الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 30 سبتمبر 2022

الطعن 1192 سنة 45 ق جلسة 22 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 16 ص 22

جلسة الخميس 22 نوفمبر سنة 1928

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطيه بك وزكي برزي بك وحامد فهمي بك المستشارين.

------------------

(16)
القضية رقم 1192 سنة 45 قضائية 
(النيابة العامة ضد عيسوي أحمد الشريف)

عدم الرضا المنصوص عنه بالمادة 230 ع يتحقق بالإكراه الأدبي.

----------------
1 - إن عدم الرضا المنصوص عنه بالمادة (230 ع) كما يتحقق بوقوع الإكراه المادي على المجني عليها فإنه يتحقق كذلك بكل مؤثر يقع على المجنى عليها من شأنه أن يحرمها حرية الاختيار في الرضاء وعدمه سواء أكان هذا المؤثر آتيا من قبل الجاني كالتهديد والإسكار والتنويم المغناطيسي وما أشبه أم كان ناشئا عن حالة قائمة بالمجنى عليها كحالة النوم أو الإغماء وما أشبه.
2 - ليس للزوجة المسلمة حرية الاختيار في التسليم في نفسها لزوجها وعدم التسليم. بل هي مجبرة بحكم عقد الزواج وبحكم الشرع إلى مواتاة زوجها عند الطلب. وليس لها أن تمتنع بغير عذر شرعي وإلا كان له حق تأديبها. وللزوج في الشريعة الإسلامية حق إيقاع الطلاق بمشيئته وحده من غير مشاركة الزوجة ولا اطلاعها. فإذا طلق زوج زوجته وجهّل عليها أمر الطلاق فإنها تظل قائمة فعلا على حالها من التأثر بذلك الإكراه الأدبي الواقع عليها من قبل عقد الزواج والشرع المانع لها من حرية اختيار عدم الرضا إن أرادته.
وإذن فإذا طلق زوج زوجته طلاقا مانعا من حل الاستمتاع، وكتم عنها أمر هذا الطلاق عامدا قاصدا، ثم واقعها وثبت بطريقة قاطعة أنها عند المواقعة كانت جاهلة تمام الجهل بسبق وقوع هذا الطلاق المزيل للحل، وثبت قطعا كذلك أنها لو كانت علمت بالطلاق لامتنعت عن الرضاء له، كان وقاعه إياها حاصلا بغير رضاها. وحق عليه العقاب المنصوص عنه بالمادة (230 ع). لأن رضاءها بالوقاع لم يكن حرا بل كان تحت تأثير إكراه عقد زال أثره بالطلاق وهي تجهله (1).


وقائع الدعوى

اتهمت النيابة العامة المتهم المذكور بأنه في المدة ما بين يوم 16 من شهر أبريل سنة 1925 ويوم 12 من شهر سبتمبر سنة 1925 (الموافقين ليومي 22 من شهر رمضان سنة 1343 و24 من شهر صفر سنة 1344) بجهة ميت ابيار مركز كفر الزيات بمديرية الغربية (أولا) واقع بمنزله مطلقته الست نعمت محمد منيب بغير رضاها بأن عاشرها معاشرة الأزواج وهي مطلقة منه في التاريخ الأوّل ولم يخبرها بهذا الطلاق حالة كونه من المتولين ملاحظتها وله سلطة عليها بصفته المتقدمة. ولأنه في المدة ما بين 16 من شهر أبريل سنة 1925 و14 من شهر سبتمبر سنة 1925 "الموافقين 22 من شهر رمضان سنة 1343 و26 من شهر صفر سنة 1344" بمصر واقع مطلقته الست تفيدة أحمد الطوبجى بغير رضاها بأن عاشرها معاشرة الأزواج وهي مطلقة منه في التاريخ الأول ولم يخبرها بهذا الطلاق حالة كونه من المتولين ملاحظتها وله سلطة عليها بصفته المتقدّمة. وطلبت من حضرة قاضي الإحالة إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالفقرتين الأولى والثانية من المادة 230 من قانون العقوبات. كما اتهمته النيابة العامة في قضية أخرى نمرة 1849 سايرة كفر الزيات سنة 1925 أيضا بأنه في المدة ما بين 3 من شهر أبريل سنة 1924 و23 من شهر مايو سنة 1924 بجهة منية ابيار بمركز كفر الزيات بمديرية الغربية واقع مطلقته الست مفيدة عبد العزيز كرارة بغير رضاها بأن عاشرها معاشرة الأزواج وكان قد طلقها بتاريخ 3 من شهر إبريل سنة 1924 ولم يخبرها بذلك حالة كونه من المتولين ملاحظتها ومن لهم سلطة عليها بصفته المتقدمة. وطلبت من قاضي الإحالة أيضا إحالته على محكمة الجنايات لمحاكمته بالفقرتين المتقدّمتي الذكر من المادة المذكورة.
فقرر حضرته في الدعويين بتاريخ أول ديسمبر سنة 1925 إحالة المتهم المذكور على محكمة جنايات طنطا لمحاكمته بالفقرتين السالفتي الذكر من المادة المشار إليها آنفا.
وقد أقامت المطالبات بالحق المدني أنفسهن مدعيات بحق مدني أثناء نظر الدعويين أمام محكمة الجنايات وطلبت السيدتان نعمت محمد منيب ومفيدة عبد العزيز كرارة الحكم لكل منهما بمبلغ 6000 جنيه بصفة تعويض كما طلبت الست تفيدة أحمد الطوبجي الحكم لها بمبلغ 3000 جنيه بصفة تعويض - فقررت محكمة جنايات طنطا ضم القضيتين إلى بعضهما البعض ليحكم فيهما معا بحكم واحد وبعد سماعها إياهما قد تنازلت الست تفيده أحمد الطوبجى عن دعواها المدنية والتزمت بمصاريفها. وقضت محكمة جنايات طنطا المذكورة بتاريخ 9 من شهر يناير سنة 1928 حضوريا: (أوّلا) ببراءة عيسوي أحمد الشريف من التهم الثلاث المنسوبة إليه وبإلزامه بأن يدفع للسيدتين مفيدة عبد العزيز كراره ونعمت محمد منيب كل واحدة منهما ألف جنيه وبمصاريف دعوييهما المدنية وخمسمائة قرش صاغ مقابل أتعاب محاماة في كل دعوى. (وثانيا) بقبول تنازل الست مفيدة أحمد الطوبجي عن دعواها مع إلزامها بمصاريفها. وذلك عملا بالمادة 50 من قانون تشكيل محاكم الجنايات.
فقرر المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض والإبرام في يوم 17 من شهر يناير سنه 1928 وقدّم تقريرين بأسباب نقضه في يومي 26 و28 من شهر يناير سنة 1928 كما قرّرت النيابة العامة بالطعن في الحكم السالف الذكر بطريق النقض والإبرام في يوم 24 من شهر يناير سنة 1928 وقدمت تقريرا بأسباب نقضها في يوم 24 المذكور.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على أوراق القضية والمداولة قانونا.
حيث إن الطعنين قدّما وتلاهما تقارير بالأسباب في الميعاد فهما مقبولان شكلا.
وحيث إن الطعن المقدّم من النيابة ينحصر في أن المحكمة بنت حكمها بالبراءة على عدم توفر ركن عدم الرضاء قائلة إن رضاء المجني عليهن بالاستمتاع بهن بعد الطلاق لم يكن بتأثير إكراه مادي ولا أدبي وإنهن وقت المعاشرة لم تكنّ في حالة من حالات فقد الإرادة وسلب الاختيار وإن رضاءهن وإن كان فاسدا توصل إليه المتهم بطريق الغش بإخفاء أمر الطلاق عليهن إلا أن هذا الفساد لا ينفي كون الرضاء في ذاته كان موجودا عند الوقاع وان القانون يشترط أن تكون المواقعة حصلت بغير رضا. ولم يرد نص عن المواقعة برضاء فاسد. وتقول النيابة إن المحكمة أخطأت بعدم تطبيق المادة 230 من قانون العقوبات إذ لم تعتبر أن تجهيل المتهم أمر الطلاق على المجني عليهن إنما هو غش سالب للرضاء. فإنهن لو علمن بالطلاق لما رضين بالمعاشرة وبذلك يكون وقاعهن حصل بغير رضائهن. وإن هذا الخطأ مبطل للحكم.
أما الطعن المقدّم من المتهم فيتحصل في أن المحكمة لم تبحث صحة ما أسندته النيابة إليه من الوقائع بل افترضت صحتها وقصرت بحثها على ركن عدم الرضاء بحيث لا يعرف من عبارة الحكم ما إذا كانت الوقائع ثابتة أم لا. ولذلك هي اعتبرت المجنى عليهن مطلقات من أن هذا موضوع شرعي تفصل فيه الجهة المختصة به. وما دام الطلاق لم تثبته الجهة المختصة فليس للمحكمة أن تعتبر ما يدعى بأنه وقع من المتهم فعلا ذميما يستوجب التعويض. كما أن هذا التعويض لم يكن محل للحكم به ما دامت المحكمة قد برأته. وأن ذلك خطأ مبطل للحكم.
وحيث إن الجريمة التي طلبت النيابة محاكمة المتهم من أجلها كان منصوصا عليها بالفقرة الثانية من المادة 247 من قانون العقوبات قبل التعديل الذي أدخل عليه بقانون سنة 1904 وكان التعبير عنها هكذا: "كل من اغتصب ثيبا أو بكرا" "أو فجر بها قهرا يعاقب.....". فلما عدل القانون جعلت هذه الفقرة هي المادة (230) وجاء التعبير عنها هكذا: "من واقع أنثى بغير رضاها يعاقب....". ومع اختلاف هذين النصين القديم والجديد فان التعبير عن هذه الجريمة في النسخة الفرنسية كان ولا زال لفظا واحدا هو كلمة (Viol) أي "اغتصاب" مما يدل دلالة واضحة على أن هذه الجريمة هي جريمة اغتصاب النساء المنصوص عليها بهذا الاسم الخاص في المادة 332 من قانون العقوبات الفرنسي. فتعريفها يجب إذن أن يرجع فيه إلى أقوال علماء القانون الفرنسي في تحديد معنى كلمة (Viol) عندهم. ولما كان القانون لم يعرف هذه الجريمة ببيان أركانها بل ذكرها بالاسم المفرد الذي تعرف به اضطرت محكمة النقض والإبرام الفرنسية في حكم صدر منها بتاريخ 26 يونيه سنة 1857 بعد أن قالت: "إن من اختصاص قاضى الموضوع أن يتقصى ويبين في حكمه" "توافر الأركان التي تتكوّن منها هذه الجريمة مسترشدا بطبيعتها الخاصة وبفداحة" "النتائج التي قد تجرها على المجنى عليهن وعلى شرف العائلات" إلى أن تعرف هذه الجريمة فقالت "إنها تنحصر في العبث بامرأة ضد إرادتها سواء أكان عدم رضاها" "ناشئا عن إكراه مادى أو أدبى وقع عليها أم كان ناشئا من أي وسيلة أخرى" "من وسائل الجبر والمباغتة والتي يتذرع بها الفاعل إلى الوصول لبغيته خارجا عن" "إرادة المجنى عليها". هكذا قالت محكمة النقض. ومع نقد العلماء للشطر الأول من هذا التعريف وإيرادهم تعريفات أخرى منها ما أورده جارسون من وضعه وهو: "مواقعة امرأة مواقعة غير شرعية مع العلم بأنها لا ترضى بها البتة" - نقول إنهم مع هذا النقد وإيراد مختلف التعاريف فإنهم أجمعوا على أن ما قرّرته تلك المحكمة من أن عدم الرضا قد يكون ناشئا من إكراه مادي أو من إكراه أدبي أو من غير ذلك من الوسائل التي أشارت إليها هو صواب واجب الأخذ به (راجع في كل هذا الجزء الأوّل من تعليقات جارسون على قانون العقوبات مادة 332 تحت عنوان كلمة "Viol" نبذة 11 وما بعدها صحيفة 844 وما بعدها).
هذا وقد سبق أن أصدرت محكمة النقض والإبرام المصرية حكما في 18 ديسمبر سنة 1915 (منشورا بالمجموعة الرسمية السنة السابعة عشرة صحيفة 99) أتت فيه على تفصيل واف لتحديد معنى هذه الجريمة ومكوناتها نقلا عن أقوال العلماء وأحكام القضاء في البلاد التي فيها النص مقصور على اسم مفرد كفرنسا ومن حذا حذوها. وواضح أن المحكمة في حكمها المذكور أصابت إذ قررت "أن الإكراه الأدبي يكوّن" "جريمة الاغتصاب متى وصف بأنه كاف لإزالة حرية الرضا عند المجنى عليها".
وحيث إن الحكم المطعون فيه الآن وإن كان أتى بخلاصة صحيحة مستوفاة لما أجمع عليه العلماء إذ قبل هو أيضا عنصر الإكراه الأدبي وعبر عنه بما يفيد أنه "كل مؤثر يحرم المرأة حرية الاختيار في الرضا وعدمه سواء أكان هذا المؤثر آتيا" "من قبل الجاني كالتهديد والإسكار والتنويم المغناطيسي وما أشبه أم كان ناشئا من" "حالة قائمة بالمجنى عليها كحالة النوم أو الإغماء وما أشبه" غير أنه تخلص إلى القول بأن المجنى عليهن رضين بالوقاع ولم تكنّ في حالة من حالات فقد الإرادة وسلب الاختيار التي ذكرها فيكون أهم أركان الجريمة معدوما وأنه لا يهم أن يقال إن هذا الرضاء فاسد، توصل إليه المتهم عن طريق الغش بإخفاء أمر الطلاق عليهن فإن هذا الفساد لا ينفى أن الرضاء في ذاته كان موجودا فعلا.
وحيث إن هذه المحكمة ترى أن هذا الحكم قد أصاب في مقدماته التي قرّر فيها وجوب الأخذ بالإكراه الأدبي وعبر عنه بما يفيد أنه التأثير الذي يحرم المرأة حرية الاختيار كما أصاب في التمثيل له بالمثل التي ذكرها إلا أنه أخطأ في اعتبار أن ما قد يكون وقع من الرضاء في صورة الدعوى الحالية ليس أثرا لهذا التأثير.
وحيث إنه حتى بقطع النظر عن كل غش يكون حصل من المتهم بإخفاء أمر الطلاق على المجنى عليهن فإن رضاءهن في صورة هذه الدعوى إنما هو رضاء حاصل بسبب الإكراه الأدبي الذي ما كان ليترك لهن حرية الاختيار في التسليم في نفوسهن وعدم التسليم. ذلك بأن المفهوم من الدعوى أنهن كن متزوّجات بالمتهم بعقد تمّ صحيحا على مقتضى أحكام الشريعة الإسلامية. والزواج بمقتضى أحكام الشريعة هو "عقد وضع" "لتملك المتعة بالأنثى قصدا". ومن أحكامه متى تم أن تحتبس المرأة في بيت زوجها وأن يكون عليها طاعته والمبادرة إلى فراشه اذا التمسها لذلك ولم تكن ذات عذر شرعي، وأن للرجل أن يعاقبها العقاب الشرعي إذا لم تجبه إلى هذا الالتماس وهى طاهرة. فالزوجة مجبرة بحكم العقد وبحكم الشرع إلى مواتاة زوجها عند الطلب وليس لها أن تمتنع بغير عذر شرعي وإلا كان له حق عقابها وإكراهها بالعقاب. وقانون العقوبات الأهلي في مادته السابقة يحترم الحقوق الشخصية المقرّرة في الشريعة الغرّاء ويأمر بعدم الإخلال بها. ومتى كان الأمر كذلك تعين النظر في أمر واحد هو: هل تغيرت حال المجنى عليهن بعد الطلاق عما كانت عليه قبله فيما يتعلق بالإكراه الأدبي الواقع عليهن من قبل العقد والشرع والذى لا يجعل لهن حرية اختيار عدم الرضا إن كن أردنه؟. إن نظام الطلاق في الشريعة الإسلامية يجعل للزوج حق إيقاعه بمشيئته وحده وبقوله وحده وبغير مشاركة الزوجة ولا اطلاعها. فما دام لم يبلغها أمر الطلاق فهي قائمة فعلا على حالها من التأثر بذلك الإكراه. ولا يصح القول بتغير حالها إلا إذا فرض أنها تعلم الغيب وهذا غير ممكن. إذا لوحظ هذا علم أنه حتى بقطع النظر عن الغش الذي يكون قد وقع من المتهم في إخفاء أمر الطلاق على المجنى عليهن وبعدم الاعتداد بهذا الغش إلا في التدليل على القصد الجنائي فإنهن كن ولا زلن إلى وقت علمهن بالطلاق في حال من الإكراه الأدبي مانعة لهن من حرية اختيار عدم الرضا. ويكفى تحقق هذا حتى يكون الموطن موطن تطبيق قاعدة الإكراه الأدبي التي أشار إليها العلماء والقضاء الفرنسي وأخذت بها محكمة النقض المصرية في حكمها سالف الذكر واعتمدها الحكم المطعون فيه. ولو أن نظام الزواج والطلاق في البلاد الأجنبية كان كنظامه عندنا وحدثت مثل الواقعة التي هي موضوع النظر الآن لرجحنا كثيرا أنه كان يؤخذ فيها بهذا الذي رأينا. ولكن اختلاف النظامين هو الذي منع من وقوع مثل هذه الحادثة عندهم.
وحيث إن المحكمة ترى أنه ليمكن تحقق الجريمة في مثل هذه الصورة يجب: (أولا) أن يثبت بطريقة قاطعة أن المواقعة حصلت فعلا بعد طلاق مانع شرعا من حل الاستمتاع. (ثانيا) أن يثبت بطريقة قاطعة أن المجنى عليها كانت جاهلة تمام الجهل عند المواقعة بسبق وقوع هذا الطلاق المزيل للحل. (ثالثا) أن تبين المحكمة اقتناعها بأن المجنى عليها لو كانت علمت بالطلاق لامتنعت عن الرضاء مع بيان وجه هذا الاقتناع. وأخيرا أن تبين المحكمة اقتناعها بأن كتمان أمر الطلاق قد تعمده الجاني قصدا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه وإن كان يؤخذ منه أن المواقعة حصلت بعد الطلاق إلا أن عبارته فيها شيء من الإبهام جعل محلا لقول المتهم في طعنه بأن هذا الثبوت جاء فيه على سبيل الفرض. كما أنه لم يبين ما إذا كانت المواقعة حصلت بعد طلاق مانع من حل الاستمتاع شرعا أم بعد طلاق غير مانع. وكذلك هو لم يبين ما إذا كانت المجنى عليهن لو كنّ علمن بالطلاق لامتنعن عن الرضاء. وكل هذا قصور في بيان الواقعة وأسانيدها مبطل للحكم. وظاهر أن هذا القصور آت من أن المحكمة اعتبرت أن هناك رضاءً فلم تر محلا لأى بحث آخر.
وحيث انه لذلك يتعين قبول الطعن المرفوع من النيابة العامة ونقض الحكم وإعادة القضية لمحكمة الجنايات للحكم فيها ثانية من دائرة أخرى. وكذلك يتعين قبول طعن المتهم ونقض هذا الحكم فيما يتعلق بالتعويض المحكوم به عليه. لأن الحكم بالتعويض تابع لما يثبت بعد لدى المحكمة من وجود ما يقتضيه أو ما يمنع منه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين المقدّمين من النيابة العمومية ومن المتهم شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه برمته وإحالة القضية على محكمة جنايات طنطا للحكم فيها مجددا من دائرة أخرى في الدعويين العمومية والمدنية.


 (1) أصدرت محكمة النقض بجلسة 7 فبراير سنة 1927 برياسة معالي أحمد طلعت باشا في القضية رقم 310 سنة 44 ق (الطعن المرفوع من يعقوب معوّض وتادرس فرج ضد النيابة العمومية في قضيتها رقم 874 سنة 1925 - 1926) حكما قررت فيه أن العبرة في المواقعة هي بحصول الرضاء أيا كان سببه وأن احتيال المواقع وإدخاله الغش على من واقعها حتى ترضى بالوقاع لا عقاب عليه بمقتضى نصوص القانون وان كان هو في ذاته مدعاة للوم. وقد نشرنا هذا الحكم برمته فليراجع.

الطعن 1744 سنة 45 ق جلسة 8 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 6 ص 15

جلسة الخميس 8 نوفمبر سنة 1928

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطية بك وزكي برزي بك وحامد فهمي بك المستشارين.

------------

(6)
القضية رقم 1744 سنة 45 قضائية

(أ) محام. 
عدم حضوره تحقيق النيابة. لا بطلان.
)المادة 34 تحقيق)
)ب) تحقيق. 
طلب إجرائه من المحكمة الاستئنافية. لا إلزام.
)المادة 186 تحقيق)

-------------
1 - عدم حضور المحامي تحقيق النيابة لا يترتب عليه بطلان الحكم. لأن المادة 34 من قانون تحقيق الجنايات تجيز لها - من جهةٍ - التحقيق في غيبة المتهم ومحاميه ولا تحتم - من جهة أخرى - حضور المحامي وإلا كان العمل باطلا.
2 - الأصل أن المحكمة الاستئنافية تحكم فى الدعوى بغير إجراء أي تحقيق فيها. وما جاءت المادة 186 من قانون تحقيق الجنايات إلا لتسوّغ لها الأمر بما ترى لزومه من استيفاء تحقيق أو سماع شهود. فهي في ذلك لا تصدر إلا عما تراه. وإذن فلا يبطل حكمها إذا هي لم تجب المتهم إلى ما طلبه منها من المعاينات أو المضاهاة أو بينة النفي لدخول كل ذلك تحت سلطة تقديرها هي.

الطعن 1742 سنة 45 ق جلسة 8 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 5 ص 15

جلسة الخميس 8 نوفمبر سنة 1928

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطية بك وزكى برزي بك وحامد فهمي بك المستشارين.

------------

(5)
القضية رقم 1742 سنة 45 قضائية

تطبيق مادة بدلا من مادة. متى لا يكون فيه إخلال بحق الدفاع؟
(المواد 36 - 40 تشكيل محاكم الجنايات)

------------
لا إخلال بحق الدفاع في أن تطبق المحكمة المواد (181 و40 و41 ع) بدلا من المادتين (179 و180) الواردتين بقرار الإحالة على متهم دون أن تشعره بذلك ما دامت الوقائع التي هي موضوع المحاكمة لم تزل هي هي لم تتغير في ذاتها وإن كان الوصف القانوني الذى كيفت به قد عدّل، وما دام لم يترتب على تعديل الوصف هذا تشديد العقوبة عن الحدّ الذى كان منصوصا عنه في المواد الأصلية.

الطعن 1738 سنة 45 ق جلسة 8 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 4 ص 14

جلسة الخميس 8 نوفمبر سنة 1928

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطية بك وزكى برزى بك وحامد فهمى بك المستشارين.

---------

(4)
القضية رقم 1738 سنة 45 قضائية

إعلان المسجونين.
(المادة الأولى من دكريتو 24 مايو سنة 1901 "سجون")

----------------
إعلان الحكم لمسجون يقع صحيحا إذا سلمت صورته لمأمور السجن طبقا لأحكام الأمر العالي الصادر في 24 مايو سنة 1901 بتعديل بعض مواد الأمر الصادر في 9 فبراير سنة 1901 المتعلق بإعلان الأوراق للمسجونين.

الطعن 1732 سنة 45 ق جلسة 8 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 3 ص 14

جلسة الخميس 8 نوفمبر سنة 1928

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطية بك وزكى برزي بك وحامد فهمى بك المستشارين.

--------------

(3)
القضية رقم 1732 سنة 45 قضائية

متهم. اتهامه بعّدة تهم. الحكم عليه فيها بعقوبة واحدة. استئناف المتهم وحده. سلطة المحكمة الاستئنافية.
(المادة 32 عقوبات)

--------------
إن المبدأ الذى يحرم على محكمة الاستئناف تشديد العقوبة على المتهم ما دامت النيابة لم تستأنف الحكم الابتدائي إنما ينصب على مقدار العقوبة الذى يعتبر في هذه الحالة حدا أقصى لا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تتعداه. ولا يتناول هذا المبدأ المسائل الأخرى إذ تحتفظ محكمة الاستئناف بحريتها في تقدير جميع العناصر الأخرى الخاصة بالعقوبة المستأنف بسببها. فلها أن تقضى بالبراءة من بعض التهم التي يكون الحكم الابتدائي اعتبرها ثابتة وحكم فيها جميعا بعقوبة واحدة عملا بالمادة 32 عقوبات. وفى هذه الحالة يكون لها أن تؤيد مقدار تلك العقوبة الواحدة عن التهمة أو التهم التي اعتبرتها ثابتة ما دام أن العقوبة المقررة قانونا لهذه التهمة أو التهم لا تقل في نهايتها عن المقدار الذى قضى به الحكم المستأنف (1).


 (1) يراجع في هذا المعنى: دالوز العملي (الجزء الأول صفحة 496 نبذة 273).


الطعن 1116 سنة 45 ق جلسة 8 / 11 / 1928 مج عمر ج 1 ق 2 ص 13

جلسة الخميس 8 نوفمبر سنة 1928

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا وبحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطية بك وزكى برزى بك وحامد فهمى بك المستشارين.

-------------

(2)
القضية رقم 1116 سنة 45 قضائية

قنابل. ديناميت. مفرقعات. ماهيتها. إحرازها. خراطيش ورصاص. إحرازها. عدم العقاب عليه.
(المادة 317 مكررة ع)

--------------
إن المقصود من عبارة "مفرقعات أخرى" الواردة بالمادة 317 مكررة عقوبات الخاصة بإحراز القنابل أو الديناميت إنما هو المواد التي من قبيل القنابل والديناميت والتي من شأنها أن تستعمل لتدمير الأموال الثابتة أو المنقولة. لأن غرض الشارع من إيراد هذا النص الذى جاء به القانون نمرة 37 سنة 1923 هو العقاب على صنع هذه المواد أو استيرادها أو إحرازها بعد أن كان القانون قبل سنة 1923 لا يعاقب إلا على تدمير الأموال.
وعليه فالخراطيش والرصاص التي تقذف بواسطة البنادق والطبنجات ونحوها من الأسلحة النارية والتي تحتوي على رش أو رصاص وشيء من البارود كاف لانطلاقها، وإن كانت في الواقع مفرقعة إلا أنها - نظرا لقلة كمية البارود أو المادة المنفجرة التي تكون بها - قد حدد العرف موطن استعمالها وحصره في إصابة الحيوان من إنسان وغير إنسان. وطريقة صنعها نفسها ملاحظ فيها صلاحيتها لهذا الغرض الخاص بالذات. ولذلك فلا يمكن اعتبارها من قبيل المفرقعات التي تستعمل لتدمير الأموال. وإذن فلا عقاب على من أحرزها ولا محل لتطبيق المادة 317 ع مكررة عليه.

الطعن 8476 لسنة 78 ق جلسة 25 / 9 / 2016 مكتب فني 67 ق 114 ص 731

جلسة 25 من سبتمبر سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ سيد عبد الرحيم الشيمي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عبد المحسن منصور، شهاوي إسماعيل عبد ربه، محمد سراج الدين السكري ومحمد الأسيوطي نواب رئيس المحكمة.
--------------

(114)
الطعن رقم 8476 لسنة 78 القضائية

(1 ، 2) دستور "عدم الدستورية: الدفع بعدم الدستورية". نقض "جواز الطعن بالنقض: الأحكام غير الجائز الطعن فيها بالنقض".
(1) الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة النقض غير جائز. الاستثناء. تعلقه باختصاص هذه المحكمة بنظر الطعن. شرطه. الفصل في مدى جدية هذا الدفع.

(2) قصر الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف التي تجاوز قيمتها مائة ألف جنيه والدعاوى غير مقدرة القيمة. م 248 مرافعات المعدل. مؤداه. صيرورة الحكم الصادر في الدعاوى التي لا تجاوز قيمتها مائة ألف جنيه باتا غير قابل للطعن فيه بالنقض. علة ذلك. الدفع بعدم الدستورية. غير جدي.

---------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - إنه ولئن كان الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة النقض غير جائز إلا أنه إذا انصب على مادة تتعلق باختصاص هذه المحكمة فيجوز له الطعن أمامها شريطة أن ترى المحكمة جدية هذا الدفع.

2 - إذ كان القانون رقم 76 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية – والمعمول به اعتبارا من 1/ 10/ 2007 وفقا لنص المادة السادسة منه – قد استبدل نص المادة 248 من قانون المرافعات والتي كانت تجيز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف أيا كانت قيمة الدعوى، فنص القانون رقم 76 لسنة 2007 على أنه "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إذا كانت قيمة الدعوى تجاوز مائة ألف جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة...."، بما مفاده أن المشرع حد من جواز الطعن بالنقض بالنسبة للأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف بأن وضع نصابا لقيمة الدعوى – المعلومة والمقدرة القيمة – حتى يجوز الطعن بالنقض على الحكم الصادر فيها وهو أن تكون قيمتها تتجاوز مائة ألف جنيه مع إبقاء جواز الطعن دائما على الحكم الصادر في الدعاوى غير المقدرة القيمة، وقد استحدث المشرع هذا النص بما له من سلطة تنظيم حق التقاضي مبتغيا – على نحو ما ورد بالأعمال التحضرية لمشروع القانون – العمل على سرعة الفصل في المنازعات وحسمها في أقرب وقت لاسيما وأن هذه الدعاوى التي تقل قيمتها عن مائة ألف جنيه قد صدرت من محاكم الاستئناف المشكلة من قضاة ذي خبرة عالية وهو ما يشكل ضمانة كافية ويغني عن الطعن بالنقض ويخفف العبء عن كاهل قضاة محكمة النقض، وبالتالي فقد أصبح الحكم الذي يصدر من محكمة الاستئناف في الدعوى التي لا تتجاوز قيمتها مائة ألف جنيه هو حكم بات غير قابل للطعن فيه بالنقض. لما كان ذلك، وكانت قيمة الدعوى التي فصلت فيها محكمة الاستئناف لا تتجاوز مائة ألف جنيه، ومن ثم فإن الدفع بعدم دستورية نص المادة 248 من قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 76 لسنة 2007 غير جدي، وبالتالي فإن الطعن بالنقض يضحى غير جائز وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها بعدم جواز الطعن بالنقض.

------------

الوقائع

حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم من الأولى حتى السادسة أقاموا على الطاعن، والمطعون ضدهما السابعة، والثامن الدعوى رقم .... لسنة 2001 الفيوم الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي لهم مبلغ 24350 ألف جنيه قيمة نصيبهم عن ريع العين المبينة بالأوراق عن الفترة من 1/ 2/ 1993 حتى 31/ 3/ 2001، وإلزام المطعون ضده الأخير بتقديم عقد الإيجار المحرر بينه وبين الطاعن لمحل الأحذية "......"، وقالوا بيانا لذلك إنه بموجب عقدي اتفاق يمتلكون العقار المبين بالأوراق مشاعا فيما بينهم، وإذ قام الطاعن بتغيير العين بالدور الأرضي من سكني إلى محل خاص به منتفعا به لنفسه دون المطعون ضدهم من الأولى حتى السادسة، فأقاموا الدعوى، كما أقام الطاعن والمطعون ضدها السابعة دعوى فرعية بطلب الحكم بسقوط الحق في المطالبة بالريع عن المدة من 1/ 2/ 1993 حتى نهاية فبراير 1998، ورفض الدعوى فيما زاد عن ذلك ، وإلزام المطعون ضدها السادسة بأن تؤدي لهما مبلغ 13000 ألف جنيه مقابل الانتفاع بالمساحة الزائدة عن حصتها المبينة بالأوراق، ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم من الأولى حتى السادسة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 39 ق بنى سويف "مأمورية الفيوم". ندبت المحكمة خبيرا، وبتاريخ 5/ 4/ 2008 قضت بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها مبلغ 6‚1839 ألف جنيه يوزع حسب الفريضة الشرعية، والمطعون ضدهما الثاني والثالث مبلغ 6‚1839 ألف جنيه لكل منهما والمطعون ضدهما الرابعة والخامسة مبلغ 8‚919 جنيها لكل منهما، والمطعون ضدها السادسة مبلغ 4‚7358 جنيها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، إذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالدفع بعدم دستورية نص المادة 248 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007 من حظر الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز مائة ألف جنيه، مما يخل بحكم المادة 68 من الدستور – المعمول به في ذات التاريخ – التي نصت على أن التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة.
وحيث إنه عن الدفع بعدم دستورية نص المادة 248 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007 مردود ذلك بأنه ولئن كان الدفع بعدم الدستورية أمام محكمة النقض غير جائز إلا أنه إذا انصب على مادة تتعلق باختصاص هذه المحكمة فيجوز له الطعن أمامها شريطة أن ترى المحكمة جدية هذا الدفع. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 76 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية – والمعمول به اعتبارا من 1/ 10/ 2007 وفقا لنص المادة السادسة منه – قد استبدل نص المادة 248 من قانون المرافعات والتي كانت تجيز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف أيا كانت قيمة الدعوى، فنص القانون رقم 76 لسنة 2007 على أنه "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إذا كانت قيمة الدعوى تجاوز مائة ألف جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة...."، بما مفاده أن المشرع حد من جواز الطعن بالنقض بالنسبة للأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف بأن وضع نصابا لقيمة الدعوى - المعلومة والمقدرة القيمة – حتى يجوز الطعن بالنقض على الحكم الصادر فيها وهو أن تكون قيمتها تتجاوز مائة ألف جنيه مع إبقاء جواز الطعن دائما على الحكم الصادر في الدعاوى غير المقدرة القيمة، وقد استحدث المشرع هذا النص بما له من سلطة تنظيم حق التقاضي مبتغيا – على نحو ما ورد بالأعمال التحضيرية لمشروع القانون – العمل على سرعة الفصل في المنازعات وحسمها في أقرب وقت لاسيما وأن هذه الدعاوى التي تقل قيمتها عن مائة ألف جنيه قد صدرت من محاكم الاستئناف المشكلة من قضاة ذي خبرة عالية وهو ما يشكل ضمانة كافية ويغني عن الطعن بالنقض ويخفف العبء عن كاهل قضاة محكمة النقض، وبالتالي فقد أصبح الحكم الذي يصدر من محكمة الاستئناف في الدعوى التي لا تتجاوز قيمتها مائة ألف جنيه هو حكم بات غير قابل للطعن فيه بالنقض، لما كان ذلك، وكانت قيمة الدعوى التي فصلت فيها محكمة الاستئناف لا تتجاوز مائة ألف جنيه، ومن ثم فإن الدفع بعدم دستورية نص المادة 248 من قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 76 لسنة 2007 غير جدي، وبالتالي فإن الطعن بالنقض يضحى غير جائز وتقضي المحكمة من تلقاء نفسها بعدم جواز الطعن بالنقض.

الطعن 3856 لسنة 79 ق جلسة 4 / 12 / 2016 مكتب فني 67 ق 133 ص 843

جلسة 4 من ديسمبر سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ سعيد سعد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ بدوي إبراهيم عبد الوهاب، مصطفى عز الدين صفوت، هشام محمد عمر وعبد الله عبد المنعم عبد الله نواب رئيس المحكمة.
---------------

(133)
الطعن رقم 3856 لسنة 79 القضائية

(1 ، 2) أموال "الأموال العامة للدولة: وضع اليد على الأموال العامة".
(1) عدم جواز تملك الأموال العامة بالتقادم. الاستثناء. انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة. أثره. جواز تملكها بالتقادم بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية. شرطه. تمامه قبل العمل بق 147 لسنة 1957 بتعديل 970 مدني.

(2) فقدان المال العام لصفته. تحققه. بقانون أو قرار أو بانتهاء تخصيصه للمنفعة العامة وزوال معالم هذا التخصيص. وجوب أن يكون هذا الانتهاء واضحا لا لبس فيه. مجرد سكوت الإدارة عن عمل يقوم به الغير في المال لا يؤدي إلى زوال تخصيصه للنفع العام.

(3) أموال "الأموال العامة للدولة: وضع اليد على الأموال العامة".
الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان والتي تقوم الدولة بإدارة شئونها والصرف عليها من أموالها والمباني المخصصة للمقابر - الجبانات - شرط اعتبارها من أملاك الدولة العامة. تخصيصها للدفن وحفظ رفات الموتى بعد دفنهم. عدم جواز تملكها بوضع اليد عليها إلا بعد زوال تخصيصها لما أعدت له واندثار معالمها وآثارها.

(4) حكم "عيوب التدليل: مخالفة الثابت بالأوراق".
مخالفة الثابت بالأوراق المبطلة للحكم. ماهيتها. ابتناء الحكم على تحصيل خاطئ أو تحريف للثابت في الأوراق.

(5) وقف "أنواع الوقف: الوقف الخيري: عدم جواز تملك الوقف الخيري بالتقادم بعد تعديل م 970 مدني".
قضاء الحكم المطعون فيه بثبوت ملكية المطعون ضدهن الثلاث الأول ومورثتهن على عقار التداعي بوضع اليد المكسب للملكية قبل تعديله المادة 970 مدني رغم ثبوت كونه وقف خيري يتمثل في ضريح به رفات ملحق به مدرسة لتحفيظ القرآن تابع لإشراف وزارة المعارف ثم وزارة التربية والتعليم ودون التحقق من زوال تخصيصه للمنفعة العامة. مخالفة وخطأ وقصور.

----------------

1 - من المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن وضع اليد على الأموال العامة لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد إنهاء تخصيصها للمنفعة العامة، إذ إنه من تاريخ هذا الانتهاء فقط تدخل في عداد الأملاك الخاصة فتأخذ حكمها، ثم يثبت بعد ذلك وضع اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية وذلك قبل تعديل المادة 970 من القانون المدني بمقتضى القانون رقم 147 لسنة 1957.

2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأموال العامة لا تفقد صفتها إلا بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، وهذا الانتهاء ما دام لم يصدر قانون أو قرار به فإنه لا يتحقق إلا بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة، بمعنى أن ينقطع بالفعل وعلى وجه مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة، وانتهاء التخصيص للمنفعة العامة بالفعل يجب أن يكون واضحا لا يحتمل لبسا، ومن ثم فمجرد سكوت الإدارة عن عمل يقوم به الغير في المال العام بدون موافقتها لا يؤدي إلى زوال تخصيص هذا المال للمنفعة العامة.

3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان والتي تقوم الدولة بإدارة شئونها والصرف عليها من أموالها والمباني المخصصة للمقابر - الجبانات - تعتبر من أملاك الدولة العامة إذ إن الغرض الذي من أجله خصصت الجبانات للمنفعة ليس بمقصور على الدفن وحده بل يشمل حفظ رفات الموتى بعد دفنهم، وينبني على ذلك أنها لا تفقد صفتها العامة بمجرد إبطال الدفن فيها ما دامت قد خصصت للدفن وأعدت لهذا الغرض، ومن ثم فلا يجوز تملكها بوضع اليد عليها إلا بعد زوال تخصيصها لما أعدت له واندثار معالمها وآثارها.

4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي أن يكون الحكم قد بني على تحصيل خاطئ لما هو ثابت في الأوراق أو على تحريف للثابت ماديا ببعض هذه الأوراق.

5 - إذ كان الثابت من الأوراق ومن تقرير خبير الدعوى أن عقار التداعي به ضريح "......" وبه رفاته وملحق به مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم خضعت لإشراف المعارف ثم وزارة التربية والتعليم وبه زاوية اتخذت كمصلى للناس عامة، ومن ثم تعد تلك الأجزاء من العقار مخصصة للنفع العام، وإذ لم يثبت زوال هذه الصفة عنها بمقتضى قانون أو قرار فلا يجوز تملكها بوضع اليد المكسب للملكية مهما طالت مدته سواء قبل إعمال القانون رقم 147 لسنة 1957 أو بعد إعماله طالما بقيت مخصصة للنفع العام ولم تدخل في عداد أموال الدولة الخاصة التي يجوز تملكها بالتقادم قبل سريان القانون آنف الذكر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بثبوت الملكية دون أن يفطن لطبيعة عقار التداعي وتخصيصه للمنفعة العامة ولا يجوز كسب ملكيته بوضع اليد مهما طالت مدته، فإنه يكون معيبا بمخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه.

------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهن الثلاثة الأول ومورثتهن أقمن على الطاعنين بصفتيهما والمطعون ضده الأخير الدعوى رقم ... لسنة 84 ق مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهن على عقار التداعي وطرد الأخير من الحانوت المؤجر له والتسليم، وقلن بيانا لذلك إن مورثهن يضع اليد على العقار المبين بصحيفة الدعوى منذ عام 1900 م وألحق به مدرسة خضعت لإشراف وزارة التربية والتعليم، وبعد وفاته انتقلت الحيازة إليهن، وفي عام 1979 قام المطعون ضده الأخير بوضع يده على قدر منه واستغله كحانوت حرر له به الطاعن الثاني بصفته عقد إيجار دون سند من الواقع والقانون، فقد أقمن الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدهن الثلاثة الأول ومورثتهن هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 106 ق القاهرة وبتاريخ 6/ 3/ 1991 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبالطلبات في الدعوى. طعن الطاعنان بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 61 ق وبتاريخ 3/ 3/ 1996 حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه. عجل الطاعن الأول بصفته السير في الدعوى أمام محكمة استئناف القاهرة، وبعد أن اختصم باقي ورثة المطعون ضدهن الثلاثة الأول قضت المحكمة بتاريخ 6/ 1/ 2009 بالطلبات في الدعوى. طعن الطاعنان بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من ثلاثة وجوه، ينعى الطاعنان بصفتيهما بالوجهين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقولان إن عقار التداعي وقف خيري به ضريح "....." وبه رفاته، وملحق به مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، ومن ثم فلا يجوز تملكه بوضع اليد مهما طالت مدته، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتثبيت ملكيته للمطعون ضدهم في البند أولا دون أن يعرض لشروط وضع اليد أو يتحقق من إنهاء تخصيصه للمنفعة العامة ودخوله في عداد أموال الدولة الخاصة التي يجوز تملكها بوضع اليد قبل إعمال القانون رقم 147 لسنة 1957، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن وضع اليد على الأموال العامة لا يكسب الملكية إلا إذا وقع بعد إنهاء تخصيصها للمنفعة العامة، إذ إنه من تاريخ هذا الانتهاء فقط تدخل في عداد الأملاك الخاصة فتأخذ حكمها، ثم يثبت بعد ذلك وضع اليد عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية بشرائطها القانونية وذلك قبل تعديل المادة 970 من القانون المدني بمقتضى القانون رقم 147 لسنة 1957، وأن الأموال العامة لا تفقد صفتها إلا بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة، وهذا الانتهاء ما دام لم يصدر قانون أو قرار به فإنه لا يتحقق إلا بانتهاء الغرض الذي من أجله خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة، بمعنى أن ينقطع بالفعل وعلى وجه مستمر استعمالها لهذا الغرض وتزول معالم تخصيصها للمنفعة العامة، وانتهاء التخصيص للمنفعة العامة بالفعل يجب أن يكون واضحا لا يحتمل لبسا، ومن ثم فمجرد سكوت الإدارة عن عمل يقوم به الغير في المال العام بدون موافقتها لا يؤدي إلى زوال تخصيص هذا المال للمنفعة العامة، ومن المقرر أيضا أن الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان والتي تقوم الدولة بإدارة شئونها والصرف عليها من أموالها والمباني المخصصة للمقابر - الجبانات - تعتبر من أملاك الدولة العامة إذ إن الغرض الذي من أجله خصصت الجبانات للمنفعة ليس بمقصور على الدفن وحده بل يشمل حفظ رفات الموتى بعد دفنهم، وينبني على ذلك أنها لا تفقد صفتها العامة بمجرد إبطال الدفن فيها ما دامت قد خصصت للدفن وأعدت لهذا الغرض، ومن ثم فلا يجوز تملكها بوضع اليد عليها إلا بعد زوال تخصيصها لما أعدت له واندثار معالمها وآثارها، ومن المقرر كذلك أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي أن يكون الحكم قد بني على تحصيل خاطئ لما هو ثابت في الأوراق أو على تحريف للثابت ماديا ببعض هذه الأوراق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ومن تقرير خبير الدعوى أن عقار التداعي به ضريح "......" وبه رفاته وملحق به مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم خضعت لإشراف المعارف ثم وزارة التربية والتعليم وبه زاوية اتخذت كمصلى للناس عامة، ومن ثم تعد تلك الأجزاء من العقار مخصصة للنفع العام، وإذ لم يثبت زوال هذه الصفة عنها بمقتضى قانون أو قرار فلا يجوز تملكها بوضع اليد المكسب للملكية مهما طالت مدته سواء قبل إعمال القانون رقم 147 لسنة 1957 أو بعد إعماله طالما بقيت مخصصة للنفع العام ولم تدخل في عداد أموال الدولة الخاصة التي يجوز تملكها بالتقادم قبل سريان القانون آنف الذكر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بثبوت الملكية دون أن يفطن لطبيعة عقار التداعي وتخصيصه للمنفعة العامة ولا يجوز كسب ملكيته بوضع اليد مهما طالت مدته، فإنه يكون معيبا بمخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب جره إلى مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم ... لسنة 106 ق القاهرة بتأييد الحكم المستأنف.

الخميس، 29 سبتمبر 2022

الطعن 10672 لسنة 78 ق جلسة 7 / 12 / 2016 مكتب فني 67 ق 136 ص 857

جلسة 7 من ديسمبر سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ محمد حسن العبادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ يحيى عبد اللطيف موميه، أمين محمد طموم، مصطفى ثابت عبد العال، عمر السعيد غانم نواب رئيس المحكمة.
---------------

(136)
الطعن رقم 10672 لسنة 78 القضائية

(1 ، 2) تحكيم "التحكيم الوطني: بطلان حكم التحكيم: دعوى بطلان حكم التحكيم: ميعاد دعوى بطلان حكم التحكيم". حكم "عيوب التدليل: مخالفة الثابت بالأوراق".
(1) مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم. ماهيتها.

(2) الميعاد المتعين لرفع دعوى بطلان حكم التحكيم خلاله. تسعين يوما من تاريخ إعلان حكم المحكمين للمحكوم عليه. م 54/ 1 ق التحكيم في المواد المدنية والتجارية 27 لسنة 1994. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر بما حجبه عن الفصل في موضوع دعوى البطلان. خطأ ومخالفة للثابت بالأوراق.

----------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مخالفة الثابت في الأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت ماديا ببعض المستندات والأوراق بما يوصف بأنه مسلك إيجابي منها تقضي فيه على خلاف هذه البيانات.

2 - المادة 54/ 1 من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 حددت الميعاد الذي يتعين أن ترفع خلاله دعوى بطلان حكم التحكيم بتسعين يوما من تاريخ إعلان حكم المحكمين للمحكوم عليه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بعدم قبول الدعوى شكلا على أن حكم التحكيم صدر في حضور طرفيه بتاريخ 2/ 11/ 2006 ثم أقيمت دعوى البطلان بموجب صحيفة مودعة في 31/ 12/ 2007 أي بعد ما يزيد عن العام بالمخالفة للميعاد المقرر قانونا في حين أن الثابت من حكم التحكيم أنه صدر بتاريخ 2/ 11/ 2007 وليس بتاريخ 2/ 11/ 2006 كما أورده الحكم المطعون فيه، وإذ أقيمت دعوى البطلان بتاريخ 31/ 12/ 2007 فإنها تكون قد رفعت خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 54/ 1 من القانون سالف الذكر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى شكلا، فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق مما حجبه عن الفصل في موضوع دعوى البطلان بما يعيبه.

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى ... لسنة 43 ق مدني الفيوم لدى محكمة استئناف بني سويف - مأمورية الفيوم - بطلب الحكم ببطلان حكم المحكمين رقم ... لسنة 2007 محكمين الفيوم واعتباره كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار، على سند من القول إنه والمطعون ضده فوضا المحكمين المبينة أسماؤهم بمشارطة التحكيم المؤرخة 2/ 11/ 2007 في فض النزاع القائم بينهما مع إلزام الطرف المخالف للتحكيم بشرط جزائي قيمته خمسون ألف جنيه، وقد انتهى حكم التحكيم إلى التزام الطاعن ببناء دروة أعلى المسكن الذي يقطنه المطعون ضده بارتفاع متر ونصف على نفقته الخاصة بشرط عدم إساءة استخدامها أو مخالفة قوانين البيئة مقابل التزام المطعون ضده بإجراء الترميمات اللازمة للعقار، وإذ صدر ذلك الحكم مخالفا للمادة 15/ 2 من القانون رقم 27 لسنة 1994 والتي أوجبت أن يكون عدد المحكمين وترا، كما أن الاتفاق على التحكيم جاء خلوا من بيان موضوع التحكيم، كما خلت من بيانه أسباب حكم التحكيم، ومن ثم أقام دعواه، بتاريخ 20/ 5/ 2008 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

----------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، إذ قضى بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد - أي بعد تسعين يوما من تاريخ إعلان حكم التحكيم - تأسيسا على أن ذلك الحكم صدر بتاريخ 2/ 11/ 2006 في حين إن الثابت بمدونات هذا الحكم أنه صدر بتاريخ 2/ 11/ 2007 وإذ تم رفع الدعوى ببطلانه أمام محكمة الاستئناف بتاريخ 31/ 12/ 2007 خلال الميعاد القانوني، فإن الحكم يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مخالفة الثابت في الأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت ماديا ببعض المستندات والأوراق بما يوصف بأنه مسلك إيجابي منها تقضي فيه على خلاف هذه البيانات، وكانت المادة 54/ 1 من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 حددت الميعاد الذي يتعين أن ترفع خلاله دعوى بطلان حكم التحكيم بتسعين يوما من تاريخ إعلان حكم المحكمين للمحكوم عليه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بعدم قبول الدعوى شكلا على أن حكم التحكيم صدر في حضور طرفيه بتاريخ 2/ 11/ 2006 ثم أقيمت دعوى البطلان بموجب صحيفة مودعة في 31/ 12/ 2007 أي بعد ما يزيد على العام بالمخالفة للميعاد المقرر قانونا في حين أن الثابت من حكم التحكيم أنه صدر بتاريخ 2/ 11/ 2007 وليس بتاريخ 2/ 11/ 2006 كما أورده الحكم المطعون فيه، وإذ أقيمت دعوى البطلان بتاريخ 31/ 12/ 2007 فإنها تكون قد رفعت خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 54/ 1 من القانون سالف الذكر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى شكلا، فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق مما حجبه عن الفصل في موضوع دعوى البطلان بما يعيبه ويوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.