جلسة 27 من ديسمبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيري الجندي، علي محمد علي، محمد محمد درويش وعبد المنعم دسوقي نواب رئيس المحكمة.
---------------
(288)
الطعن رقم 3458 لسنة 60 القضائية
محاماة "القيد أمام محاكم الاستئناف".
عدم جواز الجمع بين مهنة المحاماة وبين الوظائف العامة. الاستثناء. حالاته. م 14 ق 17 لسنة 1983. شغل وظيفة أستاذ في مادة القانون بالجامعات المصرية. إحدى هذه الحالات. وجوب عدم التوسع في تفسيره. مؤداه. عدم شموله كافة من يقومون بتدريس القانون. لا محل للاستدلال بالمادة 46 من ذات القانون. علة ذلك.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده تقدم إلى لجنة القيد بنقابة المحامين لقيده بالجدول العام مع قبوله للمرافعات أمام محاكم الاستئناف, على سند من أنه حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة در مايو سنة 1977 بتقدير جيد جداً وعين معاناً للنائب العام في 16/ 3/ 1978 ثم حصل على دبلوميّ القانون الخاص والجنائي وعين في 4/ 5/ 1980 مدرساً مساعداً بكلية حقوق القاهرة ثم مدرساً بها في 25/ 5/ 1988 بعد حصوله على درجة دكتوراه الدولة في القانون من فرنسا, وإذ أصبح بذلك عضواً بهيئة التدريس بالكلية ممن تنطبق عليهم عبارة "أساتذة القانون بالجامعات المصرية" الواردة بالمادتين 14, 15 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 وتوافرت فيه شروط القيد بجدول المحامين المقبولين للمرافعة أمام محاكم الاستئناف طبقاً للمادة 35 من قانون المحاماة سالف الذكر فقد تقدم بطلبه آنف البيان, وبتاريخ 13 من سبتمبر سنة 1989 قررت اللجنة رفض الطلب. طعن المطعون ضده في هذا قرار أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد طعنه برقم 573 لسنة 107 ق, وبتاريخ 24 من مايو سنة 1990 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه وقبول قيد المطعون ضده بالجدول العام لنقابة المحامين مع قيده للمرافعة أمام محاكم الاستئناف وما يترتب على ذلك من آثار طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت نيابة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون الخطأ في تطبيق القانون وتأويله, وفي بيان ذلك يقول إن الأصل في أحكام قانون المحاماة رقم 17 لسنة 83 والقوانين السابقة عليه هو حظر الجمع بين مهنة المحاماة وبين العمل في الوظائف العامة, واستثناء من هذا الأصل أجاز المشرع في المادة 14 من ذات القانون لأساتذة القانون في الجامعات المصرية مزاولة هذه المهنة بقصد إثراء العمل القانوني فيها بنخبة من فقهاء القانون الذين تمرسوا بالعمل في الجامعة لمدد طويلة وقد أورد عجز البند الثالث من المادة 14 سالفة البيان هذا الاستثناء وقصره في شأن أساتذة القانون بالجامعات المصرية على الحالات التي يجيزها هذا القانون وهي التي حددتها المادة 39 منه في القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض واشترطت لقبوله أن يكون الطالب شاغلاً لوظيفة أستاذ في مادة القانون بالجامعات المصرية, وإذ كان الاستثناء لا يجوز التوسع في تفسيره أو القياس عليه، فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من شمول عبارة "أساتذة القانون" الواردة في المادة 14 من قانون المحاماة سالف الذكر كافة من يقومون بتدريس القانون - ورتب عليه أحقية المطعون ضده في القيد - هو توسيع في التفسير غير جائز مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة الأولى من قانون المحاماة الصادرة بالقانون رقم 17 لسنة 1983 على أن "المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وفي تأكيد سيادة القانون وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق الموطنين وحرياتهم. ويمارس مهنة المحاماة والمحامون وحدهم.....", وفي المادة الثانية منه على أن "يعد محامياً كل من يقيد بجداول المحامين التي ينظمها هذا القانون...." وفي المادة 14 من نفس القانون على أن "لا يجوز الجمع بين المحاماة والأعمال الآتية: (1)..... (2)...... (3) الوظائف العامة في الحكومة والهيئات العامة والإدارة المحلية, والوظائف في شركات القطاع العام أو الوظائف الخاصة, فيما عدا العمل بالإدارة القانونية المصرح لها بذلك طبقاً لأحكام هذا القانون, وفيما عدا أستاذة القانون في الجامعات المصرية في الحالات التي يجيزها هذا القانون: ...." يدل على أن المشرع وضع قاعدة عامة هي عدم جواز الجمعة بين مهنة المحاماة باعتبارها مهنة حرة وبين الوظائف العامة, وأجاز استثناء من هذه القاعدة لحالات عددتها تلك المادة منها أساتذة القانون في الجامعات المصرية الجمع بين العملين وذلك وفقاً للشروط التي يحددها هذا القانون، وهو على هذا النحو استثناء ينبغي عدم التوسع في تفسيره ويلزم إعمال نطاقه في حدود الهدف الذي ابتغاه المشرع من أجله وهو إثراء العمل القانوني في المحاكم والمحاماة بثمرة بحث علمي خالص بما يساعد على اتساع آفاق البحث لتحقيق العدالة - وذلك على ما أفصح عنه تقرير اللجنة التشريعية تعليقاً على القانون رقم 6 لسنة 75 الذي رفع الحظر عن أساتذة القانون في الجمع بين عملهم وبين الاشتغال بالمحاماة وسايره في ذلك القانون الحالي لما كان ذلك, وكانت المادة 39 من قانون المحاماة سالف البيان قد اشترطت لقبول القيد بجدول المحامين أمام محكمة النقض أن يكون طالب القيد من الشاغلين لوظيفة أستاذ في مادة القانون بالجامعات المصرية, وهي الحالة الوحيدة التي أورد القانون المذكور تنظيماً لها في شأن الجمع بين عمل أساتذة القانون والاشتغال بالمحاماة, مما مفاده أن من لا تتوافر فيه شروط القيد أمام محكمة النقض لا يفيد من الاستثناء المنصوص عليه في المادة 14 سالفة البين, إذ أن عبارة "أساتذة القانون في الجامعات المصرية" الواردة في هذه المادة إنما تنصرف إلى الشاغلين لوظيفة أستاذ في مادة القانون وحدهم, ولا محل للاستشهاد بحكم المادة 46 من ذات القانون التي اعتبرت الاشتغال في الوظائف الفنية في القضاء ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية العليا والنيابة العامة والنيابة الإدارية وإدارة قضايا الحكومة وتدريس القانون في الجامعات أعمالاً نظيرة لأعمال المحاماة, ذلك أن الاعتداد بهذه الأعمال إنما يكون عند بحث القيد للمتفرغين لمهنة المحاماة فقط. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد فسر عبارة "أساتذة القانون في الجامعات المصرية" الواردة في المادة 14 سالفة البيان واعتبرها تشمل كافة من يقومون بتدريس القانون ورتب على ذلك أحقية المطعون ضده في القيد بجدول محاكم الاستئناف فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون, وتأويله بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه, ولما تقدم, وكان الثابت في الأوراق أن المستأنف لا يشغل وظيفة أستاذ في القانون فإن القرار المطعون فيه والقاضي برفض طلب قيده يكون في محله ويضحى الاستئناف على غير أساس ويتعين معه القضاء برفضه وتأييد القرار المطعون فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق