برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فؤاد شلبي، حامد مكي، فتحي حنضل نواب رئيس المحكمة ومجدي مصطفى.
--------------------
1 - إن النص في المادة 30 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على "تجتمع محكمة النقض وكل محكمة استئناف أو محكمة ابتدائية بهيئة جمعية عامة للنظر فيما يلي:ـ أ- ترتيب وتأليف الدوائر وتشكيل الهيئات ....." وفي المادة 495 من قانون المرافعات على أن "ترفع دعوى المخاصمة بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف التابع لها القاضي أو عضو النيابة ..... وتعرض الدعوى على إحدى دوائر محكمة الاستئناف بأمر من رئيسها ..." وفي المادة 499 من ذات القانون على أن "يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى من تاريخ الحكم بجواز قبول المخاصمة". يدل على أن المشرع ناط بالجمعية العامة لكل محكمة ترتيب وتأليف دوائرها وأوجب على رئيس محكمة الاستئناف عرض دعوى المخاصمة على إحدى هذه الدوائر لنظرها. وهو في ذلك لا ينشئ دائرة خاصة لنظر الدعوى أو يغير من تشكيلها الذي كانت عليه وإنما يقتصر التزامه على مجرد الإحالة على دائرة قائمة من تلك التي مارست الجمعية العامة للمحكمة اختصاصها في إنشائها وتشكيلها، وهو في ذلك إنما يمارس عملا تنظيميا فرضه القانون عليه وليس عملا قضائيا لا يحول دون صلاحية القاضي له - إن صح - إلا صدور الحكم بجواز قبول المخاصمة، ومن ثم يكون أمر رئيس محكمة الاستئناف بعرض دعوى الطاعن على إحدى دوائر المحكمة أمرا تنظيميا استوجبه القانون وليس فيه ما يخالف قواعد التقاضي أو يخل بها.
2 - إن القضاء ولاية لا تستقيم لصاحبها إلا أن يأمن جور الناس وتدخل السلطان ولا يتحقق له ذلك بغير استقلاله فيما يعرض عليه من دعاوى عند أي تدخل تفرضه جماعة أو فرد أو يوحي به رأي يؤثر في وجدانه أو ينحرف بحيدته عن جادة الصواب، ولا يكون له هذا الاستقلال إلا أن يحاط بسياج من القواعد والأحكام التي تفرض على من ابتغى مخاصمته أن يسلكها حتى تتحطم معها كل سهام الجور وسوء القصد وعلى ذلك ورد النص في الدستور على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون.
3 - فرض المشرع فيما تضمنه الباب الثاني من الكتاب الثالث من قانون المرافعات أحكام مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة في المواد من 494 حتى 500 مستوجبا أن تكون المخاصمة قاصرة على الحالات التي حددها على سبيل الحصر وأن يتم التقرير بها ونظر دعواها طبقا لإجراءات فرضها وضمانات ارتآها وقواعد سنها لا تتقيد في الكثير منها مع القواعد العامة لإجراءات التقاضي سواء من حيث تشكيل المحكمة التي تنظر الدعوى أو درجة التقاضي المقررة لها أو الطلبات الجائز للخصوم إبداؤها وما يجوز للمحكمة أن تتعرض له من تلقاء نفسها، وفرض المخاصمة على تعلق سببها بما يقوم به القاضي من أعمال قضائية فلا يتسع نطاقها لغير ذلك مما يباشره خارج هذا النطاق وإلا كانت المخاصمة سبيلا لحصار القاضي في كل ما يتصل بتصرفاته وينقلب القصد من الحماية إلى الاستباحة فيضيع الأمان وينمحي الاستقلال.
4 - إذ كان يبين من الأوراق أن الطاعن أقام دعوى المخاصمة ضد المطعون ضدهم لما نسبه لخمستهم الأول أنهم باعتبارهم رئيس وأعضاء في اللجنة المؤقتة للنقابة العامة للمحامين استعملوا سلطة وظيفتهم في وقف تنفيذ والامتناع عمدا والتأخير عن تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 25/5/1998 في الدعوى ..... لسنة ..... ق بإلغاء القرار السلبي الصادر من لجنة قبول المحامين بالنقابة العامة للمحامين برفض قيده وهو فعل - إن صح - يخرج عن نطاق الأعمال القضائية التي حصر المشرع فيها نطاق المخاصمة موازنة بين ضمانات القاضي وبين طمأنة المتقاضي فلا يجوز للطاعن أن يسلك سبيلها في غير ما شرعت له فإن هو فعل كان لزاما القضاء في دعواه بعدم جواز قبولها وأن التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي بتوافر حالات المخاصمة وإغفال الحكم بحث مستندات قدمها الطاعن وأوجه دفاع تؤيد دعواه - أيا كان وجه الرأي فيه - غير منتج.
5 - إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مباشرة المحامي للدعوى بتكليف من ذوي الشأن قبل صدور توكيل له منهم بذلك لا يؤثر في سلامة الإجراءات التي يتخذها فيها إلا إذا أنكر صاحب الشأن توكيله لذلك المحامي.
6 - إذ كان الثابت من مطالعة محضر جلسة 5/6/2000 أن المحامي الحاضر عن المخاصم الأول أبدى شفاهة بصفته هذه طلبا عارضا بإلزام الطاعن بالتعويض في حضور الأخير طبقا للإجراءات التي رسمها القانون وهو ما لم ينكره عليه المطعون ضده الأول ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي عولت على هذا الطلب وقضت في موضوعه.
7 - إذ كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يقبل النعي على الحكم بدفاع لا صفة للطاعن في إبدائه.
8 - إن نعي الطاعن قصر الحكم قضاءه بالتعويض على المطعون ضده الأول دون الباقين وقد انتفت صفته فيه يكون غير مقبول.
9 - إن كان المشرع قد خص القضاة وأعضاء النيابة بإجراءات حددها لمخاصمتهم ضمنها مواد الباب الثاني من الكتاب الثالث من قانون المرافعات ونص في المادة 494/1 منها على أنه "إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو برفضها. حكمت على الطالب بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألفي جنيه ومصادرة الكفالة مع التعويضات إن كان لها وجه ...". إلا أنه لم يخرج فيما رخصه للمخاصم من حق في التعويض عن تلك القواعد التي قررها لجبر الضرر الذي يلحق بمن كانت مقاضاته انحرافا عن خصمه في استعمال حق التقاضي والدفاع فينأى به عن كونه سبيلا لدرء خطر أو تحقيقا لمصلحة مشروعة إلى تسخيره حقا يراد به باطل وسهما يرمي به خصيمه فيصيب منه بقدر ما غنم به من حق أو يكشف به عن لدد في خصومته ابتغاء الإضرار به, فتهون النفس بقدر ما يلحقها من مهانة، وتعيا الهمة بقدر ما يصيبها من وهن، ويكون التعويض على من حقت مساءلته عنه فرجة كرب لمن استحق إبداءه إليه، حتى لنفسه يقينها في أن الباطل لا محالة زاهق، وأن الحق مرهون بساعته يسعى إلى صاحبه بقدر سعي صاحبه إليه، وإن كانت أقدار الناس تتعالى بقدر ما تضيفه الأمة على بنيها من إجلال وتقدير وما يفرضه الشارع لها من مهابة وتعظيم، فإن القاضي وهو سبيل الناس لترسيخ العدل بينهم وتوكيد الحقوق لأصحابها ورفع الظلم عمن حاق به جور الكائدين لهو أحق الناس في أن يصان من غبن الناس وأكثرهم حاجة لأن تبقى صفحاته بيضاء ناصعة لا يشوبها لمم ولا تلوكها ألسنة ولا يحجبه لدد الكيد وسوء القصد.
10 - إذ كان الحكم المطعون فيه وهو بصدد بحث طلب المخاصم الأول الحكم له بالتعويض عن إساءة الطاعن استعمال حق التقاضي تناول ما نعته به الأخير في سطور تقرير مخاصمته من صفات وما رماه من إساءات ثم عرج على بيان وجه الضرر الذي ألم به وعناصر التعويض التي ساءل الطاعن عنها كاشفا عن انحرافه عن الحق المباح ابتغاء الأضرار بالمخاصم مستندا في ذلك إلى أسباب سائغة لها معينها في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.
----------------------
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن واقعات الطعن تخلص حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في إن الطاعن خاصم المطعون ضدهم - عدا الأخير - بتقرير أودعه قلم كتاب محكمة استئناف القاهرة في 1/4/2000 - وقيد برقم.... لسنة 117ق طالبا الحكم بقبول الدعوى وتعلق أوجه المخاصمة بها وبإلزام المتخاصمين ووزير العدل بتعويض عن كل يوم اعتبارا من 8/11/1999 مقداره 500 جنيه وحتى تاريخ صدور الحكم مع فائدة 4% حتى السداد بخلاف ما استحق ويستحق عن إيقافه والامتناع عن تنفيذ رفع الإيقاف منذ إعلان السند التنفيذي 25/7/1998 - وفرض غرامة تهديدية - على سند من أن المستشارين المخاصمين بصفاتهم رئيس وأعضاء اللجنة المؤقتة للنقابة العامة للمحامين المتولين اختصاصات النقيب ومجلس النقابة طبقا للقانون 100 لسنة 1993 استعملوا سلطة وظيفتهم في وقف تنفيذ والامتناع عمدا والتأخير في تنفيذ الحكم الصادر له بتاريخ 25/5/1998 من محكمة استئناف القاهرة في الدعوى..... لسنة 112ق والذي قضى بإلغاء القرار السلبي الصادر من لجنة قبول المحامين بالنقابة العامة للمحامين برفض قيد الطاعن رغم أنه أنذرهم مرارا آخرها في 1/3/2000 بوجوب التنفيذ. مما ترتب عليه الإضرار به وأسرته ماديا وأدبيا.
أدعى المخاصم ضده الأول فرعيا طالبا الحكم على المخاصم بمبلغ 50000 جنيه تعويضا عن الضرر الناجم عن إساءة الطاعن لحق التقاضي والدفاع حكمت المحكمة بتاريخ 14/2/2001 بعدم جواز قبول دعوى المخاصمة وتغريم المخاصم 1000 جنيه وبإلزامه بأن يؤدي للمطعون ضده الأول عشرة آلاف جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم نقضا جزئيا - فيما قضى به من إلزام الطاعن بالتعويض - عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده الأول بصفته رئيسا لمحكمة استئناف القاهرة أحال تقرير المخاصمة بأمر منه على الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه مختارا بذلك قاضيه وهو ما يبطل الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذا السبب غير سديد, ذلك أن النص في المادة 30 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على أن "تجتمع محكمة النقض وكل محكمة استئناف أو محكمة ابتدائية بهيئة جمعية عامة للنظر فيما يلي: - 1- ترتيب وتأليف الدوائر وتشكيل الهيئات..." وفي المادة 495 من قانون المرافعات على أن "ترفع دعوى المخاصمة بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف التابع لها القاضي أو عضو النيابة.... وتعرض الدعوى على إحدى دوائر محكمة الاستئناف بأمر من رئيسها.." وفي المادة 499 من ذات القانون على أن "يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى من تاريخ الحكم بجواز قبول المخاصمة". يدل على أن المشرع ناط بالجمعية العامة لكل محكمة ترتيب وتأليف دوائرها وأوجب على رئيس محكمة الاستئناف عرض دعوى المخاصمة على إحدى هذه الدوائر لنظرها. وهو في ذلك لا ينشئ دائرة خاصة لنظر الدعوى أو يغير من تشكيلها الذي كانت عليه وإنما يقتصر التزامه على مجرد الإحالة على دائرة قائمة من تلك التي مارست الجمعية العامة للمحكمة اختصاصها في إنشائها وتشكيلها, وهو في ذلك إنما يمارس عملا تنظيميا فرضه القانون عليه وليس عملا قضائيا لا يحول دون صلاحية القاضي له - إن صح - إلا صدور الحكم بجواز قبول المخاصمة. ومن ثم يكون أمر رئيس محكمة الاستئناف بعرض دعوى الطاعن على إحدى دوائر المحكمة أمرا تنظيميا استوجبه القانون وليس فيه ما يخالف قواعد التقاضي أو يخل بها على نحو ما سلف بيانه ويكون النعي بذلك قائما على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أسس قضاءه بعدم جواز قبول المخاصمة على المهام التي أسندها القانون 100 لسنة 93 للمطعون ضدهم عدا الأخير ليست مهاما قضائية حال أن المخاصمة نظام تتقرر به مسئولية القاضي إذا انحرف عن واجبات وظيفته دون تخصيص أو تقييد, كما خلا الحكم من بيان ودلالة حكم المهام الموكولة له للمخاصمين بموجب ذلك القانون عدا وصفه لها "بمهام مهنية" أو موجبات اعتبارها مهاما غير قضائية, ورغم أن معيار جواز قبول المخاصمة هو شخص المختصم وليس مهامه فقد أغفل الحكم أثر ما قدمه من مستندات تكشف عن خطأ المطعون ضده الأول في تعمده إيقاف تنفيذ الحكم النهائي الصادر لصالحه ضد نقابة المحامين والذي أقر المطعون ضده الثاني بأن تأشير المخاصم الأول بتنفيذ هذا الحكم معلق على توافر شرائط القيد بما يعد إقرارا بالتعرض لحجية الحكم غير جائز قانونا وتتوافر به أولى أوجه المخاصمة طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 494 مرافعات فضلا عن إنكار المتخاصمين للعدالة وتحقق مسئوليتهم عن أفعالهم تلك طبقا للقانون بما يتوافر به أوجه المخاصمة للعدالة وتحقق مسئوليتهم عن أفعالهم تلك طبقا للقانون بما يتوافر به أوجه المخاصمة التي أوردتها المادة سالفة الذكر وأعرضت المحكمة عن بحث آخر حالاتها مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان القضاء ولاية لا تستقيم لصاحبها إلا أن يأمن جور الناس وتدخل السلطان ولا يتحقق له ذلك بغير استقلاله فيما يعرض عليه من دعاوي عند أي تدخل تفرضه جماعة أو فرد يوحي به رأي يؤثر في وجدانه أو ينحرف بحيدته عن جادة الصواب, ولا يكون له هذا الاستقلال إلا أن يحاط بسياج من القواعد والأحكام التي تفرض على من ابتغى مخاصمته أن يسلكها حتى تتحطم معها كل سهام الجور وسوء القصد وعلى ذلك ورد النص في الدستور على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون وفرض المشرع فيما تضمنه الباب الثاني من الكتاب الثالث من قانون المرافعات أحكام مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة في المواد من 494 حتى 500 مستوجبا أن تكون المخاصمة قاصرة على الحالات التي حددها على سبيل الحصر وأن يتم التقرير بها ونظر دعواها طبقا لإجراءات فرضها وضمانات ارتآها وقواعد سنها لا تتقيد في الكثير منها مع القواعد العامة لإجراءات التقاضي سواء من حيث تشكيل المحكمة التي تنظر الدعوى أو درجة التقاضي المقررة لها أو الطلبات الجائز للخصوم إبداؤها وما يجوز للمحكمة أن تتعرض له من تلقاء نفسها, وفرض المخاصمة على تعلق سببها بما يقوم به القاضي من أعمال قضائية فلا يتسع نطاقها لغير ذلك مما يباشره خارج هذا النطاق وإلا كانت المخاصمة سبيلا لحصار القاضي في كل ما يتصل بتصرفاته وينقلب القصد من الحماية إلى الاستباحة فيضيع الأمان وينمحي الاستقلال. لما كان ما تقدم وكان يبين من الأوراق أن الطاعن أقام دعوى المخاصمة ضد المطعون ضدهم لما نسبه لخمستهم الأول أنهم باعتبارهما رئيس وأعضاء في اللجنة المؤقتة للنقابة العامة للمحامين استعملوا سلطة وظيفتهم في وقف تنفيذ والامتناع عمدا والتأخير عن تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 25/5/1998 في الدعوى... لسنة 112ق بإلغاء القرار السلبي الصادر من لجنة قبول المحامين بالنقابة العامة للمحامين برفض قيده وهو فعل - إن صح - يخرج عن نطاق الأعمال القضائية التي حصر المشرع فيها نطاق المخاصمة موازنة بين ضمانات القاضي وبين طمأنه المتقاضي فلا يجوز للطاعن أن يسلك سبيلها في غير ما شرعت له فإن هو فعل كان لزاما القضاء في دعواه بعدم جواز قبولها وإن التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي بتوافر حالات المخاصمة وإغفال الحكم بحث مستندات قدمها الطاعن وأوجه دفاع تؤيد دعواه - أيا كان وجه الرأي فيه - غير منتج ويضحى النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بقبول دعوى المخاصم الأول بطلب الحكم بالتعويض حال أن المحامي الذي قرر بذلك بالجلسة لم يقدم سند وكالته الذي يجيز له ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مباشرة المحامي للدعوى بتكليف من ذوي الشأن قبل صدور توكيل له منهم بذلك لا يؤثر في سلامة الإجراءات التي يتخذها فيها إلا إذا أنكر صاحب الشأن توكيله لذلك المحامي. وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة 5/6/2000 أن المحامي الحاضر عن المخاصم الأول أبدى شفاهة بصفته هذه طلبا عارضا بإلزام الطاعن بالتعويض في حضور الأخير طبقا للإجراءات التي رسمها القانون وهو ما لم ينكره عليه المطعون ضده الأول ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي عولت على هذا الطلب وقضت في موضوعه مما يضحى معه النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قصر قضاءه بالتعويض على المطعون ضده الأول دون باقي المخاصمين رغم قضائه بعدم جواز المخاصمة بالنسبة لهم جميعا.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يقبل النعي على الحكم بدفاع لا صفة للطاعن في إبدائه فإن نعي الطاعن قصر الحكم قضاءه بالتعويض على المطعون ضده الأول دون الباقين وقد انتفت صفته فيه يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال, وفي بيانه يقول إنه لجأ إلى قاضيه الطبيعي استعمالا لحق خوله القانون له يدرأ به عن نفسه عنت خصومه ويقتضي به حقا مشروعا, وضمن سطور دفاعه عبارات نقلت حروفها عن مدونات أحكام نطق بها قضاة, دون أن يتجاوز قصده اقتضاء حقه, إلا أن الحكم وصم نيته بالسوء وعاب على دفاعه تجاوز مقتضى طلباته مناقضا بذلك واقع الحال ومستلا بلا مسوغ من قصر دعواه على القضاة من أعضاء اللجنة المؤقتة للنقابة دون غيرهم من المحامين وبدرايته بأحكام القانون ثم عدم إمهاله اللجنة لبحث طلبه الذي تأشر عليه من المطعون ضده الأول بعرضه عليها - دليلا على خطئه حال أن هذا الذي نسبه الحكم إليه لا يقوم به إثم لا يترتب عليه ضرر ولا يرتبط فيه الإثم بالضرر بثمة ما يحمل أحدهما على الآخر مما تنتفي معه مسئوليته عن التعويض ويوصم الحكم بفساد الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود, وذلك أنه وإن كان المشرع قد خص القضاة وأعضاء النيابة بإجراءات حددها لمخاصمتهم ضمنها مواد الباب الثاني من الكتاب الثالث من قانون المرافعات ونص في المادة 494/1 منها على أنه "إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو برفضها حكمت على الطالب بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألفي جنيه ومصادرة الكفالة مع التعويضات إن كان لها وجه...." إلا أنه لم يخرج فيما رخصه للمخاصم من حق في التعويض عن تلك القواعد التي قررها لجبر الضرر الذي يلحق بمن كانت مقاضاته انحرافا من خصمه في استعمال حق التقاضي والدفاع فينأى به عن كونه سبيلا لدرء خطر أو تحقيقا لمصلحة مشروعة إلى تسخيره حقا يراد به باطل وسهما يرمى به خصيمه فيصيب منه بقدر ما غنم به من حق أو يكشف به عن لدد في خصومته ابتغاء الإضرار به, فتهون النفس بقدر ما يلحقها من مهانة, وتعيا الهمة بقدر ما يصيبها من وهن, ويكون التعويض على من حقت مساءلته عنه فرجة كرب لمن استحق إبداءه إليه, حتى لنفسه يقينها في أن الباطل لا محالة زاهق, وأن الحق مرهون بساعته يسعى إلى صاحبه بقدر سعي صاحبه إليه, وإن كانت أقدار الناس تتعالى بقدر ما تضفيه الأمة على بنيها من إجلال وتقدير وما يفرضه الشارع لها من مهابة وتعظيم, فإن القاضي وهو سبيل الناس لترسيخ العدل بينهم وتوكيد الحقوق لأصحابها ورفع الظلم عمن حاق به جور الكائدين لهو أحق الناس في أن يصان من غبن الناس وأكثرهم حاجة لأن تبقى صفحاته بيضاء ناصعة لا يشوبها لمم ولا تلوكها ألسنة ولا يحجبها لدد الكيد وسوء القصد. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه وهو بصدد بحث طلب المخاصم الأول الحكم له بالتعويض عن إساءة الطاعن استعمال حق التقاضي تناول ما نعته به الأخير في سطور تقرير مخاصمته من صفات وما رماه فيها من إساءات ثم عرج على بيان وجه الضرر الذي ألم به وعناصر التعويض التي ساءل الطاعن عنها كاشفا عن انحرافه عن الحق المباح ابتغاء الأضرار بالمخاصم مستندا في ذلك إلى أسباب سائغة لها معينها في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب قائمة على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن واقعات الطعن تخلص حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق في إن الطاعن خاصم المطعون ضدهم - عدا الأخير - بتقرير أودعه قلم كتاب محكمة استئناف القاهرة في 1/4/2000 - وقيد برقم.... لسنة 117ق طالبا الحكم بقبول الدعوى وتعلق أوجه المخاصمة بها وبإلزام المتخاصمين ووزير العدل بتعويض عن كل يوم اعتبارا من 8/11/1999 مقداره 500 جنيه وحتى تاريخ صدور الحكم مع فائدة 4% حتى السداد بخلاف ما استحق ويستحق عن إيقافه والامتناع عن تنفيذ رفع الإيقاف منذ إعلان السند التنفيذي 25/7/1998 - وفرض غرامة تهديدية - على سند من أن المستشارين المخاصمين بصفاتهم رئيس وأعضاء اللجنة المؤقتة للنقابة العامة للمحامين المتولين اختصاصات النقيب ومجلس النقابة طبقا للقانون 100 لسنة 1993 استعملوا سلطة وظيفتهم في وقف تنفيذ والامتناع عمدا والتأخير في تنفيذ الحكم الصادر له بتاريخ 25/5/1998 من محكمة استئناف القاهرة في الدعوى..... لسنة 112ق والذي قضى بإلغاء القرار السلبي الصادر من لجنة قبول المحامين بالنقابة العامة للمحامين برفض قيد الطاعن رغم أنه أنذرهم مرارا آخرها في 1/3/2000 بوجوب التنفيذ. مما ترتب عليه الإضرار به وأسرته ماديا وأدبيا.
أدعى المخاصم ضده الأول فرعيا طالبا الحكم على المخاصم بمبلغ 50000 جنيه تعويضا عن الضرر الناجم عن إساءة الطاعن لحق التقاضي والدفاع حكمت المحكمة بتاريخ 14/2/2001 بعدم جواز قبول دعوى المخاصمة وتغريم المخاصم 1000 جنيه وبإلزامه بأن يؤدي للمطعون ضده الأول عشرة آلاف جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم نقضا جزئيا - فيما قضى به من إلزام الطاعن بالتعويض - عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده الأول بصفته رئيسا لمحكمة استئناف القاهرة أحال تقرير المخاصمة بأمر منه على الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه مختارا بذلك قاضيه وهو ما يبطل الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذا السبب غير سديد, ذلك أن النص في المادة 30 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على أن "تجتمع محكمة النقض وكل محكمة استئناف أو محكمة ابتدائية بهيئة جمعية عامة للنظر فيما يلي: - 1- ترتيب وتأليف الدوائر وتشكيل الهيئات..." وفي المادة 495 من قانون المرافعات على أن "ترفع دعوى المخاصمة بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف التابع لها القاضي أو عضو النيابة.... وتعرض الدعوى على إحدى دوائر محكمة الاستئناف بأمر من رئيسها.." وفي المادة 499 من ذات القانون على أن "يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى من تاريخ الحكم بجواز قبول المخاصمة". يدل على أن المشرع ناط بالجمعية العامة لكل محكمة ترتيب وتأليف دوائرها وأوجب على رئيس محكمة الاستئناف عرض دعوى المخاصمة على إحدى هذه الدوائر لنظرها. وهو في ذلك لا ينشئ دائرة خاصة لنظر الدعوى أو يغير من تشكيلها الذي كانت عليه وإنما يقتصر التزامه على مجرد الإحالة على دائرة قائمة من تلك التي مارست الجمعية العامة للمحكمة اختصاصها في إنشائها وتشكيلها, وهو في ذلك إنما يمارس عملا تنظيميا فرضه القانون عليه وليس عملا قضائيا لا يحول دون صلاحية القاضي له - إن صح - إلا صدور الحكم بجواز قبول المخاصمة. ومن ثم يكون أمر رئيس محكمة الاستئناف بعرض دعوى الطاعن على إحدى دوائر المحكمة أمرا تنظيميا استوجبه القانون وليس فيه ما يخالف قواعد التقاضي أو يخل بها على نحو ما سلف بيانه ويكون النعي بذلك قائما على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أسس قضاءه بعدم جواز قبول المخاصمة على المهام التي أسندها القانون 100 لسنة 93 للمطعون ضدهم عدا الأخير ليست مهاما قضائية حال أن المخاصمة نظام تتقرر به مسئولية القاضي إذا انحرف عن واجبات وظيفته دون تخصيص أو تقييد, كما خلا الحكم من بيان ودلالة حكم المهام الموكولة له للمخاصمين بموجب ذلك القانون عدا وصفه لها "بمهام مهنية" أو موجبات اعتبارها مهاما غير قضائية, ورغم أن معيار جواز قبول المخاصمة هو شخص المختصم وليس مهامه فقد أغفل الحكم أثر ما قدمه من مستندات تكشف عن خطأ المطعون ضده الأول في تعمده إيقاف تنفيذ الحكم النهائي الصادر لصالحه ضد نقابة المحامين والذي أقر المطعون ضده الثاني بأن تأشير المخاصم الأول بتنفيذ هذا الحكم معلق على توافر شرائط القيد بما يعد إقرارا بالتعرض لحجية الحكم غير جائز قانونا وتتوافر به أولى أوجه المخاصمة طبقا لنص الفقرة الأولى من المادة 494 مرافعات فضلا عن إنكار المتخاصمين للعدالة وتحقق مسئوليتهم عن أفعالهم تلك طبقا للقانون بما يتوافر به أوجه المخاصمة للعدالة وتحقق مسئوليتهم عن أفعالهم تلك طبقا للقانون بما يتوافر به أوجه المخاصمة التي أوردتها المادة سالفة الذكر وأعرضت المحكمة عن بحث آخر حالاتها مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان القضاء ولاية لا تستقيم لصاحبها إلا أن يأمن جور الناس وتدخل السلطان ولا يتحقق له ذلك بغير استقلاله فيما يعرض عليه من دعاوي عند أي تدخل تفرضه جماعة أو فرد يوحي به رأي يؤثر في وجدانه أو ينحرف بحيدته عن جادة الصواب, ولا يكون له هذا الاستقلال إلا أن يحاط بسياج من القواعد والأحكام التي تفرض على من ابتغى مخاصمته أن يسلكها حتى تتحطم معها كل سهام الجور وسوء القصد وعلى ذلك ورد النص في الدستور على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون وفرض المشرع فيما تضمنه الباب الثاني من الكتاب الثالث من قانون المرافعات أحكام مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة في المواد من 494 حتى 500 مستوجبا أن تكون المخاصمة قاصرة على الحالات التي حددها على سبيل الحصر وأن يتم التقرير بها ونظر دعواها طبقا لإجراءات فرضها وضمانات ارتآها وقواعد سنها لا تتقيد في الكثير منها مع القواعد العامة لإجراءات التقاضي سواء من حيث تشكيل المحكمة التي تنظر الدعوى أو درجة التقاضي المقررة لها أو الطلبات الجائز للخصوم إبداؤها وما يجوز للمحكمة أن تتعرض له من تلقاء نفسها, وفرض المخاصمة على تعلق سببها بما يقوم به القاضي من أعمال قضائية فلا يتسع نطاقها لغير ذلك مما يباشره خارج هذا النطاق وإلا كانت المخاصمة سبيلا لحصار القاضي في كل ما يتصل بتصرفاته وينقلب القصد من الحماية إلى الاستباحة فيضيع الأمان وينمحي الاستقلال. لما كان ما تقدم وكان يبين من الأوراق أن الطاعن أقام دعوى المخاصمة ضد المطعون ضدهم لما نسبه لخمستهم الأول أنهم باعتبارهما رئيس وأعضاء في اللجنة المؤقتة للنقابة العامة للمحامين استعملوا سلطة وظيفتهم في وقف تنفيذ والامتناع عمدا والتأخير عن تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة بجلسة 25/5/1998 في الدعوى... لسنة 112ق بإلغاء القرار السلبي الصادر من لجنة قبول المحامين بالنقابة العامة للمحامين برفض قيده وهو فعل - إن صح - يخرج عن نطاق الأعمال القضائية التي حصر المشرع فيها نطاق المخاصمة موازنة بين ضمانات القاضي وبين طمأنه المتقاضي فلا يجوز للطاعن أن يسلك سبيلها في غير ما شرعت له فإن هو فعل كان لزاما القضاء في دعواه بعدم جواز قبولها وإن التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي بتوافر حالات المخاصمة وإغفال الحكم بحث مستندات قدمها الطاعن وأوجه دفاع تؤيد دعواه - أيا كان وجه الرأي فيه - غير منتج ويضحى النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بقبول دعوى المخاصم الأول بطلب الحكم بالتعويض حال أن المحامي الذي قرر بذلك بالجلسة لم يقدم سند وكالته الذي يجيز له ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مباشرة المحامي للدعوى بتكليف من ذوي الشأن قبل صدور توكيل له منهم بذلك لا يؤثر في سلامة الإجراءات التي يتخذها فيها إلا إذا أنكر صاحب الشأن توكيله لذلك المحامي. وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة 5/6/2000 أن المحامي الحاضر عن المخاصم الأول أبدى شفاهة بصفته هذه طلبا عارضا بإلزام الطاعن بالتعويض في حضور الأخير طبقا للإجراءات التي رسمها القانون وهو ما لم ينكره عليه المطعون ضده الأول ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي عولت على هذا الطلب وقضت في موضوعه مما يضحى معه النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قصر قضاءه بالتعويض على المطعون ضده الأول دون باقي المخاصمين رغم قضائه بعدم جواز المخاصمة بالنسبة لهم جميعا.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يقبل النعي على الحكم بدفاع لا صفة للطاعن في إبدائه فإن نعي الطاعن قصر الحكم قضاءه بالتعويض على المطعون ضده الأول دون الباقين وقد انتفت صفته فيه يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال, وفي بيانه يقول إنه لجأ إلى قاضيه الطبيعي استعمالا لحق خوله القانون له يدرأ به عن نفسه عنت خصومه ويقتضي به حقا مشروعا, وضمن سطور دفاعه عبارات نقلت حروفها عن مدونات أحكام نطق بها قضاة, دون أن يتجاوز قصده اقتضاء حقه, إلا أن الحكم وصم نيته بالسوء وعاب على دفاعه تجاوز مقتضى طلباته مناقضا بذلك واقع الحال ومستلا بلا مسوغ من قصر دعواه على القضاة من أعضاء اللجنة المؤقتة للنقابة دون غيرهم من المحامين وبدرايته بأحكام القانون ثم عدم إمهاله اللجنة لبحث طلبه الذي تأشر عليه من المطعون ضده الأول بعرضه عليها - دليلا على خطئه حال أن هذا الذي نسبه الحكم إليه لا يقوم به إثم لا يترتب عليه ضرر ولا يرتبط فيه الإثم بالضرر بثمة ما يحمل أحدهما على الآخر مما تنتفي معه مسئوليته عن التعويض ويوصم الحكم بفساد الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود, وذلك أنه وإن كان المشرع قد خص القضاة وأعضاء النيابة بإجراءات حددها لمخاصمتهم ضمنها مواد الباب الثاني من الكتاب الثالث من قانون المرافعات ونص في المادة 494/1 منها على أنه "إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو برفضها حكمت على الطالب بغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألفي جنيه ومصادرة الكفالة مع التعويضات إن كان لها وجه...." إلا أنه لم يخرج فيما رخصه للمخاصم من حق في التعويض عن تلك القواعد التي قررها لجبر الضرر الذي يلحق بمن كانت مقاضاته انحرافا من خصمه في استعمال حق التقاضي والدفاع فينأى به عن كونه سبيلا لدرء خطر أو تحقيقا لمصلحة مشروعة إلى تسخيره حقا يراد به باطل وسهما يرمى به خصيمه فيصيب منه بقدر ما غنم به من حق أو يكشف به عن لدد في خصومته ابتغاء الإضرار به, فتهون النفس بقدر ما يلحقها من مهانة, وتعيا الهمة بقدر ما يصيبها من وهن, ويكون التعويض على من حقت مساءلته عنه فرجة كرب لمن استحق إبداءه إليه, حتى لنفسه يقينها في أن الباطل لا محالة زاهق, وأن الحق مرهون بساعته يسعى إلى صاحبه بقدر سعي صاحبه إليه, وإن كانت أقدار الناس تتعالى بقدر ما تضفيه الأمة على بنيها من إجلال وتقدير وما يفرضه الشارع لها من مهابة وتعظيم, فإن القاضي وهو سبيل الناس لترسيخ العدل بينهم وتوكيد الحقوق لأصحابها ورفع الظلم عمن حاق به جور الكائدين لهو أحق الناس في أن يصان من غبن الناس وأكثرهم حاجة لأن تبقى صفحاته بيضاء ناصعة لا يشوبها لمم ولا تلوكها ألسنة ولا يحجبها لدد الكيد وسوء القصد. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه وهو بصدد بحث طلب المخاصم الأول الحكم له بالتعويض عن إساءة الطاعن استعمال حق التقاضي تناول ما نعته به الأخير في سطور تقرير مخاصمته من صفات وما رماه فيها من إساءات ثم عرج على بيان وجه الضرر الذي ألم به وعناصر التعويض التي ساءل الطاعن عنها كاشفا عن انحرافه عن الحق المباح ابتغاء الأضرار بالمخاصم مستندا في ذلك إلى أسباب سائغة لها معينها في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب قائمة على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق