جلسة 30 من ديسمبر سنة 1998
برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم إسكندر نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ عبد الناصر السباعي، عزت عمران، سيد قايد وعبد الغفار المنوفي
نواب رئيس المحكمة.
-------------------
(191)
الطعنان
رقما 1136، 1563 لسنة 63 القضائية
(1- 5 ) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء: الإخلاء
للتنازل عن الإيجار". أحزاب "دمج الأحزاب: الشخصية الاعتبارية
للأحزاب". أشخاص اعتبارية "خصائص الشخصية الاعتبارية". حكم
"تسبيبه: عيوب التدليل".
(1) تنازل
الاتحاد الاشتراكي عن حق إيجار الأماكن التي يشغلها إلى أي من الأحزاب أو إحدى
وحدات الجهاز الإداري للدولة أو إحدى الهيئات العامة أو غيرها من الأشخاص
الاعتبارية العامة وفقاًَ لحكم المادة 31 ق 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية.
شرط ذلك. أثره.
(2)الشخص الاعتباري. خصائصه.
المادتان 52، 53 من القانون المدني.
(3)اكتساب الشخصية
الاعتبارية. أثره.
(4)التنظيم النسائي. منظمة
قومية ذات شخصية اعتبارية مستقلة. الهدف منه. استقلاله عن الاتحاد الاشتراكي. علة
ذلك.
(5) تنازل
الاتحاد الاشتراكي عن إيجار عين النزاع للتنظيم النسائي. مؤداه. صيرورة الاتحاد
أجنبياً عن العلاقة الإيجارية. أثره. عدم جواز تنازله عنها لحزب العمل. انتهاء
الحكم المطعون فيه إلى أحقية الاتحاد في هذا التنازل بعد إلغاء التنظيم النسائي
فرعاً من فروعه. خطأ. حجبه عن بحث أثر انقضاء الشخصية الاعتبارية للتنظيم النسائي
على العلاقة الإيجارية مع الطاعن.
(6)نقض "أسباب الطعن:
السبب المفتقر إلى دليل".
الطعن بالنقض. وجوب تقديم
الخصوم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن. إغفال ذلك. أثره. نعي بغير دليل.
غير مقبول.
(7)قرار إداري "قرارات
الاتحاد الاشتراكي".
الاتحاد الاشتراكي. تنظيم
سياسي وليس سلطة عامة. قراراته لا تعد قرارات إدارية.
(8)نقض "أسباب الطعن:
السبب الجديد" محكمة الموضوع.
الدفاع الذي يقوم على
واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز التمسك به أمام محكمة النقض.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادتين 52، 53 من القانون المدني يدل - وعلى ما أوضحته مذكرة المشروع التمهيدي للقانون المدني - على أن المشرع حرص على بيان الأشخاص المعنوية التي يعترف لها القانون بهذه الصفة بوضع ضابط عام يحول دون التوسع في الاعتراف بالشخصية لجماعات لا تدخل في فريق أو آخر من الفرق التي عنى النص بسردها، وأن الاعتراف بالشخصية القانونية للفرق التي لا يتناولها النص بذاتها لا بد فيه من نص خاص، كما أن الخصائص الذاتية للشخص المعنوي والتي وردت في المادة 53 هي خصائص يستعان بها للتفريق بين مجموعات الأشخاص أو الأموال التي توجد في حكم الواقع ونظيرها من المجموعات التي يعترف القانون بكيانها ويثبت لها صلاحية الوجوب في الحدود اللازمة لمباشره نشاطها، فيكون شأنها في هذه الحدود شأن الأشخاص الطبيعيين.
3 - الشخصية الاعتبارية تخول من اكتسابها كافة مميزات الشخصية القانونية فيكون له نائب يعبر عن إرادته، كما يكون له حق التقاضي.
4 - النص في المادة الأولى من قرار رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي رقم 10 لسنة 1977 الصادر في 10/ 9/ 1977 والنص في المادة الأولى والثانية والثالثة والثامنة والتاسعة والرابعة عشرة من النظام الأساسي للتنظيم النسائي يدل على أن التنظيم النسائي منظمة قومية ذات شخصية اعتبارية مستقلة له مجلس إدارة وفروع وذمة مالية مستقلة وتمثله مقررته أمام القضاء وكافة الجهات الأخرى، ويهدف إلى تنظيم نشاط المرأة في كافة المجالات الاجتماعية والثقافية ولا يمارس نشاطاً سياسياً بما يميزه بخصائص الشخص الاعتباري الواردة بالمادتين 52، 53 من القانون المدني، ولا يكون معه بالتالي فرعاً من فروع الاتحاد الاشتراكي، وهو ما لا يغير منه النص في المادتين الأولى والثالثة عشرة من النظام الأساسي للتنظيم النسائي على أن يكون الرئيس الأعلى للتنظيم هو رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي (رئيس الدولة) وأن يقوم الأمين العام للاتحاد بإصدار القرارات الخاصة بإنشاء اللجان الفرعية للتنظيم وتشكيلها واللوائح المالية وسير العمل ويكون حلقة الاتصال بين التنظيم وكافة الأجهزة السياسية والتنفيذية ذلك أن نصوص ذلك النظام صريحة قاطعة في الدلالة على الشخصية الاعتبارية المستقلة للتنظيم عن الاتحاد الاشتراكي فلا محل للخروج عليها، كما لا تفيد المادتان الأولى والثالثة عشرة من النظام خلاف ذلك، ولا تتعارضان مع النصوص الصريحة آنفة الذكر.
5 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بأحقية الاتحاد الاشتراكي العربي في التنازل عن إيجار الشقتين محل النزاع لحزب العمل بعد إلغاء التنظيم النسائي بموجب القرار رقم 10 لسنة 1979 الصادر من رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي تأسيساً على أن التنظيم فرع من فروع الاتحاد الاشتراكي وأحد أجهزته، وفقاً لما استخلصه من المادتين 10، 13 من النظام الأساسي للتنظيم بالمخالفة للنظر المتقدم، ورغم أنه بتنازل الاتحاد الاشتراكي عن إيجار الوحدتين سالفتي الذكر للتنظيم النسائي - المتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة عنه بموجب القرار رقم 119 لسنة 1977 الصادر من الأمين العام للاتحاد الاشتراكي في 28/ 10/ 1977 - الذى نص على هذا التنازل وأحال فيه حقوق والتزامات الاتحاد الناشئة عن إيجار الشقتين للتنظيم النسائي - والذي تنفذ بشغل التنظيم للعينين حتى إلغائه في 19/ 12/ 1979 على ما استخلصه الحكم صحيحا - في حدود سلطته الموضوعية - من ظروف الدعوى والمستندات المقدمة فيها - ومنها الخطابان المؤرخان 1/ 1/ 1979 المرسلان من أمينة التنظيم للطاعن ودون منازعة من الخصوم في ذلك، مؤداه أن يكون الاتحاد الاشتراكي قد أضحى أجنبياً عن العلاقة الإيجارية بحوالته لحقوقه والتزاماته الناشئة عنها للتنظيم النسائي الذى يتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة عنه بما لا يجوز له العودة إلى التنازل عنها إلى حزب العمل ومن ثم فإن الحكم يكون بذلك قد أخطأ في تطبيق القانون، مشوباً بالفساد في الاستدلال وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث أثر انقضاء الشخصية المعنوية للتنظيم النسائي بإلغائه بالقرار رقم 10 لسنة 1979 على العلاقة الإيجارية مع الطاعن مما يشوبه أيضاً بالقصور في التسبيب.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المشرع أوجب على الخصوم أنفسهم أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن، وإذ كان البين من الأوراق أن الأمين العام للاتحاد الاشتراكي العربي وإن أصدر القرار رقم 116 لسنة 1977 ناصا في مادته الثانية على أن "يتم التنازل عن حق إيجار الأماكن التي يستأجرها الاتحاد الاشتراكي والواردة ضمن الكشوف المرفقة إلى حزب مصر العربي الاشتراكي ويحل بذلك حلولاً قانونياً محل الاتحاد الاشتراكي العربي" إلا أن الثابت بالأوراق أن هذا القرار لم يتم وضعه موضع التنفيذ ولم يقدم الطاعن الدليل على ذلك بل أصدر الأمين العام للاتحاد الاشتراكي في غضون تلك الفترة - قراره رقم 119 لسنة 1977 بتاريخ 28/ 10/ 1977 ناصاً في مادته الأولى على أن "يتم التنازل عن حق إيجار الشقتين بالعقار الكائن برقم 23 بميدان سعد زغلول محطة الرمل محافظة الإسكندرية والتي يستأجرها الاتحاد الاشتراكي العربي إلى التنظيم النسائي بالمحافظة ويحل بذلك حلولاً قانونياً محل الاتحاد الاشتراكي العربي في الحقوق والالتزامات المترتبة على ذلك" وقد تم تنفيذ هذا القرار بشغل التنظيم النسائي للعينين - على ما استخلصه الحكم المطعون فيه صحيحاً - في حدود سلطته الموضوعية - كما سلف بيانه - ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذين السببين يكون غير مقبول.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الاتحاد الاشتراكي العربي لم يكن سلطة عامة جديدة تقف إلى جانب السلطات الثلاث للدولة وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، وإنما هو تنظيم سياسي يضم قوى الشعب العاملة فلا تعد قراراته قرارات إدارية تتسم بالصفات التي تتصف بها هذه القرارات.
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بدفاع يقوم على واقع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع وإذ خلت الأوراق مما يفيد بتمسك الطاعن بصفته أمام محكمة الموضوع باستضافة التنظيم النسائي بالشقتين محل النزاع فإنه لا يجوز له التحدي بذلك لأول مرة أمام هذه المحكمة مما يضحى معه النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه غير مقبول.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا
أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن في الطعن رقم 1136
لسنة 63 ق أقام على المطعون ضدهم الأول والخامس والسادسة بصفتهم الدعوى رقم 1250
لسنة 1979 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد إيجار الوحدتين
المبينتين بالصحيفة وإخلائهما وتسليمهما له، وقال بياناً لدعواه إنه يمتلك العقار
رقم 23 سعد زغلول، وإذ كان المطعون ضده الأول - بصفته رئيساً للاتحاد الاشتراكي العربي
- يشغل شقتين بالعقار كمقر للاتحاد وتنازل عنهما للمطعون ضدها السادسة بصفتها
أمينة التنظيم النسائي بالإسكندرية على خلاف القانون فقد أقام الدعوى. تدخل
المطعون ضدهم من الثاني للخامس في الطعن المنضم في الدعوى منضمين للطاعن في طلباته،
كما تدخل المطعون ضدهما الأخيران بصفتهما - الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي
ورئيس الحزب - فيها بطلب رفض الدعوى وبمنع التعرض لهما في حيازة الشقتين محل
النزاع استناداً لقرار مجلس الشورى رقم 230 لسنة 1987، وإذ أدخل الطاعن المطعون
ضده السابع بصفته رئيساً لحزب العمل الاشتراكي خصماً في الدعوى للحكم في مواجهته
بالطلبات أقام عليه دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزامه بتحرير عقد إيجار له بصفته عن
الوحدتين محل النزاع استناداً للقرار رقم 5 لسنة 1980 الصادر من المطعون ضده الأول
بتخصيص الشقتين لحزب العمل الذى يمثله. حكمت المحكمة بالطلبات في الدعوى الأصلية
وبرفض طلب التدخل والدعوى الفرعية، استأنف المطعون ضده الأخير بصفته هذا الحكم
بالاستئناف رقم 746 لسنة 46 ق الإسكندرية، واستأنفه المطعون ضده السابع بصفته
بالاستئناف رقم 786 لسنة 46 ق الإسكندرية، كما استأنفه أيضاً المطعون ضدهم الأربعة
الأول بصفتهم أمام نفس المحكمة بالاستئناف رقم 804 لسنة 46 ق. ضمت المحكمة
الاستئنافات الثلاثة، وبتاريخ 22/ 12/ 1992 قضت برفض الاستئنافين الأول والأخير،
وفى الاستئناف رقم 786 لسنة 46 ق، بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى
الأصلية إلى فسخ عقدي إيجار الشقتين محل النزاع وإخلاء المطعون ضدهم من الثالث
للخامس والتاسع بصفتهم منهما، وفي الدعوى الفرعية بإلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار
للمطعون ضده السابع بصفته، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1136
لسنة 63 ق، كما طعن فيه أيضاً المطعون ضده الثامن بصفته بالطعن رقم 1563 لسنة 63 ق
وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن الأخير وبنقض
الحكم المطعون فيه في الطعن الأول، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة
حددت جلسة لنظرهما وفيها ضمت المحكمة الطعنين التزمت النيابة رأيها.
أولاً: الطعن رقم 1136
لسنة 63 قضائية:
وحيث إن مما ينعاه الطاعن
على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفى بيان ذلك
يقول إن الحكم أقام قضاءه باسترداد الاتحاد الاشتراكي العربي لحقه في التنازل عن
إيجار الشقتين محل النزاع إلى حزب العمل الاشتراكي - المطعون ضده السابع - على سند
من أن التنظيم النسائي - الذى سبق أن تنازل له عن ذلك الإيجار بموجب القرار رقم
119 لسنة 1977 - هو فرع من فروع الاتحاد الاشتراكي وأحد أجهزته وأنه بصدور القرار
بإلغاء هذا التنظيم عاد حق الأخير على العينين، رغم أن الثابت من نصوص القرار رقم
10 لسنة 1977 بإنشاء التنظيم أنه منظمة قومية ذات شخصية اعتبارية وذمة مالية
مستقلة وأن مقررته تمثله أمام القضاء، وأنه يهدف إلى تنظيم نشاط المرأة في كافة
المجالات الاجتماعية والثقافية، ولا يمارس نشاطاً سياسياً بما لا يعتبر معه فرعاً
من فروع الاتحاد الاشتراكي، يؤيد ذلك أنه لو كان فرعاً منه، لما كان هناك مقتض
للتنازل عن إيجار الوحدتين له، كما أنه قد بادر بإبلاغه بحلوله محل الاتحاد الاشتراكي
في العينين محل النزاع وطلب موافاته بالقيمة الإيجارية والأجرة المتأخرة عنهما،
يضاف إلى ذلك أن الاتحاد الاشتراكي تنظيم سياسي بينما يقوم التنظيم النسائي بتنظيم
نشاط المرأة في المجالات الاجتماعية والثقافية ومحظور عليه مباشرة أي نشاط سياسي،
ومن ثم فإنه بعد تنازل الاتحاد الاشتراكي عن إيجار العينين للتنظيم النسائي وتنفيذ
ذلك، أنتج هذا التنازل أثره وانتهت العلاقة الإيجارية معه بما لا يجوز له التنازل
من بعد عن الإيجار لحزب العمل بعد أن أصبح لا صفة له في العلاقة الإيجارية، وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد،
ذلك أن المادة 31 من القانون رقم 40 لسنة 1977 - بنظام الأحزاب السياسية - على أن
يحدد بقرار من أمين اللجنة المركزية طبقاً للقواعد التي تضعها اللجنة ما يؤول إلى
الأحزاب المشكلة طبقاً لأحكام هذا القانون من أموال هذا الاتحاد (الاتحاد الاشتراكي)
خلال ستين يوماً من تاريخ العمل به. ويجوز بقرار من أمين اللجنة المركزية التنازل
عن حق إيجار الأماكن التي يشغلها الاتحاد المذكور إلى أي من الأحزاب المشار إليها
أو إلى إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة أو إحدى الهيئات العامة أو إلى غيرها من
الأشخاص الاعتبارية العامة وطبقاً للقواعد التي تضعها اللجنة المركزية، وتحل الجهة
التي يصدر القرار بالتنازل إليها طبقاً لأحكام الفقرة السابقة بقوة القانون محل
الاتحاد المذكور"، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص
المادتين 52، 53 من القانون المدني يدل - وعلى ما أوضحته مذكرة المشروع التمهيدي
للقانون المدني - على أن المشرع حرص على بيان الأشخاص المعنوية التي يعترف لها
القانون بهذه الصفة بوضع ضابط عام يحول دون التوسع في الاعتراف بالشخصية لجماعات
لا تدخل في فريق أو آخر من الفرق التي عنى النص بسردها، وأن الاعتراف بالشخصية
القانونية للفرق التي لا يتناولها النص بذاتها لا بد فيه من نص خاص، كما أن
الخصائص الذاتية للشخص المعنوي والتي وردت في المادة 53 هي خصائص يستعان بها
للتفريق بين مجموعات الأشخاص أو الأموال التي توجد في حكم الواقع ونظيرها من
المجموعات التي يعترف القانون بكيانها ويثبت لها صلاحية الوجوب في الحدود اللازمة
