جلسة 11 من يناير سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد الشناوي، مصطفى عزب، منير الصاوي وزهير بسيوني - نواب رئيس المحكمة.
----------------
(13)
الطعن رقم 4843 لسنة 67 القضائية
(1) مقاولة. عقد "عقد المقاولة". مسئولية "المسئولية العقدية" "مسئولية المقاول الأصلي".
المقاول الأصلي. التزامه تجاه صاحب العمل بإنجاز العمل محل عقد المقاولة بما في ذلك أعمال المقاول من الباطن. مسئوليته عن إخلال مقاول الباطن بالتزاماته. مسئولية عقدية. أساسها. افتراض أن كل أعمال وأخطاء مقاول الباطن تعتبر بالنسبة لصاحب العمل صادرة من المقاول الأصلي. م 661 مدني.
(2) حكم "عيوب التدليل: ما يُعد قصوراً" "بطلان الحكم". دعوى "الدفاع الجوهري".
إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم مؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها. أثره. بطلان الحكم وقصور في أسبابه الواقعية.
(3 - 5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". حكم "عيوب التدليل" "الفساد في الاستدلال". خبرة.
(3) محكمة الموضوع. لها السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها. خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النقض. إطراحها للأدلة والأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون تدوين أسباب هذا الإطراح. قصور.
(4) فساد الحكم في الاستدلال. ماهيته.
(5) أخذ الحكم بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير محمولة على الأسباب التي بني عليها. شرطه. أن تكون مؤديه إلى تلك النتيجة وتصلح رداً على دفاع جوهري للخصوم.
2 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته, حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً.
3 - المقرر أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وتقديرها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديماً صحيحاً من الأدلة والأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح وإلا كان حكمها قاصراً.
4 - المقرر أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بفساد الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط.
5 - المقرر أن في أخذ المحكمة بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير محمولة على الأسباب التي بني عليها مشروط بأن تكون مؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها وتصلح رداً على الدفاع الجوهري الذي تمسك به الخصوم وإلا كان الحكم معيباً بالقصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر/ والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم.... لسنة.... جنوب القاهرة بطلب الحكم بندب خبير لتصفية الحسابات بينها وبين الشركة المطعون ضدها وتحديد مستحقاتها لدى الشركة الأخيرة، وبياناً لذلك قالت إنها تعاقدت مع المطعون ضدها في 25/ 11/ 1980 على توريد وتنفيذ أعمال شبكة الطرق الداخلية للمستعمرة السكنية لمحطة كهرباء السويس، ووفقاً للحسابات الختامية فإنها تداين الشركة المشار إليها بمبلغ (49595.440)، وإذ لم توف بهذه المديونية رغم إنذارها فقد أقامت دعواها بطلباتها السالفة، وقد أقامت الشركة المطعون ضدها دعوى فرعية تطالب فيها الشركة الطاعنة بأداء مبلغ (60685.073 جنيه). ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت في 27/ 1/ 1993 بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعنة مبلغ (46559.640 جنيه) وبرفض الدعوى الفرعية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم.... لسنة.... ق، كما استأنفته المطعون ضدها لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم.... لسنة.... ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين ندبت خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت في 17/ 9/ 1997 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى الأصلية وفي الدعوى الفرعية بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها مبلغ (52810.656 جنيه). طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عُرضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وبياناً لذلك تقول إنها تمسكت بمسئولية المطعون ضدها عن أعمال المقاول من الباطن إلا أن الحكم المطعون فيه أهدر هذا الدفاع الجوهري وأغفل ما جاء بالعقد المؤرخ 29/ 6/ 1985 بشأن تضامن المطعون ضدها مع مقاول الباطن في تنفيذ عقد المقاولة الذي يتيح لها السداد مباشرة إلى مقاول الباطن وعول على ما جاء بتقرير الخبير المنتدب بشأن رفضه احتساب المبالغ التي سددتها إلى المقاول المذكور مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن النص في المادة 661 من القانون المدني على أن: - 1 - يجوز للمقاول أن يكل تنفيذ العمل في جملته أو في جزء منه إلى مقاول من الباطن، إذا لم يمنعه من ذلك شرط في العقد أو لم تكن طبيعة العمل تفترض الاعتماد على كفايته الشخصية. 2 - ولكنه يبقى في هذه الحالة مسئولاً عن المقاول من الباطن قبل رب العمل. "إنما يدل على أن المقاول الأصلي يبقى ملتزماً نحو صاحب العمل، والتزاماته تنشأ من عقد المقاولة الأصلي لا من عقد المقاولة من الباطن. فيلتزم نحو صاحب العمل بإنجاز العمل محل عقد المقاولة الأصلي، ويدخل في ذلك العمل الذي أنجزه المقاول من الباطن، فإذا أخل المقاول من الباطن بالتزامه من إنجاز العمل طبقاً للشروط والمواصفات المتفق عليها ولأصول الصنعة، كان المقاول الأصلي مسئولاً عن ذلك نحو صاحب العمل. ومسئولية المقاول الأصلي عن المقاول من الباطن مسئولية عقدية تنشأ من عقد المقاولة الأصلي، وتقوم على افتراض أن كل الأعمال والأخطاء التي تصدر من المقاول من الباطن تعتبر بالنسبة إلى صاحب العمل أعمالاً وأخطاء صدرت من المقاول الأصلي، فيكون هذا مسئولاً عنها قبله. لما كان ذلك، وكان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية، ومؤدى ذلك أنه إذا طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسماً بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن لم تفعل كان حكمها قاصراً. وإنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وتقديرها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديماً صحيحاً من الأدلة والأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الإطراح وإلا كان حكمها قاصراً. وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بفساد الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، وأن في أخذ المحكمة بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير محمولة على الأسباب التي بني عليها مشروط بأن تكون مؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها وتصلح رداً على الدفاع الجوهري الذي تمسك به الخصوم وإلا كان الحكم معيباً بالقصور. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن قيام مقاول الباطن بالعمل الذي تعاقدت عليه مع الشركة المطعون ضدها لا ينفي مسئولية الأخيرة استناداً إلى عقد المقاولة المؤرخ 29/ 6/ 1985 المبرم بين الطاعنة من جهة والمطعون ضدها ومقاول الباطن من جهة أخرى، المقدم إلى محكمة الموضوع، والذي تضمن النص على تضامن المطعون ضدها ومقاول الباطن على تنفيذ المقاولة محل العقد، كما نص على قبول المطعون ضدها أن تقوم الطاعنة بمحاسبة مقاول الباطن مباشرة على ما يقوم بتنفيذه من أعمال المقاولة خصماً من حسابها لدى الطاعنة، وأن قيامها بالسداد لأي منهما يبرئ ذمتها تجاه الآخر، إلا أن الحكم المطعون فيه أعرض عن بحث هذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى ولم يلق بالاً إلى المستندات المقدمة من الطاعنة رغم مالها من دلالة وكان قصارى ما أقام عليه قضاءه هو تقرير الخبير المنتدب، فإن الحكم يكون قد ران عليه القصور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق