جلسة 4 من يناير سنة 2001
برئاسة السيد المستشار/ محمود رضا الخضيري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن العشماوي، محمود سعيد محمود نائبي رئيس المحكمة، محيي الدين السيد ورفعت أحمد فهمي.
---------------
(22)
الطعن رقم 618 لسنة 70 القضائية
(1) دعوى "تكييف الدعوى". محكمة الموضوع.
محكمة الموضوع. التزامها بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني السليم. عدم تقيدها بتكييف الخصوم لها.
(2، 3) عقد "دفع العربون" بيع "البيع بالعربون". محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير نية المتعاقدين". حكم "عيوب التدليل: ما يعد قصوراً".
(2) دفع العربون وقت العقد. قرينة على جواز العدول عن البيع. م 103 مدني. جواز اتفاق الطرفين صراحة أو ضمناً على أن يقصد بدفع العربون تأكيد العقد. نية المتعاقدين المعمول عليها في إعطاء العربون حكمه القانوني. مؤداه. اتجاه نية المتعاقدين إلى الأخذ بقرينة المادة 103 مدني. أثره. للمشتري العدول عن الصفقة مع خسرانه للعربون وللبائع العدول عنها مع التزامه برد ضعف العربون. اتجاه نية المتعاقدين إلى جعل دفعاً لعربون تأكيد للصفقة. أثره. عدم جواز عدولهما عن البيع واعتبار العربون المدفوع جزءاً من الثمن وجواز مطالبة أي منهما للآخر بتنفيذ العقد أو بالفسخ مع التعويض طبقاً للقواعد العامة.
(3) عدم اتفاق المتعاقدين على دلالة دفع العربون. نشوب الخلف بينهما أثناء تنفيذ العقد عن أي منهما عدل عن البيع. التزام المحكمة ببيان هذه الدلالة وأي من الطرفين الذي عدل ثم إنزال أحكام القانون على النزاع. قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام المطعون ضده (البائع) برد المتبقي من العربون دون بيان الأساس الذي أقام عليه قضاءه وبرفض دعواه الفرعية بإلزام الطاعن (المشترى) بالتعويض لعدم قيامه بتنفيذ التزامه العقدي. قصور.
2 - لما كان النص في المادة 103 من القانون المدني على أن "1 - دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه، إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك. 2 - فإذا عدل من دفع العربون فقده، وإذا عدل من قبضه رد ضعفه، هذا ولو لم يترتب على العدول أي ضرر" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن القانون قد وضع قرينة مفادها أن الأصل في دفع العربون وقت العقد أن تكون له دلالة جواز العدول عن البيع إلا إذا اتفق الطرفان صراحة أو ضمناً - مستخلصاً من ظروف الدعوى ووقائعها - على أن دفع العربون يقصد به تأكيد العقد، فيعتبر المدفوع تنفيذاًً له وجزءاًً من الثمن ونية المتعاقدين وحدها هي التي يجب التعويل عليها في إعطاء العربون حكمه القانوني، فإذا ثبت للمحكمة اتجاه نية المتعاقدين إلى الأخذ بالقرينة الواردة في المادة 103 من القانون المدني سالفة الذكر، بأن دفع العربون لتأكيد حق كل منهما في العدول عن الصفقة، فيستطيع المشتري العدول فيخسر العربون الذي دفعه للبائع نظير هذا العدول، وكذلك يستطيع البائع أن يرجع عن البيع، ويكون الجزاء في هذه الحالة هو رد ضعف العربون الذي قبضه، وذلك بغض النظر عن الضرر الذي يكون قد أصاب الطرف الآخر من جراء هذا العدول إعمالاً لصريح نص الفقرة الثانية من المادة 103 سالفة الذكر أما إذا تبين للمحكمة أن العربون كان للبت والتأكيد على تمام العقد فلا يجوز لأي من الطرفين العدول عن البيع، ويعتبر العربون المدفوع جزءاً من الثمن، وجاز لأي من الطرفين إلزام الطرف الأخر بتنفيذ العقد ويجرى على العقد القواعد العامة من جواز المطالبة بالتنفيذ العيني أو بالتعويض أو بالفسخ مع التعويض إن كان له وجه.
3 - إذ كان الثابت من عقد البيع موضوع الدعوى المؤرخ 21/ 7/ 1996 - وبما لا خلاف عليه بين الطرفين - أن المطعون ضده (المشتري) دفع للطاعن (البائع) مبلغ مائة ألف جنيه عربون الصفقة، ولم يتفق الطرفان في العقد على دلالة دفع العربون، ثم نشب الخلف بينهما أثناء تنفيذ العقد، عن أي منهما الذي عدل عن البيع الأمر الذي كان يوجب على المحكمة قبل أن تفصل في موضوع النزاع، أن تتصدى للفصل في أمرين أولهما دلالة دفع العربون، هل كان لإثبات حق العدول للطرفين أم لتأكيد الصفقة، والثاني أي من الطرفين الذي عدل ثم تنزل أحكام القانون الواجب إعمالها على النزاع، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى إلزام الطاعن برد المتبقي من العربون دون أن يبين الأساس الذي أقام عليه قضاءه ورفض دعواه الفرعية - بإلزام الطاعن (المشتري) بالتعويض لعدم قيامه بتنفيذ التزامه العقدي - فإنه يكون معيباً بالقصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم.... لسنة..... مدني شبين الكوم الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 182000 جنيه، على سند من أنه بموجب عقد مؤرخ 21/ 7/ 1996 باع له ثمار مزرعة موز لقاء ثمن يتم تحديده على أساس سعر معين لكل طن بحسب نوعه، ودفع إليه مائة ألف جنيه عربوناً، وأتفق في العقد على أن يخصم من هذا المبلغ نسبة 20% من ثمن كل حمولة سيارة حتى يتم سداد نصفه ويخصم النصف المتبقي دفعه واحده من ثمن ما يتبقى من ثمار الموز، إلا أن الطاعن أخل بالتزامه بأن لم يخصم من العربون سوى مبلغ 18000 جنيه، ومن ثم يكون المتبقي في ذمته منه مبلغ 82000 جنيه، كما امتنع عن تسليمه باقي المحصول، ولما كان قد لحقه من جراء ذلك أضراراً يقدر التعويض عنها بمبلغ مائة ألف جنيه، فقد أقام الدعوى. وجه الطاعن طلباً عارضاً إلى المطعون ضده بإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ 67220 تعويضاً عما لحقه من ضرر لعدم قيام المطعون ضده بتنفيذ التزامه بتسليم ثمار الموز واضطراره إلى بيعه بثمن أقل وبعد أن أحالت محكمة أول درجة الدعوى إلى التحقيق وسمعت شهود الطرفين، حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية والطلب العارض. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة.... ق طنطا "مأمورية شبين الكوم" كما استأنفه الطاعن فيما يتعلق بالطلب العارض بالاستئناف رقم.... لسنة.... ق، ومحكمة الاستئناف بعد أن ضمت الاستئنافين، قضت في الاستئناف الأول بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضده مبلغ 82000 جنيه، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكره أبدت فيها الرأي بنقضه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على المطعون فيه بأسباب الطعن القصور في التسبيب، وبياناً لذلك يقول إنه لا خلاف بين الطرفين على دفع المطعون ضده مبلغ مائة ألف جنيه عربوناً عند الاتفاق على البيع، وإذا نشب الخلف بينهما أثناء تنفيذ العقد الأمر الذي كان يوجب على المحكمة، الوقوف على الطرف الذي أخل بالتزامه تمهيداً لإعمال أحكام البيع بالعربون، إلا أن الحكم قام بإجراء تصفية حسابية بين الطرفين غير قائمة على أساس قانوني، انتهت إلى إلزامه برد باقي العربون، رغم رفض طلب خصمه بالتعويض، وكذلك رفضت المحكمة طلبه هو التعويض لعدم وجود دليل على إصابته بأضرار، رغم المستندات المقدمة منه تدليلاً على ذلك، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد - ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن محكمة الموضوع ملزمة بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني السليم بغية إنزال حكم القانون عليها غير مقيدة في ذلك بتكييف الخصوم لها. لما كان ذلك وكان النص في المادة 103 من القانون المدني على أن "1 - دفع العربون وقت إبرام العقد يفيد أن لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه. إلا إذا قضى الاتفاق بغير ذلك. 2 - فإذا عدل من دفع العربون فقده، وإذا عدل من قبضه رد ضعفه، هذا ولو لم يترتب على العدول أي ضرر" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن القانون قد وضع قرينة مفادها أن الأصل في دفع العربون وقت العقد أن تكون له دلالة جواز العدول عن البيع إلا إذا اتفق الطرفان صراحة أو ضمناً - مستخلصاً من ظروف الدعوى ووقائعها - على أن دفع العربون يقصد به تأكيد العقد، فيعتبر المدفوع تنفيذاًً له وجزءاًً من الثمن ونية المتعاقدين وحدها هي التي يجب التعويل عليها في إعطاء العربون حكمه القانوني، فإذا ثبت للمحكمة اتجاه نية المتعاقدين إلى الأخذ بالقرينة الواردة في المادة 103 من القانون المدني سالفة الذكر، بأن دفع العربون لتأكيد حق كل منهما في العدول عن الصفقة، فيستطيع المشتري العدول فيخسر العربون الذي دفعه للبائع نظير هذا العدول، وكذلك يستطيع البائع أن يرجع عن البيع، ويكون الجزاء في هذه الحالة هو رد ضعف العربون الذي قبضه، وذلك بغض النظر عن الضرر الذي يكون قد أصاب الطرف الآخر من جراء هذا العدول إعمالاً لصريح نص الفقرة الثانية من المادة 103 سالفة الذكر، أما إذا تبين للمحكمة أن العربون كان للبت والتأكيد على تمام العقد، فلا يجوز لأي من الطرفين العدول عن البيع، ويعتبر العربون المدفوع جزءاًً من الثمن، وجاز لأي من الطرفين إلزام الطرف الأخر بتنفيذ العقد ويجرى على العقد القواعد العامة من جواز المطالبة بالتنفيذ العيني أو بالتعويض أو بالفسخ مع التعويض إن كان له وجه. لما كان ذلك، وكان الثابت من عقد البيع موضوع الدعوى المؤرخ 21/ 7/ 1996 - وبما لا خلاف عليه بين الطرفين - أن المطعون ضده (المشتري) دفع للطاعن (البائع) مبلغ مائة ألف جنية عربون الصفقة، ولم يتفق الطرفان في العقد على دلالة دفع العربون، ثم نشب الخلاف بينهما أثناء تنفيذ العقد، عن أي منهما الذي عدل عن البيع الأمر الذي كان يوجب على المحكمة قبل أن تفصل في موضوع النزاع، أن تتصدى للفصل في أمرين أولهما دلالة دفع العربون، هل كان لإثبات حق العدول للطرفين أم لتأكيد الصفقة، والثاني أي من الطرفين الذي عدل ثم تنزل أحكام القانون الواجب إعمالها على النزاع، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى إلزام الطاعن برد المتبقي من العربون دون أن يبين الأساس الذي أقام عليه قضاءه ورفض دعواه الفرعية، فإنه يكون معيباً بالقصور بما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق