جلسة 2 من يونيه سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم إسكندر - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد رزق، عبد الناصر السباعي، عزت عمران وعبد الله عصر - نواب رئيس المحكمة.
----------------
(154)
الطعن رقم 3794 لسنة 61 القضائية
(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "إقامة المستأجر مبنى مكوناً من أكثر من ثلاث وحدات". ملكية.
(1) إقامة المستأجر مبنى مكوناً من أكثر من ثلاث وحدات سكنية في تاريخ لاحق لاستئجاره. م 22 ق 136 لسنة 1981. كفاية ثبوت إقامة ذلك المبنى لحسابه وله وحده حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه. عدم اشتراط استناد ملكيته إلى سبب من أسباب كسب الملكية المحددة قانوناً. علة ذلك.
(2) دعوى المؤجر على المستأجر استعمالاً للرخصة المخولة له بالمادة 22/ 2 ق 136 لسنة 1981. من دعاوى الإخلاء. مؤداه. كفاية إقامة الدليل على أن المستأجر أقام المبنى لحسابه له عليه سلطات المالك. ثبوت الملكية له بعقد مسجل أو بسبب من أسباب كسب الملكية. غير لازم. علة ذلك.
(3، 4) إيجار "إيجار الأماكن" "إقامة المستأجر مبنى مكوناً من أكثر من ثلاث وحدات". قانون "تفسير القانون".
(3) إيراد المشرع مصطلحاً في نص ما لمعنى معين. وجوب صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه. ثبوت مجافاة المعنى الاصطلاحي لقصد المشرع. وجوب التعرف على الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه النص.
(4) تفسير النصوص التشريعية. العبرة فيه بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
(5) محكمة الموضوع "مسائل الواقع" "تقدير الأدلة".
لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم لها من أدلة ومستندات وترجيح ما تطمئن إليه منها. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً له أصله الثابت بالأوراق. عدم التزامها بالرد استقلالاً على كل حجة ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لما عداها.
(6) حكم "عيوب التدليل: التناقض". نقض "أسباب الطعن".
التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده. ماهيته. اشتمال الحكم على أسباب كافية تبرر قضاءه. لا تناقض ما دام أن قصد المحكمة ظاهر ورأيها واضح. (مثال).
(7) إيجار "إيجار الأماكن" "إقامة المستأجر مبنى مكوناً من أكثر من ثلاث وحدات سكنية". شيوع.
نص م 22/ 2 ق 136 لسنة 1981. لا محل لتخصيصه أو تقييده بالملكية المفرزة دون الشائعة. سريانه. في حالة تملك المستأجر البناء مع آخرين. شرطه. أن يكون نصيبه أكثر من ثلاث وحدات سكنية. علة ذلك.
2 - المقرر أن الدعوى التي يقيمها المؤجر على المستأجر استعمالاً للرخصة التي خولها النص المشار إليه من دعاوى الإخلاء وليست من دعاوى الملكية فلا يكلف المدعي فيها بإثبات ملكية المستأجر للمبنى الجديد ويكفي لقبولها إقامة الدليل على أن هذا المستأجر أقام المبنى لحسابه وكانت له عليه سلطات المالك ولا يلزم أن تكون الملكية ثابتة له بعقد مسجل أو بسبب من أسباب كسب الملكية المقررة قانوناً، والقول بغير ذلك يجافي قصد الشارع ويؤدي إلى أن يصبح مشتري أرض المبنى بعقد غير مسجل أحسن حالاً ممن التزم بأحكام القانون وبادر إلى تسجيل عقد شرائه.
3 - المقرر أن المشرع في المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 سالفة الذكر انصرف عن المعنى الاصطلاحي للفظ المالك إلى ذلك المعنى الآخر غير ذلك الذي يدل عليه ظاهر النص، ذلك أن الأصل في قواعد التفسير أنه إذا أورد المشرع مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين وجب صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه إلا أنه إذا تبين أن المعنى الاصطلاحي يجافي قصد المشرع فإن ذلك يؤكد أنه تحول عن هذا المعنى إلى معنى آخر غير ذلك الذي يدل عليه ظاهر النص، ومن ثم فإن التعرف على الحكم الصحيح من النص يقتضي تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه، وهو ما يبين من استقراء أحكام هذا القانون من أنه أطلق على المؤجر اصطلاح المالك في نصوص المواد 4، 5، 6، 7، 9، 11، 19، 20، 23، 25 الخاصة بتحديد الأجرة وتقاضي مقدم إيجار وزيادة أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى وتوزيع تكاليف الترميم والصيانة وأجر حارس المبنى والإعفاء من الضرائب العقارية للمباني الجديدة، وزيادة الأجرة عند تغيير الاستعمال والحق في تقاضي نسبة من ثمن بيع المتجر أو المصنع وتأثيم تقاضي "خلو رجل" وبيع وتأجير الوحدات المبنية لأكثر من شخص والتخلف عن تسليم الوحدات المؤجرة في الموعد المحدد وبطلان الشروط المخالفة لأحكام القوانين المنظمة للعلاقة بين طرفي العلاقة الإيجارية، فقد استخدم المشرع في النصوص متقدمة البيان لفظ المالك في غير معناه الاصطلاحي.
4- المقرر أن العبرة في تفسير النصوص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
5 - المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم لها من الأدلة والمستندات والقرائن المطروحة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها متى كان استخلاصها سائغاً له أصله الثابت بالأوراق وهي غير ملزمة بالرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو مستند قدمه الخصوم في الدعوى ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لما عداها.
6 - المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه وبحيث لا يمكن أن يفهم منه على أي أساس أقامت المحكمة قضاءها، فإذا ما اشتمل الحكم على أسباب كافية لحمله وتبرر وجه قضائه فلا محل للنعي عليه بالتناقض ما دام أن قصد المحكمة ظاهر ورأيها واضح. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتوافر شرائط تطبيق نص المادة 22/ 2 من القانون 136 لسنة 1981 سالف الذكر - التي أبانها في مدوناته - في حق الطاعن - وهو ما رتب عليه قضاؤه بإخلاء العين محل النزاع وبتسليمها للمطعون ضده على ما استخلصه من تقريري الخبيرين المنتدبين أمام محكمتي أول وثاني درجة ومن أقوال شاهدي المطعون ضده - أمام المحكمة الأولى - ومما ثبت من الكشف الرسمي المستخرج من مصلحة الضرائب العقارية المؤرخ 2/ 7/ 1986، من أن الطاعن هو الذي أقام واستكمل إنشاء مباني العقار محل النزاع المكون من تسع وحدات سكنية خلال الفترة من عام 1981 حتى عام 1982 واللاحقة على استئجاره العين محل التداعي في 1/ 8/ 1974 والعمل بأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 - وكان ما استخلصه الحكم سائغاً، مردوداً لأصله الثابت بالأوراق دون أن يخالطه أو يشوبه التناقض أو التعارض مع ثبوت انتقال ملكية العقار - آنف الذكر - للطاعن وزوجته بموجب عقد البيع المشهر برقم 3335 في 25/ 11/ 1987 - على ما سلف بيانه - وبما يكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لأوجه الدفاع التي تخالفه ولما قدمه من مستندات للتدليل بها على صحة هذا الدفاع، ومن ثم فإن النعي عليه بهذه الأسباب يكون في غير محله ولا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن نص الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 سالفة الذكر قد ورد عاماً مطلقاً بشأن ملكية المستأجر للمبنى الذي أقامه فلا محل لتخصيصه أو تقييده بالملكية المفرزة دون الشائعة إذ أن في ذلك استحداثاً لحكم مغاير لم يأت به المشرع وخروجاً على قصد الشارع من إصداره والغرض الذي رمى إليه، ولا يغير من ذلك ما ورد بالمواد من 825 إلى 828 من القانون المدني، إذ أن المالك على الشيوع له حق الملكية والتصرف والثمار بالنسبة لحصته وغاية القول إنه في الملكية الشائعة يتعين لانطباق حكم المادة 22/ 2 سالفة الذكر أن يكون نصيب المستأجر في البناء المملوك له على الشيوع مع آخرين أكثر من ثلاث وحدات سكنية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 3382 لسنة 1986 - أمام محكمة بنها الابتدائية - طالباً الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 1/ 8/ 1974 وتسليمها له، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب هذا العقد استأجر منه الطاعن الشقة محل النزاع وإذ تملك في تاريخ لاحق على استئجاره عقاراً يتكون من عشر وحدات سكنية، واحتجز في نفس البلد أكثر من مسكن دون مقتض ورفض إخلاء الشقة محل النزاع أو توفير شقة بمسكنه له أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية - رغم إنذاره بذلك - فقد أقام الدعوى، ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره أحالت الدعوى إلى التحقيق واستمعت إلى شاهدي المطعون ضده ثم قضت بإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها للأخير، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 250 لسنة 21 ق طنطا، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بها - عدا الوجه الثاني من السبب الأخير - على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والتناقض، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن مباني العقار محل النزاع قد رخص بإقامتها لمالكه السابق..... وأن الشهادات العقارية والمحاضر أرقام 83، 84، 85 لسنة 1982 الخاصة بالجمعية التعاونية لإسكان العاملين بمحافظة القليوبية، والكشف الرسمي المستخرج من سجلات الضرائب العقارية، والعقد المسجل برقم 3335 في 25/ 11/ 1987 كل ذلك يقطع بأنه تملك العقار بعد إتمام بنائه الأمر الذي أكده الخبير المنتدب في الدعوى الذي أثبت بتقريره أن العقار بدئ في بنائه سنة 1980 وانتهى سنة 1982 وأجرت وحداته السكنية اعتباراً من 1/ 3/ 1982 حتى سنة 1983 وانتقلت ملكيته إليه وزوجته في 25/ 11/ 1987، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على سند من إقامته لمباني العقار مستخلصاً ذلك من النتائج التي انتهى إليها تقرير الخبير التي لا تفيد ذلك وهو ما يتناقض مع ما انتهى إليه من أنه قد أقام مباني العقار بعد شرائه مستخلصاً التلازم بين إتمام البناء وانتقال الملكية إليه وزوجته على خلاف الثابت بالمستندات المشار إليها وصولاً لتحقيق موجبات إعمال نص الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - دون أن يوضح شرائط إعمالها والأدلة التي استند إليها في تطبيقها - فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الثانية من المادة الثانية والعشرين من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن على أنه "إذا أقام المستأجر مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات في تاريخ لاحق لاستئجاره يكون بالخيار بين الاحتفاظ بسكنه الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه...." يدل على أنه إذا أقام المستأجر لحسابه في تاريخ لاحق على عقد استئجاره بناء تزيد وحداته عن ثلاث وحدات - إذ يكون في مكنته حينئذ الاستغناء عن مسكنه والاستعاضة عنه بآخر في المبنى الذي أقامه - ومن ثم فإنه يتعين إعمال هذا الحكم في جميع الحالات التي يقيم فيها المستأجر المبنى الجديد لحسابه ويكون له وحده حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه حتى ولو لم يستند في ذلك إلى أي من أسباب كسب الملكية الواردة في القانون على سبيل الحصر، إذ محل ذلك هو ادعاء الملكية في دعوى الاستحقاق، باعتبارها دعوى عينية يقيمها مالك الشيء ويكون محلها المطالبة به بحيث لا تثبت هذه الملكية إلا بسبب من تلك الأسباب أما في الدعوى التي يقيمها المؤجر على المستأجر استعمالاً للرخصة التي خولها النص المشار إليه فهي من دعاوى الإخلاء وليست من دعاوى الملكية فلا يكلف المدعي فيها بإثبات ملكية المستأجر للمبنى الجديد ويكفي لقبولها إقامة الدليل على أن هذا المستأجر أقام المبنى لحسابه وكانت له عليه سلطات المالك ولا يلزم أن تكون الملكية ثابتة له بعقد مسجل أو بسبب من أسباب كسب الملكية المقررة قانوناً، والقول بغير ذلك يجافي قصد الشارع ويؤدي إلى أن يصبح مشتري أرض المبنى بعقد غير مسجل أحسن حالاً ممن التزم بأحكام القانون وبادر إلى تسجيل عقد شرائه، وأنه مما يؤيد ذلك أن المشرع في المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 سالفة الذكر انصرف عن المعنى الاصطلاحي للفظ المالك إلى ذلك المعنى الآخر غير ذلك الذي يدل عليه ظاهر النص، ذلك أن الأصل في قواعد التفسير أنه إذا أورد المشرع مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين وجب صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه، إلا أنه إذا تبين أن المعنى الاصطلاحي يجافي قصد المشرع فإن ذلك يؤكد أنه تحول عن هذا المعنى إلى معنى آخر غير ذلك الذي يدل عليه ظاهر النص، ومن ثم فإن التعرف على الحكم الصحيح من النص يقتضي تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه، وهو ما يبين من استقرار أحكام هذا القانون من أنه أطلق على المؤجر اصطلاح المالك في نصوص المواد 4، 5، 6، 7، 9، 11، 19، 20، 23، 25 الخاصة بتحديد الأجرة، وتقاضي مقدم إيجار، وزيادة أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى، وتوزيع تكاليف الترميم والصيانة، وأجر حارس المبنى، والإعفاء من الضرائب العقارية للمباني الجديدة، وزيادة الأجرة عند تغيير الاستعمال، والحق في تقاضي نسبة من ثمن بيع المتجر أو المصنع، وتأثيم تقاضي "خلو رجل" وبيع وتأجير الوحدات المبنية لأكثر من شخص، والتخلف عن تسليم الوحدات المؤجرة في الموعد المحدد، وبطلان الشروط المخالفة لأحكام القوانين المنظمة للعلاقة بين طرفي العلاقة الإيجارية فقد استخدم المشرع في النصوص متقدمة البيان لفظ المالك في غير معناه الاصطلاحي، والعبرة في تفسير النصوص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، كما أن من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم لها من الأدلة والمستندات والقرائن المطروحة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه واستخلاص الحقيقة منها متى كان استخلاصها سائغاً له أصله الثابت بالأوراق وهي غير ملزمة بالرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو مستند قدمه الخصوم في الدعوى ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لما عداها، وأيضاً فإن من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه وبحيث لا يمكن أن يفهم منه على أي أساس أقامت المحكمة قضاءها، فإذا ما اشتمل الحكم على أسباب كافية لحمله وتبرر وجه قضائه فلا محل للنعي عليه بالتناقض ما دام أن قصد المحكمة ظاهر ورأيها واضح. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتوافر شرائط تطبيق نص المادة 22/ 2 من القانون 136 لسنة 1981 سالف الذكر - التي أبانها في مدوناته - في حق الطاعن - وهو ما رتب عليه قضاؤه بإخلاء العين محل النزاع وبتسليمها للمطعون ضده على ما استخلصه من تقريري الخبيرين المنتدبين أمام محكمتي أول وثاني درجة ومن أقوال شاهدي المطعون ضده - أمام المحكمة الأولى - ومما ثبت من الكشف الرسمي المستخرج من مصلحة الضرائب العقارية المؤرخ 2/ 7/ 1986، من أن الطاعن هو الذي أقام واستكمل إنشاء مباني العقار محل النزاع المكون من تسع وحدات سكنية خلال الفترة من عام 1981 حتى عام 1982 واللاحقة على استئجاره العين محل التداعي في 1/ 8/ 1974 والعمل بأحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 - وكان ما استخلصه الحكم سائغاً، مردوداً لأصله الثابت بالأوراق دون أن يخالطه أو يشوبه التناقض أو التعارض مع ثبوت انتقال ملكية العقار - آنف الذكر - للطاعن وزوجته بموجب عقد البيع المشهر برقم 3335 في 25/ 11/ 1987 - على ما سلف بيانه - وبما يكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لأوجه الدفاع التي تخالفه ولما قدمه من مستندات للتدليل بها على صحة هذا الدفاع، ومن ثم فإن النعي عليه بهذه الأسباب يكون في غير محله ولا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بتعذر تحديد نصيبه في عدد الوحدات السكنية في العقار المملوك له وزوجته على الشيوع قبل إجراء القسمة بينهما إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع على سند من أن نص المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 قد ورد عاماً يسري على الملكية الشائعة أو المفرزة وبما لا يصلح رداً عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن نص الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 سالفة الذكر قد ورد عاماً مطلقاً بشأن ملكية المستأجر للمبنى الذي أقامه فلا محل لتخصيصه أو تقييده بالملكية المفرزة دون الشائعة إذ أن في ذلك استحداثاً لحكم مغاير لم يأت به المشرع وخروجاً على قصد الشارع من إصداره والغرض الذي رمى إليه، ولا يغير من ذلك ما ورد بالمواد من 825 إلى 828 من القانون المدني إذ أن المالك على الشيوع له حق الملكية والتصرف والثمار بالنسبة لحصته وغاية القول أنه في الملكية الشائعة يتعين لانطباق حكم المادة 22/ 2 سالفة الذكر أن يكون نصيب المستأجر في البناء المملوك له على الشيوع مع آخرين أكثر من ثلاث وحدات سكنية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق