جلسة الأول من يونيه سنة 2000
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الرحمن العشماوي، محمود سعيد محمود نائبي رئيس المحكمة، محيي الدين السيد وحامد زكي.
----------------
(143)
الطعن رقم 2941 لسنة 69 القضائية
(1 - 3) مسئولية "المسئولية العقدية: مسئولية الطبيب". تعويض. التزام. إثبات. خبرة. محكمة الموضوع. حكم "عيوب التدليل: القصور في التسبيب، الفساد في الاستدلال، الخطأ في تطبيق القانون: ما يعد كذلك".
(1) مسئولية الطبيب. عدم قيامها على التزام بتحقيق غاية. التزامه ببذل عناية فنية معينة هي التي تقتضيها أصول المهنة التي ينتمي إليها. مناطه. ما يقدمه طبيب يقظ من أوسط زملائه علماً ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثانية والمستقرة في علم الطب.
(2) مساءلة الطبيب عن خطئه في العلاج. شرطه. أن يكون الخطأ ظاهراً لا يحتمل نقاشاً فنياً تختلف فيه الآراء. وجود مسائل علمية يتجادل فيها الأطباء ويختلفون عليها ورأى الطبيب اتباع نظرية أو طريقة قال بها العلماء ولو لم يستقر الرأي عليها. ليس للقضاء التدخل فيها برأي شخصي يرجح مذهباً على مذهب والمفاضلة بين طرق العلاج المختلف عليها. اقتصار مهمته على التثبت من أن الطبيب ارتكب خطأ لا يأتيه من له إلمام بالفن الطبي إلا عن رعونة وعدم تبصر وأن هذا الخطأ ثابت ثبوتاً ظاهراً بصفة قاطعة لا احتمالية.
(3) قضاء الحكم المطعون فيه بمسئولية الطبيب الطاعن تأسيساً على ما انتهى إليه التقرير الثاني المقدم من الطب الشرعي إلى محكمة أول درجة من أنه أقدم على جراحة للمطعون ضدها محكوم عليها بالفشل رغم وجود تقرير سابق من الطب الشرعي وتقارير طبية مقدمة منه تنفي الخطأ أو الإهمال عنه مقررة أن ما أصاب المطعون ضدها هو من المضاعفات المحتملة للجراحة التي أجراها لها الطاعن والتي تمت وفقاً للأصول الفنية المرعية في هذا الشأن. قصور وفساد في الاستدلال وخطأ. علة ذلك.
2 - إن الطبيب يسأل عن خطئه في العلاج إن كان الخطأ ظاهراً لا يحتمل نقاشاً فنياً تختلف فيه الآراء فإن وجدت مسائل علمية يتجادل فيها الأطباء ويختلفون عليها ورأى الطبيب اتباع نظرية أو طريقة قال بها العلماء ولو لم يستقر الرأي عليها فاتبعها فلا لوم عليه وليس للقضاء أن يتدخل فيها برأي شخصي يرجح مذهباً على مذهب بل عليه أن يتفادى النظر في المناقشات الفنية عند تقرير مسئولية الأطباء إذ أن مهمته ليست المفاضلة بين طرق العلاج المختلف عليها بل قاصرة على التثبت من خطأ الطبيب المعالج والثابت ثبوتاً ظاهراً وقاطعاً إذ من مصلحة الإنسان أن يترك باب الاجتهاد مفتوحاً أمام الطبيب حتى يتمكن من القيام بمهمته العالية من حيث خدمة المريض وتخفيف آلامه وهو آمن مطمئن لا يسأل إلا إذا ثبت ثبوتاً ظاهراً بصفة قاطعة لا احتمالية أنه ارتكب عيباً لا يأتيه من له إلمام بالفن الطبي إلا عن رعونة وعدم تبصر.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه........ اعتنق - عند تقريره مسئولية الطاعن (الطبيب) التقرير الثاني المقدم من الطب الشرعي إلى محكمة أول درجة من أنه أقدم على إجراء جراحة للمطعون ضدها محكوم عليها بالفشل مع وجود تقرير سابق من الطب الشرعي ذاته (وتقارير طبية مقدمة منه) ينفي الخطأ عن الطاعن مقرراً أن ما أصاب المطعون ضدها هو من المضاعفات المحتملة للجراحة التي أجراها لها الطاعن والتي تمت وفقاً للأصول الفنية المرعية في هذا الشأن وخلص إلى عدم وجود ما يمكن إسناده من خطأ أو إهمال إليه فإن الحكم باعتناقه رأياً فنياً أنكر على الطاعن تصرفه ملتفتاً عن رأي فني آخر أقره على هذا التصرف - يكون قد أقام مساءلة الطاعن على الظن والاحتمال مع أن مسئوليته.... لا تقوم إلا على خطأ ثابت محقق ولأن للطبيب فيما يؤيده من الآراء ولو كان قلة شفيع يحول دون مؤاخذته. لما كان ما تقدم، فإن الحكم بقضائه المطعون فيه (إلزام الطاعن بالتعويض)..... يكون فضلاً عما شابه من الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب قد أخطأ في تطبيق القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 8612 لسنة 1994 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطبيب الطاعن والممثل القانوني لمستشفى النيل بدراوي بطلب الحكم بعد إحالة الدعوى إلى الجهة الفنية المختصة بإلزامها متضامنين بأن يؤديا إليها مبلغ 250000 جنيه وفوائده تعويضاً عما لحقها من أضرار نتيجة خطأ الطاعن في إجراء جراحتين لها في المستشفى المذكور لم تراع فيهما الأصول الفنية والمهنية المقررة وبعد أن قدمت مصلحة الطب الشرعي - والتي ندبتها المحكمة - تقريرين رفضت الدعوى بحكم استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 2682 لسنة 115 ق القاهرة وفيه ندبت المحكمة لجنة طبية ثلاثية من مصلحة الطب الشرعي وبعد أن قدمت تقريرها حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 50000 جنيه وتأييده فيما عدا ذلك طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وذلك حين رتب مسئوليته المهنية أخذاً بالتقرير الثاني المقدم أمام محكمة أول درجة من أنه أقدم على إجراء جراحة للمطعون ضدها محكوم عليها بالفشل مع التزامه تجاهها كمريضة يقوم بعلاجها ليس إلا التزاماً ببذل عناية لا بتحقيق غاية هي شفاؤها وقد ثبت بالتقرير الأول المقدم إلى محكمة أول درجة ومن التقارير الطبية المقدمة منه عدم وجود خطأ في جانبه بالنظر إلى بدانة وحالة وعمر المطعون ضدها كما ولم يرد بأي من هذه التقارير حتى الذي استندت إليه المحكمة المطعون في قضائها ما يجزم بطريقة علمية قاطعة بفشل تلك الجراحة بما يعيب الحكم إذ خلص رغم ذلك إلى مسئوليته ثم القضاء عليه بالتعويض ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مسئولية الطبيب لا تقوم في الأصل على أن يلتزم بتحقيق غاية هي شفاء المريض وإنما يلتزم ببذل عناية فنية معينة هي التي تقتضيها أصول المهنة التي ينتمي إليها فواجبه في بذل هذه العناية مناطه ما يقدمه طبيب يقظ من أوسط زملائه علماً ودراية في الظروف المحيطة به أثناء ممارسته لعمله مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة والمستقرة في علم الطب إن الطبيب يسأل عن خطئه في العلاج إن كان الخطأ ظاهراً لا يحتمل نقاشاً فنياً تختلف فيه الآراء فإن وجدت مسائل علمية يتجادل فيها الأطباء ويختلفون عليها ورأى الطبيب اتباع نظرية أو طريقة قال بها العلماء ولو لم يستقر الرأي عليها فاتبعها فلا لوم عليه وليس للقضاء أن يتدخل فيها برأي شخصي يرجح مذهباً على مذهب بل عليه أن يتفادى النظر في المناقشات الفنية عند تقرير مسئولية الأطباء إذ أن مهمته ليست المفاضلة بين طرق العلاج المختلف عليها بل قاصرة على التثبت من خطأ الطبيب المعالج والثابت ثبوتاً ظاهراً وقاطعاً إذ من مصلحة الإنسان أن يترك باب الاجتهاد مفتوحاً أمام الطبيب حتى يتمكن من القيام بمهمته العالية من حيث خدمة المريض وخفيف آلامه وهو آمن مطمئن لا يسأل إلا إذا ثبت ثبوتاً ظاهراً بصفة قاطعة لا احتمالية أنه ارتكب عيباً لا يأتيه من له إلمام بالفن الطبي إلا عن رعونة وعدم تبصر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر حين اعتنق - عند تقريره مسئولية الطاعن - التقرير الثاني المقدم من الطب الشرعي إلى محكمة أول درجة من أنه قدم على إجراء جراحة للمطعون ضدها محكوم عليها بالفشل مع وجود تقرير سابق من الطب الشرعي ذاته ينفي الخطأ عن الطاعن مقرراً أن ما أصاب المطعون ضدها هو من المضاعفات المحتملة للجراحة التي أجراها لها الطاعن والتي تمت وفقاً للأصول الفنية المرعية في هذا الشأن وخلص إلى عدم وجود ما يمكن إسناده من خطأ أو إهمال إليه فإن الحكم باعتناقه رأياً فنياً أنكر على الطاعن تصرفه ملتفتاً عن رأي فني آخر أقره على هذا التصرف - يكون قد أقام مساءلة الطاعن على الظن والاحتمال مع أن مسئوليته وعلى ما سبق ذكره لا تقوم إلا على خطأ ثابت محقق ولأن للطبيب فيما يؤيده من الآراء ولو كان قلة شفيع يحول دون مؤاخذته. لما كان ما تقدم، فإن الحكم بقضائه المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه يكون فضلاً عما شابه من الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين تأييد الحكم المستأنف محمولاً على ما صح من أسبابه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق