جلسة 23 من يناير سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ لطفي عبد العزيز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العال السمان محمد، فتحي محمد حنضل، جرجس عدلي والسيد عبد الحكيم السيد نواب رئيس المحكمة.
---------------
(28)
الطعن رقم 5809 لسنة 62 القضائية
(1 - 5) تعويض "عناصر الضرر، تقدير التعويض". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التعويض، مدى التزامها بالرد على دفاع الخصوم". إثبات. مسئولية "مسئولية تقصيرية". حكم "عيوب التدليل: ما يُعد قصوراً".
(1) تقدير التعويض الجابر للضرر. واقع. استقلال قاضي الموضوع به. مناطه. أن يكون قائماً على أساس سائغ مردوداً إلى عناصره الثابتة بالأوراق ومتكافئاًً مع الضرر.
(2) تقديم مستندات مؤثرة في الدعوى مع التمسك بدلالتها. التفات الحكم عن التحدث عنها مع ما قد يكون لها من دلالة. قصور.
(3) التعويض مقياسه الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ. شموله عنصرين هما الخسارة التي لحقت بالمضرور والكسب الذي فاته. للقاضي تقويمهما بالمال. شرطه. ألا يقل أو يزيد عن الضرر متوقعاً كان أو غير متوقعاً متى تخلف عن المسئولية التقصيرية.
(4) محكمة الموضوع. إطراحها دليلاً مقبولاً على أحد عناصر الضرر المطالب بالتعويض عنه وتقدير التعويض على خلافه.عدم بيان سبب عدم الأخذ به. أثره. قصور.
(5) انتهاء تقرير الطب الشرعي بأن إصابة الطاعن تخلف عنها عاهة مستديمة تستلزم علاجه مدى الحياة. استدلاله في تقدير قيمة التعويض بمستندات علاجه. انطواؤها على قيمة تكاليف العلاج بما يزيد على ثلاثين ألف جنيه. إطراح الحكم المطعون فيه لها وقضاؤه بتعويض أقل من التكاليف دون بيان سبب عدم الأخذ بها. قصور.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها بشيء مع ما قد يكون لها من دلالة فإنه يكون معيباً بالقصور.
3 - التعويض مقياسه الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ ويشتمل هذا الضرر على عنصرين جوهريين هما الخسارة التي لحقت المضرور والكسب الذي فاته، وهذان العنصران هما اللذان يقومهما القاضي بالمال على ألا يقل عن الضرر أو يزيد عليه متوقعاً كان هذا الضرر أو غير متوقع متى تخلف عن المسئولية التقصيرية.
4 - إذا قدم طالب التعويض إلى محكمة الموضوع دليلاً مقبولاً على أحد عناصر الضرر الذي يطالب بالتعويض عنه ورأى القاضي إطراح هذا الدليل وتقدير التعويض على خلافه، فإنه يتعين عليه أن يبين سبب عدم أخذه به وإلا كان حكمه قاصر التسبيب.
5 - لما كان الثابت من الأوراق أن الطبيب الشرعي الذي ندبته محكمة الاستئناف - للوقوف على مدى الضرر الذي لحق بالطاعن - قد خلص في تقريره إلى إصابة الأخير من الحادث بخلع بالفقرتين العنقيتين الخامسة والسادسة وشلل بأطرافه الأربعة خلف لديه عاهة مستديمة بنسبة 100% وترتب على ذلك حاجته للعلاج الطبيعي مدى الحياة، وكان الطاعن قد استدل أمام محكمة الاستئناف - على حجم الضرر الذي أصابه - بمستندات علاجه في مصر وألمانيا الغربية التي قدمها إلى المحكمة بما تنطوي عليه من زيادة تكاليف العلاج عن ثلاثين ألف جنيه، وإذ لم يأخذ الحكم بهذه المستندات وقدر التعويض بأقل مما جاء بها دون أن يتناولها بالبحث والدراسة والرد عليها مع ما قد يكون لها من دلالة مؤثرة في تقدير التعويض يتغير بها وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عاره القصور في التسبيب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل بالقدر اللازم للفصل في الطعن - في أن الطاعن أقام الدعوى 6833 سنة 1981 مدني الجيزة الابتدائية على المطعون ضدهما - الأول عن نفسه والثاني بصفته - بطلب إلزامهما متضامنين أن يؤديا إليه مبلغ 50000 جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً عما لحقه من ضرر بسبب تلف سيارته وإصابته خطأ في حادث سيارة كان يقودها المطعون ضده الأول - تابع المطعون ضده الثاني - وثبت خطؤه بحكم جنائي بات قضى بإدانته - قضت المحكمة بإلزام المطعون ضدهما متضامنين أن يؤديا للطاعن مبلغ 3000 جنيه تعويضاً عن الأضرار التي لحقت به من إصاباته. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 7092 سنة 99 ق القاهرة للقضاء له بكامل طلباته، ندبت المحكمة الطبيب الشرعي لبيان إصابات الطاعن وتكاليف علاجه، فأودع تقريره الذي خلص فيه إلى إصابته بكسر خلعي بالفقرتين العنقيتين الخامسة والسادسة وشلل رباعي بالأطراف الأربعة أدى إلى خزل بها، وأن حالته الإصابية تستدعي علاجاً طبيعياً مدى الحياة، وقد تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة بنسب 100% قدم الطاعن لمحكمة الاستئناف ثلاث حوافظ مستندات بمصاريف علاجه الأولى بمبلغ 787.395، والثانية بمبلغ 737.810 والثالثة ذكر فيها إن مصاريف علاجه من إصاباته بألمانيا الغربية مبلغ 28.805.850، أعادت المحكمة المأمورية إلى الطب الشرعي لحساب تكاليف العلاج فأفاد بأن الأمر يحتاج إلى خبير حسابي حكمت المحكمة بزيادة التعويض المحكوم به إلى مبلغ سبعة آلاف جنيه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بأسباب الطعن الثلاثة، القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وذلك حين قضى بتعويضه عن الأضرار التي أصابته من الحادث بسبعة آلاف جنيه، مع أن هذا المبلغ لا يغطي الخسارة التي لحقت به والكسب الذي فاته من الضرر المباشر الذي حاق به، والذي شخصه الطبيب الشرعي المنتدب من المحكمة بإصابة الطاعن بكسر خلعي بالفقرتين العنقيتين الخامسة والسادسة وشلل بأطرافه الأربعة مما يترتب عليه مثوله للعلاج مدى الحياة وخلف لديه عاهة مستديمة بنسبة 100% وكلفه علاجاً يزيد على ثلاثين ألف جنيه حسب مستندات العلاج التي قدمها إلى محكمة الاستئناف، وإذ كان التعويض المحكوم به للطاعن يقل كثيراً عن الضرر المباشر الذي أصابه وكانت محكمة الاستئناف التي قضت به لم تأخذ بالمستندات المشار إليها والتي تمسك بدلالتها في تقدير التعويض - رغم إنها مؤثرة فيه - دون أن تناقشها أو ترد عليها، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان المقرر أن تقدير التعويض عن الضرر يُعَد من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن مناط ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون هذا التقدير قائماً على أساس سائغ مردوداً إلى عناصره الثابتة بالأوراق ومبرراته التي يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يكون متكافئاً مع الضرر ليس دونه وغير زائد عليه والمقرر كذلك أنه متى قدم الخصم إلى محكمة الموضوع مستندات وتمسك بدلالتها فالتفت الحكم عن التحدث عنها بشيء مع ما قد يكون لها من دلالة فإنه كان معيباً بالقصور، وهو ما مؤداه أن التعويض مقياسه الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ ويشتمل هذا الضرر على عنصرين جوهريين هما الخسارة التي لحقت المضرور والكسب الذي فاته، وهذان العنصران هما اللذان يقومهما القاضي بالمال على ألا يقل عن الضرر أو يزيد عليه متوقعاً كان هذا الضرر أو غير متوقع متى تخلف عن المسئولية التقصيرية، وإذ قدم طالب التعويض إلى محكمة الموضوع دليلاً مقبولاً على أحد عناصر الضرر الذي يطالب بالتعويض عنه ورأى القاضي اطراح هذا الدليل وتقدير التعويض على خلافه، فإنه يتعين عليه أن يبين سبب عدم أخذه به و إلا كان حكمه قاصر التسبيب. لما كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطبيب الشرعي الذي ندبته محكمة الاستئناف - للوقوف على مدى الضرر الذي لحق بالطاعن - قد خلص في تقريره إلى إصابة الأخير من الحادث بخلع بالفقرتين العنقيتين الخامسة والسادسة وشلل بأطرافه الأربعة خلف لديه عاهة مستديمة بنسبة 100% وترتب على ذلك حاجته للعلاج الطبيعي مدى الحياة، وكان الطاعن قد استدل أمام محكمة الاستئناف - على حجم الضرر الذي أصابه - بمستندات علاجه في مصر وألمانيا الغربية التي قدمها إلى المحكمة بما تنطوي عليه من زيادة تكاليف العلاج عن ثلاثين ألف جنيه، وإذ لم يأخذ الحكم بهذه المستندات وقدر التعويض بأقل مما جاء بها دون أن يتناولها بالبحث والدراسة ويرد عليها مع ما قد يكون لها من دلالة مؤثره في تقدير التعويض قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عاره القصور في التسبيب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق