جلسة
8 من مايو سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب
رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سيد محمود يوسف، يوسف عبد الحليم الهته،
خالد يحيى دراز وسيد عبد الرحيم الشيمي نواب رئيس المحكمة.
------------
(118)
الطعن رقم
8388 لسنة 64 القضائية
(4
- 1)إيجار
"إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء: الإضرار بسلامة المبنى".
إثبات "طرق الإثبات". محكمة الموضوع "السلطة التقديرية لمحكمة
الموضوع". "حكم تسبيبه: الخطأ في تطبيق القانون، القصور في التسبيب".
(1)
الحكم القضائي
النهائي المثبت لاستعمال العين المؤجرة بصورة أضرت بسلامة المبنى. لا يقيد السلطة
التقديرية للقاضي في الاستجابة لطلب الإخلاء أو رفضه وفق ظروف كل حالة وملابساتها.
علة ذلك.
(2) الحكم بالإخلاء. وجوب اشتماله على ما ينبئ عن تمحيص كل دفاع أدلى به
أمام المحكمة بتعسف المؤجر في استعمال حقه بطلب الإخلاء والظروف والملابسات التي
تبرر ذلك في ضوء ما يقتضيه تنفيذ العقود من حسن نية. علة ذلك. المواد 4، 5، 148،
157 مدني.
(3)حجية الحكم بثبوت الضرر. لا يتصور أن يتسع
ليشمل بحث ما إذا كان المؤجر متعسفاً في طلب الإخلاء من عدمه.
(4)تمسك الطاعن بأن الحكم السابق بإثبات
استعماله للعين المؤجرة بطريقة أضرت بالمبنى لا يحتم الإخلاء ولا يعفي المحكمة من
تقدير جسامة الضرر الذي أصاب المبنى والخطأ الذي ارتكبه وما إذا كان نتيجة
الاستعمال المألوف للمسكن ومدى تناسبه مع الإخلاء كجزاء. إطراح الحكم المطعون فيه
هذا الدفاع استناداً إلي أنه ليس لمحكمة الموضوع المطروح عليها طلب الإخلاء سلطة
تقديرية طالما أن الضرر الناشئ عن إساءة الاستعمال قد ثبت بحكم قضائي نهائي. خطأ
وقصور.
---------------------
1 - النص في المادة 18 من قانون إيجار الأماكن 136 لسنة 1981 يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع استحدث بهذا النص أمرين أولهما أنه عدل سبب الإخلاء الذي كان مقررا بنص المادة 31/ج من القانون رقم 49 لسنة 1977 بأن جعله مقصورا على حالة الإضرار بسلامة المبنى بعد أن كان الإضرار بالمؤجر وهو أعلم واشمل والأمر الثاني أنه حدد أمام محكمة الإخلاء وسيلة الإثبات القانونية لواقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى بصدور حكم نهائي بذلك وما استحدثه النص من اشتراط الحصول على حكم نهائي لا يمس ذاتية القاعدة المقررة لسبب الإخلاء ولا يغير حكمها وليس في هذا النص ما يقيد سلطة القاضي التقديرية في الفسخ إذ لم يوجب نص المادة 18 سالفة الذكر على القاضي الحكم بالإخلاء إذا توافر سبب من الأسباب التي حددت شروطها فيه كما لا يستقيم أن يستلزم المشرع رفع دعوى بالإخلاء إذا كانت مهمة المحكمة مقصورة على مجرد الالتزام بحجية الحكم السابق بثبوت الضرر دون أن يكون لها سلطة تقديرية تستجيب لطلب الإخلاء أو ترفضه. والسلطة التقديرية للقاضي مقررة له بحكم القانون ولصالح المتقاضين ليقوم خصوصيات كل حالة أو منازعة وظروفها وملابساتها ويختار الحل المناسب لها والأقرب إلى تحقيق العدالة فلا يجوز للقاضي أن يمتنع عن أعمال سلطته التقديرية ولا أن يتنازل عنها أو ينيب غيره فيها.
2 - الأصل بحكم المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني في ضوء ما جاء بالأعمال التحضيرية أن المشرع أعطى للقاضي سلطة تقديرية واسعة ليراقب استعمال الخصوم لحقوقهم وفقا للغاية التي استهدفها المشرع منها حتى لا يتعسفوا في استعمالها كما حرص المشرع على تأكيد السلطة التقديرية للقاضي في حالة فسخ العقود ونص صراحة في الفقرة الأولى من المادة 148 من القانون على أنه: "يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية"، وفى الفقرة الثانية من المادة 157 من ذات القانون على أنه: "يجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا إذا اقتضت الظروف ذلك كما يجوز له أن يرفض طلب الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة للالتزام في جملته وهو ما هو لازم انه كلما أثير أمام محكمة الموضوع دفاع يتضمن أن المؤجر متعسف في استعمال حقه بطلب الإخلاء تعين على المحكمة أن تمحصه وتضمن حكمها ما ينبئ عن تمحيص لهذا الدفاع وإنها بحثت ظروف الدعوى وملابساتها وما إذا كانت هذه الظروف والملابسات تبرر طلب الإخلاء في ضوء ما يجب توافره من حسن نية في تنفيذ العقود.
3 - الضرر الناشئ عن استعمال المستأجر للعين المؤجرة حتى ولو كان ثابتا بحكم نهائي سابق، لا يتصور أن تتسع حجية هذا الحكم لتشمل ما إذا كان المؤجر متعسفا في استعمال حقه بطلب الإخلاء من عدمه.
4 - إذ كان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن الحكم السابق بإثبات استعماله للعين المؤجرة بطريقة أضرت بالمبنى لا يحتم الإخلاء ولا يعفى المحكمة من تقدير جسامة الضرر الذي أصاب المبنى والخطأ الذي ارتكبه الطاعن وأن الضرر لا يعدو أن يكون شرخا في بياض المصيص لسقف الواقعة أسفل عين النزاع نجم عن رشح المياه نتيجة الاستعمال المألوف للمسكن فأطرح الحكم المطعون فيه دفاعه هذا بقوله أنه ليس لمحكمة الموضوع المطروح عليها طلب الإخلاء أي سلطة تقديرية طالما أن الضرر الناشئ عن إساءة الاستعمال قد ثبت بحكم قضائي نهائي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وجره إلى القصور في التسبيب.
2 - الأصل بحكم المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني في ضوء ما جاء بالأعمال التحضيرية أن المشرع أعطى للقاضي سلطة تقديرية واسعة ليراقب استعمال الخصوم لحقوقهم وفقا للغاية التي استهدفها المشرع منها حتى لا يتعسفوا في استعمالها كما حرص المشرع على تأكيد السلطة التقديرية للقاضي في حالة فسخ العقود ونص صراحة في الفقرة الأولى من المادة 148 من القانون على أنه: "يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية"، وفى الفقرة الثانية من المادة 157 من ذات القانون على أنه: "يجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا إذا اقتضت الظروف ذلك كما يجوز له أن يرفض طلب الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة للالتزام في جملته وهو ما هو لازم انه كلما أثير أمام محكمة الموضوع دفاع يتضمن أن المؤجر متعسف في استعمال حقه بطلب الإخلاء تعين على المحكمة أن تمحصه وتضمن حكمها ما ينبئ عن تمحيص لهذا الدفاع وإنها بحثت ظروف الدعوى وملابساتها وما إذا كانت هذه الظروف والملابسات تبرر طلب الإخلاء في ضوء ما يجب توافره من حسن نية في تنفيذ العقود.
3 - الضرر الناشئ عن استعمال المستأجر للعين المؤجرة حتى ولو كان ثابتا بحكم نهائي سابق، لا يتصور أن تتسع حجية هذا الحكم لتشمل ما إذا كان المؤجر متعسفا في استعمال حقه بطلب الإخلاء من عدمه.
4 - إذ كان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن الحكم السابق بإثبات استعماله للعين المؤجرة بطريقة أضرت بالمبنى لا يحتم الإخلاء ولا يعفى المحكمة من تقدير جسامة الضرر الذي أصاب المبنى والخطأ الذي ارتكبه الطاعن وأن الضرر لا يعدو أن يكون شرخا في بياض المصيص لسقف الواقعة أسفل عين النزاع نجم عن رشح المياه نتيجة الاستعمال المألوف للمسكن فأطرح الحكم المطعون فيه دفاعه هذا بقوله أنه ليس لمحكمة الموضوع المطروح عليها طلب الإخلاء أي سلطة تقديرية طالما أن الضرر الناشئ عن إساءة الاستعمال قد ثبت بحكم قضائي نهائي فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وجره إلى القصور في التسبيب.
----------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى 5470 لسنة 1993 إيجارات شمال القاهرة الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 11/1/1959 وإخلائه من الشقة المبينة بالأوراق, لإساءة استعماله وإضراره بسلامة المبنى على النحو الثابت بالدعوى 11142 لسنة 1988 مدني شمال القاهرة الابتدائية المؤيد بالاستئناف 5143 لسنة 109ق القاهرة, ومحكمة أول درجة حكمت بالطلبات, استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف4431 لسنة 111ق القاهرة, وبتاريخ 6/7/1994 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن ما أصاب المبنى لا يعدو أن يكون شرخا في بياض المصيص لسقف الشقة الواقعة أسفل عين النزاع نجم عن رشح المياه لمسكن يستعمل استعمالا مألوفا, وبأن الحكم السابق بإثبات استعماله للعين بطريقة أضرت بالمبنى لا يحتم الإخلاء ولا يعفي محكمة الإخلاء من تقدير حجم الضرر الذي أصاب المبنى ولا جسامة الخطأ الذي ارتكبه الطاعن تمهيدا لتقدير مناسبة توقيع الجزاء بالإخلاء فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع بمقولة أنه ليس لمحكمة الموضوع المطروح عليها دعوى الإخلاء أي سلطة تقديرية إذا كان الضرر الناشئ عن إساءة الاستعمال قد ثبت بحكم قضائي سابق, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أن النص في المادة 18 من قانون إيجار الأماكن 136 لسنة 1981 على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية ...(د) إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب العامة" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع استحدث بهذا النص أمرين أولهما أنه عدل سبب الإخلاء الذي كان مقررا بنص المادة 31/ج من القانون 49 لسنة 1977 بأن جعله مقصورا على حالة الإضرار بسلامة المبنى بعد أن كان الإضرار بالمؤجر وهو أعم وأشمل, والأمر الثاني أنه حدد أمام محكمة الإخلاء وسيلة الإثبات القانونية لواقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى بصدور حكم نهائي بذلك, وما استحدثه النص من اشتراط الحصول على حكم نهائي لا يمس ذاتية القاعدة المقررة لسبب الإخلاء ولا يغير حكمها, وليس في هذا النص ما يقيد سلطة القاضي التقديرية في الفسخ إذ لم يوجب نص المادة 18 سالفة الذكر على القاضي الحكم بالإخلاء إذا توافر سبب من الأسباب التي حددت شروطها فيه, كما لا يستقيم أن يستلزم المشرع رفع دعوى بالإخلاء إذا كانت مهمة المحكمة مقصورة على مجرد الالتزام بحجية الحكم السابق بثبوت الضرر, دون أن يكون لها سلطة تقديرية تستجيب لطلب الإخلاء أو ترفضه, والسلطة التقديرية للقاضي مقرره له بحكم القانون ولصالح المتقاضين ليقوم بتقدير خصوصيات كل حالة أو منازعة وظروفها وملابساتها ويختار الحل المناسب لها والأقرب إلى تحقيق العدالة, فلا يجوز للقاضي أن يمتنع عن إعمال سلطته التقديرية ولا أن يتنازل عنها أو ينيب غيره فيها, والأصل بحكم المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني في ضوء ما جاء بالأعمال التحضيرية أن المشرع أعطى للقاضي سلطة تقديرية واسعة ليراقب استعمال الخصوم لحقوقهم وفقا للغاية التي استهدفها المشرع منها حتى لا يتعسفوا في استعمالها, كما حرص المشرع على تأكيد السلطة التقديرية للقاضي في حالة فسخ العقود ونص صراحة في الفقرة الأولى من المادة 148 من القانون المدني على أن "يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية" وفي الفقرة الثانية من المادة 157 من ذات القانون على أنه "يجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا إذا اقتضت الظروف ذلك, كما يجوز له أن يرفض طلب الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة للالتزام في جملته" وهو ما لازمه أنه كلما أثير أمام محكمة الموضوع دفاع يتضمن أن المؤجر متعسف في استعمال حقه بطلب الإخلاء تعين على المحكمة أن تمحصه وتضمن حكمها ما ينبئ عن تمحيصها لهذا الدفاع وأنها بحثت ظروف الدعوى وملابساتها, وما إذا كانت هذه الظروف والملابسات تبرر طلب الإخلاء في ضوء ما يجب توافره من حسن نية في تنفيذ العقود, حتى ولو كان الضرر الناشئ عن استعمال المستأجر ثابتا بحكم نهائي سابق, إذ لا يتصور أن تتسع حجية هذا الحكم لتشمل ما إذا كان المؤجر متعسفا في استعمال حقه بطلب الإخلاء من عدمه. لما كان ذلك, وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن الحكم السابق بإثبات استعماله للعين المؤجرة بطريقة أضرت بالمبنى لا يحتم الإخلاء ولا يعفي المحكمة من تقدير جسامة الضرر الذي أصاب المبنى والخطأ الذي ارتكبه الطاعن وأن الضرر لا يعدو أن يكون شرخا في بياض المصيص لسقف الشقة الواقعة أسفل عين النزاع نجم عن رشح المياه نتيجة الاستعمال المألوف للمسكن فأطرح الحكم المطعون فيه دفاعه هذا بقوله أنه ليس لمحكمة الموضوع المطروح عليها طلب الإخلاء أي سلطة تقديرية طالما أن الضرر الناشئ عن إساءة الاستعمال قد ثبت بحكم قضائي نهائي, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وجره ذلك إلى القصور في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى 5470 لسنة 1993 إيجارات شمال القاهرة الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 11/1/1959 وإخلائه من الشقة المبينة بالأوراق, لإساءة استعماله وإضراره بسلامة المبنى على النحو الثابت بالدعوى 11142 لسنة 1988 مدني شمال القاهرة الابتدائية المؤيد بالاستئناف 5143 لسنة 109ق القاهرة, ومحكمة أول درجة حكمت بالطلبات, استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف4431 لسنة 111ق القاهرة, وبتاريخ 6/7/1994 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن ما أصاب المبنى لا يعدو أن يكون شرخا في بياض المصيص لسقف الشقة الواقعة أسفل عين النزاع نجم عن رشح المياه لمسكن يستعمل استعمالا مألوفا, وبأن الحكم السابق بإثبات استعماله للعين بطريقة أضرت بالمبنى لا يحتم الإخلاء ولا يعفي محكمة الإخلاء من تقدير حجم الضرر الذي أصاب المبنى ولا جسامة الخطأ الذي ارتكبه الطاعن تمهيدا لتقدير مناسبة توقيع الجزاء بالإخلاء فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع بمقولة أنه ليس لمحكمة الموضوع المطروح عليها دعوى الإخلاء أي سلطة تقديرية إذا كان الضرر الناشئ عن إساءة الاستعمال قد ثبت بحكم قضائي سابق, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أن النص في المادة 18 من قانون إيجار الأماكن 136 لسنة 1981 على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية ...(د) إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو في أغراض منافية للآداب العامة" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع استحدث بهذا النص أمرين أولهما أنه عدل سبب الإخلاء الذي كان مقررا بنص المادة 31/ج من القانون 49 لسنة 1977 بأن جعله مقصورا على حالة الإضرار بسلامة المبنى بعد أن كان الإضرار بالمؤجر وهو أعم وأشمل, والأمر الثاني أنه حدد أمام محكمة الإخلاء وسيلة الإثبات القانونية لواقعة الاستعمال الضار بسلامة المبنى بصدور حكم نهائي بذلك, وما استحدثه النص من اشتراط الحصول على حكم نهائي لا يمس ذاتية القاعدة المقررة لسبب الإخلاء ولا يغير حكمها, وليس في هذا النص ما يقيد سلطة القاضي التقديرية في الفسخ إذ لم يوجب نص المادة 18 سالفة الذكر على القاضي الحكم بالإخلاء إذا توافر سبب من الأسباب التي حددت شروطها فيه, كما لا يستقيم أن يستلزم المشرع رفع دعوى بالإخلاء إذا كانت مهمة المحكمة مقصورة على مجرد الالتزام بحجية الحكم السابق بثبوت الضرر, دون أن يكون لها سلطة تقديرية تستجيب لطلب الإخلاء أو ترفضه, والسلطة التقديرية للقاضي مقرره له بحكم القانون ولصالح المتقاضين ليقوم بتقدير خصوصيات كل حالة أو منازعة وظروفها وملابساتها ويختار الحل المناسب لها والأقرب إلى تحقيق العدالة, فلا يجوز للقاضي أن يمتنع عن إعمال سلطته التقديرية ولا أن يتنازل عنها أو ينيب غيره فيها, والأصل بحكم المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني في ضوء ما جاء بالأعمال التحضيرية أن المشرع أعطى للقاضي سلطة تقديرية واسعة ليراقب استعمال الخصوم لحقوقهم وفقا للغاية التي استهدفها المشرع منها حتى لا يتعسفوا في استعمالها, كما حرص المشرع على تأكيد السلطة التقديرية للقاضي في حالة فسخ العقود ونص صراحة في الفقرة الأولى من المادة 148 من القانون المدني على أن "يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية" وفي الفقرة الثانية من المادة 157 من ذات القانون على أنه "يجوز للقاضي أن يمنح المدين أجلا إذا اقتضت الظروف ذلك, كما يجوز له أن يرفض طلب الفسخ إذا كان ما لم يوف به المدين قليل الأهمية بالنسبة للالتزام في جملته" وهو ما لازمه أنه كلما أثير أمام محكمة الموضوع دفاع يتضمن أن المؤجر متعسف في استعمال حقه بطلب الإخلاء تعين على المحكمة أن تمحصه وتضمن حكمها ما ينبئ عن تمحيصها لهذا الدفاع وأنها بحثت ظروف الدعوى وملابساتها, وما إذا كانت هذه الظروف والملابسات تبرر طلب الإخلاء في ضوء ما يجب توافره من حسن نية في تنفيذ العقود, حتى ولو كان الضرر الناشئ عن استعمال المستأجر ثابتا بحكم نهائي سابق, إذ لا يتصور أن تتسع حجية هذا الحكم لتشمل ما إذا كان المؤجر متعسفا في استعمال حقه بطلب الإخلاء من عدمه. لما كان ذلك, وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن الحكم السابق بإثبات استعماله للعين المؤجرة بطريقة أضرت بالمبنى لا يحتم الإخلاء ولا يعفي المحكمة من تقدير جسامة الضرر الذي أصاب المبنى والخطأ الذي ارتكبه الطاعن وأن الضرر لا يعدو أن يكون شرخا في بياض المصيص لسقف الشقة الواقعة أسفل عين النزاع نجم عن رشح المياه نتيجة الاستعمال المألوف للمسكن فأطرح الحكم المطعون فيه دفاعه هذا بقوله أنه ليس لمحكمة الموضوع المطروح عليها طلب الإخلاء أي سلطة تقديرية طالما أن الضرر الناشئ عن إساءة الاستعمال قد ثبت بحكم قضائي نهائي, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وجره ذلك إلى القصور في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق