جلسة 17 من يناير سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سيد محمود يوسف، يوسف عبد الحليم الهته، خالد يحيى دراز وسيد عبد الرحيم الشيمي نواب رئيس المحكمة.
--------------
(21)
الطعن رقم 5354 لسنة 64 القضائية
(1) إيجار "إيجار الأماكن". عقد "عقد الإيجار" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار" "الالتزامات والحقوق الناشئة عن العقد".
عقد الإيجار. الالتزامات الناشئة عنه وقوعها على عاتق طرفيه. جواز اتفاقهما على ترتيب حقوق للغير. المقيمون مع المستأجر على سبيل التسامح أو وفاءً لالتزامات أخرى مصدرها علاقة غير الإيجار. حقهم في الانتفاع بالعين من قبيل استعمال المستأجر لها. طلب المؤجر طردهم أو إخلائهم من العين. شرطه. انقضاء العلاقة الإيجارية. التزام المؤجر بتحرير عقد إيجار لمن كفل المشرع له الحق في خلافة المستأجر متى توافرت شروطها. مؤداه. لشاغل العين التمسك قبل المؤجر بعدم انتهاء العلاقة الإيجارية. المادتان 152 مدني، 29 ق 49 لسنة 1977.
(2، 3) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة: التدخل في الدعوى" "نطاق الدعوى: الطلبات في الدعوى". محكمة الموضوع.
(2) محكمة الموضوع. التزامها بقبول تدخل من كان يصح اختصامه في الدعوى باعتباره الخصم الحقيقي للمدعي. لازمه. قبول تمسك المدعى عليه بالصفة التي تجعله خصماً للمدعي.
(3) التزام محكمة الموضوع بقبول طلبات المدعى عليه التي تؤدي إلى عدم الحكم للمدعي بطلباته. لازمه. قبولها الدفوع الموضوعية التي يبديها وتقف عند حد رفض الدعوى.
2 - مؤدى المواد 115، 117، 125، 126 من قانون المرافعات مجتمعة أن المشرع حرصاً منه على تبسيط إجراءات الدعوى، وتغليباً لموجبات الصحة على دواعي البطلان، ومنعاً لتقطيع أوصال المسألة الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وهو ما يفتح باباً يؤدي إلى تناقض الأحكام، ويهز مفهوم العدالة، ويعصف بالثقة العامة في القضاء، أوجب على المحاكم أن تقبل تدخل كل من كان يصح اختصامه في الدعوى عند رفعها باعتباره الخصم الحقيقي للمدعي، فمن باب أولى تقبل من المدعى عليه أن يتمسك بالصفة التي تجعله الخصم الحقيقي للمدعي لأنها هي المكلفة بوصف الرابطة بين الخصوم وإسباغ التكييف الصحيح عليها.
3 - أوجبت نصوص المواد 115، 117، 125، 126 من قانون المرافعات على المحاكم أن تقبل طلبات المدعى عليه التي تؤدي إلى عدم الحكم للمدعي بطلباته فمن باب أولى فهي ملزمة بقبول دفوع المدعى عليه الموضوعية التي وقف فيها عند حد الطلب رفض الدعوى دون أن يجاوز ذلك إلى طلب الحكم لنفسه بشيء. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ورد على دفاع الطاعنين المشار إليه بوجه النعي بما أورده في أسبابه (إن الثابت للمحكمة من مطالعتها لصحيفة الدعوى الابتدائية أنها قد رفعت على المستأنفين بصفتهما الشخصية دون تلك الصفة المشار إليها) فإنه يكون فد أخطأ في تطبيق القانون وجره ذلك إلى الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى 11221 لسنة 1991 إيجارات جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بطردهما من عين النزاع وتسليمها خالية، ذلك أن الطاعن الأول استأجرها وتنازل عنها لابنته التي تحرر عقد إيجار جديد باسمها بتاريخ 1/ 4/ 1982، ثم توفيت بتاريخ 27/ 4/ 1991 دون أن يكون أحد منهما مقيماً معها. ومحكمة أول درجة حكمت بالطلبات. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 420 لسنة 110 ق القاهرة، وبتاريخ 13/ 4/ 1994 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب ذلك أنهما تمسكا بأن عقد إيجار عين النزاع المبرم بين المطعون ضدها وابنتهما لم ينته بوفاتها لإقامة أحفادهما الثلاثة القصر مع أمهما المستأجرة الأصلية حتى وفاتها، وهم مشمولون بوصاية الطاعن وحضانة الطاعنة وأقاما مع القصر بهذه الصفة ودللا على ذلك بتقديم صورة من قرار الوصاية والإعلام الشرعي فأطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع قولاً منه بأن الدعوى أقيمت عليهما بصفتهما الشخصية وليس بصفة الطاعن الأول وصياً عليهم فليس له أن يتمسك باستمرار العقد، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مؤدى نص المادة 152 من القانون المدني على أن (لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقاً) في ضوء ما جاء بالأعمال التحضيرية وما نصت به المادة 29 من قانون إيجار الأماكن 49 لسنة 1977 المقابلة لنص المادة 21 من القانون 52 لسنة 1969 أن الالتزامات الناشئة عن العقود عامة بما في ذلك عقد الإيجار لا تقع إلا على عاتق طرفيه، وإن كان لهما باتفاقها أن يرتبا حقوقاً للغير، ومن طبيعة عقد إيجار المساكن أنه عائلي وجماعي لا يتعاقد فيه المستأجر ليسكن بمفرده بل ليعيش معه أفراد أسرته أو غيرهم ممن يتراءى له إسكانهم، إما على سبيل التسامح المحض أو وفاء لالتزامات مصدرها علاقة أخرى غير الإيجار كالتزام الزوج بسكنى زوجته والأب بسكنى صغاره والمخدوم بسكنى خدمه، فهؤلاء جميعاً ليسوا مستأجرين أصليين، ولا يعد المستأجر نائباً عنهم، وإن كان لهم حق الانتفاع بالعين تبعاً لقيام حق المستأجر وتعتبر إقامتهم في العين من قبيل استعمال المستأجر فلا يستطيعون مزاحمته فيها استناداً لعقد الإيجار، ويستقل المستأجر وحده بوضع ضوابط علاقته بالمؤجر، ولا يستطيع المؤجر أن يقيم دعوى بطلب فيها إخلاء أحد هؤلاء أو طرده من العين المؤجرة ما لم تكن العلاقة الإيجارية الأصلية قد انقضت مع ملاحظة أن المشرع في نص قانوني إيجارات الأماكن سالفي الذكر قد كفل لبعضهم بشروط معينة الحق في خلافة المستأجر وإلزام المؤجر بتحرير عقد إيجار له لينقلب مستأجراً أصلياً، فإذا أقام المؤجر الدعوى على أحد هؤلاء الشاغلين للعين بطلب إخلائها أو طرده منها تأسيساً على أن العلاقة الإيجارية التي تربطه بالمستأجر الأصلي والتي لم يكن الشاغل طرفاً فيها قد انقضت كان للمدعى عليه أن ينفي زعم المؤجر ويتمسك بأن عقد الإيجار سنده في شغل العين لازال قائماً باعتبار أن عقد الإيجار وبقاءه وانتهاءه بالنسبة لشاغل العين واقعة قانونية له أن يتمسك بقيامه طالما أن المدعي يحتج عليه بانتهائه، وإلا كان في ذلك إخلال بمبدأ المساواة، وكذلك فإن مؤدى النص في المادة 115 من قانون المرافعات (وإذا رأت المحكمة أن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة المدعى عليه قائم على أساس أجلت الدعوى لإعلان ذي الصفة) وفي المادة 117 على أن (للخصم أن يدخل في الدعوى من كان يصح اختصامه فيها عند رفعها) وفي المادة 118 على أن (للمحكمة ومن تلقاء نفسها أن تأمر بإدخال من ترى إدخاله لمصلحة العدالة أو لإظهار الحقيقة) وفي المادة 125 على أن (للمدعى عليه أن يقدم من الطلبات العارضة: ...... 2 - أي طلب يترتب عليه إجابته ألا يحكم للمدعي بطلباته كلها أو بعضها أو أن يحكم له بها مقيدة بقيد لمصلحة المدعي عليه. 3 - أي طلب متصلاً بالدعوى الأصلية اتصالاً لا يقبل التجزئة) وفي المادة 126 على أنه (يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضماً لأحد الخصوم، أو طالباً الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى) فإن مؤدى هذه النصوص مجتمعة أن المشرع حرصاً منه على تبسيط إجراءات الدعوى، وتغليباً لموجبات الصحة على دواعي البطلان، ومنعاً لتقطيع أوصال المسألة الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وهو ما يفتح باباً يؤدي إلى تناقض الأحكام، ويهز مفهوم العدالة، ويعصف بالثقة العامة في القضاء، أوجب على المحاكم أن تقبل تدخل كل من كان يصح اختصامه في الدعوى عند رفعها باعتباره الخصم الحقيقي للمدعي، فمن باب أولى تقبل من المدعى عليه أن يتمسك بالصفة التي تجعله الخصم الحقيقي للمدعي، لأنها هي المكلفة بوصف الرابطة بين الخصوم وإسباغ التكييف الصحيح عليها، كما أوجبت هذه النصوص على المحاكم أن تقبل طلبات المدعى عليه التي تؤدي إلى عدم الحكم للمدعي بطلباته فمن باب أولى فهي ملزمة بقبول دفوع المدعى عليه الموضوعية التي وقف فيها عند حد طلب رفض الدعوى دون أن يجاوز ذلك إلى طلب الحكم لنفسه بشيء. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ورد على دفاع الطاعنين المشار إليه بوجه النعي بما أورده في أسبابه (إن الثابت للمحكمة من مطالعتها لصحيفة الدعوى الابتدائية أنها قد رفعت على المستأنفين بصفتهما الشخصية دون تلك الصفة المشار إليها) فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وجره ذلك إلى الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق