برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ أحمد الحسيني، د. خالد عبد الحميد, عمران عبد المجيد نواب رئيس
المحكمة والريدي عدلي.
------------
- 1 نقض "أسباب النقض: الأسباب القانونية
التي يخالطها واقع".
السبب الواقعي أو القانوني الذي يخالطه واقع. عدم جواز التمسك به لأول
مرة أمام محكمة النقض.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض
بسبب واقعي أو قانوني يخالطه واقع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع.
- 2 نقض "أسباب النقض: الأسباب القانونية
التي يخالطها واقع".
عدم تقديم الطاعن الدليل على ما تمسك به من أوجه الطعن. أثره. عدم
قبول الطعن.
المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن المشرع عد من الإجراءات الجوهرية
في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من
أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون فإذا تخلفوا عن اتخاذ هذا الإجراء كان
طعنهم في هذا الخصوص مفتقراً إلى دليله.
- 3 قانون "تفسير القانون: التفسير
التشريعي".
التفسير التشريعي. ماهيته.
تفسير التشريع هو توضيح ما أبهم من ألفاظه وتكميل ما أقتضب من نصوصه،
تخريج ما نقص من أحكامه، والتوفيق بين أجزائه المتناقضة.
- 4 قانون "تفسير القانون: التفسير
التشريعي".
استكمال ما أقتضب من نصوص التشريع. من صميم التأويل. علة ذلك. تولي
القاضي استكمالها من عنده بطريق التأويل. مؤداه. الخطأ في تطبيق القانون يشمل
الخطأ في تأويله.
تكميل ما اقتضب من نصوص التشريع يقع في صميم التأويل، لأنه يجاوز
الصيغة القاصرة عن المراد، فيتولى القاضي استكمالها من عنده بطريق التأويل، بمعنى
أنه حمل اللفظ على غير مدلوله الظاهر منه مع احتماله بدليل يعضده، ولأن المحكمة لا
تفسر القانون إلا لتطبيقه، فإنه يعتبر الخطأ في تطبيق القانون يشمل الخطأ في
تأويله.
- 5 معاهدات "اتفاقية فارسوفيا للنقل
الجوي: كيفية التعويض عن فقد وإتلاف البضائع" "شرط الذهب كأساس
للتعويض".
التعويض الناشئ عن مسئولية الناقل الجوي في نقل الأمتعة البضائع.
تحديده أصلاً بوزن الرسالة دون النظر لمحتوياتها بواقع 250 فرنك عن كل كيلو جرام
ما لم يقرر المرسل إليه مدى الأهمية التي يعلقها على محتوياتها بإيضاح نوعها
وقيمتها الحقيقية وسداده للرسوم الإضافية عنها . م22/2 اتفاقية فارسوفيا المعدلة
ببروتوکول لاهاي سنة 1955.
مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 22 من اتفاقية فارسوفي بتوحيد بعض
قواعد النقل الجوي الدولي المعدلة ببروتوکول لاهاي بتاريخ 28 من سبتمبر سنة 1995
والذي دخل حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من أغسطس سنة 1963 وانضمت إليه مصر
بمقتضى القانونين رقما 593، 644 لسنة 1955 ويطلق عليها (معاهدة فارسوفي المعدلة في
لاهاي سنة 1955) – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن الأصل في تقدير التعويض
الناشئ عن مسئولية الناقل الجوي في نقل الأمتعة المسجلة والبضائع، أنه تقدير حكمي
يتحدد على أساس وزن الرسالة بصرف النظر عن محتوياتها بمقدار 250 فرنكاً عن كل كيلو
جرام، ما لم يقرر المرسل إليه مدى الأهمية التي يعلقها على محتوياتها، بأن يوضح
نوع الأمتعة والبضائع وقيمتها الحقيقية ويؤدي الرسوم الإضافية المقررة إذ لزم
الأمر.
- 6 معاهدات "اتفاقية فارسوفيا للنقل
الجوي: كيفية التعويض عن فقد وإتلاف البضائع" "شرط الذهب كأساس
للتعويض".
تقدير التعويض الناشئ عن مسئولية الناقل الجوي حال تلف أو ضياع أو
تأخير جزء من الأمتعة أو البضائع. مناطه. الوزن الكلي للطرد أو الطرود المشحون بها
تلك الأمتعة أو البضائع دون وزنها الصافي أو وزن الجزء التالف منها. تأثير هذا
التلف أو الضياع أو التأخير على طرود أخرى في ذات استمارة النقل. مؤداه. التزام
الناقل بالتعويض عن مجموع وزن هذه الطرود. الفقرة ب م 22/2 اتفاقية فارسوفيا
المعدلة ببروتوکول لاهاي سنة 1955.
النص في الفقرة ب من البند 2 من المادة 22 من اتفاقية فارسوفي المعدلة
في لاهاي سنة 1955* أنه "وفي حالة ضياع أو تلف أو تأخير جزء من الأمتعة
المسجلة أو البضائع أو أي شيء مما تتضمنه، يكون الوزن الكلي للطرد أو للطرود
المتعلق بها الأمر هو وحده المعول عليه لتحديد مسئولية الناقل. على أنه إذا كان
الضياع أو التلف أو التأخير الذي يلحق بجزء من الأمتعة المسجلة أو البضائع أو أي
شيء منها مما يؤثر على قيمة طرود أخرى تدخل في نفس استمارة نقل الأمتعة أو نفس
خطاب النقل الجوي فيجب التعويل على مجموع وزن هذه الطرود لتعيين حدود المسئولية".
مما مفاده أن المناط في تقدير التعويض الناشئ عن مسئولية الناقل الجوي حال تلف أو
ضياع أو تأخير جزء من الأمتعة أو البضائع هو الوزن الكلي للطرد أو الطرود المشحون
بها تلك الأمتعة أو البضائع دون وزنها الصافي أو وزن الجزء التالف منها، فإذا كان
لهذا التلف أو الضياع أو التأخير تأثير على طرود أخرى في ذات استمارة أو خطاب
النقل التزم الناقل بالتعويض عن مجموع وزن هذه الطرود.
- 7 معاهدات "اتفاقية فارسوفيا للنقل
الجوي: كيفية التعويض عن فقد وإتلاف البضائع" "شرط الذهب كأساس للتعويض".
التعويض الناشئ عن مسئولية الناقل الجوي في تقل الأمتعة والبضائع.
شموله كل أنواع الضرر بكافة عناصره.
التعويض المستحق في تلك حالة ما إذا كان للتلف أو الضياع أو التأخير
تأثير على طرود أخرى في ذات استمارة أو خطاب النقل هو تعويض حكمي شامل يغطي كل
أنواع الضرر الحاصل للبضاعة أو الأمتعة أثناء عملية النقل بكافة عناصره، متى تأثرت
باقي الطرود بما أصاب بعضها.
- 8 معاهدات "اتفاقية فارسوفيا للنقل
الجوي: كيفية التعويض عن فقد وإتلاف البضائع" "شرط الذهب كأساس
للتعويض".
التزام الحكم المطعون فيه بالأخذ بالوزن الكلي لمجموع طرود الأثاث
المشحون في بيان مقدار الوزن المتخذ كأساس لاحتساب مبلغ التعويض. صحيح. علة ذلك.
تلف بعضها له تأثير على الآخر.
إذ كان الثابت في الأوراق – بلا خلاف بين الخصوم – أن البضاعة
المشحونة عبارة عن موبيليا وأثاث للمشاركة في معرض رأس السنة بجمهورية كرواتيا،
فإن تلف بعضها له تأثير على بعضها الآخر، بما تكون العبرة فيه بالوزن الكلي لمجموع
الطرود، وإذ كان الوزن الكلي للطرود المشحون بها البضاعة التالفة مقداره 1461 كيلو
جرام، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا الوزن في بيان مقدار الوزن المتخذ كأساس
لاحتساب مبلغ التعويض، فقد التزم صحيح القانون في هذا الخصوص.
- 9 معاهدات "اتفاقية فارسوفيا للنقل
الجوي: كيفية التعويض عن فقد وإتلاف البضائع" "شرط الذهب كأساس
للتعويض".
التعويض الناشئ عن مسئولية الناقل الجوي في نقل الأمتعة البضائع.
الأصل فيه. تحديده بوزن الرسالة دون النظر لمحتوياتها بواقع 250 فرنك عن کل كيلو
جرام. م 22/2 اتفاقية فارسوفيا المعدلة ببروتوکول لاهاي سنة 1955.
مؤدى ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 22 من اتفاقية فارسوفي
المعدلة في لاهاي سنة 1955 - وعلى ما جري به قضاء محكمة النقض - أن الأصل في تقدير
التعويض الناشئ عن مسئولية الناقل الجوي في نقل الأمتعة المسجلة والبضائع، أنه
تقدير حكمي يتحدد على أساس وزن الرسالة بصرف النظر عن محتوياتها بمقدار 250 فرنکاً
عن کل کيلو جرام منها.
- 10 معاهدات "اتفاقية فارسوفيا للنقل
الجوي: كيفية التعويض عن فقد وإتلاف البضائع" "شرط الذهب كأساس للتعويض".
بطلان شرط الذهب، في المعاملات الداخلية والخارجية. مرده الأمر العالي
في 2 أغسطس 1914 والمرسوم بق 45 لسنة 1935. مؤداه. عدم الاعتداد بالشرط الوارد في
اتفاقية فارسوفيا الذي يقضي بأداء التعويض بما يعادل قيمة الذهب. علة ذلك. اعتبار
ذلك تحايلاً على القانون الذي فرض للعملة الورقية سعراً إلزامياً.
إذ نصت الفقرة الرابعة منه (المادة 22 من اتفاقية فارسوفي المعدلة في
لاهاي سنة 1965) على أن يكون تقدير هذا المبلغ بواقع الفرنك الفرنسي الذي يشتمل
على 65.5 مليجرام من الذهب عيار 900 في الألف ذهباً خالصاً وأن يكون هذا المبلغ
قابلاً للتحويل إلى أرقام دائرة في كل عملة وطنية إلا أنه ليس لما ورد في هذه
الفقرة الأخيرة أثر على التشريع الخاص بشرط الذهب في مصر وهو ما صدر بشأنه الأمر
العالي في 2 من أغسطس سنة 1914 بفرض السعر الإلزامي للعملة الورقية ثم المرسوم
بقانون رقم 45 سنة 1935 الذي نص على بطلان شرط الذهب في المعاملات الداخلية
والخارجية على حد سواء وهو أمر راعى الشارع فيه المصلحة العامة المصرية فإنه لا
يمكن القول بأن انضمام مصر إلى اتفاقية فارسوفيا المعدلة ببروتوكول لاهاي
بالقانونين رقما 93ه، 644 لسنة 1955 من شأنه التأثير في هذا التشريع الخاص بما يعد
إلغاءً له أو استثناء من بطلان شرط الذهب يضاف إلى الاستثناءات الواردة فيه على
سبيل الحصر ومن ثم فلا يعتد بالشرط الوارد في اتفاقية فارسوفي والذي يقضي بأداء
التعويض بما يعادل قيمة الذهب المبينة فيه من العملة الوطنية إذ أن اشتراط الوفاء بعملة
ورقية على أساس قيمتها ذهباً ليس إلا تحايلاً على القانون الذي فرض للعملة الورقية
سعراً إلزامياً، ولا جدوى من إبطال شرط الدفع بالذهب إذا لم يتناول البطلان هذه
الصورة.
- 11 معاهدات "اتفاقية فارسوفيا للنقل
الجوي: كيفية التعويض عن فقد وإتلاف البضائع" "شرط الذهب كأساس
للتعويض".
القيمة النقدية للجنيه الورقي لها نفس قيمة الجنيه الذهبي. أثره.
الوفاء به صحيح مبرئ للذمة. علة ذلك. الأمر العالي في 2 أغسطس 1914 والمرسوم بق 45
لسنة 1935. مؤداه. التزام الطاعنة كناقل جوي وفقاً لاتفاقية فارسوفي هو عدد من
الجنيهات الورقية مساو لعدد من الجنيهات الذهبية. كيفية احتسابه.
القانون 185 لسنة 1951 قد حدد وزن الذهب الخالص بمقدار 2.55187 جرام
إبتداءً من 19 سبتمبر سنة 1949، وكان مقتضى الأمر العالي الصادر في 2 من أغسطس
1914 أن يكون للجنيه الورق نفس القيمة الفعلية التي للجنيه الذهب، وأن كل ما يدفع
من تلك الأوراق يكون دفعاً صحيحاً ومبرئاً للذمة كما لو كان الدفع حاصلاً بالعملة
الذهبية. فإن كل ما تلتزم به الطاعنة كناقل جوي وفقاً للفقرتين الثانية والرابعة
من المادة 22 من اتفاقية فارسوفي .. هو عدد من الجنيهات المصرية الورقية مساو لعدد
الجنيهات الذهبية المشتملة على ذهب يعادل وزن الذهب الذي يشتمل عليه حاصل ضرب
الوزن الکلي لطرد الرسالة وهو 1461 کيلو جرام × 250 فرنکاً فرنسياً مع اعتبار أن
مقدار الفرنك 65.5 مليجرام ذهباً عيار 900 في الألف ووزن الذهب الخالص في الجنيه
الواحد بمقدار 2.55187 جرام وفق القانون رقم 185 لسنة 1951 بغير وسيط من عملة أو
وحدة حسابية أخرى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر في تحويل الفرنك الفرنسي إلى
العملة المصرية وجنح في ذلك إلى احتساب قيمة الفرنك من خلال موقع البورصة العالمية
للذهب ثم حوله إلى الجنيه المصري فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
- 12 نقض "أثر نقض الحكم".
إقامة طعنين عن حكم واحد. نقض أحدهما. أثره. انتهاء الخصومة في الطعن
الآخر. علة ذلك.
إذا کان الثابت من الحکم الصادر في الطعن السالف رقم 13670 لسنة 80 ق
المقام من المطعون ضدها في الطعن الماثل طعناً على الحكم المطعون فيه أن المحكمة
قضت بنقض هذا الحكم وحكمت في موضوع الاستئناف وكان نقض الحكم المطعون فيه يترتب
عليه زواله واعتباره كأن لم يكن، فإن الطعن الحالي يكون قد زال محله، ولم تعد هناك
خصومة بين طرفيه مما يتعين معه القضاء باعتبارها منتهية.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضده في الطعن رقم 13670 لسنة 80 ق - الطاعن في الطعن رقم
14589 لسنة 80 ق - أقام على الطاعنة في الطعن رقم 13670 لسنة 80 ق - المطعون ضدها
في الطعن رقم 14589 لسنة 80 ق – الدعوى رقم .... لسنة 1998 مدني جنوب القاهرة
الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليه مبلغ 584000 جنيه تعويضاً على سند
أنه تعاقد معها على نقل بضاعة (موبيليا) جواً إلى جمهورية كرواتيا لحضور معرض
للمنتجات العالمية في الموبيليا والأثاث وتم تسليمها البضاعة في 6 من ديسمبر سنة
1997 حيث تم نقلها جواً إلى فيينا ثم براً إلى زغرب فوصلت متأخرة وبها تلفيات في
18 من ديسمبر سنة 1997، فقدم احتجاجاً في 20 من ديسمبر سنة 1997 وأقام الدعوى.
ندبت المحكمة أكثر من خبير ولجنة ثلاثية فيها وبعد أن أودعوا تقاريرهم حكمت بتاريخ
31 من ديسمبر سنة 2008 بإلزام الشركة الطاعنة في الطعن الأول بأن تؤدي للمطعون ضده
في ذات الطعن مبلغ 471075 جنيهاً 100/ 86 تعويضاً مادياً ومبلغ 50000 جنيه تعويضاً
أدبياً، وأمام محكمة استئناف القاهرة استأنف المطعون ضده في الطعن الأول هذا الحكم
بالاستئناف رقم ...... لسنة 126 ق. كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف المقابل رقم
..... لسنة 126 ق، وبعد أن ضمته المحكمة إلى الأول قضت بتاريخ 16 من يونيه سنة
2010 في الاستئناف الأصلي برفضه وفي الاستئناف المقابل بتعديل الحكم المستأنف
بإلزام الشركة الطاعنة في الطعن رقم 13670 لسنة 80 ق بأن تؤدي للمطعون ضده في ذات
الطعن مبلغ 194255 جنيهاً على سبيل التعويض. طعنت الشركة المحكوم عليها في هذا
الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ..... لسنة 80 ق، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت
فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، كما طعن المطعون ضده في هذا الطعن في ذات
الحكم بطريق النقض بموجب الطعن رقم 14589 لسنة 80 ق، وقدمت النيابة العامة مذكرة
أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت
جلسة لنظرهما، وقررت ضم الطعن الأخير إلى الأول ليصدر فيهما حكم واحد والتزمت
النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة، وبعد المداولة.
أولاً: الطعن رقم 13670 لسنة 80 ق:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الثاني منها
على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه رفض
الدفع المبدى منها بعدم قبول الدعوى لعدم توجيه المطعون ضده احتجاجاً إليها
كناقلة، إذ تم توجيهه إلى شركة أخرى بخلاف الطاعنة هي شركة سيناء للشحن الجوي بما
يفقده الأثر في قبول الدعوى، كما أن الاحتجاج المحرر من المطعون ضده بتاريخ 20 من
ديسمبر سنة 1997 عبارة عن محضر إثبات حالة تم في غيبتها بما لا يعد احتجاجاً
لمفهوم المادة 15 من بروتوكول لاهاي المعدل لاتفاقية فارسوفيا بما يعيبه ويستوجب
نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة
أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بسبب واقعي أو قانوني يخالطه واقع لم يسبق
إبداؤه أمام محكمة الموضوع، وإذ خلت الأوراق مما يفيد سبق تمسك الطاعنة أمام محكمة
الموضوع بدرجتيها بتوجيه الاحتجاج إلى شركة خلافها أو تحرير محضر إثبات الحالة في
غيبتها، كما لم تقدم رفق طعنها الماثل ما يؤيد صحة دفاعها، وهو دفاع قانوني يخالطه
واقع، فإنه لا يجوز لها التمسك به لأول مرة أمام هذه المحكمة ويكون النعي به لأول
مرة أمامها سبباً جديداً وغير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث والوجه الأول من السبب الأول من
أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في
الأوراق والقصور في التسبيب ذلك بأنه افترض ثبوت الخطأ في جانبها كناقل جوي رغم
انتفائه بما ثبت من تقارير الخبراء المنتدبين في الدعوى، ولعدم تضمن بوليصة الشحن
أوصاف وبيانات تفصيلية بشأن طبيعة البضاعة بما ينفي مسئوليتها، وإذ ألزمها الحكم
بمبلغ التعويض رغم انتفاء الخطأ في جانبها، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن
المشرع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم
تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون
فإذا تخلفوا عن اتخاذ هذا الإجراء كان طعنهم في هذا الخصوص مفتقراً إلى دليله. وإذ
كان الثابت أن الطاعنة لم تقدم صورة رسمية من تقارير الخبراء المنتدبين في الدعوى
أو بوليصة سند الشحن حتى يتسنى التحقق من صحة ما تنعاه من انتفاء الخطأ في جانبها
ومن ثم يضحى النعي مفتقراً لدليله غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع والوجهين الثالث والرابع من السبب
الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والإخلال
بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنها تمسكت في دفاعها بإعادة الدعوى
لمكتب الخبراء لاحتساب قيمة التعويض على أساس وزن البضاعة التالفة وهو وفق تقدير
المطعون ضده 72% من الشحنة بما يعادل 540 كيلو جرام، ووفق صافي وزنها الثابت
ببوليصة الشحن 700 كيلو جرام، فإن الحكم المطعون فيه إذ قدر التعويض عن إجمالي وزن
الصناديق المشحون بها البضاعة بإجمالي 1461 كيلو جرام، فإنه يكون معيباً بما
يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن تفسير التشريع هو توضيح ما أُبهم من
ألفاظه وتكميل ما أقتضب من نصوصه، تخريج ما نقص من أحكامه، والتوفيق بين أجزائه
المتناقضة، فتكميل ما اقتضب من نصوصه، يقع في صميم التأويل، لأنه يجاوز الصيغة
القاصرة عن المراد، فيتولى القاضي استكمالها من عنده بطريق التأويل، بمعنى أنه حمل
اللفظ على غير مدلوله الظاهر منه مع احتماله بدليل يعضده، ولأن المحكمة لا تفسر
القانون إلا لتطبيقه، فإنه يعتبر الخطأ في تطبيق القانون يشمل الخطأ في تأويله.
وإذ كان مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 22 من اتفاقية فارسوفي بتوحيد بعض قواعد
النقل الجوي الدولي المعدلة ببروتوكول لاهاي بتاريخ 28 من سبتمبر سنة 1995 والذي
دخل حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من أغسطس سنة 1963 وانضمت إليه مصر بمقتضى
القانونين رقمي 593، 644 لسنة 1955 ويطلق عليها (معاهدة فارسوفي المعدلة في لاهاي
سنة 1955) – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الأصل في تقدير التعويض الناشئ
عن مسئولية الناقل الجوي في نقل الأمتعة المسجلة والبضائع، أنه تقدير حكمي يتحدد
على أساس وزن الرسالة بصرف النظر عن محتوياتها بمقدار 250 فرنكاً عن كل كيلو جرام،
ما لم يقرر المرسل إليه مدى الأهمية التي يعلقها على محتوياتها، بأن يوضح نوع
الأمتعة والبضائع وقيمتها الحقيقية ويؤدي الرسوم الإضافية المقررة إذ لزم الأمر،
وكان النص في الفقرة ب من البند 2 من المادة 22 من اتفاقية فارسوفي المعدلة في
لاهاي سنة 1995 أنه "وفي حالة ضياع أو تلف أو تأخير جزء من الأمتعة المسجلة
أو البضائع أو أي شيء مما تتضمنه، يكون الوزن الكلي للطرد أو للطرود المتعلق بها
الأمر هو وحده المعول عليه لتحديد مسئولية الناقل. على أنه إذا كان الضياع أو
التلف أو التأخير الذي يلحق بجزء من الأمتعة المسجلة أو البضائع أو أي شيء منها
مما يؤثر على قيمة طرود أخرى تدخل في نفس استمارة نقل الأمتعة أو نفس خطاب النقل
الجوي فيجب التعويل على مجموع وزن هذه الطرود لتعيين حدود المسئولية". مما
مفاده أن المناط في تقدير التعويض الناشئ عن مسئولية الناقل الجوي حال تلف أو ضياع
أو تأخير جزء من الأمتعة أو البضائع هو الوزن الكلي للطرد أو الطرود المشحون بها
تلك الأمتعة أو البضائع دون وزنها الصافي أو وزن الجزء التالف منها, فإذا كان لهذا
التلف أو الضياع أو التأخير تأثير على طرود أخرى في ذات استمارة أو خطاب النقل
التزم الناقل بالتعويض عن مجموع وزن هذه الطرود، ومرد ذلك، أن التعويض المستحق في
تلك الحالة هو تعويض حكمي شامل يغطي كل أنواع الضرر الحاصل للبضاعة أو الأمتعة
أثناء عملية النقل بكافة عناصره، متى تأثرت باقي الطرود بما أصاب بعضها، لما كان
ذلك، وكان الثابت في الأوراق – بلا خلاف بين الخصوم – أن البضاعة المشحونة عبارة
عن موبيليا وأثاث للمشاركة في معرض رأس السنة بجمهورية كرواتيا، فإن تلف بعضها له
تأثير على بعضها الآخر، بما تكون العبرة فيه بالوزن الكلي لمجموع الطرود، وإذ كان
الوزن الكلي للطرود المشحون بها البضاعة التالفة مقداره 1461 كيلو جرام، فإن الحكم
المطعون فيه إذ التزم هذا الوزن في بيان مقدار الوزن المتخذ كأساس لاحتساب مبلغ التعويض،
فقد التزم صحيح القانون في هذا الخصوص، ويضحى النعي عليه بشأنه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجهين الثاني والخامس من السبب الأول من
أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قضى بإلزامها
بتعويض محدد وفقاً للمادة 22 من اتفاقية فارسوفيا بمبلغ 194255 جنيهاً استناداً
بأن الوزن الكلي للرسالة 1461 كيلو جرام وأن مسئولية الطاعنة تكون محدودة بمبلغ
250 فرنكاً عن كل كيلو جرام وأن قيمة الفرنك تقدر بواقع وحدة نقدية على 65.5
مليجرام من الذهب عيار ذهباً خالصاً تم تحويله إلى الجنيه المصري بعد أن أعمل سعر
الذهب بالبورصة العالمية وقت صدور الحكم بما يخالف قضاء محكمة النقض الذي طبق
مفهوم القانونين 45 لسنة 1935، 185 لسنة 1951 والأمر العالي الصادر في 2 من أغسطس
سنة 1914 ببطلان شرط الدفع ذهباً في العقود الدولية وبتحديد وزن الذهب الخالص في
الجنيه بمقدار 2.55187 جرام وبجعل قيمة الجنيه الورقي المصري نفس القيمة الفعلية
للنقود الذهبية المتداولة في القطر المصري، مما يترتب عليه التزام الطاعنة بعدد من
الجنيهات المصرية الورقية مساو لعدد الجنيهات الذهبية المشتملة على ذهب يعادل وزن
الذهب الذي يشتمل عدد الفرنكات الفرنسية المضروب في وزن الرسالة 1461 كيلو جرام.
بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذه النعي سديد، ذلك بأن مؤدى ما نصت عليه الفقرة الثانية من
المادة 22 من اتفاقية فارسوفي المعدلة في لاهاي سنة 1955 - وعلى ما جرى به قضاء
هذه المحكمة – أن الأصل في تقدير التعويض الناشئ عن مسئولية الناقل الجوي في نقل
الأمتعة المسجلة والبضائع، أنه تقدير حكمي يتحدد على أساس وزن الرسالة بصرف النظر
عن محتوياتها بمقدار 250 فرنكاً عن كل كيلو جرام منها، وإذ نصت الفقرة الرابعة
منها على أن يكون تقدير هذا المبلغ بواقع الفرنك الفرنسي الذي يشتمل على 65.5
مليجرام من الذهب عيار 900 في الألف ذهباً خالصاً وأن يكون هذا المبلغ قابلاً
للتحويل إلى أرقام دائرة في كل عملة وطنية إلا أنه ليس لما ورد في هذه الفقرة
الأخيرة أثر على التشريع الخاص بشرط الذهب في مصر وهو ما صدر بشأنه الأمر العالي
في 2 من أغسطس سنة 1914 بفرض السعر الإلزامي للعملة الورقية ثم المرسوم بقانون رقم
45 سنة 1935 الذي نص على بطلان شرط الذهب في المعاملات الداخلية والخارجية على حد
سواء وهو أمر راعى الشارع فيه المصلحة العامة المصرية فإنه لا يمكن القول بأن
انضمام مصر إلى اتفاقية فارسوفيا المعدلة ببروتوكول لاهاي بالقانونين رقمي 593،
644 لسنة 1955 من شأنه التأثير في هذا التشريع الخاص، بما يعد إلغاءً له أو
استثناء من بطلان شرط الذهب يضاف إلى الاستثناءات الورادة فيه على سبيل الحصر ومن
ثم فلا يعتد بالشرط الوارد في اتفاقية فارسوفي والذي يقضي بأداء التعويض بما يعادل
قيمة الذهب المبينة فيه من العملة الوطنية إذ أن اشتراط الوفاء بعملة ورقية على
أساس قيمتها ذهباً ليس إلا تحايلاً على القانون الذي فرض للعملة الورقية سعراً
إلزامياً، ولا جدوى من إبطال شرط الدفع بالذهب إذا لم يتناول البطلان هذه الصورة.
لما كان ذلك، وكان القانون 185 لسنة 1951 قد حدد وزن الذهب الخالص بمقدار 2.55187 جرام
ابتداءً من 19 سبتمبر سنة 1949، وكان مقتضى الأمر العالي الصادر في 2 من أغسطس
1914 أن يكون للجنيه الورق نفس القيمة الفعلية التي للجنيه الذهب، وأن كل ما يدفع
من تلك الأوراق يكون دفعاً صحيحاً ومبرئاً للذمة كما لو كان الدفع حاصلاً بالعملة
الذهبية فإن كل ما تلتزم به الطاعنة كناقل جوي وفقاً للفقرتين الثانية والرابعة من
المادة 22 من اتفاقية فارسوفي سالفة البيان هو عدد من الجنيهات المصرية الورقية
مساو لعدد الجنيهات الذهبية المشتملة على ذهب يعادل وزن الذهب الذي يشتمل عليه
حاصل ضرب الوزن الكلي لطرد الرسالة وهو 1461 كيلو جرام × 250 فرنكاً فرنسياً مع
اعتبار أن مقدار الفرنك 65.5 مليجرام ذهباً عيار 900 الألف ووزن الذهب الخالص في
الجنيه الواحد بمقدار 2.55187 جرام وفق القانون رقم 185 لسنة 1951 بغير وسيط من
عملة أو وحدة حسابية أخرى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر في تحويل الفرنك
الفرنسي إلى العملة المصرية وجنح في ذلك إلى احتساب قيمة الفرنك من خلال موقع
البورصة العالمية للذهب ثم حوله إلى الجنيه المصري فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق
القانون مما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان الوزن الكلي للطرد
المتعلق بها رسالة النزاع 1461 كيلو جرام فإن مقدار التعويض بالجنيه المصري يكون
حسابه على النحو التالي أخذاً بقيمة التعويض عن الكيلو جرام المقررة بمعاهدة
فارسوفيا على ما سلف بيانه: 1461 كيلو جرام × 250 فرنك للكيلو = 365250 فرنكاً
فرنسياً. مقدار التعويض بالجنيه المصري باعتبار أنه يحوي 2.55187 جرام ذهب كالآتي:-
365250 فرنك × 0.0655 مقدار الذهب في الفرنك محولاً إلى الجرامات 2.55187
مقدار الذهب الذي يحويه الجنيه المصري =9375 جنيهاً مصرياً. بما تقضي معه المحكمة
بتعديل الحكم المستأنف وفق ما سلف على نحو ما سيرد بالمنطوق.
ثانياً: الطعن رقم 14589 لسنة 80 ق.
وحيث إنه لما كان الثابت من الحكم الصادر في الطعن السالف رقم 13670
لسنة 80 ق المقام من المطعون ضدها في الطعن الماثل طعناً على الحكم المطعون فيه أن
المحكمة قضت بنقض هذا الحكم وحكمت في موضوع الاستئناف وكان نقض الحكم المطعون فيه
يترتب عليه زواله واعتباره كأن لم يكن، فإن الطعن الحالي يكون قد زال محله، ولم
تعد هناك خصومة بين طرفيه مما يتعين معه القضاء باعتبارها منتهية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق