جلسة 27 من ديسمبر سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ عمر بريك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الله فتحي، علاء البغدادي، سامح حامد وحسين حجازي نواب رئيس المحكمة.---------------
(162)
الطعن رقم 6574 لسنة 78 القضائية
(1) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
مناط العقاب طبقاً للمادة 112 من قانون العقوبات؟
مثال لتسبيب معيب للتدليل على جناية اختلاس أموال عامة.
(2) نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". اختلاس أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي. لا يمكن أن يكون دليلاً على حصول الاختلاس. علة ذلك؟
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب".
اختلاس أموال أميرية. الأحكام الجنائية. وجوب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال.
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات جنائية.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
(4) اختلاس. حكم "بيانات التسبيب" "ما يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". إثبات "خبرة".
عدم بيان الحكم بوضوح وتفصيل مفردات المبالغ التي اقتنعت المحكمة باختلاسها. والمنتجة للمبلغ المحدد بتقرير الخبراء. اكتفاؤه بالإحالة إلى ذلك التقرير دون أن يعني بذكرها وتفصيلاتها واتخاذه العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس. يعيب الحكم.
---------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما نصه " .. أنه بفحص أعمال المتهم ..... من لجنة الفحص التابعة للمديرية المالية بـ..... ومديرية التربية والتعليم بـ..... والمشكلة من ..... المحاسب بالمديرية الأولى و ..... المالي بالمديرية الثانية تبين أن المتهم ويعمل مندوب صرف النشاط الفني والمكتبات بإدارة ..... التعليمية وذلك من خلال الفترة من عام ..... حتى عام ..... وكذا تقرير لجنة الخبراء الثلاثية التابعة لوزارة العدل بـ..... والمنتدبة من المحكمة بهيئة مغايرة ثبت أن جملة العجز في عهدة المتهم خلال فترة الاتهام قدرها 33033.650 فقط ثلاثة وثلاثون ألفاً وثلاثة وثلاثون جنيهاً خمسة وستون قرشاً لا غير وأيدت التحريات السرية التي أجراها النقيب ..... بإدارة مباحث الأموال العامة بـ..... قيام المتهم خلال الفترة من عام ..... حتى عام ..... باختلاس المبالغ التي قدرتها اللجنة من الإدارة المالية بـ..... والإدارة التعليمية بـ..... والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته والمملوكة لجهة عمله وذلك بقصد إضافتها إلى ملكه وأنه ارتكب في سبيل ذلك تزويراً بأن اصطنع مستندات صرف مزورة وأثبت مبالغ مالية أكبر في مستندات صرف أخرى سليمة واختلس الفرق لنفسه". لما كان ذلك، وكان القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته باعتباره حائزاً له إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي هو التصرف في المال ومن عامل معنوي يقترن به وهو نية إضاعة المال على ربه.
2- من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر.
3- من المقرر أن الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يتحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به، فلا يكفي مجرد الإشارة إلى الأدلة بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع الأدلة الأخرى التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها.
4- لما كان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح وتفصيل مفردات المبالغ التي اقتنعت المحكمة باختلاسها، والمنتجة للمبلغ الذي حدده تقرير لجنة الخبراء، وكذلك المستندات التي جرى فيها التزوير المؤدي للاختلاس، واكتفى في ذلك بالإحالة إلى نتيجة ذلك التقرير دون أن يعني بذكرها وتفصيلاتها، فإن ذلك لا يكفي في بيان أسباب الحكم الصادر بالإدانة لخلوه مما يكشف عنه وجه اعتماده على هذا التقرير الذي استنبطت منه المحكمة معتقدها في الدعوى على أساسه، واتخذ الحكم من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يكون في وقائع الدعوى وظروفها كما أوردها الحكم ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً يتوافر به القصد الجنائي لديه. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثاره الطاعن في طعنه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفاً عاماً "مندوب صرف" للنشاط الفني والمكتبات بمديرية ..... إدارة .... 1- اختلس المبلغ النقدي البالغ قدره 34941.30 فقط "أربعة وثلاثين ألف وتسعمائة وواحد وأربعين جنيهاً وثلاثين مليماً" والذي وجد في حيازته بسبب وظيفته والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر حال كونه من الصيارفة وسلم إليه المال بهذه الصفة. 2- اختلس أوراقاً "مستندات صرف" والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر حال كونه من الصيارفة وسلمت إليه المستندات بهذه الصفة وعلى النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير واستعمال محررات رسمية مزورة ارتباطاً لا يقبل التجزئة هما أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر ارتكب تزويراً في محررات رسمية وهي مذكرات الصرف وذلك باصطناع بعضها ونسبها زوراً إلى الموجهين الفنيين بإدارة ..... التعليمية وكذا إثباته في مستندات الصرف على خلاف الحقيقة مبالغ أكبر واختلاسه لفرق هذه المبالغ واستعمال تلك المحررات الرسمية المزورة في الغرض الذي زورت من أجله مع علمه بتزويرها بأن قدمها إلى بنك ...... فرع ..... وأودعها جهة عمله كدليل على حدوث الصرف الصحيح على خلاف الحقيقة وتمكن بذلك من ارتكاب واقعة الاختلاس المنسوبة إليه. وأحالته إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 2 إجراءات جنائية والمواد 112/ 1، 2، أ ب، 118، 118/ مكرراً، 119/ أ، 119 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات.فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس المرتبطة بجريمتي التزوير في أوراق رسمية واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم لم يعن باستظهار أركان الجريمة التي دان الطاعن بها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما نصه "... أنه بفحص أعمال المتهم ..... من لجنة الفحص التابعة للمديرية .... بـ.... ومديرية .... بـ..... والمشكلة من .... المحاسب بالمديرية الأولى و..... المالي بالمديرية الثانية تبين أن المتهم ويعمل مندوب صرف النشاط الفني والمكتبات بإدارة .... وذلك من خلال الفترة من عام .... حتى عام ... وكذا تقرير لجنة الخبراء الثلاثية التابعة لوزارة العدل بـ.... والمنتدبة من المحكمة بهيئة مغايرة ثبت أن جملة العجز في عهدة المتهم خلال فترة الاتهام قدرها 33033.650 فقط ثلاثة وثلاثون ألفاً وثلاثة وثلاثون جنيهاً خمسة وستون قرشاً لا غير وأيدت التحريات السرية التي أجراها النقيب .... بإدارة مباحث الأموال العامة بـ.... قيام المتهم خلال الفترة من عام .... حتى عام .... باختلاس المبالغ التي قدرتها اللجنة من الإدارة المالية بـ.... والإدارة ..... بـ..... والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته والمملوكة لجهة عمله وذلك بقصد إضافتها إلى ملكه وأنه ارتكب في سبيل ذلك تزويراً بأن اصطنع مستندات صرف مزورة وأثبت مبالغ مالية أكبر في مستندات صرف أخرى سليمة واختلس الفرق لنفسه". لما كان ذلك، وكان القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته باعتباره حائزاً له إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي هو التصرف في المال ومن عامل معنوي يقترن به وهو نية إضاعة المال على ربه، وكان من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبني عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون، ولكي يتحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضي به، فلا يكفي مجرد الإشارة إلى الأدلة بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع الأدلة الأخرى التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح وتفصيل مفردات المبالغ التي اقتنعت المحكمة باختلاسها، والمنتجة للمبلغ الذي حدده تقرير لجنة الخبراء، وكذلك المستندات التي جرى فيها التزوير المؤدي للاختلاس، واكتفى في ذلك بالإحالة إلى نتيجة ذلك التقرير دون أن يعني بذكرها وتفصيلاتها، فإن ذلك لا يكفي في بيان أسباب الحكم الصادر بالإدانة لخلوه مما يكشف عنه وجه اعتماده على هذا التقرير الذي استنبطت منه المحكمة معتقدها في الدعوى على أساسه، واتخذ الحكم من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يكون في وقائع الدعوى وظروفها - كما أوردها الحكم - ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً يتوافر به القصد الجنائي لديه. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثاره الطاعن في طعنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق