الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 17 أغسطس 2014

(الطعن 2608 لسنة 67 ق جلسة 22 / 3 / 1999 س 50 ج 1 ق 88 ص 454)

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنعم وفا نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد الحديدى، مصطفى عزب، منير الصاوى وعبد المنعم عُلَما نواب رئيس المحكمة.
---------------------
1 - مفاد الفقرة الأولى من المادة (501) من قانون المرافعات - المنطبقة على واقعة الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلاً، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكن أساساً إلى حكم القانون الذي أجاز استثناءً سلب اختصاص جهات القضاء، إلا أنه ينبني مباشرة في كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين، وأنه ليس في القانون ما يمنع أن يكون التحكيم في الخارج وعلى يد أشخاص غير مصريين، لأن حكمة تشريع التحكيم تنحصر في أن طرفى الخصومة يريدان بمحض إرادتهما واتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء في أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو بصلح يقبلان شروطه، فرضاء طرفى الخصومة هو أساس التحكيم، وكما يجوز لهما الصلح دون وساطة أحد، فإنه يجوز لهما تفويض غيرهما في إجراء هذا الصلح أو في الحكم في النزاع، يستوي في ذلك أن يكون المحكمون في مصر وأن يجرى التحكيم فيها، أو أن يكونوا موجودين في الخارج ويصدر حكمهم هناك، فإرادة الخصوم هي التي تخلق التحكيم كطريق استثنائي لفض المنازعات.
 
2 - إذ كان طلب المدعي عليه المقاصة القضائية في صورة طلب عارض هو دعوى - وليس دفعا موضوعيا - فإن اللجوء إلى هذا الطريق لا يمنع من إعمال شرط التحكيم عند الدفع بوجوده لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن طلب إجراء المقاصة القضائية بمثابة دفاع ورد على الدعوى الأصلية وليس دعوى أصلية، فلا يجدي اللجوء إلى التحكيم في هذه الحالة وفقا للبند الوارد بالعقد، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون مما حجبه عن التعرض لموضوع الدفع.
------------------
  بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن ـ تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 10480 سنة 1990 مدني كلي الجيزة على المطعون ضده بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي لهما مبلغ 132.000 ألف دولار أمريكي، على سند من القول بأن المطعون ضده تعاقد مع شركة أمريكية لاستيراد الأدوات الطبية وإزاء خلاف نشب بينهما فقد أقامت الأخيرة دعوى لدى هيئة حسم المنازعات التجارية بالرياض التي قررت أحقية الشركة الأمريكية في الحصول على مبلغ 132.000 ألف دولار أمريكي وقد حرر المطعون ضده للطاعن الثاني خطابا تعهد بالتزامه بسداد هذا المبلغ للطاعنين، لذا كانت الدعوى بالطلبات سالفة البيان. قدم المطعون ضده طلبا عارضا بندب خبير لإجراء المقاصة بين ما هو مستحق له قبل الطاعنة الأولى من مبالغ وبين ما يثبت أنه مستحق لها، وقال بيانا لذلك إنه يداين الطاعنة الأولى بمبالغ تزيد عما هو مطالب به تمثل قيمة نصيبها في الخسائر التي تكبدتها شركة الشرق الأوسط للمقاولات التي كانت قائمة بينهما، ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت في 28/3/1996 برفض الدعوى الأصلية، وفي موضوع الطلب العارض بإلزام الطاعنة الأولى بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 140.459 دولار أمريكي، استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 7526 لسنة 113ق القاهرة بتاريخ 6/5/1997 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إنهما دفعا باختصاص جهة التحكيم بحسم المنازعات الناشئة عن عقد شركة الشرق الأوسط للمقاولات طبقا لما اتفق عليه في العقد، إلا أن الحكم اعتبر تقديم المطعون ضده طلبا عارضا بإجراء المقاصة القضائية مبررا للتحلل من اختصاص جهة التحكيم حول ما يدعيه من دين.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 501 من قانون المرافعات ـ المنطبقة على واقعة الدعوى ـ تنص على أنه "يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة كما يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين"، فإن مفاد هذا النص ـ وعلى ما جرى في قضاء هذه المحكمة ـ تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء إلى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلا، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكن أساسا إلى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء، إلا أنه ينبني مباشرة في كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين، وأنه ليس في القانون ما يمنع أن يكون التحكيم في الخارج وعلى يد أشخاص غير مصريين، لأن حكمة تشريع التحكيم تنحصر في أن طرفي الخصومة يريدان بمحض إرادتهما واتفاقهما تفويض أشخاص ليست لهم ولاية القضاء في أن يقضوا بينهما أو يحسموا النزاع بحكم أو بصلح يقبلان شروطه، فرضاء طرفي الخصومة هو أساس التحكيم، وكما يجوز لهما الصلح دون وساطة أحد، فإنه يجوز لهما تفويض غيرهما في إجراء هذا الصلح أو في الحكم في النزاع، يستوي في ذلك أن يكون المحكمون في مصر وأن يجرى التحكيم فيها، أو أن يكونوا موجودين في الخارج ويصدر حكمهم هناك، فإرادة الخصوم هي التي تخلق التحكيم كطريق استثنائي لفض المنازعات. لما كان ذلك، وكان طلب المدعي عليه المقاصة القضائية في صورة طلب عارض هو دعوى ـ وليس دفعا موضوعيا ـ فإن اللجوء إلى هذا الطريق لا يمنع من إعمال شرط التحكيم عند الدفع بوجوده. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن طلب إجراء المقاصة القضائية بمثابة دفاع ورد على الدعوى الأصلية وليس دعوى أصلية، فلا يجدي اللجوء إلى التحكيم في هذه الحالة وفقا للبند الوارد بالعقد، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون مما حجبه عن التعرض لموضوع الدفع بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق