الطعن 43لسنة 37 ق"منازعة تنفيذ" جلسة 7 / 5 / 2016
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من مايو سنة 2016م،
الموافق الثلاثين من رجب سنة 1437هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه
النجار وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمي
اسكندر نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 43 لسنة 37
قضائية "منازعة تنفيذ".
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
في أن السيد/ ...... كان قد أقام ضد المدعية والمدعى عليه الرابع الدعوى رقم 78410
لسنة 69 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار
اللجنة العليا للانتخابات بقبول أوراق ترشيح المدعية لانتخابات مجلس النواب 2015
عن الدائرة رقم (19) ومقرها قسم الجمالية ومنشأة ناصر بمحافظة القاهرة، مع ما
يترتب على ذلك من آثار، على سند من مخالفة القرار المطعون فيه للقانون، وافتقاد
المدعية لشرط حسن السمعة والسيرة الحسنة، وبجلسة 19/9/2015 قضت المحكمة بقبول
الدعوى شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإحالة الدعوى إلى هيئة
مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها، وإذ لم يلق هذا
القضاء قبولاً لدى المدعي في تلك الدعوى فقد طعن عليه أمام المحكمة الإدارية
العليا بالطعن رقم 105519 لسنة 61 قضائية عليا، وبجلسة 7/10/2015 قضت المحكمة
بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بوقف تنفيذ قرار لجنة الانتخابات بمحافظة
القاهرة بقبول أوراق ترشيح المطعون ضدها عن الدائرة المذكورة، مع ما يترتب على ذلك
من آثار، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، على سند من أن نصوص قانون تنظيم
مباشرة الحقوق السياسية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 45 لسنة 2014
وقانون مجلس النواب الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 2014 والتي
أجريت الانتخابات طبقا لأحكامها، وإن لم تشترط السيرة الحميدة وطيب الخصال ضمن
الشروط اللازمة للترشح، إلا أن هذا الشرط يعد شرطا عاماً متطلباً في كل من يتقلد
موقعاً تنفيذيا أو نيابياً باعتباره من الشروط العامة المفترضة في كل شخص، ومن باب
أولى من يتصدى للعمل النيابي، الذي يجب أن يكون محاطا بسياج من السمعة الحسنة والبعد
عن مواطن السوء والشبهات، دون حاجة إلى نص صريح يقرر ذلك كشرط لتولي مثل هذه
المواقع، ولا يتطلب إثبات ذلك صدور أحكام قضائية في هذا الشأن، بل يكفي في ذلك
المقام وجود دلائل أو شبهات قوية تلقي ظلالا من الشك على شخص المترشح حتى يتسم
بسوء الخصال، وإذ ارتأت المدعية أن هذا الحكم يعد عقبة في تنفيذ أحكام المحكمة
الدستورية العليا المشار إليها في صحيفة الدعوى الماثلة، فضلاً عن مخالفة أسباب
الحكم لأحكام المواد (8 و11 و51 و53 و55 و67 و87 و92 و94 و95 و96 و99 و102) من
الدستور، فقد أقامت دعواها الماثلة.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحجية المطلقة للأحكام
الصادرة في الدعاوى الدستورية يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارا
للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسماً بقضائها، أما ما لم يكن
مطروحاً على المحكمة، ولم تفصل فيه بالفعل، فلا تمتد إليه تلك الحجية.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ التي ناط
نص المادة (50) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة
1979 بهذه المحكمة الفصل فيها، أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقا لطبيعته،
وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونا – بمضونها أو أبعادها – دون
اكتمال مداه، وتعطل تبعا لذلك أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان
آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع
منازعة التنفيذ، التي تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة
لتلك العوائق أو الناشئة عنها أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط
مسبباتها، وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها،
وكلما كان التنفيذ متعلقا بحكم صادر في دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد
القانونية التي احتواها، والآثار المتولدة عنها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ
وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازما لضمان فعاليته، بيد أن تدخل
المحكمة الدستورية العليا لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من
جريان آثارها في مواجهة الكافة ودون تمييز، بلوغا للغاية المبتغاة منها، في تأمين
حقوق الأفراد وصون حرياتهم، إنما يفترض أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو
بالنظر إلى نتائجها – حائلة فعلاً دون تنفيذ أحكامها تنفيذا صحيحاً مكتملاً أو
مقيدة لنطاقها، وأن يكون إسناد تلك الأحكام وربطها منطقياً بها ممكنا، فإذا لم يكن
لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها،
منافية لحقيقتها وموضوعها.
