جلسة 6 من نوفمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ رضا القاضي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ عاطف خليل، النجار توفيق، مدحت دغيم وعبد الحميد دياب نواب رئيس المحكمة.
----------------
(97)
الطعن رقم 22544 لسنة 86 القضائية
(1) نقض "التقرير بالطعن وايداع الأسباب".
التقرير بالطعن في الميعاد دون إيداع أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن
شكلا.
(2) حكم "بيانات التسبيب"
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة
التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه الحكم
عليها. لا قصور.
عدم رسم القانون شكلا أو نمطا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما
أورده مؤديا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(3) تلبس. محكمة الموضوع "سلطتها في
تقدير حالة التلبس". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التلبس. صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها.
وجود مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة. كفايته لقيام حالة التلبس.
تقدير توافرها. موضوعي. ما دام سائغا.
مثال لتدليل سائغ على توافر حالة التلبس واطراح الدفع ببطلان القبض
والتفتيش.
(4) إثبات "شهود". حكم "ما لا
يعيبه في نطاق التدليل".
من يقوم بإجراء باطل. لا تقبل منه الشهادة عليه. حد ذلك؟
للمحكمة التعويل في الإدانة على أقوال ضابطي الواقعة. ما دامت انتهت
لصحة إجراءاتهما.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مواد مخدرة.
عدم تحصيل الحكم بمدوناته أن حيازة المخدر بقصد الاتجار. النعي عليه
بخلاف ذلك. غير مقبول.
(6) مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها
في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "ما لا يعيبه في نطاق
التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا تناقض في أن ترى المحكمة في أقوال الضابط ما يسوغ إجراءات الضبط
ويكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر للمتهم ولا ترى ما يقنعها بأنه بقصد الاتجار.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
(7) إثبات "شهود". محكمة الموضوع
"سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى "سلطتها في تقدير
أقوال الشهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغا.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل."
للمحكمة
التعويل على أقوال الضابط فيما قام به من تحريات سابقة على الضبط. علة ذلك؟
اطمئنان المحكمة إلى سلامة وصحة التحريات والإجراءات التي قام بها
شاهد الإثبات. النعي عليها في هذا الشأن. غير مقبول.
(9) دفوع "الدفع بنفي التهمة".
دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بنفي التهمة وعدم التواجد بمكان الحادث وقت الضبط وانتفاء الصلة
بالمخدر. موضوعي. لا يستوجب ردا. استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(10) إثبات "بوجه عام". حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اعتماد القاضي في حكمه على ما يحصله من معلومات في مجلس القضاء أثناء
نظر الدعوى. جائز. علة ذلك؟
(11) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وقف التنفيذ.
وجوب تفصيل أسباب الطعن ابتداء. علة ذلك؟
الفصل في الطعن. يجعل طلب وقف التنفيذ غير ذي موضوع.
----------------
1 - لما كان المحكوم عليه الثاني وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد
إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه، ومن ثم فإن طعنه يكون غير مقبول شكلا.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد
على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل
الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها
وجاء استعراض المحكمة لأبلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي
وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث التعرف
الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون. لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان
الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم
كافية في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون
محققا لحكم القانون، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام
وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع
ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه في قوله ".... ولما كان
الثابت مما سطره ضابطي الواقعة في الأوراق وقررا به بالتحقيقات والذي تطمئن إليه
المحكمة أنهما قاما بالقبض على المتهم الثاني نظرا لهروب المتهم الأول عقب مشاهدته
يتلقى من المتهم الأول لفافة من النايلون الشفاف والتي تحوي الأقراص المخدرة
المضبوطة نظرا لأنها بداخل علب مميزة أبصرها ضابطا الواقعة وعلما من هيئتها أنها
لعقار الترامادول المخدر وقيامه بتفحص ما بداخلها ومتلبسا بإحرازها فإن المظاهر
الخارجية تنبئ في هذه الحالة أنه مساهم في هذه الجريمة وبالتالي فإن مشاهدته وهو
على هذه الحالة ترتب حالة التلبس في حقه وفي حق المتهم الأول ويتعين لذلك ضبطه
وتفتيشه إعمالا لحكم المادتين 34، 46 إجراءات جنائية مما يتيعن معه رفض هذا
الدفع". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا
شخص مرتكبها وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع
الجريمة وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والقول بتوافر حالة التلبس أو عدم
توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بغير معقب
عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه
تدليلا على توافر حالة التلبس وردا على ما دفع به الطاعن من عدم توافرها كافيا
وسائغا في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص
غير سديد.
4 - لما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا
تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ومتى كان لا
بطلان فيما قام به الضابطان من إجراءات فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على
أقوالهما - ضمن ما عولت عليه - في إدانة الطاعن ويكون النعي على الحكم - في هذا
الشأن غير قويم.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يحصل في
مدوناته أن حيازة الطاعن للعقار المخدر كان بقصد الاتجار - على خلاف ما ذهب إليه
بأسباب طعنه - فإن منعاه في هذا الخصوص يكون لا محل له.
6 - من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع
بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في أقوال ضابط الشرطة ما يسوغ إجراءات الضبط
ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر للمتهم ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا
الإحراز كان بقصد الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضا في حكمها متى بنت ذلك على
اعتبارات سائغة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه
إلى أقوال ضابط الشرطة كمسوغ لصحة الإجراءات واسناد واقعة حيازة أو إحراز المخدر
للطاعن ولكنه لم ير فيها ما يقنعه بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار وهو ما لم
يخطئ الحكم في تقديره ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون
جدلا موضوعية حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ منها
بما تطمئن إليه وأطراح ما عداه منها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص
من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة
الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام
استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق،
وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكا لتقدير محكمة
الموضوع بغير معقب ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات
التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى
أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة - وحصلت أقوالهما بما لا تناقض فيه
وبما تتوافر به حالة التلبس بالجريمة وقيام الدلائل الكافية على مقارفة الطاعن لها
- فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما
تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام
محكمة النقض.
8 - لما كان الحكم قد حصل أقوال شاهد الإثبات
الأول التي استند إليها في قضائه بما مؤداه أنه قام بإجراء التحريات التي كشفت عن
أن الطاعن يحوز ويحرز المواد المخدرة، وإذ كان لا يمنع المحكمة من الاعتماد على
أقوال رجل الضبط القضائي فيما باشره من إجراءات ونمى إليه من معلومات، فلا تثريب على
الحكم إذا عولت على أقوال الضابط فيما قام به من تحريات سابقة على الضبط، هذا فضلا
عن أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات والإجراءات
التي قام بها شاهد الإثبات الأول وصحتها، فإن ما يثيره الطاعن نعيا على الحكم في
هذا الخصوص لا يكون له محل.
9 - لما كان الدفع بنفي التهمة وعدم التواجد
بمكان الحادث وقت الضبط وانتفاء صلته بالمخدر المضبوط كل ذلك من أوجه الدفوع
الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردا صريحا من الحكم ما دام الرد عليها مستفادا
ضمنا من القضاء بالإدانة - استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها - فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سليما.
10 - من
المقرر أنه يجوز للقاضي أن يعتمد في حكمه على المعلومات التي حصلها وهو في مجلس
القضاء أثناء نظر الدعوى وأن ما يحصله على هذا الوجه لا يعتبر من المعلومات
الشخصية التي لا يجوز له أن يستند إليها في قضائه، وأن استخلاص النتائج من
المقدمات هو من صميم عمل القاضي فلا يصح معه أن يقال أنه قضى بعلمه.
11 - من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء
مطلوب على وجه الوجوب تحديدا للطعن وتعريفا بوجهه منذ افتتاح الخصومة وكان منعي
الطاعن على مخالفة الحكم للثابت بالأوراق مبهمة المدلول لا يبين منها ماهية الخطأ
في الحكم الذي يرميه بها الطاعن، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولا. لما كان
ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا ويضحى طلب وقف تنفيذ
الحكم المطعون فيه لحين الفصل في الطعن غير ذي صفة.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: حازا وأحرزا بقصد الاتجار
أقراصا لمادة الترامادول المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانونا.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات.... لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف
الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة قضت حضوريا عملا بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون 182
لسنة 1960 المعدل والبند رقم (152) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق
بمعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمهما خمسين ألف جنيه عما أسند
إليهما وألزمتهما بالمصاريف الجنائية وأمرت بمصادرة الأقراص المخدرة المضبوطة. باعتبار
أن إحراز الأقراص المخدرة بغير قصد من القصود المسماة قانونا.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
---------------
المحكمة
أولا: الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني...........
لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم
يقدم أسبابا لطعنه، ومن ثم فإن طعنه يكون غير مقبول شكلا.
ثانيا: الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول...........
ينعي الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز أقراص –
الترامادول – المخدرة بغير قصد من القصود المسماة قانونا وفي غير الأحوال المصرح
بها قانونا، قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق
الدفاع؛ ذلك بأنه صيغ في عبارات اعتراها الغموض والإبهام ولم يحط بواقعة الدعوى عن
بصر وبصيرة، ورد على دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس لعدم تبين
القائم بالضبط كنهه الأقراص المخدرة ولعدم وجود إذن من النيابة العامة بما لا
يسوغ، وعول على أقوال ضابطي الواقعة رغم بطلان ما قاما به من إجراءات، وأورد الحكم
في مدوناته أن الطاعن يحرز المواد المخدرة بقصد الاتجار ثم عاد ونفى ذلك القصد
وتساند إلى أقوال ضابطي الواقعة في إدانته ثم اطرحها عند نفي قصد الاتجار مما
يشوبه بالتناقض في التسبيب واعتنق تصويرهما للواقعة رغم أنه يجافي العقل والمنطق
وأن للواقعة صورة أخرى غير التي وردت بالأوراق، والتفت الحكم عن دفاعه في هذا
الشأن وعول على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها – لشواهد عددها – وعدم كفايتها
لاستصدار الإذن بالقبض والتفتيش، ولم يرد على دفاع الطاعن القائم على نفي التهمة
وعدم تواجده على مسرح الواقعة، وأقامت المحكمة قضائها على علمها الشخصي وشابه مخالفة
الثابت بالأوراق، واختتم أسباب طعنه بطلب وقف تنفيذ الحكم لحين الفصل في الطعن
بالنقض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة
العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة
مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب
الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة
لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا
يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن
القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة
والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة
بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققا لحكم القانون، ومن ثم
فإن منعي الطاعن بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى
وأدلتها يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع
ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه في قول"... ولما كان
الثابت مما سطره ضابطا الواقعة في الأوراق وقررا به بالتحقيقات والذي تطمئن إليه
المحكمة أنهما قاما بالقبض على المتهم الثاني نظرا لهروب المتهم الأول عقب مشاهدته
يتلقى من المتهم الأول لفافة من النايلون الشفاف والتي تحوى الأقراص المخدرة
المضبوطة ونظرا لأنها بداخل علب مميزة أبصرها ضابطي الواقعة وعلما من هيئتها أنها
لعقار الترامادول المخدر وقيامه بتفحص ما بداخلها ومتلبسا بإحرازها فإن المظاهر
الخارجية تنبئ في هذه الحالة أنه مساهم في هذه الجريمة وبالتالي فإن مشاهدته وهو
على هذه الحالة ترتب حالة التلبس في حقه وفي حق المتهم الأول ويتعين لذلك ضبطه وتفتيشه
إعمالا لحكم المادتين 34، 46 إجراءات
جنائية مما يتعين معه رفض هذا الدفع". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التلبس
صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها وأنه يكفي لقيام حالة التلبس أن تكون هناك
مظاهر تنبئ بذاتها عن وقوع الجريمة وأن تقدير الظروف المحيطة بالجريمة والقول
بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل محكمة
الموضوع بتقديرها بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكان
ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلا على توافر حالة التلبس وردا على ما دفع به
الطاعن من عدم توافرها كافيا وسائغا في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون، فإن
النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من يقوم
بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته
ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابطين من إجراءات فإنه لا تثريب على المحكمة إن
هي عولت على أقوالهما – ضمن ما عولت عليه – في إدانة الطاعن ويكون النعي على الحكم
– في هذا الشأن غير قويم. لما كان
ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يحصل في مدوناته أن حيازة الطاعن للعقار المخدر
كان بقصد الاتجار – على خلاف ما ذهب إليه بأسباب طعنه فإن منعاه في هذا الخصوص
يكون لا محل له، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة
تقديرية من أن ترى في أقوال ضابط الشرطة ما يسوغ إجراءات الضبط ويكفي لإسناد واقعة
إحراز الجوهر المخدر للمتهم ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد
الاتجار دون أن يعد ذلك تناقضا في حكمها متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة. ولما كان
الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأظهر اطمئنانه إلى أقوال ضابط الشرطة كمسوغ
لصحة الإجراءات وإسناد واقعة حيازة أو إحراز المخدر للطاعن ولكنه لم ير فيها ما
يقنعه بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره ومن ثم
فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول سلطة محكمة
الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وتجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه
منها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في
الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكا
لتقدير محكمة الموضوع بغير معقب ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت
جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت محكمة الموضوع
قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة – وحصلت أقوالهما بما لا
تناقض فيه وبما تتوافر به حالة التلبس بالجريمة وقيام الدلائل الكافية على مقارفة
الطاعن لها – فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير
الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في
شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك،وكان الحكم قد حصل أقوال شاهد الإثبات الأول
التي استند إليها في قضائه بما مؤداه أنه قام بإجراء التحريات التي كشفت عن أن
الطاعن يحوز ويحرز المواد المخدرة، وإذ كان لا يمنع المحكمة من الاعتماد على أقوال
رجل الضبط القضائي فيما باشره من إجراءات ونمى إليه من معلومات، فلا تثريب على
الحكم إذا هو عول على أقوال الضابط فيما قام به من تحريات سابقة على الضبط، هذا
فضلا عن أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات
والإجراءات التي قام بها شاهد الإثبات الأول وصحتها، فإن ما يثيره الطاعن نعيا على
الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الدفع بنفي التهمة وعدم
التواجد بمكان الحادث وقت الضبط وانتفاء صلته بالمخدر المضبوط كل ذلك من أوجه
الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل ردا صريحا من الحكم ما دام الرد عليها
مستفادا ضمنا من القضاء بالإدانة - استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها – فإن ما
يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سليما. لما كان ذلك، كان من المقرر أنه يجوز
للقاضي أن يعتمد في حكمه على المعلومات التي حصلها وهو في مجلس القضاء أثناء نظر
الدعوى وأن ما يحصله على هذا الوجه لا يعتبر من المعلومات الشخصية التي لا يجوز له
أن يستند إليه في قضائه، وأن استخلاص النتائج من المقدمات هو من صميم عمل القاضي
فلا يصح معه أن يقال أنه قضى بعلمه. لما كان
ذلك، وكان من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديدا
للطعن وتعريفا بوجهه منذ افتتاح الخصومة وكان منعي الطاعن على مخالفة الحكم للثابت
بالأوراق – مبهمة المدلول - لا يبين منها ماهية الخطأ في الحكم الذي يرميه بها
الطاعن، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولا. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته
يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا ويضحى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين
الفصل في الطعن غير ذي صفة.