برئاسة السيد المستشار- محمد عبد القادر سمير نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام الدين الحناوي, يحيى الجندي, عاطف الأعصر نواب رئيس المحكمة ومحمد العبادي.
------------------
1 - استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام أن استخلاصها سائغا ويؤدي إلى ما رتبته عليه في قضائها.
2 - مناط رجوع العامل المضرور بالتعويض على صاحب العمل أن يثبت أن إصابته نشأت عن خطأ شخصي من جانبه يرتب مسئوليته الذاتية عن هذا التعويض عملا بحكم الفقرة الثانية من المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975. لما كان ذلك, وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص خطأ الطاعنة الموجب لمسئوليتها عملا بأحكام المادة 68 سالفة الذكر من أوراق الدعوى ومما انتهى إليه تقرير الخبير الذي أورد بأسبابه أن الطاعنة لم تسلم المطعون ضده - منذ تعيينه بها عام 1981- أدوات الوقاية الشخصية (كمامة وجوانتي) ولم توفر له وسائل الحماية والوقاية من الإصابة بالمرض المهني مما أحدث إصابته بهذا المرض(سيليكوزس) فإنه يكون قد أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من تعويض ويكون ما تثيره الطاعنة بهذه الأوجه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
3 - المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يعيب الحكم تقدير التعويض عن الضررين المادي والأدبي جملة بغير تخصيص لمقدار كل منهما ما دام أنه بين عناصر الضرر التي قضي من أجله بهذا التعويض. لما كان ذلك, وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه بين عناصر الضرر الذي قضى من أجله بالتعويض وناقش كل عنصر منها على حدة كما بين وجه أحقية المطعون ضده فيه فلا يعيبه بعد ذلك إن قدر التعويض عن الضرر المادي والأدبي جملة بغير تخصيص لمقدار كل منهما ويكون النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس.
4 - الشركة الطاعنة باعتبارها من الشركات التابعة الخاضعة لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة 1991 تكون لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة عن شخص من يمثلها, ومن ثم فإن المطعون ضده إذا أقام دعواه على الشركة الطاعنة واختصم رئيس مجلس إدارتها والعضو المنتدب باعتباره ممثلها القانوني أمام القضاء يكون قد اختصم صاحب الصفة الحقيقي في النزاع ولا يعيب الحكم المطعون فيه إذا أغفل الرد على الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير صفة ما دام لا يستند إلى صحيح القانون ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
5 - البين من الجدول رقم "1" الملحق بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 الذي حدد أمراض المهنة والأعمال المسببة لها أن البند "20" منه نص على مرض السليكوزس ضمن الأمراض المهنية وحدد الأعمال المسببة له ومنها العمل في المناجم والمحاجر وتلميع المعادن وأية أعمال أخرى تستدعي التعرض لغبار السليكا ولم يحدد وظائف بعينها, وإذ كانت الطاعنة لا تنازع في كونها من الشركات العاملة في هذه الأعمال وأن المطعون ضده من العاملين بها, ومن ثم يندرج عمله ضمن الأعمال المسببة لهذا المرض ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على غير أساس.
6 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة وإلا اعتبر حكمها خاليا من الأسباب.
7 - النص في المادة 172 من القانون المدني في فقرتها الأولى على أن "تسقط بالتقادم الدعوى الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع"، وكان المراد بالعلم الذي يبدأ منه سريان التقادم الثلاثي المقرر بنص المادة السالف البيان - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول بما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي المدة. ولما كان ذلك, وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف بسقوط حق المطعون ضده في طلب التعويض بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني لإقامته الدعوى بعد انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ علمه بحدوث الضرر وبشخص المسئول عنه الحاصل في 22/4/1996 فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض هذا الدفع على سند من نص المادة 698 من القانون المدني الخاص بتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد رغم أن الطاعنة لم تتمسك بهذا التقادم ودون أن يتناول الدفع بالتقادم الثلاثي المثار منها بالبحث والتمحيص مع أنه دفاع جوهري من شأنه - إن صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
--------------------
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 81 لسنة 1999 إدفو الابتدائية على الطاعنة - الشركة....... - بطلب الحكم بإلزامها أن تؤدي له مبلغ مائة ألف جنيهاً تعويضاً له عن الأضرار التي لحقت به من جراء إصابته بالمرض المهني وقال بياناً له إنه كان من العاملين لدي الطاعنة، وبتاريخ 24/8/1998 أخطرته الهيئة العامة للتأمين الصحي بأنه تخلف لديه عجز مستديم بنسبة 30% لإصابته بمرض السليكوزس نتيجة استنشاقه الأتربة والغبار وعدم توفير الطاعنة وسائل السلامة والصحة المهنية وإذ أصابته من جراء ذلك أضرار مادية وأدبية أدت إلى إنهاء خدمته فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 27/5/2000 بإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ عشر ألاف جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف قنا "مأمورية أسوان" بالاستئناف رقم 209 لسنة 19 ق وبتاريخ 21/2/2000 حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول وبالوجه الثاني والثالث والرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه ألزمها بالتعويض تأسيساً على أنها لم توفر وسائل السلامة والصحة المهنية ولم يبين تلك الوسائل تحديداً رغم قيامها بإنشاء وحدة لتنقية الهواء من الأتربة والغازات بها أربعة فلاتر مما يجعل نسبة غبار السيلكا - المسبب لمرض السيلكوزس - في الهواء أقل من المعدلات المسموح بها قانوناً. وقد طلبت ندب خبير فني لمعاينة ذلك هذا إلى أن المطعون ضده أخفق في إثبات الخطأ في جانبها، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على ذلك الدفاع وأسس قضائه على تقرير خبير حسابي لا دراية له بالمسائل الفنية فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام أن استخلاصها سائغاً ويؤدي إلى ما رتبته عليه في قضائها, وكان مناط رجوع العامل المضرور بالتعويض على صاحب العمل أن يثبت أن إصابته نشأت عن خطأ شخصي من جانبه يرتب مسئوليته الذاتية عن هذا التعويض عملاً بحكم الفقرة الثانية من المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص خطأ الطاعنة الموجب لمسئوليتها عملاً بأحكام المادة 68 سالفة الذكر من أوراق الدعوى ومما انتهى إليه تقرير الخبير الذي أورد بأسبابه أن الطاعنة لم تسلم المطعون ضده - منذ تعيينه بها عام 1981 - أدوات الوقاية الشخصية (كمامة وجوانتي) ولم توفر له وسائل الحماية والوقاية من الإصابة بالمرض المهني مما أحدث إصابته بهذا المرض (سيليكوزس) فإنه يكون قد أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من تعويض ويكون ما تثيره الطاعنة بهذه الأوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجهين السادس والسابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضده بتعويض مادي وأدبي جملة واحدة ولم يبين عناصر الضرر الموجبة لكل تعويض على حدة رغم تمسكها أمام محكمة الموضوع بانتفاء الأضرار المادية وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يعيب الحكم تقدير التعويض عن الضررين المادي والأدبي جملة بغير تخصيص لمقدار كل منهما ما دام أنه بين عناصر الضرر التي قضى من أجله بهذا التعويض. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه بين عناصر الضرر الذي قضى من أجله التعويض, وناقش كل عنصر منها على حدة كما بين وجه أحقية المطعون ضده فيه فلا يعيبه بعد ذلك إن قدر التعويض عن الضرر المادي والأدبي جملة بغير تخصيص لمقدار كل منهما ويكون النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضده أسس مطالبته لها بالتعويض على الخطأ الشخصي الذي يرتب المسئولية الذاتية لرب العمل وفقاً لنص المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 واختصم رئيس مجلس إدارتها بصفته في حين أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن رب العمل بشخصه هو المسئول الذي يجب اختصامه في الدعوى إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الطاعنة باعتبارها من الشركات التابعة الخاضعة لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة1991 تكون لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة عن شخص من يمثلها ومن ثم فإن المطعون ضده إذا أقام دعواه على الشركة الطاعنة واختصم رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب باعتباره ممثلها القانوني أمام القضاء يكون قد اختصم صاحب الصفة الحقيقي في النزاع ولا يعيب الحكم المطعون فيه إذا أغفل الرد على الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة ما دام لا يستند إلى صحيح القانون ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثامن من سبب الطعن الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضده بالتعويض عن إصابته بالمرض المهني - سيلكوزس - رغم أن عمل المطعون ضده - كلحام - ليس من ضمن الأعمال المسببة لهذا المرض المنصوص عليها حصراً بالجدول رقم "1" الملحق بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن البين من الجدول رقم "1" الملحق بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 الذي حدد أمراض المهنة والأعمال المسببة لها أن البند "20" منه نص على مرض السيلكوزس ضمن الأمراض المهنية وحدد الأعمال المسببة له ومنها العمل في المناجم والمحاجر وتلميع المعادن وأية أعمال أخرى تستدعي التعرض لغبار السليكا ولم يحدد وظائف بعينها وإذ كانت الطاعنة لا تنازع في كونها من الشركات العاملة في هذه الأعمال وأن المطعون ضده من العاملين بها ومن ثم يندرج عمله ضمن الأعمال المسببة لهذا المرض ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الخامس من سبب الطعن الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي لثبوت علم المطعون ضده بالمرض في 22/4/1996 وإقامته الدعوى في 3/7/1999 بعد انقضاء أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ علمه بالضرر ومحدثه وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة وإلا اعتبر حكمها خالياً من الأسباب متعيناً نقضه. وكانت المادة 172 من القانون المدني تنص في فقرتها الأولى على أن "تسقط بالتقادم الدعوى الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع وكان المراد بالعلم الذي يبدأ منه سريان التقادم الثلاثي المقرر بنص المادة السالف البيان - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول بما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي المدة ولما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف بسقوط حق المطعون ضده في طلب التعويض بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني لإقامته الدعوى بعد انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ علمه بحدوث الضرر وبشخص المسئول عنه الحاصل في 22/4/1996, فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض هذا الدفع على سند من نص المادة 698 من القانون المدني الخاص بتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد. رغم أن الطاعنة لم تتمسك بهذا التقادم ودون أن يتناول الدفع بالتقادم الثلاثي المثار منها بالبحث والتمحيص مع أنه دفاع جوهري من شأنه - إن صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه في هذا الخصوص على أن يكون مع النقض الإحالة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 81 لسنة 1999 إدفو الابتدائية على الطاعنة - الشركة....... - بطلب الحكم بإلزامها أن تؤدي له مبلغ مائة ألف جنيهاً تعويضاً له عن الأضرار التي لحقت به من جراء إصابته بالمرض المهني وقال بياناً له إنه كان من العاملين لدي الطاعنة، وبتاريخ 24/8/1998 أخطرته الهيئة العامة للتأمين الصحي بأنه تخلف لديه عجز مستديم بنسبة 30% لإصابته بمرض السليكوزس نتيجة استنشاقه الأتربة والغبار وعدم توفير الطاعنة وسائل السلامة والصحة المهنية وإذ أصابته من جراء ذلك أضرار مادية وأدبية أدت إلى إنهاء خدمته فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 27/5/2000 بإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ عشر ألاف جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف قنا "مأمورية أسوان" بالاستئناف رقم 209 لسنة 19 ق وبتاريخ 21/2/2000 حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول وبالوجه الثاني والثالث والرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه ألزمها بالتعويض تأسيساً على أنها لم توفر وسائل السلامة والصحة المهنية ولم يبين تلك الوسائل تحديداً رغم قيامها بإنشاء وحدة لتنقية الهواء من الأتربة والغازات بها أربعة فلاتر مما يجعل نسبة غبار السيلكا - المسبب لمرض السيلكوزس - في الهواء أقل من المعدلات المسموح بها قانوناً. وقد طلبت ندب خبير فني لمعاينة ذلك هذا إلى أن المطعون ضده أخفق في إثبات الخطأ في جانبها، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على ذلك الدفاع وأسس قضائه على تقرير خبير حسابي لا دراية له بالمسائل الفنية فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام أن استخلاصها سائغاً ويؤدي إلى ما رتبته عليه في قضائها, وكان مناط رجوع العامل المضرور بالتعويض على صاحب العمل أن يثبت أن إصابته نشأت عن خطأ شخصي من جانبه يرتب مسئوليته الذاتية عن هذا التعويض عملاً بحكم الفقرة الثانية من المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص خطأ الطاعنة الموجب لمسئوليتها عملاً بأحكام المادة 68 سالفة الذكر من أوراق الدعوى ومما انتهى إليه تقرير الخبير الذي أورد بأسبابه أن الطاعنة لم تسلم المطعون ضده - منذ تعيينه بها عام 1981 - أدوات الوقاية الشخصية (كمامة وجوانتي) ولم توفر له وسائل الحماية والوقاية من الإصابة بالمرض المهني مما أحدث إصابته بهذا المرض (سيليكوزس) فإنه يكون قد أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من تعويض ويكون ما تثيره الطاعنة بهذه الأوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجهين السادس والسابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضده بتعويض مادي وأدبي جملة واحدة ولم يبين عناصر الضرر الموجبة لكل تعويض على حدة رغم تمسكها أمام محكمة الموضوع بانتفاء الأضرار المادية وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يعيب الحكم تقدير التعويض عن الضررين المادي والأدبي جملة بغير تخصيص لمقدار كل منهما ما دام أنه بين عناصر الضرر التي قضى من أجله بهذا التعويض. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه بين عناصر الضرر الذي قضى من أجله التعويض, وناقش كل عنصر منها على حدة كما بين وجه أحقية المطعون ضده فيه فلا يعيبه بعد ذلك إن قدر التعويض عن الضرر المادي والأدبي جملة بغير تخصيص لمقدار كل منهما ويكون النعي عليه في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضده أسس مطالبته لها بالتعويض على الخطأ الشخصي الذي يرتب المسئولية الذاتية لرب العمل وفقاً لنص المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 واختصم رئيس مجلس إدارتها بصفته في حين أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن رب العمل بشخصه هو المسئول الذي يجب اختصامه في الدعوى إلا أن الحكم أغفل الرد على هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الطاعنة باعتبارها من الشركات التابعة الخاضعة لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم 203 لسنة1991 تكون لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة عن شخص من يمثلها ومن ثم فإن المطعون ضده إذا أقام دعواه على الشركة الطاعنة واختصم رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب باعتباره ممثلها القانوني أمام القضاء يكون قد اختصم صاحب الصفة الحقيقي في النزاع ولا يعيب الحكم المطعون فيه إذا أغفل الرد على الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة ما دام لا يستند إلى صحيح القانون ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثامن من سبب الطعن الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضده بالتعويض عن إصابته بالمرض المهني - سيلكوزس - رغم أن عمل المطعون ضده - كلحام - ليس من ضمن الأعمال المسببة لهذا المرض المنصوص عليها حصراً بالجدول رقم "1" الملحق بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن البين من الجدول رقم "1" الملحق بقانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 الذي حدد أمراض المهنة والأعمال المسببة لها أن البند "20" منه نص على مرض السيلكوزس ضمن الأمراض المهنية وحدد الأعمال المسببة له ومنها العمل في المناجم والمحاجر وتلميع المعادن وأية أعمال أخرى تستدعي التعرض لغبار السليكا ولم يحدد وظائف بعينها وإذ كانت الطاعنة لا تنازع في كونها من الشركات العاملة في هذه الأعمال وأن المطعون ضده من العاملين بها ومن ثم يندرج عمله ضمن الأعمال المسببة لهذا المرض ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الخامس من سبب الطعن الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي لثبوت علم المطعون ضده بالمرض في 22/4/1996 وإقامته الدعوى في 3/7/1999 بعد انقضاء أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ علمه بالضرر ومحدثه وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه بأسباب خاصة وإلا اعتبر حكمها خالياً من الأسباب متعيناً نقضه. وكانت المادة 172 من القانون المدني تنص في فقرتها الأولى على أن "تسقط بالتقادم الدعوى الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع وكان المراد بالعلم الذي يبدأ منه سريان التقادم الثلاثي المقرر بنص المادة السالف البيان - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على المسئول بما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي المدة ولما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف بسقوط حق المطعون ضده في طلب التعويض بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني لإقامته الدعوى بعد انقضاء ثلاث سنوات من تاريخ علمه بحدوث الضرر وبشخص المسئول عنه الحاصل في 22/4/1996, فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض هذا الدفع على سند من نص المادة 698 من القانون المدني الخاص بتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة تبدأ من وقت انتهاء العقد. رغم أن الطاعنة لم تتمسك بهذا التقادم ودون أن يتناول الدفع بالتقادم الثلاثي المثار منها بالبحث والتمحيص مع أنه دفاع جوهري من شأنه - إن صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه في هذا الخصوص على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق