جلسة 20 من إبريل سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضا الخضيري، سعيد شعلة، عبد الباسط أبو سريع - نواب رئيس المحكمة، وعبد المنعم محمود.
-----------------
(103)
الطعن رقم 3315 لسنة 62 القضائية
(1 - 3) دعوى "الدعوى الدستورية". دستور. قانون "دستورية القوانين". نظام عام. نقض. حكم "حجية الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية". رسوم "رسوم التوثيق والشهر".
(1) الشرعية الدستورية. مبناها. مطابقة النصوص القانونية لأحكام الدستور. تبوؤها مركز الصدارة من البنيان القانوني للدولة. أثره. علوها على اعتبارات النظام العام ووجوب إعمال محكمة النقض لها من تلقاء نفسها متى وردت على الجزء المطعون فيه من الحكم.
(2) الدعوى الدستورية عينية. الخصومة فيها. قوامها. مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور. قضاء المحكمة في شأن تلك النصوص هو القاعدة الكاشفة عن حقيقة صحتها أو بطلانها. لازمه. عدم انحصار حجية الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية في خصوم هذه الدعوى. امتداد الحجية إلى الدولة بكافة أفرعها وتنظيماتها وإعمال أثرها على الناس كافة دون تمييز. النصوص المحكوم بعدم دستوريتها. عدم جواز تطبيقها من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية.
(3) قضاء المحكمة الدستورية العليا في أسباب حكمها المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق بعدم دستورية نظام التحري عن القيمة الحقيقية للعقارات والمنقولات موضوع المحررات المشهرة ونظام تحصيل رسم تكميلي عن القيمة الزائدة التي قد يُظهرها التحري. أثره. وجوب إلغاء أمري التقدير التكميليين المتظلم منهما الصادرين بناءً على هذا التحري. علة ذلك.
2 - إذ كان المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الخصومة في الدعوى الدستورية - وهي بطبيعتها من الدعاوى العينية - قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور تحرياً لتطابقها معها إعلاءً للشرعية الدستورية ومن ثم تكون هذه النصوص في ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية، أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هو الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، وقضاء المحكمة في شأن تلك النصوص هو القاعدة الكاشفة عن حقيقة الأمر في شأن صحتها أو بطلانها - فإن لازم ذلك ومقتضاه أن الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية لا تنحصر حجيتها في خصوم الدعوى الدستورية وإنما تمتد إلى الدولة بكافة أفرعها وتنظيماتها، ويتم إعمال أثرها على الناس كافة دون تمييز، فلا يجوز تطبيق النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها اعتباراً من اليوم التالي لنشر الحكم الصادر بشأنها في الجريدة الرسمية.
3 - إذ كانت المحكمة الدستورية العليا قد قطعت في أسباب حكمها الصادر بتاريخ أول فبراير سنة 1997 في القضية رقم 65 لسنة 17 ق دستورية - المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق - بعدم دستورية نظام التحري عن القيمة الحقيقية للعقارات والمنقولات موضوع المحررات المشهرة وتحصيل رسم تكميلي - بعد اتخاذ إجراءات الشهر - عن الزيادة التي قد تظهر في هذه القيمة، على سند من أن طلب الرسوم التكميلية من ذوي الشأن في هذه الحالة يكون مصادماً لتوقعهم المشروع فلا يكون مقدارها معروفاً قبل الشهر، ولا عبؤها ماثلاً في أذهانهم عند التعامل فلا يزنون خطاهم على ضوء تقديرهم سلفاً لها بل تباغتهم المصلحة بها ليكون فرضها نوعاً من المداهمة التي تفتقر لمبرراتها، ونشر حكمها في الجريدة الرسمية بتاريخ 13/ 2/ 1997 ...... وبالبناء على ما تقدم فإن أمري التقدير المتظلم منهما - وقد صدرا بناءً على نظام التحري الذي قضى بعدم دستوريته - يكونان قد تجردا من سندهما القانوني مما يوجب إلغاءهما.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين والمطعون ضدهم من الثالث إلى السادسة أقاموا الدعاوى 938، 939، 1036، 1037 لسنة 1988 مدني بنها الابتدائية على المطعون ضدهما الأول والثاني تظلماً من أمري تقدير رسوم الشهر العقاري التكميلية موضوع المطالبتين رقمي 968 سنة 1987، 969 لسنة 1988 عن العقدين المسجلين برقمي 2343، 2344 لسنة 1983 شهر عقاري بنها، وطلبوا إلغاء هذين الأمرين واعتبارهما كأن لم يكونا، كما دفعوا بسقوط الحق في المطالبة بتلك الرسوم بالتقادم الثلاثي، ومحكمة أول درجة قضت بإلغاء الأمرين المتظلم منهما وبانقضاء المبالغ موضوعهما بالتقادم الثلاثي. استأنف المطعون ضدهما الأول والثاني بالاستئناف رقم 407 لسنة 24 ق بنها. وبتاريخ 22/ 3/ 1992 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبتعديل أمر التقدير موضوع المطالبة رقم 968 عن المشهر رقم 2343 إلى مبلغ 10926 جنيهاً وتعديل أمر التقدير موضوع المطالبة رقم 969 عن المشهر رقم 2344 إلى مبلغ 10630 جنيهاً. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه لما كانت الشرعية الدستورية - ومبناها مطابقة النصوص القانونية لأحكام الدستور - تتبوأ مركز الصدارة من البنيان القانوني للدولة، ومن ثم تعلو على اعتبارات النظام العام، ويتعين على هذه المحكمة إعمالها من تلقاء نفسها متى وردت على الجزء المطعون فيه من الحكم، وكان الثابت في الأوراق - وعلى ما يبين من أمري تقدير الرسوم التكميلية المتظلم منهما ومما جرى به دفاع المطعون ضدهما الأول والثاني أمام محكمة الموضوع - أن مأمورية الشهر العقاري والتوثيق ببنها قامت بتحصيل الرسم النسبي المستحق عن شهر المحررين رقمي 2343، 2344 على أساس قيمة العقار الواردة في كل منهما باعتبارهما حداً أدنى يحصل الرسم النسبي على مقتضاه يجوز تكملته بعد اتخاذ إجراءات التوثيق أو الشهر عملاً بالرخصة المنصوص عليها في الفقرة قبل الأخيرة من المادة 21 من القانون رقم 70 لسنة 1964 بشأن رسوم التوثيق والشهر قبل تعديلها بالقانون رقم (6) سنة 1991 - إذا تبين أن القيمة الحقيقية تزيد عن تلك المثبتة في المحرر، ثم قامت المأمورية بإحالة المحررين إلى مكتب التحريات المحلية بالشهر العقاري لتقدير القيمة وقت شهر المحررين وتوثيقهما. وبناء على ما أسفر عنه التحري من أن الثمن الوارد بكل من العقدين لا يطابق الواقع - أصدر أمين المكتب المشار إليه أمري التقدير سالفي الذكر عملاً بالسلطة المخولة له بمقتضى المادة 26 من القانون المشار إليه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قطعت في أسباب حكمها الصادر بتاريخ أول فبراير سنة 1997 في القضية رقم 65 لسنة 17 ق دستورية - المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطوق - بعدم دستورية نظام التحري عن القيمة الحقيقية للعقارات والمنقولات موضوع المحررات المشهرة وتحصيل رسم تكميلي - بعد اتخاذ إجراءات الشهر - عن الزيادة التي قد تظهر في هذه القيمة، على سند من أن طلب الرسوم التكميلية من ذوي الشأن في هذه الحالة يكون مصادماً لتوقعهم المشروع حيث لا يكون مقدارها معروفاً قبل الشهر، ولا يكون عبؤها ماثلاً في أذهانهم عند التعامل فلا يزنون خطاهم على ضوء تقديرهم سلفاً لها بل تباغتهم المصلحة بها ليكون فرضها نوعاً من المداهمة التي تفتقر لمبرراتها، ونشر حكمها في الجريدة الرسمية بتاريخ 13/ 2/ 1997 وإذ كان المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الخصومة في الدعوى الدستورية - وهي بطبيعتها من الدعاوى العينية - قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور تحرياً لتطابقها معها إعلاءً للشرعية الدستورية ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية، أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هو الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، وقضاء المحكمة في شأن تلك النصوص هو القاعدة الكاشفة عن حقيقة الأمر في شأن صحتها أو بطلانها - فإن لازم ذلك ومقتضاه أن الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية لا تنحصر حجيتها في خصوم الدعوى الدستورية وإنما تمتد إلى الدولة بكافة أفرعها وتنظيماتها، ويتم إعمال أثرها على الناس كافة دون تمييز، فلا يجوز تطبيق النصوص القانونية المحكوم بعدم دستوريتها اعتباراً من اليوم التالي لنشر الحكم الصادر بشأنها في الجريدة الرسمية وبالبناء على ما تقدم فإن أمري التقدير المتظلم منهما - وقد صدرا بناء على نظام التحري الذي قضى بعدم دستورية يكونان قد تجردا من سندهما القانوني مما يوجب إلغاءهما - ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإن ذلك مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعن إعلاءً للشرعية الدستورية وتغليباً لها على ما دونها من اعتبارات تتعلق باستقرار المراكز القانونية بصدور الحكم المطعون فيه قبل القضاء بعدم دستورية نظام التحري.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإن المحكمة تقضي في موضوع الاستئناف بما جاء في المنطوق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق