جلسة 12 من مايو سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ أحمد على عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد على عبد الواحد، أحمد عبد الباري سليمان نائبي رئيس المحكمة، مدحت بسيوني وطلعت إبراهيم عبد الله.
--------------
(122)
الطعن رقم 28348 لسنة 69 القضائية
(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تساند الأدلة في المواد الجنائيةٍ. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في أدلة الدعوى. غير جائزة أمام النقض.
(3) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض بين الدليلين القولي والفني. دفاع موضوعي. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(4) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع" سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير.
مثال.
(5) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب إجراءات التحقيق. لا يصلح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(6) دعوى جنائية "انقضاؤها بالتنازل". حريق عمد. ارتباط.
جناية الحريق العمد لا تنقضي بالصلح أو التنازل. أثر ذلك؟
2 - لما كان لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر على دليل بعينة لناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقا للتصوير الذي أورده، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق فأن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكم النقض.
3 - لما كان الواضح من محضر الجلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليل القولي المستمد من أقوال المجني عليه وبين الدليل الفني المستمد من التقرير الطبي الخاص بإصابة المجني عليه، ومن ثم فلا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ذلك لأنه دفاع موضوعي.
4 - لما كان ما أثاره الطاعن من أن تقرير المعمل الجنائي لم يجزم بسبب اشتعال الحريق ويحدد بدايته فمردود عليه بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.
5 - لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص عدم تناول التحقيقات للتلفيات التي حدثت في مسكنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أثار أيهما شيئاً بهذا الخصوص فإنه لا يكون أن يثيره من بعد أمام محكمة النقض.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم التي دان الطاعن بها قد ارتكبت لغرض واحد، ولم توقع عليه المحكمة سوى عقوبة واحدة تطبيقاً للمادة 32 من قانون العقوبات وهي العقوبة المقررة لجريمة الحريق العمد، وكانت هذه الجريمة لا تدخل في الجرائم التي تنقضي فيها الدعوى الجنائية بالصلح أو التنازل فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير ذي وجه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً وضع وآخرين مجهولين عمداً ناراً في مسكن المجني عليه (.....) بأن ألقا مواد مشتعلة بمسكنه مما أدى إلى احتراق بعض الأثاث الموجود بها وعلى النحو المبين بالأوراق ثانياً: - استعرض وآخرين القوة أمام المجنى عليه سالف الذكر لترويعه والتأثير في إرادته لفرض السطوة عليه وكان يحمل لذلك سلاحا أبيض ومواد حارقة وقد وقعت الجريمة المشار إليها بالوصف الأول بناء على تلك الأفعال. ثالثًا: - أحداثا وآخرين مجهولين عمداً وعن سبق إصرار بالمجني عليهما.... الإصابات المبينة وصفًا بالتقريرين الطبيين المرفقين والتي أعجزتهما عن أشغالهما الشخصية مدة تقل عن عشرين يومًا وكان ذلك باستعمال أداة (سنجة) وقد وقع ذلك من عصبة مؤلفة من أكثر من خمس أشخاص فوافقوا على التعدي والإيذاء على النحو المبين بالأوراق. رابعاً: - أتلف وآخرين مجهولين عمداً المنقولات المملوكة للمجنى عليهما سالفي الذكر والمبينة وصفاً وقيمة بالأوراق وترتب على ذلك ضرراً مالياً جاوزت قيمته الخمسون جنيهاً وعلى النحو المبين بالأوراق. خامساً: - أحرز وآخرين مجهولين بغير ترخيص سلاحاً أبيضاً (سنجة). وأحالته إلى محكمة جنايات..... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات مما نسب إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
وحيث إن الطعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الحريق العمد واستعراض القوة قبل المجني عليه بغرض فرض سطوته والتأثير عليه مما ساهم في وقوع الجريمة الأولى والضرب والإتلاف العمدي وإحراز سلاح أبيض بغير مسوغ قانوني قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه لم يثبت في الأوراق أن الطاعن قد وضع النار في مسكن المجني عليه ولم يقرر الشاهد/ ..... بمشاهدته الواقعة كما إن شهادة الملازم أول/ ...... جاءت مرسلة لا تنهض دليلاً على ثبوت الجريمة الثانية المسندة للطاعن، وخلت الأوراق مما يشير إلى مساهمة آخرين مع الطاعن في الحادث ولم تتوصل التحريات إلى معرفتهم ولم يضبط السلاح الأبيض المقول بإحراز الطاعن له. كما تناقضت رواية المجنى عليه مع التقرير الطبي الموقع عليه بشأن موضع الإصابات التي في يده، كما أن تقرير المعمل الجنائي لم يجزم بسبب اشتعال الحريق ولم يحدد بدايته، ولم تتناول التحقيقات الدليل المستمد من معاينة مسكن الطاعن وما به من تلفيات، وأخيرًا فقد التفت الحكم عن إقرار التصالح الموثق الذي أقر فيه المجني عليه بالصلح والتنازل مما كان يتعين معه القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية وفقاً لحكم المادة 18 مكرر "أ" من قانون الإجراءات الجنائية كل ذكر مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بَين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي الابتدائي ومعاينة الشركة لمسكن المجنى عليه ومن تقرير المعمل الجنائي. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى ما دام لاستخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية وأنه وكان لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر على دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اطمأن إلى حصول الواقعة طبقا للتصوير الذي أورده، وكانت الأدلة التي استند إليها في ذلك سائغة ومقبولة في العقل والمنطق ولا يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الواضح من محضر الجلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً عما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليل القولي المستمد من أقوال المجنى عليه وبين الدليل الفني المستمد من التقرير الطبي الخاص بإصابة المجنى عليه، ومن ثم فلا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض ذلك لأنه دفاع موضوعي. أما ما أثاره الطاعن من أن تقرير المعمل الجنائي لم يجزم بسبب اشتعال الحريق ويحدد بدايته فمردود عليه بأن الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص عدم تناول التحقيقات للتلفيات التي حدثت في مسكنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه قد أثار أيهما شيئاً بهذا الخصوص فإنه لا يكون أن يثيره من بعد أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم التي دان الطاعن بها قد ارتكبت لغرض واحد، ولم توقع عليه المحكمة سوى عقوبة واحدة تطبيقًا للمادة 32 من قانون العقوبات - وهى العقوبة المقررة لجريمة الحريق العمد، وكانت هذه الجريمة لا تدخل في الجرائم التي تنقضى فيها الدعوى الجنائية بالصلح أو التنازل فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير ذي وجه. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق