الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 17 نوفمبر 2016

الطعن 2257 لسنة 82 ق جلسة 26 / 12 / 2012 مكتب فني 63 ق 161 ص 892

برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد القوي أيوب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ هاني مصطفى، محمود قزامل نائبي رئيس المحكمة، إبراهيم عوض ومحمد العشماوي.
----------
- 1  قانون "تفسيره". دستور. الإذن بمراقبة المحادثات. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
المادتان 41، 45 من الدستور المصري. مفادهما؟ قانون الإجراءات الجنائية أورد قيوداً على إذن المراقبة والتسجيل. مؤداها: أن تكون الجريمة المسندة إلى المتهم جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر. وأن يكون لهذا الإجراء فائدة في كشف الحقيقة وأن يكون الأمر الصادر بالمراقبة أو التسجيل مسبباً. وأن تنحصر مدة سريانه في ثلاثين يوماً قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة. أساس وعلة ذلك؟ مثال.
لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة لتجاوز مأمور الضبط القضائي حدود ذلك الإذن واطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لتجاوز مأمور الضبط القضائي حدود الإذن الصادر له فإن هذا الدفع قد جاء مرسلاً لا يحمل سببه فضلاً عن أنه بمطالعة الإذن الصادر من السيد المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا بتاريخ 17/2/2010 الساعة الثانية مساء يبين أنه قد أذنت فيه لأي من مأموري الضبط القضائي المختصين قانوناً بهيئة الرقابة الإدارية ومن يعاونهم من المختصين فنياً بتسجيل وتصوير الأحاديث واللقاءات التي تتم بين المتهمين الأول والثاني والثالث في الأماكن العامة والخاصة وكذا مراقبة تسجيل الاتصالات التليفونية بينهم من خلال الهواتف المبينة بالإذن وذلك خلال ثلاثين يوماً تبدأ من ساعة وتاريخ إصدار ذلك الإذن وكذلك بمطالعة الإذن الصادر بتاريخ 16/3/2010 الساعة الخامسة والنصف مساء يبين أن النيابة العامة أذنت بامتداد سريان الإذن الأول سالف الذكر بالنسبة لجميع الأسماء الواردة به وأذنت النيابة كذلك بتسجيل وتصوير الأحاديث واللقاءات التي تتم بين جميع المتهمين الستة من خلال أرقام الهواتف الأخرى الثابتة به وكذا ضبط أية مبالغ مالية أو عطايا على سبيل الرشوة من أي من المتهمين الثالث والرابع والخامس والسادس وبمطالعة محاضر الضبط التي قام بتحريرها عضو هيئة الرقابة الإدارية يبين أنه لم يتجاوز حدود الإذنين الصادرين من النيابة العامة سالفي البيان ومن ثم يكون هذا الدفع على غير أساس من القانون أو الواقع ويتعين رفضه". لما كان ذلك، وكان الدستور المصري الذي جرت الواقعة في ظل سريان أحكامه قد نص في المادة 41 منه على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مضمونة لا تمس ..." ونص في المادة 45 منه على أن "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقاً لأحكام القانون" كما جاء المشرع في قانون الإجراءات مسايراً لأحكام الدستور فاشترط لإجازة المراقبة والتسجيلات قيوداً إضافية بخلاف القيود الخاصة بإذن التفتيش نص عليها في المواد 95، 95 مكرراً، 206 منه وهذه القيود بعضها موضوعي وبعضها شكلي، وهي في مجموعها أن تكون الجريمة المسندة إلى المتهم جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، وأن يكون لهذا الإجراء فائدة في كشف الحقيقة وأن يكون الأمر الصادر بالمراقبة أو التسجيل مسبباً وأن تنحصر مدة سريانه في ثلاثين يوماً قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة. وكل هذه الضمانات كفلها المشرع باعتبار أن الإذن بالمراقبة أو التسجيل، هو من أخطر إجراءات التحقيق التي تتخذ ضد الفرد وأبلغها أثراً عليه. لما يبيحه هذا الإجراء من الكشف الصريح لستار السرية وحجاب الكتمان الذي يستتر المتحدثان من ورائه والتعرض لمستودع سرهما، من أجل ذلك كله وجب على السلطة الآمرة مراعاة هذه الضمانات واحترامها، وأن تتم في سياج من الشرعية والقانون. ولا يحول دون ذلك أن تكون الأدلة صارخة وواضحة على إدانة المتهم، إذ يلزم في المقام الأول احترام الحرية الشخصية وعدم الافتئات عليها في سبيل الوصول إلى أدلة الإثبات.
- 2 الإذن بمراقبة المحادثات. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". مأمورو الضبط القضائي "اختصاصاتهم".
عدم جواز امتداد الإذن بالمراقبة والتسجيل إلى شخص آخر غير المتحرى عنه. أثر خروج مأمور الضبط القضائي عن حدود الإذن: البطلان. وحدة الواقعة وحسن سير العدالة واتصال وجه الطعن بطاعن آخر. يوجب امتداد أثر الطعن إليه دون الحاجة للتعرض للطعن المقدم منه. مثال.
لما كان يبين من مطالعة محضر تحريات الرقابة الإدارية المؤرخ 17 من فبراير سنة 2010 والإذن المرفق صورة رسمية منهما أن محضر تحريات الرقابة الإدارية السالف وهو أول إجراء من إجراءات الاستدلال في الدعوى قد انصب على ثلاثة أشخاص هم 1- "الطاعن" 2- "الطاعن الثاني" 3- "المتهم الثالث" وأثبت به محرر المحضر أن تحرياته دلت على استغلال المتحرى عنهما الأول والثاني لسلطات وظائفهما وحصولهما على منافع مادية وعينية على سبيل الرشوة من بعض رجال الأعمال المتعاملين مع الشركة ...... ومنهم المتحرى عنه الثالث وطلب الإذن بمراقبة وتصوير وتسجيل اللقاءات التي تتم بين سالفي الذكر ومراقبة وتسجيل الاتصالات التي ترد عبر هواتفهم المشار إليها في المحضر ويبين من إذن نيابة أمن الدولة العليا الصادر في ذات التاريخ الساعة الثانية مساء أنه قد انصب على تسجيل وتصوير الأحاديث واللقاءات ومراقبة وتسجيل الاتصالات التليفونية التي تتم بين الثلاثة المتحرى عنهم والتي تتم من خلال التليفونات الخاصة بهؤلاء والموضحة بالإذن وذلك خلال مدة ثلاثين يوماً تبدأ من ساعة وتاريخ صدور هذا الإذن، ولازم ذلك أن إذن النيابة الصادر بالمراقبة والتسجيل قد اقتصر على تسجيل المحادثات التي تتم بين الثلاثة أشخاص المتحرى عنهم سالفي الذكر والمحددة أسماؤهم بالإذن ومن خلال الهواتف المحددة به وعدم جواز امتداد الإذن بالمراقبة والتسجيل إلى شخص آخر غير هؤلاء الثلاثة المتحرى عنهم الذين تضمنهم الإذن حصراً حتى ولو كان أحد هؤلاء الثلاثة طرفاً في هذا الاتصال أو كان موضوعه يتصل بالجريمة الجاري جمع الاستدلالات بشأنها أو بغيرها. وذلك لما هو ثابت بالإذن من قصر المراقبة والتسجيل على الاتصالات التليفونية التي تتم بين هؤلاء ومن خلال هواتفهم المحددة بالإذن. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الصورة الرسمية من محضر الرقابة الإدارية المؤرخ 16 من مارس سنة 2010 المرفقة بملف الطعن والذي صدر إذن النيابة بذات التاريخ نفاذاً له والذي تضمن بياناً للتسجيلات التي تم إجراؤها نفاذاً لإذن النيابة العامة الصادر في 17 من فبراير سنة 2010 المار بيانه أن محرر المحضر قد تجاوز حدود الإذن بتسجيل أحاديث تليفونية تمت بين المتحرى عنهم الثلاثة والمتهمين الرابع/ ..... والخامس/ ..... والسادس/ ..... وآخرين وهم جميعهم لم يشملهم الإذن. لما كان ما تقدم، وكان مأمور الضبط القضائي قد تنكب صحيح القانون بخروجه على الشرعية فما كان يجوز له تسجيل المحادثات التليفونية التي تمت بين المتحرى عنهم المحددين بالإذن الصادر في 17 من فبراير سنة 2010 وباقي المتهمين وآخرين أما وقد تم تسجيلها، فإن هذا التسجيل يكون وليد إجراء غير مشروع لم يؤذن به ويكون الدفع ببطلان الدليل المستمد منه في محله. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى قضاؤه برفض ذلك الدفع وعول في إدانة الطاعنين من بين ما عول عليه على الدليل المار ذكره، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، فضلاً عن فساده في الاستدلال فيما تضمنه من رد على الدفع آنف البيان مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول وللطاعن الثاني لاتصال وجه النعي به ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن المقدم من الطاعن الأول أو التعرض للطعن المقدم من الطاعن الثاني.
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من ..... بأنهم: أولاً: المتهم الأول: بصفته في حكم الموظف العام مدير عام الصيانة بالشركة ..... طلب وأخذ لنفسه عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من المتهم الثالث بوساطة المتهمين الخامس والسادس مبلغ ثمانية ألاف جنيه - على سبيل الرشوة - مقابل تسهيل إجراءات استلام مهمات المطارات الموردة من شركة ..... لتوريدات المطارات المملوكة للمتهم الثالث وكذا إنهاء إجراءات صرف المستحقات المالية للشركة لدى الشركة ..... عن تنفيذ عقد صيانة الأجهزة بمطار ..... وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهم الثاني: 1- بصفته في حكم الموظف العام المستشار المالي لرئيس مجلس إدارة ..... طلب وأخذ لنفسه عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من المتهم الثالث بوساطة المتهم الخامس مبلغ خمسة ألاف جنيه - على سبيل الرشوة - مقابل إنهاء إجراءات صرف المستحقات المالية لشركة المتهم الثالث لدى الشركة ..... عن توريد مهمات المطارات على النحو المبين بالتحقيقات. 2- بصفته سالفة البيان طلب وأخذ لنفسه عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من المتهم الرابع مبلغ عشرة ألاف دولار أمريكي - على سبيل الرشوة - مقابل إنهاء إجراءات صرف مستحقاته المالية لدى الشركة ..... عن أعمال توسيع مبنى الركاب بمطار الغردقة وأعمال تصميم مبنى الركاب والممر الجديد بمطار ..... والمسند تنفيذها إلى شركته المجموعة ..... وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: المتهم الثالث: قدم لمن هما في حكم الموظف العام رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفتهما بأن قدم للمتهمين الأول والثاني مبالغ الرشوة موضوع الاتهامين المبين بالبندين أولاً، ثانياً/ 1. رابعاً: المتهم الرابع: قدم رشوة لمن هما في حكم الموظف العام لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن قدم للمتهم الثاني مبلغ الرشوة موضوع الاتهام المبين بالبند ثانياً/ 2. خامساً: المتهم الخامس: توسط في رشوة من هما في حكم الموظف العام لأداء عمل من أعمال وظيفتهما بأن توسط في جريمتي الرشوة موضوع الاتهام بالبندين أولاً، ثانياً/ 1. سادساً: المتهم السادس: توسط في رشوة من في حكم الموظف العام لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن توسط في جريمة الرشوة موضوع الاتهام المبين بالبند أولاً. وأحالتهم إلى محكمة جنايات ..... لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 103، 107 مكرراً، 110، 111/1، 5 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن المشدد لمدة خمس سنين وبتغريمه مبلغ ثمانية ألاف جنيه عما أسند إليه. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالسجن المشدد لمدة خمس سنين وبتغريمه مبلغ خمسة ألاف جنيه ومبلغ عشرة ألاف دولار أمريكي عما أسند إليه. ثالثاً بمصادرة المبالغ المالية المضبوطة. رابعاً بإعفاء كل من المتهم الثالث والرابع والخامس والسادس من العقوبة
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

-------------
المحكمة
من حيث إنه مما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه - بمذكرات أسبابه الثلاث - أنه إذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه دفع ببطلان إذن النيابة العامة بالمراقبة وتسجيل المحادثات الهاتفية المؤرخ 17/2/2010 لتجاوز القائم بهما حدود الإذن لإجرائه المراقبة على أشخاص وهواتف لم يشملها ذلك الإذن بيد أن الحكم اطرح دفعه ذاك برد غير سائغ لا يتفق وصحيح القانون. مما يعيبه ويستوجب نقضه
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن النيابة العامة لتجاوز مأمور الضبط القضائي حدود ذلك الإذن واطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لتجاوز مأمور الضبط القضائي حدود الإذن الصادر له فإن هذا الدفع قد جاء مرسلاً لا يحمل سببه فضلاً عن أنه بمطالعة الإذن الصادر من السيد المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا بتاريخ 17/2/2010 الساعة الثانية مساء يبين أنه قد أذنت فيه لأي من مأموري الضبط القضائي المختصين قانوناً بهيئة الرقابة الإدارية ومن يعاونهم من المختصين فنياً بتسجيل وتصوير الأحاديث واللقاءات التي تتم بين المتهمين الأول والثاني والثالث في الأماكن العامة والخاصة وكذا مراقبة تسجيل الاتصالات التليفونية بينهم من خلال الهواتف المبينة بالإذن وذلك خلال ثلاثين يوماً تبدأ من ساعة وتاريخ إصدار ذلك الإذن وكذلك بمطالعة الإذن الصادر بتاريخ 16/3/2010 الساعة الخامسة والنصف مساء يبين أن النيابة العامة أذنت بامتداد سريان الإذن الأول سالف الذكر بالنسبة لجميع الأسماء الواردة به وأذنت النيابة كذلك بتسجيل وتصوير الأحاديث واللقاءات التي تتم بين جميع المتهمين الستة من خلال أرقام الهواتف الأخرى الثابتة به وكذا ضبط أية مبالغ مالية أو عطايا على سبيل الرشوة من أي من المتهمين الثالث والرابع والخامس والسادس وبمطالعة محاضر الضبط التي قام بتحريرها عضو هيئة الرقابة الإدارية يبين أنه لم يتجاوز حدود الإذنين الصادرين من النيابة العامة سالفي البيان ومن ثم يكون هذا الدفع على غير أساس من القانون أو الواقع ويتعين رفضه". لما كان ذلك، وكان الدستور المصري - الذي جرت الواقعة في ظل سريان أحكامه قد نص في المادة 41 منه على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مضمونة لا تمس ....." ونص في المادة 45 منه على أن "لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة وسريتها مكفولة ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقاً لأحكام القانون" كما جاء المشرع في قانون الإجراءات مسايراً لأحكام الدستور فاشترط لإجازة المراقبة والتسجيلات قيوداً إضافية بخلاف القيود الخاصة بإذن التفتيش نص عليها في المواد 95، 95 مكرراً، 206 منه وهذه القيود بعضها موضوعي، وبعضها شكلي، وهي في مجموعها أن تكون الجريمة المسندة إلى المتهم جناية أو جنحة معاقباً عليها بالحبس لمدة تزيد على ثلاثة أشهر، وأن يكون لهذا الإجراء فائدة في كشف الحقيقة وأن يكون الأمر الصادر بالمراقبة أو التسجيل مسبباً وأن تنحصر مدة سريانه في ثلاثين يوماً قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة. وكل هذه الضمانات كفلها المشرع باعتبار أن الإذن بالمراقبة أو التسجيل، هو من أخطر إجراءات التحقيق التي تتخذ ضد الفرد وأبلغها أثراً عليه. لما يبيحه هذا الإجراء من الكشف الصريح لستار السرية وحجاب الكتمان الذي يستتر المتحدثان من ورائه والتعرض لمستودع سرهما، من أجل ذلك كله وجب على السلطة الآمرة مراعاة هذه الضمانات واحترامها، وأن تتم في سياج من الشرعية والقانون. ولا يحول دون ذلك أن تكون الأدلة صارخة وواضحة على إدانة المتهم، إذ يلزم في المقام الأول احترام الحرية الشخصية وعدم الافتئات عليها في سبيل الوصول إلى أدلة الإثبات. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محضر تحريات الرقابة الإدارية المؤرخ 17 من فبراير سنة 2010 والإذن المرفق صورة رسمية منهما أن محضر تحريات الرقابة الإدارية السالف وهو أول إجراء من إجراءات الاستدلال في الدعوى قد انصب على ثلاثة أشخاص هم 1- "الطاعن" 2- "الطاعن الثاني" 3- "المتهم الثالث" وأثبت به محرر المحضر أن تحرياته دلت على استغلال المتحرى عنهما الأول والثاني لسلطات وظائفهما وحصولهما على منافع مادية وعينية على سبيل الرشوة من بعض رجال الأعمال المتعاملين مع الشركة ......... ومنهم المتحرى عنه الثالث وطلب الإذن بمراقبة وتصوير وتسجيل اللقاءات التي تتم بين سالفي الذكر ومراقبة وتسجيل الاتصالات التي ترد عبر هواتفهم المشار إليها في المحضر ويبين من إذن نيابة أمن الدولة العليا الصادر في ذات التاريخ الساعة الثانية مساء أنه قد انصب على تسجيل وتصوير الأحاديث واللقاءات ومراقبة وتسجيل الاتصالات التليفونية التي تتم بين الثلاثة المتحرى عنهم والتي تتم من خلال التليفونات الخاصة بهؤلاء والموضحة بالإذن وذلك خلال مدة ثلاثين يوماً تبدأ من ساعة وتاريخ صدور هذا الإذن، ولازم ذلك أن إذن النيابة الصادر بالمراقبة والتسجيل قد اقتصر على تسجيل المحادثات التي تتم بين الثلاثة أشخاص المتحرى عنهم سالفي الذكر والمحددة أسماؤهم بالإذن ومن خلال الهواتف المحددة به وعدم جواز امتداد الإذن بالمراقبة والتسجيل إلى شخص آخر غير هؤلاء الثلاثة المتحرى عنهم الذين تضمنهم الإذن حصراً حتى ولو كان أحد هؤلاء الثلاثة طرفاً في هذا الاتصال أو كان موضوعه يتصل بالجريمة الجاري جمع الاستدلالات بشأنها أو بغيرها. وذلك لما هو ثابت بالإذن من قصر المراقبة والتسجيل على الاتصالات التليفونية التي تتم بين هؤلاء ومن خلال هواتفهم المحددة بالإذن. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الصورة الرسمية من محضر الرقابة الإدارية المؤرخ 16 من مارس سنة 2010 المرفقة بملف الطعن والذي صدر إذن النيابة بذات التاريخ نفاذاً له والذي تضمن بياناً للتسجيلات التي تم إجراؤها نفاذاً لإذن النيابة العامة الصادر في 17 من فبراير سنة 2010 المار بيانه أن محرر المحضر قد تجاوز حدود الإذن بتسجيل أحاديث تليفونية تمت بين المتحرى عنهم الثلاثة والمتهمين الرابع/ ..... والخامس/ ..... والسادس/ ..... وآخرين وهم جميعهم لم يشملهم الإذن. لما كان ما تقدم، وكان مأمور الضبط القضائي قد تنكب صحيح القانون بخروجه على الشرعية فما كان يجوز له تسجيل المحادثات التليفونية التي تمت بين المتحرى عنهم المحددين بالإذن الصادر في 17 من فبراير سنة 2010 وباقي المتهمين وآخرين أما وقد تم تسجيلها، فإن هذا التسجيل يكون وليد إجراء غير مشروع لم يؤذن به ويكون الدفع ببطلان الدليل المستمد منه في محله. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى قضاؤه برفض ذلك الدفع وعول في إدانة الطاعنين من بين ما عول عليه على الدليل المار ذكره، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، فضلاً عن فساده في الاستدلال فيما تضمنه من رد على الدفع آنف البيان مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول وللطاعن الثاني لاتصال وجه النعي به ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن المقدم من الطاعن الأول أو التعرض للطعن المقدم من الطاعن الثاني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق