الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 27 ديسمبر 2022

الفهرس الموضوعي للنقض المدني المصري / ن / نقض - شروط قبول الطعن



وقوف الخصم موقفاً سلبياً من الخصومة. عدم الحكم له أو عليه بشيء وتأسيس الطعن بالنقض على أسباب لا تتعلق به. أثره. عدم قبول اختصامه في الطعن .الحكم كاملاً




المصلحة فى الطعن. مناطها. إضرار الحكم المطعون فيه وقت صدوره بالطاعن.الحكم كاملاً




المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه لما كان شرط قيام الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التداعي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلباته مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون .الحكم كاملاً




النعي الذي لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة. غير منتج. مثال بصدد قضاء محكمة الاستئناف ببطلان الحكم الابتدائي.الحكم كاملاً




الطعن على الحكم الصادر بوقف الاستئناف. تعجيله بعد رفع الطعن والقضاء في موضوعه. أثره. صيرورة النعي غير مقبول.الحكم كاملاً




إقامة مصفي التركة طعناً بصفته نائباً عن التركة. عدم تقديمه الصورة الرسمية من الحكم الصادر بتعيينه مصفياً حتى حجز الطعن للحكم. أثره. عدم قبول الطعن.الحكم كاملاً




لما كان شرط قبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها الدعوى على الحق موضوع التداعي حتى تعود على المدعي منفعة من اختصام المدعى عليه للحكم عليه بطلباته مما وصفته المادة الثالثة من قانون المرافعات بأنه المصلحة القائمة التي يقرها القانون وكان الطعن بالنقض لا يخرج على هذا الأصل فلا يكفي لقبوله مجرد أن يكون المطعون ضده طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه في طلباته .الحكم كاملاً




من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي لقبول الطعن أن يكون الطاعن أو المطعون ضده طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون خصماً حقيقياً وجهت إليه طلبات من خصمه أو وجه هو طلبات إليه أو حكم عليه بشيء أو نازع في الخصومة المرددة.الحكم كاملاً




الحكم ببطلان الطعن المرفوع من أحد الطاعنين في موضوع قابل للتجزئة. أثره. بقاء الطعن المرفوع من الطاعن الآخر صحيحاً. مثال في الدعوى صحة ونفاذ عقد البيع.الحكم كاملاً




اختصام الجهة الإدارية القائمة على شئون التنظيم في شأن المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة. مناطه. م 59 ق 49 لسنة 1977. اختصامها في الطعن بالنقض للدفاع عن القرارات الصادر للمصلحة العامة. صحيح في القانون. م 56، 57 ق 49 لسنة 1977.الحكم كاملاً




إذا كان الثابت من أوراق الدعوى أن المطعون عليها الأولى، وحدها هي التي استأنفت الحكم الصادر من محكمة أول درجة دون باقي المطعون عليهم، وأنهم وإن مثلوا في الاستئناف، إلا أنه لم يكن لهم طلبات فيه، ولم توجه إليهم طلبات من أي من الخصوم، فإن الخصومة في الاستئناف تكون في حقيقتها معقودة بين الطاعن والمطعون عليها الأولى وحدها.الحكم كاملاً





الطعن 39225 لسنة 66 ق إدارية عليا " توحيد مبادئ " جلسة 3 / 12 / 2022

المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار / عادل فهيم محمـد عزب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمـد ماهر أبو العينين حسنين حمزة وأحمد محمـد حامد محمـد حامد وسعيد عبد ربه علواني خليف ومنير محمـد عبد الفتاح غطاس وعادل سيد عبد الرحيم حسن بريك وسعيد سيد أحمد القصير وفوزي عبد الراضي سليمان وعطية حمد عيسى عطية وأسامة يوسف شلبي يوسف ومحمود إبراهيم محمـد أبو الدهب نواب رئيس مجلس الدولة

وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ اشرف سيد إبراهيم محمود نائب رئيس مجلس الدولة مفوض الدولة

وسكرتارية السيد/ أسعد سيد عمر سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن رقم ٣922٥ لسنة ٦٦ ق. عليا
في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة - الدائرة الخامسة عشرة في الدعوى رقم 38136 لسنة 71 ق بجلسة 29/ 1/ 2020

المقام من/
وزير الخارجية بصفته
ضد/
....

--------------

" الإجراءات "

في يوم السبت الموافق 14/ 3/ 2020 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا - تقريرا بالطعن الماثل وقيد بجدولها بالرقم المسطر أعلاه طعنا في الحكم المشار إليه عالية، والقاضي في منطوقه أولا : بسقوط حق المدعية في المطالبة بفروق بدل السكن عن الفترتين من 2/ 11/ 1993ؤحتى 24/ 12/ 1993 ومن 6/ 6/ 1999 حتى 5/ 7/ 1999 بالتقادم الطويل .ثانيا : بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بأحقية المدعية في تقاضي فروق بدل السكن عن الفترات الأخرى وذلك على النحو المبين بالأسباب، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة به - بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلا وبوقف الدعوى تعليقا لحين الفصل في الدعويين رقمي ١57 و ١58 لسنة 37 ق. دستورية، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى والزام المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي. وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بأحقية المطعون ضدها في حساب العلاوات الخاصة المقررة قانونا ضمن نسبة بدل السكن الذي صرف لها عن عملها ببعثات ومهام التمثيل الدبلوماسي المصرية في الخارج على أساس سعر صرف الدولار وقت الاستحقاق مع مراعاة أحكام التقادم الخمسي على النحو المبين تفصيلا بالأسباب، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة والمطعون ضدها المصروفات مناصفة.
ونظر الطعن أمام الدائرة السابعة فحص بالمحكمة الإدارية العليا، وبجلسة 7/ 6/ 2021 قررت إحالته إلى الدائرة الثامنة عليا فحص للاختصاص، وبجلسة31/ 7/ 2021 قررت إحالته إلى الدائرة الثامنة عليا موضوع وتدوول نظره أمامها وبجلسة 23/ 1/ 2022 قررت وقف الطعن تعليقا وأحالته إلى الهيئة المشكلة طبقا 51 لنص المادة 54 مكرر من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون47 لسنة 1972 والمضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984( دائرة توحيد المبادئ) وذلك للبت في المسألة المعروضة بترجيح أحد اتجاهي المحكمة الإدارية العليا الآتيين:
الأول: عدم قبول الدعوى إذا رفعت قبل اللجوء إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات المنصوص عليها في القانون رقم ١ لسنة 9222 والمعدل بموجب القانون رقم 6 لسنة 2017ولو تم تقديم الطلب إلى اللجنة بعد رفع الدعوى.
الثاني: قبول الدعوى طالما تم اللجوء إلى اللجنة، وتحقق الإجراء المطلوب، ولو تم تقديم الطلب بعد رفع الدعوى.
ونفاذا لذلك، ورد الطعن الماثل إلى دائرة توحيد المبادئ وتحدد لنظره أمامها جلسة 5/ 2/ 2022 وفيها قررت المحكمة تأجيل نظر الطعن لجلسة 2/ 4/ 2022وكلفت هيئة مفوضي الدولة بإعداد تقرير بالرأي القانوني في الطعن.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بترجيح المبدأ القانوني القاضي بعدم قبول الدعاوى التي تخضع لأحكام وقواعد ونصوص القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها إذا تم اللجوء للجان التوفيق في بعض المنازعات المنصوص عليها في هذا القانون بعد تاريخ إقامة الدعوى، وذلك على النحو المبين تفصيلا بالأسباب، وبإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه على هدى ما تقدم.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ مرة أخرى وذلك على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 19/ 4/ 2022قررت المحكمة التأجيل لجلسة 7/ 5/ 2022 ،وأمرت بإحالة الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير تكميلي في ضوء النقاط المثارة بالجلسة وهي:
أولا تحديد ماهية مواد القانون المحال أمرها إلى المحكمة الدستورية العليا في الدعوى الموضوعية وتحديد ما إذا كان لها أثر قانوني على المبدأ المنظور المراد ترجيحه من عدمه.
ثانيا تحديد طبيعة اللجوء للجان التوفيق في بعض المنازعات المنصوص عليها وفقا للقانون رقم 7 لسنة 2000 وما إذا كان إجراء من إجراءات الدعوى المنصوص عليها بقانون المرافعات أم أنه يعد شرطا من شروط قبول الدعوى.
ثالثا تحديد الميعاد القانوني لتوفر شروط قبول الدعوى وما إذا كان هذا الميعاد هو تاريخ إيداع عريضة الدعوى أم تاريخ إعلان العريضة أم تاريخ الفصل في الدعوى.
رابعا : تحديد الطبيعة القانونية لما تصدره لجان التوفيق في بعض المنازعات المنصوص عليها وفقا للقانون 7 لسنة 2000 من أعمال قانونية .
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا تكميليا في الطعن انتهت فيه إلى ذات رأيها القانوني السابق مشتملا على أسبابه على النحو الوارد به. وتدوول نظر الطعن أمام هذه الدائرة على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 15/ 10/ 2022 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وصرحت بتقديم مستندات ومذكرات خلال أسبوعين وانقضى هذا الأجل ولم يقدم أي شيء، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.
----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا
من حيث ان عناصر المنازعة الماثلة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 26/ 3/ 2017 أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 38136لسنة 7١ق. أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة الدائرة الخامسة عشرة طالبة في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكال وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن ضم العلاوات الخاصة لبدل السكن وصرفها مع الفروق والعلاوات الخاصة التي سبق أن تم صرفها عن فترات العمل بالخارج بسعر الصرف وقت السداد وفقا لحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 9854لسنة 50 ق. عليا، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وذكرت المدعية شرحا لدعواها أنها من العاملين بالجهة الإدارية المدعى عليها والتحقت بالعمل بسفارات مصر العربية في الخارج لعدة فترات كما هو مبين ببيان الحالة الوظيفية الخاص بها، وقد قامت الجهة الإدارية بصرف بدل السكن لها عن مدد عملها بالخارج بنسبة 20% من إجمالي الراتب غير شامل العلاوات الخاصة، وأضافت أنها طالبت الجهة الإدارية بإعادة حساب هذا البدل بعد إضافة العلاوات الخاصة إلى الراتب وصرف الفروق المستحقة لها نتيجة لذلك، إلا أن جهة الإدارة لم تستجب لطلبها؛ الأمر الذي حدا بها إلى اللجوء إلى لجنة فض المنازعات المختصة، ثم أتبعت ذلك بإقامة الدعوى الماثلة والتي اختتمتها بطلباتها آنفة البيان.
وبجلسة 29/ 1/ 2020 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه سالف الذكر. وشيدت قضاءها - بعد استعراضها نص المادة 58 من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي الصادر بالقانون رقم 54 لسنة 1982 - على أن الجهة الإدارية صرفت للمدعية بدل السكن خلال تسع فترات دون حساب قيمة العلاوات الخاصة ضمن نسبة هذا البدل، كما أن المدعية تتقاضى راتبها من وزارة الخارجية، وكانت العلاوات الخاصة يدور صرفها مع الراتب وجود ا وعدما وتندرج ضمن العلاوات المنصوص عليها في المادة 53 من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي المشار إليه، والتي تدخل في حساب بدل السكن، فمن ثم يتعين أخذها في الاعتبار عند حساب هذا البدل شأنها في ذلك شأن الرواتب والبدلات والعلاوات الأخرى المقررة للمدعية؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بأحقيتها في حساب قيمة العلاوات الخاصة المقررة لها خلال الفترات المشار إليها ضمن نسبة بدل السكن الذي سبق صرفه لها وبفئة ،الخارج مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية على أن يتم صرف هذه الفروق بالمقابل النقدي المصري على أساس سعر الصرف للعملة الأجنبية وقت الاستحقاق، وفقا لما انتهى اليه حكم دائرة تو حيد المبادئ الصادر في الطعن رقم 3001 لسنة 56ق.عليا بجلسة 2/ 6/ 2018 وأضافت المحكمة أنه بالنسبة إلى طلب المدعية أحقيتها في حساب قيمة العلاوات الخاصة ضمن نسبة بدل السكن الذي صرف لها عن فترتي عملها بالخارج من 25/ 11/ 1993حتى 24/ 12/ 1993 ،ومن 6/ 6/ 1999 حتى 5/ 7/ 1999 ،فقد خلت األور4اق مما يثبت أن المدعية قد طالبت الجهة الإدارية المدعى عليها بحساب قيمة تلك العلاوات ضمن نسبة بدل السكن الممنوح لها عن هاتين الفترتين قبل اللجوء إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات، ومن ثم يكون حقها في المطالبة عنهما قد سقط بالتقادم الطويل بمضي أكثر من خمس عشرة سنة على تاريخ نشوء الحق، وبناء عليه انتهت المحكمة إلى قضائها سالف الذكر.
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولا لدي الطاعن بصفته ، فأقام الطعن الماثل نعيا على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ، والقصور في التسيب ، والفساد في الاستدلال ، وذلك على النحو الوارد تفصيلا بصحيفة الطعن ، واختتم الطاعن تقرير الطعن بطلباته سالفة البيان .
ومن حيث ان جوهر الإحالة إلى هذه الدائرة ينحصر في الترجيح بين اتجاهين بالمحكمة الإدارية العليا فيما صدر عنها من أحكام بشأن قبول الدعاوي التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها ، وذلك اذا تم اللجوء لهذه اللجان بعد تاريخ إقامة الدعوي .
حيث ذهب الاتجاه الأول إلى عدم قبو الدعاوي التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها اذا تم اللجوء لتلك اللجان المنصوص عليها بهذا القانون بعد تاريخ إقامة الدعوي تأسيسا على أن المشرع في سبيل تحقيق العدالة الناجزة التي تيسر لذوي الشأن الحصول على حقوقهم في أقرب وقت ممكن ، ولتخفيف العبء عن القضاة أصدر القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار اليه بإنشاء لجان للتوفيق في بعض المنازعات التي تنشأ بين الجهات الإدارية الواردة بالمادة الأولي والعاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة ، وذلك أيا كانت طبيعة هذه المنازعات ، ورتب أثرا على عدم الالتزام باللجوء إلى تلك اللجان هو عدم قبول الدعاوي التي تقام مباشرة أمام المحكمة ، وأخرج عن الخضوع لأحكامه منازعات بعينها أوردها تفصيلا بالمادتين الرابعة والحادية عشرة ، ..... ومن ثم يتعين على صاحب الشأن في المنازعات الخاضعة لأحكامه قبل اللجوء إلى المحكمة أن يتقدم بطلب التوفيق إلى اللجنة المختصة خلال المواعيد المقررة للطعن بالإلغاء وبعد تقديم التظلم من القرار المطعون فيه وانتظار المواعيد المقررة للبت فيه ، وبالنسبة إلى طلب التعويض المرتبط بطلب الإلغاء يتعين بشأنه كذلك اللجوء للجنة التوفيق ، والا أضحي غير مقبول .
( في هذا الاتجاه حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 2914 لسنة 49 ق . عليا - جلسة 25/ 11/ 2006 ، والطعن رقم 9025 لسنة 56 ق .عليا - جلسة 19/ 3/ 2016 ، والطعن رقم 27504 لسنة 60 ق. عليا - جلسة 28/ 1/ 2018 ، والطعن رقم 105799 لسنة 63 ق. عليا - جلسة 19/ 1/ 2019 )
بينما ذهب الاتجاه الثاني إلى قبول الدعاوي التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها اذا تم اللجوء لتلك اللجان المنصوص عليها بهذا القانون بعد تاريخ إقامة الدعوي ، تأسيسا على أن الغاية من هذا القانون وطبقا لما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية هي تحقيق العدالة الناجزة التي تصل بها الحقوق إلى أصحابها دون الاضطرار إلى ولوج سبيل التقاضي ، وما يستلزمه في مراحله المختلفة من الأعباء المادية والمعنوية ، وما قد يصاحبها في أحيان كثيرة من إساءة استغلال ما وفره القانون من أوجه الدفاع والدفوع ، واتخاذها سبيلا للكيد ، ووسيلة لإطالة أمد الخصومات على نحو يرهق القضاء ويلحق الظلم بالمتقاضين ، ومن ثم فانه على ضوء ما تغياه المشرع من إصدار القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق من تخفيف الأعباء عن كاهل القاضي والمتقاضي ، فاذا أقام المدعي في احدي المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون دعواه مباشرة إلى المحكمة المختصة قبل اللجوء إلى احدي اللجان التي أنشأها هذا القانون ، ولكنه في أثناء نظر الدعوي ، وقبل صدور الحكم المنهي للخصومة فيها تدارك هذا الأمر وتقدم بطلبه إلى اللجنة المختصة إعمالا لأحكام القانون المذكور ، فان هذا المدعي يكون قد استوفي الإجراء الذي أوجبه هذا القانون بما لا تثريب معه على المحكمة ان هي مضت في السير في نظر دعواه دون حاجة للحكم بعدم قبولها لعدم اتخاذ الإجراء الشكلي ، فاذا تم تقديم طلب التوفيق بعد رفع الدعوي ، فان الإجراء المطلوب قانونا يكون قد استوفي وتحققت الغاية منه ، ولا محل للدفع بعدم قبول الدعوي لذلك .
بالإضافة إلى ذلك فانه وإعلاء لحق التقاضي الذي صانه الدستور وكفله للكافة ، فقد درجت هذه المحكمة في فهمها وتطبيقها للنصوص القانونية التي تنظم الإجراءات السابقة على اللجوء إلى قضاء مجلس الدولة كالتظلم الوجوبي أو اللجوء إلى لجنة التوفيق على اعتبار أن تلك الإجراءات ليست أشكالا جامدة مقصودة لذاتها ، وإنما هي وسائل شرعها المشرع لإمكان إنهاء المنازعة قبل اللجوء إلى القضاء تيسيرا على أصحاب الشأن وعلى وجهة الإدارة ، وتخفيفا للعبء الواقع على المحاكم ، إلا أنه لا يجوز أن تطبق تلك النصوص على وجه جامد ينحرف بها عن المقصد منها ، فاذا اتخذت تلك الإجراءات ولو بعد رفع الدعوي فان الغاية منها تكون قد تحققت ، ولا يجوز أن يكون ذلك سببا للقضاء بعدم قبول الدعوي ، وانتهت إلى أنه لا يشترط لقبول الدعوي الالتزام بالأسبقية الزمنية لتقديم التظلم على رفع الدعوي ما دام قد قدم فعلا خلال الميعاد المقرر قانونا لتقديمه ، كما قضت بأنه اذا تم تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة بعد رفع الدعوي ، فان الإجراء المطلوب قانونا يكون قد استوفي ، وتحققت الغاية منه ، ولا محل للدفع بعدم قبول الدعوي لهذا السبب .
( في هذا الاتجاه حكمها الصادر في الطعن رقم 2906 لسنة 41 ق .عليا - جلسة 13/ 11/ 1999 ، وفي الطعن رقم 35979 لسنة 52 ق .عليا - جلسة 15/ 10/ 2010 ، وفي الطعن رقم 12078 لسنة 62 ق. عليا - جلسة 28/ 1/ 2018 ، وفي الطعن رقم 80577 لسنة 65 ق .عليا - جلسة 19/ 6/ 2021 )
ومن حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يدور حول قبول الدعاوي التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها ، وذلك اذا تم اللجوء لهذه اللجان بعد تاريخ إقامة الدعوى .
ومن حيث إن المادة الأولي من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها تنص على أنه : ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر ، للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها ، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة .
وتنص المادة الرابعة من القانون ذاته على أنه : عدا المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والإنتاج الحربي أو أي من أجهزتهما طرفا فيها وكانت المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية وتلك التي تفردها القوانين بأنظمة خاصة ، أو توجب فضها عن طريق هيئات تحكيم تتولي اللجان المنصوص عليها في المادة الأولي من هذا القانون التوفيق بين أطراف المنازعات التي تخضع لأحكامه . ويكون اللجوء إلى هذه اللجان بغير رسوم .
وتنص المادة التاسعة من القانون المذكور والمستبدلة بموجب القانون رقم 6 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 على أن : مع مراعاة أحكام المادة العاشرة مكررا من هذا القانون تصدر اللجنة قراراتها مسببة ، وذلك في ميعاد لا يجاوز ثلاثين يوما من تاريخ تقديم طلب التوفيق اليها وتثبت ذلك بمحضرها .
ويعرض القرار خلال سبعة أيام من تاريخ صدوره على السلطة المختصة والطرف الآخر في النزاع ، فاذا اعتمدته السلطة المختصة وقبله الطرف الآخر كتابة خلال الخمسة عشر يوما التالية لحصول العرض قررت اللجنة إثبات ما تم الاتفاق عليه في محضر يوقع من الطرفين ويلحق بمحضرها وتكون له قوة السند التنفيذي ، ويبلغ إلى السلطة المختصة لتنفيذه .
وتنص المادة الحادية عشرة من القانون ذاته على أنه : عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل ومنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض ، والطلبات الخاصة بأوامر الأداء ، وطلبات إلغاء القرارات الإدارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ ، لا تقبل الدعوي التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول وفقا لحكم المادة السابقة.
ومن حيث انه باستقراء النصوص المتقدمة يبين أن المشرع في سبيل تحقيق العدالة الناجزة التي تيسر لذوي الشأن الحصول على حقوقهم في أقرب وقت ممكن ، ولتخفيف العبء عن القضاة ، أصدر القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان للتوفيق في بعض المنازعات التي تنشأ بين الجهات الإدارية الواردة بالمادة الأولي والعاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة ، وذلك أيا كانت طبيعة هذه المنازعات ، ورتب أثرا على عدم الالتزام باللجوء إلى تلك اللجان هو عدم قبول الدعاوي التي تقام مباشرة أمام المحكمة ، وأخرج عن الخضوع لأحكامه منازعات بعينها أوردها تفصيلا بالمادتين الرابعة والحادية عشرة ...... ومن ثم يتعين على صاحب الشأن في المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون قبل اللجوء إلى المحاكم أن يتقدم بطلب التوفيق إلى اللجنة المختصة خلال المواعيد المقررة للطعن بالإلغاء .
ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد جري على أن المشرع أوجب على المدعي اللجوء إلى لجنة التوفيق المختصة بشأن منازعته المدنية أو التجارية أو الإدارية وذلك قبل ولوجه سبيل التقاضي ، ليعرض عليها أمر منازعته لتتولي فحصها وإصدار التوصية المناسبة في موضوعها في ضوء أحكام القانون الواجب التطبيق ، عسي أن تستجيب جهة الإدارة إلى طلب المدعي أو أن يقتنع الأخير بأن مظنة حقه لا سند لها من القانون فيعدل عن مخاصمة جهة الإدارة قضاء ، فان أنكرت هذه الجهة حق المدعي أو لم تنزل توصية اللجنة في نفسه منزلة اليقين كان له اللجوء إلى القضاء وولوج سبيله استدعاء لحقه في التقاضي الذي كفله له الدستور ، ومن ثم فاذا تنكب المدعي السبيل الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 سالف الذكر ولجأ مباشرة بدعواه إلى المحكمة ، فقد رتب المشرع جزاء قانونيا على ذلك مقتضاه عدم قبول هذه الدعوي جزاء وفاقا لإغفاله اتباع هذا السبيل .
كما جري قضاؤها بأنه مع صراحة نص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 7 لسنة 2000 والتي نصت على أن لا تقبل الدعاوي التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها ، فان الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق المقرر في هذا القانون ، مثل عدم سابقة التظلم الوجوبي المنصوص عليها في المادة 12 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ، حيث أوجب المشرع على ذوي الشأن حتي تقبل طعونهم بالإلغاء في القرارات النهائية للسلطات التأديبية أن يتظلموا منها قبل رفع الدعوي إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئة الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في التظلم ، وكذا الدفع بعدم اللجوء إلى لجنة التوفيق في المنازعات أو لجان فحص المنازعات التي أنشئت بالتطبيق لنص المادة 157 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 ، وأن هذا الدفع هو في حقيقته دفع ببطلان الإجراءات ، إذ أنه موجه إلى إجراءات الخصومة وشكلها وكيفية توجيهها ، وبهذه المثابة يعد من الدفوع الشكلية .
( حكمها الصادر في الطعن رقم 80577 لسنة 65 ق. عليا - جلسة 19/ 6/ 2021 )
وفي ضوء ما تقدم ، وإعمالا للقاعدة الأصولية في التفسير من أنه لا اجتهاد عند صراحة النص ، وأن إعمالا النص خير من إهماله ، فانه يتعين التقيد بصريح نص المادة الحادية عشرة من القانون رقم 7 لسنة 2000 سالف الذكر ، والالتزام بالفهم السليم لها ، والتطبيق الصحيح لحكمها ، والتي نصت في إفصاح جهير وصريح لا يجوز تأويله على محمل آخر من أنه لا تقبل الدعاوي التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول كإجراء شكلي جوهري يتعين مراعاة اتخاذه قبل سلوك طريق الدعوي القضائية ، بحسبانه هو الأصل في استخلاص ذي الشأن لحقه ورفع الظلم عنه ، دون أن يتحمل مشقة القضاء وإجراءاته ، وقد حدد المشرع بعبارات صريحة النتيجة المترتبة على مخالفة هذا الإجراء وهي عدم قبول الدعاوي التي ترفع إبداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون قبل تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة .
ومن حيث انه بناء على ما سلف بيانه ، فانه يغدو الاتجاه الأول في أحكام المحكمة الإدارية العليا بعدم قبول الدعاوي التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها ، اذا تم اللجوء لهذه اللجان بعد تاريخ إقامة الدعوي هو الأولي بالترجيح .
فلهذه الأسباب :
حكمت المحكمة بترجيح الاتجاه الوارد في أحكام المحكمة الإدارية العليا ، الذي من مقتضاه عدم قبول الدعاوي التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها ، وذلك اذا تم اللجوء لهذه اللجان بعد تاريخ إقامة الدعوي ، وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيه على هدي ما تقدم .
( صدر هذا الحكم وتلي علنا بالجلسة المنعقدة يوم السبت 10 من جمادي الأولي سنة 1444 هـ ، الموافق 3 من ديسمبر 2022 م ، وذلك بالهيئة المبينة بصدره ) .

الطعن 2268 لسنة 81 ق جلسة 21 / 1 / 2018 مكتب فني 69 ق 12 ص 124

جلسة 21 من يناير سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ سعيد سعد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ بدوي إبراهيم عبد الوهاب، مصطفى عز الدين صفوت، هشام محمد عمر وعبد الله عبد المنعم عبد الله نواب رئيس المحكمة.
---------------
(12)
الطعن رقم 2268 لسنة 81 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن بالنقض: الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
أسباب الطعن المتعلقة بالنظام العام. لمحكمة النقض وللنيابة العامة وللخصوم إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن. شرطه. توافر عناصر الفصل فيها من الأوراق وورودها على الجزء المطعون فيه من الحكم.

(2 - 4) استئناف "رفع الاستئناف: الخصوم في الاستئناف: الحالات التي يتعين فيها اختصام جميع المحكوم لهم والمحكوم عليهم".
(2) نسبية أثر الطعن. الأصل ألا يفيد من الطعن إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه. الاستثناء. حالاته. م 218/ 1، 2 مرافعات. علة ذلك.

(3) المحكوم عليه الذي فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم في موضوع غير قابل للتجزئة أو التزام بالتضامن أو دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين له أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المقام من أحد زملائه في الميعاد منضما إليه في طلباته. قعوده عن ذلك. أثره. التزام المحكمة بتكليف الطاعن باختصامه. عدم اختصامه. مؤداه. عدم قبول الطعن.

(4) دعوى إعادة الحال لما كان عليه بالعين المؤجرة. موضوع غير قابل للتجزئة. قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلا دون الأمر باختصام المحكوم عليه أو تدخله في الاستئناف منضما للمستأنفين الطاعن والمطعون ضدهما السادس والسابع. أثره. بطلان الحكم. علة ذلك.

(5) نقض "أثر نقض الحكم: التزام محكمة الإحالة بالمسألة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض".
نقض الحكم والإحالة. أثره. وجوب التزام المحكمة المحال إليها بالمسألة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض. م 269/ 2 مرافعات. المقصود بالمسألة القانونية. ما طرح على محكمة النقض وأدلت برأيها فيه فاكتسب حجية الأمر المقضي. يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية.

(6) نقض "الطعن بالنقض للمرة الثانية".
مخالفة الحكم المطعون فيه للحكم الناقض بعدم اختصام المحكوم عليه في الاستئناف. خطأ. وجوب الإحالة مجددا لمحكمة الاستئناف وإن كان الطعن بالنقض للمرة الثانية. علة ذلك.

---------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها، وللخصوم والنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 218 من قانون المرافعات أن الأصل هو نسبية أثر الطعن فلا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، ويستثنى من ذلك حالات ثلاث وهي تلك التي تصدر فيها الأحكام في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين وعلة ذلك هو تفادي تضارب الأحكام في الخصومة الواحدة.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المشرع أجاز للمحكوم عليه (في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين) الطعن في الحكم أثناء نظر الطعن بالنقض أو الاستئناف المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضما إليه في طلباته ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن، فإذا امتنع عن ذلك فلا تكتمل للطعن موجبات قبوله بما يتعين معه القضاء بعدم قبوله.

4 - إذ كانت الطلبات في الدعوى المبتدأة هي إعادة الحال لما كان عليه بالعين المؤجرة بموجب حكم بات نهائيا وكانت تلك الطلبات غير قابلة للتجزئة لا يحتمل الفصل فيها إلا حلا واحدا بعينه وإذ قضى الحكم الابتدائي لمورث المطعون ضدهم الخمسة الأول بالطلبات فاستأنف الطاعن والمطعون ضدهما السادس والسابع هذا الحكم وحدهم دون المحكوم عليه الصادر ضده الحكم ...... والذي لم يتدخل في الاستئناف منضما للمستأنفين سالفي الذكر في طلباتهم كما لم تأمر محكمة الاستئناف باختصامه في الدعوى، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الاستئناف شكلا يكون قد خالف قاعدة إجرائية آمرة متعلقة بالنظام العام مما أصابه بالعوار فأضحى باطلا.

5 - المقرر في - قضاء محكمة النقض - أن مفاد الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات أنه إذا نقض الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المنقوض للحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم يتحتم على تلك المحكمة أن تتبع حكم محكمة النقض فقط في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة ويقصد بالمسألة القانونية في هذا الحال أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصدق فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيها بشأنها في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية.

6 - إذ كانت (محكمة النقض) قد نقضت الحكم المطعون فيه بموجب الطعن رقم ... لسنة 66 ق لعدم اختصام المحكوم عليه ...... إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتم إجراءات اختصامه ولم يتبع الحكم الناقض في تلك المسألة القانونية التي اكتسبت قوة الشيء المحكوم فيه بما يوجب (وإن كان الطعن بالنقض للمرة الثانية) الإحالة إلى محكمة استئناف القاهرة لنظر الدعوى في هذا الخصوص.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تخلص في أن مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول أقام الدعوى رقم ... لسنة 1993 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن والمطعون ضدهما السادس والسابع وآخر غير مختصم في الطعن بطلب الحكم بتمكينه من إعادة الحال إلى ما كان عليه حسبما انتهى إليه تقرير الخبير المودع في الدعوى رقم ... لسنة 1991 مدني مستعجل القاهرة، وقال بيانا لذلك، إنه أقام الدعوى آنفة البيان ضد المدعو ...... لإثبات ما قام به الأخير من تعديلات على العين المؤجرة منه إليه وإجراء توسيعات ضم بموجبها أمتار زائدة على مساحة العين وتقدير ما أصابه من خسارة وفاته من كسب وانتهى تقرير الخبير المودع بها إلى أحقيته في طلباته، فأقام الدعوى. حكمت محكمة أول درجة بتاريخ 26/ 7/ 1995 بالطلبات استأنف الطاعن والمطعون ضدهما السادس والسابع هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 112 ق القاهرة بتاريخ 6/ 2/ 1996 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن والمطعون ضدهما سالفي الذكر على هذا الحكم بطريق النقض برقم ... لسنة 66 ق بتاريخ 7/ 3/ 2009 نقضت المحكمة الحكم وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وبعد أن عجل الطاعن السير قضت المحكمة بتاريخ 8/ 12/ 2010 بالتأييد، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم اختصام المحكوم عليه ...... أمام محكمة الاستئناف في موضوع غير قابل للتجزئة، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة ببطلان الحكم المطعون فيه لعدم اختصام المحكوم عليه ...... أمام محكمة الاستئناف حال كون موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة فإنه سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها، وللخصوم والنيابة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم، وكان مفاد نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 218 من قانون المرافعات أن الأصل هو نسبية أثر الطعن فلا يفيد منه إلا من رفعه ولا يحتج به إلا على من رفع عليه، ويستثنى من ذلك حالات ثلاث وهي تلك التي تصدر فيها الأحكام في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين وعلة ذلك هو تفادي تضارب الأحكام في الخصومة الواحدة، لذلك أجاز المشرع للمحكوم عليه الطعن في الحكم أثناء نظر الطعن بالنقض أو الاستئناف المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضما إليه في طلباته ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن، فإذا امتنع عن ذلك فلا تكتمل للطعن موجبات قبوله بما يتعين معه القضاء بعدم قبوله، لما كان ذلك، وكانت الطلبات في الدعوى المبتدأة هي إعادة الحال لما كان عليه بالعين المؤجرة بموجب حكم بات نهائي وكانت تلك الطلبات غير قابلة للتجزئة لا يحتمل الفصل فيها إلا حلا واحدا بعينه وإذ قضى الحكم الابتدائي لمورث المطعون ضدهم الخمسة الأول بالطلبات فاستأنف الطاعن والمطعون ضدهما السادس والسابع هذا الحكم وحدهم دون المحكوم عليه الصادر ضده الحكم ...... والذي لم يتدخل في الاستئناف منضما للمستأنفين سالفي الذكر في طلباتهم كما لم تأمر محكمة الاستئناف باختصامه في الدعوى، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبول الاستئناف شكلا يكون قد خالف قاعدة إجرائية آمرة متعلقة بالنظام العام مما أصابه بالعوار فأضحى باطلا بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطعن بطريق النقض وإن كان للمرة الثانية إلا أن المقرر في - قضاء هذه المحكمة - أن مفاد الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات أنه إذا نقض الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المنقوض للحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم يتحتم على تلك المحكمة أن تتبع حكم محكمة النقض فقط في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة ويقصد بالمسألة القانونية في هذا الحال أن تكون قد طرحت على محكمة النقض وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصدق فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيها بشأنها في حدود المسألة أو المسائل التي تكون قد بتت فيها بحيث يمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية، وكانت هذه المحكمة - بهيئة مغايرة - قد نقضت الحكم المطعون فيه بموجب الطعن رقم ... لسنة 66 ق لعدم اختصام المحكوم عليه ...... إلا أن الحكم المطعون فيه لم يتم إجراءات اختصامه ولم يتبع الحكم الناقض في تلك المسألة القانونية التي اكتسبت قوة الشيء المحكوم فيه بما يوجب الإحالة إلى محكمة استئناف القاهرة لنظر الدعوى في هذا الخصوص.

الطعن 9968 لسنة 81 ق جلسة 9 / 1 / 2018 مكتب فني 69 ق 4 ص 69

جلسة 9 يناير سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي ود. مصطفى سالمان وأحمد العزب نواب رئيس المحكمة ود. محمد رجاء.
----------------
(4)
الطعن رقم 9968 لسنة 81 القضائية.

(1 - 5) تحكيم" بطلان حكم التحكيم: دعوى بطلان حكم التحكيم : أسبابها : ما لا يعد سببا للبطلان".
(1) تولى القاضي لمهمة التحكيم. شرطه. موافقة مجلس القضاء الأعلى. عدم حصوله على تلك الموافقة. لا يعد سببا لعدم صلاحيته كمحكم. علة ذلك. المادتان 62، 63 قانون السلطة القضائية.

(2) دعوى بطلان حكم التحكيم. خلو القانون المصري من النص صراحة أو ضمنا على اعتبار غياب موافقة مجلس القضاء الأعلى بالنسبة للمحكمين من رجال القضاء والنيابة العامة، أو غياب موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية بالنسبة للمحكمين من قضاة مجلس الدولة من حالات قبولها. صحة تشكيل هيئة التحكيم. شرطه. اتفاقه مع نصوص القانون الحاكم لإجراءات التحكيم. المحكم. اشتراط توافر الأهلية الكاملة. علة ذلك. م 53/ 1 هـ من قانون التحكيم.

(3) صلاحية المحكم. مناطها. م 16 ق التحكيم.

(4) الالتجاء لدعوى ببطلان حكم المحكمين. حالاته. وقوع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر فيه. مخالفة القاضي لقانون السلطة القضائية بعدم حصوله على موافقة مجلس القضاء الأعلى قبل مباشرة التحكيم. عدم اعتباره من قبيل البطلان الإجرائي المنصوص عليه في المادة 53/ 1 ز من قانون التحكيم. أثره. لا أثر له على صحة حكم التحكيم.

(5) تعلق الإجراء بالنظام العام. مناطه. علم توقفه على الحصول على إذن أو تصريح من السلطة المختصة. عدم حصول القاضي على إذن مجلس القضاء الأعلى. لا يعد من النظام العام المنصوص عليه في المادة 53/ 3 من قانون التحكيم. مثال.

---------------

1 - النص في المادتين 62، 63 من قانون السلطة القضائية يدل في جلاء على أن خطاب المشرع في هاتين المادتين- بإجازة ندب القاضي لتولي مهمة التحكيم بشرط الحصول على موافقة مجلس القضاء الأعلى -موجه إلى القاضي وحده دون غيره من أطراف التحكيم. وبذلك، فإن حصول القاضي على تلك الموافقة من عدمه يعد شأنا من شئون عمله القضائي لا يخص طرفي الخصومة التحكيمية من قريب أو بعيد. ومن ثم فإن اضطلاع القاضي بدور المحكم بغير هذه الموافق– وإن كان يعرضه لاحتمال المساءلة –لا يمكن أن ينال من صلاحيته لأن يكون محكما أو رئيسا لهيئة التحكيم ولا يستطيل ببطلان إلى حكم التحكيم ذاته.

2 - إذ خلا قانون التحكيم المصري، بحسبانه الشريعة العامة للتحكيم في مصر، من النص صراحة أو ضمنا على قبول دعوى البطلان عند غياب موافقة مجلس القضاء الأعلى بالنسبة للمحكمين من رجال القضاء والنيابة العامة، أو غياب موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية بالنسبة للمحكمين من قضاة مجلس الدولة. ولا يغير من ذلك النص في المادة 53 (1) (هـ) من قانون التحكيم على قبول دعوى بطلان حكم التحكيم "إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون...."، إذ إن تقرير مدى سلامة تشكيل هيئة التحكيم إنما يكون بالنظر إلى نصوص القانون الذي يحكم إجراءات التحكيم lex arbitri في المقام الأول، باعتباره قانونا خاصا lex specialis فيما يتعلق بكافة مسائل التحكيم.

3 - اقتصرت المادة 16 (1) من ذات القانون – وهو القانون الحاكم لإجراءات القضية التحكيمية الماثلة - على بيان الشروط العامة لصلاحية المحكم بالنص على أنه "لا يجوز أن يكون المحكم قاصرا أو محجورا عليه أو محروما من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو بسبب شهر إفلاسه ما لم يرد إليه اعتباره."، وذلك اتساقا مع ما اتفقت عليه القوانين المقارنة من اشتراط توافر الأهلية الكاملة في المحكم باعتبار أنه سيقوم بأعمال قضائية.

4 - ليس ثمة محل لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن عدم حصول القاضي على موافقة مجلس القضاء الأعلى لمباشرة التحكيم يعد بطلانا في إجراءات خصومة التحكيم على نحو يؤثر في الحكم وفقا للمادة 53 (1) (ز) من قانون التحكيم؛ ذلك أن معيار بطلان حكم التحكيم بموجب المادة 53 (1) (ز) هو معيار مزدوج two-pronged test يفترض (أولا) وقوع عيب في إجراءات خصومة التحكيم من شأنه أن يؤدي إلى بطلانها، و(ثانيا) أن يكون هذا البطلان قد أثر في حكم التحكيم، بمعنى أن يكون ما شاب الإجراء من بطلان قد انعكس على حكم التحكيم. وبإعمال هذا المعيار، فإنه ولئن كان اختيار المحكمين هو إجراء من إجراءات الخصومة التحكيمية إلا أن القول بمدى سلامته من عدمه يكون بالنظر إلى مدى موافقته للقانون الذي يحكم إجراءات التحكيم، وهو هنا قانون التحكيم المصري؛ ومدى موافقته لاتفاق طرفي التحكيم سواء كان في صورة شرط تحكيم arbitration clause أو مشارطة تحكيم submission agreement؛ وكذلك مدى موافقته لقواعد التحكيم arbitration rules التي تم الاتفاق عليها، مؤسسية institutional كانت أو غير مؤسسية ad hoc؛ وأخيرا موافقته لتلك القواعد التي تعبر بحق عن النظام العام public policy للمجتمع المصري. وبهذه المثابة فإن مخالفة القاضي لقانون السلطة القضائية بعدم حصوله على موافقة مجلس القضاء الأعلى قبل مباشرة التحكيم لا يمكن أن تعد من قبيل البطلان الإجرائي من الأساس، ومن ثم فإن تلك المخالفة لا يمكنها التأثير في صحة حكم التحكيم الذي يصدره أو يشترك في إصداره رجل القضاء، ومن ثم تنتفي شروط إعمال المعيار المشار إليه.

5 - لا يعد صحيح كذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن عدم حصول القاضي على موافقة مجلس القضاء الأعلى لمباشرة التحكيم يعد بطلانا متعلقا بالنظام العام وفقا للمادة 53 (2) من قانون التحكيم؛ ذلك أنه لا يمكن تبعيض فكرة النظام العام غير القابلة للانقسام بطبيعتها، فلا يتصور ربط هذه الفكرة بالحصول على إذن أو تصريح من السلطة المختصة، فمرة يعد الإجراء موافقا للنظام العام إن لم يصدر الإذن أو التصريح، وعلى قاعدة من هذا الفهم، فإن الإجراء المخالف للنظام العام بحق لا يمكن أن يصححه الإذن ابتداء أو الإجازة اللاحقة انتهاء. لما كان ما تقدم، فإن مباشرة القاضي لمهمة التحكيم بغير موافقة مجلس القضاء الأعلى لا تمس النظام العام ولا تنال من صحة تشكيل هيئة التحكيم ولا تؤثر في حكم التحكيم ذاته، إذ ليس في ذلك إخلال بالضمانات الأساسية للتقاضي طوال العملية التحكيمية ولا تهديد المصالح العليا للمجتمع أو قيمه الأساسية، بما لا يصح معه استدعاء فكرة النظام العام وإرهاقها في غير ضرورة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر المتقدم، وانتهى في قضائه إلى بطلان الأمر الوقتي الصادر في القضية التحكيمية المقيدة برقم ... لسنة 2010 بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي لبطلان تشكيل هيئة التحكيم التي أصدرته بطلانا متعلقا بالنظام العام لعدم حصول المحكم المسمى من قبل الشركة الطاعنة على موافقة مجلس القضاء الأعلى لمباشرة التحكيم إلا في تاريخ لاحق على إصدار الأمر الوقتي، فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون.

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم .... لسنة 127 ق لدى محكمة استئناف القاهرة على الشركة الطاعنة وآخرين بطلب الحكم بما يلي:
أولا، بصفة مستعجلة (1) وقف تنفيذ الأمر الوقتي الصادر من هيئة التحكيم بتاريخ 9/ 5/ 2010 في الدعوى التحكيمية رقم ..... لسنة 2010 تحكيم مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي والمذيل بالصيغة التنفيذية بالأمر رقم ....... ق القاهرة الصادر بتاريخ 23/ 5/ 2010؛ (2) وقف السير في إجراءات الدعوى التحكيمية لحين الفصل في الموضوع؛ ثانيا، وفي الموضوع ببطلان الأمر الوقتي سالف البيان وما يترتب عليه من آثار لحين الفصل في الطلبات الموضوعية بدعوى التحكيم. وبيانا لذلك قالت الشركة المطعون ضدها إن الطاعنة أقامت عليها الدعوى التحكيمية رقم ... لسنة 2010 أمام مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بشأن الخلاف بينهما حول تنفيذ العقد المؤرخ 5/ 3/ 2008 والمتضمن شرط التحكيم وطلبت فيها استصدار أمر وقتي بعدم تسييل خطاب ضمان الدفعة المقدمة الصادر لصالح المطعون ضدها من البنك الأهلي المتحد بناء على أمرها. وأضافت أنه بتاريخ 9/ 5/ 2010 أصدرت هيئة التحكيم بصفة مؤقتة أمرا بإلزام الشركة المطعون ضدها بوقف تسييل خطاب الضمان البالغ قيمته 49/ 11.577.244 جنيها وإلزام الشركة الطاعنة بتمديد خطاب الضمان المذكور لحين الفصل في الطلبات الموضوعية بدعوى التحكيم. وإذ رأت الشركة المطعون ضدها أن الأمر الوقتي قد شابه البطلان لعدم اختصاص هيئة التحكيم بإصداره نظرا لعدم اتفاق الطرفين على منحها سلطة إصدار الأوامر الوقتية وصدوره في مسألة لم يشملها اتفاق التحكيم وبالمخالفة للنظام العام وفي غير الحالات التي يجوز فيها إصدار الأوامر الوقتية فضلا عن عدم التحقق من توافر شرط الاختصاص النوعي بإصدار الصيغة التنفيذية ووضعها عليه بالمخالفة للقانون، ومن ثم أقامت الدعوى. وبتاريخ 6 من أبريل سنة 2011 أجابت المحكمة المطعون ضدها إلى طلبها ببطلان الأمر الوقتي موضوع الدعوى تأسيسا على بطلان تشكيل هيئة التحكيم التي أصدرت الأمر، باعتبار أنها ضمت في عضويتها قاضيا (المحكم المسمى من قبل الشركة الطاعنة) لم يحصل على موافقة مجلس القضاء الأعلى قبل تولي مهمة التحكيم. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ قضى - من تلقاء نفسه وبغير نعي من جانب الشركة المطعون ضدها صاحبة الصفة والمصلحة- ببطلان الأمر الوقتي الصادر من هيئة التحكيم بوقف تسييل خطاب الضمان، بدعوى مخالفة ذلك الأمر الوقتي للنظام العام في مصر استنادا للمادة 63 (1) من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية لعدم حصول المحكم المستشار/ ...... على موافقة مجلس القضاء الأعلى – على مباشرة التحكيم إلا في تاريخ لاحق على إصدار الأمر الوقتي بما يبطل تشكيل الهيئة التي أصدرته، كما اعتبر الحكم المطعون فيه أن غياب الموافقة السابقة من مجلس القضاء الأعلى بمثابة بطلان في إجراءات التحكيم أثر في الحكم لأنه بطلان متعلق بالنظام العام وفقا للمادتين 53 (1) (ز) و53 (2) من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن إصدار قانون في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية، مع أن هذا البطلان – بفرض وجوده – غير متعلق بالنظام العام، فضلا عن أن الموافقة اللاحقة كالإجازة السابقة تتحقق بها الغاية من الإجراء، ولا يترتب على تخلفها البطلان، ولا تؤثر في صحة حكم التحكيم الذي اشترك القاضي كمحكم في إصداره طالما توافرت له شروط الصلاحية لأن يكون محكما، لا سيما وأن تلك الموافقة لا تعدو أن تكون تنظيما لعلاقة القاضي الوظيفية بمجلس القضاء الأعلى بما يخرجها عن نطاق شروط الصلاحية للتحكيم، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 62 من قانون السلطة القضائية على أنه "يجوز ندب القاضي مؤقتا للقيام بأعمال قضائية أو قانونية غير عمله أو بالإضافة إلى عمله وذلك بقرار من وزير العدل بعد أخذ رأي الجمعية العامة التابع لها وموافقة مجلس القضاء الأعلى...."، والنص في المادة 63 من ذات القانون على أنه "لا يجوز للقاضي، بغير موافقة مجلس القضاء الأعلى، أن يكون محكما ولو بغير أجر، ولو كان النزاع غير مطروح على القضاء، إلا إذا كان أحد أطراف النزاع من أقاربه أو أصهاره حتى الدرجة الرابعة بدخول الغاية. كما لا يجوز بغير موافقة المجلس المذكور ندب القاضي ليكون محكما عن الحكومة أو إحدى الهيئات العامة متى كانت طرفا في نزاع يراد فضه بطريق التحكيم،...."، يدل في جلاء على أن خطاب المشرع في هاتين المادتين- بإجازة ندب القاضي لتولي مهمة التحكيم بشرط الحصول على موافقة مجلس القضاء الأعلى -موجه إلى القاضي وحده دون غيره من أطراف التحكيم. وبذلك، فإن حصول القاضي على تلك الموافقة من عدمه يعد شأنا من شئون عمله القضائي لا يخص طرفي الخصومة التحكيمية من قريب أو بعيد. ومن ثم فإن اضطلاع القاضي بدور المحكم بغير هذه الموافقة – وإن كان يعرضه لاحتمال المساءلة – لا يمكن أن ينال من صلاحيته لأن يكون محكما أو رئيسا لهيئة التحكيم ولا يستطيل ببطلان إلى حكم التحكيم ذاته.
ولقد خلا قانون التحكيم المصري، بحسبانه الشريعة العامة للتحكيم في مصر، من النص صراحة أو ضمنا على قبول دعوى البطلان عند غياب موافقة مجلس القضاء الأعلى بالنسبة للمحكمين من رجال القضاء والنيابة العامة، أو غياب موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية بالنسبة للمحكمين من قضاة مجلس الدولة. ولا يغير من ذلك النص في المادة 53 (1) (هـ) من قانون التحكيم على قبول دعوى بطلان حكم التحكيم "إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون...."، إذ إن تقرير مدى سلامة تشكيل هيئة التحكيم إنما يكون بالنظر إلى نصوص القانون الذي يحكم إجراءات التحكيم lex arbitri في المقام الأول، باعتباره قانونا خاصا lex specialis فيما يتعلق بكافة مسائل التحكيم. وقد اقتصرت المادة 16 (1) من ذات القانون – وهو القانون الحاكم لإجراءات القضية التحكيمية الماثلة - على بيان الشروط العامة لصلاحية المحكم بالنص على أنه "لا يجوز أن يكون المحكم قاصرا أو محجورا عليه أو محروما من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو بسبب شهر إفلاسه ما لم يرد إليه اعتباره."، وذلك اتساقا مع ما اتفقت عليه القوانين المقارنة من اشتراط توافر الأهلية الكاملة في المحكم باعتبار أنه سيقوم بأعمال قضائية.
وليس ثمة محل لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن عدم حصول القاضي على موافقة مجلس القضاء الأعلى لمباشرة التحكيم يعد بطلانا في إجراءات خصومة التحكيم على نحو يؤثر في الحكم وفقا للمادة 53 (1) (ز) من قانون التحكيم؛ ذلك أن معيار بطلان حكم التحكيم بموجب المادة 53 (1) (ز) هو معيار مزدوج two-pronged test يفترض (أولا) وقوع عيب في إجراءات خصومة التحكيم من شأنه أن يؤدي إلى بطلانها، و(ثانيا) أن يكون هذا البطلان قد أثر في حكم التحكيم، بمعنى أن يكون ما شاب الإجراء من بطلان قد انعكس على حكم التحكيم. وبإعمال هذا المعيار، فإنه ولئن كان اختيار المحكمين هو إجراء من إجراءات الخصومة التحكيمية إلا أن القول بمدى سلامته من عدمه يكون بالنظر إلى مدى موافقته للقانون الذي يحكم إجراءات التحكيم، وهو هنا قانون التحكيم المصري؛ ومدى موافقته لاتفاق طرفي التحكيم سواء كان في صورة شرط تحكيم arbitration clause أو مشارطة تحكيم submission agreement؛ وكذلك مدى موافقته لقواعد التحكيم arbitration rules التي تم الاتفاق عليها، مؤسسية institutional كانت أو غير مؤسسية ad hoc؛ وأخيرا موافقته لتلك القواعد التي تعبر بحق عن النظام العام public policy للمجتمع المصري. وبهذه المثابة فإن مخالفة القاضي لقانون السلطة القضائية بعدم حصوله على موافقة مجلس القضاء الأعلى قبل مباشرة التحكيم لا يمكن أن تعد من قبيل البطلان الإجرائي من الأساس، ومن ثم فإن تلك المخالفة لا يمكنها التأثير في صحة حكم التحكيم الذي يصدره أو يشترك في إصداره رجل القضاء، ومن ثم تنتفي شروط إعمال المعيار المشار إليه.
وغير صحيح كذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن عدم حصول القاضي على موافقة مجلس القضاء الأعلى لمباشرة التحكيم يعد بطلانا متعلقا بالنظام العام وفقا للمادة 53 (2) من قانون التحكيم؛ ذلك أنه لا يمكن تبعيض فكرة النظام العام غير القابلة للانقسام بطبيعتها، فلا يتصور ربط هذه الفكرة بالحصول على إذن أو تصريح من السلطة المختصة، فمرة يعد الإجراء موافقا للنظام العام إذا ما صدر الإذن أو التصريح، ومرة يعد الإجراء ذاته مخالفا للنظام العام إن لم يصدر الإذن أو التصريح. وعلى قاعدة من هذا الفهم، فإن الإجراء المخالف للنظام العام بحق لا يمكن أن يصححه الإذن ابتداء أو الإجازة اللاحقة انتهاء. لما كان ما تقدم، فإن مباشرة القاضي لمهمة التحكيم بغير موافقة مجلس القضاء الأعلى لا تمس النظام العام ولا تنال من صحة تشكيل هيئة التحكيم ولا تؤثر في حكم التحكيم ذاته، إذ ليس في ذلك إخلال بالضمانات الأساسية للتقاضي طوال العملية التحكيمية ولا تهديد المصالح العليا للمجتمع أو قيمه الأساسية، بما لا يصح معه استدعاء فكرة النظام العام وإرهاقها في غير ضرورة.

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر المتقدم، وانتهى في قضائه إلى بطلان الأمر الوقتي الصادر في القضية التحكيمية المقيدة برقم ... لسنة 2010 بمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي لبطلان تشكيل هيئة التحكيم التي أصدرته بطلانا متعلقا بالنظام العام لعدم حصول المحكم المسمى من قبل الشركة الطاعنة على موافقة مجلس القضاء الأعلى لمباشرة التحكيم إلا في تاريخ لاحق على إصدار الأمر الوقتي، فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون بما يوجب نقضه على أن يكون النقض مع الإحالة.