وحيث أن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 15/5/1982 في القضية رقم
39 لسنة 3 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون
رقم 74 لسنة 1970 في شأن وضع بعض المشتبه فيهم تحت مراقبة الشرطة، ونشر هذا الحكم
في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (21) بتاريخ 27/5/1982، كما قضت بجلسة 16/5/1987 في
القضية رقم 131 لسنة 6 قضائية "دستورية" بعدم دستورية المواد الخامسة
مكررا والسادسة "فقرة 1" والسابعة عشر "فقرة 1" من القانون
رقم 38 لسنة 1972 في شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 112 لسنة 1983، ونشر
الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (22) بتاريخ 31/5/1987، وبجلسة 2/1/1993 قضت
المحكمة في القضية رقم 3 لسنة 10 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نص
المادة (5) من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 بشأن المشردين والمشتبه فيهم،
وبسقوط أحكام المواد المرتبطة بها، وهي المواد (6، 13، 15) منه، ونشر الحكم في
الجريدة الرسمية بالعدد رقم (2) بتاريخ 14/1/1993، وقضت المحكمة بجلسة 2/12/1995
في القضية رقم 28 لسنة 17 قضائية "دستورية" بعدم دستورية نص المادة (18)
من القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها، وذلك فيما
تضمنته من معاقبة من يخالف أحكام المادة الثانية من هذا القانون بعقوبة المخالفة
إذا كان حسن النية، ونشر الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم (51) بتاريخ
21/12/1995، والواضح من استعراض هذه الأحكام جميعها أنها ليس لها من صلة بالحكم
الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 7/10/2015 في الطعن رقم 105519 لسنة 61
قضائية عليا، سواء من حيث نطاق كل منها أو مجال تطبيقه، إذ انصب قضاء المحكمة الإدارية
العليا على الفصل في الشق العاجل من الدعوى الموضوعية، فقضى بإلغاء حكم محكمة
القضاء الإداري المطعون فيه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ قرار لجنة الانتخابات
بمحافظة القاهرة بقبول أوراق ترشيح المدعية – في الدعوى الماثلة – عن الدائرة رقم
(19) ومقرها قسم الجمالية ومنشأة ناصر محافظة القاهرة لانتخابات مجلس النواب 2015،
والتي جرت في ظل العمل بأحكام الدستور الحالي الصادر عام 2014، وقانون تنظيم
مباشرة الحقوق السياسية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 45 لسنة 2014،
وقانون مجلس النواب الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 2014، ومن
ثم لا يعد هذا الحكم عقبة في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا المار ذكرها،
مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذا الشق من الدعوى.
وحيث إنه عن طلب المدعية القضاء بعدم دستورية المبدأ الذي أرسته
المحكمة الإدارية العليا بحكمها المشار إليه، لمخالفته لأحكام الدستور، فإن هذا
الطلب يعد في حقيقته طعنا على هذا الحكم، الأمر الذي يخرج عن اختصاص هذه المحكمة
المقرر بنص المادة (192) من الدستور، والمادة (25) من قانونها، مما يتعين معه
القضاء بعدم قبول هذا الشق من الدعوى أيضا.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا
آنف الذكر، فإنه يعد فرعا من أصل النزاع الذي تدور حوله منازعة التنفيذ الماثلة،
وإذ تهيأ النزاع للفصل فيه على النحو المتقدم بيانه، فإن قيام هذه المحكمة بمباشرة
اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ – طبقا لنص المادة (50) من قانونها - يكون قد بات
غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعية بالمصروفات، ومبلغ
مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق