جلسة 8 من فبراير سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وعمر بريك ورشاد قذافي وفؤاد نبوي نواب رئيس المحكمة.
--------------
(24)
الطعن رقم 10554 لسنة 61 القضائية
رشوة. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره". عقوبة "تطبيقها". وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "بطلانه". بطلان.
جريمة عرض الوساطة في رشوة المنصوص عليها في المادة 109 مكرر/ 2 عقوبات. تحققها؟
تقدم الجاني إلى صاحب الحاجة عارضاً عليه التوسط لمصلحته لدى الغير في الارتشاء - اختلافها عن جريمة الوسيط في الرشوة المنصوص عليها في المادة 107 مكرر عقوبات.
تعديل المحكمة التهمة المسندة للطاعن من جريمة التوسط في طلب رشوة إلى جريمة عرض الوساطة فيها وإدانته بالوصف الجديد دون لفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل. إخلال بحق الدفاع. علة ذلك؟
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن أنه توسط بين المبلغ وبين موظف عام "رئيس محكمة......" في طلب مبلغ ألف جنيه على سبيل الرشوة بأن أبلغ المبلغ بذلك لإصدار حكم ببراءة شقيقه من التهمة المسندة إليه في القضية وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 103، 104، 109 مكرراً ثانياً/ 1 - 2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ ألفي جنيه بعد أن استبدلت المادة 107 مكرراً عقوبات التي طلبت النيابة العامة تطبيقها بالمادة 109 مكرراً ثانياً/ 1 - 2 من ذات القانون وذلك باعتبار أن المتهم بصفته موظفاً عاماً "أمين سر جلسة الأربعاء بمحكمة......" عرض وقبل الوساطة في رشوة موظف عام ".....". وذلك بأن طلب وقبل من ...... مبلغ ألف جنيه للموظف العام السابق ذكره مقابل الحكم ببراءة شقيقه المتهم في جنحة التبديد المقيدة برقم 8777 لسنة 1989 مصر القديمة ولم يتعد عمله العرض والقبول.
فطعن الأستاذ/ ......... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.
المحكمة
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المحكمة عدلت التهمة المسندة إليه من جناية التوسط في طلب الرشوة إلى جناية عرض وقبول الوساطة في رشوة موظف عام دون لفت نظر الدفاع. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إنه لما كانت جريمة عرض الوساطة في رشوة - والتي لم يتعد عمل الجاني فيها العرض - والمنصوص عليها في المادة 109 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات والتي تتحقق بتقدم الجاني إلى صاحب الحاجة عارضاً عليه التوسط لمصلحته لدى الغير في الارتشاء بمعنى أن عرض الوساطة يأتي من تلقاء نفس العارض، وأن هذه الجريمة بهذا الحسبان ذات كيان خاص يغاير جريمة الوسيط في الرشوة والمنصوص عليها في المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات والتي تعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي في جريمة الرشوة التي تنعقد بالاتفاق الذي يتم بين الراشي والمرتشي ولا يتبقى بعد ذلك إلا إقامة الدليل على هذا الاتفاق وتنفيذ مقتضاه بتسليم المبلغ، ومن ثم يكون الوسيط في الجريمة الأخيرة عاملاً من جانب الراشي أو المرتشي وإزاء اختلاف طبيعة الفعل المكون لكل من الجريمتين المشار إليهما فلقد كان لزاماً على محكمة الجنايات قبل تعديلها التهمة المسندة إلى الطاعن من جريمة التوسط بين المبلغ ومتهم آخر في طلب الرشوة - إلى جريمة عرض الوساطة فيها على المبلغ وإدانته بالوصف الجديد - أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل في التهمة والذي يتضمن تغييراً في كيانها المادي، أما وهي لم تفعل فإن حكمها وفق الوصف الجديد يكون باطلاً للإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه والإعادة، ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أورد في مقام الإدانة أنه ثبت لديه أن الطاعن قد قبل الوساطة لأن الحكم أثبت أن الطاعن هو الذي عرضها على المجني عليه مما يعني أن الأخير طلب وساطته ولا يساغ أن يكون قصد الحكم أن المتهم الأول هو الذي عرض عليه الوساطة وأن الطاعن قبلها، لأن الحكم نفى ذلك من مدوناته وأقام قضاءه في براءة المتهم الأول...... استناداً إلى أنه لم يعلم بأمر هذه الوساطة، وهو ما لا يتصور معه أن يكون قد عرضها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق