
1- لما كانت المادة 118 مكرراً (ب) من قانون العقوبات والمضافة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 نصت على أنه " يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها في هذا الباب كل من بادر من الشركاء في الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية بالجريمة بعد تمامها وقبل اكتشافها ويجوز الإعفاء من العقوبات المذكورة إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائي فيها ، ولا يجوز إعفاء المبلغ بالجريمة من العقوبة طبقاً للفقرتين السابقتين في الجرائم المنصوص عليها في المواد 112، 113، 113 مكرراً إذا لم يؤد الإبلاغ إلى رد المال موضوع الجريمة ، ويجوز أن يعفى من العقاب كل من أخفى مالاً متحصلاً من إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب إذا أبلغ عنها وأدى ذلك إلى اكتشافها ورد كل أو بعض المال المتحصل منها " ومفاد هذا النص في صريح لفظه أن الشارع قصر الإعفاء الوارد في الفقرة الأولى منه على الشركاء في الجريمة باستثناء المحرضين منهم ، ولم يشأ أن يمده إلى الفاعلين الأصليين ، وذلك لحكمة تغياها من تشجيع الكشف عن جرائم الموظفين العموميين ومن في حكمهم في هذا الخصوص ، وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقـــم 63 لسنة 1975 المشار إليه بقولها : " لما كانت جرائم الاختلاس والإضرار والعدوان على المال العام تقترف في العادة خفية ، وقد لا يفطن إليها أولو الأمر إلا بعد أن ينقضي على ارتكابها زمن يطول أو يقصر فقد رأى لإماطة اللثام عنها وعن جُناتها أن توضع المادة 118مكرراً (ب) كي يعفى من العقوبة من يبادر منهم بإبلاغ السلطات الإدارية أو القضائية بالجريمة ، إذا كان من غير فاعليها أو المحرضين على ارتكابها وجاء الإبلاغ بعد تمام الجريمة ، وإنما بشرط أن يسبق صدور الحكم النهائي فيها ..".
        2- لما كان من المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها ، فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيا كان الباعث على ذلك وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه .
3- لما كان أنه لا إعفاء من العقوبة بغير نص وكانت النصوص المتعلقة بالإعفاء تفسر على سبيل الحصر ، فلا يصح التوسع في تفسيرها بطريق القياس ولا كذلك أسباب الإباحة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة الحق أو القيام بالواجب ، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن بوصفه قد استولى على المال العام محل الجريمة والمملوك للهيئة القومية للبريد ورد على ما أثاره من تمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 18 مكرراً (ب) من قانون العقوبات - بعد أن أورد بعض التقريرات القانونية - بقوله : " ...لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق والتحقيقات أن المتهم الأول الماثل " الطاعن" هو الفاعل الأصلي لجريمتي الاستيلاء على المال العام والشروع فيه المرتبطة كل منهما بجرائم التزوير في المحررات الرسمية واستعمالها والمعاقب عليها طبقاً لأحكام المواد 45، 46/1، 113/1، 2، 118، 118 مكرراً، 119/ب، 119 مكرراً/هـ من قانون العقوبات فمن ثم لا يجديه نفعاً الاحتجاج بالمادة 118 مكرراً " ب " من قانون العقوبات ، ذلك أن الذي يستفاد قانوناً من الإعفاء المنصوص عليه فيها هو الشريك بالاتفاق أو المساعدة فقط ، ومن ثم يضحى الدفع قائماً على غير سند صحيح من الواقع والقانون خليقاً بالرفض .." وهو رد سائغ يتفق مع صريح نص المادة 118 مكرراً (ب) من قانون العقوبات التي تمسك الطاعن بحكمها . فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون سديداً .
4- لما كان البين من استقراء نص المادة 118 مكرراً (ب) سالفة الذكر أن الشارع قصر حق التمتع بالإعفاء من العقوبات المقررة لجرائم الاستيلاء على المال العام على الشركاء في الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها متى تحققت موجباته فلا يستفيد منه الفاعل الأصلي أو الشريك بالتحريض ، وكان مؤدى ما ساقه الحكم في بيان واقعة الدعوى يصدق به اعتبار الطاعن فاعلاً أصلياً في جريمة الاستيلاء على المال العام التي دين بها فإنه لا محل لتعييب الحكم في هذا الصدد .
5- لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن يفصح الحكم صراحة عما إذا كان المتهم فاعلاً أصلياً أو شريكاً بل يكفي أن يكون مستفاداً من الوقائع التي أثبتها الحكم ، كما أنه ليس بلازم أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل مساهم على حدة ودوره في الجريمة التي دانه بها مادام قد أثبت في حقه اتفاقه مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة التي دانهم بها ، واتفاق نيتهم على تحقيق النتيجة التي وقعت واتجاه نشاطهم الإجرامي إلى ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن هذا وحده يكفي لتضامنه في المسئولية الجنائية باعتباره فاعلاً أصلياً. فضلاً عن أن الحكم أفصح في مدوناته على أن الطاعن فاعلاً أصلياً في الجريمة ، ومن ثم فإن كل ما يثيره في هذا الخصوص يكون غير مقبول .
6- لما كان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الاستيلاء على المال العام رد الجاني المال الذي استولى عليه لأن الظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها . فإن نعى الطاعن بأنه قام بسداد المبلغ المستولى عليه لا يكون له محل .
7- لما كان النعي بأن المحكمة لم تعامل الطاعن بالرأفة لسداده المبلغ المستولى عليه ولكونه العائل الوحيد لأسرته وأن محكمة القضاء الإداري قضت بعودته لعمله مردود بما هو مقرر من أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة قانوناً للجريمة التي دانه بها ، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة .
________________
 الوقائــع
اتهمت النيابة العامة كلاً من.........بأنهما : المتهم الأول " الطاعن" أولاً:- بصفته موظفاً عاماً " موظف بإدارة المراجعة المحلية بمنطقة بريد ....... بالهيئة القومية للبريد" استولى بغير حق وبنية التملك على المبلغ ...... والمملوك للهيئة القومية للبريد وكان ذلك حيلة وبموجب محررات مزورة ، بأن أصدر وآخرين حوالات بريدية محولة إلى مكاتب بريد .... بأسماء أشخاص غير مستحقيـن لها لصرفها من هذه المكاتــب على خلاف الحقيقة ، وقد ارتبطت هذه الجريمة بجرائم التزوير في المحررات واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة وذلك أنه في ذات المكان والزمان سالفي الذكر ارتكب حال تحريره المختصين بوظيفته والمتهم الثاني وآخر مجهول تزويراً في محررات الهيئة القومية للبريد وهي عدد "خمسين حوالة بريدية " منسوب صدورها لمكتب بريد.... بمحافظة .....الخاضعين لإشراف جهة عمله باسم المستفيدين.... وكذا إخطارات إرسال هذه الحوالات المصطنعة " نموذج 6 م . ج " وحوافظ إرسالها من منطقة بريد.... " نموذج 4 ث " والمنسوبة لجهة عمله وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات وأختام مزورة ، بأن اصطنع والمتهم الثاني تلك النماذج على غرار الصحيح منها وأثبت بها واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وهى إرسال قيمة تلك الحوالات المزورة من مكتبي البريد سالفي الذكر للصرف من المكاتب المرسلة إليها بالـ.... ممهورة بتوقيعات منسوبة لموظفي الهيئة القومية للبريد وقام بختمها بأختام مقلدة لمكتبي البريد سالفي الذكر كما ارتكب والمجهول تزويراً في محررات رسمية هما البطاقتين رقمي.......باسم المستفيدين سالفي الذكر بأن أمد المجهول بصورته وصورة المتهم الثاني فقام بنزع الصورتين المثبتين على البطاقتين ووضع صورتيهما بدلاً منها واستعمل المتهم هذه المحررات المزورة مع علمه بتزويرهما لاستخدامها في الصرف ، بأن قدمها للمختصين بالهيئة ومحتجاً بصحتها زوراً وبإعمال أثارها في صرف المبلغ المستولى عليه ، وهو الأمر المعاقب عليه بالمواد 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات. ثانياً : بصفته آنفه البيان شرع في الاستيلاء بغير حق وبنيه التملك على مبلغ... والمملوك لجهة عمله وهو قيمة عدد .... حواله بريدية مصطنعة وكان ذلك حيلة بموجب محررات مزورة بأن أصدر وآخرين حوالات بريدية محولة إلى مكاتب بريد القاهرة والإسكندرية بأسماء أشخاص غير مستحقين لها لصرفها من هذه المكاتب على خلاف الحقيقة وقد ارتبطت هذه الجريمة بجرائم التزوير في المحررات واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة وذلك أنه في ذات المكان والزمان سالفي الذكر ارتكب " حال تحريره المختص بوظيفته " والمتهم الثاني تزويراً في محررات جهة عملة وهى عدد .... حوالة بريدية " منسوب صدورها لمكتبي بريد .... باسم المستفيدين سالفي الذكر وكذا إخطارات إرسال هذه الحوالات المصطنعة نموذج 6 م ج " وحوافظ إرسالها من منطقة بريد.... نموذج 4 ث " والمنسوبة لجهة عمله وكان ذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة وبصمها بأختام مقلدة بأن حرر والمتهم الثاني تلك النماذج على غرار الصحيح منها وأثبت فيها واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وهى إرسال قيمة تلك الحوالات المزورة من مكتبي البريد سالفي ااااااااااالذكر للصرف من المكاتب المرسلة إليها بالـ...... ومهرها المجهول بتوقيعات منسوبة لموظفي الهيئة القومية للبريد وقام بختمها بأختام مقلدة لمكتبي البريد المذكورين كما ارتكب والمجهول تزويراً في محررات رسمية هما البطاقتين....... باسم المستفيدين سالفي الذكر بأن أمد المجهول "بصورته وصورة المتهم الثاني ، فقام بنزع الصورتين المثبتين على البطاقتين ووضع صورتيهما بدلاً منها ، واستعمل المتهم محررات جهة عملة المزورة مع علمه بتزويرها بأن قدمها للمختصين بالهيئة محتجاً بصحتها زوراً وأرسل هذه المحررات المزورة إلى مكاتب البريد لاستخدامها في صرف قيمتها ، وهو الأمر المعاقب عليه بالمواد 211 ، 212، 213، 214 من قانون العقوبات ، وأوقف أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبساً بها وضبط المحررات المزورة لدى مكاتب البريد المرسلة إليها قبل الصرف على النحو المبين بالتحقيقات . المتهم الثاني المحكوم عليه الآخر: اشترك مع المتهم الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجنايتين محل الوصفين أولاً وثانياً ، بأن اتفق معه على ارتكابهما وساعده بأن حرر بخط يده بعض نماذج الحوالات وإخطارات إرسالها المزورة وأمده بصورته الشخصية المزورة لصرف المبالغ موضوع الحوالات البريدية محل الاتهام الأول على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ، والمحكمة المذكورة قضت أولاً : حضورياً بمعاقبة المتهم .... " الطاعن" بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وبتغريمه خمسين ألف جنيه .ثانياً : غيابياً بمعاقبة المتهم....... " محكوم عليه آخر" بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه. ثالثاً :- بمصادرة المحررات المزورة المضبوطة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ .
________________
 المحكمــة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاستيلاء على مال عام والشروع فيه والتزوير في محررات رسمية واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه تمسك بإعفائه من العقاب عملاً بنص المادة 118 مكرراً (ب) من قانون العقوبات ، بيد أن رد الحكم عليه جاء غير سائغ إذ ذهب أنه كفاعل أصلى لا يستفيد من هذا الإعفاء على خلاف المستفاد من النص المذكور والثابت من أوراق الدعوى ، سيما وأن الحكم لم يدلل على الأفعال التي نسبها للطاعن والتي لا تعدو أن تكون في حقيقتها اشتراكاً منه مع المحكوم عليه الآخر في ارتكاب الجرائم المنسوبة إليه . مما كان يتعين معه على المحكمة أن تقضي بإعفائه من العقاب إعمالاً لأحكام القانون ، فضلاً عن أن الطاعن قام بسداد المبالغ موضوع الاتهام ، وحصل على حكم من القضاء الإداري بعودته إلى عمله . وأخيراً فإن الطاعن هو العائل الوحيد لأسرته كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 118 مكرراً (ب) من قانون العقوبات والمضافة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 نصت على أنه " يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها في هذا الباب كل من بادر من الشركاء في الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية بالجريمة بعد تمامها وقبل اكتشافها ويجوز الإعفاء من العقوبات المذكورة إذا حصل الإبلاغ بعد اكتشاف الجريمة وقبل صدور الحكم النهائي فيها ، ولا يجوز إعفاء المبلغ بالجريمة من العقوبة طبقاً للفقرتين السابقتين في الجرائم المنصوص عليها في المواد 112، 113، 113 مكرراً إذا لم يؤد الإبلاغ إلى رد المال موضوع الجريمة ويجوز أن يعفى من العقاب كل من أخفى مالاً متحصلاً من إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا الباب إذا أبلغ عنها وأدى ذلك إلى اكتشافها ورد كل أو بعض المال المتحصل منها " ومفاد هذا النص في صريح لفظه أن الشارع قصر الإعفاء الوارد في الفقرة الأولى منه على الشركاء في الجريمة باستثناء المحرضين منهم ، ولم يشأ أن يمده إلى الفاعلين الأصليين وذلك لحكمة تغياها من تشجيع الكشف عن جرائم الموظفين العموميين ومن في حكمهم في هذا الخصوص وهو ما أكدته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون رقـــم 63 لسنة 1975 المشار إليه بقولها : " لما كانت جرائم الاختلاس والإضرار والعدوان على المال العام تقترف في العادة خفية ، وقد لا يفطن إليها أولو الأمر إلا بعد أن ينقضي على ارتكابها زمن يطول أو يقصر فقد رأى لإماطة اللثام عنها وعن جُناتها أن توضع المادة 118 مكرراً (ب) كي يعفى من العقوبة من يبادر منهم بإبلاغ السلطات الإدارية أو القضائية بالجريمة ، إذا كان من غير فاعليها أو المحرضين على ارتكابها وجاء الإبلاغ بعد تمام الجريمة " وإنما بشرط أن يسبق صدور الحكم النهائي فيها .." . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه متى كانت عبارة
ج القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أيا كان الباعث على ذلك وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه ، كما أنه لا إعفاء من العقوبة بغير نص وكانت النصوص المتعلقة بالإعفاء تفسر على سبيل الحصر فلا يصح التوسع في تفسيرها بطريق القياس ولا كذلك أسباب الإباحة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة الحق أو القيام بالواجب ، وإذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن بوصفه قد استولى على المال العام محل الجريمة والمملوك للهيئة القومية للبريد ورد على ما أثاره من تمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 118 مكرراً (ب) من قانون العقوبات - بعد أن أورد بعض التقريرات القانونية- بقوله: " ... لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق والتحقيقات أن المتهم الأول الماثل " الطاعن" هو الفاعل الأصلي لجريمتي الاستيلاء على المال العام والشروع فيه المرتبطة كل منهما بجرائم التزوير في المحررات الرسمية واستعمالها والمعاقب عليها طبقاً لأحكام المواد 45، 46/1، 113/1، 2، 118، 118 مكرراً، 119/ب، 119 مكرراً/هـ من قانون العقوبات فمن ثم لا يجديه نفعاً الاحتجاج بالمادة 118 مكرراً " ب " من قانون العقوبات ذلك أن الذي يستفاد قانوناً من الإعفاء المنصوص عليه فيها هو الشريك بالاتفاق أو المساعدة فقط ومن ثم يضحى الدفع قائماً على غير سند صحيح من الواقع والقانون خليقاً بالرفض .." وهو رد سائغ يتفق مع صريح نص المادة 118 مكرراً (ب) من قانون العقوبات التي تمسك الطاعن بحكمها. فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون سديداً . هذا فضلاً عن أن البين من استقراء نص المادة 118 مكرراً (ب) سالفة الذكر أن الشارع قصر حق التمتع بالإعفاء من العقوبات المقررة لجرائم الاستيلاء على المال العام على الشركاء في الجريمة من غير المحرضين على ارتكابها متى تحققت موجباته فلا يستفيد منه الفاعل الأصلي أو الشريك بالتحريض ، وكان مؤدى ما ساقه الحكم في بيان واقعة الدعوى يصدق به اعتبار الطاعن فاعلاً أصلياً في جريمة الاستيلاء على المال العام التي دين بها فإنه لا محل لتعييب الحكم في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن يفصح الحكم صراحة عما إذا كان المتهم فاعلاً أصلياً أو شريكاً بل يكفى أن يكون مستفاداً من الوقائع التي أثبتها الحكم ـ كما أنه ليس بلازم أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل مساهم على حدة ودوره في الجريمة التي دانه بها مادام قد أثبت في حقه اتفاقه مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة التي دانهم بها ، واتفاق نيتهم على تحقيق النتيجة التي وقعت واتجاه نشاطهم الإجرامي إلى ذلك - كما هو الحال في الدعوى
المطروحة ـــ فإن هذا وحده يكفى لتضامنه في المسئولية الجنائية باعتباره فاعلاً أصلياً. فضلاً عن أن الحكم أفصح في مدوناته على أن الطاعن فاعلاً أصلياً في الجريمة ، ومن ثم فإن كل ما يثيره في هذا الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الاستيلاء على المال العام رد الجاني المال الذي استولى عليه لأن الظروف التي تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفى قيامها ، فإن نعي الطاعن بأنه قام بسداد المبلغ المستولى عليه لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان النعي بأن المحكمة لم تعامل الطاعن بالرأفة لسداده المبلغ المستولى عليه ولكونه العائل الوحيد لأسرته وأن محكمة القضاء الإداري قضت بعودته لعمله مردود بما هو مقرر من أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم بالطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة قانوناً للجريمة التي دانه بها ، فإن مجادلته في هذا الخصوص لا تكون مقبولة . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

                              ________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق