الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 19 أبريل 2022

الطعن 4132 لسنة 89 ق جلسة 4 / 3 / 2020 مكتب فني 71 ق 52 ص 397

جلسة 4 من مارس سنة 2020

برئاسة السيد القاضي/ محمد أبو الليل "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ أمين محمد طموم، عمر السعيد غانم، محمد إبراهيم الشباسي "نواب رئيس المحكمة"، والحسين صلاح.

--------------

(52)

الطعن 4132 لسنة 89 ق

(1 ، 2) استئناف "آثار الاستئناف: نطاق الاستئناف".
(1) الاستئناف. اعتباره مرحلة ثانية للمحكوم عليه في المرحلة الأولى ليعاود الدفاع عن حقه الذي لا يرتضى الحكم الصادر في شأنه.

(2) محكمة الدرجة الثانية. التزامها بنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها من المحكوم عليه من أدلة وأوجه دفاع جديدة وما سبق تقديمه أمام محكمة الدرجة الأولى.

(3 ، 4) استئناف "الطلبات الجديدة".
التقاضي على درجتين. مؤداه. حظر قبول أي طلب جديد أمام محكمة الدرجة الثانية. التزام الأخيرة بعدم قبول الطلب الجديد من تلقاء نفسها. علة ذلك. م 235/ 1 ق مرافعات.

(4) طلب الطاعن تحديد مسئوليته عن الحادث م 81، 83 من ق التجارة البحرية وبراءة ذمته والقضاء بالرد والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد. طلب جديد. عدم جواز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح.

(5) استئناف "الإحالة لأسباب أول درجة".
تأييد المحكمة الاستئنافية الحكم الابتدائي للنتيجة الصحيحة التي انتهى إليها للأسباب الواردة به ولأسباب جديدة أنشأتها لنفسها. مفاده. أخذها من حكم الدرجة الأولى بما لا يتعارض مع أسبابها أو نتائجها. مثال.

(6 - 8) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير عمل الخبير".
(6) عمل الخبير. من أدلة الإثبات الواقعية. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. شرطهقيامه على أسباب سائغة لها أصلها في الأوراق وتؤدي إلى ما انتهى إليه. أخذها به محمولا على أسبابه. مؤداه. عدم وجود ما يستحق الرد عليه في المطاعن الموجهة إليه بأكثر مما تضمنه تقريره.

(7) الخبير. عدم التزامه بأداء عمله على وجه محدد. كفاية قيامه بما يحقق الغاية من ندبه. خضوعه لتقدير المحكمة التي يحق لها الاكتفاء بما أجراه لجلاء وجه الحق في الدعوى.

(8) قضاء الحكم المطعون فيه أخذا بتقرير الخبير والذي له أصله الثابت بالأوراق. النعي عليه جدلا تستقل محكمة الموضوع بتقديره. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. النعي عليه غير مقبول.

(9) هيئات "هيئة قناة السويس".
هيئة قناة السويس. اختصاصها. تسيير مرفق قناة السويس بقوانينها ولوائحها الخاصة دون التقيد بالأنظمة الحكومية. م 1، 2، 6 ق 30 لسنة 1975. مؤداه. لها إثبات عناصر المسئولية وتقدير التلفيات ومطالبة المتسبب بالتعويض الجابر للضرر عند وقوع حادث بالمجرى الملاحي. م 4 لائحة الملاحة وقواعد المرور في قناة السويس.

(10) نقل "نقل بحري: أشخاص الملاحة البحرية: المرشد: تبعية المرشد للمجهز".
الأصل مسئولية ربان السفينة عن الأضرار التي تحدث تجاه الغير من المرشد أثناء تنفيذ عملية الإرشاد. م 287 إلي 290 من ق 8 لسنة 1990.

(11) نقل "نقل بحري: أشخاص الملاحة البحرية: المرشد: تبعية المرشد للمجهز".
المرشد. تبعيته للمجهز حال قيامه بعملية إرشاد السفينة ولو كان الإرشاد إجبارياً. علاقة التبعية. مناطها. أن تكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر للتابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته حتى ولو لم يكن حرا في اختيار تابعه م 174 ق مدني. اتفاق ذلك مع قواعد المصادمات البحرية بمعاهدة بروکسل م 5 من المعاهدة. مؤداه. ممارسة المجهز لسلطة الرقابة والتوجيه على المرشد بواسطة ربانه. انسلاخ المرشد في فترة مباشرته نشاطه على ظهر السفينة عن الجهة التي يتبعها أصلا. عدم مساءلة تلك الجهة عن الأخطاء التي تقع منه في تلك الفترة. مسئولية مالك السفينة أو مجهزها عن التصادم الحاصل بسبب خطأ المرشد دون الجهة التابع لها المرشد. علة ذلك. م 80، 95، 286، 287، 298 من ق 8 لسنة 1990.

(12 ، 13) التزام "تنفيذ الالتزام: نظرية الظروف الطارئة".
(12) نظرية الظروف الطارئة. شرطها. أن يكون الحادث استثنائيا وغير متوقع الحصول وقت انعقاد العقد. مناطه. توافر هذا الشرط. م 147 مدني.

(13) محكمة الموضوع. سلطتها. البحث إذا كان الحادث الطارئ هو مما في وسع الشخص العادي توقعه أو أنه من الحوادث الطارئة. مناطه. إقامة قضائها على أسباب مؤدية إلى ما انتهت إليه.

(14) نقل "نقل بحري: أشخاص الملاحة البحرية: المرشد: تبعية المرشد للمجهز".
قضاء الحكم المطعون فيه بثبوت مسئولية الربان لا المرشد ورفض دعوى ملاك السفينة ببراءة ذمتهم من قيمة التلفيات الناتجة عن الحادث استنادا لانعدام القوة القاهرة. صحيح. علة ذلك.

(15 - 17) عقد "عيوب الإرادة: الإكراه".
(15) الإكراه المبطل للرضا. مناطه.

(16) تقدير كون الأعمال التي وقع بها الإكراه مشروعة أو غير مشروعة. دخوله تحت رقابة محكمة النقض متى كانت تلك الأعمال مبينة في الحكم.

(17) منع السفينة من مغادرة الميناء أو التحرك لورش الإصلاح. أمر مشروع ولا يعتبر إكراها. مؤداه. سداد قيمة التلفيات الناتجة عن حادث التصادم. صحيح.

----------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن الاستئناف لا يعدو أن يكون مرحلة ثانية أقامها القانون للمحكوم عليه في المرحلة الأولى ليعاود الدفاع عن حقه الذي لم يرتض الحكم الصادر في شأنه.

2 - لئن كان القانون أجاز له تدارك ما فاته في المرحلة الأولى للتقاضي من أسباب الدفاع عن حقه بأن يتقدم إلى محكمة الدرجة الثانية بما يتوافر له من أدلة وأوجه دفاع جديدة وأوجب على تلك المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها منه فضلا عما سبق تقديمه إلى محكمة الدرجة الأولى.

3 - التزاما بالأصل المقرر أن يكون التقاضي على درجتين وتجنبا لاتخاذ الاستئناف وسيله لمباغته الخصم بطلب لم يسبق عرضه على محكمة أول درجه فقد حظرت الفقرة الأولى من المادة 235 من قانون المرافعات قبول أي طلب جديد أمام محكمة الاستئناف وأوجبت عليها الحكم بذلك من تلقاء نفسها.

4 - طلب الطاعن بصفته بتحديد مسئوليته عن الحادث إعمالا للمادتين 81، 83 من قانون التجارة البحرية وجعله بمبلغ 2698200 جنيها وقيمته بالدولار الأمريكي 96, 152785 وبراءة ذمته من مبلغ 04, 1335834 دولار أمريكي والقضاء برده والفوائد القانونية بواقع 5 % من تاريخ المطالبة الحاصلة في 2/ 1/ 2018 حتى تمام السداد قدم لأول مرة أمام محكمة الاستئناف مما يعد طلبا جديدا غير مقبول وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفضه وهو ما يستوي مع عدم قبوله ومن ثم يضحى هذا السبب على غير أساس وبالتالي غير مقبول.

5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن تأييد المحكمة الاستئنافية الحكم الابتدائي للنتيجة الصحيحة التي انتهت إليها للأسباب الواردة به ولأسباب جديدة أنشأتها لنفسها مفاده أنها أخذت من أسبابه ما لا يتعارض منها مع أسبابها ولا مع النتيجة الصحيحة التي أيدتها وأنها أطرحت ما عداه ولو لم تفصح عن ذلك أو تخطي الحكم الابتدائي في أسباب المخالفة. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه على أسباب جديده أنشأها وهي أسباب سائغة تكفي لحمله وأردف القول بأنه يؤيد الحكم المستأنف الذي انتهى إلى رفض الدعوى يكون قد صادف صحيح القانون لما تضمنه من أسباب لا تتعارض مع ما سلف من أسبابه مما مفاده أنه لم يكن بحاجة إلى تعييب. هذا الحكم فيما تردى فيه من أسباب مخالفة ولا عليه إن لم يخطئ تلك الأسباب على فرض مخالفتها للقانون ويضحي النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.

6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصرا من عناصر الأثبات الواقعية في الدعوى يخضع لتقدير المحكمة التي لها سلطة الأخذ بما انتهى إليه إذ رأت فيه ما يقنعها ويتفق وما رأت أنه وجه الحق فيها ما دام قائما على أسباب لها أصلها وتؤدي إلى ما انتهى إليه، وأن في أخذها بالتقرير محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير دون ما إلزام عليها بتعقب تلك المطاعن على استقلال.

7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه لا إلزام في القانون على الخبير بأداء عمله على وجه محدد إذ بحسبه أن يقوم بما ندب له على النحو الذي يراه محققا للغاية من ندبه ما دام عمله خاضعا لتقدير المحكمة التي يحق لها الاكتفاء بما أجراه ما دامت ترى فيه ما يكفي لجلاء وجه الحق في الدعوى.

8 - أخذ الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي بتقرير الخبير المندوب في الدعوي والذي انتهى إلى أن ربان السفينة المملوكة للطاعن بصفته هو المسئول عن الحادث موضوع الدعوى وما نشأ عنه من تلفيات برصيف الحاويات - بميناء شرق قناة السويس لتداول الحاويات بشرق التفريعة - وذلك بسبب الإيقاف التام لمحركات السفينة ورغم علمه بتأخر القاطرات المساعدة في عملية التراكي وفي ظل قوة الرياح مع وجود تيارات مد بالقناة والاستمرار في عملية التراكي وعدم انتظار القاطرات المساعدة اللازمة للتراكي وأن تلك الظروف لا تمكن طاقم السفينة من السيطرة عليها وتوجيهها بالكفاءة المثلى وأن خطر الاصطدام بالرصيف محتمل في تلك الحالة وهو ما وقع بالفعل وأن تقدير تكاليف إصلاح التلفيات التي لحقت بالرصيف والتعويض عما فات الهيئة المطعون ضدها من كسب وما لحقها من خسارة من جراء الحادث والمقدرة بتقرير مركز البحوث والاستشارات لقطاع النقل البحري بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري مناسبة وكان ما خلص إليه الخبير له أصل ثابت بالأوراق فإن النعي عليه على نحو ما جاء بهذين السببين لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة ومن ثم غير مقبول.

9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 30 لسنة 1975 على أن "تتولى هيئة قناة السويس القيام على شئون مرفق قناة السويس وإدارته واستغلاله وصيانته وتحسينه ويشمل اختصاصها في ذلك مرفق القناة بالتجديد والحالة التي كان عليها وقت صدور القانون رقم 285 لسنة 1956 بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية وللهيئة أن تنشئ ما يقتضى الأمر من إنشاء المشروعات المرتبطة أو المتصلة بمرفق القناة أو أن تشترك في إنشائها أو تعمل على تشجيع ذلك"، وفي المادة الثانية منه أن "هيئة قناة السويس هيئة عامة تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة تخضع لأحكام هذا القانون وحده ولا تسرى في شأنها أحكام القانون رقم 61 لسنة 1963 بإصدار قانون الهيئة العامة ولا أحكام القانون رقم 60 لسنة 1971 بإصدار قانون المؤسسات العامة"، وفي المادة السادسة على أن تختص الهيئة دون غيرها بإصدار اللوائح المتعلقة بالملاحة في قناة السويس وغير ذلك من اللوائح التي يقتضيها حسن سير المرافق وتقوم على تنفيذها ... وقد أصدرت الهيئة لائحة الملاحة وقواعد المرور في قناة السويس ونصت المادة الرابعة منها على مسئولية السفينة عن الأضرار أو الخسائر التي تتسبب فيها بشكل مباشر أو غير مباشر لمهمات الهيئة أو للوحدة العائمة نفسها أو لطرف ثالث وبمجرد وقوع الحادث وإثبات المسئولية تشكل لجنة فنية لتقدير التعويضات وتكاليف الإصلاح والحصول على التعويض الجابر للضرر من التوكيل التابع له السفينة ومفاد ذلك كله أنه نظرا لما لقناة السويس من طبيعة خاصة واضطلاع هيئة قناة السويس بمهام تسيير المرفق أن يكون لها من الصلاحيات ما يكفل لها تحقيق ذلك دون أن تتقيد بالأنظمة الحكومية وبالتالي فإن للهيئة طبقا لقانونها واللائحة الخاصة بها عند وقوع حادث بالمجرى الملاحي إثبات عناصر المسئولية وتقدير التلفيات بالكيفية التي تراها بواسطة أجهزتها الفنية ولها إجراء ما تراه من معاينات توصلا لإثبات عناصر المسئولية على الوجه المقرر في القانون سواء من حيث الخطأ والضرر وعلاقة السببية أو مطالبة المتسبب بالتعويض الجابر للضرر.

10 - المقرر في قانون التجارة البحرية الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1990 أن يظل الربان أثناء قيام المرشد بعمله سيد السفينة وقائدها وأن المرشد مجرد ناصح يدلى بالرأي ولا يتولى تنفيذه. وهذا الأصل هو الذي تقوم عليه أحكام المسئولية عن الأضرار التي تحدث أثناء تنفيذ عملية الإرشاد والتي لها جملة وجوه تناولتها المواد من 287 إلى 290 من القانون سالف البيان منها المسئولية تجاه الغير عن الأخطاء التي تقع من المرشد أثناء عملية الإرشاد والمسئول عن هذه الأخطاء هو مجهز السفينة المخدومة لأن المرشد لا يحجب الربان فيظل الربان في نظر الغير قائد السفينة المسئول عن كل ما يقع من أخطاء في قيادتها أو إدارتها.

11 - يعتبر المرشد أثناء تأدية عمله على السفينة تابعا للمجهز فيسأل المجهز مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة ولو كان الإرشاد إجباريا وليس في هذا خروجا على الأحكام المقررة في القانون المدني في شأن مسئولية المتبوع، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 174 منه تقضي بأن رابطة التبعية تقوم ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه والمجهز يمارس سلطة الرقابة والتوجيه على المرشد بواسطة ربانه وقد قررت القاعدة المتقدمة معاهدة بروكسل الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بالمصادمات البحرية والتي وافقت مصر عليها وصدر مرسوم بالعمل بأحكامها إذ تقضى المادة الخامسة منها ببقاء مسئولية السفينة في حالة ما إذا حصل التصادم بسبب خطأ المرشد ولو كان الإرشاد إجباريا بما مؤداه أن المرشد ينسلخ في الفترة التي يباشر فيها نشاطه على ظهر السفينة عن الجهة التي يتبعها أصلا وعلى ذلك لا تسأل هذه الجهة عن الأخطاء التي تقع منه في تلك الفترة، وبذلك يكون المشرع قد وازن بدقة في اختيار الحلول التي انتهجها لتحديد مسئولية كل من مالك السفينة أو مجهزها والربان أو المرشد كل من مجال عمله وحدود مسئوليته. بأن جعل مالك السفينة أو مجهزها مسئولا عن تعويض أي ضرر يصيب الغير من جراء أخطاء تابعية ومن بينهم المرشد باعتبار أن عائد عمل المرشد يعود في المقام الأول إلى السفينة التي يرشدها، وتبعا لذلك فإن الأخذ بعدم مسئولية الهيئة التابع لها المرشد خلال فترة أدائه لعمله على السفينة واعتباره أثناء ذلك تابعا لمالكها أو مجهزها وهو ما يتفق وطبيعة العلاقة القانونية الناشئة بينهما وانتقال السلطة الفعلية على المرشد وتبعته أثناء أدائه عمله على السفينة للربان الذي يمثل مالك السفينة ليصير تقرير المسئولية المدنية للمالك ومجهزها عن الأخطاء التي يقترفها المرشد على نحو ما تناولته نصوص المادتين 80، 287 من قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1980. غير مناقض لقواعد مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة ولا يستبعد تطبيق القواعد المنظمة لها في القانون المدني، وكل ما سعى إليه المشرع بهذا التنظيم هو إيجاد ذمة مالية مليئة يستطيع المضرور اقتضاء التعويض المستحق له منها وقد راعي المشرع في كل ذلك تحقيق التوازن بين مصلحة السفينة المخدومة والمصلحة العامة في المحافظة على المجاري الملاحية باعتبارها أحد المرافق العامة ذات الأهمية وعصب التجارة الدولية وضمان استمرار سير الملاحة فيها بانتظام واضطراد وما سلكه القانون المصري في هذا الشأن ليس بدعا بين الدول إذ انتهجت العديد من الدول ذات المنحى، كما أن من تلك الأحكام يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمشرع في مجال تنظيم الحقوق وذلك بوضعه الضوابط الحاكمة للعلاقة بين أطرافها سواء في ذلك المرشد أو مالك السفينة ومجهزها وكذا الهيئة العامة للموانئ أو هيئة قناة السويس، ملتزمة بالمعايير التي تكفل تحقيق التوازن بين المصالح المختلفة ودون ما خروج على مبدأ خضوع الدولة للقانون أو إعفاء من التقيد بأحكامه لأي من أطراف تلك العلاقة. والنص في المادة 80 من القانون رقم 8 لسنة 1990 بشأن إصدار قانون التجارة البحرية على أن "يسأل مالك السفينة أو مجهزها مدنيا عن أفعال الربان والبحارة والمرشد وأي شخص آخر في خدمة السفينة متى وقعت منهم أثناء تأدية وظائفهم أو بسببها كما يسأل عن التزامات الربان الناشئة عن العقود التي يبرمها في حدود سلطاته القانونية"، والنص في المادة 95 من ذات القانون "على الربان أن يتولى بنفسه توجيه قيادة السفينة عند دخولها الموانئ أو المراسي أو الأنهار أو خروجها منها أو أثناء اجتياز الممرات البحرية وكذلك في جميع الأحوال التي تعترض الملاحة عقبات خاصة ولو كان الربان ملزما بالاستعانة بمرشد"، كما أن النص في المادة 286 من ذات القانون "تبقى قيادة السفينة وإدارتها للربان أثناء قيام المرشد بعمله عليها"، والنص في المادة 298 من ذات القانون "تترتب المسئولية المنصوص عليها في هذا الفصل ولو وقع التصادم بخطأ المرشد ولو كان الإرشاد إجباريا وذلك مع عدم الإخلال بالقواعد العامة في المسئولية".

12 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن قوام نظرية الحوادث الطارئة في معنى المادة 147 من القانون المدني هو أن يكون الحادث استثنائيا وغير متوقع وقت انعقاد العقد والمعيار في توافر هذا الشرط معيار مجرد مناطه ألا يكون في مقدور الشخص أن يتوقع حصوله لو وجد في ذات الظروف عند التعاقد دون اعتداد بما وقر في ذهن هذا المدين بالذات من توقع الحصول أو عدم توقعه.

13 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن البحث فيما إذا كان الحادث الطارئ هو مما في وسع الشخص العادي توقعه أو أنه من الحوادث الطارئة مما يدخل في نطاق سلطة قاضي الموضوع طالما أقامها على أسباب مؤدية إلى ما انتهى إليه.

14 - مالك السفينة أو مجهزها هو المسئول عن التعويض عن أي ضرر يصيب الغير من جراء أخطاء تابعيه ومن بينهم المرشد باعتبار أن عمله يعود في المقام الأول إلى السفينة التي يرشدها وأنه يترتب على ذلك عدم مسئولية الهيئة التابع لها المرشد خلال فترة أدائه لعمله على السفينة واعتباره أثناء ذلك تابعا لمالكها أو مجهزها وهو ما يتفق وطبيعة العلاقة القانونية الناشئة بينهما وانتقال السلطة الفعلية على المرشد وتبعيته أثناء أدائه عمله على السفينة للربان الذي يمثل مالك السفينة ليصبح تقرير المسئولية المدنية لمالك السفينة ومجهزها عن الأخطاء التي يقترفها المرشد على نحو ما تناولته نصوص قانون التجارة البحرية سالفة البيان غير مناقض مع قواعد مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه وعليه فإن امتثال ربان السفينة لأمر المرشد لا يعفيه من المسئولية عما يلحق الغير من أضرار نتيجة عمل المرشد ومن ثم فلا يجدي الطاعن نفعا نعيه بأن المرشد هو المتسبب في وقوع الحادث إذ هو المسئول قانونا عما يقع منه من أخطاء سببت أضرارا للغير. كما أن القوة القاهرة التي تنهض سببا قانونيا للإعفاء هي التي تنشأ عن الأسباب الطبيعية التي نص عليها القانون بأنها لا يمكن توقعها أو تفاديها كالصواعق ودوامات البحر والتي يكفي إثبات حصولها للإعفاء من المسئولية وبالتالي فإن ما يدعيه الطاعن من أن ارتفاع سرعة الرياح أثناء عمليه التراكي يعد قوة قاهرة غير صحيح باعتبار أنه أمرا معروفا لديه ويتعين عليه اتخاذ الحيطة والحذر منه عند تراكي السفينة وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى ثبوت المسئولية عن الحادث موضوع الدعوى في حق ربان السفينة ورتب على ذلك قضائه بتأييد الحكم الابتدائي برفض دعوى ملاك السفينة التابع لهم الربان ببراءة ذمته من قيمة التلفيات ورفض رد ما قاموا بسداده ولا ينال من ذلك ما ورد بتحريات جهة البحث باعتبار أنه صادر من غير مختص في مثل هذا الشأن ومن يكون النعي على الحكم على نحو ما جاء بهذه الأسباب على غير أساس.

15 - الإكراه المبطل للرضا يتحقق - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - بتهديد المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط أخرى لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبه تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختيارا.

16 - تقدير كون الأعمال التي وقع بها الإكراه مشروعة أو غير مشروعة هو مما يدخل تحت رقابة محكمة النقض متى كانت تلك الأعمال مبينه في الحكم لأن هذا التقدير يكون هو الوصف القانوني المعطي لواقعة يترتب على ما قد يقع من الخطأ فيه الخطأ في تطبيق القانون.

17 - مجرد منع السفينة من مغادرة الميناء أو التحرك لورش الإصلاح - وهو أمر مشروع في مثل هذه الحالة وتقتضيه الظروف - ولا يصح اعتباره إكراها مبطلا لقيامة (الطاعن بصفته) بسداد قيمة التلفيات الناتجة عن حادث السفينة المملوكة له ومن ثم يكون النعي على غير أساس.

----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام على المطعون ضده بصفته الدعوى رقم ... لسنة 2010 تجاري بورسعيد الابتدائية بطلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ قدره 1488620 دولار أمريكي وإلزام المطعون ضده بصفته بأن يرد له هذا المبلغ سالف البيان والفوائد القانونية بواقع 5% سنويا من تاريخ 11/ 8/ 2009 وحتى تمام السداد، وقال بيانا لدعواه إنه بتاريخ 15/ 7/ 2009 وجهت الهيئة المطعون ضدها كتابا إلى توكيل (...) للملاحة المسئولية عن (السفينة ...) التابعة له متضمنا الزعم بأنها تسببت في إحداث تلفيات برصيف حاويات شرق بورسعيد فضلا عن حدوث تلوث بالمسطح المائي نتيجة تسرب زيت وذلك أثناء (تراكيها) على الرصيف البحري بتاريخ 14/ 7/ 2009 ثم تبع ذلك منعها من السفر أو التحرك للإصلاح بورش هيئة قناة السويس وبتاريخ 27/ 7/ 2009 طالب وكيل السفينة بسداد المبلغ سالف البيان استنادا لما انتهى إليه تقرير مركز البحوث والاستشارات التابع للنقل البحري مما اضطر معه الوكيل الملاحي رفعا للحجز الذي تم توقيعه على السفينة ودرء لتعطيل مصالحها لسداد المبلغ رغم أن الحادث الحاصل والأضرار الناجمة عنه لا يسأل عنها ربان السفينة ومن ثم انتفاء مسئولية المتبوع سواء كان الوكيل الملاحي أو ملاكها وهو ما أسفرت عنه تحريات المباحث والتقارير الفنية من أن ربان السفينة اتبع تعليمات المرشد إلا أن عامل الرياح وعدم وجود القاطرات المساعدة في عملية التراكي أدى إلى الارتطام بالرصيف البحري وحصول فتحه بجسم السفينة تسرب منها زيت بالمسطح المائي فضلا عن عدم وجود فنار بالرصيف لامتصاص أثر الاصطدام وكل هذا يعد خطأ من جانب المضرور والغير فضلا عن ذلك فإن واقعة السداد شابها إكراه تمثل في عدم السماح للسفينة بالمغادرة أو للإصلاح إلا بعد تمامه ومن ثم أقامت الدعوي، ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 23/ 11/ 2017 برفض الدعوى، استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد" بالاستئناف رقم ... لسنة 59 ق وبتاريخ 25/ 12/ 2018 قضت بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب ينعى الطاعن بصفته بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إنه رفض طلبة المبدي في الاستئناف بتحديد مسئوليته عن الأضرار التي وقعت طبقا لنص المادتين 81، 83 من قانون التجارة البحري بشأن تحديد المسئولية بفرض مقدار تجاوزه التعويض بمبلغ معين لا يمكن تجاوزه واستند في قضائه إلى ثبوت الخطأ في جانب ربان السفينة رغم أنه في حالة ثبوته لا يؤثر في هذا الطلب لأنه لا يمنع من الإجابة إليه إلا عند ثبوت قصد الإضرار لديه وسوء نيته وهو ما لم يثبت بالأوراق وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الاستئناف لا يعدو أن يكون مرحلة ثانية أقامها القانون المحكوم عليه في المرحلة الأولى ليعاود الدفاع عن حقه الذي لم يرتض الحكم الصادر في شأنه ولئن كان القانون أجاز له تدارك ما فاته في المرحلة الأولى للتقاضي من أسباب الدفاع عن حقه بأن يتقدم إلى محكمة الدرجة الثانية بما يتوافر له من أدلة وأوجه دفاع جديدة وأوجب على تلك المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها منها فضلا عما سبق تقديمه إلى محكمة الدرجة الأولى إلا أنه التزاما بالأصل المقرر أن يكون التقاضي على درجتين وتجنبا لاتخاذ الاستئناف وسيلة مباغتة الخصم بطلب لم يسبق عرضه على محكمة أول درجه فقد حظرت الفقرة الأولى من المادة 235 من قانون المرافعات قبول أي طلب جديد أمام محكمة الاستئناف وأوجبت عليها الحكم بذلك من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكان طلب الطاعن بصفته بتحديد مسئوليته عن الحادث إعمالا للمادتين 81، 83 من قانون التجارة البحرية وجعله بمبلغ 2698200 جنيها وقيمته بالدولار الأمريكي 96، 152785 وبراءة ذمته من مبلغ 04, 1335834 دولار أمريكي والقضاء برده والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة الحاصلة في 2/ 1/ 2018 حتى تمام السداد قدم لأول مرة أمام محكمة الاستئناف مما يعد طلبا جديدا غير مقبول وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفضه وهو ما يستوي مع عدم قبوله ومن ثم يضحي بهذا السبب على غير أساس وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه لم يتناول أسباب الاستئناف بالبحث والرد وأقتصر على الإشارة إليها دون إنزال حكم القانون بقالة إنه لا تثريب عليه في الأخذ بأسباب حكم أول درجة رغم أن الأخير افترض أن الدعوى تتعلق بأضرار ناشئة عن تسريب زيت من السفينة للمياه وقام بتطبيق معاهدة بروكسل لعام 1969 على النزاع في حين أن دعواه هي براءة ذمته من مبلغ ألزم به لإحداث السفينة التابعة له تلفيات برصيف ميناء حاويات بورسعيد وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تأييد المحكمة الاستئنافية الحكم الابتدائي للنتيجة الصحيحة التي انتهت إليها للأسباب الواردة به ولأسباب جديدة أنشأتها لنفسها مفاده أنها أخذت من أسبابه ما لا يتعارض منها مع أسبابها ولا مع النتيجة الصحيحة التي أبدتها وأنها أطرحت ما عداه ولو لم تفصح عن ذلك أو تخطى الحكم الابتدائي في أسباب المخالفة. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه على أسباب جديدة أنشأها وهي أسباب سائغة تكفي لحمله وأردف القول بأنه يؤيد الحكم المستأنف الذي انتهى إلى رفض الدعوى يكون قد صادف صحيح القانون لما تضمنه من أسباب لا تتعارض مع ما سلف من أسبابه مما مفاده أنه لم يكن بحاجة إلى تعييب هذا الحكم فيما تردى فيه من أسباب مخالفة ولا عليه إن لم يخطئ تلك الأسباب على فرض مخالفتها للقانون ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسببين الثالث والسابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه استند في قضاءه لتقرير الخبير المنتدب في الدعوى رغم ما شابه من عيوب إذ نسب إليه أنه لم ينكر حدوث الأضرار بواسطة السفينة المملوكة له وهو ما يوحي بوجود إقرار منه بتحقيق الأضرار المزعومة رغم خلو الأوراق من وجود مثل هذا الإقرار وبالتالي فهو استخلاص فاسد كما أنه لم يحقق دفاعه بعدم وجود فنار زاوية لحماية الرصيف يعمل على امتصاص تأثير الاصطدام وهو ما أكده تقرير المعاينة والتصور تحت الماء وتقرير مركز البحوث والاستشارات لقطاع النقل البحري والخطاب الصادر من رئيس مجلس إدارة الهيئة المطعون ضدها والصور الفوتوغرافية لرصيف التداعي واعتماده على تقرير مأجور تم إعداده بمبلغ 125 ألف دولار وكذلك جاء مخالفا لما جاء بتقرير القوات البحرية فضلا عن المغالاة في تقدير التعويض وإضافة عناصر لا دخل لها بالوقعة وهي إصلاح نظام مراقبة حركة السفن وهذا لا شأن له بجسم الرصيف والمقدر عنها مبلغ 000، 100 دولار أمريكي واحتساب ضرر غير محقق الوقوع هو الحرمان من عدم رسو السفن وذلك باعتباره حكم على المستقبل وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصرا من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى يخضع لتقدير المحكمة التي لها سلطة الأخذ بما انتهى إليه إذا رأت فيه ما يقنعها ويتفق وما رأت أنه وجه الحق فيها ما دام قائما على أسباب لها أصلها وتؤدي إلى ما انتهى إليه، وأن في أخذها بالتقرير محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير دونما إلزام عليها بتعقب تلك المطاعن على استقلال وكان لا إلزام في القانون على الخبير بأداء عمله على وجه محدد إذ بحسبه أن يقوم بما ندب له على النحو الذي يراه محققا للغاية من ندبه ما دام عمله خاضعا لتقدير المحكمة التي يحق لها الاكتفاء بما أجراه ما دامت تري فيه ما يكفي لجلاء وجه الحق في الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي قد أخذ بتقرير الخبير المندوب في الدعوى والذي انتهى إلى أن ربان السفينة المملوكة للطاعن بصفته هو المسئول عن الحادث موضوع الدعوى وما نشأ عنه من تلفيات برصيف الحاويات - بميناء شرق قناة السويس لتداول الحاويات بشرق التفريعة - وذلك بسبب الإيقاف التام لمحركات السفينة ورغم علمه بتأخر القاطرات المساعدة في عملية التراكي وفي ظل قوة الرياح مع وجود تيارات مد بالقناة والاستمرار في عملية التراكي وعدم انتظار القاطرات المساعدة اللازمة للتراكي وأن تلك الظروف لا تمكن طاقم السفينة من السيطرة عليها وتوجيهها بالكفاءة المثلى وأن خطر الاصطدام بالرصيف محتمل في تلك الحالة وهو ما وقع بالفعل وأن تقدير تكاليف إصلاح التلفيات التي لحقت بالرصيف والتعويض عما فات الهيئة المطعون ضدها من كسب وما لحقها من خسارة من جراء الحادث والمقدرة - بتقرير مركز البحوث والاستشارات لقطاع النقل البحري بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري مناسبة وكان ما خلص إليه الخبير له أصل ثابت بالأوراق فإن النعي عليه على نحو ما جاء بهذين السببين لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالأسباب الرابع والخامس والسادس على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه أورد بأسبابه أن ربان السفينة هو الذي أخذ القرار بالتراكي على رصيف الميناء رغم أن الثابت بالأوراق - تحريات جهة البحث - أنه اتخذ هذا القرار بناء على إخطار مكتب الميناء له بالتراكي خاصة وأنه إعمالا للمادة 282/ 1 من قانون التجارة البحرية أن الإرشاد إجباري في قناة السويس وفي الموانئ المصرية فلا يجوز للربان مخالفتها كما أنه قدم تقرير هيئة السلامة البحرية أمام محكمة الموضوع بدرجتيها والذي أكد شدة الرياح التي كان اتجاهها شمال غرب وأنها بلغت سرعتها من 17 إلى 21 وتيارات المد وأنها هي التي ساعدت على انحراف مؤخرة السفينة ناحية الرصيف مما أدى إلى وقوع الحادث وهو ما يعد قوة قاهرة فضلا عن توافر خطأ المضرور في عدم تزويد الرصيف - بفنادر زاوية - مما تسبب في الاحتكاك بالرصيف وتوافر خطأ الغير وهي هيئة قناة السويس المتمثل في تأخر القاطرة المساعدة وتأخر عمال الرباط بالحبال وقدم المستندات الدالة على ذلك إلا أن الحكم لم يعرض لها إيرادا وردا وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 30 لسنة 1975 على أن "تتولى هيئة قناة السويس القيام على شئون مرفق قناة السويس وإدارته واستغلاله وصيانته وتحسينه ويشمل اختصاصها في ذلك مرفق القناة بالتجديد والحالة التي كان عليها وقت صدور القانون رقم 285 لسنة 1956 بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس البحرية وللهيئة أن تنشئ ما يقتضى الأمر من إنشاء المشروعات المرتبطة أو المتصلة بمرفق القناة أو أن تشترك في إنشائها أو تعمل على تشجيع ذلك"، وفي المادة الثانية منه أن "هيئة قناة السويس هيئة عامة تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة تخضع لأحكام هذا القانون وحده ولا تسري في شأنها أحكام القانون رقم 60 لسنة 1971 بإصدار قانون المؤسسات العامة" وفي المادة السادسة على أن "تختص الهيئة دون غيرها بإصدار اللوائح المتعلقة بالملاحة في قناة السويس وغير ذلك من اللوائح التي يقتضيها حسن سير المرافق وتقوم على تنفيذها ..." وقد أصدرت الهيئة لائحة الملاحة وقواعد الملاحة وقواعد المرور في قناة السويس ونصت المادة الرابعة منها على مسئولية السفينة عن الأضرار أو الخسائر التي تتسبب فيها بشكل مباشر أو غير مباشر لمهمات الهيئة أو للوحدة العائمة نفسها أو لطرف ثالث وبمجرد وقوع الحادث وإثبات المسئولية تشكل لجنة فنية لتقدير التعويضات وتكاليف الإصلاح والحصول على التعويض الجابر للضرر من التوكيل التابع له السفينة ومفاد ذلك كله أنه نظرا لما لقناة السويس من طبيعة خاصة واضطلاع هيئة قناة السويس بمهام تسيير المرفق أن يكون لها من الصلاحيات ما يكفل لها تحقيق ذلك دون أن تتقيد بالأنظمة الحكومية وبالتالي فإن للهيئة طبقا لقانونها واللائحة الخاصة بها عند وقوع حادث بالمجرى الملاحي إثبات عناصر المسئولية وتقدير التلفيات بالكيفية التي تراها بواسطة أجهزتها الفنية ولها إجراء ما تراه من معاينات توصلا لإثبات عناصر المسئولية على الوجه المقرر في القانون سواء من حيث الخطأ والضرر وعلاقة السببية أو مطالبة المتسبب بالتعويض الجابر للضرر، كما أنه من المقرر في قانون التجارة البحرية الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1990 أن يظل الربان أثناء قيام المرشد بعمله سيد السفينة وقائدها وأن المرشد مجرد ناصح يدلي بالرأي ولا يتولى تنفيذه، وهذا الأصل هو الذي تقوم عليه أحكام المسئولية عن الأضرار التي تحدث أثناء تنفيذ عملية الإرشاد والتي لها جملة وجوه تناولتها المواد من 287 إلى 290 من القانون سالف البيان منها المسئولية تجاه الغير عن الأخطاء التي تقع من المرشد أثناء عملية الإرشاد والمسئول عن هذه الأخطاء هو مجهز السفينة المخدومة لأن المرشد لا يحجب الربان فيظل الربان في نظر الغير قائد السفينة المسئول عن كل ما يقع من أخطاء في قيادتها أو إدارتها كما أن المرشد يعتبر أثناء تأدية عمله على السفينة تابعا للمجهز فيسأل المجهز مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه ولو كان الإرشاد إجباريا وليس في هذا خروجا على الأحكام المقررة في القانون المدني في شأن مسئولية المتبوع، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة 174 منه تقضي بأن رابطة التبعية تقوم ولو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه متى كانت له عليه سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه والمجهز يمارس سلطة الرقابة والتوجيه على المرشد بواسطة ربانه وقد قررت القاعدة المتقدمة من معاهدة بروكسيل الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بالمصادمات البحرية والتي وافقت مصر عليها وصدر مرسوم بالعمل بأحكامها إذ تقضى المادة الخامسة منها ببقاء مسئولية السفينة في حالة ما إذا حصل التصادم بسبب خطأ المرشد ولو كان الإرشاد إجباريا بما مؤداه أن المرشد ينسلخ في الفترة التي يباشر فيها نشاطه على ظهر السفينة عن الجهة التي يتبعها أصلا وعلى ذلك لا تسأل هذه الجهة عن الأخطاء التي تقع منه في تلك الفترة، وبذلك يكون المشرع قد وازن بدقة في اختيار الحلول التي انتهجها لتحديد مسئولية كل من مالك السفينة أو مجهزها والربان أو المرشد كل في مجال عمله وحدود مسئوليته بأن جعل مالك السفينة أو مجهزها مسئولا عن تعويض أي ضرر يصيب الغير من جراء أخطاء تابعيه ومن بينهم المرشد باعتبار أن عائد عمل المرشد يعود في المقام الأول إلى السفينة التي يرشدها، وتبعا لذلك فإن الأخذ بعدم مسئولية الهيئة التابع لها المرشد خلال فترة أدائه لعمله على السفينة واعتباره أثناء ذلك تابعا لمالكها أو مجهزها وهو ما يتفق وطبيعة العلاقة القانونية الناشئة بينهما وانتقال السلطة الفعلية على المرشد وتبعيته أثناء أدائه عملة على السفينة للربان الذي يمثل مالك السفينة ليصير تقرير المسئولية المدنية لمالك السفينة ومجهزها عن الأخطاء التي يقترفها المرشد على نحو ما تناولته نصوص المادتين 80، 287 من قانون التجارة البحرية رقم 8 لسنة 1980 غير مناقض لقواعد مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه ولا يستبعد تطبيق القواعد المنظمة لها في القانون المدني، وكل ما سعى إليه المشرع بهذا التنظيم هو إيجاد ذمة مالية مليئة يستطيع المضرور اقتضاء التعويض المستحق له منها وقد راعي المشرع في كل ذلك تحقيق التوازن بين مصلحة السفينة المخدومة والمصلحة العامة في المحافظة على المجاري الملاحية باعتبارها أحد المرافق العامة ذات الأهمية وعصب التجارة الدولية وضمان استمرار سير الملاحة فيها بانتظام واضطراد ما سلكه القانون المصري في هذا الشأن ليس بدعا بين الدول إذ انتهجت العديد من الدول ذات المنحى، كما أن سن تلك الأحكام يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمشرع في مجال تنظيم الحقوق وذلك بوضعه الضوابط الحاكمة للعلاقة بين أطرافها سواء في ذلك المرشد أو مالك السفينة ومجهزها وكذا الهيئة العامة للموانئ أو هيئة قناة السويس، ملتزما بالمعايير التي تكفل تحقيق التوازن بين المصالح المختلفة ودونما خروج على مبدأ خضوع الدولة للقانون أو إعفاء من التقيد بأحكامه لأي من أطراف تلك العلاقة. والنص في المادة 80 من القانون 8 لسنة 1990 بشأن إصدار قانون التجارة البحرية على أن "يسأل مالك السفينة أو مجهزيها مدنيا عن أفعال الربان والبحارة والمرشد وأي شخص آخر في خدمة السفينة متى وقعت منهم أثناء تأدية وظائفهم أو بسببها، كما يسأل عن التزامات الربان الناشئة عن العقود التي يبرمها في حدود سلطاته القانونية"، والنص في المادة 95 من ذات القانون "على الربان أن يتولى بنفسه توجيه قيادة السفينة عند دخولها الموانئ أو المراسي أو الأنهار أو خروجها منها أو أثناء اجتياز الممرات البحرية وكذلك في جميع الأحوال التي تعترض الملاحة عقبات خاصة ولو كان الربان ملزما بالاستعانة بمرشد"، كما أن النص في المادة 286 من ذات القانون "تبقى قيادة السفينة وإدارتها للربان أثناء قيام المرشد بعمله عليها"، والنص في المادة 298 من ذات القانون "تترتب المسئولية المنصوص عليها في هذا الفصل ولو وقع التصادم بخطأ المرشد ولو كان الإرشاد إجباريا وذلك مع عدم الإخلال بالقواعد العامة في المسئولية"، وأنه من المقرر قضاء أن قوام نظرية الحوادث الطارئة في معني المادة 147 من القانون المدني هو أن يكون الحادث استثنائيا وغير متوقع وقت انعقاد العقد والمعيار في توافر هذا الشرط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - معيار مجرد مناطه ألا يكون في مقدور الشخص أن يتوقع حصوله لو وجد في ذات الظروف عند التعاقد دون اعتداد بما وقر في ذهن هذا المدين بالذات من توقع الحصول أو عدم توقعه والبحث فيما إذا كان الحادث الطارئ هو مما في وسع الشخص العادي توقعه أو أنه من الحوادث الطارئة مما يدخل في نطاق سلطة قاضي الموضوع طالما أقامها على أسباب مؤدية إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك، وكان مالك السفينة أو مجهزها هو المسئول عن التعويض عن أي ضرر يصيب الغير من جراء أخطاء تابعيه ومن بينهم المرشد باعتبار أن عمله يعود في المقام الأول إلى السفينة التي يرشدها وأنه يترتب على ذلك عدم مسئولية الهيئة التابع لها المرشد خلال فترة أدائه لعمله على السفينة واعتباره أثناء ذلك تابعا لمالكها أو مجهزها وهو ما يتفق وطبيعة العلاقة القانونية الناشئة بينهما وانتقال السلطة الفعلية على المرشد وتبعيته أثناء أدائه عمله على السفينة للربان الذي يمثل مالك السفينة ليصبح تقرير المسئولية المدنية لمالك السفينة ومجهزها عن الأخطاء التي يقترفها المرشد على نحو ما تناولته نصوص قانون التجارة البحرية سالفة البيان غير متناقض مع قواعد مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه وعليه فإن امتثال ربان السفينة لأمر المرشد لا يعفيه من المسئولية عما يلحق الغير من أضرار نتيجة عمل المرشد ومن ثم فلا يجدي الطاعن نفعا نعيه بأن المرشد هو المتسبب في وقوع الحادث إذ هو المسئول قانونا عما يقع منه من أخطاء سببت أضرارا للغير. كما أن القوة القاهرة التي تنهض سببا قانونيا للإعفاء هي التي تنشأ عن الأسباب الطبيعية التي نص عليها القانون بأنها لا يمكن توقعها أو تفاديها كالصواعق ودوامات البحر والتي يكفي إثبات حصولها للإعفاء من المسئولية وبالتالي فإن ما يدعيه الطاعن من أن ارتفاع سرعة الرياح أثناء عملية التراكي يعد قوة قاهرة غير صحيح باعتبار أنه أمرا معروفا لديه ويتعين عليه اتخاذ الحيطة والحذر منه عند تراکي السفينة وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى ثبوت المسئولية عن الحادث موضوع الدعوى في حق ربان السفينة ورتب على ذلك قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي برفض دعوى ملاك السفينة التابع لهم الربان ببراءة ذمته من قيمة التلفيات ورفض رد ما قاموا بسداده ولا ينال من ذلك ما ورد بتحريات جهة البحث باعتبار أنها صادرة من غير مختص في مثل هذا الشأن ومن ثم يكون النعي على الحكم على نحو ما جاء بهذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالسبب الثامن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضده بصفته منع السفينة من مغادرة الميناء أو التحرك إلى ورش الإصلاح مما أجبره على سداد المبلغ محل الدعوى تحت إكراه يعيب إرادته ويوجب رد المبلغ المسدد وإذ التفت الحكم عن هذا الدفاع إيرادا وردا فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن الإكراه المبطل للرضا يتحقق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بتهديد المكره بخطر جسيم محدق بنفسه أو بماله أو باستعمال وسائل ضغط لا قبل له باحتمالها أو التخلص منها ويكون من نتيجة ذلك حصول رهبة تحمله على الإقرار بقبول ما لم يكن ليقبله اختيارا وتقدير كون الأعمال التي وقع بها الإكراه مشروعة أو غير مشروعة هو مما يدخل تحت رقابة محكمة النقض متى كانت تلك الأعمال مبينة في الحكم لأن هذا التقدير يكون هو الوصف القانوني المعطي لواقعة يترتب على ما قد يقع من الخطأ في تطبيق القانون، متى كان ما تقدم وكان مجرد منع السفينة من مغادرة الميناء أو التحرك لورش الإصلاح - وهو أمر مشروع في مثل هذه الحالة وتقتضيه الظروف - ولا يصح اعتباره إكراها مبطلا لقيامه بسداد قيمة التلفيات الناتجة عن حادث السفينة المملوكة له ومن ثم يكون النعي على غير أساس، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 8926 لسنة 85 ق جلسة 4 / 3 / 2020 مكتب فني 71 ق 51 ص 394

جلسة 4 من مارس سنة 2020

برئاسة السيد القاضي/ عطاء سليم "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ كمال نبيه محمد، د. مصطفى سعفان، حسن إسماعيل ورفعت إبراهيم الصن "نواب رئيس المحكمة".

-------------

(51)

الطعن 8926 لسنة 85 ق

(1 ، 2) رسوم "الرسوم القضائية: الإعفاء من الرسوم القضائية".
(1) عدم استحقاق رسوم قضائية على الدعاوى التي ترفعها الحكومة. المادتين 50، 51 ق 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية. شموله جميع الإجراءات القضائية. علة ذلك.

(2) قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى بحالتها وسقوط حق الطاعن بصفته وزير الداخلية في التمسك بالحكم الصادر بتعيين خبير لعدم إيداعه أمانة الخبير ملتفتا عن طلب إضافة الأمانة على عاتق الخزانة العامة للدولة. خطأ. علة ذلك.

---------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن مفاد نص المادتين 50، 51 من قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنة 1944 أنه لا تستحق الرسوم القضائية على الدعاوى التي ترفعها الحكومة، ويشتمل مدلول الرسوم القضائية جميع الإجراءات القضائية من بدء رفع الدعوى إلى حيث الحكم فيها وإعلانه والمصاريف الأخرى كأمانة الخبير وبدل سفر الشهود وغيرها مما كان لازما لتحقيق الدعوى اتخاذ إجراءات تحفظية أثناء سيرها وأتعاب المحاماة، وذلك تقديرا من الدولة لرفع العبء عن بعض الجهات أو الهيئات.

2 - إذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر (عدم استحقاق رسوم قضائية على الدعاوى التي ترفعها الحكومة) وقضى بسقوط حق الطاعن بصفته (وزير الداخلية) في التمسك بالحكم الصادر بتعيين خبير وبرفض الدعوى بحالتها لعدم إيداع الطاعن بصفته أمانة الخبير خزانة المحكمة والتفت عن طلبه إضافة أمانة الخبير على عاتق الخزانة العامة رغم أنها تدخل ضمن الرسوم القضائية التي نص القانون على إعفاءه منها، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون.

-----------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم ... لسنة 2011 مدني البحر الأحمر الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بأن يدفعوا له مبلغ 90, 123913 جنيه قيمة التلفيات التي لحقت بالسيارة ... شرطة نتيجة سقوطها بغرفة كابلات تليفونات سنترال سفاجا، وكان ذلك ناشئا عن إهمال المطعون ضده الأول ومورث المطعون ضدهم ثانيا وقد تحرر عن الواقعة المحضر رقم ... لسنة 1999 جنح سفاجا والتي قضي فيها بإدانتهما بحكم بات، وإذ أصابته جراء ذلك أضرارا تقدر بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوي، ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى، وبتاريخ 24/ 2/ 2014 حكمت برفض الدعوى بحالتها لعدم سداد أمانة الخبير، استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 33 ق قنا - مأمورية الغردقة - وبتاريخ 17/ 3/ 2015 قضت بالتأييد، طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ أيد قضاء محكمة أول درجة بسقوط حق الطاعن بصفته في التمسك بالحكم الصادر بتعيين خبير وبرفض الدعوى بحالتها حال أنه معفي من جميع أنواع الرسوم بما في ذلك أمانه الخبير عملا بالمادتين 50، 51 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد نص المادتين 50، 51 من قانون الرسوم القضائية رقم 90 لسنة 1944 أنه لا تستحق الرسوم القضائية على الدعاوى التي ترفعها الحكومة، ويشتمل مدلول الرسوم القضائية جميع الإجراءات القضائية من بدء رفع الدعوى إلى حيث الحكم فيها وإعلانه والمصاريف الأخرى كأمانة الخبير وبدل سفر الشهود وغيرها مما كان لازما لتحقيق الدعوى اتخاذ إجراءات تحفظية أثناء سيرها وأتعاب المحاماة، وذلك تقديرا من الدولة لرفع العبء عن بعض الجهات أو الهيئات، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بسقوط حق الطاعن بصفته في التمسك بالحكم الصادر بتعيين خبير وبرفض الدعوى بحالتها لعدم إيداع الطاعن بصفته أمانة الخبير خزانة المحكمة والتفت عن طلبه إضافة أمانة الخبير على عاتق الخزانة العامة رغم أنها تدخل ضمن الرسوم القضائية التي نص القانون على إعفاءه منها، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الاثنين، 18 أبريل 2022

الطعن 197 لسنة 30 ق جلسة 31 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 184 ص 1284

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

-------------------

(184)
الطعن رقم 197 لسنة 30 القضائية

إعلان. "بيانات أوراق المحضرين". بطلان. دعوى. "إجراءات رفع الدعوى". "ورقة التكليف بالحضور".
يجب على المحضر أن يبين في ورقة الإعلان صفة من تسلم الورقة وإقامته مع المراد إعلانه. إغفال ذلك مبطل للإعلان. وقوع البطلان في ورقة التكليف بالحضور وعدم حضور المطلوب إعلانه. على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.

--------------------
الأصل في إعلان أوراق المحضرين وفقاً للمادتين 11، 12 من قانون المرافعات أن تسلم الأوراق المراد إعلانه إلى الشخص نفسه أو في موطنه، فإذا لم يجد المحضر الشخص المراد إعلانه في موطنه جاز تسليم الأوراق إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره، فإذا أغفل المحضر إثبات صفة من تسلم الأوراق أو أغفل إثبات أن من تسلمها من أقارب المطلوب إعلانه أو أصهاره مقيم معه، فإنه يترتب على ذلك بطلان الإعلان طبقاً للمادة 24 مرافعات - ويكون على المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بهذا البطلان إذا وقع في ورقة التكليف بالحضور ولم يحضر المطلوب إعلانه وذلك عملاً بما تقتضي به المادة 95 مرافعات (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق. تتحصل في أن الطاعن الأول ومورث الطاعنة الثانية بنفسها وصفتها أقاما الدعوى رقم 775 سنة 1953 كلي سوهاج ضد المطعون عليه الأول طالبين الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليهما من المطعون عليه المذكور بتاريخ 5/ 9/ 1953 والمتضمن بيعه لهما 2 ف و5 ط بثمن قدره 1200 ج، وقد طلب المطعون عليه الثاني التدخل خصماً ثالثاً في الدعوى تأسيساً على أنه اشترى من ذات البائع 1 ف و21 ط و15 س من ضمن الأطيان المبيعة للمدعيين وقد سجل عقده قبل تسجيل صحيفة الدعوى وطعن المدعيان على عقد البيع الصادر إلى الخصم المتدخل بأنه صوري صورية مطلقة وطلبا احتياطياً فسخ عقد البيع الصادر لهما من المدعى عليه وإلزامه برد الثمن مع التعويض، وتمسك المدعى عليه والخصم الثالث ببطلان عقد المدعيين لصدوره من المدعى عليه وقت أن كان قاصراً وطعنا في التاريخ المدون بذلك العقد بالتزوير تأسيساً على أن المدعيين لم يدونا أرقام التاريخ بالكامل وقت انعقاد العقد، ثم وضعا بعد ذلك أرقاما غير حقيقية في بيانات التاريخ ليكون الظاهر أن العقد صدر من المدعى عليه في وقت لاحق لبلوغه سن الرشد الحاصل في 23/ 8/ 1953، وبجلسة 27 من ديسمبر سنة 1955 قضت المحكمة بندب خبير لتحقيق التزوير المدعى به وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 2 من مارس سنة 1957 برد وبطلان التاريخ المدون بعقد المدعيين وببطلان ذلك العقد ورفض طلب صحته ونفاذه وأعادت القضية للمرافعة في الطلب الاحتياطي الذي أبداه المدعيان، واستأنف هذان الأخيران ذلك الحكم إلى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 248 سنة 32 ق. ولوفاة مورث الطاعنة الأولى قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة في الدعوى، ولما عجل الاستئناف بعد ذلك قضت فيه المحكمة بجلسة 9/ 3/ 1960 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 24/ 12/ 1963 وفيها تمسكت النيابة برأيها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة التي حددت لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان بأسباب الطعن وقوع بطلان في الحكم المطعون فيه ووقوع بطلان في الإجراءات أثر فيه ويقولان في بيان ذلك إن محكمة الاستئناف قضت في 2 سبتمبر سنة 1959 بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لوفاة مورث الطاعنة الثانية، وقد ظلت الدعوى موقوفة إلى أن وجه المطعون عليه الأول إلى الطاعنين إعلاناً بتعجيلها لجلسة 3/ 2/ 1960 ولكن ذلك الإعلان وقع باطلاً لأن المحضر الذي أجراه دون في محضره أنه انتقل إلى البلد الذي يقيم فيه الطاعنان دون أن يثبت أنه انتقل إلى محل إقامة الطاعنين بذلك البلد كما ذكر بمحضر إعلان الطاعن الأول أنه قد أعلنه مخاطباً مع ابن عمه دون أن يثبت أنه مقيم معه، وعلى الرغم من عدم صحة الإعلان وما ترتب على ذلك من عدم علم الطاعنين بالجلسة التي عجل إليها الاستئناف وعدم حضورهما فيها فإن المحكمة قررت بتلك الجلسة ودون انتباه إلى البطلان اللاحق بالإعلان حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة 9/ 3/ 1960 مع التصريح للطرفين بتقديم مذكرات في مدى أسبوعين وإذ صدر الحكم المطعون فيه بهذه الجلسة الأخيرة رغم بطلان إعلان الطاعنين وعدم حضورهما بجلسة المرافعة وعدم تقديمهما مذكرة بدفاعهما في فترة حجز الدعوى للحكم، فإن ذلك الحكم يكون مشوباً بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الأصل في إعلان أوراق المحضرين وفقاً للمادتين 11 و12 من قانون المرافعات أن تسلم الأوراق المراد إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه فإذا لم يجد المحضر الشخص المراد إعلانه في موطنه جاز تسليم الأوراق إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره فإذا أغفل المحضر إثبات صفة من تسلم الأوراق، أو أغفل إثبات أن من تسلمها من أقارب المطعون إعلانه أو أصهاره مقيم معه فإنه يترتب على ذلك بطلان الإعلان طبقاً للمادة 24 مرافعات، ويكون على المحكمة أن تقضى من تلقاء نفسها بهذا البطلان إذا وقع في ورقة التكليف بالحضور ولم يحضر المطلوب إعلانه وذلك عملاً بما تقضي به المادة 95 مرافعات، ولما كان يبين من الصورة الرسمية لأصل ورقة الإعلان الذي وجهه المطعون عليه الأول إلى الطاعنين بتعجيل الاستئناف وتكليفهم بالحضور لجلسة 3/ 2/ 1960 (والمقدمة من الطاعنين بملف الطعن). إن المحضر وإن دون بمحضر الإعلان أنه انتقل إلى بندر المنشأة حيث إقامة الطاعنين وأنه لم يجدهما فيه إلا أنه أعلن الطاعن الأول مخاطباً مع ابن عمه عبد الرحمن مهران وسلمه صورة الإعلان دون أن يثبت أنه يقيم مع الطاعن المذكور، كما أنه أعلن الطاعنة الثانية مخاطباً مع عبد الرحمن مهران المقيم معها وسلمه صورة إعلانها دون أن يثبت علاقته بها. ويترتب على ذلك بطلان إعلان الطاعنين بالحضور للجلسة التي عجل إليها الاستئناف وكان يبين أيضاً من الصورة الرسمية لمحضر هذه الجلسة المؤرخ 3/ 2/ 1960 (والمقدمة من الطاعنين كذلك) أن الطاعنين لم يحضروا بالجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة 9/ 3/ 1960 مع التصريح للطرفين بتقديم مذكرات في مدى أسبوعين، وبها أصدرت الحكم المطعون فيه. ولم يثبت أن الطاعنين قدما مذكرة بدفاعهما، لما كان ذلك، فإن المحكمة إذ لم تنتبه إلى بطلان إعلان ورقة تكليف الطاعنين بالحضور بالجلسة التي عجل إليها الاستئناف وقررت رغم عدم حضورهما بتلك الجلسة حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة لاحقة وبها أصدرت الحكم المطعون فيه مع عدم ثبوت تقديم مذكرة من الطاعنين بدفاعهما في فترة الحجز فإن ذلك الحكم يكون مشوباً بالبطلان بما يستوجب نقضه لذلك السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


 (1)راجع نقض 4/ 1/ 1962 طعن 134 س 26 ق، 23/ 5/ 1962، طعن 31 س 29 ق أحوال شخصية السنة 13 ص 34 و658.

الطعن 202 لسنة 30 ق جلسة 31 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 185 ص 1288

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد/ محمود القاضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعباس حلمي عبد الجواد.

-----------------

(185)
الطعن رقم 202 لسنة 30 ق

)أ) حكم. "إصداره". "تقديم الأوراق والمذكرات".
عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها. حكمته، عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه. مثال.
)ب) حكم. "بياناته". بطلان.
الترتيب الوارد في المادة 349 مرافعات بشأن البيانات الواجب تدرينها في الحكم ليس ترتيباً حتمياً يترتب على الإخلال به البطلان. جواز إيراد الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استند إليها الخصوم في ثنايا أسباب الحكم التي تكلفت بالرد عليها.
)ج) إثبات. "تقدير الدليل". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما لا يعد كذلك". محكمة الموضوع.
عدم تقيد المحكمة برأي الخبير المنتدب في الدعوى. حسبها أن تقيم قضاءها على الأدلة الأخرى المقدمة في الدعوى متى وجدت فيها ما يكفي لتكوين عقيدتها. لا يلزمها إيراد أسباب مستقلة للرد بها على تقرير الخبير.
)د) إثبات. "إجراءات الإثبات". "التحقيق". نقض. "أسباب الطعن". "أسباب واقعية". محكمة الموضوع.
رفض المحكمة طلب الإحالة إلى التحقيق لعدم الحاجة إليه. اكتفاؤها بما هو بين يديها من عناصر الدعوى. مسألة موضوعية تخرج عن رقابة محكمة النقض.

----------------
1 - ما ترمي إليه الفقرة الثانية من المادة 340 من قانون المرافعات من عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها إنما هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه. فإذا كانت المذكرة التي قبلتها المحكمة في فترة حجز الدعوى للحكم والتي يدعى الطاعن أنه لم يطلع عليها لم تتضمن دفاعاً جديداً بل أن ما ورد بها إنما هو ترديد للدفاع الذي تمسكت به المطعون ضدها في كافة مراحل النزاع والذي رد عليه الطاعن في مذكرتيه المقدمتين لمحكمة الاستئناف، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير صحيح (1).
2 - الترتيب الوارد في المادة 349 من قانون المرافعات بشأن البيانات التي يجب أن تدون في الحكم ليس ترتيباً حتمياً يترتب على الإخلال به البطلان فيجوز أن تورد المحكمة الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استند إليها الخصوم في ثنايا أسباب الحكم التي تكلفت بالرد عليها.
3 - لا تتقيد المحكمة برأي الخبير المنتدب في الدعوى لتقدير أمر ما بل لها أن تطرحه وتقضي بناء على الأدلة المقدمة فيها، ذلك أن رأي الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها، وحسب المحكمة حينئذ أن تقيم قضاءها على الأدلة الأخرى المقدمة في الدعوى متى وجدت فيها ما يكفي لتكوين عقيدتها وهي بعد ليست بحاجة إلى إيراد أسباب مستقلة للرد بها على تقرير الخبير إذ هي متى انتهت إلى الحقيقة الواقعية التي استخلصتها على ما يقيمها ليست ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني المسقط لتلك الحجة (2).
4 - إذا كانت المحكمة قد قضت بتزوير عقد مقيمة قضاءها على ما أوردته من قرائن كافية لحملة فإنها بذلك تكون قد رفضت ضمناً طلب الإحالة إلى التحقيق لما تبينته من عدم الحاجة إليه اكتفاء بما هو بين يديها من عناصر الدعوى، ويكون حكمها الصادر بهذه المثابة واقعاً على موجب حاصل فهمها في الدعوى مما لا مراقبة عليه لمحكمة النقض (3).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن رفع على مورث المطعون ضدها المرحوم فهمي صليب جرجس الدعوى رقم 876/ 520 سنة 1952 كلي أمام محكمة طنطا الابتدائية طلب فيها الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 24/ 3/ 1950 والمتضمن بيع مورث المطعون ضدها له 18 ف و13 ط و12 س أرضاً زراعية نظير ثمن قدره 9466 ج و870 م دفع منه وقت تحرير العقد خمسة آلاف جنيه والباقي تعهد الطاعن بسداده على أقساط معينة إلى مصلحة الأملاك الأميرية - وإذ قدم الطاعن عقد البيع موضوع هذه الدعوى طعن عليه مورث المطعون ضدها بالتزوير مقرراً أن الإمضاء الموقع به على العقد لم يصدر منه وأعلن شواهد التزوير فقضت المحكمة في 5/ 3/ 1954 بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لفحص التوقيع المنسوب إلى مورث المطعون ضدها على عقد البيع وقد قدم القسم تقريره الذي انتهى فيه إلى أن التوقيع المنسوب إلى فهمي صليب جرجس مورث المطعون ضدها والموقع به تحت لفظ البائع بنهاية عقد البيع المؤرخ 24/ 3/ 1951 إنما هو توقيع مزور غير صادر من يد صاحبه فلما طعن الطاعن على التقرير بأن قسم أبحاث التزييف والتزوير لم يقم بالمضاهاة على الأوراق التي رأت المحكمة بحكمها السابق إجراء المضاهاة عليها أعادت المحكمة المأمورية إلى القسم المذكور لإجراء المضاهاة على الأوراق التي أغفل القسم إجراء المضاهاة عليها وقد قدم القسم تقريره منتهياً فيه إلى النتيجة التي تضمنها التقرير السابق إلا أن الطاعن قدم تقريراً استشارياً من الخبير هواوينى انتهى فيه إلى أن توقيع فهمي صليب جرجس على عقد البيع إنما هو توقيع صحيح وإزاء التضارب بين هذا التقرير الأخير وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير قضت المحكمة في 17/ 10/ 1955 بندب خبير آخر هو الخبير الخطاط عبد العزيز الدمرداش للاطلاع على العقد المطعون عليه بالتزوير لبيان: أولاً - ما إذا كان التوقيع المنسوب إلى فهمي صليب هو توقيع صحيح أم مزور عليه. ثانياً - مطابقة التقارير المودعة بالقضية لبيان أيهما الصحيح مع بيان الأسانيد وقدم الخبير المذكور تقريره الذي انتهى فيه إلى أن التوقيع المنسوب إلى فهمي صليب جرجس على عقد البيع المذكور إنما هو توقيع صحيح صادر من يد صاحبه بعد ذلك قدم مورث المطعون ضدها تقريراً استشارياً من الخبير يوسف المرزوقي انتهى إلى أن فهمي صليب جرجس لم يكتب يقيناً التوقيع المنسوب إليه على عقد البيع وأن التوقيع المنسوب إليه إنما هو توقيع مفتعل مزور وبتاريخ 5 من مايو سنة 1956 قضت المحكمة الابتدائية برفض دعوى التزوير الفرعية وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 24 من مارس سنة 1951. رفع مورث المطعون ضدها استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 172 سنة 6 مدني ومحكمة استئناف طنطا قضت في 15 من مارس سنة 1960 بإلغاء الحكم المستأنف وبرد بطلان عقد البيع المذكور. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أن محكمة الاستئناف على أثر نظرها القضية بجلسة 8/ 2/ 1960 حجزتها للحكم لجلسة 15/ 3/ 1960 مع التصريح بتقديم مذكرات تكميلية في مدى أربعة أسابيع ثم قبلت المحكمة من المطعون ضدها مذكرة بدفاعها استندت إليها في حكمها المطعون فيه دون أن يطلع الطاعن على تلك المذكرة أو يعلن بها هو أو أحد وكلائه وبذلك خالف الحكم المطعون فيه المادة 340 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن تلك المذكرة التي يقول الطاعن إنه لم يطلع عليها والمقدمة صورتها الرسمية بملف الطعن لم تتضمن دفاعاً جديداً بل إن ما ورد بها إنما هو الدفاع الذي تمسكت به المطعون ضدها ومورثها في كافة مراحل النزاع والذي رد عليه الطاعن في مذكرتيه المقدمتين لمحكمة الاستئناف وإذ كان ما ترمى إليه الفقرة الثانية من المادة 340 من قانون المرافعات من عدم جواز قبول أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها إنما هو عدم إتاحة الفرصة لأحد الخصوم لإبداء دفاع لم يتمكن خصمه من الرد عليه وهو ما لم يتحقق في خصوصية هذه الدعوى فإن النعي على الحكم المطعون عليه في هذا الخصوص يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنه استند في قضائه بتزوير عقد البيع الصادر من مورث المطعون ضدها إلى القرائن التي ساقها دون أن يشير إلى القرائن العديدة التي تمسك الطاعن في مذكرتيه المقدمتين منه وبذلك قصر الحكم عن إيراد الأسباب الواقعية مما يشوبه بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه قد مهد لما ساقه من القرائن على تزوير العقد موضوع الدعوى بقوله "وحيث إنه يبين من مستندات الطرفين وأوراق الدعوى ومنها الشكوى الإدارية رقم 932 لسنة 1951 مركز المحلة الكبرى وكذا مما أدلى به المستأنف ضده (الطاعن) لدى استجوابه بجلسة 8 من يناير سنة 1960 ما يلي" ثم ساق الحكم القرائن الآتية: أولاً - إن الطاعن وشريكه كانا مدينين لمورث المطعون ضدها بدين الإيجار وقدره 464 ج و500 م ومن أجل ذلك أوقع عليهما مورث المطعون ضدها الحجز التحفظي وفاء لتلك الأجرة وكان ذلك في 29 من أغسطس سنة 1951 وهو تاريخ لاحق لتاريخ عقد البيع في 24/ 3/ 1950 ومع ذلك لم يعترض الطاعن على الحجز وهو أمر غير مستساغ. ثانياً - أن الطاعن لم يخبر كلاً من شريكه في الإيجار وكذلك الضامن لهما بشراء الأطيان مع أن مصلحتهما في عدم التزامهما بالأجرة قبل مورث المطعون ضدها ظاهرة. ثالثاً - إنه من غير المعقول أن يعجل الطاعن خمسة آلاف جنيه من مقدم الثمن في 24/ 3/ 1951 بينما ظل عاجزاً عن دفع نصف الإيجار المستحق عليه حتى 29/ 8/ 1951. رابعاً - أن الطاعن لم يدفع في نوفمبر سنة 1951 إلا نصف الأموال الأميرية باعتباره مستأجراً لنصف الأطيان ولو كان قد اشترى الأطيان حقاً لدفع الأموال الأميرية كلها. خامساً - إن مورث المطعون ضدها بادر في أول جلسة نظرت فيها الدعوى وطالب بضبط عقد البيع للطعن عليه بالتزوير لما كان ذلك، وكانت تلك الأوراق والمستندات المنوه عنها بالتمهيد مشتملة على أسانيد الطاعن وما ساقه من القرائن وكان الحكم المطعون فيه علاوة على ذلك قد اشتمل على بيان المسألة التي انحصر فيها الخلاف بين طرفي الخصومة وهي حقيقة العقد المتنازع عليه وهل هو عقد صحيح كما قال الطاعن أم أنه عقد مزور كما ذهبت المطعون ضدها وكانت المحكمة قد انتهت إلى أنه عقد مزور مستندة إلى أسباب سائغة ألمت فيها بوجوه دفاع الطاعن وردت عليها ولما كان الترتيب الوارد في المادة 349 من قانون المرافعات بشأن البيانات التي يجب أن تدون في الحكم ليس ترتيباً حتمياً يترتب على الإخلال به البطلان فيجوز أن تورد المحكمة الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استند إليها الخصوم في ثنايا أسباب الحكم التي تكلفت بالرد عليها - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد شابه البطلان.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أن هذا الحكم أغفل التحقيق بالمضاهاة الذي أمرت به محكمة الدرجة الأولى واعتمدت عليه في قضائها بصحة العقد دون أن يبين أسباب ذلك الإغفال ولا يصلح سبباً لذلك استنادا الحكم إلى المادتين 246 و290 من قانون المرافعات إذ أن هذا الاستناد لا محل له بعد أن تمت إجراءات الطعن بالتزوير طبقاً للمادة 281 وما بعدها من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المحكمة لا تتقيد برأي الخبير المنتدب في الدعوى لتقدير أمر ما بل لها أن تطرحه وتقضي بناء على الأدلة المقدمة فيها ذلك أن رأى الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها وحسب المحكمة حينئذ أن تقيم قضاءها على الأدلة الأخرى المقدمة في الدعوى متى وجدت فيها ما يكفي لتكوين عقيدتها وهي بعد ليست بحاجة إلى إيراد أسباب مستقلة للرد بها على تقرير الخبير إذ هي متى انتهت إلى الحقيقة الواقعة التي استخلصتها على ما يقيمها ليست ملزمة بأن تتعقب كل حجة للخصم وترد عليها استقلالاً لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني المسقط لتلك الحجة - وعدم تقيد المحكمة برأي الخبير أمر مقرر ولو كان قد طعن أمامها بالتزوير واستناد الحكم إلى المادة 290 من قانون المرافعات وإن كان خاطئاً إلا أنه جاء تزيداً ولا أثر له فيما انتهى إليه ومن ثم يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ذلك أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لسماع أقوال كاتب العقد المطعون عليه بالتزوير - وكذلك أقوال الخبير الخطاط هواوينى عن واقعة طلب مورث المطعون ضدها منه الاطلاع على توقيعه على عقد البيع لبيان ما إذا كان صحيحاً أم لا ورد الخبير عليه بأنه توقيع صحيح - لكن الحكم المطعون فيه لم يجب هذا الطلب مع أن التحقيق المطلوب يتناول دفاعاً جوهرياً لو ثبت لتغير به وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن محكمة الاستئناف إذ قضت بتزوير عقد البيع موضوع الدعوى مقيمة قضاءها على ما أوردته من قرائن كافية لحمل قضائها فإنها بذلك تكون قد رفضت ضمناً طلب الإحالة إلى التحقيق لما تبينته من عدم الحاجة إليه اكتفاء بما هو بين يديها من عناصر الدعوى وحكمها الصادر بهذه المثابة يكون واقعاً على موجب حاصل فهمها في الدعوى مما لا مراقبة عليه لمحكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) راجع نقض 9/ 4/ 1964 طعن 443 س 29 ق السنة 15 ص 541.

(2) راجع نقض 21/ 11/ 1962 طعن 25 ص 30 ق أحوال شخصية السنة 13 ص 1046.

(3) راجع نقض 24/ 5/ 1962 طعن 355 س 26 ق السنة 13 ص 676.

الطعن 305 لسنة 30 ق جلسة 31 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 186 ص 1295

جلسة 31 من ديسمبر سنة 1964

برياسة السيد الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد.

----------------

(186)
الطعن رقم 305 لسنة 30 القضائية

(أ) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". ضم دعوى لأخرى".
ضم الدعويين لا يفقد كلاً منهما استقلالها متى كان موضوعهما مختلفاً.
(ب) التماس إعادة النظر. "الحكم فيه".
القضاء برفض الالتماس موضوعاً يساوي في نتيجته بعدم جوازه.

------------------
1 - إذا ضمت المحكمة دعوى إلى أخرى لقيام الارتباط بينهما وفصلت فيهما بحكم واحد فإن ذلك ليس من شأنه أن يفقد كلاً من الدعويين ذاتيتها واستقلالها عن الأخرى متى كان موضوعهما مختلفاً (1).
2 - قضاء الحكم برفض الالتماس موضوعاً يساوي في نتيجته الحكم بعدم جوازه فلا جدوى لنقض الحكم لقضائه بالرفض في حالة كان يجب فيها القضاء بعدم الجواز.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بعقد تاريخه 14/ 4/ 1937 تكونت بين الطاعن وأخيه مورث المطعون ضدهم شركة تضامن الغرض منها الإتجار في الآلات الزراعية والميكانيكية ونص في العقد على أن مدة الشركة ست سنوات تبدأ من أول يوليه سنة 1936 وتنتهي في أول يوليه سنة 1942 وغير قابلة للتجديد وأن إدارة الشركة وحق التوقيع عنها للشريكين مجتمعين وأن صافي الأرباح التي تظهر في الميزانية التي تعمل في نهاية كل سنة يوزع على الشريكين بنسبة 75% للطاعن، 25% لمورث المطعون ضدهم كما تضمن البند السادس عشر أنه في نهاية مدة الست سنوات المحددة للشركة تنقضي الشركة بحكم القانون ومن تلقاء نفسها وتصبح جميع خصومها وأصولها واسمها التجاري وحق التوقيع عنها ملكاً خالصاً للطاعن وحده الذي يتحمل جميع الديون التي على الشركة ويلتزم بأن يدفع إلى شريكه مورث المطعون ضدهم نصيبه في أصول الشركة في يوم حلها بحسب ما تسفر عنه الميزانية التي تعمل بحضور الطرفين المتعاقدين - وقبيل انتهاء مدة الشركة دب الخلاف بين الشريكين فأقام مورث المطعون ضدهم بتاريخ 22 من يونيه سنة 1942 الدعوى رقم 42 لسنة 1942 كلي الإسكندرية ضد الطاعن طالباً إلزامه بتقديم حساب مؤيد بالمستندات من أعمال الشركة في السنوات الأربع الأخيرة أي من يوليه سنة 1938 حتى أخر يونيه سنة 1942 وتعيين خبير لفحص هذا الحساب والحكم على الطاعن بنتيجة هذا الفحص - وأسس دعواه هذه على أن الطاعن انفرد في تلك السنوات بإدارة الشركة ولم يقدم له حساباً عن أعمالها - وبعد أن قدم الطاعن الدفاتر والمستندات قضت المحكمة بندب خبير للاطلاع عليها وفحص حسابات الشركة في سنوات النزاع وبيان ما يظهر من فحص الحساب لأي من الطرفين قبل الآخر، وأثناء سير هذه الدعوى أقام مورث المطعون ضدهم دعوى أخرى ضد الطاعن أمام محكمة الإسكندرية للأمور المستعجلة طلب فيها تعيين خبير لإثبات حالة الشركة وجرد البضائع الموجودة بها وتقدير قيمتها وقضت المحكمة المذكورة في 16 يوليه سنة 1942 بتعيين خبير لأداء هذه المأمورية وبعد أن قدم تقريره رفع مورث المطعون ضدهم على الطاعن الدعوى رقم 67 سنة 1943 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طلب فيها إلزامه بأن يدفع له مبلغ مائة ألف جنيه قيمة حصته في موجودات الشركة وبعد أن ندبت تلك المحكمة الخبير السابق ندبه في دعوى إثبات الحالة لاستيفاء بعض أمور كلفته باستيفائها وقدم هذا الخبير تقريره عدل مورث المطعون ضدهم طلباته في دعواه هذه وقصرها على مبلغ 24659.904 ج معتمداً في تقدير حصته في الموجودات بهذا المبلغ على تقرير هذا الخبير ثم أضاف طلب الحكم بالفوائد من تاريخ المطالبة الحاصلة في 29 يوليه سنة 1943 حتى السداد. وفي 14 من يونيه سنة 1947 قضت المحكمة في تلك الدعوى بإلزام الطاعن بأن يدفع إلى مورث المطعون ضدهم مبلغ 24632.988 ج والفوائد بواقع 6% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 29/ 7/ 1934 لغاية الوفاء، فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافه برقم 108 سنة 3 ق تجاري وفي 24/ 4/ 1951 حكمت المحكمة المذكورة بتعديل المبلغ المحكوم به ابتدائياً إلى 23899 ج و42 م مع الفوائد المقضي بها وقد أخذ الحكمان الابتدائي والاستئنافي بما رآه الخبير من تقدير قيمة الموجودات بحسب سعرها في السوق وقت انقضاء الشركة. وقد طعن الطاعن في الحكم الاستئنافي المذكور بطريق النقض وقيد طعنه برقم 363 سنة 21 ق وبتاريخ 24 من يونيه سنة 1954 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الوجه الثاني من السبب الأول والسبب الثاني من أسباب الطعن وأحالت القضية إلى محكمة استئناف الإسكندرية للحكم فيها مجدداً وبني نقض الحكم على أنه إذ فسر البند السادس عشر من عقد الشركة بأنه يؤدى إلى استحقاق مورث المطعون ضدهم في نهاية مدة الشركة لنصيبه في الموجودات بحسب أسعارها المتداولة في السوق قد خالف المعنى الظاهر لهذا البند لأن مفاد عبارته أن تجري تصفية نصيب المطعون عليه في الموجودات بحسب قيمتها الدفترية وليس بحسب سعرها في السوق وقت انقضاء الشركة - وقالت محكمة النقض في حكمها هذا رداً على النعي الذي كان وارداً على قضاء الحكم المطعون فيه في خصوص تحديد مبدأ سريان الفوائد عن المبلغ المحكوم به وسعرها أنه وإن كان هذا النعي أصبح بحثه غير منتج بعد نقض ذلك الحكم إلا أنه لا يفوتها أن تنبه إلى أن بدء سريان الفوائد القانونية الجائز الحكم بها هو من تاريخ طلبها لا من تاريخ رفع الدعوى بالمبلغ الأصلي وأن سعر الفائدة القانونية في المواد التجارية أصبح 5% منذ العمل بالقانون المدني الجديد في 15 من أكتوبر سنة 1949 - وإذ كان حكم النقض المشار إليه قد صدر قبل أن ينتهي الخبير المعين في دعوى الحساب رقم 42 لسنة 1942 من مأموريته فقد بادر الطاعن بتقديم صورة ذلك الحكم إليه ليسير في بحثه على هداه. وبتاريخ 18/ 12/ 1954 أودع هذا الخبير تقريره في تلك الدعوى، وفي 15/ 4/ 1956 حكمت المحكمة الابتدائية فيها بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضدهم - الذين حلوا في الدعوى محل مورثهم بعد وفاته - مبلغ 2223 ج و41 م والفوائد بواقع 6% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22/ 6/ 1942 حتى 14/ 10/ 1949 وبواقع 5% من 15/ 10/ 1949 حتى السداد فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 287 سنة 12 ق تجاري طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى كما رفع المطعون ضدهم استئنافاً فرعياً عن ذات الحكم قيد برقم 410 سنة 12 ق طلبوا فيه تعديل الحكم المستأنف ورفع المبلغ المقضي لهم به إلى 7790 ج و105 م مع الفوائد من تاريخ المطالبة الرسمية ولما كان الاستئناف رقم 108 سنة 3 ق تجاري الذي نقض الحكم الصادر فيه قد عجله رافعه بعد الإحالة فقد ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة إلى بعضها وحكمت فيها بتاريخ 14 من مايو سنة 1959 على الوجه الآتي: أولاً - في الاستئناف رقم 108 سنة 3 ق بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف ضدهم. ثانياً - في الاستئناف رقم 287 سنة 12 ق (المرفوع من الطاعن) برفضه وإلزام رافعه بمصروفاته. ثالثاً - في الاستئناف رقم 410 سنة 12 ق (المرفوع من المطعون ضدهم) بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف ضده (الطاعن) بأن يؤدي للمستأنفين مبلغ 4291 ج و903 م وفوائده بواقع 6% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22 من يونيه سنة 1941 حتى 14 من أكتوبر سنة 1949 وبواقع 5% من 15 أكتوبر سنة 1949 حتى السداد والمصروفات المناسبة لمبلغ 7790 ج و105 م وكذا المصروفات المناسبة للفوائد المقضي بها وذلك عن الدرجتين مع المقاصة في أتعاب المحاماة في جميع الاستئنافات. وبتاريخ 25 من يونيه سنة 1959 طعن الطاعن بطريق الالتماس في هذا الحكم بالنسبة لقضائه في الاستئنافين رقمي 287 و410 سنة 12 ق وبني التماسه على أن الحكم قضى للملتمس ضدهم (المطعون ضدهم) بأكثر مما طلبوه - وبتاريخ 12 من مايو سنة 1960 حكمت محكمة استئناف الإسكندرية التي رفع إليها الالتماس بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الملتمس بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش أتعاباً للمحاماة للملتمس ضدهم وبالغرامة القانونية وقدرها أربعة جنيهات - وبتاريخ 11 من يونيه سنة 1960 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 19 مارس سنة 1963 وفيها صممت النيابة على المذكرة المقدمة منها والتي انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه فساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المحكمة الابتدائية خلصت في قضائها في دعوى الحساب رقم 42 سنة 1942 كلي الإسكندرية إلى أن كامل ما يستحقه مورث المطعون ضدهم في أرباح الشركة هو مبلغ 6914 ج و274 م اقتطعت منه مبلغ 4691 ج و233 م الذي قبضه مورثهم من الطاعن بعد رفع الدعوى وحكمت لهم بالباقي وقدره 2223 ج و41 م ولما استأنف المطعون ضدهم والطاعن هذا الحكم رأت محكمة الاستئناف عند فصلها في الاستئنافين رقمي 287، 410 سنة 12 ق أن تضيف إلى ما قضت به محكمة الدرجة الأولى مبلغ 2068 ج و862 م وكانت نتيجة هذه الإضافة أن قضت بتعديل الحكم الابتدائي وبإلزام الطاعن بمبلغ 4291 ج و903 م وذلك بخلاف بمبلغ 4691 ج و233 م الذي قبضه مورث المطعون ضدهم من الطاعن وعلى هذا يكون رصيد الحساب المستحق للمطعون ضدهم حسب وجهة نظر محكمة الاستئناف هو مبلغ 8983 ج و136 م ولما كان المطعون ضدهم قد اقتصروا في طلباتهم الختامية المقدمة إلى محكمة الدرجة الأولى وإلى محكمة الاستئناف على مبلغ 7790.105 ج فإن الحكم الاستئنافي يكون قد قضى لهم بأكثر مما طلبوه وبالتالي يكون الطعن فيه بالالتماس مقبولاً عملاً بالفقرة الخامسة من المادة 417 من قانون المرافعات لكن الحكم المطعون فيه رفض هذا الالتماس تأسيساً على ما قاله من أنه ما دام الحكم الملتمس فيه قد فصل في القضية رقم 42 سنة 1942 الخاصة بالحساب والقضية رقم 67 سنة 1943 الخاصة بالموجودات معاً وأصبح الحساب فيهما على هذه الصورة وحدة واحدة فإنه لمعرفة ما إذا كان المحكوم به بالحكم الملتمس فيه يزيد على طلبات الملتمس ضدهم أو لا يزيد يتعين أن ينظر إلى مجموع الطلبات في القضيتين معاً وإلى ما هو محكوم به فيهما سوياً وإنه إذ كان الملتمس ضدهم (المطعون ضدهم) قد حددوا طلباتهم الختامية في دعوى الحساب بمبلغ 7790 ج و105 م وفي دعوى الموجودات بمبلغ 35169 ج و688 م فتكون بذلك جملة الطلبات 42959.793 ج وكان مجموع ما قضى به استئنافياً فيهما هو مبلغ 4219 ج و907 م وهذا بخلاف المبلغ المقبوض أثناء سير الخصومة وقدره 10536 ج و700 م فإن محكمة الاستئناف تكون قد اعتبرت الرصيد المستحق في القضيتين هو مبلغ 14828 ج و603 م وهو ما يقل بكثير عن الطلبات المبداة من الملتمس ضدهم وبذلك فلا تكون قد قضت بشيء يزيد على ما طلبه المدعون ويرى الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وشابه فساد في الاستدلال بإدماجه أقلام ومفردات الحساب في إحدى الدعويين في أقلام ومفردات حساب الدعوى الأخرى ذلك أن محكمة الاستئناف وإن أصدرت في الدعويين حكماً واحداً إلا أن هذا الحكم قضى في كل منهما قضاء مستقلاً عن قضائه في الأخرى ولم يكن ضم الدعويين إلى بعضهما بسبب أن موضوعهما واحدا حتى كان يسوغ إجراء مثل هذا الإدماج وإنما كان الضم نتيجة قيام ارتباط بينهما - ثم أن النتيجة التي وصل إليها الحكم المطعون فيه من هذا الإدماج تؤدى في الواقع إلى المساس بقوة الشيء المحكوم فيه الثابتة للحكم الرقيم 14 من مايو سنة 1959 في خصوص قضائه في الدعوى رقم 67 لسنة 1943 الذي لم يتناوله الطعن بالنقض ولا الطعن بالالتماس ذلك أن الحكم المطعون فيه الصادر في الالتماس بتقريره أن ما قضى به زيادة عن الطلبات في دعوى الحساب رقم 42 لسنة 1942 يمكن نقله إلى دعوى الموجودات رقم 67 لسنة 1943 التي كانت الطلبات فيها تتسع لمثل تلك الزيادة وأكثر منها فإن ذلك الحكم يكون قد أهدر الحكم النهائي الصادر في الدعوى الأخيرة والذي اقتصر على القضاء باستحقاق المطعون ضدهم لمبلغ معين قبضه مورثهم بعد رفع الدعوى وهذا المبلغ لا يجوز أن يضاف إليه شيء كان مطلوباً في دعوى أخرى وإلا وقع المساس بقوة الشيء المقضي.
وحيث إنه وإن كان صحيحاً أن المحكمة إذ ضمنت دعوى إلى أخرى لقيام الارتباط بينهما وفصلت فيهما بحكم واحد فإن ذلك ليس من شأنه أن يفقد كل من الدعويين ذاتيتها واستقلالها عن الأخرى متى كان موضوعهما مختلفاً ومن ثم فلم يكن الحكم المطعون فيه محقاً فيما ذهب إليه في أسبابه من اعتبار الطلبات المقدمة في دعوى الحساب رقم 42 لسنة 1942 ودعوى الموجودات رقم 67 سنة 1943 وحدة واحدة وضمهما إلى بعضها في مقام معرفة ما إذا كان الحكم الصادر في الدعوى الأولى قد جاوز طلبات المدعين فيها أو لم يجاوزها - إلا أنه لما كان يبين من الأوراق المقدمة بملف الطعن والتي كانت مطروحة أمام المحكمة التي نظرت الالتماس وأصدرت الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدهم قد حددوا طلباتهم الختامية في دعواهم رقم 42 لسنة 1942 كلي الإسكندرية بمبلغ 7790 جنيهاً و105 م وقرنوا هذا التحديد بقولهم في مذكرتهم الختامية إلى المحكمة الابتدائية بأن هذا المبلغ هو المتبقي لهم في ذمة الطاعن وإذ كان تقديم هذه المذكرة لاحقاً لدفع المبلغ الذي قبضه مورثهم من الطاعن بعد رفع الدعوى فإن هذا الذي صرح به المطعون ضدهم في مذكرتهم لا يدع محالاً للشك في أنهم طلبوا هذا المبلغ باعتباره الباقي لهم في ذمة الطاعن بعد كل ما وفاه لمورثهم، يؤكد ذلك أنه بعد أن صدر الحكم الابتدائي قاضياً لهم بمبلغ 2223 ج و41 م باعتباره المبلغ الباقي لهم في ذمة الطاعن بعد خصم ما قبضه مورثهم منه رفعوا استئنافاً عن هذا الحكم وطلبوا فيه زيادة المبلغ المقضى لهم به إلى 7790 ج و105 م الذي كانوا قد طلبوه أمام المحكمة الابتدائية - لما كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف قد انتهت في قضائها في ذلك الاستئناف إلى الحكم لهم بمبلغ 4291.203 وهو ما يقل عما طلبوه فإن التماس الطاعن إعادة النظر في هذا الحكم بحجة أنه قضى للمطعون ضدهم في دعوى الحساب بأكثر مما طلبوه يكون غير جائز القبول وإذ انتهى الحكم المطعون فيه في منطوقه إلى رفض الالتماس موضوعاً وهو ما يساوي في نتيجته الحكم بعدم جوازه فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون وبالتالي يكون النعي على ما اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة غير منتج ويتعين لذلك رفض الطعن.


 (1) راجع نقض 27/ 6/ 1963 الطعنين رقمي 227 و228 س 28 ق السنة 14 ص 928.