لمباشرة نشاطها، فيكون شأنها في هذه الحدود شأن الأشخاص الطبيعيين، وأن الشخصية
الاعتبارية تخول من اكتسبها كافة مميزات الشخصية القانونية فيكون له نائب يعبر عن
إرادته، كما يكون له حق التقاضي، وكان النص في المادة الأولى من قرار رئيس الاتحاد
الاشتراكي العربي رقم 10 لسنة 1977 الصادر في 10/ 9/ 1977 على أن "يصدر قرار
رئيس الاتحاد الاشتراكي بتكوين التنظيم النسائي على أن "التنظيم النسائي
بالنص المرفق" والنص في المادة الأولى من النظام الأساسي للتنظيم النسائي على
أن "التنظيم النسائي منظمة قومية ذات شخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة، تهدف
إلى تنظيم نشاط المرأة في كافة المجالات الاجتماعية والثقافية، ولا يمارس نشاطاً
سياسياً، ويكون رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي الرئيس الأعلى للتنظيم النسائي"
، وفي المادة الثانية منه على أن "يتولى التنظيم النسائي المهام التالية: 1 -
العمل على رفع مستوى وقدرة المرأة المصرية ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً، 2 -
تقوية روابط الأسرة المصرية والعمل على حل مشكلاتها، 3 - التعرف على مشكلات المرأة
والعمل على حلها وعلى الأخص مشكلات المرأة العاملة، 4 - تنظيم الأسرة والإسهام الإيجابي
في وضع وتنفيذ البرامج والخطط اللازمة لذلك، 5 - تنظيم الإفادة من أوقات الفراغ
للمرأة وخاصة في مجال الأسر المنتجة، 6 - رعاية الطفولة والأمومة، 7 - حشد الجهود
لتحقيق الهدف القومي في مجال محو الأمية، 8 - المساهمة في نشاط المنظمات العربية
والدولية التي تهتم بجهود المرأة وقضاياها والتنسيق مع المنظمات العربية المماثلة،
ويباشر التنظيم هذه المهام بالتعاون مع كافة الجهات المعنية"، وفى المادة
الثالثة على أن "ينشئ التنظيم النسائي فروعاً له في القرى والأحياء السكنية
ويفتح باب العضوية في هذه الفروع وعضوية التنظيم النسائي عضوية فردية للسيدات
والفتيات بعد سن الثامنة عشرة بشرط توافر حسن السمعة والسير والسلوك وألا تكون قد
صدرت ضدها أحكام ماسة بالشرف"، وفى المادة الثامنة على أن "تكون رئيسات
مجلس التنظيم النسائي بالمحافظات مجلس إدارة التنظيم على المستوى القومي، ويجوز أن
تضمن بقرار من رئيس الاتحاد الاشتراكي بعض الشخصيات العامة من السيدات لعضوية هذا
المجلس بما لا يتجاوز ربع العدد وينتخب المجلس هيئة مكتب من سبعة عضوات ويختار
المجلس من بينهن المقررة ونائبة المقررة وأمينة السر وأمينة الصندوق، وتبين
اللائحة الداخلية طريقة اختيار هيئة المكتب واختصاصاته والقواعد المنظمة لعمله،
كما تبين اختصاصات المقررة ونائبة المقررة وأمينة السر وأمينة الصندوق"، في المادة
التاسعة على أن "مقررة التنظيم النسائي على المستوى القومي هي التي تمثل
التنظيم أمام القضاء وكافة الجهات الأخرى"، وفي المادة الرابعة عشرة على أن
"تحدد الموارد المالية للتنظيم النسائي: أ - بالاشتراكات وتحدد اللائحة
المالية قيمتها وطريقة تحصيلها. ب - بالهبات. جـ - بالتبرعات. د - بما يقرره
الأمين العام للاتحاد الاشتراكي من دعم للتنظيم. "يدل على أن التنظيم النسائي
منظمة قومية ذات شخصية اعتبارية مستقلة، له مجلس إدارة وفروع وذمة مالية مستقلة
وتمثله مقررته أمام القضاء وكافة الجهات الأخرى، ويهدف إلى تنظيم نشاط المرأة في كافة
المجالات الاجتماعية والثقافية ولا يمارس نشاطاً سياسياً بما يميزه بخصائص الشخص الاعتباري
الواردة بالمادتين 52، 53 من القانون المدني، ولا يكون معه بالتالي فرعا من فروع
الاتحاد الاشتراكي، وهو ما لا يغير منه النص في المادتين الأولى والثالثة عشرة من
النظام الأساسي للتنظيم النسائي على أن يكون الرئيس الأعلى للتنظيم هو رئيس
الاتحاد الاشتراكي العربي (رئيس الدولة) وأن يقوم الأمين العام للاتحاد بإصدار
القرارات الخاصة بإنشاء اللجان الفرعية للتنظيم وتشكيلها واللوائح المالية وسير
العمل ويكون حلقة الاتصال بين التنظيم وكافة الأجهزة السياسية والتنفيذية ذلك أن
نصوص ذلك النظام صريحة قاطعة في الدلالة على الشخصية الاعتبارية المستقلة للتنظيم
عن الاتحاد الاشتراكي فلا محل للخروج عليها، كما لا تفيد المادتان الأولى والثالثة
عشرة من النظام خلاف ذلك، ولا تتعارضان مع النصوص الصريحة آنفة الذكر. لما كان
ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بأحقية الاتحاد الاشتراكي العربي في التنازل
عن إيجار الشقتين محل النزاع لحزب العمل بعد إلغاء التنظيم النسائي بموجب القرار
رقم 10 لسنة 1979 الصادر من رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي تأسيساً على أن التنظيم
فرع من فروع الاتحاد الاشتراكي وأحد أجهزته، وفقاً لما استخلصه من المادتين 10، 13
من النظام الأساسي للتنظيم بالمخالفة للنظر المتقدم، ورغم أنه بتنازل الاتحاد الاشتراكي
عن إيجار الوحدتين سالفتي الذكر للتنظيم النسائي - المتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة
عن بموجب القرار رقم 119 لسنة 1977 الصادر من الأمين العام للاتحاد الاشتراكي في 28/
10/ 1977 - الذي نص على هذا التنازل وأحال فيه حقوق والتزامات الاتحاد الناشئة عن
إيجار الشقتين للتنظيم النسائي - والذي تنفذ بشغل التنظيم للعينين حتى إلغائه في 19/
12/ 1979 على ما استخلصه الحكم صحيحاً - في حدود سلطته الموضوعية - من ظروف الدعوى
والمستندات المقدمة فيها - ومنها الخطابان المؤرخان 1/ 1/ 1979 المرسلان من أمينة
التنظيم للطاعن ودون منازعة من الخصوم في ذلك، مؤداه أن يكون الاتحاد الاشتراكي قد
أضحى أجنبياً عن العلاقة الإيجارية بحوالته لحقوقه والتزاماته الناشئة عنها
للتنظيم النسائي الذي يتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة عنه بما لا يجوز له العودة
إلى التنازل عنها إلى حزب العمل ومن ثم فإن الحكم يكون بذلك قد أخطأ في تطبيق
القانون، مشوباً بالفساد في الاستدلال وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث أثر انقضاء
الشخصية المعنوية للتنظيم النسائي بإلغائه بالقرار رقم 10 لسنة 1979 على العلاقة
الإيجارية مع الطاعن مما يشوبه أيضاً بالقصور في التسبيب ويوجب نقضه لهذا الوجه
دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ثانياً: الطعن رقم 1563
لسنة 63 قضائية:
وحيث إن الطعن أقيم على
أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ
في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بأحقية المطعون ضده
السادس بصفته للشقتين محل النزاع على أحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن نظام
الأحزاب السياسية، وقرار الاتحاد الاشتراكي رقم 10 لسنة 1979 بإلغاء التنظيم النسائي
- أحد أجنحة الاتحاد - في حين أنه بموجب أحكام القانون رقم 40 سالف الذكر قد أجاز
المشرع للأمين العام للاتحاد الاشتراكي التنازل عن حق إيجار الأماكن التي شغلها
الاتحاد إلى أحد الأحزاب القائمة وقت صدور القانون - وهي حزب مصر العربي الاشتراكي،
وحزب الأحرار الاشتراكيين، وحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي - وأنه وفقاً لذلك
فقد أصدر الأمين العام للاتحاد الاشتراكي بتاريخ 22/ 10/ 1977 القرار رقم 116 لسنة
1977 بالتنازل عن الشقتين سالفتي الذكر اللتين شغلهما الاتحاد إلى حزب مصر ونشأن
بذلك بين الأخير وبين المطعون ضده الأول - مالك العقار - علاقة إيجارية مباشرة بعد
انقضاء العلاقة مع الاتحاد الاشتراكي وقد استمد الحزب الطاعن حقه في هذه العلاقة
بعد اندماج حزب مصر العربي الاشتراكي فيه، وإذ عول الحكم المطعون فيه في قضائه على
قراري الأمين العام للاتحاد الاشتراكي رقمي 119 لسنة 1977 بالتنازل عن الوحدتين
للتنظيم النسائي، 5 لسنة 1980 بالتنازل عنهما لحزب العمل - المطعون ضده السادس -
رغم بطلانهما ومخالفتهما لأحكام القانون وصدورهما من غير ذي صفة وعلى غير محل فإنه
يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
مقبول ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أوجب على الخصوم أنفسهم
أن يقدموا الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن، وإذ كان البين من الأوراق أن
الأمين العام للاتحاد الاشتراكي العربي وإن أصدر القرار رقم 116 لسنة 1977 بتاريخ
22/ 10/ 1977 ناصاً في مادته الثانية على أن "يتم التنازل عن حق إيجار
الأماكن التي يستأجرها الاتحاد الاشتراكي والواردة ضمن الكشوف المرفقة إلى حزب مصر
العربي الاشتراكي ويحل بذلك حلولاً قانونياً محل الاتحاد الاشتراكي العربي
"إلا أن الثابت بالأوراق أن هذا القرار لم يتم وضعه موضع التنفيذ ولم يقدم
الطاعن الدليل على ذلك بل أصدر الأمين العام للاتحاد الاشتراكي في غضون تلك الفترة
- قراره رقم 119 لسنة 1977 بتاريخ 28/ 10/ 1977 ناصاً في مادته الأولى على أن
"يتم التنازل عن حق إيجار الشقتين بالعقار الكائن برقم 23 بميدان سعد زغلول
محطة الرمل محافظة الإسكندرية والتي يستأجرها الاتحاد الاشتراكي العربي إلى
التنظيم النسائي بالمحافظة ويحل بذلك حلولاً قانونياً محل الاتحاد الاشتراكي العربي
في الحقوق والالتزامات المترتبة على ذلك" وقد تم تنفيذ هذا القرار بشغل
التنظيم النسائي للعينين - على ما استخلصه الحكم المطعون فيه صحيحاً - في حدود
سلطته الموضوعية - كما سلف بيانه - ومن ثم فإن النعي على الحكم بهذين السببين يكون
غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالسبب الثالث وبالوجه الأول من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن القرار
الصادر من السلطة المختصة يتعين أن يكون له سبب يتصل بالغرض الذي صدر القرار من
أجله، وأنه يفترض وجود هذا السبب، وإلا كان يتعين على القضاء التحقق من وجوده،
والمبرر من إصداره، فإذا ما افتقد القرار ذلك الركن فإنه يكون باطلاً، معيباً
بالانحراف عن السلطة، وإذ كان هدف المشرع من إصدار القانون رقم 40 لسنة 1977 هو
إيجاد الأماكن التي تزاول فيها الأحزاب القائمة وقت صدور القانون نشاطها، وقد تحقق
هذا الغرض بالنسبة للحزب الطاعن بعد اندماج حزب مصر فيه الذي صدر قرار الأمين
العام للاتحاد الاشتراكي رقم 116 لسنة 1977 بتخصيص الشقتين محل النزاع له، وأصبح
هذا القرار نهائياً لا يجوز سحبه أو إلغاؤه، ومن ثم فإن القرار رقم 119 لسنة 1977
الصادر من الأخير بالتنازل عن الشقتين للتنظيم النسائي، وقراره رقم 5 لسنة 1980
بالتنازل عنهما لحزب العمل بعد سنتين من قيام العلاقة مباشرة معه لسلب ما اكتسبه
من حقوق عليهما يكونان باطلين معيبين بعيب الانحراف عن السلطة، وإذ لم يلتزم الحكم
المطعون فيه هذا النظر ولم يبحث المبرر لإصدار القرار الأخير ورغم أن رئيس مجلس
الشورى - الذي أصبح بموجب القانون رقم 145 لسنة 1980 صاحب السلطة في إصدار
القرارات المتعلقة بحقوق وأموال الاتحاد الاشتراكي - قد أصدر القرار رقم 230 لسنة
1987 بتخصيص الشقتين محل النزاع للحزب الطاعن، بما يتضمن سحبه وإلغاؤه للقرارين
سالفي الذكر فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود،
ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الاتحاد الاشتراكي العربي لم يكن
سلطة عامة جديدة تقف إلى جانب السلطات الثلاث للدولة وهي السلطة التشريعية والسلطة
التنفيذية والسلطة القضائية، وإنما هو تنظيم سياسي يضم قوى الشعب العامة فلا تعد
قراراته قرارات إدارية تتسم بالصفات التي تتصف بها هذه القرارات، كما أن الثابت -
على ما سلف بيانه - أن القرار الصادر من الأمين للاتحاد الاشتراكي رقم 116 لسنة
1977 - الذي يستند إليه الطاعن بصفته - في حقه على العينين محل النزاع لم يوضع
موضع التنفيذ بينما كان القرار الصادر منه رقم 119 لسنة 1977 بالتنازل عن إيجار
الشقتين للتنظيم النسائي - الذى كان يتمتع الشخصية الاعتبارية المستقلة عنه - هو
الذى تنفذ وشغل هذا التنظيم العينين حتى تم إلغاؤه في 19/ 12/ 1979 بموجب القرار
الصادر من رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي رقم 10 لسنة 1979 بما لا يجوز للأخير -
أو لمن حل محله - العودة إلى التنازل عن علاقة إيجارية سبق أن حول الحقوق والالتزامات
الناشئة عنها للغير وأصبح بذلك أجنبياً عن ذلك الإيجار ومن ثم يكون النعي على
الحكم المطعون فيه بهذين الوجهين على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالوجه الثاني من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي
بيان ذلك يقول إن القرار رقم 119 لسنة 1977 الصادر من الاتحاد الاشتراكي بالتنازل
عن الشقتين محل النزاع للتنظيم النسائي قد صدر بتاريخ 28/ 10/ 1977 التالي لصدور
القرار رقم 116 لسنة 1977 الصادر من الأول في 22/ 10/ 1977 بالتنازل عن الشقتين
لحزب مصر مما مفاده أن التنظيم النسائي قد حل ضيفاً على حزب مصر العربي الاشتراكي
نظراً لاكتساب الأخير الحقوق التأجيرية بموجب القانون رقم 40 لسنة 1977، ولما كانت
تلك الاستضافة لا تأخذ حكم التخلي النهائي وقت إنهائها القرار رقم 10 لسنة 1979
ومن ثم يكون القرار رقم 5 لسنة 1980 قد ورد على غير محل وإذ خالف الحكم المطعون
فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
مقبول، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة
النقض بدفاع يقوم على واقع لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع وإذ خلت الأوراق مما
يفيد بتمسك الطاعن بصفته أمام محكمة الموضوع باستضافة التنظيم النسائي بالشقتين
محل النزاع فإنه لا يجوز له التحدي بذلك لأول مرة أمام هذه المحكمة مما يضحى معه النعي
على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض هذا
الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق