جلسة 4 من إبريل سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ لطفي عبد العزيز - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ خيري فخري، حسين نعمان، حامد مكي وفتحي محمد حنضل - نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(91)
الطعن رقم 299 لسنة 61 القضائية
(1) نقض "أسباب الطعن: السبب غير المقبول".
ورود النعي على غير الدعامة التي أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليها. غير مقبول.
(2 - 5) مسئولية "المسئولية التقصيرية". تأمين "التأمين من المسئولية عن حوادث السيارات". تعويض. دعوى "الدعوى المباشرة". التزام "أوصاف الالتزام: التضامن في الالتزام". التضامم.
(2) للمضرور من حادث وقع من سيارة مؤمن عليها الرجوع على شركة التأمين بدعوى مباشرة لاقتضاء التعويض عن الضرر الذي أصابه. مؤداه. له وحده الخيار بين الرجوع على المؤمن أو غيره من المسئولين عن الفعل الضار أو الجمع بينهم.
(3) إقامة المضرور دعواه بطلب التعويض على الطاعن وحده المسئول عن فعله غير المشروع. نعى الأخير على الحكم المطعون فيه إلزامه وحده بالتعويض المقضي به دون المطعون ضدها الثانية المسئولة معه عن التعويض بموجب الدعوى المباشرة التي يحق للمضرور رفعها. نعي من غير ذي صفة في إبدائه.
(4) التزام الطاعن بالتعويض المؤسس على الفعل الضار. التزام شركة التأمين بموجب عقد التأمين. مؤداه. تضامم ذمتهما في دين واحد دون تضامنهما. علة ذلك. الالتزام التضامني يقتضي وحدة المصدر.
(5) القضاء بالتضامن. لازمه. تعدد المدينين واختلاف الذمم المالية. إقامة المضرور الدعوى على الطاعن وحده وعدم طرح طلب التضامن على المحكمة. عدم قضائها به. صحيح.
(6) حكم "تسبيبه: عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال".
فساد الحكم في الاستدلال. ماهيته. استناد المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو استخلاص الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبتته.
2 - إذ كان المشرع بما أورده في عجز الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات قد جعل للمضرور من الحادث الذي وقع من سيارة مؤمن عليها أن يرجع على شركة التأمين المؤمن لديها بدعوى مباشرة لاقتضاء التعويض عن الضرر الذي أصابه من الحادث، بما مؤداه أن هذا الحق مقرر لمصلحة المضرور حماية له وضماناً لحصوله على حقه في التعويض الجابر للضرر الذي وقع عليه مهما بلغت قيمة هذا التعويض، ومن ثم فإن له وحده الخيار بين أن يرجع على المؤمن أو على غيره من المسئولين عن الفعل الضار أو يجمع بينهم.
4 - إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضده الأول - المضرور - قد اختار أن يقيم دعواه بطلب التعويض ضد الطاعن وحده - المسئول عن فعله غير المشروع - ومن ثم فإن الأخير لا تكون له صفة في هذا النعي، هذا إلى أنه وقد رجع الطاعن على المطعون ضدها الثانية بدعوى الضمان الفرعية بمقتضى عقد التأمين المبرم بينهما، وقضى له فيها بطلباته, فإنه لا تكون له مصلحة فيما يثيره في هذا الصدد.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعن - في الدعوى الأصلية - بالتعويض المقضي به بسبب الفعل الضار، أما المطعون ضدها الثانية فقد ألزمها بالتعويض في دعوى الضمان الفرعية بموجب عقد التأمين المبرم بينها وبين الطاعن فإنهما يكونان ملتزمين بدين واحد له مصدران مختلفان، ومن ثم تتضامم ذمتاهما في هذا الدين دون أن تتضامن باعتبار أن الالتزام التضامني يقتضي وحدة المصدر.
5 - إذ كان القضاء بالتضامن يستلزم أن يكون هناك مدينين متعددين فالغرض فيه اختلاف الذمم المالية، وكان المضرور - المطعون ضده الأول - لم يقم الدعوى إلاّ على الطاعن وحده ولم يكن التضامن مطروحاً على المحكمة من بين الطلبات في الدعوى، فما كان لها أن تقضي به مما يجعل النعي برمته على غير أساس.
6 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود لكنه مناقض لما أثبتته.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن الدعوى رقم 9493 سنة 1985 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه أن يؤدي إليه مبلغ خمسة عشر ألف جنيه تعويضاً عما لحقه من أضرار بسبب إصابته خطأ في حادث السيارة التي كان يقودها الطاعن والمؤمن من مخاطرها لدى المطعون ضدها الثانية، إذ ثبت خطأ قائدها بحكم جنائي بات قضى بإدانته. أقام الطاعن دعوى ضمان فرعية على المطعون ضدها الثانية بطلب الحكم بإلزامها أن تؤدي إليه ما عسى أن يقضي به ضده في الدعوى الأصلية. بتاريخ 5/ 12/ 1988 حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن (المدعى عليه) أن يؤدي للمطعون ضده الأول (المدعي) مبلغ 2500 جنيه وفي دعوى الضمان الفرعية بإحالتها للمرافعة، ثم عادت وقضت فيها بتاريخ 6/ 3/ 1989 بإلزام المطعون ضدها الثانية أن تؤدي للطاعن مقدار ما قضى به ضده في الدعوى الأصلية. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 527 سنة 106 ق القاهرة، كما استأنفه الطاعن في 4/ 4/ 1989 لدى ذات المحكمة بالاستئناف الفرعي رقم 4560 سنة 106 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول حكمت بتاريخ 21/ 11/ 1990 بعدم جواز الاستئناف الفرعي المقام من الطاعن على المطعون ضدها الثانية (شركة مصر للتأمين) في شأن دعوى الضمان الفرعية، على سند من أن الطاعن لم يقدم ما يفيد صدور حكم مُنهٍ للخصومة فيها، كما قضت في موضوع الاستئناف الفرعي المرفوع من الطاعن على المطعون ضده الأول (.......) برفضه، وفي موضوع الاستئناف الأصلي رقم 527 سنة 106 ق بتعديل الحكم المستأنف إلى زيادة مبلغ التعويض المحكوم به إلى ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه وتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وذلك حين قضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع منه - بشأن الحكم في دعوى الضمان الفرعية - على المطعون ضدها الثانية "شركة مصر للتأمين" في حين أن السيارة أداة الحادث مؤمن عليها لديها بوثيقة سارية المفعول وقت وقوعه ولا يجوز للمؤمن أو للمؤمن له أن يلغيها وقت سريانها، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يقم قضاءه بعدم جواز الاستئناف المرفوع من الطاعن قبل المطعون ضدها الثانية على سند من أن السيارة أداة الحادث غير مؤمن عليها لديها، بل على ما ذهب إليه من أن الطاعن لم يقدم ما يفيد صدور حكم مُنهٍ للخصومة في دعوى الضمان الفرعية، ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير الدعامة التي أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليها، وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين، أولهما أن الحكم ألزمه وحده بمبلغ التعويض المقضى به دون المطعون ضدها الثانية على الرغم من أنها مسئولة معه عن هذا التعويض بموجب الدعوى المباشرة التي يحق للمضرور رفعها ضدها، والوجه الثاني أنه أدخلها في الدعوى على أنها مسئولة عن تعويض الضرر الذي لحق بالمضرور ومع ذلك لم يلزمها الحكم بالتضامن معه عن التعويض الذي قضى به عليه، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول غير سديد، ذلك أنه وإن كان المشرع بما أورده في عجز الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات قد جعل للمضرور من الحادث الذي وقع من سيارة مؤمن عليها أن يرجع على شركة التأمين المؤمن لديها بدعوى مباشرة لاقتضاء التعويض عن الضرر الذي أصابه من الحادث، بما مؤداه أن هذا الحق مقرر لمصلحة المضرور حماية له وضماناً لحصوله على حقه في التعويض الجابر للضرر الذي وقع عليه مهما بلغت قيمة هذا التعويض، ومن ثم فإن له وحده الخيار بين أن يرجع على المؤمن أو على غيره من المسئولين عن الفعل الضار أن يجمع بينهم، وإذ كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الأول - المضرور - قد اختار أن يقيم دعواه بطلب التعويض ضد الطاعن وحده - المسئول عن فعله غير المشروع - ومن ثم فإن الأخير لا تكون له صفة في هذا النعي، هذا إلى أنه وقد رجع الطاعن على المطعون ضدها الثانية بدعوى الضمان الفرعية - بمقتضى عقد التأمين المبرم بينهما - وقضى له فيها بطلباته, فإنه لا تكون له مصلحة فيما يثيره في هذا الصدد، والنعي في وجهه الآخر في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعن - في الدعوى الأصلية - بالتعويض المقضى به بسبب الفعل الضار أما المطعون ضدها الثانية فقد ألزمها بالتعويض في دعوى الضمان الفرعية بموجب عقد التأمين المبرم بينها وبين الطاعن، فإنهما يكونان ملتزمين بدين واحد له مصدران مختلفان، ومن ثم تتضامم ذمتاهما في هذا الدين دون أن تتضامن باعتبار أن الالتزام التضامني يقتضي وحدة المصدر. لما كان ذلك، وكان القضاء بالتضامن يستلزم أن يكون هناك مدينين متعددين فالغرض فيه اختلاف الذمم المالية، وكان المضرور - المطعون ضده الأول - لم يقم الدعوى إلاّ على الطاعن وحده، ولم يكن التضامن مطروحاً على المحكمة من بين الطلبات في الدعوى، فما كان لها أن تقضي به مما يجعل النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق، وذلك حين قضى بعدم جواز الاستئناف المرفوع منه بالنسبة إلى المطعون ضدها الثانية (شركة مصر للتأمين) على ما ذهب إليه من أنه لم يقدم ما يفيد صدور حكم مُنهِ للخصومة في دعوى الضمان الفرعية في حين أن ملف الاستئناف احتوى على مسودة الحكم المنهي للخصومة في هذه الدعوى والذي صدر من المحكمة الابتدائية بجلسة 6/ 3/ 1989 قبل رفع الاستئناف وقضى بإلزام المطعون ضدها الثانية بأن تؤدي للطاعن ما قضى به ضده في الدعوى الأصلية، وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تكون مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود لكنه مناقض لما أثبتته. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المحكمة الابتدائية فصلت في الدعوى الأصلية بجلسة 5/ 12/ 1988 وأعادت دعوى الضمان الفرعية إلى المرافعة ثم عادت وفصلت فيها بحكم مُنهٍ للخصومة في موضوعها بجلسة 6/ 3/ 1989 قضى بإلزام المطعون ضدها الثانية بأن تؤدي للطاعن قيمة ما قضي به ضده في الدعوى الأصلية فاستأنف المطعون ضده الأول - المحكوم له - الحكم الصادر في الدعوى الأصلية في 12/ 1/ 1989 بالاستئناف رقم 527 سنة 106 ق القاهرة واستأنف الطاعن الحكمين الصادرين في الدعوى الأصلية ودعوى الضمان الفرعية في 4/ 4/ 1989 بالاستئناف رقم 4560 سنة 106 ق القاهرة وكانت مسودة الحكم الابتدائي الصادر في دعوى الضمان الفرعية مرفقة بأوراق الاستئناف تحت بصر المحكمة الاستئنافية لدى تداول الدعوى أمامها، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بعدم جواز الاستئناف في دعوى الضمان الفرعية بالنسبة إلى المطعون ضدها الثانية على قالة إنه لم يصدر فيها بعد حكم من المحكمة الابتدائية مُنهٍ للخصومة، فإنه يكون قد ران عليه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق مما يوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق