جلسة 9 من يوليه سنة 1998
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي نائب رٍئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ لطفي عبد العزيز، محمد محمد محمود، عبد الرحمن العشماوي نواب
رئيس المحكمة ورمضان أمين اللبودي.
--------------------
(143)
الطعن
رقم 1833 لسنة 62 القضائية
(1)تعويض "التعويض عن الفعل الضار غير المشروع: الخطأ الموجب
للتعويض". مسئولية "المسئولية التقصيرية: الخطأ". محكمة الموضوع.
نقض" سلطة محكمة النقض".
الفعل المؤسس عليه طلب
التعويض. تكييف محكمة الموضوع بأنه خطأ من عدمه. من مسائل القانون. خضوعه لرقابة
محكمة النقض.
( 2ـ4) تعويض. مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صورها: المسئولية
عن النشر". حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه: ما يعد
كذلك".
(2)حصانة النشر. قصرها على
الإجراءات القضائية العلنية والإحكام التي تصدر علناً. عدم امتدادها إلى التحقيق الابتدائي
أو التحقيقات الأولية أو الإدارية. أثره. تحمل الناشر مسئولية نشر وقائع هذه
التحقيقات أو ما يتخذ فيها من ضبط أو حبس أو تفتيش أو اتهام أو إحالة إلى المحاكمة.
(3) حرية الصحفي
في نشر ما يحصل عليه من أنباء أو معلومات أو إحصائيات من مصادرها. م 5 ق 148 لسنة
1980 قبل إلغائه بق 96 لسنة 1996. ضوابطها. التزامه فيما ينشره بالمقومات الأساسية
للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة وعدم الاعتداء على سمعة
المواطنين واعتبارهم.
(4)خطأ الناشر الموجب
للمسئولية المدنية. عدم اشتراط سوء النية لديه لتحققه. يستوي أن تكون العبارات
المنشورة منقولة عن الغير أو من إنشاء الناشر. مؤداه. نشر الجريدة التي يمثلها
المطعون ضدهما أن الرقابة الإدارية أحالت الطاعن إلى النيابة العامة لاستغلاله
سلطة نفوذه. اتهام له من الجريدة يمس بسمعته قبل تحديد موقفه بصفة نهائية. اعتباره
خطأ موجب للمسئولية المدنية. رفض الحكم دعوى الطاعن بالتعويض لأن ما نشرته الجريدة
لم يتعد نقل تقرير الرقابة الإدارية إلى النيابة العامة. مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه.
2 - دل الشارع بما نص عليه في المادتين 189، 190 من قانون العقوبات على أن حصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علناً ولا تمتد إلى التحقيق الابتدائي ولا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية، لأن هذه كلها ليست علانية إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم، فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو يتخذ في شأنها من ضبط وحبس وتفتيش واتهام وإحالة إلى المحاكمة فإنما ينشر ذلك على مسئوليته، إذ أن حرية الصحفي لا تعدو حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تجاوزها إلا بتشريع خاص، ومن ثم فإن يلتزم فيما ينشره بالمقومات الأساسية المنصوص عليها في الدستور.
3 - إذ كانت المادة الخامسة من قانون سلطة الصحافة الصادر برقم 148 لسنة 1980 - والذي يحكم واقعة النزاع قبل إلغائه بقانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 - تنص على أن "للصحفي الحق في الحصول على الأنباء والمعلومات والإحصائيات من مصادرها وله حق نشرها ولا يجوز إجباره على إفشاء مصادر معلوماته إلا إذا كان في حدود القانون "إلا أن ذلك ليس بالفعل المباح على إطلاقه، وإنما هو محدود بالضوابط المنظمة له، ومنها أن يكون النشر في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم واعتبارهم أو انتهاك محارم القانون وهو ما لم يخرج عليه الأمر في القانون القائم.
4 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الصحفية التي يمثلها المطعون ضدهما قد نشرت أن الرقابة الإدارية أحالت أمين الحزب الوطني ورئيس المجلس المحلي لمركز المنيا إلى النيابة العامة - لاستغلال سلطة نفوذه بالضغط على بعض المسئولين بالمنيا والقاهرة لإتمام الإفراج عن مساحة 10 س ر7 ط ر5 ف للسيدة..... داخل الكتلة السكنية مقابل حصوله على مساحة 6 ط قيمتها مائة ألف جنيه - بما يعني اتهام الطاعن الذي يشغل الصفة النيابية التي أوردها الخبر والمساس بسمعته وذلك قبل أن يتحدد موقفه بصفة نهائية، وهو منهما مسلك ينم عن التسرع ويعد ضرباً من ضروب الخطأ الموجب للمسئولية المدنية والذي لا يشترط لتحققه - خلافاً للمسئولية الجنائية - توافر سوء النية لدى مرتكبه، يستوى في ذلك أن تكون العبارات المنشورة منقولة عن الغير أو من إنشاء الناشر، ذلك بأن نقل الكتابة التي تتضمن مساساً بسمعة الآخرين ونشرها يعتبر كالنشر الجديد سواء بسواء، ولا يقبل من أحد للإفلات من المسئولية أن يتذرع بأن تلك الكتابة منقولة عن جهة أخرى، إذ الواجب يقضي على من ينقل كتابة بأن يتحقق قبل إقدامه على النشر من أن تلك الكتابة لا تنطوي على أية مخالفة أو خطأ، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض دعوى التعويض التي أقامها الطاعن على ما ذهب إليه من أن ما نسبته الجريدة إلى الطاعن لم يتعد نقل بلاغ الرقابة الإدارية وتقريرها إلى النيابة العامة وهو من قبيل النشر المباح، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم
1882 لسنة 1985 مدنى المنيا الابتدائية، انتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزام المطعون
ضدهما عن نفسهما وبصفتهما بأن يؤديا إليه متضامنين مبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل
التعويض المؤقت - عن الأضرار الأدبية التي لحقته من جراء ما نشرته كذباً وبسوء نية
جريدة "....." والتي يمثلانها بعددها الصادر بتاريخ 25/ 6/ 1985 من أن
الرقابة الإدارية قد أحالته إلى النيابة العامة لاستغلال سلطة وظيفته، كأمين للحزب
الوطني ورئيس المجلس المحلي لمركز المنيا، بمساعدة بعض المسئولين بالمنيا والقاهرة
للإفراج عن أرض داخل الكتلة السكنية وذلك بمقابل - مع الزام المطعون ضدها بنشر الحكم
الذي سيصدر في جريدة الأحرار وجريدتي الأهرام والأخبار بمصاريف على عاتقهما، حكمت
المحكمة للطاعن على المطعون ضدهما متضامنين بما قدرته من التعويض، فاستأنفا هذا
الحكم بالاستئناف رقم 262 سنة 23 ق بني سويف "مأمورية المنيا" بطلب
إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 265 سنة 23
ق أمام ذات المحكمة للقضاء له بكامل طلباته، ضمت المحكمة الاستئنافين أحدهما إلى
الآخر، ثم قضت برفضه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة
أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة
لنظره، والتزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن
في أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد
في الاستدلال، وذلك حين نفى عن المطعون ضدهما الخطأ الموجب للمسؤولية باعتبار أن
ما قاما بنشره لا يعدو أن يكون نقلاًً من بلاغ الرقابة الإدارية وتقريرها المقدم
إلى النيابة العامة مما يدخل في نطاق النشر المباح للصحفي، في حين أن ما أسندته
الصحيفة إلى الطاعن وبالصورة التي نشر بها من شأنه أن يلقى في الأذهان صحة الأمور
المدعاة وقيام الطاعن بارتكاب الأفعال الواردة بها مما يعد إساءة لاستعمال الصحفي
لحق النشر وحريته في ذلك مما يوجب مسئوليتهما ويعيب الحكم، إذ انتهى إلى غير ذلك،
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله،
ذلك أنه من المقرر أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا
الوصف عنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من مسائل القانون التي يخضع
قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الشارع قد دل بما
نص عليه في المادتين 189، 190 من قانون العقوبات على أن حصانة النشر مقصورة على الإجراءات
القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علناً ولا تمتد إلى التحقيق الابتدائي ولا إلى
التحقيقات الأولية أو الإدارية، لأن هذه كلها ليست علانية إذ لا يشهدها غير الخصوم
ووكلائهم، فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو يتخذ في شأنها من ضبط
وحبس وتفتيش واتهام وإحالة إلى المحاكمة فإنما ينشر ذلك على مسئوليته، إذ أن حرية الصحفي
لا تعدو حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تجاوزها إلا بتشريع خاص، ومن ثم فإن يلتزم
فيما ينشره بالمقومات الأساسية المنصوص عيها في الدستور، كما أنه وإن كانت المادة
الخامسة من قانون سلطة الصحافة الصادر برقم 148 لسنة 1980 - والذي يحكم واقعة
النزاع قبل إلغائه بقانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 - تنص على أن "للصحفي
الحق في الحصول على الأنباء والمعلومات والإحصائيات من مصادرها وله حق نشرها ولا
يجوز إجباره على إفشاء مصادر معلوماته إلا إذا كان في حدود القانون" إلا أن
ذلك ليس بالفعل المباح على إطلاقه، وإنما هو محدود بالضوابط المنظمة له، ومنها أن
يكون النشر في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق
والواجبات العامة واحترام الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم
وسمعتهم واعتبارهم أو انتهاك محارم القانون وهو ما لم يخرج عليه الأمر في القانون
القائم. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الصحفية التي يمثلها المطعون
ضدهما قد نشرت أن الرقابة الإدارية أحالت أمين الحزب الوطني ورئيس المجلس المحلى
لمركز المنيا إلى النيابة العامة - لاستغلال سلطة نفوذه بالضغط على بعض المسئولين
بالمنيا والقاهرة لإتمام الإفراج عن مساحة 10 س ر7 ط ر 5 ف للسيدة..... داخل
الكتلة السكنية مقابل حصوله على مساحة 6 ط قيمتها مائة ألف جنيه - بما يعنى اتهام
الطاعن الذي يشغل الصفة النيابية التي أوردها الخبر والمساس بسمعته وذلك قبل أن
يتحدد موقفه بصفة نهائية، وهو منهما مسلك عن التسرع ويعد ضرباً من ضروب الخطأ
الموجب للمسئولية المدنية والذى لا يشترط لتحققه - خلافاً للمسئولية الجنائية -
توافر سوء النية لدى مرتكبه، يستوى في ذلك أن تكون العبارات المنشورة منقولة عن
الغير أو من إنشاء الناشر، ذلك بأن نقل الكتابة التي تتضمن مساساً بسمعة الآخرين
ونشرها يعتبر كالنشر الجديد سواء بسواء، ولا يقبل من أحد للإفلات من المسئولية أن
يتذرع بأن تلك الكتابة منقولة عن جهة أخرى، إذ الواجب يقضي على من ينقل كتابة بأن
يتحقق قبل إقدامه على النشر من أن تلك الكتابة لا تنطوي على أية مخالفة أو خطأ،
وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض دعوى
التعويض التي أقامها الطاعن على ما ذهب إليه من أن ما نسبته الجريدة إلى الطاعن لم
يتعد نقل بلاغ الرقابة الإدارية وتقريرها إلى النيابة العامة وهو من قبيل النشر
المباح، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، دون حاجة إلى بحث باقي
الأسباب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق