جلسة 28 من يوليه سنة
2002
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس
المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فؤاد شلبى، حامد مكى، فتحى حنضل وجرجس عدلى
نواب رئيس المحكمة.
-------------
(187)
الطعن رقم 1427 لسنة 71
القضائية
(1، 2 ) إثبات. تزوير. نقض.
(1) الادعاء بالتزوير. شرطه. أن يكون منتجاً في النزاع.
م 52 إثبات. عدم تأثيره في موضوع الدعوى. مؤداه. وجوب قضاء المحكمة بعدم قبوله دون
بحث شواهده أو تحقيقها. علة ذلك. لا جدوى من تكليف الخصم بإثبات ما لو ثبت بالفعل
ما كان منتجاً في موضوع الدعوى.
(2)قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بأسباب الحكم المطعون فيه بعدم قبول
الطعن بالتزوير على التاريخ المحدد بعقد اتفاق المتخاصمين موعداً لبدء مباشرة
المطعون ضده دعوى بصفته وكيلا عن الطاعن فيها على سند من ثبوت مباشرة الأول
إجراءات فيها قبل تحرير الاتفاق المذكور بما يجعل الطعن عليه بالتزوير غير منتج.
استخلاص سائغ له سنده من الأوراق. الطعن عليه في هذا الخصوص. جدل فيما تستقل محكمة
الموضوع بتقديره. غير مقبول.
(6 - 3) محاماة. وكالة. تقادم. بطلان. حكم.
(3) حق المحامي في مطالبة موكله أو ورثته بالأتعاب عن
عدم وجود اتفاق كتابي بشأنها. سقوطه بمضي خمس سنوات من تاريخ إنهاء الوكالة أو
وفاة الموكل. م 86 من ق 17 لسنة 1983. سريان التقادم من وقت إتمام المحامي العمل
المنوط به بمقتضى التوكيل الصادر إليه. علة ذلك. استحقاق الدين (الأتعاب) من هذا
التاريخ. المادتان 376، 379 مدنى. تحرير سند كتابي بالأتعاب. أثره. تقادم الحق في المطالبة
بها بانقضاء خمس عشر سنة.
(4)تمسك الطاعن بسقوط دين الأتعاب المستحق للمطعون ضده (المحام)
بالتقادم الخمسي مع تحرير اتفاق كتابي بها وانحصار الخلاف بينهما في ادعاء الطعن
تزوير سنة بدء سريان الاتفاق. إغفال المحكمة الرد على ذلك الدفاع. لا قصور.
(5) الأصل. مسئولية كل متعاقد رعاية مصلحته في العقد.
الاستثناء. وضع المشرع في بعض الحالات قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها
ويبطل كل التزام يخرج عليها بطلاناً مطلقاً لا يزول أثره بالإجازة ولا يسقط بعدم
التمسك به. ويجوز للقاضي الحكم به من تلقاء نفسه في أية مرحلة في الدعوى. علة ذلك.
عدم تكافؤ مركز المتعاقد في بعض العقود مما يخشى معه تحكم أحدهما في الآخر. من هذه
الحالات. نهى المشرع للمحامي عن الاتفاق على تقاضى أتعاب تزيد على عشرين في المائة
من قيمة ما أفاد به موكله من العمل الموكل إليه. 82 من ق 17 لسنة 1983 بإصدار
قانون المحاماة.
(6) ثبوت تضمن الاتفاق المبرم
بين الطاعن والمطعون ضده (المحام) تحديد أتعاب الأخير بنسبة تزيد عن المقرر
قانونًا من قيمة ما يحكم به في الدعوى محل الاتفاق. تمسك الطاعن ببطلان هذه
النسبة. قضاء الحكم المطعون فيه بتحديد أتعاب المطعون ضده وفقًا للاتفاق. إخلال
بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون.
-------------------------
1 - المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أنه يشترط لقبول الادعاء بالتزوير طبقا للمادة 52 من قانون الإثبات أن يكون منتجا في النزاع، فإن كان غير ذي أثر في موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحققها إذا لا جدوى من تكليف الخصوم بإثبات ما لو ثبت بالفعل ما كان منتجا في موضوع الدعوى.2 - إذ كان الحكم الابتدائي المؤيد بأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول الطعن بالتزوير على التاريخ المحدد بالعقد المؤرخ سنة 1986 حول اتفاق المتخاصمين على مباشرة المطعون ضده الدعوى رقم .... سنة ....... بصفته محاميا ووكيلا عن الطاعن فيها اعتبارا من عام 1986 على ما كشفت عنه أوراق هذه الدعوى من حضور الأول فيها أمام الخبير الذي باشر المأمورية الموكولة إليه وذلك قبل تحرير الاتفاق المذكور بما ينبئ عن توكيله له فيها قبل تاريخ العقد المبرم بينهما بما لا أثر معه على ما قد ينتهي إليه الطعن بالتزوير على السنة المحددة بدءا لمباشرة المطعون ضده لمهام وكالته ويجعله بالتالي غير منتج وكان هذا الاستخلاص من الحكم سائغا ويقوم على سنده من الأوراق فإن الطعن عليه بهذا السبب (الطعن عليه بالخطأ لعدم قبوله الطعن بالتزوير على سند من أنه غير منتج) لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره.
3 - إن النص في المادة 86 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بإصدار قانون المحاماة على سقوط حق المحامي في مطالبة موكله أو ورثته بالأتعاب عند عدم وجود اتفاق كتابي بشأنها بمضي خمس سنوات من تاريخ إنهاء الوكالة أو من تاريخ وفاة الموكل حسب الأحوال، ليس وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ـ إلا تطبيقا للقواعد العامة في التقادم المسقط والمنصوص عليها في المواد 376، 379 من التقنين المدني وعلى ذلك فإن مدة التقادم المنصوص عليها في هذه المادة تسري من الوقت الذي يتم فيه المحامي العمل المنوط به بمقتضى التوكيل الصادر إليه على تقدير أن حقه في الأتعاب يصبح مستحق الأداء من هذا الوقت وينقضي بمضي خمس سنوات من تمامها ما لم يكن قد حرر بها سند كتابي فلا يتقادم الحق في المطالبة بها إلا بانقضاء خمس عشرة سنة.
4 - إذ كان لا خلاف بين طرفي الخصومة على تحرير اتفاق بالأتعاب وانحصر الخلاف بينهما في ادعاء الطاعن تزوير سنة بدء سريانه وهو ما خلص الحكم إلى عدم قبول الطعن عليه بالتزوير فإن تمسك الطاعن بالتقادم الخمسي لدين الأتعاب ـ مع تحرير سند كتابي بها ـ لا يستند إلى أساس قانوني صحيح مما لا يعد إغفال الحكم المطعون فيه الرد عليه قصورا مبطلا له.
5 - إذ كان الأصل أن القانون ألقى على كل متعاقد مسئولية رعاية مصلحته في العقد إلا أن المشرع لاحظ أن مركز أحد المتعاقدين في بعض العقود قد لا يكون متكافئا بحيث يخشى أن يتحكم أحدهما وهو القوي في الآخر الضعيف فيستغله أو يعامله بشروط قاسية فتدخل في هذه الحالات رعاية للطرف الضعيف وحماية له ووضع قواعد أمره لا يجوز الاتفاق على مخالفتها بحيث يقع باطلا كل التزام يخرج عليها ويكون بطلانه مطلقا لا يزول أثره بالإجازة ولا يسقط بعدم التمسك به بل يجوز أن يحكم به القاضي من تلقاء نفسه في أية مرحلة من مراحل الدعوى ومن هذه الحالات ما عالجه المشرع في المادة 82 من القانون رقم 17 سنة 1983 بإصدار قانون المحاماة من نهي المحامي عن الاتفاق على تقاضي أتعاب تزيد على عشرين في المائة من قيمة ما حققه من فائدة لموكله في العمل الموكول إليه.
6 - إذ كان الثابت بالاتفاق المبرم بين الطاعن والمطعون ضده (محام) أنه تضمن تحديد أتعاب الأخير بنسبة مقدارها 25% من قيمة ما يحكم به للطاعن في الدعوى رقم ..... سنة ....... مدني كلي الجيزة وإذ قضى له بتعويض مقداره 50.000 جنيه فقد حدد له الحكم أتعابا مقدارها 12.500 ملتفتا بذلك عما تمسك به الطاعن من بطلان تجاوز النسبة التي حددها القانون فإنه يكون فضلا عن إخلاله بحق الدفاع قد أخطأ في تطبيق القانون.
-------------------
المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده تقدم إلي السيد رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب إلزام الطاعن بأداء مبلغ 12.500 جنيه والفوائد بواقع 4% سنوياً مقابل ما بذله من جهد في القضية رقم 5226 سنة 1986 مدني كلي الجيزة كوكيل عنه وفق الاتفاق المبرم بينهما, امتنع رئيس المحكمة عن إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الموضوع حيث قيدت الدعوى برقم 10738 سنة 1999 مدني جنوب القاهرة, كما أقام الدعوى رقم 611 سنة 2000 مدني جنوب القاهرة ضد الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ ثلاثين ألف جنيه والفوائد بواقع 4% سنوياً وقال بياناً لها إنه بتاريخ 28/12/1986 أبرم معه الطاعن اتفاقاً لمباشرة الدعوى رقم 5226 سنة 1986 مدني كلي جنوب القاهرة وتضمن هذا الاتفاق أحقيته في تقاضي أتعاباً مقدارها 25% من قيمة ما يحكم له به, وإذ قضي له بتعويض مقداره خمسون ألف جنيه امتنع عن سداد أتعابه له وفق النسبة المتفق عليها وألغى وكالته له مما ألحق به ضرراً, فأقام الدعوى وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين حكمت بتاريخ 27/6/2000 في الدعوى رقم 10738 سنة 1999 أولاً: بعدم قبول الادعاء بتزوير عقد الوكالة المؤرخ عام 1986 وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 12.500 جنية والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة وحتى السداد. ثانياً: وفي الدعوى رقم 611 سنة 2000 بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده تعويضاً مقداره 1500 جنيه.
استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 11114 سنة 117 ق القاهرة وبتاريخ 24/1/2001 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم ركن في قضائه بعدم قبول ادعائه بتزوير تحديد سنة 1986 بدءاً لمباشرة الاتفاق بينهما في الدعوى رقم 5226 سنة 1986 مدني كلي جنوب القاهرة على ثبوت مباشرته لها فعلاً حتى صدور الحكم فيه حال أنه لا ينكر مباشرة المطعون ضده لبعض إجراءاتها منذ إقامتها وأن مقصوده من ذلك إنما ينصب على تحديد أحقيته في أتعابه عن الفترة التالية للاتفاق بعد أن تقاضى ما يخصه عن سابق جهده وما تلا ذلك من إلغاء توكيله له بعد أن أخل باتفاقه معه مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لقبول الادعاء بالتزوير طبقاً للمادة 52 من قانون الإثبات أن يكون منتجاً في النزاع, فإن كان غير ذي أثر في موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحققها إذ لا جدوى من تكليف الخصوم بإثبات ما لو ثبت بالفعل ما كان منتجاً في موضوع الدعوى.
لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بأسبابه بالحكم المطعون فيه. قد أقام قضاءه بعدم قبول الطعن بالتزوير على التاريخ المحدد بالعقد المؤرخ سنة 1986 حول اتفاق المتخاصمين على مباشرة المطعون ضده الدعوى رقم 5226 سنة 1986 بصفته محامياً ووكيلاً عن الطاعن فيها اعتباراً من عام 1986 على ما كشفت عنه أوراق هذه الدعوى من حضور الأول فيها أمام الخبير الذي باشر المأمورية الموكولة إليه وذلك قبل تحرير الاتفاق المذكور بما ينبئ عن توكيله له فيها قبل تاريخ العقد المبرم بينهما بما لا أثر معه على ما قد ينتهي إليه الطعن بالتزوير على السنة المحددة بدءاً لمباشرة المطعون ضده لمهام وكالته ويجعله بالتالي غير منتج وكان هذا الاستخلاص من الحكم سائغاً ويقوم على سنده من الأوراق فإن الطعن عليه بهذا السبب لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب إذ التفت عن دفعه بسقوط حق المطعون ضده في تقاضي أتعابه بالتقادم الخمسي بعد أن تقاعس عن المطالبة بها مع ثبوت تزوير الاتفاق المحرر عنها - منذ ألغى توكيله عنه في 20/11/1993 حتى أنذره بأدائها له في 14/4/1999 مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة 86 من القانون رقم 17 سنة 1983 بإصدار قانون المحاماة على سقوط حق المحامي في مطالبة موكله أو ورثته بالأتعاب عند عدم وجود اتفاق كتابي بشأنها بمضي خمس سنوات من تاريخ إنهاء الوكالة أو من تاريخ وفاة الموكل حسب الأحوال، ليس وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا تطبيقاً للقواعد العامة في التقادم المسقط والمنصوص عليها في المواد 376، 379 من التقنين المدني وعلى ذلك فإن مدة التقادم المنصوص عليها في هذه المادة تسري من الوقت الذي يتم فيه المحامي العمل المنوط به بمقتضى التوكيل الصادر إليه على تقدير أن حقه في الأتعاب يصبح مستحق الأداء من هذا الوقت وينقضي بمضي خمس سنوات من تمامها ما لم يكن قد حرر بها سند كتابي فلا يتقادم الحق في المطالبة بها إلا بانقضاء خمس عشرة سنة.
لما كان ذلك وكان لا خلاف بين طرفي الخصومة على تحرير اتفاق بالأتعاب وانحصر الخلاف بينهما في ادعاء الطاعن تزوير سنة بدء سريانه وهو ما خلص الحكم - على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول - إلي عدم قبول الطعن عليه بالتزوير فإن تمسك الطاعن بالتقادم الخمسي لدين الأتعاب - مع تحرير سند كتابي بها - لا يستند إلي أساس قانوني صحيح مما لا يعد إغفال الحكم المطعون فيه الرد عليه قصوراً مبطلاً له ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع إذ قضى للمطعون ضده بأتعاب مقدارها 12.500 جنيه مستنداً في ذلك إلي أن الاتفاق المبرم بينهما حددها بما يساوي 25% مما يحكم به في الدعوى رقم 5226 سنة 1986 مدني كلي الجيزة رغم بطلان تحديد تلك النسبة لتجاوزها ما استوجبت المادة 82 من قانون المحاماة ألا تزيد عنه وهي 20% من قيمة ما حققه المحامي من فائدة لموكله وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك بأنه وإن كان الأصل أن القانون ألقى على كل متعاقد مسئولية رعاية مصلحته في العقد إلا أن المشرع لاحظ أن مركز أحد المتعاقدين في بعض العقود قد لا يكون متكافئاً بحيث يخشى أن يتحكم أحدهما وهو القوي في الآخر الضعيف فيستغله أو يعامله بشروط قاسية فتدخل في هذه الحالات رعاية للطرف الضعيف وحماية له ووضع قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها بحيث يقع باطلاً كل التزام يخرج عليها ويكون بطلانه مطلقاً لا يزول أثره بالإجازة ولا يسقط بعدم التمسك به بل يجوز أن يحكم به القاضي من تلقاء نفسه في أية مرحلة من مراحل الدعوى ومن هذه الحالات ما عالجه المشرع في المادة 82 من القانون رقم 17 سنة 1983 بإصدار قانون المحاماة من نهي المحامي عن الاتفاق على تقاضي أتعاب تزيد على عشرين في المائة من قيمة ما حققه من فائدة لموكله في العمل الموكول إليه.
لما كان ذلك, وكان الثابت بالاتفاق المبرم بين الطاعن والمطعون ضده أنه تضمن تحديد أتعاب الأخير بنسبة مقدارها 25% من قيمة ما يحكم به للطاعن في الدعوى رقم 5226 سنة 1986 مدني كلي الجيزة وإذ قضى له بتعويض مقداره 50.000 جنيه فقد حدد له الحكم أتعاباً مقدارها 12.500 ملتفتاً بذلك عما تمسك به الطاعن من بطلان تجاوز النسبة التي حددها القانون فإنه يكون فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده تقدم إلي السيد رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب إلزام الطاعن بأداء مبلغ 12.500 جنيه والفوائد بواقع 4% سنوياً مقابل ما بذله من جهد في القضية رقم 5226 سنة 1986 مدني كلي الجيزة كوكيل عنه وفق الاتفاق المبرم بينهما, امتنع رئيس المحكمة عن إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الموضوع حيث قيدت الدعوى برقم 10738 سنة 1999 مدني جنوب القاهرة, كما أقام الدعوى رقم 611 سنة 2000 مدني جنوب القاهرة ضد الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ ثلاثين ألف جنيه والفوائد بواقع 4% سنوياً وقال بياناً لها إنه بتاريخ 28/12/1986 أبرم معه الطاعن اتفاقاً لمباشرة الدعوى رقم 5226 سنة 1986 مدني كلي جنوب القاهرة وتضمن هذا الاتفاق أحقيته في تقاضي أتعاباً مقدارها 25% من قيمة ما يحكم له به, وإذ قضي له بتعويض مقداره خمسون ألف جنيه امتنع عن سداد أتعابه له وفق النسبة المتفق عليها وألغى وكالته له مما ألحق به ضرراً, فأقام الدعوى وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين حكمت بتاريخ 27/6/2000 في الدعوى رقم 10738 سنة 1999 أولاً: بعدم قبول الادعاء بتزوير عقد الوكالة المؤرخ عام 1986 وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 12.500 جنية والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة وحتى السداد. ثانياً: وفي الدعوى رقم 611 سنة 2000 بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده تعويضاً مقداره 1500 جنيه.
استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 11114 سنة 117 ق القاهرة وبتاريخ 24/1/2001 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم ركن في قضائه بعدم قبول ادعائه بتزوير تحديد سنة 1986 بدءاً لمباشرة الاتفاق بينهما في الدعوى رقم 5226 سنة 1986 مدني كلي جنوب القاهرة على ثبوت مباشرته لها فعلاً حتى صدور الحكم فيه حال أنه لا ينكر مباشرة المطعون ضده لبعض إجراءاتها منذ إقامتها وأن مقصوده من ذلك إنما ينصب على تحديد أحقيته في أتعابه عن الفترة التالية للاتفاق بعد أن تقاضى ما يخصه عن سابق جهده وما تلا ذلك من إلغاء توكيله له بعد أن أخل باتفاقه معه مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لقبول الادعاء بالتزوير طبقاً للمادة 52 من قانون الإثبات أن يكون منتجاً في النزاع, فإن كان غير ذي أثر في موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تقضي بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحققها إذ لا جدوى من تكليف الخصوم بإثبات ما لو ثبت بالفعل ما كان منتجاً في موضوع الدعوى.
لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بأسبابه بالحكم المطعون فيه. قد أقام قضاءه بعدم قبول الطعن بالتزوير على التاريخ المحدد بالعقد المؤرخ سنة 1986 حول اتفاق المتخاصمين على مباشرة المطعون ضده الدعوى رقم 5226 سنة 1986 بصفته محامياً ووكيلاً عن الطاعن فيها اعتباراً من عام 1986 على ما كشفت عنه أوراق هذه الدعوى من حضور الأول فيها أمام الخبير الذي باشر المأمورية الموكولة إليه وذلك قبل تحرير الاتفاق المذكور بما ينبئ عن توكيله له فيها قبل تاريخ العقد المبرم بينهما بما لا أثر معه على ما قد ينتهي إليه الطعن بالتزوير على السنة المحددة بدءاً لمباشرة المطعون ضده لمهام وكالته ويجعله بالتالي غير منتج وكان هذا الاستخلاص من الحكم سائغاً ويقوم على سنده من الأوراق فإن الطعن عليه بهذا السبب لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب إذ التفت عن دفعه بسقوط حق المطعون ضده في تقاضي أتعابه بالتقادم الخمسي بعد أن تقاعس عن المطالبة بها مع ثبوت تزوير الاتفاق المحرر عنها - منذ ألغى توكيله عنه في 20/11/1993 حتى أنذره بأدائها له في 14/4/1999 مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة 86 من القانون رقم 17 سنة 1983 بإصدار قانون المحاماة على سقوط حق المحامي في مطالبة موكله أو ورثته بالأتعاب عند عدم وجود اتفاق كتابي بشأنها بمضي خمس سنوات من تاريخ إنهاء الوكالة أو من تاريخ وفاة الموكل حسب الأحوال، ليس وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا تطبيقاً للقواعد العامة في التقادم المسقط والمنصوص عليها في المواد 376، 379 من التقنين المدني وعلى ذلك فإن مدة التقادم المنصوص عليها في هذه المادة تسري من الوقت الذي يتم فيه المحامي العمل المنوط به بمقتضى التوكيل الصادر إليه على تقدير أن حقه في الأتعاب يصبح مستحق الأداء من هذا الوقت وينقضي بمضي خمس سنوات من تمامها ما لم يكن قد حرر بها سند كتابي فلا يتقادم الحق في المطالبة بها إلا بانقضاء خمس عشرة سنة.
لما كان ذلك وكان لا خلاف بين طرفي الخصومة على تحرير اتفاق بالأتعاب وانحصر الخلاف بينهما في ادعاء الطاعن تزوير سنة بدء سريانه وهو ما خلص الحكم - على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول - إلي عدم قبول الطعن عليه بالتزوير فإن تمسك الطاعن بالتقادم الخمسي لدين الأتعاب - مع تحرير سند كتابي بها - لا يستند إلي أساس قانوني صحيح مما لا يعد إغفال الحكم المطعون فيه الرد عليه قصوراً مبطلاً له ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع إذ قضى للمطعون ضده بأتعاب مقدارها 12.500 جنيه مستنداً في ذلك إلي أن الاتفاق المبرم بينهما حددها بما يساوي 25% مما يحكم به في الدعوى رقم 5226 سنة 1986 مدني كلي الجيزة رغم بطلان تحديد تلك النسبة لتجاوزها ما استوجبت المادة 82 من قانون المحاماة ألا تزيد عنه وهي 20% من قيمة ما حققه المحامي من فائدة لموكله وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك بأنه وإن كان الأصل أن القانون ألقى على كل متعاقد مسئولية رعاية مصلحته في العقد إلا أن المشرع لاحظ أن مركز أحد المتعاقدين في بعض العقود قد لا يكون متكافئاً بحيث يخشى أن يتحكم أحدهما وهو القوي في الآخر الضعيف فيستغله أو يعامله بشروط قاسية فتدخل في هذه الحالات رعاية للطرف الضعيف وحماية له ووضع قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها بحيث يقع باطلاً كل التزام يخرج عليها ويكون بطلانه مطلقاً لا يزول أثره بالإجازة ولا يسقط بعدم التمسك به بل يجوز أن يحكم به القاضي من تلقاء نفسه في أية مرحلة من مراحل الدعوى ومن هذه الحالات ما عالجه المشرع في المادة 82 من القانون رقم 17 سنة 1983 بإصدار قانون المحاماة من نهي المحامي عن الاتفاق على تقاضي أتعاب تزيد على عشرين في المائة من قيمة ما حققه من فائدة لموكله في العمل الموكول إليه.
لما كان ذلك, وكان الثابت بالاتفاق المبرم بين الطاعن والمطعون ضده أنه تضمن تحديد أتعاب الأخير بنسبة مقدارها 25% من قيمة ما يحكم به للطاعن في الدعوى رقم 5226 سنة 1986 مدني كلي الجيزة وإذ قضى له بتعويض مقداره 50.000 جنيه فقد حدد له الحكم أتعاباً مقدارها 12.500 ملتفتاً بذلك عما تمسك به الطاعن من بطلان تجاوز النسبة التي حددها القانون فإنه يكون فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق